إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الذبح العظيم ج1-3

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الذبح العظيم ج1-3

    من هو الذبحالعظيم ؟

    (وفديناه بذبح عظيم )الصافات107

    المدخل
    اخترت حادثة إبراهيمو إسماعيل ع وحادثة كربلاء باعتبارهما من أهم مشاريع التضحية التي ذكرهما التاريخلنا وتأتي أهميتهما للأسباب التالية:
    1- أهمية وعظمة أصحابالحدث 0
    2- أثر الحادثتينالتاريخي 0
    3- البعد الاجتماعيوالتربوي لهما 0
    4- إقدام أصحابهاعليها بشكل اختياري
    5- تأثير الحادثتينعلى مجرى مسيرة الخط الديني 0
    6- سمو ورفعةأهدافهما 0
    إذ لم يذكر لناالتاريخ مشروعا تضحويا تجتمع فيه هذه الشروط كلها 0
    وكون الحادثة الأولىمن المسلمات الإسلامية وقد اقترنت بمفهوم الفداء العظيم الوارد في الذكر الحكيموهل يقتصر هذا المفهوم على هذه الحادثة أم هو أوسع من ذلك فيتسع للحادثة الأخرى وأيهمااكبر تضحية وفداء وتأثيرا في تربية البشرية أو لنقل أيهما أعظم ليتناسب ذلك مع وصفالمولى تعالى لمعنى الفداء المذكور ؟؟ فيكون هو اظهر مصاديق هذا المعنى هذا ما نحاول إثباته منخلال تلك الأوراق إنشاء الله تعالى0


    بقلم
    (أبو خالد السماوي)



    ( قال تعالى في سورةالصافات )
    بسم الله الرحمنالرحيم
    والصافات صفا (1)... انإلهكم لواحد (4)....قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَاۚإِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(105) إِنَّ هَٰذَالَهُوَالْبَلَاءُ الْمُبِينُ(106) وَفَدَيْنَاهُبِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ(108) سَلَامٌ عَلَىٰإِبْرَاهِيمَ (109(كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(110) إِنَّهُ مِنْعِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ )الصافات(صدق الله العلي العظيم)

    ( حديث قدسي )
    فيالعيون عن الرضا عليه السلام ( قال لماأمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل عليه السلام الكبشالذي أنزل عليه تمنى إبراهيم عليه السلام أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل عليه السلامبيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذييذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب فأوحى الله عزوجل إليه يا إبراهيم من أحب خلقي إليك قال يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إليّ منحبيبك محمد صلى الله عليه وآله فأوحى الله عز وجل إليه يا إبراهيم هو أحب إليك أو نفسكقال بل هو أحب إليّ من نفسي قال فولده أحب إليك أو ولدك قال بل ولده قال فذبح ولدهظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي قال يا رب بل ذبحه علىأيدي أعدائه أوجع لقلبي قال يا إبراهيم إن طائفة تزعم أنها من امة محمد صلى اللهعليه وآله ستقتل الحسين عليه السلام ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبشويستوجبون بذلك سخطي فجزع إبراهيم عليه السلام لذلك فتوجع قلبه وأقبل يبكي فأوحىالله تعالى إليه يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل عليه السلام لو ذبحتهبيدك بجزعك على الحسين عليه السلام وقتله وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب علىالمصائب وذلك قول الله عز وجل وفديناه بذبح عظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العليالعظيم0000) [1]

    الاراء في المسالة :
    الاول – على شكل ايراد ورده :
    وهو انه اذا كان المراد بالذبح العظيم قتل الحسين ع لايكون المفدى عنه اجل رتبة من المفدى به فان ائمتنا صلوات اللة عليهم اشرف من اوليالعزم ع فكيف من غيرهم مع ان الظاهر من لفظ الفداء التعويض عن الشيء بما دونه فيالخطر والشرف .
    الجواب:
    ان الحسين ع لما كان من اولاد اسماعيل ع فلو كان ذبحاسماعيل ع لم يوجد نبينا ص وكذا سائر الائمة ص فاذا عوض من ذبح ع بذبح واحد منأسباطه وأولاده وهو الحسين فكانه عوض عن ذبح الكل وعدم وجودهم بالكلية بذبح واحدالاجزاء بخصوصه ولا شك ان مرتبة السلالة اعظم واجل من مرتبة الجزء بخصوصه . 1[2]

    الثاني -الخصائص الحسينية – التستري :
    فقد ورد ان الذبح العظيم هو الحسين ع ولا يلزم كونالمفدى اعظم بل المعنى وفديناه بسبب الذبح العظيم الذي يخرج من صلبه . او المعنى انهتبدل فداؤه لربه بفداء اخر اعظم وحصلت هذه المرتبة العظمى من جعل النفس فداء فيسبيل اللة للحسين ع.[3]
    =======
    الثالث – وهو الأنسب –
    ورد في تفسير قوله تعالى (وفديناه بذبح عظيم ) يعنيالحسين ع وهو لم يفد إسماعيل الذبيح سلام الله عليه كما هو ظاهر السياق. بل وقعالسياق في سبيل الله وفي طريق توحيد الله وطاعته،وهو نفس الطريق الذي ذبح من اجله إسماعيلع وبعث فيه الأنبياء وأرسلت الكتب السماوية .[4]






    وعبرنا عن هذا الرأي بالأنسب للوجوه التالية :-
    - كونه اعم مما قبله .
    - انه أدق وأعمق .
    - أكثر انسجاما مع مستوى خليل الله إبراهيم عليه السلام وما يستهدفه من مرتبة من مراتب التوحيد ( فلمااسلما وتله للجبين ).
    أما وجه العموم فان التوحيدكما يفترض ان نفهمه هو كلية عمل الأنبياء والقادة الإلهيين عموما وكل ما يصدر من تضحياتكبيرها وصغيرها، هي جزئيات لذلك الكلي ويقع بطريق ترسيخ مبادئه، بما في ذلك الأمربذبح إسماعيل وصلب عيسى ع ونشر يحيى ع وغيرهم كثير من التضحيات العظمى التي وقعتفي طريق تدعيم أسس التوحيد على المستوى الشخصي والنوعي،شخصيا نظرا الى كون أصحابعملية الفداء والتضحية أنفسهم باعتبارهم عبيدا لله ويسعون لنيل تحقيق عبوديته أكثرفأكثر في ذواتهم المقدسة.
    ونوعيا باعتبارهم قادة وقدوة بالنسبة الى اتباعهم. ايتعميق معنى التوحيد وبيان قدرة الإنسان على السير في طريقه وقد أدوا ذلك على اكمل وجه.فجزاهم الله عن البشرية خير جزاء المحسنين .فصاحب الرأي الأول وان سلط جهده علىبيان الملازمة السببية حسب التسلسل التاريخي لعلاقة الحسين وإسماعيل ع فهو امرعظيم وجليل أكيد الا انه لا تمثل الصورة العامة لمعنى عظمة الفداء بخلاف الأخيرفانه كشف عن جوهر العلاقة التي يقع جهود اصحاب عمليات الفداء في طريقها كما عبر هوعن ذلك . اي اعم قاعدة ينتهي اليها ويلتقي عندها جهود الانبياء ص هذا من جهةعمومية الراي الأخير .
    اما من جهة دقته وعمقه : ان عمل القادة الإلهيين عموماوحتى ينتهي الى غاية مقصدهم وعند نهاية هدف المولى تعالى من توليتهم وهو (وما خلقتالجن والإنس الا ليعبدون ) لا بد من ان يمر بمراحل وأطوار وكل مرحلة من مراحلهسواء على المستوى التاريخي الاجتماعي او على المستوى الشخصي والفردي لها أسبابهاالطبيعية والموضوعية المناسبة والمهيأة لما بعدها مكملة بعضها الأخرى فتكونمواقفهم وتضحياتهم علامات لأممهم ومنارا للعباد وموعظة للمهتدين الى هدفهم الأسمىالا وهو العبودية الخالصة لله وحده . وهذا ما انتقل اليه الشهيد الصدر قدس في رايهالثالث مباشرة .
    واما من جهة مناسبته لهدف ابراهيم ع . يتضح ذلك من خلالتتبع سيرة ابراهيم ع من بداية حياته حتى خرج تاركا اهله وقومه طالبا ربه ( انيذاهب الى ربي ) وترحاله بين مصر وفلسطين ناشرا راية التوحيد ومؤسسا له قواعد لمتكن تعرف على مدى الاجيال السابق من عمر البشرية حتى استقر بامر ربه بواد غير ذيزرع رافعا تلك القواعد في البيت العتيق ببكة (حتى نفض عن ذاته كل ما هو دونه )وحقق بذلك ( ولما اسلما ...) ولم يكتف بذلك حتى كشف لنا المعصوم ص حاله بعد منعهمن الذبح ( قاللما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل عليه السلامالكبش الذي أنزل عليه تمنى إبراهيم عليه السلام أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل عليهالسلام بيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالدالذي يذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب)الحديث .(وَوَصَّى بِهَاإِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُالدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)البقرة 123 ان كان هذا هو هم ابراهيم ع في بداية حركته وعند اقصى درجة تضحياته وعندوفاته . فمن الحكمة ان يأتي الخطاب محاكيا لهمه وفي مستوى هدفه.
    بقي علينا تذليل بعض العقبات:
    الاولى- وهي أن الإمام الرضا ع لم يذكر صراحة ان الحسينع هو فداء للتوحيد بل صرح كون الفداء هو ( قدفديت جزعك على ابنك إسماعيل عليه السلام لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين عليهالسلام وقتله...)الحديث
    الجواب:لو تتبعنا طريقة الأئمة ع في كشفهم لكثير من المسائل الاعتقادية والمعاني القرآنية.لوجدناأنهم ع لم يكشفوا وجه الحقيقة بكامله عن كامل مستوى ذلك الرأي او هذا المعنى بليعطون معنا يتناسب ومستوى فهم الجيل المعاصر لذلك الرأي وفي نفس الوقت ممكنالاستفادة منه كقاعدة عامة تتناسب مع كل الأزمنة لتكون مدخلا لفهم العقيدة والقرانويتركون فهم ما تبقى على عاتق تكامل الأمة وتطورها الإيماني والعقلي.
    ولوتاملنا في حديث الامام الرضا ع لرأينا انه ص :
    1- ادخل قضية الحسين ع في معنا تفسير الاية الشريفة.
    2- فتح باب التفاضل بين القضيتين .
    3- رجح قضية الحسين ع على حادثة فداء إسماعيل ع (قال يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي)الحديث
    الثانية- ان القول بهذ الرايمخالف لقواعد العربية وذلك :-
    اولا – هو عدم عود الضمير على الاقرب.
    ثانيا – عود الضمير على اكثر من مورد.
    الجواب: ان المنع من عود الضمير على غيرالاقرب ليس مما اتفق عليه كل علماء العربية فقد اجاز بعضهم رجوع الضمير الى غيرالاقرب ان كان هو المحدث عنه .[5]
    فان قيل لم يصرح المولى تعالى في هذهالصورة بمعنى التوحيد حتى يرجع الضمير اليه ؟
    وجوابه : لو رجعنا الى صدر السورة المباركة قولهتعالى (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)(1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) فهو سبحانه يفتتح السورة بالقسم بثلاثايات وجوابها ان الهكم لواحد وهل هناك تصريح بتوحيده سبحانه اوضح من ذلك وهوالمحدث عنه في باقي ايات السورة وهي تشكل السياق العام لها ومن هنا جاز رجوع ضمير(فديناه) الى معنى (التوحيد) في بداية السورة وهو ما جوزه بعض اعلام العربية كمامر. بالاضافة الى ذلك اننا لم نقل ان الضمير في (فديناه) يقتصر في رجوعه الى معنىالوحيد وانما في السياق القريب من السورة يعود على اسماعيل عليه السلام وفي السياقالعام للسورة يعود على التوحيد. والعودة الى المعنيين معا مطابق لعلاقة المعنىالثاني للأول وهو الاقرب للضمير باعتبار ان اسماعيل وابراهيم ع يقع عملهما في طريقترسيخ هذا المعنى المقدس في ذاتيهما المقدستين بدليل قوله تعالى (ولما اسلما..)ومن المعروف ان التسليم لله تعالى هو من المقامات الشامخة في توحيده سبحانه ولماحققا وصدقا معنى قوله تعالى (ان الهكم لواحد ) في ذواتهم المقدسة في مقام التسليمله تعالى جاء النداء الالهي (وفديناه بذبح عظيم )وفي نفس الوقت يعود على المعنىالعام وهو المحدث عنه من اول السورة . وفي جواز رجوعه الى اكثر من معنى ان كانمقصدهما واحد فهو نظير قوله تعالى (واللةو ورسوله احق انترضوه)فالضمير في قوله تعالى ( ترضوه ) يرجع الى الاثنين لان مقصدهما واحد .[6]

    [1] عيون اخبار الرضا ع ج1ص209

    [2] العوالم الامام الحسين ،الشيخ عبدلللة البحراني ص106

    [3] الخصائص الحسينية ،التستري

    [4] الشهيد محمد صادق الصدر،اضواء على ثورة الامام الحسين ع ص74

    [5] السيوطي ،همع الهامع ج1ص65 ان الضمير في (ذريته)في قوله تعالى(ووهبنا له اسحاق ويقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب)يعود على ابراهيم ع لانههو المحدث عنه من اول القصة ونقل مثل ذلك ابو حيان عن التبريزي.

    [6] الزمخشري، البحر ج7 ص528





  • #2
    الذبح العظيم ج2

    المعنى الرمزي للكعبة
    ( تمثل الكعبة ، بنحو الرمز : الوجود الإلهي على الأرض... ويكون إظهار الإخلاص لها إظهاراً للإخلاص للتوحيد ... ويكون التقرب إليهابالذبح والنحر تقرباً إلى التوحيد الإلهي في عالم المعنى والكمال الروحي والعقلي .
    ويكون الدوران حول الكعبة بالطواف وجعلها مركز الإحساسالمادي ، رمزاً حياً عن الدوران حول التوحيد وحول الحق الصريح وجعله مركز الإحساسالمعنوي ، ومركز النشاط النفسي والاجتماعي .)[1]



    البحث:

    منذ أن بدأت اقرأالقران الكريم وحين أمر على هذه الآية قوله تعالى (وفديناه بذبح عظيم) وأقارنها بموروثيألعقائدي هو أن وصف العظمة يقتصر على الكبش الذي فدي به النبي إسماعيل عليهالسلام0 أجد لها رفضا فطريا بينا وارى الإطار الوصفي أوسع من الموصوف بكثير وحيننتتبع استعمال المولى تعالى شانه لهذه الصفة في كتابه المقدس نجد أنها إما صفة لهجل ذكره كما في قوله تعالى في آية الكرسي ( ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم)البقرة255أو صفة لنبيه الأكرم حين بلغ مرتبة من الكمال وصفها ب (انك لعلى خلق عظيم) القلم4
    أو حين يهدد الخطالإلهي بأمر خطير كما في قوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُمِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِيخَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَلَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)البقرة114ويتلخص الاستعمال القرآني إما لوصف الذواتالمقدسة أو عند مجابهة أمر يعترض منهجهاالقويم.
    على هذا المنهجالوصفي يسير الخط البياني عند استخدام هذه الصفة في الكتاب العزيز .
    فكيف نستوعب أن خلقسيد الكائنات عظيم؟ وكبش ومهما كان طوله وعرضه أيضا عظيم !!؟
    وقد يرد أن القران قداستخدم هذه الصفة في أمر خارج عن خطك البياني حين وصف كيد النساء بأنه عظيم إذ قالفي سورة يوسف(...إن كيدكن عظيم...)يوسف28
    جواب الإيراد : نعماستخدم القران الكريم هذه الصفة في هذا المجال ولكن القران كان بصدد ذكر قصة يوسفوالمتكلم هو عزيز مصر وهذا الاستعمال من نتاجاته الذهنية ونابع من مستواه الفكريودائرة تصوره ظنا منه أن انسب استعمال لهذا المقام هو هذه الصفة والقران ناقلا عنهوحسب ونحن بصدد تتبع استعمال المولى لهذه الصفة .
    وليس كل ما ينقلهالمولى تعالى في كتابه عن لسان الأقوام السابقة ننسبه له.








    الذبيح الأعظم
    الآن وقد بدأت مرحلةجديدة للبشرية0 وحان الوقت لتبذر حبة التوحيد في طريق الاجيال0 ألان وقد انتهتمرحلة طفولته0
    حيث تخصب قلب وعقلالإنسان ليستقبل زرعا مبارك
    ليستقبل التوحيد فيمرحلته الجديدة - المكان - واد غير ذيزرع-
    إذ صدح أبو الأنبياءإبراهيم عليه السلام معلنا بداية مرحلة جديدة له فأمره المولى تعالى إن يجعل رمزالتوحيده فباشر ببناء مكة لكي تكون رمزا تجسيديا لذلك التوحيد. وان الرمز يشبه المرموز إليه والكعبة رمز للتوحيد –كمامر- فلا يكتمل التوحيد خالصا لله إلا بوجود فداء له ليكون منارا وضياءا يستنير بهالسائرون على نهجه العادل وكذالك الرمز المادي أي الكعبة لا يستقيم بنائها إلابوجود فداء. وهذا ما نرجوه نحن اليوم بذبحنا للفداء عندما ننشأ بيتا جديدا .
    عندها رأى إبراهيم عفي المنام انه لا يستقيم بنائك المعنوي -التوحيد- والمادي- الكعبة- ولا ترقى بكمالتوحيد اللة على المستوى الشخصي والنوعي إلا بوجود فداء لهما وفدائهما هو ذبح ولدك( وجعلناها كلمة باقية في عقبه...)الزخرف28 ولما هم بذبح ولده المباشر إسماعيل عليه السلام جاء النداء الإلهي أن يا إبراهيم قدصدقت الرؤيا ونجحت في الابتلاء الإلهي المبين ولا تذبح ابنك فانا فديناه بكبش: إماالبناء الحقيقي التوحيد فقد فديناه بذبح عظيم. وأنه من ذريتك كما تحب (وسيأتي فيمحله العلة التي يحتاج التوحيد فيها إلى فداء .
    ألان لا بد من السؤل عن ذلك القدوة والفدائي أوقل فدائي التوحيد المطلق الذي يستحق وصف المولى له بالعظيم ؟
    إذ يبقى قلق الخليلعلى زرعه ولا بد له من حارس أمين يتعهد لهبضمان الحفاظ عليه عبر السنين والأجيال ويحميه من أئمة الجور والظلال. حتى ضاقبذالك ذرعا فتوجه إلى ربه متضرعا فقد كانت رغبته عليه السلام أن لا يخرج ذالكالأمر عن ذريته حيث قال حين بشر بالإمامة (..ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)البقرة124
    من يا ترى سيتكفل بأعباء هذه المهمة ؟
    لو رجعنا كثيرا إلىالوراء ووقفنا في بداية حركة الإنسان على الكوكب بشرط أن يكون لدينا تصور عما جرىمن أحداث على العالم في المستقبل ونعلم ما سوف تمر به البشرية من ويلات وماسيوتعانيه من ظلم وجور وقهر وكذلك نعلم بكل المسارات الخاطئة التي تحاول الميلبالركب البشري عن جادة العدل ثم نسأل منيستطيع أن يوقف هذا الانحراف؟قطعا سوف ينهض الأحرار من كل امة ليضعوا خططهم كلاحسب استطاعته وزمانه ومكانه ونوع الظلم والانحراف الذي يواجهه0وهذا ما عليه كلالمصلحين في كل العصور0ولكن ما نريده هو شخص اخر.شخص استوعب مفاصل العدل الإلهيوله القابلية أن يرقى إلى مراتب الكمال الإنساني بكل دقائقها شخص لديه قدرة عالية جدا على فهم الطبع البشريويعلم إلى أي مدى ممكن ان يصل إليه من القسوة والإجرام والبطش والجبروت ثم يختار أنموذجا جامعا لكل تلك الصفات البشعةويحمل على كفيه كل ما ومن ينتمي إلى قلبه الطاهر ما خلا مبادئه ويضعه بكل صدق وصبروثبات أمام مسير هذه العجلة الظالمة الغاشمة، ليتحول استنصاره ناقوسا يصك إسماعالظالمين عبر الأجيال ليفهموا هذه الحقيقة المرة0 أن للمظلوم أسلحة متعددة ولديهطاقات لا يمكن السيطرة عليها0 وتتحول دمائه وأحبائه إلى شرايين تنضب في قلوبالأحرار وعلى مر العصور.
    إننا نبحث عن: إنسان يفني كل شيء لنصرة المنهج الإنساني الحقإننا نبحث عن قدوة وفداء
    قدوة : يحتذي به المستضعفون ويضرب لهم مثالاواقعيا بمواجهة الظلم بأقسى صوره0
    وفداء : للمنهجالعادل الكامل الذي يتغلغل في دقائق الكون ولطائفه بشكل لا متناهي وما ذلك إلالبراعة أنامل الخبير القدير إذ خطها بريشة لطفه وحكمته وأمر عباده بالسير على ذلكالنهج وصولا إلى كمال معرفته وجعل قادة وإدلاء عليه ليعصموا الناس من الانحرافعنه0
    ينتج من هذه المقدمةبالإضافة إلى الرواية عدة أمور يمكن إن تخرج هذا الرأي إلى دائرة التصور المعقول:
    أن هناك وجه آخر لفهممعنى الذبح العظيم0 ورؤيا أخرى للمفتدى له :
    أ- الذبح هو إسماعيلع فداء لبيت الله(مكة)0
    ب-الذبح هو الكبشالمنزل فداء لإسماعيل ع0
    ج- الفداء هو الجزععلى الحسين ع المفتدى له هو جزع إبراهيم ع على إسماعيل ع0
    د- الفداء هو الحسينع المفتدى له هو إسماعيل ع .
    ونبقي الآن باب زيادةالرؤى مفتوحا لعلنا نعين خليل الله ع في مهمة اختيار فدائيه المختار للحفاظ علىشجرة التوحيد0 ألان قد صرح لسان القدس على لسان المعصوم ع دخول الحسين عليه السلام في سلسلة قصة الفداءرغم البعد الزمني عن وقوع هذه الحادثة وصرح أيضا بفتح باب التفاضل بينهما وترجيحكفة قضية الحسين ع .
    وما ذلك إلا إشارةإلى سيناريو المسلسل الكبير الذي امتدت حلقاته من بدء الخليقة بل من اجله وجدالخلق اجمعين (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) الذاريات56أنها قصة التوحيد .
    وقبل الدخول في عمليةالتفاضل لابد من الإشارة بشكل مختصر إلى المراحل التاريخية للتوحيد،ونحاول إن نميزبين هذه المفاهيم المباركة -الفداء والمفتدى له - ونجعل كل واحدة إزاء المرحلة التاريخية باعتبارتأثيرها التربوي في تكامل البشرية ووفق قاعدة العدل وضع الشيء في موضعه وقاعدة أنللقران أكثر من معنى[2] اختيارالمصداق الأكثر تناسبا والأوسع تطبيقا مع مفهوم (الذبح العظيم) الوارد في الذكرالحكيم ليكون هو أعلى مراتب معنى الفداء ،ووفقا للتقسيم الثلاثي للتاريخ فانه قدمر بثلاث مراحل أساسية :
    المرحلةالأولى- ما قبل إبراهيم ع0وتعتبر هذه المرحلة مرحلة حضانة ولازال العقل البشريمتعلقا بالأسباب القريبة منه والمحسوسة لديه ولا يتجرا برفع بصره إلى ابعد من ذلكوهذا واضح من خلال ردود أفعال المجتمعات تجاه أنبيائها
    ومصلحيهاحتى وصل الدور لنبي الله إبراهيم عليه السلام

    المرحلة الثانية- مرحلة ما بعد إبراهيم ع : أعطى إبراهيم ع بعداجديدا للتوحيد ونقل مستوى التعامل معه إلى مرحلة إمكان التعامل والثقة بالغيب وانهذا الغيب يستحق التضحية الاختيارية حتى وان كان بذبح وحيده وعزيزه إسماعيل عوإيذانا باستقبال النبوات الشاملة وترويض العقول والقلوب للمرحلة القادمة.
    المرحلة الخاتمة -مرحلة ما بعد الرسالةالخالدة0ثم دور خاتم النبيين وسيد المرسلين صلوات الله عليه واله إذ جاء بهديتهالعظمى وما فيه خير البشرية جاء بالرسالة الكاملة والخاتمة وهي مرآة لتجارب كافةالأنبياء ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَيَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ .... }المائدة48ومنهاجاتربويا متكاملا للتوحيد والحياة واقصد منهاجا ليس نظريا وحسب بل تطبيقيا أيضا إذاصطنع واصطفى رب الرسالة خير بريته لأداء هذه المهمة الجليلة رحمة منه ومراعاة للطبع البشري والذي من انجحأساليب تأثره وتربيته هو وجود قدوة ومثلا أعلى يهديه إلى ما يدعى إليه من صراطالحق والمنطبق تماما مع ما جبلت عليه فطرته وتلك ثلاث حجج كاملة. ومن المعلوم إنالإنسان ينطوي على شقي من القابلية الخير والشر السلب والإيجاب الظلال والهدى(وهديناه النجدين )البلد 10وقد خير بينهما، ومهمة قادة الحق هي دعوتهم إلى ما يحييهم وتارة تكون هذه الدعوةمباشرة وأخرى غير مباشرة وأما الأولى كان يكون الإنسان متجها إلى طريق الصواب فسوفتؤثر به الدعوة المباشرة وأما الأخرى ما إذا تقاعس الفرد أو انحرف أو قهر على تركالمسير باتجاه هدفه بما في ذلك دفع الضيم والحيف الذي يمارسه أئمة الظلال ضد أبناءبني البشر فبالإضافة إلى الإرشاد النظري يبرز دور التجسيد العملي لذالك المنهجلتحفيز ضمير الأفراد للانتفاض بوجه كل الموانع والحواجز التي تحول دون هدفهم سواءفي التوحيد أوفي الحياة الحقيقية المنسجمة مع التوحيد من هنا يبرز دور عمليةالفداء العظيمة المتزامنة مع الشريعة العظيمة والمشحونة بأعظم مراتب التوحيد0 وهلتوجد لوحة فداء أبرع مما رسمه الحسين ابن علي ع في رائعته على صفحة كربلاء؟
    وقد يرد على ذالك أمران :

    تتمة في الجزء للاحق.

    [1] الشهيد محمد صادق الصدر، فقهالاخلاق ج2 ص136

    [2] في خطبة مروية عن النبي صيقول فيها (.. له ظهر وبطن فظاهره حكم وبانه علم ،لا تحصى عجائبه ولا يشبع منهعلمائه ، كنز العمال ج2ص186.


    تعليق


    • #3
      الذبح العظيم ج3

      وقد يرد على ذالك أمران :
      أولا- بان يكون دورالإمام ع والمصلحين هو دور ثانوي في مسيرة التوحيد0
      جواب :
      لو دققنا في النسبةالحقيقية للذين يحتاجون إلى مصلحين لوجدنا انها دائما هي الغالبة في كل كتلةاجتماعية فهم اما منحرفون او مظللون(بفتح اللام) او متهاونون او امة مقهورةومغلوبة على أمرها الا ما ندر نجد بين الفينة والأخرى بحبوحة عدل نسبي في زاوية منزوايا العالم ونستثني من ذلك أيضا بعض الفترات والمتباعدة زمانا أقيم فيها العدلوكان روادها وقادتها ممن استوعبوا معنى العدل الإلهي وما ذلك إلا لاظهار معنىالعدل المستمد من السماء لطمأنة الإنسان في مصدره ،ودونك قول اللة تعالى ( ...وقليل من عبادي الشكور)سبا13
      وقوله (...واكثرهمللحق كارهون )المؤمنون70 وقولامير المؤمنين عليه السلام في خطبة له (اضرب بطرفك حيث شئت من الناسفَهَلْ تُبْصِرُ إِلاَّ فَقِيراً يُكَابِدُ فَقْراً أَوْ غَنِيّاً بَدَّلَنِعْمَةَ اَللَّهِ كُفْراً أَوْ بَخِيلاً اِتَّخَذَ اَلْبُخْلَ بِحَقِّ اَللَّهِوَفْراً أَوْ مُتَمَرِّداً كَأَنَّ بِأُذُنِهِ عَنْ سَمْعِ اَلْمَوَاعِظِ وَقْراً...) [1]وانظرالى العالم ألان بين يديك فقد حجبت أمم بكاملها عن منابع التشريع الحقيقية وصنعلها مرجعيات مزيفة واجتهد أئمة الضلال بدعم ذلك التزييف بغية صرف قلوب وعقولالعامة عن تذوق طعم عدل السماء مخافة ان يقارن أولئك المساكين ذلك العدل معممارساتهم القبيحة والبعيدة كل البعد عما رسمته السماء ومن أبشع تلك المرجعياتالمزيفة وأكثرها تأثيرا على عواطف الناس( الصحبة المزعومة للنبي ص)
      (الشورى ) وغيرها0والحرية وحقوق الإنسان وأظلواوظلموا الناس بشعارات وضعت في الأساس لهدايتهم وإقامة العدل فيهم0وكم هي نسبةالفقر والجرائم و الحروب الظالمة وكم عدد الأنظمةوالأفراد المتسلطين على رقاب مليارات من البشر وكم عدد الجائعين واليتامى والأراملوكم نسبة المساعدات والمعونات المقدمة لهم0! الا قليلا ويعطى بمن ولؤم ولاجل تدعيمسلطان الظلمة والمتكبرين، فهل ترى بعد ذالك دورا لمصلح ؟
      والإيراد الثاني- انالمستفيد الوحيد من نهضة الإمام ع هم من دون خط العدل ولا ينتفع بها الأخيار منالبشر والذين في الأساس هم سائرون على جادة العدل :
      جواب:
      اولا- ان الإفراد والمجتمعات ليسوا اما معصومينبالمطلق او منحرفين بالمطلق0 ونحن كلنا نعلم بالوجدان ان الأغلبية الساحقة هي بينذلك وان كان هدفهم الحقيقي هو الوصول الى مرتبة العصمة المكتسبة ولأجل ذلك قدمتالتضحيات الكبيرة والكثيرة الا اننا لسنا في ذلك الزمان0
      ثانيا- اننا لم نقل ان المنحرفين هم فقط منينتفعوا بتلك النهضات بل هناك المقهورين والمغلوب على أمرهم ولعل فيهم من يكونخيرة العدول والمؤمنين 0
      ثالثا - بالإضافة الى المراتب العليا من العدل ومن تدرجفي مراتبه يرى ذلك امر نسبي فكلما ارتقى فيه مرتبة راى ما دونها ظلما بالنسبة الىما هو عليه فيحتاج الى لسان صدق وشاهد حقيقة ومثالا عمليا اعلى ليحطم به كل علائقهالممكنة فسوف يجد الحسين ع نصب عيني بصيرته ليحطم به ذلك الظلم الباطني ويرقى في مراتبالعدل .
      التفاضل بينالحادثتين :-
      وإذا قارنا بين قضيةإبراهيم وسماعيل عليهما السلام وقضية الحسين عليه السلام سنجد بينهما تشابها كبيرامع وجود فوارق ضمنية بالكم والكيف :
      1-إن الحسين ع اصطحبمعه من ينتمي إلى قلبه الطاهر وكذلك إبراهيم ع0
      2- توجه ابراهيم عالى ارض جرداء وكذلك الحسين ع 0
      3-توجه الحسين ع الى ارض غربة وكذلك ابراهيم ع 0
      4- اصابة اهل ابراهيم ع بالهلع والخوف والجوع والعطش وكذلك الحسين ع 0
      5-وكلاهما تركا أحبائهما في ظروف قاسية ورحلا0
      6-دخول مكة في تفاصيلالحادثتين .
      7-التأثير الجوهري لرحلتيهما على مجرى رحلة التوحيد0وما يترتب مننتائج إلهية عظمى .
      8-توافد اعداد كبيرةجدا من أتباع أصحاب الحادثتين على محل عملية الفداء .وهذا القانون الذي كشف عنهالله تعالى عمليا حين اجاب دعوة خليله حين دعاه ( واجعل افئدة من الناس تهوي اليهم)
      9- تجديد الولاء للهتعالى بذكرى الحادثتين في نفس اليوم (العاشر ) في شهر حرام وكذلك ظهور متمم دعوةالاولين والاخرين ارواحنا لمقدمه الفداء في نفس اليوم وفي ذات المكان (والفجر "وليالعشر)الفجر1-2)
      حيث يجدد المسلمونعهدهم مع بارئهم باستذكارهم فداء ابراهيم ع بولده في العاشر من ذي الحجة الحرام.وإحياء أنصار الحسين ع في العاشر من محرم الحرام ذكرى شهادته وفدائه ومنالمفارقات اللطيفة ان اكبر حشد وتجمع مستمر للمسلمين بل في العالم كله هو في زمانومكان حدوث تلك العمليتين ،مكة المكرمة وكربلاء المقدسة ،مكان فداء اسماعيل والحسينص. وهي اجابة دعوة الخليل (..واجعل افئدة من الناس تهوي اليهم..)ابراهيم37

      الفوارق الضمنية:
      اولا- حجمالمأساة: تنوع الطبقات الاجتماعيةالمشاركة في أحداث كربلاء وما لذلك من انعكاس مهم على أصناف الفئات المماثلة لها إذ لم يترك الحسين ع نوع علاقةممكنة إلا وادخلها في ركبه المبارك ليس ذلك وحسب بل عمد إلى كل نوع من هذه العلائقوعدده من عدة فئات مثلا عدد من الإخوة وبأعمار متفاوتة وعدد من الأولاد ابتدئابالرضيع وانتهاء بالأكبر وعدد من البنات أيضا بأعمار متفاوتة وعدد من الزوجات وكمهائل من أبناء الإخوة والأخوات وثلة من خلاصة أصحابه وقد قطعوا أمام عينيه وبينيديه ويسمع صوت أطفاله وأيتام أصحابه تأن من العطش والجوع ويعلم ما سيجري علىمخدراته بعد قليل وكل الم ذلك اعتبره في جانب وفي جانب آخر هو علمه بمقتله وبتلكالطريقة المأساوية أمام أنظار أطفاله وبناته ونعلم ذلك في أنفسنا لو خير احدنا بينعدة أشكال من الألم أو أن يعتدي عليه أمام عائلته قطعا لا نختار الصورة الأخيرةأبدا لما يتركه ذلك من اثر بالغ في نفوسهم0 وانه سوف يفارقهم والى الأبد بشهادته بعد قليل0 وكل ذلك حصل في ساعات قليلة0 فتصور كم ترك هذا المشهدالمرعب من الم في قلب الإمام الحسين عليه السلام ؟ بخلاف إبراهيم ع لم يكن معه إلا ابنه إسماعيل ع وزوجته هاجر 0إن الذي حصلوفي مورد المقارنة هي قضيتان الأولى –الترك- في واد غير ذي زرع0 والثانية الابتلاءبالذبح 0وان الحادثتان لم تقعا في زمانا واحد بل بفارق سنين طويلة وهذا ما يخففاثر ألمهما على قلبه0 إن الخليل ع لم يرى عائلته تتألم من العطش أو الجوع وانه سوفيعود إليهم بعد حين مع احتمال عدم تعرضهما لسوء0 وتركهم وهو سالم معافى ولم يكنهناك رد فعل مأساوي من عائلته من هذه الناحية على العكس كان هذا يبعث في نفوسهمالأمل برجوعه 0 إما قضية الذبح نعم فقد اجتاز إبراهيم ع ذلك الاختبار بصورة رائعةجدا ولكن الذبح على أيدي الأعداء اشد إيلاما كما صرح هو في حديث الإمام الرضا ع
      ( 000 قال فذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجعلقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي قال يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي000)بالإضافة إلى عدم تحقق الذبح بصورة فعليةوافتداء إسماعيل ع في القصة المذكورة0 لا يبقى أدنى شك أن إحداث كربلاء أعظم منناحية البعد العاطفي وعمق تأثيرها على طبقات واسعة للمجتمع وبالتالي أنعاكسهاالتربوي عليهم0-
      ثانيا- إلاعلان عنالاهداف
      ما أن بدأ الإمام الحسين عليه السلام برحلتهالمباركة حتى أفصح عن أهداف ثورته الخالدة وهذه بعض منها حيث قال ع (لم اخرج أشراولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا إنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي رسول الله صلىالله عليه واله أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر)وقال ع (يزيد شارب للخمر قاتل النفسالمحترمة ومثلي لا يبايع مثله ) وقال ما معناه (من لحقني استشهد ومن يلحقني لميدرك الفتح) وقال صلوات ربي عليه(كان بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات بينالنواويس وكربلاء000) إما إبراهيم عليه السلام فقد ذكر القران الكريم وتحديدا فترةتعاطيه مع أحداث مكة وهي موضوع المقارنة ذكر أمرين مهمين في الجانب التوحيدي وهماالأول ذهابه إلى ربه حيث قال ع (وقال إني ذاهب إلى رب سيهدين )الصافات99أي التوكل المطلق والثاني التسليم المطلق لأمر الله تعالى إذ قال (ولما اسلما تلهللجبين) وأما البعد الاجتماعي فالتأثير المباشر يكاد ينحصر في إبراهيم ع وزوجتهوولده إسماعيل ع وإما من عاصرهم والذين يعنيهم أمرهم من المؤكد له تأثير ايجابيولكن لا أتصور أنها تعدت عدة أجيال وإلا لوصلت ألينا من غير القران الكريم ولو كانالتأثير مهما ومعتدا به لما أهمله القران في قصته. [2]
      ثالثا-الأهميةالزمانية:قد علمنا أن التوحيد سلسلة متكاملة ومترابطة وقد مر في ادوار من النمووالتكامل ومنها ما هو جوهريا وأساسي في حركته عبر الأجيال وبداية ظهوره بصورتهالكاملة على يد سيد المرسلين وجاءنا في طيات شريعته الخالدة 0لا يبقى ادني شك أنعين تنبع من قلب خاتم النبيين ومولود يأتي من رحم شرعته الغراء0أي يأتي في زمنالتوحيد الكامل وامتدادا للشريعة الكاملة ومتمما لدور صاحبها وفي حقبة زمنية لهاتلك الأهمية الاجتماعية والثقافية ويحمل هذه الأهداف وبسعة وحجم تضحية كربلاء يكونأكثر أهمية من حيث التأثير التربوي على مستوى التوحيد والحياة للبشرية0اذ جسدصلوات الله عليه كل ظلامات العالم وبكل أصنافها وبأقسى صورة ممكنة وجسد أيضا كلالمفاهيم الطيبة والتي تبعث على الحياة الحقيقية كالتضحية والإيثار والحب والسلاموالحرية والعبودية الخالصة لله والى أقصى حد ممكن 0ولهذا السبب ارتدت اقلامالواصفين معترفة بعجزها وحيرتها عن الاحاطة بوصف حقيقة نهضته0 والا كيف يستطيع عقلبشري ان يدرك( رجل يبكي على رضيعه قد ذبح بين يديه وبعد لحظات يبكي علىقاتليه)000فكلما حاول المتتبع ان يدرك بالفاضه وكتاباته معنى ثورته توارى ذالكالمعنى خلف حقيقتها0 وكلما هم الراغبون لمس تلك الحقيقة تلاشت في قلب صاحبهاالممزق0 وان علت همة العارفين للولوج الى ذلك القلب الكبير سيجدوا أنفسهم أمام ربالأرباب ولا عجب في ذلك لان ذلك الفدائي العظيم ذاب وفني في الله الواحد الأحد 0ونحننقرا في زيارته ع السلام على باب الله الذي منه يؤتى.وقولهم ع من أراد الله بدابنا وقول المعصوم ع سفينة الحسين أسرع وأوسع.
      مقدمة الخلاصة
      لا شك ان اوسع نعمةتفضل بها المولى تعالى على الممكنات هي نعمة الوجود وجعل قوانين تحكم موجوداتهوجعل تلك القوانين بعضها حاكم على بعض ولكل منها سبيله ومنهاجه وهدى من شاء الىسبيله وتفضل على خلقه باقدس واعظم ما في ذلك الوجود بل لاجله وجد الوجود وهي نعمةالتوحيد وهيأ له من يحرسه ويفتديه من انبياء ورسل حتى جاء دور النبي محمد صلى اللةعليه واله متمما للأديان وخاتما لرسالات ربه حاملا ومجسدا لكتاب اللة اذ نطق ذلكالكتاب بلسان كل تلك القوانين الدنيا منها والعليا (وَنَزَّلْنَاعَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىلِلْمُسْلِمِينَ)النحل 89وهو الدليل الكامل للدين الكامل ثم التوحيد الكامل0 أترى من كانت تلك صفته ومسيطرابقيوميته على تلك القوانين المتعددة والمتفاوتة حين يصدر أمرا بكتابه الكريم اليس من العدل والحكمة والرحمة ان يهيئ كلمقدمات تحقيقه ومن اهم تلك المقدمات وجود مثلا اعلى في الفداء كما مر عليك لحمايةتلك الجوهرة المقدسة(التوحيد) ضمانا لتحقيق امره ولكن كل يفهم ذلك الامر حسب مستوى القانون الذي يعيشه واقصد هنا بالقانونالمرحلة الإيمانية والمستوى الكمالي الذي يمر به الانسان0
      الخلاصة
      - أعظم ما في الوجودالتوحيد...
      - الله تعالى يريدلخلقه بلوغ اعلى مراتبه...
      - من الحكمة والعدلوالرحمة تهيئة المقدمات...
      - ومن أهمها وجودقدوه ومثلا أعلى يفتدي الهدف الالهي...
      - وجود قابلية لدىالانسان على تأخير ذلك الهدف...
      - تحقق التأخير فعلا ...
      - اختيار القدوة فيزمان ومكان ومنهجا يضمن تحقق أهداف الفداء ...
      - المنهج هي الرسالةالتي تتضمن اعلى مراتب التوحيد (الدين الإسلامي)...
      - الزمان بداية تحققالانحراف عن ذلك المنهج...
      - المكان -كربلاء- ...
      - صاحب الرسالة يسلطالأضواء على سبطه ويدعوا لمودته ...
      - الحسين يذبح فداءالدين جده ...
      - تحقق الاقتداءبعملية الفداء ...
      - تنزه وبقاء دينالتوحيد العظيم بفداء الحسين العظيم ..
      - وذلك قول الله تعالى (وفديناه بذبح عظيم )
      وانهمن ذرية إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام0


      [1] نهج البلاغة خطبة 125




      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      أنشئ بواسطة مروان1400, 03-04-2018, 09:07 PM
      ردود 13
      2,141 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة مروان1400
      بواسطة مروان1400
       
      أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 31-08-2019, 08:51 AM
      ردود 2
      343 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة وهج الإيمان
      بواسطة وهج الإيمان
       
      يعمل...
      X