من هو الذبحالعظيم ؟
(وفديناه بذبح عظيم )الصافات107
المدخل
اخترت حادثة إبراهيمو إسماعيل ع وحادثة كربلاء باعتبارهما من أهم مشاريع التضحية التي ذكرهما التاريخلنا وتأتي أهميتهما للأسباب التالية:
1- أهمية وعظمة أصحابالحدث 0
2- أثر الحادثتينالتاريخي 0
3- البعد الاجتماعيوالتربوي لهما 0
4- إقدام أصحابهاعليها بشكل اختياري
5- تأثير الحادثتينعلى مجرى مسيرة الخط الديني 0
6- سمو ورفعةأهدافهما 0
إذ لم يذكر لناالتاريخ مشروعا تضحويا تجتمع فيه هذه الشروط كلها 0
وكون الحادثة الأولىمن المسلمات الإسلامية وقد اقترنت بمفهوم الفداء العظيم الوارد في الذكر الحكيموهل يقتصر هذا المفهوم على هذه الحادثة أم هو أوسع من ذلك فيتسع للحادثة الأخرى وأيهمااكبر تضحية وفداء وتأثيرا في تربية البشرية أو لنقل أيهما أعظم ليتناسب ذلك مع وصفالمولى تعالى لمعنى الفداء المذكور ؟؟ فيكون هو اظهر مصاديق هذا المعنى هذا ما نحاول إثباته منخلال تلك الأوراق إنشاء الله تعالى0
بقلم
(أبو خالد السماوي)
( قال تعالى في سورةالصافات )
بسم الله الرحمنالرحيم
والصافات صفا (1)... انإلهكم لواحد (4)....قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَاۚإِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(105) إِنَّ هَٰذَالَهُوَالْبَلَاءُ الْمُبِينُ(106) وَفَدَيْنَاهُبِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ(108) سَلَامٌ عَلَىٰإِبْرَاهِيمَ (109(كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(110) إِنَّهُ مِنْعِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ )الصافات(صدق الله العلي العظيم)
( حديث قدسي )
فيالعيون عن الرضا عليه السلام ( قال لماأمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل عليه السلام الكبشالذي أنزل عليه تمنى إبراهيم عليه السلام أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل عليه السلامبيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذييذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب فأوحى الله عزوجل إليه يا إبراهيم من أحب خلقي إليك قال يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إليّ منحبيبك محمد صلى الله عليه وآله فأوحى الله عز وجل إليه يا إبراهيم هو أحب إليك أو نفسكقال بل هو أحب إليّ من نفسي قال فولده أحب إليك أو ولدك قال بل ولده قال فذبح ولدهظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي قال يا رب بل ذبحه علىأيدي أعدائه أوجع لقلبي قال يا إبراهيم إن طائفة تزعم أنها من امة محمد صلى اللهعليه وآله ستقتل الحسين عليه السلام ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبشويستوجبون بذلك سخطي فجزع إبراهيم عليه السلام لذلك فتوجع قلبه وأقبل يبكي فأوحىالله تعالى إليه يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل عليه السلام لو ذبحتهبيدك بجزعك على الحسين عليه السلام وقتله وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب علىالمصائب وذلك قول الله عز وجل وفديناه بذبح عظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العليالعظيم0000) [1]
الاراء في المسالة :
الاول – على شكل ايراد ورده :
وهو انه اذا كان المراد بالذبح العظيم قتل الحسين ع لايكون المفدى عنه اجل رتبة من المفدى به فان ائمتنا صلوات اللة عليهم اشرف من اوليالعزم ع فكيف من غيرهم مع ان الظاهر من لفظ الفداء التعويض عن الشيء بما دونه فيالخطر والشرف .
الجواب:
ان الحسين ع لما كان من اولاد اسماعيل ع فلو كان ذبحاسماعيل ع لم يوجد نبينا ص وكذا سائر الائمة ص فاذا عوض من ذبح ع بذبح واحد منأسباطه وأولاده وهو الحسين فكانه عوض عن ذبح الكل وعدم وجودهم بالكلية بذبح واحدالاجزاء بخصوصه ولا شك ان مرتبة السلالة اعظم واجل من مرتبة الجزء بخصوصه . 1[2]
الثاني -الخصائص الحسينية – التستري :
فقد ورد ان الذبح العظيم هو الحسين ع ولا يلزم كونالمفدى اعظم بل المعنى وفديناه بسبب الذبح العظيم الذي يخرج من صلبه . او المعنى انهتبدل فداؤه لربه بفداء اخر اعظم وحصلت هذه المرتبة العظمى من جعل النفس فداء فيسبيل اللة للحسين ع.[3]
=======
الثالث – وهو الأنسب –
ورد في تفسير قوله تعالى (وفديناه بذبح عظيم ) يعنيالحسين ع وهو لم يفد إسماعيل الذبيح سلام الله عليه كما هو ظاهر السياق. بل وقعالسياق في سبيل الله وفي طريق توحيد الله وطاعته،وهو نفس الطريق الذي ذبح من اجله إسماعيلع وبعث فيه الأنبياء وأرسلت الكتب السماوية .[4]
وعبرنا عن هذا الرأي بالأنسب للوجوه التالية :-
- كونه اعم مما قبله .
- انه أدق وأعمق .
- أكثر انسجاما مع مستوى خليل الله إبراهيم عليه السلام وما يستهدفه من مرتبة من مراتب التوحيد ( فلمااسلما وتله للجبين ).
أما وجه العموم فان التوحيدكما يفترض ان نفهمه هو كلية عمل الأنبياء والقادة الإلهيين عموما وكل ما يصدر من تضحياتكبيرها وصغيرها، هي جزئيات لذلك الكلي ويقع بطريق ترسيخ مبادئه، بما في ذلك الأمربذبح إسماعيل وصلب عيسى ع ونشر يحيى ع وغيرهم كثير من التضحيات العظمى التي وقعتفي طريق تدعيم أسس التوحيد على المستوى الشخصي والنوعي،شخصيا نظرا الى كون أصحابعملية الفداء والتضحية أنفسهم باعتبارهم عبيدا لله ويسعون لنيل تحقيق عبوديته أكثرفأكثر في ذواتهم المقدسة.
ونوعيا باعتبارهم قادة وقدوة بالنسبة الى اتباعهم. ايتعميق معنى التوحيد وبيان قدرة الإنسان على السير في طريقه وقد أدوا ذلك على اكمل وجه.فجزاهم الله عن البشرية خير جزاء المحسنين .فصاحب الرأي الأول وان سلط جهده علىبيان الملازمة السببية حسب التسلسل التاريخي لعلاقة الحسين وإسماعيل ع فهو امرعظيم وجليل أكيد الا انه لا تمثل الصورة العامة لمعنى عظمة الفداء بخلاف الأخيرفانه كشف عن جوهر العلاقة التي يقع جهود اصحاب عمليات الفداء في طريقها كما عبر هوعن ذلك . اي اعم قاعدة ينتهي اليها ويلتقي عندها جهود الانبياء ص هذا من جهةعمومية الراي الأخير .
اما من جهة دقته وعمقه : ان عمل القادة الإلهيين عموماوحتى ينتهي الى غاية مقصدهم وعند نهاية هدف المولى تعالى من توليتهم وهو (وما خلقتالجن والإنس الا ليعبدون ) لا بد من ان يمر بمراحل وأطوار وكل مرحلة من مراحلهسواء على المستوى التاريخي الاجتماعي او على المستوى الشخصي والفردي لها أسبابهاالطبيعية والموضوعية المناسبة والمهيأة لما بعدها مكملة بعضها الأخرى فتكونمواقفهم وتضحياتهم علامات لأممهم ومنارا للعباد وموعظة للمهتدين الى هدفهم الأسمىالا وهو العبودية الخالصة لله وحده . وهذا ما انتقل اليه الشهيد الصدر قدس في رايهالثالث مباشرة .
واما من جهة مناسبته لهدف ابراهيم ع . يتضح ذلك من خلالتتبع سيرة ابراهيم ع من بداية حياته حتى خرج تاركا اهله وقومه طالبا ربه ( انيذاهب الى ربي ) وترحاله بين مصر وفلسطين ناشرا راية التوحيد ومؤسسا له قواعد لمتكن تعرف على مدى الاجيال السابق من عمر البشرية حتى استقر بامر ربه بواد غير ذيزرع رافعا تلك القواعد في البيت العتيق ببكة (حتى نفض عن ذاته كل ما هو دونه )وحقق بذلك ( ولما اسلما ...) ولم يكتف بذلك حتى كشف لنا المعصوم ص حاله بعد منعهمن الذبح ( قاللما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل عليه السلامالكبش الذي أنزل عليه تمنى إبراهيم عليه السلام أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل عليهالسلام بيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالدالذي يذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب)الحديث .(وَوَصَّى بِهَاإِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُالدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)البقرة 123 ان كان هذا هو هم ابراهيم ع في بداية حركته وعند اقصى درجة تضحياته وعندوفاته . فمن الحكمة ان يأتي الخطاب محاكيا لهمه وفي مستوى هدفه.
بقي علينا تذليل بعض العقبات:
الاولى- وهي أن الإمام الرضا ع لم يذكر صراحة ان الحسينع هو فداء للتوحيد بل صرح كون الفداء هو ( قدفديت جزعك على ابنك إسماعيل عليه السلام لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين عليهالسلام وقتله...)الحديث
الجواب:لو تتبعنا طريقة الأئمة ع في كشفهم لكثير من المسائل الاعتقادية والمعاني القرآنية.لوجدناأنهم ع لم يكشفوا وجه الحقيقة بكامله عن كامل مستوى ذلك الرأي او هذا المعنى بليعطون معنا يتناسب ومستوى فهم الجيل المعاصر لذلك الرأي وفي نفس الوقت ممكنالاستفادة منه كقاعدة عامة تتناسب مع كل الأزمنة لتكون مدخلا لفهم العقيدة والقرانويتركون فهم ما تبقى على عاتق تكامل الأمة وتطورها الإيماني والعقلي.
ولوتاملنا في حديث الامام الرضا ع لرأينا انه ص :
1- ادخل قضية الحسين ع في معنا تفسير الاية الشريفة.
2- فتح باب التفاضل بين القضيتين .
3- رجح قضية الحسين ع على حادثة فداء إسماعيل ع (قال يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي)الحديث
الثانية- ان القول بهذ الرايمخالف لقواعد العربية وذلك :-
اولا – هو عدم عود الضمير على الاقرب.
ثانيا – عود الضمير على اكثر من مورد.
الجواب: ان المنع من عود الضمير على غيرالاقرب ليس مما اتفق عليه كل علماء العربية فقد اجاز بعضهم رجوع الضمير الى غيرالاقرب ان كان هو المحدث عنه .[5]
فان قيل لم يصرح المولى تعالى في هذهالصورة بمعنى التوحيد حتى يرجع الضمير اليه ؟
وجوابه : لو رجعنا الى صدر السورة المباركة قولهتعالى (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)(1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) فهو سبحانه يفتتح السورة بالقسم بثلاثايات وجوابها ان الهكم لواحد وهل هناك تصريح بتوحيده سبحانه اوضح من ذلك وهوالمحدث عنه في باقي ايات السورة وهي تشكل السياق العام لها ومن هنا جاز رجوع ضمير(فديناه) الى معنى (التوحيد) في بداية السورة وهو ما جوزه بعض اعلام العربية كمامر. بالاضافة الى ذلك اننا لم نقل ان الضمير في (فديناه) يقتصر في رجوعه الى معنىالوحيد وانما في السياق القريب من السورة يعود على اسماعيل عليه السلام وفي السياقالعام للسورة يعود على التوحيد. والعودة الى المعنيين معا مطابق لعلاقة المعنىالثاني للأول وهو الاقرب للضمير باعتبار ان اسماعيل وابراهيم ع يقع عملهما في طريقترسيخ هذا المعنى المقدس في ذاتيهما المقدستين بدليل قوله تعالى (ولما اسلما..)ومن المعروف ان التسليم لله تعالى هو من المقامات الشامخة في توحيده سبحانه ولماحققا وصدقا معنى قوله تعالى (ان الهكم لواحد ) في ذواتهم المقدسة في مقام التسليمله تعالى جاء النداء الالهي (وفديناه بذبح عظيم )وفي نفس الوقت يعود على المعنىالعام وهو المحدث عنه من اول السورة . وفي جواز رجوعه الى اكثر من معنى ان كانمقصدهما واحد فهو نظير قوله تعالى (واللةو ورسوله احق انترضوه)فالضمير في قوله تعالى ( ترضوه ) يرجع الى الاثنين لان مقصدهما واحد .[6]
[1] عيون اخبار الرضا ع ج1ص209
[2] العوالم الامام الحسين ،الشيخ عبدلللة البحراني ص106
[3] الخصائص الحسينية ،التستري
[4] الشهيد محمد صادق الصدر،اضواء على ثورة الامام الحسين ع ص74
[5] السيوطي ،همع الهامع ج1ص65 ان الضمير في (ذريته)في قوله تعالى(ووهبنا له اسحاق ويقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب)يعود على ابراهيم ع لانههو المحدث عنه من اول القصة ونقل مثل ذلك ابو حيان عن التبريزي.
[6] الزمخشري، البحر ج7 ص528
(وفديناه بذبح عظيم )الصافات107
المدخل
اخترت حادثة إبراهيمو إسماعيل ع وحادثة كربلاء باعتبارهما من أهم مشاريع التضحية التي ذكرهما التاريخلنا وتأتي أهميتهما للأسباب التالية:
1- أهمية وعظمة أصحابالحدث 0
2- أثر الحادثتينالتاريخي 0
3- البعد الاجتماعيوالتربوي لهما 0
4- إقدام أصحابهاعليها بشكل اختياري
5- تأثير الحادثتينعلى مجرى مسيرة الخط الديني 0
6- سمو ورفعةأهدافهما 0
إذ لم يذكر لناالتاريخ مشروعا تضحويا تجتمع فيه هذه الشروط كلها 0
وكون الحادثة الأولىمن المسلمات الإسلامية وقد اقترنت بمفهوم الفداء العظيم الوارد في الذكر الحكيموهل يقتصر هذا المفهوم على هذه الحادثة أم هو أوسع من ذلك فيتسع للحادثة الأخرى وأيهمااكبر تضحية وفداء وتأثيرا في تربية البشرية أو لنقل أيهما أعظم ليتناسب ذلك مع وصفالمولى تعالى لمعنى الفداء المذكور ؟؟ فيكون هو اظهر مصاديق هذا المعنى هذا ما نحاول إثباته منخلال تلك الأوراق إنشاء الله تعالى0
بقلم
(أبو خالد السماوي)
( قال تعالى في سورةالصافات )
بسم الله الرحمنالرحيم
والصافات صفا (1)... انإلهكم لواحد (4)....قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَاۚإِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(105) إِنَّ هَٰذَالَهُوَالْبَلَاءُ الْمُبِينُ(106) وَفَدَيْنَاهُبِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ(108) سَلَامٌ عَلَىٰإِبْرَاهِيمَ (109(كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(110) إِنَّهُ مِنْعِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ )الصافات(صدق الله العلي العظيم)
( حديث قدسي )
فيالعيون عن الرضا عليه السلام ( قال لماأمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل عليه السلام الكبشالذي أنزل عليه تمنى إبراهيم عليه السلام أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل عليه السلامبيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذييذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب فأوحى الله عزوجل إليه يا إبراهيم من أحب خلقي إليك قال يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إليّ منحبيبك محمد صلى الله عليه وآله فأوحى الله عز وجل إليه يا إبراهيم هو أحب إليك أو نفسكقال بل هو أحب إليّ من نفسي قال فولده أحب إليك أو ولدك قال بل ولده قال فذبح ولدهظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي قال يا رب بل ذبحه علىأيدي أعدائه أوجع لقلبي قال يا إبراهيم إن طائفة تزعم أنها من امة محمد صلى اللهعليه وآله ستقتل الحسين عليه السلام ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبشويستوجبون بذلك سخطي فجزع إبراهيم عليه السلام لذلك فتوجع قلبه وأقبل يبكي فأوحىالله تعالى إليه يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل عليه السلام لو ذبحتهبيدك بجزعك على الحسين عليه السلام وقتله وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب علىالمصائب وذلك قول الله عز وجل وفديناه بذبح عظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العليالعظيم0000) [1]
الاراء في المسالة :
الاول – على شكل ايراد ورده :
وهو انه اذا كان المراد بالذبح العظيم قتل الحسين ع لايكون المفدى عنه اجل رتبة من المفدى به فان ائمتنا صلوات اللة عليهم اشرف من اوليالعزم ع فكيف من غيرهم مع ان الظاهر من لفظ الفداء التعويض عن الشيء بما دونه فيالخطر والشرف .
الجواب:
ان الحسين ع لما كان من اولاد اسماعيل ع فلو كان ذبحاسماعيل ع لم يوجد نبينا ص وكذا سائر الائمة ص فاذا عوض من ذبح ع بذبح واحد منأسباطه وأولاده وهو الحسين فكانه عوض عن ذبح الكل وعدم وجودهم بالكلية بذبح واحدالاجزاء بخصوصه ولا شك ان مرتبة السلالة اعظم واجل من مرتبة الجزء بخصوصه . 1[2]
الثاني -الخصائص الحسينية – التستري :
فقد ورد ان الذبح العظيم هو الحسين ع ولا يلزم كونالمفدى اعظم بل المعنى وفديناه بسبب الذبح العظيم الذي يخرج من صلبه . او المعنى انهتبدل فداؤه لربه بفداء اخر اعظم وحصلت هذه المرتبة العظمى من جعل النفس فداء فيسبيل اللة للحسين ع.[3]
=======
الثالث – وهو الأنسب –
ورد في تفسير قوله تعالى (وفديناه بذبح عظيم ) يعنيالحسين ع وهو لم يفد إسماعيل الذبيح سلام الله عليه كما هو ظاهر السياق. بل وقعالسياق في سبيل الله وفي طريق توحيد الله وطاعته،وهو نفس الطريق الذي ذبح من اجله إسماعيلع وبعث فيه الأنبياء وأرسلت الكتب السماوية .[4]
وعبرنا عن هذا الرأي بالأنسب للوجوه التالية :-
- كونه اعم مما قبله .
- انه أدق وأعمق .
- أكثر انسجاما مع مستوى خليل الله إبراهيم عليه السلام وما يستهدفه من مرتبة من مراتب التوحيد ( فلمااسلما وتله للجبين ).
أما وجه العموم فان التوحيدكما يفترض ان نفهمه هو كلية عمل الأنبياء والقادة الإلهيين عموما وكل ما يصدر من تضحياتكبيرها وصغيرها، هي جزئيات لذلك الكلي ويقع بطريق ترسيخ مبادئه، بما في ذلك الأمربذبح إسماعيل وصلب عيسى ع ونشر يحيى ع وغيرهم كثير من التضحيات العظمى التي وقعتفي طريق تدعيم أسس التوحيد على المستوى الشخصي والنوعي،شخصيا نظرا الى كون أصحابعملية الفداء والتضحية أنفسهم باعتبارهم عبيدا لله ويسعون لنيل تحقيق عبوديته أكثرفأكثر في ذواتهم المقدسة.
ونوعيا باعتبارهم قادة وقدوة بالنسبة الى اتباعهم. ايتعميق معنى التوحيد وبيان قدرة الإنسان على السير في طريقه وقد أدوا ذلك على اكمل وجه.فجزاهم الله عن البشرية خير جزاء المحسنين .فصاحب الرأي الأول وان سلط جهده علىبيان الملازمة السببية حسب التسلسل التاريخي لعلاقة الحسين وإسماعيل ع فهو امرعظيم وجليل أكيد الا انه لا تمثل الصورة العامة لمعنى عظمة الفداء بخلاف الأخيرفانه كشف عن جوهر العلاقة التي يقع جهود اصحاب عمليات الفداء في طريقها كما عبر هوعن ذلك . اي اعم قاعدة ينتهي اليها ويلتقي عندها جهود الانبياء ص هذا من جهةعمومية الراي الأخير .
اما من جهة دقته وعمقه : ان عمل القادة الإلهيين عموماوحتى ينتهي الى غاية مقصدهم وعند نهاية هدف المولى تعالى من توليتهم وهو (وما خلقتالجن والإنس الا ليعبدون ) لا بد من ان يمر بمراحل وأطوار وكل مرحلة من مراحلهسواء على المستوى التاريخي الاجتماعي او على المستوى الشخصي والفردي لها أسبابهاالطبيعية والموضوعية المناسبة والمهيأة لما بعدها مكملة بعضها الأخرى فتكونمواقفهم وتضحياتهم علامات لأممهم ومنارا للعباد وموعظة للمهتدين الى هدفهم الأسمىالا وهو العبودية الخالصة لله وحده . وهذا ما انتقل اليه الشهيد الصدر قدس في رايهالثالث مباشرة .
واما من جهة مناسبته لهدف ابراهيم ع . يتضح ذلك من خلالتتبع سيرة ابراهيم ع من بداية حياته حتى خرج تاركا اهله وقومه طالبا ربه ( انيذاهب الى ربي ) وترحاله بين مصر وفلسطين ناشرا راية التوحيد ومؤسسا له قواعد لمتكن تعرف على مدى الاجيال السابق من عمر البشرية حتى استقر بامر ربه بواد غير ذيزرع رافعا تلك القواعد في البيت العتيق ببكة (حتى نفض عن ذاته كل ما هو دونه )وحقق بذلك ( ولما اسلما ...) ولم يكتف بذلك حتى كشف لنا المعصوم ص حاله بعد منعهمن الذبح ( قاللما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل عليه السلامالكبش الذي أنزل عليه تمنى إبراهيم عليه السلام أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل عليهالسلام بيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالدالذي يذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب)الحديث .(وَوَصَّى بِهَاإِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُالدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)البقرة 123 ان كان هذا هو هم ابراهيم ع في بداية حركته وعند اقصى درجة تضحياته وعندوفاته . فمن الحكمة ان يأتي الخطاب محاكيا لهمه وفي مستوى هدفه.
بقي علينا تذليل بعض العقبات:
الاولى- وهي أن الإمام الرضا ع لم يذكر صراحة ان الحسينع هو فداء للتوحيد بل صرح كون الفداء هو ( قدفديت جزعك على ابنك إسماعيل عليه السلام لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين عليهالسلام وقتله...)الحديث
الجواب:لو تتبعنا طريقة الأئمة ع في كشفهم لكثير من المسائل الاعتقادية والمعاني القرآنية.لوجدناأنهم ع لم يكشفوا وجه الحقيقة بكامله عن كامل مستوى ذلك الرأي او هذا المعنى بليعطون معنا يتناسب ومستوى فهم الجيل المعاصر لذلك الرأي وفي نفس الوقت ممكنالاستفادة منه كقاعدة عامة تتناسب مع كل الأزمنة لتكون مدخلا لفهم العقيدة والقرانويتركون فهم ما تبقى على عاتق تكامل الأمة وتطورها الإيماني والعقلي.
ولوتاملنا في حديث الامام الرضا ع لرأينا انه ص :
1- ادخل قضية الحسين ع في معنا تفسير الاية الشريفة.
2- فتح باب التفاضل بين القضيتين .
3- رجح قضية الحسين ع على حادثة فداء إسماعيل ع (قال يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي)الحديث
الثانية- ان القول بهذ الرايمخالف لقواعد العربية وذلك :-
اولا – هو عدم عود الضمير على الاقرب.
ثانيا – عود الضمير على اكثر من مورد.
الجواب: ان المنع من عود الضمير على غيرالاقرب ليس مما اتفق عليه كل علماء العربية فقد اجاز بعضهم رجوع الضمير الى غيرالاقرب ان كان هو المحدث عنه .[5]
فان قيل لم يصرح المولى تعالى في هذهالصورة بمعنى التوحيد حتى يرجع الضمير اليه ؟
وجوابه : لو رجعنا الى صدر السورة المباركة قولهتعالى (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)(1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) فهو سبحانه يفتتح السورة بالقسم بثلاثايات وجوابها ان الهكم لواحد وهل هناك تصريح بتوحيده سبحانه اوضح من ذلك وهوالمحدث عنه في باقي ايات السورة وهي تشكل السياق العام لها ومن هنا جاز رجوع ضمير(فديناه) الى معنى (التوحيد) في بداية السورة وهو ما جوزه بعض اعلام العربية كمامر. بالاضافة الى ذلك اننا لم نقل ان الضمير في (فديناه) يقتصر في رجوعه الى معنىالوحيد وانما في السياق القريب من السورة يعود على اسماعيل عليه السلام وفي السياقالعام للسورة يعود على التوحيد. والعودة الى المعنيين معا مطابق لعلاقة المعنىالثاني للأول وهو الاقرب للضمير باعتبار ان اسماعيل وابراهيم ع يقع عملهما في طريقترسيخ هذا المعنى المقدس في ذاتيهما المقدستين بدليل قوله تعالى (ولما اسلما..)ومن المعروف ان التسليم لله تعالى هو من المقامات الشامخة في توحيده سبحانه ولماحققا وصدقا معنى قوله تعالى (ان الهكم لواحد ) في ذواتهم المقدسة في مقام التسليمله تعالى جاء النداء الالهي (وفديناه بذبح عظيم )وفي نفس الوقت يعود على المعنىالعام وهو المحدث عنه من اول السورة . وفي جواز رجوعه الى اكثر من معنى ان كانمقصدهما واحد فهو نظير قوله تعالى (واللةو ورسوله احق انترضوه)فالضمير في قوله تعالى ( ترضوه ) يرجع الى الاثنين لان مقصدهما واحد .[6]
[1] عيون اخبار الرضا ع ج1ص209
[2] العوالم الامام الحسين ،الشيخ عبدلللة البحراني ص106
[3] الخصائص الحسينية ،التستري
[4] الشهيد محمد صادق الصدر،اضواء على ثورة الامام الحسين ع ص74
[5] السيوطي ،همع الهامع ج1ص65 ان الضمير في (ذريته)في قوله تعالى(ووهبنا له اسحاق ويقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب)يعود على ابراهيم ع لانههو المحدث عنه من اول القصة ونقل مثل ذلك ابو حيان عن التبريزي.
[6] الزمخشري، البحر ج7 ص528
تعليق