بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و نبينا محمد و آله الطيبين
و لعنة الله على أعدائهم أجمعين، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
و هو حسبنا و نعم الوكيل، نعم المولى و نعم النصير
و لعنة الله على أعدائهم أجمعين، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
و هو حسبنا و نعم الوكيل، نعم المولى و نعم النصير
تحصنت بالملك الحيّ الذي لا يموت، و اعتصمت بذي العزة و العدل و الجبروت، و استعنت بذي العظمة و القدرة و الملكوت؛ عن كل ما أخافه و أحذره.
اللهم صلّ وسلم وزد و بارك على صاحب الدعوة النبوية، و الصولة الحيدرية، و العصمة الفاطمية، و الحلم الحسنية، و الشجاعة الحسينية، و العبادة السجادية، و المآثر الباقرية، و الآثار الجعفرية، و العلوم الكاظمية، و الحجج الرضوية، و الجود التقوية، و النقاوة النقوية، و الهيبة العسكرية، و الغيبة الإلهية. اللهم عجل فرجه، و سهل مخرجه، و اجعلنا من شيعته و أعوانه و أنصاره.
صلّ اللهم على التجلّي الأعظم، وكمال بهائك الأقدم، شجرة الطور، و الكتاب المسطور، و النور على النور في طخياء الديجور، علم الهدى، و مجلي العمى، و نور أقطار الورى، و بابك الذي منه تؤتى، الذي يملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما ملئت ظلماً و جوراً.
*****
1- مقدمة:
لقد بيّنا في موضوع مستقلّ عنوانه : (وحدة الوجود و الموجود: توحيد خالص ، أم كفر و إلحاد؟) المعنى الذي يقصده العرفاء و الحكماء الشامخون من وحدة الوجود و الموجود، و نقلنا كلماتهم الواضحة في مرادهم. كما تعرّضنا هناك إلى الردّ على كلّ الشبهات التي يمكن أن يتوهم أنها تلزم من هذه النظرية. أما هذا الموضوع فهو مخصّص للبرهان على هذه النظرية بالعقل والقرآن والسنة.
*****
2- الهدف من هذا البحث:و نحن في هذا البحث نهدف إلى إثبات عدة أمور:
1- صحة نظرية التوحيد الذاتي أو وحدة الوجود و الموجود بالبرهان.
2- أنّ التوحيد الذاتي هو أعلى مراتب التوحيد.
3- بيان أن منشأ هذه النظرية هو القرآن الكريم و أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم، و أن دور الحكماء و العرفاء لم يكن إلا بيانها للناس بعد أن أخذوها من منبع العصمة والطهارة. فهذه المرتبة من التوحيد (يعني التوحيد في الوجود ، و القول بأن الموجود الحقيقي هو الله لا غير) لم تكن معهودة لدى الفلاسفة و المتكلمين قبل بيان القرآن الكريم و أهل البيت صلوات الله عليهم لها.
يقول العلامة الطباطبائي قدّس سرّه الشريف في خاتمة هذا البحث:
" فالذي بيّنه القرآن الكريم من معنى التوحيد أول خطوة خطيت في تعليم هذه الحقيقة من المعرفة، غير أن أهل التفسير و المتعاطين لعلوم القرآن من الصحابة و التابعين ثم الذين يلونهم أهملوا هذا البحث الشريف، فهذه جوامع الحديث و كتب التفسير المأثورة منهم لا ترى فيها أثرا من هذه الحقيقة لا ببيان شارح، و لا بسلوك استدلالي.
و لم نجد ما يكشف عنها غطاءها إلا ما ورد في كلام الإمام علي بن أبي طالب عليه أفضل السلام خاصة، فإن كلامه هو الفاتح لبابها، و الرافع لسترها و حجابها على أهدى سبيل و أوضح طريق من البرهان، ثم ما وقع في كلام الفلاسفة الإسلاميين بعد الألف الهجري، و قد صرحوا بأنهم إنما استفادوه من كلامه عليه السلام"
*****
3- المدّعى:
لقد تمّ توضيح مدّعى القائلين بوحدة الوجود و الموجود بالتفصيل في موضوعنا الآخر، و من لم يفهم مرادهم أو يجد فيه إشكالاً فعليه مراجعة ذلك الموضوع، و نحن سنكون بخدمته لتوضيح أي إشكال هناك. و لكن لا بأس بالتذكير بمعنى نظرية وحدة الوجود باختصار شديد من نفس كلماتهم.
يقول العلامة الطهراني قدس سرّه الشريف:
" فالقائل بوحدة الوجود يقول: لا وجود في العالم لغير الذات المقدّسة لواجب الوجود على الإطلاق، فالوجود الاستقلاليّ واحد فقط، و هو قد غمر جميع الموجودات وَ لا تَشُذُّ عَنْ حيطَةِ وُجودِهِ ذَرَّة! و كلّ وجود تحسبونه وجوداً مستقلاًّ فاستقلاله هذا ناشئ عن عدم إبصاركم و عدم إدراككم.
الوجود المستقلّ هو وجوده وحده فقط، و وجود جميع الموجودات ظلّيّ و تبعيّ و اندكاكيّ و آليّ لأصل الوجود، و وجود الجميع قائم بتلك الذات المقدّسة للحيّ القيّوم.
القائل بوحدة الوجود يقول: ليس هناك ذات مستقلّة يمكن إطلاق الوجود عليها غير الذات الإلهيّة، و جميع عالم الإمكان مِنَ الذَّرَّةِ إلى الدُّرَّة، فانٍ و مندكّ في وجوده، و ليس هناك وجود يمتلك الاستقلال، أو يستطيع أن يظهر نفسه في مقابل وجوده، فالجميع ظلال لوجوده."
الوجود المستقلّ هو وجوده وحده فقط، و وجود جميع الموجودات ظلّيّ و تبعيّ و اندكاكيّ و آليّ لأصل الوجود، و وجود الجميع قائم بتلك الذات المقدّسة للحيّ القيّوم.
القائل بوحدة الوجود يقول: ليس هناك ذات مستقلّة يمكن إطلاق الوجود عليها غير الذات الإلهيّة، و جميع عالم الإمكان مِنَ الذَّرَّةِ إلى الدُّرَّة، فانٍ و مندكّ في وجوده، و ليس هناك وجود يمتلك الاستقلال، أو يستطيع أن يظهر نفسه في مقابل وجوده، فالجميع ظلال لوجوده."
و هذه عبارة عن أخرى توضّح النظرية ننقلها عن موقع الحوزة في قم:
" المراد من وحدة الوجود هو أنّ الموجود الاصيل و المستقل أي الذي وجوده ذاتي و مستقل واحد لا غير، و هو اللّه تعالى، و ما عداه من الموجودات وجودها عرضي و على نحو التبعية، و في الحقيقة وفق هذا التصوير لوحدة الوجود تكون الوجودات الاخرى عدم بذاتها ـ و انما تكتسب وجودها من الارتباط بذات اللّه تعالى، و هذا التفسير في الواقع هو عين التوحيد و حق التوحيد و هذا المعنى ورد في احاديث ائمة اهل البيت عليهم السلام "يَا مَنْ لَيْسَ هُوَ إِلَّا هُوَ يَا هُوَ يَا مَنْ لَا هُوَ إِلَّا هُو" "
*****
4- تنبيه :
سوف ننقل في هذا البحث استدلالات عديدة، و في بعض الأحيان سوف ننقل الاستدلال عن لسان أحد الأعلام، و هذا لا يعني أننا نستدلّ بقوله على صحة النظرية، لأننا لا نريد التقليد في الاعتقاد كما يفعل البعض، و لكن الغرض هو الاستفادة من بيان العلماء أنفسهم لأن بيانهم أفضل من بياننا الكليل.
تعليق