إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

العقل والحي ... بالنظرة القرآنية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العقل والحي ... بالنظرة القرآنية

    العلم قيمة إعتمدها الوحي، حتى إنه أقسم بالقلم بإعتباره وسيلة للعلم، كاشفا عن عظمته، إذ قال ربنا جل وعلا : (ن والقلم وما يسطرون).
    هكذا يأتي قسم القرآن بالقلم وما يسطرون ليعلم الناس أن العقل والوحي صنوان، وإن الإيمان والعلم كجناحي طائر تحلق به الإنسانية عاليا، وإن ما يتقوله أدعياء الدين بأن العلم ليس منه هراء، وما يزعمه أدعياء العلم بأنه يتنافى مع الدين ضلال بعيد..
    فها هو كتاب ربنا العزيز يشيد بالقلم وبما يكتب به، وقد أكد على الترابط بين حقيقة العلم وحقيقة الرسالة في موقع آخر، حيث قال ربنا عز وجل: (إقرأ وربك الأكرم* الذي علم بالقلم* علم الإنسان مالم يعلم) [العلق /3-5].
    وهذا الترابط يكشف بصيرة مهمة، وهي علاقة العلم بالإيمان، وبتعبير آخر؛ علاقة العقل بالوحي. ذلك إن العقل هو الذي يذكرنا بالوحي ويهدينا إليه، كما إن الوحي هو الذي يستثير العقل ويستخرج كوامنه ويوجه مسيرته نحو الحق.
    وإن من يتعلم ويقرأ تجارب العقل البشري عبر التاريخ، لا ريب يهتدي إلى أن الرسالة الإلهية ليست جنونا، ولا إلقاءات الشيطان، ولا أساطير الأولين، وإنها لا يمكن أن تتنزل إلا من رب العالمين، لو أنصف الحق من نفسه وقصد سواء السبيل.
    غير أن المكذبين يكيلون التهم الباطلة التي يرفضها كل عاقل، ليبرروا رفضهم للحقيقة، وتهربهم من المسؤولية التي تفرضها.
    ثم هل إكتفوا بذلك؟ كلا؛ لقد حاولوا التأثير على الرسول ليداهنهم في بعض قيم الرسالة بما يحفظ مصالحهم، ويحولها إلى طائفة من الطقوس الفارغة من قيم الحق والتقوى والعدل.. فقالوا له ما قاله الطغاة لكل مصلح وداعية حق عبر التاريخ.
    قالوا: إنك لمجنون، لماذا؟ لأن القيم التي تؤمن بها وتسعى لنشرها تتنافى وقيم النخبة المستكبرة، التي تتحكم بمصائر الناس. ثم جندوا لنشر هذه الدعايات إمكانياتهم المادية والمعنوية، مستهدفين هزيمة المصلحين نفسيا، لعلهم يتنازلون عن بعض قيمهم.
    وأمام الهجمة التي يشنها أولئك المضللون ضد الرسول والرسالة، يقف الوحي مسددا للرسول (صلى الله عليه وآله) ولكل الرساليين عبر التاريخ، ومدافعا عن قيم الحق، حيث يؤكد القرآن إن ما يزعمونه ماهو إلا كذب وإفتراء، وذلك بالتذكرة بالبصائر التالية:
    أولا: إن الرسالة التي يحملها الرسول ويدعو إليها، نعمة إلهية لا يدانيها جنون، لأنها حيث يدرسها الإنسان ويتدبر معانيها يجدها قمة العقل، بل هي متقدمة بخطوات كثيرة على مسير العقل البشري لأنها من عند رب العقول.
    وقد خاطب ربنا عز وجل نبيه الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) بالقول: ( ماأنت بنعمة ربك بمجنون) [القلم/2].
    لأن المجنون هو الذي سلب الله عقله، بينما قد أنعم الله على رسوله بالوحي، الذي يكمل العقل وكيف يكون من يحمل للبشرية نور الحكمة والعلم والبصيرة مجنونا ؟!
    إن الرسالة التي تنظم حياة الإنسان الشخصية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية و..و..، وتنطوي على أسرار الوجود، وتكشف للبشرية السنن الإلهية والأقدار التي تسير الخليقة.. وتتجاوز هذه الحياة إلى المستقبل الأبدي البعيد، لتحدثنا عن العالم الآخر وما فيه من حساب و
    جزاء.. فهل يمكن أن تكون هذه الرسالة طيشا، ومن يحملها إلى الناس مجنونا؟!
    ثانيا: إن النتائج والمعطيات العظيمة التي وصل إليها الرسول في الدنيا، والتي ستكون له في الآخرة، أظهرت بجلاء أن الرسالة وحي، وأن النبي أعظم الخليفة، وأن جهلهم هو الذي جعلهم لا يفرقون بين العظمة والجنون، ولا بين رسالة الغيب وأساطير الأولين.. كيف ذلك؟
    إن الكفار والمشركين كانوا يعدون الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مجنونا، لأنه ينشد التغيير الحضاري الجذري والشامل؛ ليس لمجتمع شبه الجزيرة العربية فقط، بل للبشرية كلها. فكان يعمل لتوحيد المجتمع المتمزق بالتناحر، والمختلف بالأديان، ويسعى بأن يرقى به إلى
    قمة التقدم الحضاري، وينتصرعلى أعدائه الأقوياء والكثيرين، وما إلى ذلك من الأهداف العظيمة.. وهو اليتيم العائل.
    كانوا يعدونه مجنونا، لأنه يطلب المستحيل -حسب تصورهم -ولكن القرآن نسف هذه المزاعم، مؤكدا بأن النبي يبلغ ما يريد بإذن الله، كما قال جل وعلا في سورة الضحى : ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) وكذلك في سورة القلم قال ربنا سبحانه: (وإن لك لأجرا غير ممنون).
    نعم؛ إن بلوغ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أهدافه التي تراءت لهم بأنها مستحيلة، أوضح دليل على عقلانيته وسلامة رسالته التي حققت أهدافه بإتباعها، لأن وصول الإنسان إلى أهدافه يحتاج إلى معرفة بسنن الحياة وقوانينها.
    وثمة كلمة؛ إن تأكيد الله تعالى للنبي وكل رسالي يتبعه بأن له أجرا غير ممنون، يصنع في الإنسان المؤمن روح التعالي على إغراءات الدنيا التي يقدمها الأعداء، والتي قد يثني الإفتتان بها الرساليين عن أهدافهم الربانية، فيداهنون فيها.
    ثالثا: وآية أخرى لعظمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، أخلاقه العظيمة التي فاق بها عظماء البشرية، وهم الأنبياء والصديقون، مما يكشف مدى كمال عقله، وعظمة حلمه، وواسع علمه، ونفاذ بصيرته.
    قال الله تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم).
    وكفى بعظمة أخلاقه أن يصفه رب العالمين بالعظمة، وكيف لا يكون كذلك وقد أدبه الله تعالى، حتى قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (لقد أدبني الله فأحسن تأديبي).
    ومن تأكيد الله تعالى إن رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على خلق عظيم، يتبين أنه ما كان يتكلف الأخلاق، ولا كانت عرضية تأتي وتزول، بل هي سجايا وملكات إختلطت بكيانه، فلا تفارقه ولا يفارقها. وإنما بلغ النبي تلك العظمة والمكانة الرفيعة، لإنه جسد الدين في حياته
    .
    رابعا: ويبقى المستقبل دليلا فصلا يكشف عن الحقيقة للجميع، وهنالك يتبين العاقل والمجنون، هل هو أبو لهب وأعداء الرسالة الذين خلدوا باللعنة أم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأتباعه الصادقون؟
    قال الله تعالى: (فستبصر ويبصرون* بأيكم المفتون* إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) [القلم/ 5-7].
    ونستوحي من هذه الآيات؛ إن المنهج السليم لتقييم الأمور معرفة عواقبها، لأن الإنسان في بادئ الأمر ومع المتغيرات قد يدخله الريب والتردد في إستصدار حكمه الأخير على الأمور، ولكنها حينما تستقر في مستقبل الزمن يرى بوضوح تام الموقف الواقعي الحق منها.
    إذا، الإحباطات الآنية التي يواجهها المؤمنون في مسيرتهم، وإنطلاقا من هذه البصيرة، لا ينبغي أن تبعث فيهم اليأس أو التشكيك في صحة خطهم وسلامة قيادتهم، فإن المستقبل مهما طال الزمان ورغم الظواهر السلبية في صالحهم وفي صالح رسالتهم، لأنهم يتبعون الحق.
    ومع أن هذه من القواعد الأساسية التي يجب على الرساليين إعتمادها في تحركهم، إلا أنهم يستمدون مناعتهم بالحق، وإيمانهم بسلامة الخط من الإيمان بالله. فليس المهم عندهم أن يكونوا في نظر الآخرين أصحاب حق أو أن يكشف لهم واقع الدنيا عن هذه القضية، إنما الأهم أن يك
    ونوا عند الله من المهتدين. ذلك إنهم لا ينفعهم ثناء أحد إذا كانوا عند الله من الضالين، كما لا يضرهم شيء لو كانوا عنده من أهل الهداية.
    وبصراحة أن الرساليين إذا ما تمسكوا بهذا الأصل، فلن يتأثروا بالضغط أو الإعلام المضاد، ولن ينال أحد من قناعتهم قيد شعرة.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X