إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

في ذكراه العطرة: قراءة متجددة في رسالة الامام الخميني الى غورباتشوف

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في ذكراه العطرة: قراءة متجددة في رسالة الامام الخميني الى غورباتشوف



    اللهم صل على محمد وآل محمد
    إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء



    رسالة الامام الخميني الى غورباتشوف
    بتاريخ الثاني والعشرين من جمادى الاولى، سنة 1409هـ، ارسل مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الفقيه الاصولي والعارف والحكيم الالهي والفيلسوف العبقري آية الله العظمى روح اللّه الموسوي الخميني (قدس سره) رسالة الى غورباتشوف، رئيس السوفييت الاعلى للاتحاد السوفياتي، الذي كان يقوم بمراجعة للنظام السوفياتي،حاثا اياه على التفكير في قضية وجود اللّه عزوجل، وعلى التعرف الى النظام الاسلامي الذي يحمل الحلول للمشاكل البشرية كافة، ومبينا له خطورة الانجرار الى النظم الراسمالية التي تعاني هي الاخرى من مشاكل لا تقل خطورة عما يعاني منه النظام الاشتراكي نفسه. وهذا نص الرسالة:

    بسم الله الرحمن الرحيم

    فخامة السيد غورباتشوف رئيس المجلس الأعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية
    بعد الإعراب عن الأماني بالتوفيق والسعادة لكم وللشعب السوفياتي، فقد رأيت من الضروري التذكير ببعض القضايا انطلاقا من أن تصديكم للقيادة قد ولد إحساسا بأنكم قد أصبحتم في حالة جديدة تتسم بإعادة النظر والتغيير والتعامل الجديد في تحليل الحوادث السياسية العالمية، لا سيما المرتبطة بالقضايا السوفياتية، عسى أن تكون جرأتكم وشجاعتكم في التعامل مع حقائق الواقع العالمي منبعا لإحداث تغييرات؛ وسببا لقلب المعادلات الحاكمة فعلا في العالم.
    وعلى الرغم من أن تفكيركم وقراراتكم الجديدة قد تكون محصورة في إطار أسلوب جديد وحسب لحل المشكلات الحزبية؛ وإلى جانبها حل بعض أزمات شعبكم؛ إلا أن هذا المقدار بحد ذاته جدير بأن تقدر فيه شجاعتكم في إعادة النظر بالمذهب الفكري الذي سجن الثوريين في العالم بين أسواره الحديدية لسنين متمادية.
    وإذا فكرتم بما فوق هذا المقدار؛ فإن القضية الأولى التي ستكون يقينا سببا لنجاحكم هي أن تعيدوا النظر في سياسة أسلافكم المتمحورة حول محاربة الله واستئصال الدين من المجتمع فهذه السياسة بلا شك هي التي أنزلت أكبر وأهم ضربة على جسد الشعب السوفياتي؛ واعلموا أن التعامل مع القضايا العالمية لا يمكن أن يكتسب الصبغة الواقعية إلا من خلال هذا الطريق.
    ومن الممكن أن يبدو العالم الغربي أمامكم وكأنه جنان خضر. فهذا نتيجة للأساليب الخاطئة والسياسات المنحرفة لأقطاب الشيوعية السابقين في المجال الاقتصادي؛ ولكن الحقيقة هي في مكان آخر.
    إنكم إذا أردتم أن تحصروا جهودكم لحل العقد المستعصية في الاقتصاد الاشتراكي والشيوعية في هذه المرحلة باللجوء إلى مركز الرأسمالية الغربية، فاعلموا أن نتيجة ذلك لن تنحصر في العجز عن معالجة شيء من آلام شعبكم، بل ستتجاوز ذلك إلى إيجاد حالة تستلزم مجيء من يعالج آثار أخطائكم، لأن العالم الغربي مبتل أيضاً بنفس ما ابتليت به الماركسية اليوم من وصول مناهج تعاملها مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية إلى طريق مسدود، بل وهو مصاب بمشاكل أخرى أيضا، والفرق هو في الصور والظواهر.
    حضرة السيد غورباتشوف...
    الواجب هو التوجه نحو الحقيقة...
    إن مشكلة بلدكم الأساسية لا تكمن في مشكلة الملكية والاقتصاد والحرية؛ بل إن مشكلتكم الأساسية هي فقدان الإيمان الحقيقي بالله؛ وهى نفس مشكلة العالم الغربي التي قادته إلى الانحطاط وإلى الطريق المسدود، أو ستجره إلى ذلك؛ إن أزمتكم الحقيقة تكمن في محاربتكم الطويلة والعقيمة لله مبدأ الوجود والخلق.
    حضرة السيد غورباتشوف...
    لقد اتضح للجميع أن البحث عن الشيوعية يجب أن يتوجه من الآن فصاعدا إلى متاحف التاريخ السياسي العالمي!! أما لماذا؟! فلأن الماركسية لا تلبي شيئا من احتياجات الإنسان الحقيقية، لماذا؟ لأنها مذهب مادي، ومحال إنقاذ البشرية بالمادية من الأزمة التي خلقها فقدان الإيمان بالمعنويات، وهو الذي يمثل العلة الأساسية لما تعانيه المجتمعات الإنسانية شرقية كانت أم غربية.
    حضرة السيد غورباتشوف...
    من المحتمل على نحو <الإثبات> أن لا تكونوا معرضين عن بعض جوانب الماركسية، ومن المحتمل أن تظهروا عبر مقابلاتكم مستقبلا إيمانكم الكامل بها، ولكنكم أنفسكم تعلمون على نحو <الثبوت> حقيقة أن الواقع غير ذلك.
    لقد وجّه الزعيم الصيني الضربة الأولى للشيوعية، وها أنتم تنزلون الثانية، ويبدو أنها القاضية؟ فلم يعد اليوم في عالمنا المعاصر شيء باسم <الشيوعية>، ولكني أطلب منكم بصورة مؤكدة أن تحذروا الوقوع في سجن الغرب والشيطان الأكبر وأنتم تحطمون جدران أوهام الماركسية.
    آمل أن تنالوا الشرف الحقيقي لإنجاز مهمة استئصال آخر الأعشاش المتهرئة لحقبة السبعين عاما من انحراف العالم الشيوعي، استئصالها من وجه التاريخ ومن بلدكم.
    إن الحكومات الحليفة لكم والتي تخفق قلوبها لمصالح أوطانها وشعوبها لن تكون على استعداد بعد الآن لهدر ثرواتها بكلا نوعيها الجوفي وغيره من أجل إثبات نجاح الشيوعية بعدما وصل صرير تهشم عظام الشيوعية إلى أسماع أبناء تلك البلدان.
    السيد غورباتشوف...
    عندما ارتفع نداء <الله اكبر> وإعلان الشهادة برسالة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) من مآذن المساجد في بعض جمهورياتكم، فجر دموع الشوق في أعين أنصار الإسلام المحمدي الأصيل كافة، الأمر الذي ألزمني أن أذكركم بضرورة إعادة النظر في الفلسفتين المادية والإلهية.
    لقد وضع الماديون في فلسفتهم تجاه قضايا الكون، <الحس> معيارا للمعرفة، فاعتبروا الشيء غير المحسوس خارجا عن دائرة العلم، واعتبروا الوجود قرين المادة الملازم لها، فما لا مادة له لا وجود له. وعليه، اعتبروا طبعا أن عالم الغيب كوجود الله تبارك وتعالى والوحي والنبوة والمعاد ضرب من الأساطير. في حين أن معيار المعرفة في الفلسفة الإلهية يشمل <الحس والعقل> فيدخل <المعقول> (المدرك بالعقل) دائرة العلم حتى لو انعدم إدراكه بالحس، لذا فإن الوجود يشمل عالمي الغيب والشهادة، فبالإمكان أن يكون <لما لا مادة له> وجود، وكما أن الوجود المادي يستند إلى <المجرد>، كذلك حال المعرفة الحسية فهي مستندة على المعرفة العقلية.
    والقرآن الكريم ينتقد أساس التفكير والفلسفة المادية ويرد على الذين يتوهمون عدم وجود الله استنادا على أنه لو كان موجودا لشوهد لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة يرد عليهم قائلا لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير.
    وحيث نمر على القرآن العزيز الكريم واستدلالاته في ما يرتبط بقضايا الوحي والنبوة والمعاد وهي من وجهة نظركم أول البحث فإني لم أرغب في أن أزجّكم في تعقيدات مباحث الفلاسفة وتشعباتهم خاصة الإسلاميين لذا فإني أكتفي بمثالين بسيطين اخترتهما بالإمكان إدراكهما فطريا ووجدانيا، ويستطيع السياسيون أيضاً الانتفاع منهما.
    فمن البديهيات أن المادة والجسد مهما كانا، فهما جاهلان بذاتهما. فالتمثال الحجري والجسم المادي للإنسان لا يعلم أي من شطريه بحال الشطر الآخر. لكننا نشهد عيانا أن الإنسان وكذا الحيوان مطلع على ما حوله من كافة الجهات؛ فهو يعلم أين هو، وماذا يجري حوله، ويعلم أي ضجة تلف العالم. إذاً فهناك في الحيوان والإنسان شيء آخر فوق المادة ومن غير عالمها، وهو باق لا يموت بموتها.
    وإن الإنسان بفطرته طالب لكل كمال بصورته المطلقة وأنتم تعرفون جيدا أن الإنسان ينزع إلى أن يكون القوة المطلقة فلا يتعلق بأية قوة ناقصة محدودة؟ ولو أنه امتلك العالم وقيل له إن هناك عالما آخر، لمال فطرياً إلى إخضاع ذلك العالم أيضاً لسلطته.
    ومهما بلغ الإنسان من العلم وقيل له: إن هناك علوما أخرى، لمال مدفوعا بفطرته إلى تعلمها؛ إذاً فلا بد أن تكون هناك قوة مطلقة وعلم مطلق ليتعلق الإنسان بهما؛ وهذا هو <الله> تبارك وتعالى؛ الذي نتوجه إليه جميعا حتى لو كنا أنفسنا نجهل ذلك.
    الإنسان يريد الوصول إلى <الحق المطلق> ويفنى فيه. إن هذا الشوق إلى الحياة الخالدة المتأصل في فطرة كل إنسان هو في الأساس دليل وجود عالم الخلود المنزّه عن الموت.
    وإذا رغبتم فخامتكم في التحقيق حول هذه الموارد فيمكنكم أن تأمروا المختصين في هذه العلوم بأن يراجعوا إضافة إلى كتب الفلاسفة الغربيين مؤلفات الفارابي وأبي علي ابن سينا رحمة الله عليهما في حكمة فلسفة المشائين ليتضح أن قانون <العلية والمعلولية> الذي تستند إليه كل معرفة هو معقول وليس محسوساً، وليتضح أيضاً أن إدراك المعاني والمفاهيم الكلية والقوانين العامة هو عقلي وليس حسّياً رغم أن جميع أشكال الاستدلال حسّياً كان أم عقلياً تعتمد عليه.
    وكذلك يمكنهم الرجوع إلى كتب السهروردي رحمة الله عليه في حكمة فلسفة الإشراق لكي يشرحوا لكم كيف أن الجسم وكل موجود مادي مفتقر إلى النور المطلق المنزّه عن أن يدرك بالحس، وأن الإدراك الشهودي من نفس الإنسان لحقيقته منزّه أيضاً عن الظواهر الحسية.
    واطلبوا من كبار الأساتذة أن يراجعوا أسفار الحكمة المتعالية لصدر المتألهين رضوان الله تعالى عليه وحشره مع النبيين والصالحين لكي يتضح أن حقيقة العلم هي ذلك الوجود المجرد عن المادة؛ وأن كل معرفة منزّهة عن المادة ولا تخضع لأحكامها.
    ولا أتعبكم، فلا أتطرق إلى كتب العارفين لا سيما محي الدين بن عربي، فإذا أردتم الاطلاع على مباحث هذا العظيم فيمكنكم أن تختاروا عددا من خبرائكم من الأذكياء الذين لهم باع طويل في أمثال هذه المباحث وترسلوهم إلى قم ليتعرفوا بالتوكل على الله، وبعد عدة سنين على العمق الحساس والدقيق غاية الدقة لمنازل المعرفة، ومحال بدون هذا السفر الوصول إلى هذه المعرفة.

    حضرة السيد غورباتشوف...
    والآن وبعد ذكر هذه القضايا وتلك المقدمات أطلب منكم أن تحققوا بدقة وجدية حول الإسلام؛ ليس لأن الإسلام والمسلمين بحاجة إليكم؛ بل لما يتضمنه الإسلام من قيم سامية، ولما يمتاز به من شمولية بحيث يستطيع أن يكون وسيلة لراحة وإنقاذ الشعوب، وحل كافة الأزمات الأساسية التي تعاني منها البشرية.
    إن التدبر والتوجه الجاد للإسلام يمكن أن ينقذكم من مشكلتكم في أفغانستان وأمثالها في العالم.
    إننا نعتبر مسلمي العالم كافة كمسلمي بلدنا؛ وعلى الدوام نرى أنفسنا شركاء مصيرهم.
    لقد أثبتم عبر الحرية النسبية في أداء الشعائر الدينية التي سمحتم بها في بعض الجمهوريات السوفياتية أنكم لم تعودوا تفكرون بأن <الدين أفيون الشعوب>. وكيف ذاك؟! فهل إن الدين الذي صمد في إيران كجبل أشم هو أفيون الشعوب؟! وهل إن الدين الذي يطالب بتحكيم العدالة في العالم وبتحرير الإنسان من كافة أشكال الأسر المادية والمعنوية هو أفيون الشعوب؟!
    نعم... إن الدين الذي يحوّل إلى أداة من أجل نهب ثروات البلدان الإسلامية وغير الإسلامية وإمكاناتها المادية والمعنوية استجابة للقوى الكبرى السلطوية، والدين الذي يصم أسماع الجماهير بمقولة فصل الدين عن السياسة هو أفيون الشعوب. ولكن هذا ما هو بالدين الحقيقي؛ بل هو ما تسميه جماهيرنا ب <الدين الأميركي>.
    وختاماً، فإنني أعلنها صراحة: إن الجمهورية الإسلامية في إيران وباعتبارها أكبر وأقوى قاعدة للعالم الإسلامي؛ تستطيع بيسر أن تسد الفراغ العقائدي في نظامكم.
    وعلى أية حال فإن بلدنا وكما كان في السابق يؤمن بمبادئ حسن الجوار والعلاقات المتبادلة المتكافئة ويحترم هذه المبادئ.
    والسلام على من اتبع الهدى
    روح الله الموسوي

  • #2
    قراءة متجددة في رسالة
    الامام الخميني (قدس سره) الى غورباتشوف

    بتاريخ الثاني والعشرين من جمادى الاولى، سنة 1409هـ، ارسل قائد الثورة الاسلامية الامام روح اللّه الخميني (قدس سره) رسالة الى غورباتشوف، رئيس السوفييت الاعلى للاتحاد السوفياتي، الذي كان يقوم بمراجعة للنظام السوفياتي،حاثا اياه على التفكير في قضية وجود اللّه عزوجل، وعلى التعرف الى النظام الاسلامي الذي يحمل الحلول للمشاكل البشرية كافة، ومبينا له خطورة الانجرار الى النظم الراسمالية التي تعاني هي الاخرى من مشاكل لا تقل خطورة عما يعاني منه النظام الاشتراكي نفسه.

    وهذه الرسالة طرحت عددا من الاسئلة سنتولى، باذن اللّه، محاولة مناقشتها في ما ياتي، معتذرين سلفا عن التقصير الكبير الذي لابد من ان يعتري هذه المحاولة.

    من الاسئلة التي تطرحها الرسالة:

    اولا: لماذا كلف الامام الخميني نفسه بارسال هذه الرسالة؟ ولماذا لم يتكلف غيره هذه المهمة؟

    ثانيا: لماذا ارسلت هذه الرسالة الى «غورباتشوف» نفسه، ولم ترسل الى الاخرين من القادة في العالم؟

    ثالثا: لماذا ارسلت في تلك الاونة بالذات ولم ترسل غداة انتصار الثورة الاسلامية مثلا؟

    رابعا: ما هي اهمية هذه الرسالة، وما هو الجديد الذي حملته؟



    أقول: أسئلة يجيب عليها الدكتور محمد طي الاستاذ في الجامعة اللبنانية ، نشر الموضوع في مجلة المنهاج السنة الرابعة العدد 16 لسنة 2000 ـ 1420 هـ في باب (قراءات)
    ننقلها لكم تباعا بإذن الله تعالى وحوله وقوّته!

    يتبع ان شاء الله تعالى
    ...

    تعليق


    • #3
      اولا: مرسل الرسالة

      ان الدعوة الى الاسلام هي المهمة التي ارسل الرسول (ص) من اجل القيام بها، وقد ادى الامانة باخلاص وتفان، ونصح لعباد اللّه افضل ما يكون النصح، وكان سيفه في مهمته وذراعه الايمن الامام علي بن ابي طالب (ع) امير المؤمنين وحامل لواء رسول اللّه (ص) وقائد المعارك المعجزة بين يديه (ص).

      وقد آتت دعوة الرسول (ص) ثمراتها المركزة في البداية، ثم انتشرت بفضل جهاد المؤمنين الصابرين حتى طبقت الافاق، فعمت كلمة التوحيد من اقصى الشرق الى اقصى الغرب المعروف في ذلك الوقت.

      ولكن الردة الجاهلية ما لبثت ان وضعت حدا للدعوة، فاوقفتها عند الحدود التي كانت وصلتها كما امعنت فيها افراغا وتشويها، محولة دماء المسلمين الى مغانم للملوك وللمحاسيب والزبانية، الامر الذي ادى، الى جانب المحدودية الافقية، الى محدودية عمودية سطحت الدعوة وحولتها الى انواع من الغزو والاستيلاء على الاسلاب والمغانم من دون اي رغبة في نشر الدين الحنيف.

      واستمرت هذه الحال زمنا طويلا، فعرفت جغرافية الاسلام الانتقاص فيما كانت الجيوش المسلمة تتوسع في غزواتها.فعادت الاندلس الى اهلها الاصليين الذين لم تجر محاولات لجذبهم الى الاسلام بشكل جاد، كما ان المناطق الواسعة في اوروبا الشرقية التي غزتها الجيوش العثمانية لم تعتنق الدين الحنيف، ولعل ذلك عائد الى كون ولاة الامر مغتصبين لسلطة الاسلام وجاهلين بمبادئه السامية وبموجباته التي فرضها اللّه على المؤمنين، والى ان مصالحهم الشخصية ومصالح حواشيهم وقادتهم كانت تتعارض مع نشر الدعوة وتجذيرها.

      ومنذ استشهاد الامام علي بن ابي طالب (ع)، لم تعرف الامة الاسلامية حاكما اخذ على عاتقه السير في طريق الجهاد الحقيقي من اجل نشر راية «لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه»، الى ان قيض اللّه للمسلمين الامام الخميني الذي حاول ان يعيد الى الاسلام صفاءه وعمقه، وان يتابع الخطى على الطريق الذي رسمه اجداده الرسول (ص) وعلي (ع) وابناؤهما الذين استشهدوا من اجل تكريسه وتعبيد الطرق اليه وعدم السماح باندثار معالمه.

      وهكذا وجد الامام الخميني نفسه، بما له من الولاية، مكلفا بالدعوة الى الدين الحنيف الى جانب الدفاع عن مقدساته وتعاليمه. فيما لا يهتم الاخرون الا بمصالحهم الخاصة واغراضهم الدنيوية.

      واذا كان ارسال الرسالة واجبا على القائد الاسلامي، فانه بالتالي معيار لاسلامية القائد نفسه، وامتحان لها، وهو الامتحان الذي فاز فيه الامام، بينما لم يفكر الاخرون بمجرد القيام به، بل هو لم يراود خواطرهم البتة. وهكذا يثبت الامام مسوغات قيادته تجاه الجميع وهذا ما يتاكد اكثر عندما نتناول موضوع الرسالة ومحتوياتها. الامر الذي يكشف طبيعة معظم القادة الاخرين المتنطحين لقيادة المسلمين.

      ولعل اهم اسباب فوز الامام تمسكه بالاسلام الحقيقي، الاسلام الثائر على الظلم والطغيان، والمقاوم لاحاييل الشيطان، والرافض لهيمنة الكفر باللّه والاستكبار، بينما يعيش القادة السياسيون للعالم الاسلامي، في غالبيتهم الساحقة على فتات موائد ارباب الكفر والاستكبار، وهم يتلبسون مسوح الاسلام ويتظاهرون عند الضرورة بالتقوى من دون ان يؤرق نومهم قتل المسلمين ونهب ثرواتهم واغتصاب حقوقهم.

      كما تميز الامام عن الاخرين بعلمه وفقهه وعرفانه، فهو ليس قائدا سياسيا عظيما يحسن وضع الاستراتيجية والتكتيك، بل هو علم ديني مشهود لا يشق له غبار.

      بقدرته السياسية وعلو كعبه في العلوم الشرعية والالهية، وبميزاته الاخرى من الشجاعة والاقدام والاستهانة بالموت، استحق الامام قيادة المسلمين وولاية امرهم، لا بدعم الكفر والاستكبار ولا بالاحاييل التي تحاك في الغرف السوداء ولا بوضع النفس في تصرف موازين القوى.

      وبسبب تكامل شخصية الامام وجهاده السياسي المكشوف والمعلن الذي لا تشوبه شائبة، في رأد الضحى، استحق تلك المبايعة الشعبية التي باتساعها وعمقها لم تحصل لزعيم ولا لخليفة باستثناء جده الامام علي (ع) منذ قام الاسلام حتى اليوم.

      وباختصار فان الامام استحق الولاية لقدرته على بعث الاسلام المحمدي واطلاقه من عقاله في وجه كل قوى الكفر والاستكبار والطغيان التي عبثت بالعالم الاسلامي قرونا مديدة دون رادع حقيقي.

      تعليق


      • #4
        المرسل اليه

        هو ميخائيل غفيتش غورباتشوف، وهذا الشخص لم يكن رئيسا لدولة عظمى وحسب، بل امبراطورا يتربع على عرش شرقي اوروبا وشمالي آسيا اللذين يحتلان مساحة تتجاوز ربع مساحة الكرة الارضية على اقل تقدير، فيما تنتشرمصالحهما في جميع ارجاء العالم من دون استثناء، وهكذا فان الرسالة موجهة الى الشخص الذي كان يملك فعليا اعظم سلطة سياسية على وجه البسيطة، كما يملك من القوة العسكرية ما يكفي لتدمير جميع معالم الحياة، ان وجدت، على وجه عدة كواكب بحجم الكرة الارضية. والذي يمسك بمقاليد الايديولوجية التي امكن فرضها على الناس منذ اكثر من سبعين عاما.

        ولعل بعض الناس يرى، بسبب ما كان قائما من الفارق الهائل في القوة المادية بين الجمهورية الاسلامية والامبراطورية الاشتراكية، ان في الامر شيئا لا يمكن ان يحمله العقل على محمل الجد. ذاك انه حسب ظاهر الامور، لا يمكن التصور بان رسالة من زعيم دولة صغيرة يمكن ان تكون ذات تاثر جدي، وباي شكل من الاشكال، في ذاك الزعيم العالمي الممسك بازمة تلك القوة الجبارة عسكريا وعقائديا والذي لا يرضى باقتفاء آثار اسلافه بل هو ياخذ على عاتقه مهمة التجديد الايديولوجي والسياسي والاقتصادي والاداري في تلك الامبراطورية مترامية الاطراف.

        يقول الامام (قدس سره): «لقد وجدت انه من الضروري التذكير بامور بعد تسلمكم السلطة لشعوري بان حضرتكم قدبداتم دورا جديدا في التحليل السياسي... وان جراتكم وشجاعتكم في التعامل مع الاحداث العالمية كثيرا ما تكون سببا لتطورات جديدة» الا ان عمق الرسالة والتحدي الذي تحمله يعوضان الفارق المادي الظاهر بل والكاسح لمصلحة المرسل اليه.

        واذا تجاوزنا الجانب المادي الظاهري، فهل تبقى المعادلة مختلة لصالح غورباتشوف؟ اننا نؤمن بعكس هذا تماما، ذلك ان امبراطورية غورباتشوف لم تبلغ حجم امبراطورية الاسلام، رغم كل ما اعتراه. كما ان ايديولوجية ماركس ولينين رغم القوى المادية الهائلة، والتدميرية منها بشكل خاص، لم تستطع الصمود امام اسلام شعوب آسيا الوسطى الملحقة ظلما بروسيا بل انهزمت امامه فلم تجد مناصا من اللجوء الى الدبابات والطائرات لمقاومة الروح الاسلامية المنبعثة في صدور العزل، ولكنها هزمت، وكانت آخر هزائمها في تشيشينيا ذات المليون من الانفس والتي تحاول اليوم اعادة قهرها بآلاف الدبابات والطائرات ومئات آلاف الجنود.

        على ان المرسل اليه، لم يكن غورباتشوف وحده، بل قيادة المعسكر الشيوعي كله، ومن ثم قيادات العالم ومن ورائها جميعا شعوب الكرة الارضية المسلمة اولا وغير المسلمة ثانيا، وخاصة مسلمو الاتحاد السوفياتي الذين ما لبثوا بعد ارسال الرسالة بفترة وجيزة ان انتفضوا تاكيدا لتمسكهم بالاسلام الذي طرحه الامام على غورباتشوف.

        ولعلنا اذا امعنا النظر، وعدنا بالذاكرة الى ايام المسلمين الاولى، نجد ان ما قام به الامام هو الشبه لما قام به رسول اللّه، بعد غزوة الحديبية، حيث لم يكن تحت سيطرته الا منطقة يثرب، اذ بعث برسائل الى الملوك المجاورين وفي مقدمهم كسرى وقيصر اللذين يحكمان اكبر امبراطوريتين في ذلك الوقت (1)

        ---------
        1) راجع السيرة النبوية، لابن هشام، دار الجيل، بيروت 1975، الجزء الرابع، ص188.

        تعليق


        • #5
          مناسبة الرسالة

          اتت الرسالة في آونة بدا فيها غورباتشوف باعادة النظر في البناء وفي النهج السابقين في الاتحاد السوفياتي، وبتطبيق ما سمي بالروسية «البيريسترويكا» اي اعادة البناء الشاملة على كل المستويات. يقول الامام بهذا الصدد: «.. قد بداتم دورا جديدا في التحليل السياسي واعادة النظر والتعامل مع قضايا العالم وقضايا الاتحاد السوفياتي بشكل خاص».

          كل ذلك، بعدما وصلت البلاد الى الطريق المسدود على صعيد التطور الاقتصادي، حيث شلها ما سمي باوالية الكبح على الصعد كافة، وبعدما بلغ الغليان في الاتحاد وفي سائر بلدان العالم الاشتراكي درجة الانفجار الذي ينذر باطاحة النظام كله وبفرط الاتحاد وتناثره واستقلال الشعوب المختلفة التي كانت خاضعة لسيطرة موسكو، ولم يكن انفصال ليتوانيا وانتفاضة اذربيجان الا المقدمات لما سيحصل. الامر الذي دفع القيادة السوفياتية الى استباق الامور قبل انطلاق المارد الجماهيري من عقاله واكتساحه الاخضر واليابس، وهو ما سيحصل بعد فترة وجيزة من ارسال الرسالة، في كامل اوروبا الشرقية، ويكون له انعكاساته الخطيرة في جميع ارجاء العالم.

          وهكذا اتى لفت النظر من قبل الامام في مرحلة لجوء القيادة السوفياتية الى تلمس المخارج من الازمة الخانقة المهددة باطاحة كل شيء، لعل تلك القيادة اذا كانت جادة فعلا في التفتيش عن الحلول، تستفيد من النظم الاسلامية والحلول الالهية الحقيقية، والا فان الامام القائد يكون قد قام بتكليفه الشرعي من باب ان ما على الرسول الا البلاغ المبين، لانه لايستطيع ان يهدي من لا يهديه اللّه، فيمعن في البحث عن مصلحته ومصالح بطانته الخاصة، لا عن مصلحة من يتحكم بمصائرهم.

          وهذا الامر لم يكن غائبا عن ذهن الامام حيث خاطب الزعيم السوفياتي قائلا: «مع ان من الممكن ان يكون اطار تفكيركم واجراءاتكم الجديدة مجرد طريقة لحل المعضلات الحزبية وبازائها حل بعض المشاكل التي يعاني منها شعبكم».

          الا ان ذلك لن يكون في نظر الامام بدون قيمة «ولكن شجاعتكم ولو بهذا الشكل المحدود في اعادة النظر في مذهب ظل لسنين طوال يكبل ثوار العالم بقيوده الحديدية، لهي جديرة بالثناء».

          لكل ذلك فقد ارسل الامام رسالته في التاريخ المعلوم ولم يعمد الى ارسالها بعيد انتصار الثورة، ذلك ان الكلام اذا اتى بمعرض الحاجة يكون وقعه اشد ويثير الاهتمام بشكل من الجدية اكبر.

          تعليق


          • #6
            محتويات الرسالة

            وهنا ندخل في اساس الموضوع وجوهره او على الاقل في الجزء الاهم منه. فبعد ذكر مناسبة الرسالة، يفصح الامام لغورباتشوف عن ادراكه بانه لم يعد يؤمن بالماركسية. كما يحدد الامام لب المشكلة في الاتحاد السوفياتي، معتبرا انه يتمثل في نكران وجود اللّه ذلك النكران النابع من الفكر المادي والقائم على اساس المذهب التجريبي، ثم هو يحذرالزعيم السوفياتي من مغبة البحث عن الحلول في العالم الغربي الراسمالي، ويلفت نظره الى النظام والفكر الاسلاميين اللذين لابد ان يوفرا الحلول للمعضلات الاجتماعية المادية والروحية في امبراطورية السوفيات. اجل لقد صارح الامام الزعيم السوفياتي بانه لم يعد يؤمن بايديولوجية ماركس ولينين، وانه اذا استخدم بعض مفرداتها اللفظية فما ذلك الا لتسويغ خطواته في نظر اعضاء الحزب الشيوعي الذي يتراسه. يقول الامام في هذا الصدد: «من الممكن الا تصرفوا النظر، ظاهرا عن بعض جوانب الماركسية بل لعلكم ستحاولون من خلال تصريحاتكم ابداء اعتقادكم الكامل بهذا المذهب ولكنكم تعلمون ان ما هو ثابت ليس كذلك».

            ويسوق الامام الدليل على اعتقاده هذا، حيث يؤكد انه بعد ان سددت القيادة الصينية اول ضربة للشيوعية تلاها غورباتشوف نفسه بضربته فكانت القاضية مما ادى الى زوال الشيوعية من اذهان العالم: «ان زعيم الصين كان اول من انزل ضربته بالشيوعية وانتم الشخص الثاني، ويبدو انكم قد انزلتم آخر ضربة بها. لقد اصبح العالم اليوم لا يرى شيئا يسمى الشيوعية».

            ولكم كانت بصيرة الامام نافذة، فبعد وفاته بقليل خطا غورباتشوف الخطوة الحاسمة على طريق ازالة النظام الاشتراكي من الاتحاد السوفياتي، فاقرت التعددية الحزبية والغيت النصوص الدستورية التي تكرس الدور القيادي للحزب في النظام السياسي.

            تلك النصوص التي كانت تقضي في ظل الدستور الستاليني الصادر في الخامس من كانون الاول (ديسمبر) 1936 بان الحزب الشيوعي يشكل «طليعة العمال والنواة القائدة لكل منظمات العمال وكذلك المنظمات الاجتماعية ومنظمات الدولة» (م 126).

            اما في ظل الدستور الاخير الصادر في السابع من تشرين الاول (اكتوبر) سنة 1977 فقد تزايد دور الحزب، واصبح حسب منطوق المادة 6:
            «القوة القائدة والموجهة للمجتمع السوفياتي والعنصر المركزي في نظامه السياسي» وقد اتت هذه المادة ضمن الفصل المخصص لـ «اسس النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي» وترجمة لمهمته القيادية فان الحزب كان في ظل النصوص السابقة لدستور 1977 يقوم دوره على «تنظيم ومراقبة مختلف الشؤون الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الاتحاد السوفياتي وعلى السهر على الاحترام العام والدائم للنظام الدستوري القائم» وهذا يتم «بتكريس الحزب جهوده بشكل اكثر فاعلية من اجل تنظيم وتعبئة الجماهير لتحقيق المهمات الملموسة التي ترسمها الخطط الانتاجية في ظل الديمقراطية العمالية الواسعة» (2).

            هذه النصوص وما شابهها الغيت في شهر آذار لسنة 1990 واصبحت اثرا بعد عين، وهي التي كانت من اهم الاسس التي ارساها المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي السوفياتي منذ حوالي ثلاثين عاما، ذلك المؤتمر الذي بشر بدخول المرحلة الشيوعية بشكل متدرج، فاذا بالظروف تفرض التراجع عن ديكتاتورية الحزب وعن دوره القيادي لدولة «الشعب بكامله» التي ورثت دولة ديكتاتورية البروليتاريا التي انجزت مهماتها المزعومة في العصر الستاليني.

            كل هذا الى جانب غيره مما يحصل على الصعيد الاجتماعي من اعادة نظر ونسف مقررات المؤتمرات السابقة ومراهناتها مترافقا مع خطاب يركز على لينين فيصور «البريسترويكا» من نتاج افكاره، فغورباتشوف يطالب بالعودة الى لينين (ص 30) ويقول علمنا لينين (ص 60) وان المشاكل نجمت عن اهمالنا لينين (ص 62) وان وضعه شبيه بوضع لينين مع عديمي الفهم (ص 66) وان لينين كان يعطي الاولوية للمصالح الانسانية العامة على حساب المصالح الطبقية(ص 206).

            كما ان المصطلحات الماركسية لا تغيب عن الخطاب، فالدول الغربية منقسمة طبقيا (ص 208) وان الصراع الطبقي مازال العامل المميز (ص 210) وان لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية (ص 67) وان «من كل حسب قدرته ولكل حسب عمله» (ص 38) وان هناك نفسية برجوازية صغيرة عمت (ص 139، 144) وان هناك اغترابا اصاب القادمين (ص 146) وان الحل هو مزيد من الاشتراكية ومزيد من الديمقراطية (ص 47 و145) كما يكرر كلمة «الكادحين» على نطاق واسع (ص 162، 158، 163...).

            وبهذا يؤكد ما تنبا به الامام من انه سوف يحافظ على بعض مظاهر الماركسية ارضاء للمحافظين من رفاقه.

            على ان وفاة الشيوعية التي كشف عنها الامام قدس سره لم تكن مسالة مبالغا فيها وهي لم تتم بفضل العوامل الخارجية، بل هي اتت خاتمة طبيعية لنظام فرض بالتعسف على البشر بشكل مخالف لفطرتهم، فادى الى سلسلة من المشاكل المستعصية اسماها الامام (قد) «العقد العمياء» التي ادت الى «الطريق المسدود». هذا الاعلان لم يصدر عن موقف ذاتي بطبيعة الحال، بل عن تشخيص موضوعي للوضع القائم في الاتحاد السوفياتي والذي تولى غورباتشوف نفسه تفصيل ملامحه في كتابه «البريسترويكا» ومن اهم ما كشفه الزعيم السوفياتي في هذا الصدد الامور التالية:

            يتبع..

            -----------
            2) راجع محمد طي، القنون الدستوري، 1988 ، ج2، ص340.

            تعليق


            • #7
              بوركت وجعلك الله من الذاكرين

              تعليق


              • #8
                أن معيار المعرفة في الفلسفة الإلهية يشمل <الحس والعقل> فيدخل <المعقول> (المدرك بالعقل) دائرة العلم حتى لو انعدم إدراكه بالحس، لذا فإن الوجود يشمل عالمي الغيب والشهادة، فبالإمكان أن يكون <لما لا مادة له> وجود، وكما أن الوجود المادي يستند إلى <المجرد>، كذلك حال المعرفة الحسية فهي مستندة على المعرفة العقلية.
                استاذنا اليتيم كل الشكر والتقدير أقدمه إليك بوركت بعلمك أسأل الله أن ينفع بكِ الإسلام والمسلمين وجعله في ميزان حسناتك وجعلك الله من خدمة اهل البيت عليهم
                حسب ما قال امام الخميني المعرفة في الفلسفة الإلهية بجب أن يکون قابلا للإثبات العقلي و الإستدلال المنطقي
                وإنه مما لا شك فيه أن هذه من المميزات الحكيم الالهي العارف الذي يستطيع المقارنة بين المعرفة العقلية والمعرفة الحسية عن طريق الاحاديث والقرآن الكريم لکي ينتقد أساس التفكير والفلسفة المادية ويرد على الذين يتوهمون عدم وجود الله استنادا على أنه لو كان موجودا لشوهد
                يرد عليهم قائلا لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير.

                تعليق


                • #9
                  اللهم صل على محمد وآل محمد

                  الاخ ابو اسعد سلمك الله تعالى وجعلنا واياكم والمؤمنين من الذاكرين القائمين العاملين بما أمرنا به ديننا
                  ومن متبعي سنة رسول الله صلى الله عليه والئمة الهادين من آله وسلم تسليما كثيرا

                  الاستاذ هادي شعبان بارك الله بكم واحسن الله تعالى اليكم
                  حسب ما قال امام الخميني المعرفة في الفلسفة الإلهية بجب أن يکون قابلا للإثبات العقلي و الإستدلال المنطقي
                  وإنه مما لا شك فيه أن هذه من المميزات الحكيم الالهي العارف الذي يستطيع المقارنة بين المعرفة العقلية والمعرفة الحسية عن طريق الاحاديث والقرآن الكريم لکي ينتقد أساس التفكير والفلسفة المادية ويرد على الذين يتوهمون عدم وجود الله استنادا على أنه لو كان موجودا لشوهد
                  يرد عليهم قائلا لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير.

                  حقيقة كلمة من ذهب
                  فديننا وعرفاننا وطريقتنا وسلوكنا يجب أن يؤخذ ويطبّق على كلام الله العزيز وأحاديث أئمة الهدى محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين وما عداهم فيضرب به عرض الجدار
                  لأننا مأمورين بأن نتبع هداهم فهم حبل الله المدود بين الارض والسماء
                  فالنجاة لمن تمسك بهما

                  تعليق


                  • #10
                    1- على الصعيد الايديولوجي:

                    يعدد غورباتشوف المشاكل على هذا الصعيد، فاذا هي التكلس الفكري او ما يسميه الجمود العقائدي (ص 63) و«دغمتة الوعي الاجتماعي والنظرية» (ص 57) اي تحويلهما الى عقائد جامدة، والسطحية (ص 24) واللجوء الى الشعارات المفخمة (ص 149).

                    2- على الصعيد الحزبي والاداري:

                    فاذا هي جمود القيادة (ص 25) والمركزية الشديدة (ص 62) وتفشي الدواوينية (ص 46) والبيروقراطية والروتين (ص 25) وكذلك انتشار الرشوة (ص 26) التي طالت حتى الجسم القضائي نفسه (ص 153) والمحسوبية والمحاباة (ص 26) وحتى تورط المسؤولين في الجريمة (ص 26) وكذلك الضمور الديمقرطي (ص 63 و65) ونشوء طبقة من اصحاب الامتيازات تسبح في انهار الحليب (ص 97)، تتجاوز الشرعية وتستهتر بالمبدئية (ص 25) وتطوع القوانين لمصلحتها (ص 38) وتعتبر ان ما تقدمه على الصعيد الاجتماعي تفضل منها (ص 140) وليس واجبا تجاه المواطنين.

                    هذا بالاضافة الى انعدام الربط بين المصلحة الاجتماعية ومصلحة القادة الشخصية (ص 63)، الامر الذي ادى الى تفشي السلبية عند المسؤولين (ص 140) وانتظار الاوامر من فوق حتى في ابسط الامور (ص 90) وانعدام المبادرة حتى اصبح الوزير هو الذي يهتم بالتفاصيل (ص 90 و129)، فانعدمت الاستفادة من الطاقات الكامنة واهدرت الامكانيات على كل المستويات (ص 63) واستغني عن مشاركة الكادحين في الاسهام في رسم مصيرهم (ص 64) كل ذلك ترافق مع ظاهرة انعدام النقد (ص 90) والرعب امام من بيده السلطة (ص 100).

                    فكان من نتيجة كل ذلك سيادة السلبية والتباطؤ (ص 69) والتسيب (ص 63) فاخذت القيادات تلجا الى الادعاءات الاعلامية (ص 24) ورفع الشعارات المفخمة ونشر اوهام النجاح (ص 149).

                    ولم تنج النقابات نفسها من كل هذا وهي المؤتمنة على مصالح العمال، فاخذت ترى تردي اوضاعهم دون ان تحرك ساكنا فتراجع نشاطها بشكل واضح (ص 162) وكذلك اصيبت السوفياتات بالشلل والخمول هي الاخرى (ص 160).

                    وهذه المشاكل لم تكن وليدة اللحظة التي سبقت وصول غورباتشوف الى الحكم واقراره نهج البريسترويكا سنة 1985، بل هي تعود في جذورها الى مرحلة الثلاثينات والاربعينات (ص 62)، اي المرحلة الستالينية، التي اصبحت كبش المحرقة لكل معضلات الاتحاد السوفياتي، تلك الفترة التي عرفت انجازات هامة ولكن بثمن باهظ للغاية (ص 62).

                    على ان غورباتشوف ليس اول من تصدى لظاهرات التردي الشامل، بل سبقه الى ذلك قادة الماضي الذين حاولوا ان يجدوا الحلول في المؤتمر العشرين وفي دورة سنة 1964 للجنة المركزية وفي الاصلاحات الاقتصادية لسنة 1965ولكن تلك الجهود باءت بالفشل وانكبحت وبقيت المشكلات تتفاقم بشكل متواصل (ص 58 59).

                    3- على الصعيد الاقتصادي:

                    يحدد غورباتشوف المشاكل على هذا الصعيد، فيصف الوضع الاقتصادي بالركود (ص 20) وبانه على شفا التأزم (ص 27) وذلك بسبب ما اسماه نشوء اوالية الكبح (ص 20)، وقد حاولت القيادات الاحتيال على هذا الوضع عن طريق الطنطنة الاعلامية ومنح المكافآت الاستعراضية (ص 25) وبواسطة الحوافز المادية التي تحولت الى نوع من الاعالة (ص 22، 37).

                    ولكن ذلك لم ينفع، فاذا الانتاج يتدهور كما ونوعا (ص 24) وتزداد تكاليفه (ص 21) ويتفاقم الهدر (ص 63) ويتحول الاتحاد السوفياتي رغم امكاناته الكامنة الهائلة الى مستورد للحبوب (ص 23).

                    كل ذلك ترافق مع تفاقم مشاكل المستهلكين سواء على الصعيد الغذائي او السكني (ص 21، 24) او صعيد المواصلات وطالت الازمة الجانب الصحي (ص 23) مع ارتفاع نسبة الاطباء واسرة المستشفيات، كما طالت المستوى التعليمي (ص 23) فتدنى بشكل ملحوظ، كل ذلك في ظل تطور تقني خارق في بعض المجالات، كالمجالات الفضائية، فيما التخلف يخيم على مستوى الحاجات المنزلية (ص 24). فقد اصبح لدى الاتحاد السوفياتي علماء يحددون بدقة موقع مذنب هالي بين النجوم دون ان يتوفر لديه بالمقابل من يحدد حاجات الاسر من الغذاء والكساء.

                    وهكذا طرحت المشاكل نفسها بشكل لا مثيل له واصبحت مستعصية على الحل (ص 26)، فيما يتجاهل القادة ابسط المبادى الاقتصادية، فيفرضون الاسعار بشكل متعسف (ص 63) ويستهترون بالدورة النقدية (ص 63) ويبتعدون عن اعتماد الحساب الاقتصادي (ص 30) ويطبقون تقنية تخلفت بالنسبة لما هو قائم على الصعيد العالمي (ص 132) وذلك ليس ناجما عن تخلف علمي، بل عن عدم القدرة على الاستفادة من الاكتشافات العلمية للعلماء السوفيات التي اصبحت تطبقها بعض البلدان الاخرى قبل الاتحاد السوفياتي نفسه (ص 134).

                    تعليق


                    • #11
                      4- على الصعيد الاجتماعي:

                      كشف الزعيم السوفياتي في هذا الصدد عن ازمة جامحة تتجاوز المعقول من تقوض للقيم (ص 24) وعدم احترام العمل (ص 28) وضعف الشعور بالتضامن (ص 25) والنزوع الى الاثراء (ص 28) بل الاثراء غير المشروع (ص 63) وكذلك التباطؤ (ص 69) والخمول والسيبان (ص 63) بحيث اصبح الناس يرون حقوقهم ولا يرون واجباتهم (ص 38). فاغترب الانسان عن ممتلكات الشعب (ص 63) وانتشر التزلف والتملق (ص 100) وضعفت الحوافز للعمل (ص 121)، وسادت النظرة الى الانسان كقوة عمل (ص 138) وانتشرت المساواة المسطحة في التقديمات بين من يعمل ومن لا يعمل (ص 44) وسادت سيكولوجية الاستهلاك البرجوازية الصغيرة (ص 39 و44) وكان من نتيجة ذلك على المستوى الشعبي ان انتشرت الجبرية (ص 25) وتفككت الروابط الاسرية (ص 166) لا سيما عندما كلفت المراة، بسبب نقص الرجال، القيام بالاعمال الشاقة فاخذت تعجز عن القيام بدورها الانثوي (ص 167) وتفشت المشكلات السلوكية عند الفتيان والشباب (ص 166) وانحطت القيم الخلقية (ص 25) وساد الادمان على المخدرات (ص 25) وعلى الخمور بشكل لم تعد تنفع معه حملات التوجيه والتصدي لبيع المسكرات التي لم تؤد الى انخفاض الاستهلاك بل الى ضمور صناعة الخمور العلنية، فقامت الصناعة البيتية بسد الفراغ (ص 145). ونتيجة لكل ذلك اصبح المجتمع السوفياتي مجتمعا غير قابل للادارة (ص 27).

                      5- على صعيد العلاقات الاتحادية:

                      لم يتوسع غورباتشوف في المشكلات المتعلقة بهذا الجانب، ويبدو ان السبب كان حساسية هذه المسالة وخطورتها وبلوغها مرحلة ما قبل الانفجار التي تجلت في ما بعد، وهكذا فهو يشير بشكل خجول الى ظهور النزعات والغطرسة القومية (ص 169)، والى تسعير الشعور القومي بسبب بعض الممارسات. . والى زعزعة الصداقة والتلاحم داخل الاتحاد السوفياتي بين الشعوب والقوميات المختلفة (ص 172).

                      ولكن ما اغفله غورباتشوف كشفت عنه السنوات اللاحقة، فاذا المشاكل القومية والعرقية والدينية التي كانت كالنار تحت الرماد ما لبثت ان تاججت وانفجرت، من مشاكل الاذريين والارمن، في اقليم ناغورني كاراباخ الى مسالة ليتوانيا وبقية جمهوريات البلطيق التي اعلنت استقلالها الى ثورة اذربيجان الى التحلل في اوكرانيا الخ... وقد كان الاتي اعظم.

                      6- على صعيد العلاقة مع بلدان المعسكر الاشتراكي:

                      يعترف غورباتشوف في هذا الصدد باللامساواة داخل «الاسرة الاشتراكية» (ص 230) وبكون الاحزاب الشيوعية في بلدان المعسكر الاشتراكي كانت تنسخ عن موسكو ومنظريها (ص 231) دون ان تاخذ خصوصيات بلدانها بعين الاعتبار (ص 231).

                      كما يؤكد غورباتشوف عدم جراة زعماء «المنظومة الاشتراكية» على توجيه اي نقد تحت حجة امكانية سوء فهمه في موسكو (ص 231)، وهكذا امست العلاقات اضافة الى سمة التبعية تتصف بالطابع الاستعراضي (ص 232) الذي لم يستطع تلافي الازمات الخطيرة خصوصا في المجر وبولونيا وتشيكوسلوفاكيا ابان الخمسينات والستينات (ص 231).

                      تعليق


                      • #12
                        وبعد هذه اللوحة «الرسمية» للزعيم السوفياتي، هل يبقى من مجال للتحدث عن ميزات الاشتراكية وامكاناتها في حل المشكلات الداخلية والعالمية،
                        واين هي مما رسمه المؤتمر العشرون تطبيقا لمبادى ماركس، للمجتمع الذي اصبح على ابواب الشيوعية والذي يتغير فيه الانسان تغيرا جذريا، فيصبح العمل عنده متعة وينال حسب حاجته ويبتعد عن العقلية الاستهلاكية المفرطة التي تضر بالاخرين،
                        واين اصبحت الاممية البروليتاريا وتقسيم العمل على الصعيد الدولي وعلاقات التعاون والتكامل.
                        واين اصبح الاتحاد السوفياتي في المباراة الاقتصادية مع الغرب؟

                        ان لوحة غورباتشوف كانت كافية للاقناع بدفع الشيوعية الى المتحف لانها استنفدت نفسها فجفت عروقها واصيبت بتصلب الشرايين والمفاصل،

                        وهذا ما اكده الامام (قدس سره) بقوله: «السيد غورباتشوف: من الواضح للجميع انه يجب تحنيط الشيوعية من الان فصاعدا في متاحف التاريخ السياسي العالمي لانها لم تعد تلبي اي حاجة من الحاجات الواقعية للانسان، اضافة الى ان «الدول اليوم لم تعد مستعدة لان تواكبكم مع حرصها على اوطانها وشعوبها في هدر ثرواتها الطبيعية اكثر مماحصل لترسيخ اقدام الشيوعية التي باتت اصوات تهشم عظامها تصك مسامع ابنائهم».

                        وكم كان في هذه الرؤيا من نبوءة!

                        تعليق


                        • #13
                          التحذير من اللجوء الى الحل الغربي

                          يتخوف الامام (قدس سره) من ان تكون ردة الفعل ضد البيروقراطية والكبت والقمع وشل المبادرات واستبعاد دور الجماهير وسائر انواع الممارسات الخاطئة لا سيما على الصعيد الاقتصادي وضعا باتجاه تبني مؤسسات الغرب، ذلك ان مشكلة الاتحاد السوفياتي الاساسية كانت مشكلة نكران وجود اللّه وفرض الالحاد على الناس واعتبار الدين افيون اللشعوب، فاذا تجاهل هذا الامر ولجا الى مؤسسات الغرب فانه سيرتكب خطا جسيما يجعل الاتحاد السوفياتي بحاجة الى منقذ بعد فترة من الزمن، لان الغرب غارق في مشاكله التي تشبه في جزء منها مشاكل الاتحاد السوفياتي بالاضافة الى جزء آخر يتكون من مشاكل خاصة اخرى.

                          لذلك فقد لفت الامام نظر غورباتشوف قائلا: «من الممكن جدا ان تبدو، من خلال السياسة والممارسات الاقتصادية الخاطئة للمسؤولين الشيوعيين السابقين، دنيا الغرب وكانها الحديقة الغناء المنشودة، ولكن الحقيقة هي شيء آخر.
                          فلو حاولتم في هذه الفترة ان تحلوا العقد العمياء التي واجهتها الاشتراكية والشيوعية باللجوء الى مركز الراسمالية الغربية فانكم، بالاضافة الى عدم تمكنكم من ازالة معاناة مجتمعكم ستحتاجون الى افراد آخرين لتصحيح ما ستقعون فيه من اخطاء في هذا المجال، وذلك لان الماركسية اليوم واساليبها الاقتصادية والاجتماعية تواجه طريقا مسدودا، وان عالم الغرب هو ايضا يعاني من هذه القضايا ولكن بشكل آخر، كما يعاني من قضايا اخرى
                          ».

                          والامام في تنبيهه هذا ينطلق من تشخيص للاستعداد الكامن لدى فئات المعارضة السوفياتية التي كان اتجاهها يحرز الانتصار تلو الانتصار، ذلك الاستعداد الذي يعتبر المؤسسات والنظم الغربية هي المثال لما يمكن ان يكون عليه اي نظام اجتماعي. ولعل غورباتشوف نفسه كان يمتلك الاستعداد نفسه، وهذا ما تبدى من وراء خطواته «الاصلاحية» ،على الرغم من تصريحاته المستمرة بانه لن يتخلى عن النهج الاشتراكي ولن يتبنى الديمقراطية الغربية التي يوجه اليها النقد الواضح.

                          وهكذا فهو يؤكد افضلية الاشتراكية على الراسمالية (ص 122) وانه وقيادته لن يؤمنا بالديمقراطية الغربية الا حين يمنح العمال والموظفون حق الانتخاب الحر في الاجتماعات المفتوحة لمالكي المصانع والفبارك، ولمديري البنوك، والا حين تبدا وسائل الاعلام الجماهيري بالانتقاد المنتظم للشركات والمصارف ومالكيها وبالتحدث عن المجريات الواقعية للامور في دول الغرب، وليس فقط عقد المجادلات التي لا نهاية لها ولا جدوى منها مع السياسيين (ص 181).

                          الا ان كل هذا لم يكن ينسجم مع المسيرة التي كانت قائمة في الاتحاد السوفياتي والمتجهة صوب التعددية الحزبية وصعود الصهيونية ولعبها دورا متزايدا على طريق اقامة مؤسسات سياسية واجتماعية من الطراز الغربي، كما ان النقد واللوم الموجه لاوروبا العريقة في ثقافتها لاستيرادها ثقافة العنف والتفاهة والخلاعة والمشاعر الرخيصة مما وراء المحيط، من اميركا (ص 299)، هذا النقد لا ينسجم مع السماح بوفود اخطر مظاهر «الحضارة» الاميركية كنوادي القمار وما اليها مما كان يغزو الاتحاد السوفياتي حينها.

                          ولعله لكل هذا لم ينخدع الامام بتاكيدات غورباتشوف او هو على الاقل لم يطمئن اليها فاقتضى الامر ان يلفت نظره الى مخاطر اللجوء الى المؤسسات والنظم الغربية.
                          فيما يكمن الحل والضمانة في النظم والمؤسسات الاسلامية وفي الفلسفة الالهية التي لا يمكن ان يصمد الالحاد امامها.

                          تعليق


                          • #14
                            الاسلام هو الحل

                            فيما يشير غورباتشوف الى الشراكة الدينية بين اوروبا والاتحاد السوفياتي الذي احتفل سنة 1988 بالذكرى الالفية لدخول المسيحية الى روسيا (ص 274) والى مقتل عشرين مليونا من السوفياتيين عندما هددت اوروبا من قبل النازية (ص 284)، وعلى الرغم من ان غورباتشوف كان يتناسى احتواء الاتحاد السوفياتي على بضعة عشرات من الملايين من المسلمين، فان الامام يصر على دعوة الزعيم السوفياتي الى البحث عن الحلول في الاسلام الذي بقي حيا رغم مرورعقود طويلة على محاربته الشرسة من قبل الفكر الماركسي الالحادي، مفندا الزعم القائل بان الدين افيون الشعوب ومبينا قدرة الاسلام على حل المشكلات السوفياتية العالمية، وعلى ان يؤسس كل ذلك على اساس الايمان باللّه وبعالم الغيب وبالمعرفة العقلية التي لا تقوم بازائها التجريبية الغربية.

                            تغلب الاسلام على الالحاد

                            لقد قرر الشيوعيون بعد ثورتهم سنة 1917 تحويل الكنائس والمساجد الى زرائب للحيوانات، ولكنهم ما لبثوا ان تراجعوا، عدا انهم جعلوا اجهزة الاعلام وهي اصبحت ملكا للدولة، في خدمة الفكر الالحادي المادي، وحاولوا القضاء على الفكر الالهي وعلى ممارسة الشعائر الدينية، وظنوا انهم بذلك خلقوا الانسان الشيوعي الملحد في كل الاتحاد السوفياتي، ولكن، ما ان ارتفع الكابوس وسمح بممارسة الشعائر الدينية حتى تدافع المؤمنون الى المساجد بقلوب ملؤها السرور وعيون دامعة من الفرح،
                            وهذا ما عبر عنه الامام في رسالته حيث يقول: «السيد غورباتشوف، حين سمع نداء اللّه اكبر بعد سبعين عاما من آذن مساجد بعض الجمهوريات السوفياتية وسمع نداء اشهد ان محمدا رسول اللّه(ص)، فان هذا النداء ابكى عيون انصار الاسلام المحمدي الاصيل شوقا».

                            وهذا دليل كاف على الفرق النوعي الهائل بين عقيدتين: الاسلامية التي ما زالت حية نابضة منذ حوالي اربعة عشر قرنا، ورغم كل ما تعرضت له في بلاد السوفيات في السبعين سنة الاخيرة، والعقيدة الماركسية التي طبقت في فترة سبعين عاما، فاستنفدت كل طاقاتها وتحولت الى كابوس وكابح ينتظر الناس الخلاص منه بفارغ الصبر.

                            الدين ليس افيونا للشعوب

                            ان الدين الحقيقي هو عامل تثوير مطلق للشعوب المطالبة بحريتها وكرامتها، وهو اذا ما تمكن من شعب من الشعوب‏ فانه يصنع المعجزات، ولكم كان قصور نظر ماركس عندما وصفه بافيون الشعوب،
                            هذا الوصف الذي لا يعتقد ان‏ غورباتشوف يتبناه حسب راي الامام الذي يخاطبه قائلا: «لقد اثبتم من خلال الحريات النسبية التي اعطيت للمراسم ‏الدينية في بعض الجمهوريات السوفياتية انكم لا تعتقدون بعد الان بان الدين افيون الشعوب. يا ترى هل الدين الذي‏ جعل من ايران الجبل الصامد امام القوى الكبرى هو افيون المجتمع؟ هل الدين الذي يطالب باقامة العدل في العالم ‏ويطالب بحرية الانسان من القيود المادية والمعنوية هو افيون المجتمع؟» ان دينا كهذا هو المنبه والمنشط، هو المحرض ‏النضالي والجهادي للشعوب.

                            ان افيون الشعوب هو دين من نمط آخر، هو دين الامبريالية والتسلط والقهر، دين الاستغلال، دين الغزو الثقافي ‏واستلاب القيم المعنوية للشعوب الاسلامية، وللشعوب المسيحية وغيرها. الدين الذي يمنع الانسان من ان يشارك في ‏تقرير مصير نفسه تاركا هذا الامر للقوى العالمية الكبرى. وهذا الدين هو الذي تتولى التبشير به زعيمة العالم الامبريالي، الشيطان الاكبر، اي الولايات المتحدة الاميركية،
                            وهذا مصداق قول الامام: «اجل، ان الدين الذي يصبح وسيلة لسلب‏ القوى المادية والمعنوية للبلدان الاسلامية وغير الاسلامية، ويضعها تحت تصرف القوى الكبرى وباقي القوى العالمية ‏او ينادي بفصل الدين عن السياسة هو افيون المجتمع. ولكن مثل هذا الدين ليس دينا واقعيا بل هو دين يسميه شعبنا دينا اميركيا».

                            تعليق


                            • #15
                              الدين الاسلامي هو الحل للمشاكل الانسانية عامة والسوفياتية خاصة

                              يوفر الدين الاسلامي الحل للمشاكل الانسانية، سواء منها الفردية او الجماعية. اما المشاكل الفردية القائمة على الخوف‏ والقلق من المصير بشكل عام، ومن الهاجس النووي بوزنه الضاغط على الافراد، وكذلك الخوف من الغد، فان الاسلام ‏الذي يدفع الى التسليم لامر اللّه فانه يعفي الانسان المؤمن من مؤونة التفكير المؤدي الى الرعب، واما المشاكل‏ الجماعية فان الاسلام يؤمن لها الحلول العادلة في جملة من نظم للعلاقات بين الافراد والجماعات، ومن مؤسسات توفر الجو الملائم لتفتح شخصيات الافراد والامم وتكاملها في المثل العليا على الطريق الالهي المؤدي الى السعادة المطلقة. وهذا ما اكده الامام في رسالته حيث يطلب من غورباتشوف التحقق والتمعن في الفكر الاسلامي لاجل اكتشاف القيم‏ العالمية الرفيعة للاسلام التي بامكانها انقاذ كل الشعوب واسعادها وحل المشكلات الاساسية للبشرية‏.

                              وفيما يؤمن الاسلام هذه الحلول فانه المنقذ كذلك للاتحاد السوفياتي مما كان يعاني منه، لا على الصعيد الداخلي‏ وحسب بل وعلى صعيد مشاكله الدولية ايضا،
                              يقول الامام مخاطبا غورباتشوف: «ان النظرة الجادة للاسلام بامكانها انقاذكم الى الابد من قضية افغانستان وما شابهها من القضايا في العالم‏» وما ذكر مسالة افغانستان الا لانها بلاد اسلامية ‏ارتكبت بحقها جريمة تسلط اقلية ملحدة مدعومة من الدبابات والطائرات السوفياتية التي غرقت في وحولها، فلم يعد الاتحاد السوفياتي ولمدة طويلة يستطيع ايجاد حل لورطته فيها حتى بعد انسحاب جيوشه منها. والسبب ان بلادا اسلامية لا يمكن ان تحل مشاكلها خارج اطار الاسلام، ذلك ان مشكلات العالم كافة لا حل لها الا بالاسلام، فكيف‏ بمشكلات البلدان الاسلامية نفسها؟

                              لمصلحة غورباتشوف لا لمصلحة المسلمين:

                              وتلافيا لما كان يمكن ان يشعر به الزعيم السوفياتي خطا من ان قائد الثورة‏ الاسلامية طامع في اسلامه لتقوية المسلمين به وببلاده التي كانت القوة العظمى الثانية في العالم، يعمد الامام الى افهام‏ المرسل اليه انه يخاطبه «ليس لان المسلمين والاسلام بحاجة (اليه) بل لاجل القيم العالمية الرفيعة للاسلام‏».

                              وفي هذا ينطلق الامام من اليقين بان اللّه تعالى اقوى، وان الحاجة اليه وحده سبحانه، لا للبشر، وان الاسلام لا ينتصر بالكثرة وبالقوة المادية، بل بالايمان قبل كل شي‏ء. ولعل في ذلك استرجاعا لمواقف علي بن ابي طالب (ع)، لا سيما ذاك الذي طرحه على عمر بمناسبة تهديدات الشعوب المهزومة للمسلمين. فبعد ان اقترح بعضهم على عمر ان يحشد المسلمين من جميع ارجاء العالم الاسلامي من اليمن ومن الجزيرة العربية ومن الشام ومن العراق لمواجهة التهديد، وقف الامام علي (ع) ليعلن ان المسلمين لم يكونوا يقاتلون بالعدد بل بالايمان والمدد الالهي وليطرح مواجهة الموقف ‏بحشد جزء من مقاتلي البصرة الى جانب مسلمي الكوفة فيمكن مواجهة كل ذلك التهديد، وهذا ما اقتنع به الخليفة‏ حينذاك.

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X