بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على مظهر جمال الله وجلاله ، محمد عليه الصلاة وآله
واللعنة والبرائة من اعدائهم اعداء الله اجمعين الى قيام يوم الدين
والصلاة والسلام على مظهر جمال الله وجلاله ، محمد عليه الصلاة وآله
واللعنة والبرائة من اعدائهم اعداء الله اجمعين الى قيام يوم الدين
الاخوة الافاضل السلام عليكم
كثير من الاخوة يسأل عن سبب تعدد المراجع وعن سبب اختلاف بعض فتاوي المرجع الفلاني عن فتاوي المرجع الاخر
فإن الملاحظ للساحة يرى انه هناك العديد من المراجع وكل مرجع يقول انا الاعلم من غيري
ويرى ايضا اختلاف بعض فتاويهم عن بعضهم الاخر كهلال شهر رمضان فإن العيد يختلف من مرجع الى اخر
ما هي الاسباب لتعدد المراجع ؟
لماذا الاختلاف في بعض الفتاوي ؟
لماذا كل سنة الشيعة في عيد رمضان المبارك يختلفون وكل اتباع مرجع يقيمون العيد في يوم غير اليوم الذي يعيّد فيه اتباع المرجع الاخر
كنت قد تطرقت في بعض مشاركاتي في مواضيع سابقة الى بعض هذه الاسباب
واحببت ان اشكل موضوع يكون سهل المتناول للجميع لرفع التساؤلات عند البعض وإن شاء الله رفع بعض الغموض ، وايضا الافتراء الذي نراه من البعض على بعض العلماء الاعلام بسبب جهلهم بالعلوم الشرعية واساليب استنباط الاحكام الشرعية وادواتها .
وسنحاول في هذا الموضوع ان شاء الله ان نبين بشكل عام اسباب تعدد المراجع واسباب اختلاف بعض فتاويهم في ما بينهم ، وايضا اسباب ادعاء كل مرجع اعلميته من غيره ومعنى ادعاء الاعلمية
وهذا الموضوع على رغم طوله وصعوبته ، واختلاف نظرة كل شخص للامور عن شخص اخر
إلا اننا سنحاول إن شاء الله جاهدين تسهيله قدر الامكان
السؤال الاول : لماذا هناك عدة مراجع ولماذا تختلف بعض فتاويهم عن بعضهم الاخر
الجواب :
وقبل الجواب نعطي مقدمة مفيدة للبعض للفرق بين المرجع والمجتهد :
وهي ان طلاب العلوم الدينية يدرسون العلوم الدينية حتى يصلوا الى درجة الاجتهاد ( اي الالمام بجميع العلوم والطرق والاساليب لاستنباط الحكم الشرعي من مداركه الاصلية ) ، وعندما يصل الى درجة الاجتهاد يصبح بامكانه ان يستبط بعض الاحكام الشرعية او كل الاحكام الشرعية التي تواجه كل مكلف من مداركها الاصلية
فالمجتهد الذي يمكنه ان يستنبط بعض الاحكام الشرعية يرجع الى نفسه في ما استنبطه ،ويرجع في الباقي الى من هو اعلم منه ، ايضا من يمكنه ان يستنبط كل الاحكام الشرعية يرجع الى نفسه في كل احكامه
اما المرجعية فهي عندما يصبح المجتهد يستطيع ان يستنبط كل الاحكام الشرعية ، فمنهم من يرى لزاما عليه ان يطرح نفسه مرجع لكي يعود اليه العوام في التقليد ، وبعضهم يرى انه لا يريد التصدي للمرجعية ، مع انه باستطاعته ان يستنبط كل الاحكام ( وهذا لاسباب عديدة ليس الان محل ذكرها )
الخلاصة انه كل المراجع هم مجتهدون في الاصل ، واكثر المجتهدون اهل للتصدي للمرجعية
وبعد هذه المقدمة نجيب عن السؤال :
ما هي اسباب تعدد المراجع ، وما هي اسبباب اختلاف بعض فتاويهم ؟
قد يظن البعض ان العلوم الدينية هي مثل العلوم الطبيعية لها مدرك واحد ومسار واحد
كعلم الرياضيات والهندسة مثلا .
فكما في علم الرياضيات مثلا واحد زائد واحد تعطي اثين ولا تعطي اربعة او خمسة
فتحتاج منك التعلم فقط
فكذلك العلوم الشرعية يظن البعض انه بمجرد قرائة القرآن والروايات يمكننا ان نستخرج الحكم الشرعي منها وتكون النتيجة واحدة ولا يجب ان تختلف ؟
نقول له هذا خطأ
فإن العلوم الشرعية او ادوات استنباط الحكم الشرعي ليست كذلك ،إنما هي ادوات عديدة تختلف في ما بينها ، هي اساليب وطرق ومباني عدة وعلوم كثيرة، وكل طريقة تختلف عن الطريقة الاخرى ،وكل مبنى يختلف وينافي المبنى الاخر
فمثلا عندنا كتب روائية عدة وعلى رأسها الكتب الاربعة ( الكافي ، التهذيب ، الاستبصار ، من لا يحضره الفقيه ) فبعض العلماء يصل بهم الدليل الى حجية كل الكتب الاربعة وكل ما فيها ، والبعض الاخر من العلماء يرى عدم حجيتها بالكامل إنما تحتاج الى اعمال نظر وتمحيص.
والنتيجة : ان من يصل به الدليل الى صحة كل الكتب الاربعة وما فيها يكون حكمه الشرعي في بعض الاحيان غير الحكم الشرعي لمن يرى عدم صحة كل الكتب الاربعة
مثال اخر اوضح : ورد في القرآن الكريم في حكم التيمم { فتيمموا صعيدا طيبا } فإن من يرى ان كلمة الصعيد الواردة في الآية حسب ادلته وفهمه تعني مطلق الارض ( من الرمل والصخر وغيره ) والبعض الاخر ربما يصل به الدليل الى ان المقصود من كلمة الصعيد هو الرمل فقط .
النتيجة :ان من يرى ان معنى كلمة الصعيد هي مطلق الارض يفتي بجواز التيمم بالرمل والحصى والصخر
اما من يرى ان معنى كلمة الصعيد تعني الرمل فقط فإنه يفتي بجواز التيمم بالرمل وحرمة التيمم بالصخور .
الى اخره من الامثلة
فالمحصل : ان ادوات استنباط الحكم الشرعي عديدة وفي بعض الاحيان تختلف في ما بينها وفي نتيجتها .
وهذا السبب في تعدد المراجع ، وفي اختلاف بعض فتاويهم عن بعضه الاخر
فادلة كل مرجع او مجتهد وفهمه يختلف عن الاخر وبالنتيجة يختلف الحكم الشرعي وتتعدد المراجع .
وهنا يظهر بعض من الجواب عن ادعاء كل مرجع او مجتهد اعلميته عن الاخر
فمن الطبيعي ان من يصل به الدليل الى صحة كل الكتب الاربعة مثلا يرى نفسه اعلم ممن يرى عدم صحة الكتب الاربعة ، وبالعكس ايضا
ومن وصل به الديل ان معنى كلمة الصعيد هو مطلق الارض يرى ان من يقول بان كلمة الصعيد تعني الرمل فقط مخطأ ويرى نفسه اعلم منه .
تعليق