بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
-براءة ابن الغضائري من التَسَرّع بالجرح السيّد علي أبو الحسن الموسوي العاملي ?
لاينبغي الريبُ في عدم الاعتداد بتضعيف المتَسرّع إلى القدح والجرح، أو بتضعيف المعتمد على الظواهر بالجمود عليها دون محاولة الجري على وفق قرينةٍ ظاهرة تنافي مقتضى الظاهر وما شاكل.اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
-براءة ابن الغضائري من التَسَرّع بالجرح السيّد علي أبو الحسن الموسوي العاملي ?
وممّن لا يُعتنى بتضعيفه في الجملة «أحمد بن محمّد بن عيسى » وكذا «ابن الغضائري» على تأمّل شديد فيه بل المنع أقرب، على ما ستطّلعُ عليه، إن شاء اللّه تعالى .
والأوّل: يظهر تسرّعُه، وكذا بعضُ القمّيين، من خلال ما في كثير من التراجم، فلم يكن يروي «ابنُ عيسى » عن «ابن محبوب» لأجل اتّهام الأصحاب له في رواية أبي حمزة الثمالي، ومن ثمّ تاب ?.
وقد ذكروا أنّه أخرج «أحمد البرقيّ» من قم، ثمّ إنّه مشى في جنازته حاسراً ليبرّي نفسه ممّا قذفه به ? .
وقد غمز في «علي بن محمّد بن شيره» وأنّه سمع منه مذاهب منكرة، مع أنّه ليس في كتبه ما يدلّ على ذلك، كما عن النجاشي ? .
وعنه أيضاً في ترجمته ل «الحسين بن يزيد بن محمّد النوفليّ» قال: قال قوم من القمّيين: إنّه غلا في آخر عمره، وما رأينا له رواية تدلّ على هذا ? .
وفي ترجمة «أحمد بن الحسين بن سعيد بن حمّاد بن مِهْران» قال: روى عن جميع شيوخ أبيه إلّا حمّاد بن عيسى ، فيما زعم أصحابنا القمّيون، وضعّفوه، وقالوا: «هو غالٍ» وحديثُه يُعرف ويُنكر ? .
وفي ترجمة «محمّد بن أَوْرَمَة، أبي جعفر القمّي» قال: ذكره القمّيون وغمزوا عليه، ورموه بالغلوّ، حتّى دُسّ عليه من يفتك به، فوجدوه يُصلّي من أوّل الليل إلى آخره، فتوقّفوا عنه ? .
وفي ترجمة «محمّد بن عيسى بن عُبيد بن يقطين» قال: ذكر أبو جعفر ابن بابويه، عن ابن الوليد، أنّه قال: «ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه؛ لايُعتمد عليه».
ورأيت جُلّ أصحابنا يُنكرون هذا القول ? .
وفي ترجمة «محمّد بن موسى بن عيسى أبي جعفر، الهَمَداني السمّان» قال: ضعّفه القمّيون بالغلوّ، كان ابنُ الوليد يقول: «إنّه كان يضع الحديث».
واللّه أعلم ? .
قد يقال: إنّ تبيّن خطأ ما ذهبوا إليه، في بعض الموارد، لا يوجب إلّا سقوط تضعيفهم في تلك الموارد، لا مطلقاً.
فإنّه يُقال: من كان التسرّع إلى الجرح والقدح سجيّته، وعدم التأمّل والتروّي طبيعتَه، ويُضعّف لأدنى سببٍ، من دون تأمّلٍ فيه، بحيث لا يُعتنى به، فإنّه لا يحصل الاطمئنان بصحّة قدحه ولا الوقوف بسلامة منشئه.
هذا، غير أنّنا لا نرى - الآن، فعلاً - للبحث في هذا مزيد أثَر، إذْ ليس محلّ ابتلاءٍ إلّا نادراً، ولا يحتاج أيّ متتبّعٍ وناظرٍ إلى البحث في هذا، لاستغنائه باحتفاف الموارد بالقرائن، إمّا على صحّة مذهبهم، أو فساده وسقمه، كما في «محمّد بن عيسى» فإنّ الثناء عليه من مثل «الفضل بن شاذان» و«النجاشي» و«ابن نوح» وإنكار جُلّ الأصحاب ما تفرّد به ابنُ الوليد، ممّن تقدّم عليه ظاهراً، يكفي لردّ تضعيفه، وعدم الاعتداد به، وإنْ كان يظهر من الشيخ قبوله ? .
وأمّا ابن الغضائري
فقد حكي عن الوحيد في تعليقته بأنّه: «قلّ أن يسلمَ أحدٌ من جرحه، أو ينجوَ ثقةٌ من قدحه» ? ، أه.
وهذا يَدلّ على عدم تحقيقه حال الرجال، وتحقّقه كذلك.
وقد قال السيّد بحر العلوم في ترجمة «زيد النرسي»: وفي الاعتماد على تضعيف القمّيين وقدحهم، في الأصول والرجال، كلامٌ معروفٌ، فإنّ طريقتهم في الانتقاد تُخالف ما عليه جماهير النّقاد، وتسرّعهم إلى الطعن - بلا سببٍ ظاهرٍ - ممّا يُريب اللبيب الماهر...
إلى أن قال: قال الشيخ ابن الغضائريّ: «زيد الزرّاد وزيد النرسي، قال أبو جعفر ابن بابويه: «إنْ كتابَهما موضوع...»، وغلط أبو جعفر في هذا القول...» اه ? .
قال السيّد: وناهيك بهذه الُمجاهرة في الرَدّ من هذا الشيخ، الذي بَلَغَ الغايةَ في تضعيف الروايات، والطعن في الرُواة، حتّى قيل: «إنّ السالم من رجال الحديث من سلم منه، وإن الاعتماد على كتابه في الجرح طرحٌ لما سواه من الكتب» ? اه.
هذا، غير أنّ العلّامة في «الخلاصة» قد أكثر من الاعتماد عليه ? .
واعتمده القهبائي أيضاً ? ، ونقل عن شيخه التستري: أنّه وقف على كتاب «الرجال» للسيّد ابن طاوس، وكان مشتملاً على «كتاب ابن الغضائري» فجعله منفرداً ? .
وقد أطال المحقّق الخواجوئي الكلام في بيان حسن حال «أحمد بن الحسين،الغضائري» وأقام غير أمرٍ للدلالة على صحّة كتابه، وأنّ حاله في الاعتماد عليه حالُ باقي كتب معاصريه أو المتقدّمين عليه أو المتأخّرين عنه ? وبعضها - وإنْ كان نافعاً - إلّا أنّ بعضها الآخر لا يرجع إلى محصّل.
وصرف الكلام عن مناقشته لعدم ترتّب فائدة مهمّة على الخوض في النقض والإبرام، ما دام سيتّضح لك - إنْ شاء اللّه تعالى - ما هو الحقّ في المقام، ومنه ستعرف وجوه الخلل في كلام جمع.
وعن المحقّق التستري: أنّه لم يُرَ مثله في دقّة النظر، وزاد: إن تقدّم قول الشيخ والنجاشي عليه غير معلوم ? .
ومهما يكن، فعن «معجم رجال الحديث»: إنّ الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري، لم يثبت، بل جزم بعضهم بأنّه موضوعٌ، وإنّه ممّا يؤكّد ذلك أنّ النجاشي ذكر في ترجمة «خيبري» عن ابن الغضائري: أنّه ضعيف في مذهبه ? ، ولكن في الكتاب المنسوب إليه: «إنّه ضعيف الحديث غالي المذهب» ? ، فلو صحّ هذا الكتاب لذكر النجاشي ما هو الموجود أيضاً. اه ? .
أقول: وفي ترجمة «جعفر بن محمّد بن مالك» ذكر النجاشي عن ابن الغضائري، فقال: قال أحمد بن الحسين: كان يضع الحديث وضعاً، ويروي عن المجاهيل ? .
بينما في الكتاب المنسوب إليه على ما في «مجمع رجال القهبائي» : كذّابٌ ، متروك الحديث جملة ، وكان في مذهبه ارتفاع، ويروي عن الضعفاء والمجاهيل، وكلّ عيوب الضعفاء مجتمعة فيه، اه ? .
وفي «سهل بن زياد، الآدمي» قال النجاشي: كان ضعيفاً في الحديث غير معتَمَد عليه، وكان «أحمد بن محمّد بن عيسى » يشهد عليه بالغلوّ والكذب، وأخرجه من قم إلى الريّ، وكان يسكنها، وقد كاتب أبا محمّد العسكريّ(ع) على يد «محمّد بن عبد الحميد العطّار» للنصف من شهر ربيع الآخر سنة خمس وخمسين ومائتين، ذكر ذلك «أحمد بن علي بن نوح وأحمد بن الحسين»» اه ? .
وفي كتاب الغضائري - على ما في المجمع -: «كان ضعيفاً جدّاً، فاسد الرواية والمذهب، وكان «أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري» أخرجه من قم، وأظهر البراءة منه، ونهى الناس عن السماع منه والرواية، ويروي المراسيل ويعتمد المجاهيل»اه ? .
هذا، وقد ذكر النجاشي في ترجمة «إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيى أبي إسحاق» فقال: وحكى بعض أصحابنا، عن بعض المخالفين: أنّ كتب الواقدي سايرها إنّما هي كتبُ «إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيى » نقلها الواقدي وادّعاها،اه ? .
وفي «فهرست» الشيخ ذكر مثل هذا، إلّا أنّه قال: وذكر بعض ثقات العامّة ? .
ثمّ قال النجاشي: وذكر بعض أصحابنا: أنّ له كتاباً مبوّباً في الحلال والحرام عن أبي عبداللّه(ع). اه ? .
وفي «الفهرست»: وله كتابٌ مبوّبٌ في الحلال والحرام عن الصادق جعفر بن محمّد(ع). اه ? .
وقال النجاشي في ترجمة «إبراهيم بن سليمان بن أبي داحة»: له كتب، ذكرها بعض أصحابنا في الفهرستات، لم أرَ منها شيئاً، اه ? .
وفي «فهرست» الشيخ: ولم نر منها شيئاً، اه ? .
وفي ترجمة «إسماعيل بن أبي خالد» قال النجاشي: ذكر بعض أصحابنا: أنّه وقع إليه كتاب «القضايا» لإسماعيل، مبوّب، اه ? .
وفي «الفهرست»: ولإسماعيل كتاب «القضايا» مبوّب ? .
وقال النجاشي في ترجمة «صفوان بن يحيى»: وحكى (في نسختنا فراغ، وفي معجم رجال الحديث بعد قوله وحكى، قوله: بعض) أصحابنا أنّ إنساناً....،اه ? .
وقريب منه ما في «الفهرست» ? .
وقال النجاشي في ترجمة «سهيل بن زياد الواسطي»: وقال بعض أصحابنا: لم يكن «سهيل» بكلّ الثبت في الحديث، اه ? .
وفي كتاب ابن الغضائري - على ما في المجمع - «حديثه يُعرف تارةً
ويُنكرأُخرى »اه ? .
وقال النجاشي في ترجمة «عليّ بن حسّان بن كثير»: ذكره بعض أصحابنا في الغُلاة، اه ? .
وفي الكتاب المشار إليه: «غالٍ، ضعيفٌ» ? .
وقال النجاشي في ترجمة «محمّد بن الحسن بن عبداللّه الجعفريّ»: ذكره بعض أصحابنا، وغمز عليه.
إلى أن قال: وذكر بعض أصحابنا: أنّه رأى له روايةً رواها عنه «عليّ بن محمّد البردعي صاحب الزنج» ? .
وفي الكتاب المشار إليه: «محمّد بن عبداللّه، الجعفري، لا نعرفه إلّا من جهة عليّ بن محمّد صاحب الزنج»اه ? .
وقال النجاشي في ترجمة «محمّد بن أَوْرَمَة»: وقال بعض أصحابنا: إنّه رأى توقيعات أبي الحسن(ع) إلى أهل قم، في معنى محمّد بن أورمة، وبراءته ممّا قذف به ? .
وفي كتاب ابن الغضائري: «ورأيتُ كتاباً خرج من أبي الحسن، عليّ بن محمّد(ع) إلى القمّيين في براءته ممّا قذف به»اه ? .
وقال النجاشي في ترجمة «محمّد بن بحر»: قال بعض أصحابنا: إنّه كان في مذهبه ارتفاع. اه ? .
وفي كتاب ابن الغضائري: محمّد بن بحر، ضعيف في مذهبه ارتفاع. اه ? .
والذي نرمي إليه هو: أنّ الاختلاف بين ما نقله النجاشي عن ابن الغضائري، وبين ما هو موجودٌ في كتابه، يمكن دعوى عدم إضراره في دعوى أنّ الكتاب له، فإنّه إذا أمكن إثبات:
أنّ النجاشي يريد من قوله: «بعض أصحابنا» خصوص الشيخ، فيما ذكره في ترجمة «إبراهيم بن محمّد» ? و«إبراهيم بن سليمان» ? و«إسماعيل» ? و«صفوان» ? .
وأنّه يريد «ابن الغضائري» فيما ذكره في «سهيل» ? وفي «علي بن حسّان» ? و«محمّد الجعفري» ? .
فإنّ ما يمكن أن يورَد، وهو ما تقدّم منّا لك نقله، يمكن أن يدفع بأنّ النجاشي لم يكن بصدد نقل المذكور حرفاً بحرف، وهذا ليس ببعيد.
مع أنّ ما في ترجمة «محمّدبن أورمة» ?? و«محمّد بن بحر» ?? ممّا يمكن أن يصلحا لدعوى صحّة كتاب ابن الغضائري، لقرب دعوى إرادة ابن الغضائري من قول النجاشي: «قال بعض أصحابنا» فتأمّل.
مع أنّه يمكن أن يقال: لو سلّم أنّ الاختلاف المدّعى ضائر، إنّ النجاشي نقل الذي نقل عن كتاب آخر لابن الغضائري، غير هذا الذي وصل للسيّد ابن طاوس والعلّامة.
فلا يكون الاختلاف مؤكّداً لدعوى أنّ الكتاب المنسوب لابن الغضائري موضوع، كما ادّعاه صاحب المعجم.
ثمّ إنّه يظهر من النجاشي ما يورث التشكيك في صحّة ما ذكره الشيخ في ديباجة «الفهرست» من أنّ كتابَي «أحمد بن الحسين بن عبيداللّه» لم ينسخهما أحدٌ من أصحابنا، واختُرم هو؛ وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنهم. اه ? .
وجه الظهور هو ما ذكره النجاشي في ترجمته ل «صالح أبي مقاتل» ? و«بُريدبن معاوية» ? و«جعفر بن عبداللّه رأس المذري» ? و«جعفر بن أحمدبن أيّوب السمرقندي» ? و«حبيب بن أوس الطائي» ? و«حمّاد بن عيسى» ? و«سماعة بن مِهران» ? و«عليّ بن الحسن بن فضّال» ? و«أحمد بن إسحاق القمّي» ? و«الحسين بن أبي العلاء» ? فراجع.
وقد ذكر النجاشي في ترجمة «أحمد بن محمّد البرقي» عن ابن الغضائري فقال: قال أحمد بن الحسين؛ في تاريخه: توفّي أحمد بن أبي عبداللّه البرقي في سنة أربع وسبعين ومائتين. اه ? .
ويظهر - جدّاً - لكلّ متأمّل في المواضع التي أشرنا إليها: أنّه كان عند النجاشي كتابان لأحمد بن الحسين الغضائري: «كتاب التاريخ» و«كتاب الفهرست»:
أمّا الأوّل: فظاهرٌ وجه ثبوته.
وأمّا الثاني: فإنّ الناظر في ما ذكر في تراجم «صالح» و«بُرَيد» و«جعفر المذري» و«جعفر السمرقندي» لا يكاد يشكّ في أنّ النجاشي يذكر عن ابن الغضائري من كتاب «فهرسته» فراجع ما ذكره النجاشي، والتفت إلى ما هو المقصود من «الفهرست» وماذا يحويه، كما لا ينبغي أن يخفى على أيّ متتبّع.
هذا، وقد ترجم النجاشيّ:
ل «إبراهيم بن سليمان بن أبي داحة».
و«أحمد بن عبيداللّه بن يحيى بن خاقان».
و«أحمد بن مِيْثَم أبي نُعيم الفضل».
و«الحسن بن محمّدبن أحمد الصفّار».
و«عليّ بن محمّد الكرخي».
و«إسماعيل بن علي العَمّي».
و«عبداللّه بن محمّد الأهوازي».
و«شهاب بن عبد ربّه».
و«سفيان بن صالح».
و«صالح أبي مقاتل».
و«محمّد بن يحيى المعيني».
و«عون بن جرير» وغيرهم.
وقد صرّح في ترجمة بعضهم: أنّه لم يَرَ كتبهم ? .
ويُفهم ذلك - أيضاً - ممّا ذكره في آخرين، كما في ترجمة «علي بن محمّد الكرخي» ? وكذا في مثل ترجمة «شهاب بن عبد ربّه» ? .
بخلاف ما في مثل ترجمة «مرزبان بن عمران» ? و«مسكين بن مسكين» ? .
ووجهه ظاهر، إذْ في ترجمة «شهاب» قال: «ذكر ابن بطّة: أنّ له كتاباً» ? .
بينما في ترجمة «مرزبان» قال: «له كتاب، قال محمّد بن جعفر بن بطة»اه ? .
والفرق ظاهرٌ جدّاً.
وقد صرّح في ديباجة «فهرسته» بأنّه سيذكر في كتابه المصنّفين ? فكيف لم يذكر «ابن الغضائري» ولم يذكر كتبه؟؟
مع أنّه نقل عنه في كتابه كثيراً، مردفاً ذكره بالترحّم عليه في جميع الموارد ? إلّا في مورد أو موردين.
مع أنّه تعرّض لذكر الشيخ، وعدّ من كتبه كتاب «فهرست الشيعة وأسماء المصنّفين» ? .
ويظهر لكلّ متتبّع اعتماد النجاشي عليه في كثير من التراجم.
فكيف لم يذكر النجاشي «ابن الغضائري» والمفروض أنّه اطّلع على دعوى الشيخ في ديباجة «الفهرست» فضلاً عن أنّه ذكره كثيراً، وأنّه كان يجتمع مع «عليّ بن محمّد بن شيران» عنده ? .
وقد قرأ «ابن الغضائري» جملةً من كتب «عليّ بن فضّال»، على «أحمد بن عبدالواحد» في مدّة، سمع النجاشي معه ? .
وبالجملة، فمع كون «ابن الغضائري» من المصنّفين، بل ومن شيوخ طائفتنا، وأصحاب التصانيف، واعتماد النجاشي عليه، والنقل عنه في كثيرٍ من التراجم، فلم نَرَ إلّا نسيان النجاشي وما شابه سبباً لعدم ترجمته له.
اللهمّ، إلّا أن يكون ظنّ أنّه قد ترجم له، كما لعلّ يؤيّد هذا ما ذكره في ترجمة «محمّد بن عذافر بن عيسى » إذ قال: وأخوه «عمر بن عيسى »، قال النجاشي: ذكرناه في باب عمر اه ? .
مع أنّه لم يُعنون لهذا الرجل؟
ومثل هذا يقع جدّاً من المصنّفين.
وأمّا ما عن القهبائي من أنّ الصواب: «قال العيّاشي» كما حكاه عن السيّد عبد الكريم ابن طاوس ? .
فيدفعه: أنّ السيّد - وإن احتمل أو استظهر - إلّا أنّ السياق يمنع عن ما ذكره، إذ لو كان الصحيح ما قيل، لقال النجاشي: «وأخوه عمر بن عيسى، وقد ذكره العيّاشي» أو «ذكره العيّاشي» كما يظهر جليّاً إنْ تكرّر، مثل «ذكره الكشّي» أو «ابن بطة» أو «ابن سعد» أو «أبو العبّاس» أو «ابن نوح» من النجاشي، فراجع.
ولعلّه قد يفيد ما تقدّم لدعوى : أنّ لابن الغضائري كتاباً في الرجال، بل لا شُبهة في ذلك، كما يفهم من كلام النجاشي ? .
وعليه فمع قُرب دفع الضير عن مثل ما عرفت من دعوى الاختلاف بين المنقول عن ابن الغضائري، وبين الموجود في كتابه.
وإمكان أن يُدّعى بأنّ النجاشي نقل عن كتاب آخر.
فإنّه إن ثبت أنّ الكتاب وصل بطريقٍ معتبرٍ إلى ابن طاوس فلا مندوحة عن الأخذ به والاعتبار.
إلّا ما نَسَبَ إلى ابن الغضائري بعضُهم من أنّه: «قَلّ ما نجا ثقةٌ من قدحه» و«أنّه متسرّع في القدح والذمّ».
والحقّ أنّ ما نُسب إليه ليس بصحيح.
أمّا الثاني - أي «أنّه متسرّع في القدح» - فيكفي في تزييفه ودفعه ما ذكره في ترجمة:
«أحمد بن الحسين بن سعيد بن حمّاد» ? .
و«أحمد بن محمّد بن خالد البرقي» ? .
و«الحسين بن شادويه» ? .
و«زيد النرسي» و«زيد الزراد» ? .
و«سعد بن مسلم» ? .
و«سليم بن قيس» ? .
و«عبداللّه بن أيّوب» ? .
و«الحسين بن مسكان» ? .
و«القاسم بن الحسن بن علي بن يقطين» ? .
و«محبوب بن حكيم» ? .
و«محمد بن خالد البرقي» ? .
و«وهب بن وهب» ?? .
و«أبي طالب الأزدي» ?? .
فراجع، لتكن على بصيرة.
وأمّا الأوّل:
فإنّنا قد نظرنا فيمن ذكرهم ابن الغضائري - على ما في مجمع القهبائي - فلم نَرَ لما ذُكِرَ شاهدَ صدقٍ، وإن كان «ابن الغضائري» قد ضعّف عدّة ممّن وثّقهم النجاشي أو غيره، إلّا أنّه ليس بنحوٍ يصلح بحال أن نقول فيه بأنّه «ما نجا ثقة من جرحه أو قدحه».
فقد ذكر ما يزيد على «مائة وخمسين، رجلاً» ? .
منهم ما يزيد على «مائة» وافقه فيما قال فيهم غيرُه، كالنجاشي، أو الشيخ، أو الكشّي، إمّا بتضعيفهم لمن ضعّفهم، وإن تفاوتت كلمات القدح، وإمّا أنّه سكت بأن ذكر الرجل ولم يضعّفه، كما فعل غيره، كذلك.
وقد عنون ما يزيد على «خمسة وعشرين» عنواناً لم يذكر أيّاً منهم الشيخُ والنجاشيّ والكشّيّ.
وهو - وإن ضعّف جملة منهم - إلّا أنّ أحداً منهم لم يوثّقه، حتّى يقال بأنّه: «ضعّف كثيراً ممّن وثّقه أعلام الطائفة».
نعم، ما خالف «ابنُ الغضائري» غيره في تضعيفه لمن وثّقوه أو وثّقه النجاشي أو الشيخ مثلاً، أو في قدحه في مرويّاته، أو رجاله، مع عدم قدحهم هم تارةً، أو مدحهم أُخرى ، هم عدّة قليلة جدّاً.
فقد عنون ابنُ الغضائري ? :
ل «إبراهيم بن سليمان بن عبداللّه النهمي» (??).
ول «إبراهيم بن عمر اليماني»(?).
ول «إدريس بن زياد الكفرثوثي»(?).
و«لأبي السفاتج إبراهيم» كما عن «رجال الشيخ» ? .
ول «إسحاق بن عبد العزيز» كما عنه(?).
ول «إسماعيل بن مهران»(?).
و«جعفر بن إسماعيل المنقري»(??).
و«جحدرة بن المغيرة»(??).
و«الحسن بن حذيفة»(??).
و«الحسن بن راشد»(??).
و«خلف بن حمّاد الأسدي»(??).
و«زكريا كوكب الدم»(??).
و«سهل بن أحمد بن عبداللّه الديباجي»(??).
و«سليمان بن داود المنقري»(??).
و«سليمان بن هارون النخعي»(??).
و«صالح بن عقبة بن قيس»(??).
و«صباح بن يحيى المزني»(??).
و«ظفر بن حمدون»(??).
و«عبداللّه بن بكر ? الارجاني»(??).
و«عبداللّه بن حمّاد الأنصاري»(??).
و«عبد الرحمن بن سالم»(??).
و«علي بن ميمون الصايغ»(??).
و«عمر بن توبة»(??).
و«القاسم بن الربيع»(???).
و«القاسم بن يحيى بن الحسن بن راشد»(???).
و«محمّد بن إسماعيل البرمكي»(???).
و«محمّد بن سالم بن أبي سلمة»(???).
و«مصادف مولى أبي عبداللّه(ع)»(???).
و«يحيى بن محمّد بن عليم»(???).
و«يعقوب بن السرّاج»(???).
وأمّا «معلّى بن راشد»(???):
فإنْ كان هو «المعلّى بن أسد» فراجع ما ذكروه في ترجمة «محمّد بن الحسن بن عبداللّه الجعفري» بملاحظة ما في ترجمة «أحمد بن إبراهيم بن المعلّى ».
وإنْ لم يكن هو، فيكون ممّن لم يذكروه، فلا يكون تضعيف «ابن الغضائري» له تضعيفاً لرجل ثقة، كما هو واضح.
وإذ قد عرفت هذا، فاعلم أنّ:
? - «إبراهيم بن سليمان»(??).
? - و«إبراهيم اليماني»(?).
? - و«إدريس الكفرثوثي»(?).
? - و«إسماعيل بن مهران»(?).
? - و«خلف بن حمّاد»(??).
? - و«كوكب الدم»(??).
? - و«سليمان المنقري»(??).
? - و«صباح بن يحيى »(??).
? - و«محمد البرمكي»(???).
?? - و«يحيى بن عليم»(???).
?? - و«يعقوب السرّاج»(???).
فقط، هم مَنْ قَدَحَ فيهم أو في حديثهم أو في رجالهم، ممّن وثّقهم النجاشي، إلّا «كوكب الدم» فعن «الكشي» ما يفيد التوثيق.
نعم، في «عبداللّه بن حمّاد»، قال النجاشي: من شيوخ أصحابنا ? .
وفي «سهل الديباجي» قال: لا بأس به ? .
أفهل يعدّ هذا الرجل - لمجرّد أنّه خالف بعض الرجاليّين في عشرة موارد، أن قَدَحَ فيمن وثّقه بعضُهم - يُصبح ممّن «يتسرّع في القدح بأدنى سببٍ» أو «أنّه قلّما نجا ثقةٌ من قدحه»؟!
ولولا خوف الإطالة لقرع سمعك ما يشفي غليلك، مع أنّ فيما ذكرنا كفاية، فراجع وتأمّل، ولا تتبع الغير تقليداً، أو لحسن الظنّ بتتبّعه وتحقيقه.
وعلى ما تقدّم، «فإنّ ابن الغضائري بري ءٌ جدّاً ممّا نسب إليه».
اللّهمّ، إلّا أن يكون ذلك قيل فيه، لا بملاحظة ما في الكتاب المنسوب إليه.
نعم، لم يبق إلّا ما أثاره «المحقّق السيّد الخوئي ?» في مقدّمة كتابه «المعجم» إذ قال: وكذلك «كتاب رجال ابن الغضائري» فإنّه لم يثبت عند المتأخّرين.
وقد ذكر ابن طاوس - عند ذكر طرقه إلى الأصول الرجالية - أنّه لا طريق له إلى هذا الكتاب.
وهذا العلّامة قد ذكر في إجازته الكبيرة أسماء الكتب التي له طريق إليها، ومع ذلك فلم يذكر «رجال ابن الغضائري» في ما ذكره من الكتب.
انتهى بتصرّف في نقله ? .
ولكن في كفاية اعتماد ابن طاوس والعلّامة على الوثوق بصحّة الكتاب؛ وجهٌ قويّ، إذْ لا يُظنّ بأمثالهما أن يستندا إلى كتابٍ لولا قيام الأمارات المورثة للوثوق والصحّة، على صحّته لديهما.
وما تقدّم منّا في آخر الفائدة الثانية ? وما في الفائدة الثالثة ? ينفع للمقام، فلاحظ.
المصدر : http://www.hadith.net/n335-e1833-p207.html
تنبيه : هذه المسألة من المسائل المختلف فيها بين العلماء.
تعليق