
نحن قوم أعزّ نا الله بالأسلام ومهما أبتغينا العزّه بغيره ...أذلنا الله
ما ضرهم أن لا يعرفهم عمر
إســلام المرابط
جاء في صحيح ابن حبان (باب الخروج وكيفية الجهاد) في قصة فتح نهاوند بعد ذكر انتصار المسلمين بقيادة النعمان بن مقرن رضي الله عنه واستشهاده في المعركة وتولي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : "وكان عمر رضوان الله عليه بالمدينة يدعو الله وينتظر مثل صيحة الحُبْلى، فكتب حذيفة إلى عمر بالفتح مع رجل من المسلمين، فلما قدم عليه، قال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأذل فيه الشرك وأهله، وقال: النعمان بعثك؟ قال: احتسب النعمان يا أمير المؤمنين، فبكى عمر واسترجع، وقال: ومن ويحك؟ فقال: فلان وفلان وفلان حتى عَدَّ ناساً، ثم قال: وآخرين يا أمير المؤمنين لا تعرفهم. فقال عمر رضوان الله عليه وهو يبكي: لا يضرهم أن لا يعرفهم عمر لكن الله يعرفهم". اهـ
ما ضرَّهم ألا يعرفهم عمر؟ .. إنهم ما خرجوا يقاتلون لأجل عمر، ولم يعدهم عمر بمكافأة توازي ما يتعرضون له من خطر القتل.. القتل الذي واقعهم حقاً. لكنه ترحم عليهم ودعا لهم كما فعل غيره من أهل المدينة وبقية الأمصار يوم وصلهم الخبر بشقيه المتلازمين .. خبر استشهاد بعض ذويهم وقرابتهم، وآخرين من غيرهم –ربما عرفوا قليلاً منهم ولم يعرفوا أكثرهم-، وخبر انتصار عسكر المسلمين والفتح الذي أعزَّ الله به الإسلام وأهله وأذل الشرك وأهله. وسيظل المسلمون يترحمون على تلك الجموع التي قُتلت في سبيل الله في نهاوند وفي كل بقعة بُذِلت فيها الأرواح والجهود والأموال لتكون ] كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا [، وليُبنى للإسلام صرح شامخ يتفيأ المسلمون ظلاله زمن تلك الوقائع وإلى أن تقوم الساعة. وسيسجل التاريخ لهم مجداً يحفظ فيه بعض الأسماء ويطوي أخرى، لكنه حتماً سيجل تلك الأيام ويضيفها إلى رصيد هذه الأمة جميعاً. ومعرفة الناس قد تحصل وقد لا تحصل، فإن حصلت كانت من عاجل بشرى المؤمن كما في حديث أبي ذر t: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ قال:"تلك عاجل بشرى المؤمن" (رواه مسلم)، وفي رواية ابن ماجه: الرجل يعمل العمل لله فيحبه الناس عليه قال: "ذلك عاجل بشرى المؤمن". وإلم تحصل معرفة الناس فإن الأجر ثابت ما كان العمل خالصاً لله عزَّ وجلَّ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وكما كان يوم نهاوند، يسقط اليوم في فلسطين والشيشان وكشمير -وغيرها من بلاد المسلمين- القتلى تلو القتلى، وعبثاً يحاول المرء أن يحصي للجرحى أو الأيتام والأرامل أو الموتورين في أهلهم ومالهم وديارهم عدداً، أو ينقل لحالهم صورةً أو وصفاً. علم الناس شيئاً عن أسماء ومآسي القليل وغاب عنهم الكثير الكثير. لكن حسب هؤلاء وأولئك أن أسماءهم وأعمالهم في تلك الأيام والساعات –وفي كل الأيام والساعات- مسجلة في كتاب ] لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها [ ] ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأٌ ولا نصبٌ ولا مخمصةٌ في سبيلِ اللهِ ولا يطئون موطِئاً يغيظُ الكفارَ ولا ينالون من عدوٍ نيلاً إلا كُتِبَ لهم به عملٌ صالحٌ إن اللهَ لا يضيع أجرَ المحسنين * ولا ينفقون نفقةً صغيرةً ولا كبيرةً ولا يقطعون وادياً إلا كُتِبَ لهم ليجزيهم الله أحسنَ ما كانوا يعملون [ (التوبة: 120-121)
إذا كان هذا جزاؤهم فما ضرَّهم ألا يعرفهم عمر؟ وما ضرَّهم ألا يعرفهم الناس في زمانهم وما بعده إلى أن يلقوا ربهم؟ ما ضرَّهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من التمس رضى الله بسخط الناس، رضي الله تعالى عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس"؟ (صحيح ابن حبان)
"ما ضرَّهم ألا يعرفهم عمر؟" عزاءٌ لإخواننا، ووصيةٌ لنا، فهلَّا عمِلْنا أفراداً ومؤسساتٍ لرب عمر، لا يضرنا عرفنا عمر أم لم يعرفنا، رضي الناس عنا أم سخطوا علينا، ذكرونا بمدح أم بذم، أو لم يذكرونا البتَّه؟
المصدر
http://www.alasr.ws/experiences/2nd/1.shtml
لاإله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
لا تنسواالدعاءلأخوانكم في فلسطين والعراق وكافة المسلمين