الاخوة الكرام السلام
الى من يظن انه يعرف الامام عليه السلام
الكافي ( مُشَكَّل ) - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 198 - 200
1 - أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ الْعَلَاءِ رَحِمَه اللَّه رَفَعَه عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ كُنَّا مَعَ الرِّضَا ع بِمَرْوَ فَاجْتَمَعْنَا فِي الْجَامِعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي بَدْءِ مَقْدَمِنَا فَأَدَارُوا أَمْرَ الإِمَامَةِ وذَكَرُوا كَثْرَةَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا فَدَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي ع فَأَعْلَمْتُه خَوْضَ النَّاسِ فِيه فَتَبَسَّمَ ع ثُمَّ قَالَ يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ جَهِلَ الْقَوْمُ وخُدِعُوا عَنْ آرَائِهِمْ إِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ لَمْ يَقْبِضْ نَبِيَّه ص حَتَّى أَكْمَلَ لَه الدِّينَ وأَنْزَلَ عَلَيْه الْقُرْآنَ فِيه تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ بَيَّنَ فِيه الْحَلَالَ والْحَرَامَ والْحُدُودَ والأَحْكَامَ وجَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْه النَّاسُ كَمَلاً فَقَالَ عَزَّ وجَلَّ : * ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) وأَنْزَلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وهِيَ آخِرُ عُمُرِه ص * ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ) * وأَمْرُ الإِمَامَةِ مِنْ تَمَامِ الدِّينِ ولَمْ يَمْضِ ص حَتَّى بَيَّنَ لأُمَّتِه مَعَالِمَ دِينِهِمْ وأَوْضَحَ لَهُمْ سَبِيلَهُمْ وتَرَكَهُمْ عَلَى قَصْدِ سَبِيلِ الْحَقِّ وأَقَامَ لَهُمْ عَلِيّاً ع عَلَماً وإِمَاماً ومَا تَرَكَ لَهُمْ شَيْئاً يَحْتَاجُ إِلَيْه الأُمَّةُ إِلَّا بَيَّنَه فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ لَمْ يُكْمِلْ دِينَه فَقَدْ رَدَّ كِتَابَ اللَّه ومَنْ رَدَّ كِتَابَ اللَّه فَهُوَ كَافِرٌ بِه هَلْ يَعْرِفُونَ قَدْرَ الإِمَامَةِ ومَحَلَّهَا مِنَ الأُمَّةِ فَيَجُوزَ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ إِنَّ الإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً وأَعْظَمُ شَأْناً وأَعْلَى مَكَاناً وأَمْنَعُ جَانِباً وأَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ يَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ أَوْ يُقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ إِنَّ الإِمَامَةَ خَصَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ بِهَا إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ ع بَعْدَ النُّبُوَّةِ والْخُلَّةِ مَرْتَبَةً ثَالِثَةً وفَضِيلَةً شَرَّفَه بِهَا وأَشَادَ بِهَا ذِكْرَه فَقَالَ * ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) * فَقَالَ الْخَلِيلُ ع سُرُوراً بِهَا : * ( ومِنْ ذُرِّيَّتِي ) * قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى : * ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) * فَأَبْطَلَتْ هَذِه الآيَةُ إِمَامَةَ كُلِّ ظَالِمٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وصَارَتْ فِي الصَّفْوَةِ ثُمَّ أَكْرَمَه اللَّه تَعَالَى بِأَنْ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّتِه أَهْلِ الصَّفْوَةِ والطَّهَارَةِ فَقَالَ * ( ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ نافِلَةً وكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ . وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وإِقامَ الصَّلاةِ وإِيتاءَ الزَّكاةِ وكانُوا لَنا عابِدِينَ) * فَلَمْ تَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِه يَرِثُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ قَرْناً فَقَرْناً حَتَّى وَرَّثَهَا اللَّه تَعَالَى النَّبِيَّ ص فَقَالَ جَلَّ وتَعَالَى : * ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوه وهذَا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا وا لله وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) * فَكَانَتْ لَه خَاصَّةً فَقَلَّدَهَا ص عَلِيّاً ع بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى عَلَى رَسْمِ مَا فَرَضَ اللَّه فَصَارَتْ فِي ذُرِّيَّتِه الأَصْفِيَاءِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللَّه الْعِلْمَ والإِيمَانَ بِقَوْلِه تَعَالَى : * ( وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ والإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ الله إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ ) * فَهِيَ فِي وُلْدِ عَلِيٍّ ع خَاصَّةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِذْ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ص فَمِنْ أَيْنَ يَخْتَارُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ
إِنَّ الإِمَامَةَ هِيَ مَنْزِلَةُ الأَنْبِيَاءِ وإِرْثُ الأَوْصِيَاءِ إِنَّ الإِمَامَةَ خِلَافَةُ اللَّه وخِلَافَةُ الرَّسُولِ ص ومَقَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع ومِيرَاثُ الْحَسَنِ والْحُسَيْنِ ع إِنَّ الإِمَامَةَ زِمَامُ الدِّينِ ونِظَامُ الْمُسْلِمِينَ وصَلَاحُ الدُّنْيَا وعِزُّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الإِمَامَةَ أُسُّ الإِسْلَامِ النَّامِي وفَرْعُه السَّامِي بِالإِمَامِ تَمَامُ الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والصِّيَامِ والْحَجِّ والْجِهَادِ وتَوْفِيرُ الْفَيْءِ والصَّدَقَاتِ وإِمْضَاءُ الْحُدُودِ والأَحْكَامِ ومَنْعُ الثُّغُورِ والأَطْرَافِ الإِمَامُ يُحِلُّ حَلَالَ اللَّه ويُحَرِّمُ حَرَامَ اللَّه ويُقِيمُ حُدُودَ اللَّه ويَذُبُّ عَنْ دِينِ اللَّه ويَدْعُو إِلَى سَبِيلِ رَبِّه بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ والْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ الإِمَامُ كَالشَّمْسِ الطَّالِعَةِ الْمُجَلِّلَةِ بِنُورِهَا لِلْعَالَمِ وهِيَ فِي الأُفُقِ بِحَيْثُ لَا تَنَالُهَا الأَيْدِي والأَبْصَارُ الإِمَامُ الْبَدْرُ الْمُنِيرُ والسِّرَاجُ الزَّاهِرُ والنُّورُ السَّاطِعُ والنَّجْمُ الْهَادِي فِي غَيَاهِبِ الدُّجَى وأَجْوَازِ الْبُلْدَانِ والْقِفَارِ ولُجَجِ الْبِحَارِ الإِمَامُ الْمَاءُ الْعَذْبُ عَلَى الظَّمَأِ والدَّالُّ عَلَى الْهُدَى والْمُنْجِي مِنَ الرَّدَى الإِمَامُ النَّارُ عَلَى الْيَفَاعِ الْحَارُّ لِمَنِ اصْطَلَى بِه والدَّلِيلُ فِي الْمَهَالِكِ مَنْ فَارَقَه فَهَالِكٌ الإِمَامُ السَّحَابُ الْمَاطِرُ والْغَيْثُ الْهَاطِلُ والشَّمْسُ الْمُضِيئَةُ والسَّمَاءُ الظَّلِيلَةُ والأَرْضُ الْبَسِيطَةُ والْعَيْنُ الْغَزِيرَةُ والْغَدِيرُ والرَّوْضَةُ الإِمَامُ الأَنِيسُ الرَّفِيقُ والْوَالِدُ الشَّفِيقُ والأَخُ الشَّقِيقُ والأُمُّ الْبَرَّةُ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ ومَفْزَعُ الْعِبَادِ فِي الدَّاهِيَةِ النَّآدِ الإِمَامُ أَمِينُ اللَّه فِي خَلْقِه وحُجَّتُه عَلَى عِبَادِه وخَلِيفَتُه فِي بِلَادِه والدَّاعِي إِلَى اللَّه والذَّابُّ عَنْ حُرَمِ اللَّه الإِمَامُ الْمُطَهَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ والْمُبَرَّأُ عَنِ الْعُيُوبِ الْمَخْصُوصُ بِالْعِلْمِ الْمَوْسُومُ بِالْحِلْمِ نِظَامُ الدِّينِ وعِزُّ الْمُسْلِمِينَ وغَيْظُ الْمُنَافِقِينَ وبَوَارُ الْكَافِرِينَ ‹ الإِمَامُ وَاحِدُ دَهْرِه لَا يُدَانِيه أَحَدٌ ولَا يُعَادِلُه عَالِمٌ ولَا يُوجَدُ مِنْه بَدَلٌ ولَا لَه مِثْلٌ ولَا نَظِيرٌ مَخْصُوصٌ بِالْفَضْلِ كُلِّه مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْه لَه ولَا اكْتِسَابٍ بَلِ اخْتِصَاصٌ مِنَ الْمُفْضِلِ الْوَهَّابِ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَبْلُغُ مَعْرِفَةَ الإِمَامِ أَوْ يُمْكِنُه اخْتِيَارُه هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ضَلَّتِ الْعُقُولُ وتَاهَتِ الْحُلُومُ وحَارَتِ الأَلْبَابُ وخَسَأَتِ الْعُيُونُ وتَصَاغَرَتِ الْعُظَمَاءُ وتَحَيَّرَتِ الْحُكَمَاءُ وتَقَاصَرَتِ الْحُلَمَاءُ وحَصِرَتِ الْخُطَبَاءُ وجَهِلَتِ الأَلِبَّاءُ وكَلَّتِ الشُّعَرَاءُ وعَجَزَتِ الأُدَبَاءُ وعَيِيَتِ الْبُلَغَاءُ عَنْ وَصْفِ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِه أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِه وأَقَرَّتْ بِالْعَجْزِ والتَّقْصِيرِ وكَيْفَ يُوصَفُ بِكُلِّه أَوْ يُنْعَتُ بِكُنْهِه أَوْ يُفْهَمُ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِه أَوْ يُوجَدُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَه ويُغْنِي غِنَاه لَا كَيْفَ وأَنَّى وهُوَ بِحَيْثُ النَّجْمِ مِنْ يَدِ الْمُتَنَاوِلِينَ ووَصْفِ الْوَاصِفِينَ فَأَيْنَ الِاخْتِيَارُ مِنْ هَذَا وأَيْنَ الْعُقُولُ عَنْ هَذَا وأَيْنَ يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا أتَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ يُوجَدُ فِي غَيْرِ آلِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ ص كَذَبَتْهُمْ واللَّه أَنْفُسُهُمْ ومَنَّتْهُمُ الأَبَاطِيلَ فَارْتَقَوْا مُرْتَقاً صَعْباً دَحْضاً تَزِلُّ عَنْه إِلَى الْحَضِيضِ أَقْدَامُهُمْ رَامُوا إِقَامَةَ الإِمَامِ بِعُقُولٍ حَائِرَةٍ بَائِرَةٍ نَاقِصَةٍ وآرَاءٍ مُضِلَّةٍ فَلَمْ يَزْدَادُوا مِنْه إِلَّا بُعْداً قَاتَلَهُمُ اللَّه أَنَّى يُؤْفَكُونَ ولَقَدْ رَامُوا صَعْباً وقَالُوا إِفْكاً وضَلُّوا ضَلَالاً بَعِيداً ووَقَعُوا فِي الْحَيْرَةِ إِذْ تَرَكُوا الإِمَامَ عَنْ بَصِيرَةٍ وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ رَغِبُوا عَنِ اخْتِيَارِ اللَّه واخْتِيَارِ رَسُولِ اللَّه ص وأَهْلِ بَيْتِه إِلَى اخْتِيَارِهِمْ والْقُرْآنُ يُنَادِيهِمْ : * ( ورَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ ويَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ الله وتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) * وقَالَ عَزَّ وجَلَّ * ( وما كانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى الله ورَسُولُه أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) * الآيَةَ وقَالَ : * ( ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيه تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيه لَما تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) * وقَالَ عَزَّ وجَلَّ : * ( أفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) * أَمْ * ( طَبَعَ اللَّه عَلى قُلُوبِهِمْ ) * : * ( فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) * أَمْ * ( قالُوا سَمِعْنا وهُمْ لا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ولَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ ولَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وهُمْ مُعْرِضُونَ) * أَمْ * ( قالُوا سَمِعْنا وعَصَيْنا ) * بَلْ هُوَ * ( فَضْلُ الله يُؤْتِيه مَنْ يَشاءُ وا لله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) * فَكَيْفَ لَهُمْ بِاخْتِيَارِ الإِمَامِ والإِمَامُ عَالِمٌ لَا يَجْهَلُ ورَاعٍ لَا يَنْكُلُ مَعْدِنُ الْقُدْسِ والطَّهَارَةِ والنُّسُكِ والزَّهَادَةِ والْعِلْمِ والْعِبَادَةِ مَخْصُوصٌ بِدَعْوَةِ الرَّسُولِ ص ونَسْلِ الْمُطَهَّرَةِ الْبَتُولِ لَا مَغْمَزَ فِيه فِي نَسَبٍ ولَا يُدَانِيه ذُو حَسَبٍ فِي الْبَيْتِ مِنْ قُرَيْشٍ والذِّرْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ والْعِتْرَةِ مِنَ الرَّسُولِ ص والرِّضَا مِنَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ شَرَفُ الأَشْرَافِ والْفَرْعُ مِنْ عَبْدِ مَنَافٍ نَامِي الْعِلْمِ كَامِلُ الْحِلْمِ مُضْطَلِعٌ بِالإِمَامَةِ عَالِمٌ بِالسِّيَاسَةِ مَفْرُوضُ الطَّاعَةِ قَائِمٌ بِأَمْرِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ نَاصِحٌ لِعِبَادِ اللَّه حَافِظٌ لِدِينِ اللَّه إِنَّ الأَنْبِيَاءَ والأَئِمَّةَ ص يُوَفِّقُهُمُ اللَّه ويُؤْتِيهِمْ مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِه وحِكَمِه مَا لَا يُؤْتِيه غَيْرَهُمْ فَيَكُونُ عِلْمُهُمْ فَوْقَ عِلْمِ أَهْلِ الزَّمَانِ فِي قَوْلِه تَعَالَى * ( أفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) * وقَوْلِه تَبَارَكَ وتَعَالَى : * ( ومَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) * وقَوْلِه فِي طَالُوتَ * ( إِنَّ الله اصْطَفاه عَلَيْكُمْ وزادَه بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ والْجِسْمِ وا لله يُؤْتِي مُلْكَه مَنْ يَشاءُ وا لله واسِعٌ عَلِيمٌ ) * وقَالَ لِنَبِيِّه ص - أَنْزَلَ * ( عَلَيْكَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وكانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً ) * وقَالَ فِي الأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّه وعِتْرَتِه وذُرِّيَّتِه ص * ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِه فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِه ومِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْه وكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ) * وإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اخْتَارَه اللَّه عَزَّ وجَلَّ لأُمُورِ عِبَادِه شَرَحَ صَدْرَه لِذَلِكَ وأَوْدَعَ قَلْبَه يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ وأَلْهَمَه الْعِلْمَ إِلْهَاماً فَلَمْ يَعْيَ بَعْدَه بِجَوَابٍ ولَا يُحَيَّرُ فِيه عَنِ الصَّوَابِ فَهُوَ مَعْصُومٌ مُؤَيَّدٌ مُوَفَّقٌ مُسَدَّدٌ قَدْ أَمِنَ مِنَ الْخَطَايَا والزَّلَلِ والْعِثَارِ يَخُصُّه اللَّه بِذَلِكَ لِيَكُونَ حُجَّتَه عَلَى عِبَادِه وشَاهِدَه عَلَى خَلْقِه و * ( ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيه مَنْ يَشاءُ وا لله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) * فَهَلْ يَقْدِرُونَ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَيَخْتَارُونَه أَوْ يَكُونُ مُخْتَارُهُمْ بِهَذِه الصِّفَةِ فَيُقَدِّمُونَه تَعَدَّوْا وبَيْتِ اللَّه الْحَقَّ ونَبَذُوا كِتَابَ اللَّه وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وفِي كِتَابِ اللَّه الْهُدَى والشِّفَاءُ فَنَبَذُوه واتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ فَذَمَّهُمُ اللَّه ومَقَّتَهُمْ وأَتْعَسَهُمْ فَقَالَ جَلَّ وتَعَالَى : * ( ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواه بِغَيْرِ هُدىً مِنَ الله إِنَّ الله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) * وقَالَ * ( فَتَعْساً لَهُمْ وأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) * وقَالَ * ( كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ الله وعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ الله عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) * وصَلَّى اللَّه عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وآلِه وسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً
. . . . . . . . . . . . .
انتهى
اي والله : هيْهَاتَ هَيْهَاتَ ضَلَّتِ الْعُقُولُ وتَاهَتِ الْحُلُومُ وحَارَتِ الأَلْبَابُ وخَسَأَتِ الْعُيُونُ وتَصَاغَرَتِ الْعُظَمَاءُ وتَحَيَّرَتِ الْحُكَمَاءُ وتَقَاصَرَتِ الْحُلَمَاءُ وحَصِرَتِ الْخُطَبَاءُ وجَهِلَتِ الأَلِبَّاءُ وكَلَّتِ الشُّعَرَاءُ وعَجَزَتِ الأُدَبَاءُ وعَيِيَتِ الْبُلَغَاءُ عَنْ وَصْفِ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِه أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِه وأَقَرَّتْ بِالْعَجْزِ
كل هؤلاء عجزوا عن وصف شأن واحد من شأنه وفضيلة من فضائله
وقد ورد من طريق الفريقين :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لو أن الغياض أقلام ، والبحار مداد ، والجن حساب ، والانس كتاب ما قدروا على إحصاء فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام
والحمد لله رب العالمين
الى من يظن انه يعرف الامام عليه السلام
الكافي ( مُشَكَّل ) - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 198 - 200
1 - أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ الْعَلَاءِ رَحِمَه اللَّه رَفَعَه عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ كُنَّا مَعَ الرِّضَا ع بِمَرْوَ فَاجْتَمَعْنَا فِي الْجَامِعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي بَدْءِ مَقْدَمِنَا فَأَدَارُوا أَمْرَ الإِمَامَةِ وذَكَرُوا كَثْرَةَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا فَدَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي ع فَأَعْلَمْتُه خَوْضَ النَّاسِ فِيه فَتَبَسَّمَ ع ثُمَّ قَالَ يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ جَهِلَ الْقَوْمُ وخُدِعُوا عَنْ آرَائِهِمْ إِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ لَمْ يَقْبِضْ نَبِيَّه ص حَتَّى أَكْمَلَ لَه الدِّينَ وأَنْزَلَ عَلَيْه الْقُرْآنَ فِيه تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ بَيَّنَ فِيه الْحَلَالَ والْحَرَامَ والْحُدُودَ والأَحْكَامَ وجَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْه النَّاسُ كَمَلاً فَقَالَ عَزَّ وجَلَّ : * ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) وأَنْزَلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وهِيَ آخِرُ عُمُرِه ص * ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ) * وأَمْرُ الإِمَامَةِ مِنْ تَمَامِ الدِّينِ ولَمْ يَمْضِ ص حَتَّى بَيَّنَ لأُمَّتِه مَعَالِمَ دِينِهِمْ وأَوْضَحَ لَهُمْ سَبِيلَهُمْ وتَرَكَهُمْ عَلَى قَصْدِ سَبِيلِ الْحَقِّ وأَقَامَ لَهُمْ عَلِيّاً ع عَلَماً وإِمَاماً ومَا تَرَكَ لَهُمْ شَيْئاً يَحْتَاجُ إِلَيْه الأُمَّةُ إِلَّا بَيَّنَه فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ لَمْ يُكْمِلْ دِينَه فَقَدْ رَدَّ كِتَابَ اللَّه ومَنْ رَدَّ كِتَابَ اللَّه فَهُوَ كَافِرٌ بِه هَلْ يَعْرِفُونَ قَدْرَ الإِمَامَةِ ومَحَلَّهَا مِنَ الأُمَّةِ فَيَجُوزَ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ إِنَّ الإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً وأَعْظَمُ شَأْناً وأَعْلَى مَكَاناً وأَمْنَعُ جَانِباً وأَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ يَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ أَوْ يُقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ إِنَّ الإِمَامَةَ خَصَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ بِهَا إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ ع بَعْدَ النُّبُوَّةِ والْخُلَّةِ مَرْتَبَةً ثَالِثَةً وفَضِيلَةً شَرَّفَه بِهَا وأَشَادَ بِهَا ذِكْرَه فَقَالَ * ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) * فَقَالَ الْخَلِيلُ ع سُرُوراً بِهَا : * ( ومِنْ ذُرِّيَّتِي ) * قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى : * ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) * فَأَبْطَلَتْ هَذِه الآيَةُ إِمَامَةَ كُلِّ ظَالِمٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وصَارَتْ فِي الصَّفْوَةِ ثُمَّ أَكْرَمَه اللَّه تَعَالَى بِأَنْ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّتِه أَهْلِ الصَّفْوَةِ والطَّهَارَةِ فَقَالَ * ( ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ نافِلَةً وكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ . وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وإِقامَ الصَّلاةِ وإِيتاءَ الزَّكاةِ وكانُوا لَنا عابِدِينَ) * فَلَمْ تَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِه يَرِثُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ قَرْناً فَقَرْناً حَتَّى وَرَّثَهَا اللَّه تَعَالَى النَّبِيَّ ص فَقَالَ جَلَّ وتَعَالَى : * ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوه وهذَا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا وا لله وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) * فَكَانَتْ لَه خَاصَّةً فَقَلَّدَهَا ص عَلِيّاً ع بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى عَلَى رَسْمِ مَا فَرَضَ اللَّه فَصَارَتْ فِي ذُرِّيَّتِه الأَصْفِيَاءِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللَّه الْعِلْمَ والإِيمَانَ بِقَوْلِه تَعَالَى : * ( وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ والإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ الله إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ ) * فَهِيَ فِي وُلْدِ عَلِيٍّ ع خَاصَّةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِذْ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ص فَمِنْ أَيْنَ يَخْتَارُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ
إِنَّ الإِمَامَةَ هِيَ مَنْزِلَةُ الأَنْبِيَاءِ وإِرْثُ الأَوْصِيَاءِ إِنَّ الإِمَامَةَ خِلَافَةُ اللَّه وخِلَافَةُ الرَّسُولِ ص ومَقَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع ومِيرَاثُ الْحَسَنِ والْحُسَيْنِ ع إِنَّ الإِمَامَةَ زِمَامُ الدِّينِ ونِظَامُ الْمُسْلِمِينَ وصَلَاحُ الدُّنْيَا وعِزُّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الإِمَامَةَ أُسُّ الإِسْلَامِ النَّامِي وفَرْعُه السَّامِي بِالإِمَامِ تَمَامُ الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والصِّيَامِ والْحَجِّ والْجِهَادِ وتَوْفِيرُ الْفَيْءِ والصَّدَقَاتِ وإِمْضَاءُ الْحُدُودِ والأَحْكَامِ ومَنْعُ الثُّغُورِ والأَطْرَافِ الإِمَامُ يُحِلُّ حَلَالَ اللَّه ويُحَرِّمُ حَرَامَ اللَّه ويُقِيمُ حُدُودَ اللَّه ويَذُبُّ عَنْ دِينِ اللَّه ويَدْعُو إِلَى سَبِيلِ رَبِّه بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ والْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ الإِمَامُ كَالشَّمْسِ الطَّالِعَةِ الْمُجَلِّلَةِ بِنُورِهَا لِلْعَالَمِ وهِيَ فِي الأُفُقِ بِحَيْثُ لَا تَنَالُهَا الأَيْدِي والأَبْصَارُ الإِمَامُ الْبَدْرُ الْمُنِيرُ والسِّرَاجُ الزَّاهِرُ والنُّورُ السَّاطِعُ والنَّجْمُ الْهَادِي فِي غَيَاهِبِ الدُّجَى وأَجْوَازِ الْبُلْدَانِ والْقِفَارِ ولُجَجِ الْبِحَارِ الإِمَامُ الْمَاءُ الْعَذْبُ عَلَى الظَّمَأِ والدَّالُّ عَلَى الْهُدَى والْمُنْجِي مِنَ الرَّدَى الإِمَامُ النَّارُ عَلَى الْيَفَاعِ الْحَارُّ لِمَنِ اصْطَلَى بِه والدَّلِيلُ فِي الْمَهَالِكِ مَنْ فَارَقَه فَهَالِكٌ الإِمَامُ السَّحَابُ الْمَاطِرُ والْغَيْثُ الْهَاطِلُ والشَّمْسُ الْمُضِيئَةُ والسَّمَاءُ الظَّلِيلَةُ والأَرْضُ الْبَسِيطَةُ والْعَيْنُ الْغَزِيرَةُ والْغَدِيرُ والرَّوْضَةُ الإِمَامُ الأَنِيسُ الرَّفِيقُ والْوَالِدُ الشَّفِيقُ والأَخُ الشَّقِيقُ والأُمُّ الْبَرَّةُ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ ومَفْزَعُ الْعِبَادِ فِي الدَّاهِيَةِ النَّآدِ الإِمَامُ أَمِينُ اللَّه فِي خَلْقِه وحُجَّتُه عَلَى عِبَادِه وخَلِيفَتُه فِي بِلَادِه والدَّاعِي إِلَى اللَّه والذَّابُّ عَنْ حُرَمِ اللَّه الإِمَامُ الْمُطَهَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ والْمُبَرَّأُ عَنِ الْعُيُوبِ الْمَخْصُوصُ بِالْعِلْمِ الْمَوْسُومُ بِالْحِلْمِ نِظَامُ الدِّينِ وعِزُّ الْمُسْلِمِينَ وغَيْظُ الْمُنَافِقِينَ وبَوَارُ الْكَافِرِينَ ‹ الإِمَامُ وَاحِدُ دَهْرِه لَا يُدَانِيه أَحَدٌ ولَا يُعَادِلُه عَالِمٌ ولَا يُوجَدُ مِنْه بَدَلٌ ولَا لَه مِثْلٌ ولَا نَظِيرٌ مَخْصُوصٌ بِالْفَضْلِ كُلِّه مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْه لَه ولَا اكْتِسَابٍ بَلِ اخْتِصَاصٌ مِنَ الْمُفْضِلِ الْوَهَّابِ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَبْلُغُ مَعْرِفَةَ الإِمَامِ أَوْ يُمْكِنُه اخْتِيَارُه هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ضَلَّتِ الْعُقُولُ وتَاهَتِ الْحُلُومُ وحَارَتِ الأَلْبَابُ وخَسَأَتِ الْعُيُونُ وتَصَاغَرَتِ الْعُظَمَاءُ وتَحَيَّرَتِ الْحُكَمَاءُ وتَقَاصَرَتِ الْحُلَمَاءُ وحَصِرَتِ الْخُطَبَاءُ وجَهِلَتِ الأَلِبَّاءُ وكَلَّتِ الشُّعَرَاءُ وعَجَزَتِ الأُدَبَاءُ وعَيِيَتِ الْبُلَغَاءُ عَنْ وَصْفِ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِه أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِه وأَقَرَّتْ بِالْعَجْزِ والتَّقْصِيرِ وكَيْفَ يُوصَفُ بِكُلِّه أَوْ يُنْعَتُ بِكُنْهِه أَوْ يُفْهَمُ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِه أَوْ يُوجَدُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَه ويُغْنِي غِنَاه لَا كَيْفَ وأَنَّى وهُوَ بِحَيْثُ النَّجْمِ مِنْ يَدِ الْمُتَنَاوِلِينَ ووَصْفِ الْوَاصِفِينَ فَأَيْنَ الِاخْتِيَارُ مِنْ هَذَا وأَيْنَ الْعُقُولُ عَنْ هَذَا وأَيْنَ يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا أتَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ يُوجَدُ فِي غَيْرِ آلِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ ص كَذَبَتْهُمْ واللَّه أَنْفُسُهُمْ ومَنَّتْهُمُ الأَبَاطِيلَ فَارْتَقَوْا مُرْتَقاً صَعْباً دَحْضاً تَزِلُّ عَنْه إِلَى الْحَضِيضِ أَقْدَامُهُمْ رَامُوا إِقَامَةَ الإِمَامِ بِعُقُولٍ حَائِرَةٍ بَائِرَةٍ نَاقِصَةٍ وآرَاءٍ مُضِلَّةٍ فَلَمْ يَزْدَادُوا مِنْه إِلَّا بُعْداً قَاتَلَهُمُ اللَّه أَنَّى يُؤْفَكُونَ ولَقَدْ رَامُوا صَعْباً وقَالُوا إِفْكاً وضَلُّوا ضَلَالاً بَعِيداً ووَقَعُوا فِي الْحَيْرَةِ إِذْ تَرَكُوا الإِمَامَ عَنْ بَصِيرَةٍ وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ رَغِبُوا عَنِ اخْتِيَارِ اللَّه واخْتِيَارِ رَسُولِ اللَّه ص وأَهْلِ بَيْتِه إِلَى اخْتِيَارِهِمْ والْقُرْآنُ يُنَادِيهِمْ : * ( ورَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ ويَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ الله وتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) * وقَالَ عَزَّ وجَلَّ * ( وما كانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى الله ورَسُولُه أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) * الآيَةَ وقَالَ : * ( ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيه تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيه لَما تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) * وقَالَ عَزَّ وجَلَّ : * ( أفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) * أَمْ * ( طَبَعَ اللَّه عَلى قُلُوبِهِمْ ) * : * ( فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) * أَمْ * ( قالُوا سَمِعْنا وهُمْ لا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ولَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ ولَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وهُمْ مُعْرِضُونَ) * أَمْ * ( قالُوا سَمِعْنا وعَصَيْنا ) * بَلْ هُوَ * ( فَضْلُ الله يُؤْتِيه مَنْ يَشاءُ وا لله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) * فَكَيْفَ لَهُمْ بِاخْتِيَارِ الإِمَامِ والإِمَامُ عَالِمٌ لَا يَجْهَلُ ورَاعٍ لَا يَنْكُلُ مَعْدِنُ الْقُدْسِ والطَّهَارَةِ والنُّسُكِ والزَّهَادَةِ والْعِلْمِ والْعِبَادَةِ مَخْصُوصٌ بِدَعْوَةِ الرَّسُولِ ص ونَسْلِ الْمُطَهَّرَةِ الْبَتُولِ لَا مَغْمَزَ فِيه فِي نَسَبٍ ولَا يُدَانِيه ذُو حَسَبٍ فِي الْبَيْتِ مِنْ قُرَيْشٍ والذِّرْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ والْعِتْرَةِ مِنَ الرَّسُولِ ص والرِّضَا مِنَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ شَرَفُ الأَشْرَافِ والْفَرْعُ مِنْ عَبْدِ مَنَافٍ نَامِي الْعِلْمِ كَامِلُ الْحِلْمِ مُضْطَلِعٌ بِالإِمَامَةِ عَالِمٌ بِالسِّيَاسَةِ مَفْرُوضُ الطَّاعَةِ قَائِمٌ بِأَمْرِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ نَاصِحٌ لِعِبَادِ اللَّه حَافِظٌ لِدِينِ اللَّه إِنَّ الأَنْبِيَاءَ والأَئِمَّةَ ص يُوَفِّقُهُمُ اللَّه ويُؤْتِيهِمْ مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِه وحِكَمِه مَا لَا يُؤْتِيه غَيْرَهُمْ فَيَكُونُ عِلْمُهُمْ فَوْقَ عِلْمِ أَهْلِ الزَّمَانِ فِي قَوْلِه تَعَالَى * ( أفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) * وقَوْلِه تَبَارَكَ وتَعَالَى : * ( ومَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) * وقَوْلِه فِي طَالُوتَ * ( إِنَّ الله اصْطَفاه عَلَيْكُمْ وزادَه بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ والْجِسْمِ وا لله يُؤْتِي مُلْكَه مَنْ يَشاءُ وا لله واسِعٌ عَلِيمٌ ) * وقَالَ لِنَبِيِّه ص - أَنْزَلَ * ( عَلَيْكَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وكانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً ) * وقَالَ فِي الأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّه وعِتْرَتِه وذُرِّيَّتِه ص * ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِه فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِه ومِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْه وكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ) * وإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اخْتَارَه اللَّه عَزَّ وجَلَّ لأُمُورِ عِبَادِه شَرَحَ صَدْرَه لِذَلِكَ وأَوْدَعَ قَلْبَه يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ وأَلْهَمَه الْعِلْمَ إِلْهَاماً فَلَمْ يَعْيَ بَعْدَه بِجَوَابٍ ولَا يُحَيَّرُ فِيه عَنِ الصَّوَابِ فَهُوَ مَعْصُومٌ مُؤَيَّدٌ مُوَفَّقٌ مُسَدَّدٌ قَدْ أَمِنَ مِنَ الْخَطَايَا والزَّلَلِ والْعِثَارِ يَخُصُّه اللَّه بِذَلِكَ لِيَكُونَ حُجَّتَه عَلَى عِبَادِه وشَاهِدَه عَلَى خَلْقِه و * ( ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيه مَنْ يَشاءُ وا لله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) * فَهَلْ يَقْدِرُونَ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَيَخْتَارُونَه أَوْ يَكُونُ مُخْتَارُهُمْ بِهَذِه الصِّفَةِ فَيُقَدِّمُونَه تَعَدَّوْا وبَيْتِ اللَّه الْحَقَّ ونَبَذُوا كِتَابَ اللَّه وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وفِي كِتَابِ اللَّه الْهُدَى والشِّفَاءُ فَنَبَذُوه واتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ فَذَمَّهُمُ اللَّه ومَقَّتَهُمْ وأَتْعَسَهُمْ فَقَالَ جَلَّ وتَعَالَى : * ( ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواه بِغَيْرِ هُدىً مِنَ الله إِنَّ الله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) * وقَالَ * ( فَتَعْساً لَهُمْ وأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) * وقَالَ * ( كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ الله وعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ الله عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) * وصَلَّى اللَّه عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وآلِه وسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً
. . . . . . . . . . . . .
انتهى
اي والله : هيْهَاتَ هَيْهَاتَ ضَلَّتِ الْعُقُولُ وتَاهَتِ الْحُلُومُ وحَارَتِ الأَلْبَابُ وخَسَأَتِ الْعُيُونُ وتَصَاغَرَتِ الْعُظَمَاءُ وتَحَيَّرَتِ الْحُكَمَاءُ وتَقَاصَرَتِ الْحُلَمَاءُ وحَصِرَتِ الْخُطَبَاءُ وجَهِلَتِ الأَلِبَّاءُ وكَلَّتِ الشُّعَرَاءُ وعَجَزَتِ الأُدَبَاءُ وعَيِيَتِ الْبُلَغَاءُ عَنْ وَصْفِ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِه أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِه وأَقَرَّتْ بِالْعَجْزِ
كل هؤلاء عجزوا عن وصف شأن واحد من شأنه وفضيلة من فضائله
وقد ورد من طريق الفريقين :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لو أن الغياض أقلام ، والبحار مداد ، والجن حساب ، والانس كتاب ما قدروا على إحصاء فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام
والحمد لله رب العالمين
تعليق