علامة من السماء تستنفر “إسرائيل”..!
أن تنجح طائرة من دون طيار باختراق أجواء "اسرائيل"، التي لا تستطيع من وجهة نظرهم حتى حمامة اختراقها، فهذه نكسة استخبارية ومعنوية ورسالة متفجرة لما هو آت عليهم في حروب المستقبل، فاعتبرها المحلل العسكري الاسرائيلي في صحيفة يديعوت احرونوت الكس فيشمان "علامة من السماء" و طالب "اسرائيل" بـــ"الحذر"، وفي المضمون المكثف لهذه العلامة السماوية فإن: "دخول طائرة بلا طيار من لبنان في سماء إسرائيل، علامة إنذار تقول إن اسرائيل ستشهد في المستقبل اذا وقعت حرب بينها وبين حزب الله، دخول كثير مثل هذه الطائرات قد تكون مشحونة بالمواد المتفجرة"، بينما اعتبرها المحلل الاسرائيلي المعروف في معاريف عوفر شيلح "تحليقا متفجرا".
وفي المضمون المكثف لذلك يقول شيلح: "من هو قادر على اطلاق طائرة صغيرة كهذه الى مسافة أكثر من 100كم عن الحدود اللبنانية، برأيي حزب الله سيكون قادراً عند الحرب على الوصول الى عدد كبير من المواقع الحساسة في اسرائيل" بينما تجمع التقديرات العسكرية لديهم على "أن هذا الاختراق بمثابة هزيمة استخبارية"، لذلك ليس عبثا أن تستنفر الحكومة والمؤسسة الاسرائيلية لاستعراض وتقييم ابعاد الموقف.
وحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" في موقعها على الشبكة، الأحد 2012/10/7، فـ "إن السلطات الأمنية الإسرائيلية لا تزال تحقق في مصدر الطائرة من دون طيار التي اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي وتم إسقاطها في منطقة الخليل، وتفحص الأجهزة الإسرائيلية الوجهة التي كانت الطائرة المذكورة تقصدها بعد أن وصلت إلى منطقة جنوبي الخليل حيث تم إسقاطها من قبل سلاح الجو الاسرائيلي، وبحسب احد اتجاهات التحقيقات فإن إسرائيل تفحص ما إذا كانت وجهة الطائرة المنشآت الإسرائيلية في ديمونا حيث المفاعل الذري الإسرائيلي، أو ربما أن يكون إرسال هذه الطريقة مجرد اختبار لإمكانية استعمال طائرات من دون طيار لقصف وضرب منشآت استراتيجية إسرائيلية في مواجهة مستقبلية في حال اندفاعها"، وذكر الموقع "أن التقديرات الأكثر ترجيحا تفيد بأن الطائرة انطلقت من لبنان على ما يبدو في مهمة لجمع المعلومات الاستخبارية وفحص الرد الإسرائيلي"، وبحسب الصحيفة فإنه "حتى لو كانت هذه المحاولة جاءت من حزب الله، قد نجحت في هدفها فإن هناك شكوكا بمدى قدرتها على إلحاق أضرار ملموسة بالمنشآت الإسرائيلية في ديمونا، لكنها تمنح نقطة نصر نوعية للحرب النفسية التي يقودها حزب الله".
أما عن رسائل وأهداف هذا الاختراق الجوي، فتفيد التقديرات الاسرائيلية بأن تحليق الطائرة في الأجواء الاسرائيلية، هدف الى استكشاف القدرات العسكرية الاسرائيلية على اكتشاف تسلل جوي من هذا النوع، وثبت أنه بالامكان اختراق الدفاعات الجوية الاسرائيلية، كما لا تخفى المهمة الاستخبارية وراء المحاولة، فقد سعى حزب الله الى تحقيق أغراض استخبارية بجمع معلومات حساسة حول المفاعل النووي في ديمونا أو ربما حول اهداف اخرى في "اسرائيل"، يضاف الى ذلك البعد التكنولوجي في العملية، حيث هناك أيضا حرب تكنولوجية بمعنى من المعاني تدور بين حزب الله و"اسرائيل".
وفي هذا البعد الاستخباري التكنولوجي، هناك في المشهد العسكري - الحربي الاسرائيلي، تشكل أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية الركيزة الأساس للدولة والجيش والحروب والانتصارات أو الهزائم، بل ان الانجازات الأمنية والعسكرية الاسرائيلية، خاصة على صعيد الحروب الخاطفة والغارات المفاجئة والاغتيالات والعمليات الخاصة تحققت بالنسبة لهم بفضل فعالية أجهزة الاستخبارات، ولكن في مواجهة حزب الله، كان المحلل العسكري في يديعوت احرونوت كرس حيزا كبيرا تناول فيه ما وصفه بـ"العمى الاستخباراتي"، وقال: "إن الاستخبارات الإسرائيلية فشلت في اختراق حزب الله فشلاً ذريعاً برغم أن مئات من عناصرها عملت في هذا الاتجاه"، مضيفا: "إن عدم النجاح في اختراق مركز صنع القرار في حزب الله انعكس جلياً على النتائج التي تمخضت عن حرب عام/2006"، وعدّد المحلل ما وصفها بـ"الثقوب السود" في عمل الاستخبارات الصهيونية في لبنان.
واعترف مسؤول أمني إسرائيلي "بحرب عقول" مستمرة بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي التابع لحزب الله، لكنه، أكد بأن النشاط الاستخباري الاسرائيلي في المنطقة غير كاف لإحباط مساعي حزب الله لتطوير قدراته العسكرية وتكثيف تواجده الأمني المسلح في مناطق جنوب لبنان".
ويبدو أن هذا الاختراق للأجواء الاسرائيلية، فضلا عن أنه يمس الردع والاستخبارات والمعنويات لدى المؤسسة الأمنية الاسرائيلية، فإنه يثير في الوقت نفسه اسئلة استراتيجية وتكتيكية مقلقة تحتاج الى قدر اجوبة عاجلة، فهذا الاختراق يشكل علامة امنية مهمة، فأن ترسل طائرة من دون طيار عن طريق لبنان تخترق الاجواء وتقترب من ديمونا، فانها رسالة تقول لهم: ليست الصواريخ والقذائف الصاروخية هي التي ستصلكم فقط، بل وسائل طيران بلا طيارين محملة بالمواد المتفجرة...بل إنها علامة من السماء تستنفر"اسرائيل"...
نواف الزرو