إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

نور على نور(2)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نور على نور(2)

    نـور على نـور
    من الأبحاث التي تطرَّق إليها الحكماء، هو الحديث عن النظام الإلهي، وأنَّه هو النظام الأتم الأكمل الأحسن، وذلك لأنَّ فيضه سبحانه دائم، فمن المستحيل تصوّر النقصان في فيوضاته على العالمين. وهذا الأمر غير خاضع للزمان والمكان مطلقاً، فنظام الكون دائماً هو الأحسن، وعليه يكون أحسن ما خلق هو الأوَّل وهو الآخر، وبما أنَّ النبي الأكرم هو أحسن الخلق وهو الأفضل من جميع الأنبياء -كما ثبت في الأبحاث السابقة- فهو أوَّل ما خلق الله.
    وجميع الأنوار إنّما هي إشعاع لذلك النور الأوَّل المنبثق من النور المطلق، فلا بد من نور شديد به تظهر سائر الأنوار، وإلا سوف ينقطع الفيض الإلهي، أعني كلّ صفات الجمال والكمال، فالجميل المطلق قد ظهر في أحسن موجود كما أن الكريم المطلق تجلى وظهر بكرمه والقدير المطلق ظهر بقدرته، فالذي هو مظهر لتلك الصفات هو وجه الله، ولابد أن يكون موجوداً في كلِّ زمان وهو حجَّة زمانه الذي ورد في الحديث عنه:
    { لولا الحجة }
    وقال تعالى :
    {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَـلاَلِ وَالإِكْرَامِ} (الرحمن26،27)
    والمقصود من الوجه هي الفيوضات التي تمثِّل الواجهة والمرآة الإلهية، فضمير في "ربِّك" إشارة إلى خصوص ربِّ الرسول صلى الله عليه وآله، ومن هنا اتُّصف بذي الجلال والإكرام.
    وفي دعاء الندبة :
    (( أين وجه الله الذي منه يُؤتى ))
    ولتوضيح هذه الحقيقة نذكر مثالاً :
    لو فرضنا أنَّ شلاّلا ينـزل من جبلٍ عالٍ، فمن الطبيعي أن يمرَّ من خلال البحر ثمَّ الشط ثمَّ الأنهار فالجداول، وكلّ واحدة منها هي واسطة الفيض إلى ما دونها.حينئذٍ نتساءل : هل بإمكان الإنسان أن يشرب الماء من غير التوسُّل بتلك الوسائط؟
    لو حاول ذلك وهو غير قابل لهلك، لأنَّ الوعاء الذي يمتلكه لا يستوعب المـاء، فيبقى عطشاناً وهو يجاور الماء. فالحل الوحيد لمثل هذا الإنسان هو الإبتعاد من المصدر والتقرُّب إلى وسائط الفيض، جاء في الدعاء :
    ((إنّا توجَّهنا واستشفعنا وتوسَّلنا بك إلى الله وقدَّمناك بين يدي حاجاتنا، يا وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله))
    وهذه الحقيقة قد بيِّنت في قوله تعالى :
    {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (الحشر21)
    كيف والجبل مهما عظم فهو جماد لا يستوعب كلام الله تعالى، فأين التراب وربِّ الأرباب، ومن هنا يقول سبحانه :
    {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (الحشر21)
    قال صدر الحكماء المتألّهين وشيخ العرفاء الكاملين في الأسفار:
    "إعلم أيّها المسكين، أنّ هذا القرآن أُنزل من الحق إلى الخلق مع ألف حجاب لأجل ضعفاء عيون القلوب وخفافيش أبصار البصائر، فلو فرض أنّ باء بسم اللّه مع عظمته التي كانت له في اللّوح نزل إلى العرش لذاب واضمحلّ، فكيف إلى السماء الدنيا. وفي قوله تعالى: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) (الحشر21) إشارة إلى هذا المعنى"
    وتعليقاً على ذلك قال الإمام قدس سرُّه :
    "و هذا الكلام صادر عن معدن المعرفة،مأخوذ عن مشكوة الوحي والنبوة"
    أقـول:
    ولهذا قال تعالى بعد ذلك :
    {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ*هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ*هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (الحشر24:22)
    و الجدير بالذكر أنَّها آيات ثلاثة وكلِّ واحدة منها تبدأ بـ "هو الله".
    قال الإمام قدِّس سرُّه:
    " الآية الشريفة الأولى مشيرة إلى أسماء الصفات، والآية
    الثانية إلى أسماء الذات، والآية الثالثة إلى أسماء الأفعال."
    هذا:
    ولاحظ قوله تعالى :
    {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً*نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} (المزمل4:1)
    كلُّ هذه العبادات لماذا؟ قال تعالى :
    {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} (المزمل5)
    فهل بإمكاننا -نحن القُصَّر- أن نصل إلى شيء من مستوى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلَّم!
    ومن المناسب هنا الحديث عن آية النور ذات المحتوى العرفاني العميق،قال تعالى:
    {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (النور35)
    أقـول :
    ظاهر المثال هو نوع من التشبيه لنور الله –جلّ شأنه- كمشكاة فيها مصباح وهو سراج والمصباح في قنديل من الزجاج وهو مضيء متلألئ كأنَّه كوكب درِّي، وهذا المصباح يتوقَّد من شجره مباركة هي شجرة الزيتون المتكاثر نفعها والشجرة لبركتها وردت مبهمة، كما أنَّ الزيتونة لفخامة شأنها جاءت بدلاً من الشجرة، وهي لا شرقية، ولا غربية، تسطع الشمس عليها بنحو متواصل من غير انقطاع، كالتي على قمَّة جبل، أو صحراء واسعة، فان ثمرتها تكون أنضج وزيتها أصفى. أو أنَّهما إشارة إلى أرض الشام الواقعة في وسط المعمورة لا شرقها ولا غربها، فإن زيتونه أجود الزيتون أو أنَّه لا في مضحى تشرق الشمس عليها دائما فتحرقها ولا مقناة تغيب عنها دائماً فيتركها نياً وفي الحديث :
    ((لا خير فى شجرة ولا فى نبات فى مقناة ولا خير فيها في مضحى))
    يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار وذلك لتلألئه وبياضه الشديد، فجميع تلك الأمور ضاعفت في النور ولم تنقص منه أصلاً، فإن نور المصباح زاد في إنارته صفاء الزيت والقنديل وضبط المشكاة، فهو نور على نور وإن كان النور حقيقة من المعدن، كما جاء في المناجاة الشعبانية:
    ((إلهي هب لي كمال الإنقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتّى تخرق أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعزّ قدسك))
    ولكن عند التأمل في الأحاديث الشريفة التي وردت في تفسير الآية المباركة والآية التي بعدها، وملاحظة القرائن المحيطة بها، نصل إلى النتيجة التالية :
    عند ملاحظة سياق الآيات، نرى أنَّها تنوِّه إلى حقيقة واحدة وهي :
    إنَّ الله هو نور السماوات والأرض، إنَّ هذا ليس هو إلاّ مثالٌ يشير إلى حقائق أخرى كما أشرنا سابقاً في بيان الفروق بين النور الحسِّي والحقيقي.
    فالأحاديث على اختلافها الظاهري تؤكِّد على أنَّ المصباح هو المصطفى صلى الله عليه وآله وسلَّم، فقد جاء في الحديث التالي :
    ((عن عبد الله بن جندب قال :كتبت إلى أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه أسأله عن تفسير هذه الآية فكتب إلي الجـواب : أما بعد فان محمدا صلى الله عليه واله كان أمين الله فى خلقه فلما قبض النبي كنا أهل البيت ورثته فنحن أمناء الله فى أرضه… مثلنا في كتاب الله عزّ وجل "كمثل مشكوة "المشكوة في القنديل فنحن المشكوة "فيها مصباح " المصباح محمد صلى الله عليه واله)).
    وكانوا عليهم السلام يستشهدون بآيات أخرى تعزيزاً لهذا المعنى، فقد ورد في تفسير قوله تعالى :
    {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَ يُبْصِرُونَ} (البقرة17)
    وقوله تعالى :
    {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا...} (يونس5)
    وقوله تعالى:
    {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} (يس37)
    ((على بن محمد عن على بن العباس عن على بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ...في حديث طويل. قال في تفسير الآية المباركة أضاءت الأرض بنور محمدٍ كما تضيء الشمس فضرب الله مثل محمد صلى الله عليه وآله الشمس ومثل الوصي القمر وهو قوله عزّ وجلّ جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقوله وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون)) (الكافى ج8 ص379 روايه574 باب8)
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X