الجعبري كان عقلية استراتيجية فذة... طور قدرات حماس العسكرية وصواريخها
اوباما اوكل مهمة التهدئة لمرسي.. وجولته الاسيوية تكريس لاستراتيجية الابتعاد عن الشرق الاوسط ومواصلة حلول 'الريموت كونترول'
لندن ـ 'القدس العربي': الموقف الامريكي من الحملة الاسرائيلية على غزة لا يزال يؤكد على حق اسرائيل للدفاع عن نفسها ويتمسك بسياسته التبريرية وهي القيادة من المقعد الخلفي في التعامل مع قضايا الشرق الاوسط، خاصة بعد ثورات الربيع العربي، ولم يخرج الاعلام الامريكي عن النص الرسمي حيث التزم فيه حرفيا. وهذا يفسر عدم اهتمام المحللين كثيرا بالحملة الاسرائيلية قدر اهتمامهم بسورية او ليبيا من قبل، حيث اهتمت الشبكات الاعلامية الامريكية والغربية بالصوت الاسرائيلي واعضاء اللوبي 'الخبراء' واستبعدت الاصوات الفلسطينية.
ويقول تحليل في 'اوبزيرفر' انه في اثناء الحديث عن الحرب الثانية هذه لم يشر الى اثار 45 عاما من الاحتلال على القطاع، فيما ابدى الاعلام هوسا بكل صاروخ بدائي يسقط على اسرائيل.
غياب المخيلة السياسية
ومع ذلك يرى الجميع على طرفي الاطلسي ان حرب اسرائيل الثانية على غزة تعبر عن قصر نظر وغياب في التفكير، اذ ان اسرائيل لا تزال تعتقد على الرغم من التغييرات التي حدثت في المنطقة بانها قادرة على حل الازمات مع الجيران بالقوة الضاربة والحروب التي تنتهي عادة بساعات او ايام، ففي حروبها الماضية كانت تنتهي الى معاهدات سلام، كالحالة مع مصر السادات وكامب ديفيد ومع الاردن ومعاهدة وادي عربة. لكن حروبها الاخيرة مع حزب الله والانتفاضة الثانية وغزة انتهت بنتائج غير واضحة ان لم تكن هزيمة. فهذه الحروب لا تعبد الطريق امام اتفاق سلام دائم بين اسرائيل وجيرانها وتعبر عن فشل ذريع في المخيلة السياسية.
وفي هذا السياق تقول صحيفة 'اوبزيرفر' في افتتاحيتها ان الكثيرين حاولوا ربط الحرب الجديدة في الانتخابات الاسرائيلية وحرمان اسرائيل من ضرب ايران ومحاولات الفلسطينيين الحصول على عضوية كاملة في الامم المتحدة لكن الحقيقة تقول ان حكومة بنيامين نتنياهو لجأت الى هذا الحل للتأثير على اتفاق اوسلو وضربه. فمنذ فترة تعاقب على اسرائيل عدد من الساسة المتطرفين مما ادى الى تضييق مساحة التفاوض مع الفلسطينيين والتوصل معهم لحل الدولتين. وتضيف ان البديل عن اوسلو هو حل الدولة الذي يضم الكيانين في كيان واحد مما يهدد مصير اسرائيل والاسرائيليين اذا اخذنا بعين الاعتبار 'القنبلة الديمغرافية' معدلات الولادة عند الفلسطينيين سواء داخل اسرائيل او في غزة والضفة، مما يؤشر الى غالبية فلسطينية. اما الخيار الثالث وهو استمرار الوضع على ما هو مما يعني استمرار موجات العنف التي تندلع بين الفترة والاخرى. وترى ان العملية السلمية التي تعيش حالة احتضار كانت السبب وراء اندلاع العنف مع حماس في غزة المعزولة عن العالم. وتقول الصحيفة ان السياسة الاسرائيلية تجاه غزة لا يمكن الدفاع عنها بل هي مرفوضة لانها تمثل عقابا جماعيا لمواطنين في اكثر بقعة كثافة في العالم. ولا توفر الصحيفة حماس من الانتقاد، وكعادة الصحف الغربية تحملها المسؤولية حيث تقول ان قلة عدد القتلى من الجانب الاسرائيلي يعود الى محدودية القدرة العسكرية عند حماس لا اهتمامها بالحياة الانسانية.
وترى الصحيفة ان الدعم الذي تلقاه حماس وحملتها المميتة جاء بسبب فشل العملية السلمية. وتضيف ان اهل غزة ليس كما تقول الرواية الاسلامية اسرى لدى حماس بل هناك من هم مغتاظون منها، كما ان الحركة لا تمثل جبهة متقدمة لايران لان ترددها بدعم حليف طهران في دمشق ادى بسحب الدعم عنها. وتمضي الصحيفة في نقدها لحماس وسجلها في مجال حقوق الانسان وطريقتها الشمولية في الحكم وماضيها في العمليات الانتحارية وعدم اعترافها باسرائيل. كل هذا لا يعني ان اسرائيل قادرة على سحق حركة متجذرة في المجتمع، باستخدام القوة الضاربة، فتجربتها في لبنان عام 2006 وفي جنوب غزة قبل اربعة اعوام والتي خلفت وراءها عددا كبير من القتلى والجرحى.
وتشير الصحيفة الى رد المجتمع الدولي الذي تميز بالضعف والتناقض، فمن ناحية تصفق العواصم الدولية للربيع العربي ومطالب الشعوب بالحرية والديمقراطية لكنها تتعامى وتتظاهر بعدم حدوث الربيع عندما يتعلق الامر بمطالب الفلسطينيين بالحرية وتقرير المصير. وتقول انه في ظل عدم قدرة اي طرف على تحقيق انتصار فدوامة العنف ستنتهي بمفاوضات وحل يقتضي شجاعة سياسية اكثر مما يتوفر لدى الحكومة الاسرائيلية الحالية ومما بدا من باراك اوباما الذي ابدى موقفا مشينا بعدم تدخله وكذا بريطانيا وحلفاؤها الاوروبيون.
وتختم بالقول ان العالم يعرف ما تحتاجه المنطقة كي تعيش في سلام وهو اقامة دولتين ضمن خطوط عام 1967 وضمان الامن للطرفين لمنع العنف والارهاب ولتحقيق هذا لا بد من العودة لطاولة المفاوضات، وهذا يقتضي ضغوطا حقيقية على اسرائيل واليات مالية وسياسية لاقناع الفلسطينيين بان هناك امكانية للحصول على سلام، مشيرة الى عرض امير قطر للاستثمار الواسع في القطاع هو خطوة في الاتجاه الصحيح.
وتقول ان العبء الاكبر للتقدم نحو هذا الهدف تتحمله اسرائيل وطبقتها السياسية التي يجب ان تقتنع ان السلام احسن من العنف وان هناك فرصا كبيرة للتعاون وان الصراع الدائم سيؤثر على الاجيال القادمة في المنطقة وفي النهاية فهذه الرسالة لا يمكن ان تأتي الا من واشنطن. وذكرت الصحيفة اوباما بخطابه عام 2009 في القاهرة حيث وعد ببداية جديدة، وهذا وعد طال انتظار تحقيقه، وقد يبدأ بدعوة اسرائيل الانسحاب وعدم توسيع العملية في غزة، لانه فشله بهذا وفي ظل وضع جديد في الشرق الاوسط ستكون له اثار قاتمة.
اوباما لا يبالي
مشكلة باراك اوباما انه ومنذ وصوله البيت الابيض تبنى سياسة خارجية قائمة على 'الريموت كونترول' او استراتيجية البصمات الباهتة وهي السياسة التي تعتمد على البقاء في المقعد الخلفي لحل مشكلات المنطقة او الضغط على الزر من قاعدة عسكرية لتوجيه طائرة نحو هدفها لقتل ناشطي القاعدة في افغانستان، الباكستان، اليمن، الصومال او منطقة الصحراء الافريقية، وفي حالات اخرى زرع فيروسات لتدمير قدرات اجهزة الكمبيوتر الايرانية.
ومع ان هذه الاستراتيجية آتت اكلها لفترة لكن اوباما وادارته يعرفون ان لها حدودوها وعليه فهو يتعرض الان لضغوط كبيرة كي ينخرط وبشكل اكبر في المنطقة، حيث الازمة السورية وحرب غزة الثانية، والعملية السلمية والمشروع النووي الايراني. ومع انه اعلن عن رغبته بمحادثات مباشرة مع ايران كمحاولة لمنع حرب يعتقد انها قد تندلع في منتصف العام المقبل الا انه يجد نفسه الآن وفي الايام الاخيرة من ولايته الاولى منشغلا او مجبرا على الانشغال بقضايا المنطقة، وهو الذي امل ان يستخدم انجازاته المحدودة في العراق وافغانستان من اجل الالتفات اكثر للقضايا المحلية او 'بناء الامة'.
ويبدو ان اوباما عازم على مواصلة سياسة عدم التورط في الشرق الاوسط، حيث طلب من مستشاريه اعادة تقييم السياسة الخارجية وتحديد المناطق التي تستنفد فيها امريكا جهودها وتلك التي لا جهود فيها، وجاءت الاجابة ان الشرق الاوسط هي التي تستنفد فيها الجهود دون مردود، وفي اسيا لا جهود واضحة وهذا يفسر جولة اوباما القادمة في منطقة اسيا وزيارته لبورما وتايلند وكمبوديا بدلا من الجلوس في البيت الابيض على الهاتف مع بنيامين نتنياهو ومحمد مرسي الذي يعتمد عليه الان في تهدئة الوضع واحتواء حماس كما تقول صحيفة 'نيويورك تايمز'.
ونقلت عن مسؤول قوله انهم لم يفكروا ابدا في الغاء الجولة، مضيفا ان هناك فرقا بين التركيز على ما هو مهم للمدى الطويل وعلى المشكلة الموجودة دائما. ويقول نقاد اوباما ان سياسة او استراتيجية البصمات الباهتة تعني الابتعاد عن المشاكل ولم تعد هذه الاستراتيجية ناجعة.
صواريخ حماس
فقد حصلت حماس على 100 صاروخ من طراز فجرـ 5 والذي كانت قطعه تهرب من ايران عبر السودان وصحراء مصر الى غزة. وبحسب الاسرائيليين فمن يقوم بالتهريب رجال من حماس وخبراء ايرانيون كانوا يتنقلون بوثائق سفر مزورة وبموافقة من السودان. وتشير الصحيفة الى ان استراتيجية الحصول على الاسلحة التي اتبعها قائد الكتائب الجعبري كانت فاعلة بشكل يدفع الان اسرائيل لعملية برية كي تدمر ما تبقى من قدرات عسكرية لحماس.
وتضيف ان حماس في ظل قيادة الجعبري طورت صناعة عسكرية وانتجت صواريخ طويلة المدى وطائرات بدون طيار كانت تخطط لاطلاقها لولا الهجوم الاسرائيلي. وتعتقد الصحيفة ان العملية الحالية في غزة ستشل حليف ايران وستمنعها من الرد الانتقامي حالة تعرض المشروع النووي لضربة اسرائيلية.
ونقلت عن مسؤول اسرائيلي قوله ان كلا من حماس والجهاد الاسلامي طورت اسلحة وصواريخ بمساعدة ايرانية، وقال ان ما انجزته القوات الاسرائيلية حتى الان هو تدمير القدرات الانتاجية عند حماس، مضيفا ان هذه الصناعة تمت تحت رعاية الجعبري الذي كان عقلية استراتيجية كبيرة. واشارت الى ان اسرائيل قامت قبل الهجوم على غزة بسلسلة من العمليات لقطع خطوط الامداد ففي الشهر الماضي ضربت مصنعا للسلاح في السودان. ومع ان اسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عنه الا ان حركات ولفتات المسؤولين فيها تظهر انهم من قاموا بتدميره.
خيارات اسرائيل
نقلت صحيفة 'اندبندنت اون صندي' عن محلل في غزة قوله ان استخدام حماس لصواريخ بعيدة المدى لن تتسامح معه اسرائيل مما يعني استمرار النزاع. وقال ان اسرائيل لديها ثلاثة خيارات، اما الغزو الشامل، والاطاحة بحماس وهذا سيعرض امن واستقرار المنطقة للخطر، حيث سيؤدي الى فوضى وحالة فراغ في القطاع ستتسابق الجماعات المتشددة على ملئه، اما الخيار الثاني فهو تلقين اسرائيل درسا لحماس والثالث هو اعادة احتلال القطاع.
ويرى المحلل ان قتل قيادة حماس لن يحل المشكلة، او ينهي الكفاح الفلسطيني وما يتطلبه الوضع هو حل سياسي. ويبدو ان اسرائيل لا وقت لها للحل السياسي فبحسب وزير داخليتها ايلي يشاي فهدف العملية هو اعادة غزة للعصور الوسطى.
اوباما اوكل مهمة التهدئة لمرسي.. وجولته الاسيوية تكريس لاستراتيجية الابتعاد عن الشرق الاوسط ومواصلة حلول 'الريموت كونترول'
2012-11-18

ويقول تحليل في 'اوبزيرفر' انه في اثناء الحديث عن الحرب الثانية هذه لم يشر الى اثار 45 عاما من الاحتلال على القطاع، فيما ابدى الاعلام هوسا بكل صاروخ بدائي يسقط على اسرائيل.
غياب المخيلة السياسية
ومع ذلك يرى الجميع على طرفي الاطلسي ان حرب اسرائيل الثانية على غزة تعبر عن قصر نظر وغياب في التفكير، اذ ان اسرائيل لا تزال تعتقد على الرغم من التغييرات التي حدثت في المنطقة بانها قادرة على حل الازمات مع الجيران بالقوة الضاربة والحروب التي تنتهي عادة بساعات او ايام، ففي حروبها الماضية كانت تنتهي الى معاهدات سلام، كالحالة مع مصر السادات وكامب ديفيد ومع الاردن ومعاهدة وادي عربة. لكن حروبها الاخيرة مع حزب الله والانتفاضة الثانية وغزة انتهت بنتائج غير واضحة ان لم تكن هزيمة. فهذه الحروب لا تعبد الطريق امام اتفاق سلام دائم بين اسرائيل وجيرانها وتعبر عن فشل ذريع في المخيلة السياسية.
وفي هذا السياق تقول صحيفة 'اوبزيرفر' في افتتاحيتها ان الكثيرين حاولوا ربط الحرب الجديدة في الانتخابات الاسرائيلية وحرمان اسرائيل من ضرب ايران ومحاولات الفلسطينيين الحصول على عضوية كاملة في الامم المتحدة لكن الحقيقة تقول ان حكومة بنيامين نتنياهو لجأت الى هذا الحل للتأثير على اتفاق اوسلو وضربه. فمنذ فترة تعاقب على اسرائيل عدد من الساسة المتطرفين مما ادى الى تضييق مساحة التفاوض مع الفلسطينيين والتوصل معهم لحل الدولتين. وتضيف ان البديل عن اوسلو هو حل الدولة الذي يضم الكيانين في كيان واحد مما يهدد مصير اسرائيل والاسرائيليين اذا اخذنا بعين الاعتبار 'القنبلة الديمغرافية' معدلات الولادة عند الفلسطينيين سواء داخل اسرائيل او في غزة والضفة، مما يؤشر الى غالبية فلسطينية. اما الخيار الثالث وهو استمرار الوضع على ما هو مما يعني استمرار موجات العنف التي تندلع بين الفترة والاخرى. وترى ان العملية السلمية التي تعيش حالة احتضار كانت السبب وراء اندلاع العنف مع حماس في غزة المعزولة عن العالم. وتقول الصحيفة ان السياسة الاسرائيلية تجاه غزة لا يمكن الدفاع عنها بل هي مرفوضة لانها تمثل عقابا جماعيا لمواطنين في اكثر بقعة كثافة في العالم. ولا توفر الصحيفة حماس من الانتقاد، وكعادة الصحف الغربية تحملها المسؤولية حيث تقول ان قلة عدد القتلى من الجانب الاسرائيلي يعود الى محدودية القدرة العسكرية عند حماس لا اهتمامها بالحياة الانسانية.
وترى الصحيفة ان الدعم الذي تلقاه حماس وحملتها المميتة جاء بسبب فشل العملية السلمية. وتضيف ان اهل غزة ليس كما تقول الرواية الاسلامية اسرى لدى حماس بل هناك من هم مغتاظون منها، كما ان الحركة لا تمثل جبهة متقدمة لايران لان ترددها بدعم حليف طهران في دمشق ادى بسحب الدعم عنها. وتمضي الصحيفة في نقدها لحماس وسجلها في مجال حقوق الانسان وطريقتها الشمولية في الحكم وماضيها في العمليات الانتحارية وعدم اعترافها باسرائيل. كل هذا لا يعني ان اسرائيل قادرة على سحق حركة متجذرة في المجتمع، باستخدام القوة الضاربة، فتجربتها في لبنان عام 2006 وفي جنوب غزة قبل اربعة اعوام والتي خلفت وراءها عددا كبير من القتلى والجرحى.
وتشير الصحيفة الى رد المجتمع الدولي الذي تميز بالضعف والتناقض، فمن ناحية تصفق العواصم الدولية للربيع العربي ومطالب الشعوب بالحرية والديمقراطية لكنها تتعامى وتتظاهر بعدم حدوث الربيع عندما يتعلق الامر بمطالب الفلسطينيين بالحرية وتقرير المصير. وتقول انه في ظل عدم قدرة اي طرف على تحقيق انتصار فدوامة العنف ستنتهي بمفاوضات وحل يقتضي شجاعة سياسية اكثر مما يتوفر لدى الحكومة الاسرائيلية الحالية ومما بدا من باراك اوباما الذي ابدى موقفا مشينا بعدم تدخله وكذا بريطانيا وحلفاؤها الاوروبيون.
وتختم بالقول ان العالم يعرف ما تحتاجه المنطقة كي تعيش في سلام وهو اقامة دولتين ضمن خطوط عام 1967 وضمان الامن للطرفين لمنع العنف والارهاب ولتحقيق هذا لا بد من العودة لطاولة المفاوضات، وهذا يقتضي ضغوطا حقيقية على اسرائيل واليات مالية وسياسية لاقناع الفلسطينيين بان هناك امكانية للحصول على سلام، مشيرة الى عرض امير قطر للاستثمار الواسع في القطاع هو خطوة في الاتجاه الصحيح.
وتقول ان العبء الاكبر للتقدم نحو هذا الهدف تتحمله اسرائيل وطبقتها السياسية التي يجب ان تقتنع ان السلام احسن من العنف وان هناك فرصا كبيرة للتعاون وان الصراع الدائم سيؤثر على الاجيال القادمة في المنطقة وفي النهاية فهذه الرسالة لا يمكن ان تأتي الا من واشنطن. وذكرت الصحيفة اوباما بخطابه عام 2009 في القاهرة حيث وعد ببداية جديدة، وهذا وعد طال انتظار تحقيقه، وقد يبدأ بدعوة اسرائيل الانسحاب وعدم توسيع العملية في غزة، لانه فشله بهذا وفي ظل وضع جديد في الشرق الاوسط ستكون له اثار قاتمة.
اوباما لا يبالي
مشكلة باراك اوباما انه ومنذ وصوله البيت الابيض تبنى سياسة خارجية قائمة على 'الريموت كونترول' او استراتيجية البصمات الباهتة وهي السياسة التي تعتمد على البقاء في المقعد الخلفي لحل مشكلات المنطقة او الضغط على الزر من قاعدة عسكرية لتوجيه طائرة نحو هدفها لقتل ناشطي القاعدة في افغانستان، الباكستان، اليمن، الصومال او منطقة الصحراء الافريقية، وفي حالات اخرى زرع فيروسات لتدمير قدرات اجهزة الكمبيوتر الايرانية.
ومع ان هذه الاستراتيجية آتت اكلها لفترة لكن اوباما وادارته يعرفون ان لها حدودوها وعليه فهو يتعرض الان لضغوط كبيرة كي ينخرط وبشكل اكبر في المنطقة، حيث الازمة السورية وحرب غزة الثانية، والعملية السلمية والمشروع النووي الايراني. ومع انه اعلن عن رغبته بمحادثات مباشرة مع ايران كمحاولة لمنع حرب يعتقد انها قد تندلع في منتصف العام المقبل الا انه يجد نفسه الآن وفي الايام الاخيرة من ولايته الاولى منشغلا او مجبرا على الانشغال بقضايا المنطقة، وهو الذي امل ان يستخدم انجازاته المحدودة في العراق وافغانستان من اجل الالتفات اكثر للقضايا المحلية او 'بناء الامة'.
ويبدو ان اوباما عازم على مواصلة سياسة عدم التورط في الشرق الاوسط، حيث طلب من مستشاريه اعادة تقييم السياسة الخارجية وتحديد المناطق التي تستنفد فيها امريكا جهودها وتلك التي لا جهود فيها، وجاءت الاجابة ان الشرق الاوسط هي التي تستنفد فيها الجهود دون مردود، وفي اسيا لا جهود واضحة وهذا يفسر جولة اوباما القادمة في منطقة اسيا وزيارته لبورما وتايلند وكمبوديا بدلا من الجلوس في البيت الابيض على الهاتف مع بنيامين نتنياهو ومحمد مرسي الذي يعتمد عليه الان في تهدئة الوضع واحتواء حماس كما تقول صحيفة 'نيويورك تايمز'.
ونقلت عن مسؤول قوله انهم لم يفكروا ابدا في الغاء الجولة، مضيفا ان هناك فرقا بين التركيز على ما هو مهم للمدى الطويل وعلى المشكلة الموجودة دائما. ويقول نقاد اوباما ان سياسة او استراتيجية البصمات الباهتة تعني الابتعاد عن المشاكل ولم تعد هذه الاستراتيجية ناجعة.
صواريخ حماس
فقد حصلت حماس على 100 صاروخ من طراز فجرـ 5 والذي كانت قطعه تهرب من ايران عبر السودان وصحراء مصر الى غزة. وبحسب الاسرائيليين فمن يقوم بالتهريب رجال من حماس وخبراء ايرانيون كانوا يتنقلون بوثائق سفر مزورة وبموافقة من السودان. وتشير الصحيفة الى ان استراتيجية الحصول على الاسلحة التي اتبعها قائد الكتائب الجعبري كانت فاعلة بشكل يدفع الان اسرائيل لعملية برية كي تدمر ما تبقى من قدرات عسكرية لحماس.
وتضيف ان حماس في ظل قيادة الجعبري طورت صناعة عسكرية وانتجت صواريخ طويلة المدى وطائرات بدون طيار كانت تخطط لاطلاقها لولا الهجوم الاسرائيلي. وتعتقد الصحيفة ان العملية الحالية في غزة ستشل حليف ايران وستمنعها من الرد الانتقامي حالة تعرض المشروع النووي لضربة اسرائيلية.
ونقلت عن مسؤول اسرائيلي قوله ان كلا من حماس والجهاد الاسلامي طورت اسلحة وصواريخ بمساعدة ايرانية، وقال ان ما انجزته القوات الاسرائيلية حتى الان هو تدمير القدرات الانتاجية عند حماس، مضيفا ان هذه الصناعة تمت تحت رعاية الجعبري الذي كان عقلية استراتيجية كبيرة. واشارت الى ان اسرائيل قامت قبل الهجوم على غزة بسلسلة من العمليات لقطع خطوط الامداد ففي الشهر الماضي ضربت مصنعا للسلاح في السودان. ومع ان اسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عنه الا ان حركات ولفتات المسؤولين فيها تظهر انهم من قاموا بتدميره.
خيارات اسرائيل
نقلت صحيفة 'اندبندنت اون صندي' عن محلل في غزة قوله ان استخدام حماس لصواريخ بعيدة المدى لن تتسامح معه اسرائيل مما يعني استمرار النزاع. وقال ان اسرائيل لديها ثلاثة خيارات، اما الغزو الشامل، والاطاحة بحماس وهذا سيعرض امن واستقرار المنطقة للخطر، حيث سيؤدي الى فوضى وحالة فراغ في القطاع ستتسابق الجماعات المتشددة على ملئه، اما الخيار الثاني فهو تلقين اسرائيل درسا لحماس والثالث هو اعادة احتلال القطاع.
ويرى المحلل ان قتل قيادة حماس لن يحل المشكلة، او ينهي الكفاح الفلسطيني وما يتطلبه الوضع هو حل سياسي. ويبدو ان اسرائيل لا وقت لها للحل السياسي فبحسب وزير داخليتها ايلي يشاي فهدف العملية هو اعادة غزة للعصور الوسطى.