توحيد الوهابيين
إن الباحث في توحيد الوهابيين يرى نفسه بين أمرين : إما أن يحكم على علمائهم بعدم الفهم ، أو يحكم عليهم بأنهم يستعملون التقية في الإفصاح عن معبودهم ، ولكنه يستبعد الحكم على علمائهم بعدم الفهم لأنه يرى أن ابن عبد الوهاب وبعض تلاميذه الماضين وبعض تلاميذه المعاصرين مثل ابن باز والألباني ، وأسلافهم كالذهبي وابن تيمية ومجسمة الحنابلة ، يعرفون معنى الحمل على الظاهر وما يستلزمه من تجسيم ، ولكنهم يدافعون عن أنفسهم أمام المسلمين بنفي اللوازم ، بينما يظهر التجسيم في كلماتهم وما يسرُّونه للخاصة من أتباعهم ! مما يكتم تفسيره على حد قول ابن تيمية ! أو بالقول أن ما ورد في القرآن والسنة هو نفي الند والمثل والكفء أما الشبيه فلم يرد فيه نفي فلا مانع من القول به لا عقلاً ولا شرعاً[1] !!
ويقول الذهبي إن ذلك من (العلم المباح (الذي) لا يجب بثه ، ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء)[2] وهذا شبيه بالعلم الذي يحصره اليهود والنصارى برؤساء الاكليروس أي كبار الكرادلة والحاخامات !! ، ويقول في سيره 20/331 (ومسألة النـزول فالإيمان به واجب وترك الخوض في لوازمه أولى) اهـ. وكلمة (وتركه أولى) تعبير فقهي معناه أن التعبير به جائز ولكن الأحسن تركه ، فهو ملتفت إلى أن لوازم مذهبه التجسيم وملتزم بها ، ولكنه يفضل عدم الكلام فيها حتى لا يكون ممسكاً عليهم عند المنـزهين !
وأما عوامهم فهم عوام أقحاح لا يعرفون إلا مدح مذهبهم بأنه مذهب التوحيد ومذهب السلف ، ولا يعرفون معنى التأويل والتفويض والمجاز.
وأما طلبتهم وأكثر خريجيهم فيتصورون أن حمل آيات الصفات على الظاهر الحسي هو مذهب جمهور الأمة وسلفها الصالح ، لكثرة ما لقنوهم ذلك في كتبهم الدراسية ووسائل إعلامهم ، ولا يكاد أحدهم يعرف معنى الحمل على الظاهر ولوازمه !
تقول لأحدهم : إن قول علمائك بأن الله تعالى جالس على عرشه ، وأنه ينـزل إلى الأرض كما نزل ابن تيمية عن درج المنبر في الشام ، يلزم منه تحديد الله تعالى بالمكان والزمان وصفات المكين والزمين ! فيجيبك : كلا ، لا يلزم من ذلك التشبيه والتجسيم ! لأنه يجلس كما يليق بجلاله ، وينـزل كما يليق بجلاله ...!! ويتصور هذا المسكين أنه إذا لقلق لسانه بقوله (كما يليق بجلاله) فقد حل المشكلة العلمية ، ودحا باب خيبر !! فمثله كمثل الذي يأكل ويشرب في وضح النهار ثم يصر على أنه صائم لم يذق شيئاً ! لأنه صام كما يليق بصيامه ، وأكل كما يليق بجنابه ! مع أنه لم يبقِ شيئاً حسناً يليق بجنابه.
ويدل النص التالي للسبكي أن التقية معروفة عند أسلاف الوهابيين ، وأن بعض العلماء قد بيَّن سببها ، قال في طبقات الشافعية 8/ 222 : ( قال الشيخ ابن عبدالسلام : والحشوية والمشبهة الذين يشبهون الله بخلقه ضربان: أحدهما لا يتحاشى من إظهار الحشو (ويحسبون أنهم على شيء) والآخر يتستر بمذهب السلف لسحت أكله أو حطام يأخذه)
أقول: التقية عند مشائخ الحشوية يدركها من يقرأ كتب ابن القيم وأستاذه ابن تيمية فهما يغلفان مرادهما تغليفاً بألفاظ منمقة وعبارات مسهبة ومقدمات طويلة لا تدرك مغزاها إلا بعد طول تأمل ، وخصوصاً في مسائل التجسيم كأنهما يريدان أن يقولا شيئاً يخجلان به ، وهو سبيلهم لبقاء كتبهم التي لو علم الناس ما فيها من باطل لأحرقوها ، وما فعلوا ذلك إلا بعد أن خبروا الناس ورأوا ردود أفعالهم ، وهذا مذهبهم الباطل لم يلق أرضاً خصبة إلا في بلاد مسيلمة الكذاب ، إن في ذلك لعبرة.
[1] يقول ابن تيمية في الرسالة التدمرية ص 75 : " فهؤلاء إذا أطلقوا على الصفاتية اسم التشبيه والتمثيل كان هذا بحسب اعتقادهم الذي ينازعهم فيه أولئك ، ثم يقول لهم أولئك : هب أن هذا المعنى قد تسمى في اصطلاح بعض الناس تشبيهاً ، فهذا المعنى لا ينفيه عقل ولا سمع ، وإنما الواجب نفي ما نفته الأدلة الشرعية والعقلية ، والقرآن قد نفى مسمى المثل والكفء والند ونحو ذلك ، ولكن يقولون الصفة في لغة العرب ليست مثل الموصوف ولا كفؤه ولا نده ، فلا يدخل في النص . وأما العقل : فلم ينف مسمى التشبيه في اصطلاح المعتزلة.
[2] الوهابية والتوحيد ص 79 ، ولم يحدد المصدر أهو سير أعلام النبلاء ، أم تذكرة الحفاظ ، ولكن الذهبي في التذكرة 4/13-14 وفي سيره 21 / 463 يدافع عن المجسمة الذين لحقهم الأذى بسبب إظهار التجسيم كعبد الغني الذي يسميه بالحافظ والذي أفتى فقهاء مصر بإباحة دمه ، لذا فهو يرى أن كتمانها عن العامة أولى.
وعلى هذا مشايخ الوهابية وأسلافهم المشبهة المجسمة كابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وابن باز وابن عثيمين ، وإليك نص عبارتهم :
- ففي كتاب رد الدارمي على بشر المريسي اليابق ذكره ص / 195 يقول المؤلف : ( كل شيء هالك إلا وجه نفسه الذي هو أحسن الوجوه وأجمل الوجوه وأنور الوجوه وإن الوجه منه غير اليدين ، واليدين منه غير الوجه " .
-وفي ص / 161 يقول : " فصعد - أي جبريل - بهن أي بكلمات الذكر - حتى يحيّ بهن وجه الرحمن " .
- وفي ص /167 يقول الدارمي : " نور السماوات والأرض من نور وجهه " .
- وفي ص /190 يقول الدارمي : " والنور لا يخلو من أن يكون له إضاءة واستنارة ومنظر ورواء ، وإنه يدرك يومئذ بحاسة النظر إذا كشف عنه الحجاب كما يدرك الشمس والقمر في الدنيا " .
- وفي الكتاب المسمى " قرة عيون الموحدين " تأليف عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب تحقيق محمد بشير عيون - طبع مكتبة المؤيد الطائف - سنة 1990 - يقول المؤلف ص م 187 : " روى ابن جرير عن وهب بن منبه : فيأتون إلى الرحمن الرحيم فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه ثم يقولون فأذن لنا بالسجود قدامك " .
فإذا كان هذا كلام زعيم من زعماء الوهابية وحفيد من ينتسبون إليه ويسمونه زوراً وبهتاناً مجدد القرن الثاني عشر ، ويتنافسون في شرح كتبه وطبعها وتوزيعها مجاناً لزيادة الضلال والإفساد في الأرض ، فماذا نقول عن التائهين من الوهابية من أهل هذا العصر وشذاذ هذا الزمان فما أبقوا في الكفر من بقية ؟؟ !
صور تخيلية لإله السلفية
هنا صورته وهو كاشف عن قدمه وسوف يكشف عن ساقه يوم القيامة ... { يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون } { القلم : 42 } ورد في تفسير هذه الأية ما أخرجه البخاري من طريق سعيد بن ابي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد ? قال : سمعت رسول الله ? يقول : (( يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسمعة)
وهذه الساق التى تشاهدونها في الصورة سوف يكون لها نصيب من الكفار في جهنم .. حيث روي الشيخين في صحيحهما.. ((وقَالَ الله لِلنَّارِ إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي مِنْهُمَا مِلْؤُهَا فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ))
ويقولون : أن ربهم ينزل على حمار !!
وقال بعضهم – يعني المجسمة - : إنه ينزل على (( حمــار )) في صورة غلام أمرد في رجليه نعلان من ذهب وعلى وجهه فراش من ذهب يتطاير .
المرجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج 3 ص 227 .
تعليق