إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

{هُوَ الأول وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَي‏ءٍ عليمٌ} . (السيد جعفر سيدان)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • {هُوَ الأول وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَي‏ءٍ عليمٌ} . (السيد جعفر سيدان)


    الاستاذ السيد جعفر سيدان الخراساني
    آية التوحيد:
    قال تعالى: {هُوَ الأول وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَي‏ءٍ عليمٌ} .
    هذه الآية المباركة من جملة الآيات المهمة في التوحيد ولابدّ من البحث عنها بدقة وقد جاءت في تفسير هذه الآية روايات كثيرة من الأئمة الأطهار, وهنالك تفاسير ذكرها العلماء لابدّ من ملاحظتها.
    أهميّة الآية
    :
    حول التوحيد الإلهي هنالك ستة آيات في أوّل سورة الحديد والتي تكون الآية سابقة الذكر احداها, نشير إلى حديثين يؤكدان إنَّ أهميّة هذه الآيات المباركة.
    1ـ قال القميّ في تفسيره للآيات الأولى من سورة الحديد هو قوله صلي الله عليه وآله: >أعطيت جوامع الكلم< .
    مع ملاحظة هذا الحديث والحديث الآتي, يعلم إنّ سورة الإخلاص والآيات الأوائل الست من سورة الحديد هي جوامع الكلم، يعني الجامعة والشاملة لكلّ كلام حول التوحيد.
    2ـ عن عاصم بن حُمَيد قال : قال الإمام الصادق: إنّه سئل الإمام السجاد عن التوحيد فقال: إنّ اللَّه عزّوجلّ علم أنّه يكون في آخرالزمان أقوام متعمقون، فأنْزل اللَّه تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والآيات من سورة الحديد إلى قوله : {عليمٌ بِذَاتِ الصُّدُور} فمن رام وراء ذلك فقد هلك» .
    فعلى أساس هذا الحديث لو تمسك شخص في مباحث التوحيد بغير سورة التوحيد وهذه الآيات من سورة الحديد, ولم يكن تفكيره العلمي واعتقاده موافقاً لهذه الآيات, ولم يجعل من هذه الآيات معياراً وميزاناً له (في فهم التوحيد) فقد هلك.
    ذم أم مدح !
    هل إنّ هذا الحديث يذم التعمق أم إنّه يمدح أهل التعمق؟
    1- فقسم يقول: إنّ الحديث لا يتضمن مدحاً ولا ذماً بل الحديث يدل على مجرد الحكاية عن إنّ قسماً من النَّاس سوف يأتون ويكونون كذلك.
    2- ويقول البعض: إنّ الحديث في مقام مدح أولئك.
    3- ويعتقد البعض الآخر: إنّ الحديث في مقام مذمة المتعمقين.
    إنّ ظاهر هذا الحديث هو المنع عن التعمق في مسائل التوحيد والإكتفاء بالنصوص (الواردة فيه) .
    ويطرح المرحوم المجلسي في مرآة العقول ثلاثة إحتمالات حول هذا الحديث:
    1- إنّ مراد الإمام من قوله (متعمقون) يعني أولئك الذين يفكرون عميقاً.
    2- المراد هو أن يجتنبوا التدقيقات العقلية (حول الذات الإلهية) وأنْ يكتفوا بمعرفة اللَّه سبحانه التي جاء بيانها من اللَّه عزّوجلّ .
    3- المراد هو أنْ يكون لهم معيار حتَّى يعرضوا أفكارهم (وعقائدهم) عليه من أجل أنْ لا يزلوا ولا يخطأوا.
    ثُمَّ قال بعد ذلك إنّ الأظهر أوسط الإحتمالات .
    والشواهد دالَّة على إنّ هذا الحديث يدل على ذمّ المتعمقين لا مدحهم.
    الشاهد الأول:
    لغة الحديث حيث قال: «علم أنّه يكون في آخرالزمان أقوام متعمقون» ليست لغة المدح وإلاّ لمْ يعبر عنهم بقوله >أقوام< بل لابدّ من التعبير بعبارة الأولياء وعلماء الحق وإخوانى و ... كما نجد إنّه ’ عبر (في موارد أخرى) بذلك فهنالك نماذج متعددة في الروايات كما في حجّة الوداع حيث عبر النبيّ ’ عن مؤمني آخرالزمان مخاطباً أصحابه: >أنتم أصحابي وأولئك أخوانى … < وهذه هي لغة المدح.
    على كلّ حال فليست هذه اللغة واضحة في المدح بل الذي يظهر لنا هو العكس خصوصاً بقرينة ذيل الحديث «فمن رام وراء ذلك فقد هلك».
    فالذي يبدو بنظرنا إنها من الشواهد المؤيدة لما ذكرنا مضافاً لما سيأتي من الشواهد الأخرى.
    الشاهد الثاني:
    لقد جاء في كلمات أميرالمؤمنين علي القصار:
    «الكفر على أربع دعائم على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق» .
    وهذه الصفات الأربع من شعب الغلو.
    وعلى هذا، فإحدى أسباب الكفر - بمعنى إبطان الحقيقة وإخفائها - هو التعمق والذي يجر إلى الهلاك أحياناً وجاء في كلام الإمام بعد ذلك «فمن تعمق لم يُنِبْ إلى الحقّ» .
    وكذلك يقول في خطبة همام في وصف المتقين: «ولامتكلف ولا متعمق» .
    وعلى هذا فالتعمق - خصوصاً في ذات اللَّه جلّ وعلا - ليس هو من صفات المؤمنين ولذا فالمتعمقون لا يمكن أنْ يكونوا ممدوحين.
    الشاهد الثالث:
    هذا الشاهد أقوى من الشاهد الثانى من جهة وهو ما يرتبط بإحدى خطب أميرالمؤمنين حول الراسخين في العلم.
    «واعلم إنّ الراسخين في العلم هم الذين أغناهم اللَّه عن الإقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب فقالوا {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا} , فمدح اللَّه إعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً وسمّى تركهم التعمق في ما لم يكلفهم البحث عنه منهم رسوخاً, فاقتصر على ذلك ولا تقدر عظمة اللَّه سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين» .
    مع ملاحظة هذه الشواهد الذي يبدو في النظر إنّ الحديث في مقام ذم التعمق, إذن ينبغي بل يلزم الباحثين في المباحث الإعتقادية - بعد إعتقادهم بأصول الدين من خلال البراهين العقلية - أن يتقبلوا إرشادات القرآن والأئمة الأطهار ^(بكامل التسليم) وأنْ لا يتجاوزوا حدود أحاديثهم: (الذين هم المفسرون الحقيقيون لكلام اللَّه جلّ وعلا) وأنْ يكون محل همهم هو (التعقل في الوحي) , وذلك فإنّه بواسطة نوركلام مُحمَّد’ يمكن أنْ ترفع كلّ الحجب الظلمانية والوصول إلى بحار أنْوار الذات السبحانية فإنّهم المأمورون لإخراج البشرية من الظلمات إلى النور قال تعالى: {لِتُخْرِجَ النَّاس مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّور}ِ .
    أقول: (لا طريق إلى الوصول إلى الذات السبحانية مطلقاً, المترجم) .
    ومع وجود أحاديثهم التي تشق للبشرية طريق الهداية فإنَّ طلب الحقيقة والهداية من غير كلماتهم بمنزلة الاقتحام في الظلمات.
    الروايات
    :

    لا يخفى إنّ أحسن طريق لفهم القرآن الكريم هو الرجوع إلى أهل الذكر والراسخين في العلم وهم الأئمة المعصومون^فمن اللازم والمناسب أنْ نرجع أوّلا إلى الأحاديث الواردة حول ذلك وأنْ نأخذ القرآن من العالِمين بالكتاب الإلهي والمعارف الربانيّة.
    الحديث الأول:
    يقول ابن أبي يعفور سألت الإمام الصادق عن قول اللَّه جلّ وعلا: {هُوَ الأول وَالْآخِرُ} وقلت له لقد علمنا إنّ اللَّه جلّ وعلا هو الأول وأما الآخر فما هو تفسيره؟
    فقال الإمام: >إنّه ليس شي‏ء الاّ يبيد أو يتغيّر أو يدخله التغيّر والزوال أو ينتقل من لون إلى لون ومن هيئة إلى هيئة ومن صفة إلى صفة ومن زيادة إلى نقصان ومن نقصان إلى زيادة إلاّ ربّ العالمين، فإنّه لم يَزل ولايزال بحالة واحدة، هو الأول قبل كلّ شي‏ء وهو الآخر على ما لم يزل ولا تختلف عليه الصفات والأسماء كما تختلف على غيره مثل الإنسان الّذي يكون تراباً مرّة, ومرّة لحماً ودماً, ومرّة رفاتاً ورميماً وكالبسر الّذي يكون مرّة بلحاً ومرّة بسراً ومرّة رطباً ومرّة تمراً فتتبدل عليه الأسماء والصفات واللَّه جلّ وعزّ بخلاف ذلك< .
    يبيّن لنا هذا الحديث إنّ كلّ ما في عالم الخلقة فهو في معرض التغيّر والإنتقال من حالة إلى أخرى, وكلّ ما هو موجود في عالم الطبيعة فإنّه دائماً في حالة تغيّر من حيث الشكل واللون والحال، ففي زمان تجده يزداد وتارة أخرى يتناقص.
    لكن الذات الإلهية المقدسة على حالة واحدة لا تتبدل ولا تتغيّر ولا يؤثر فيها مضي الزمان ومستقبله (ولا يخفى إنّ الزمان والمكان لا علاقة لهما باللَّه جلّ وعلا إلاّ من حيث الخالقية والمخلوقية, وبعبارة أخرى فإنّ اللَّه جلّ وعلا لا زمان له ولا مكان بل هو فوقه).
    ثُمَّ يوضح الإمام بعد ذلك الآية المباركة فينفي عن اللَّه جلّ وعلا كلّ أنواع التغيّر والتبدل ويبيّن إنّها ذات أحدية أزلية وأبديّة.
    أقول: (بمعنى أنْ لا زمان له ولا قبل ولا بعد, لا بمعنى أنْ يكون زمن وجوده غير متناه, المترجم).
    كما وإنّه يمكن أنْ يستفاد من كلام الإمام× التباين الحقيقي والذاتي بين الخالق والمخلوق بكامل الوضوح.
    أقول: ( بمعنى إنَّ ما سواه أشياءٌ متجزية مخلوقة بكلِّ وجودهم وكمالاتهم لا بمعنى أنَّها تعينات ذات الله تعالى كما هو رأي الفلاسفة, حيث يقولون إنَّ الاشياء من حيث تعيناتها غير الله تعالى وأما من حيث وجودها وكمالاتها فهي ليست شيئاً غير الله تعالى وإلا يلزم تحديد ذات الله! المترجم).
    وهنا يرد إشكال (من باب الفرض) في الأذهان وهو إنّ أهل الجنّة والنّار سوف يبقون فيهما دائماً , فهل يكون معنى الآخر بالنسبة للَّه جلّ وعلا منطبقاً على دوامهما ؟ وهل إنَّ توصيفهما بالدوام صحيح ؟
    يجيب العلامة المجلسي في مرآة العقول على هذا الإشكال الفرضي بعد أنْ وصف هذا الحديث بالصحة بقوله:
    (الغرض إنّ دوام الجنّة والنّار وأهلهما وغيرها لا ينافي أخريته تعالى واختصاصها به، فإنّ هذه الأشياء دائماً في التغيّر والتبدل وبمعرض الفناء والزوال وهو سبحانه باق من حيث الذات والصفات أزلاً وأبداً بحيث لا يعتريه تغير أصلاً، فكلّ شي‏ء هالك وفان إلاّ وجهه تعالى) .
    أقول: ( حيث إنَّ الله تعالى لا يوصف بزمان ولا مكان ولا مصاحبة الأوقات والأزمان بل هو خالق الزمان والمكان, المترجم).
    ثُمَّ يذكر العلامة المجلسي قولاً آخر حول هذا الموضوع ويقول: (وقيل أخريته سبحانه باعتبار إنّه تعالى يفني جميع الأشياء قبل القيامة, ثُمَّ يعيدها كما يدل عليه ظواهر الآيات وصريح بعض الأخبار) .
    الحديث الثاني:
    روى هذا الحديث الذي هو حسن مسنداً عن ميمون البان حيث قال: سمعت من الإمام الصادق بعد ما سئل عن أوّلية وأخرية اللَّه جلّ وعلا أنّه قال: «الأول لا عن أوّل قبله ولا عن بدء سبقه, والآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين، ولكن قديم أوّل آخر لم يَزل ولا يزول بلا بدء ولا نهاية، لا يقع عليه الحدوث ولا يحول من حال إلى حال، خالق كلّ شي‏ء» .
    ويقول العلامة المجلسي في توضيحه:
    قوله: >لا عن أوّل قبله< أي سابق عليه بالزمان أو بالعلة >ولا عن بدء< بالهمز: أي ابتداء، أو بدي‏ء (على وزن فعيل) أي: علة «لا عن نهاية» أي من حيث الذات والصفات كما مرّ.
    وجملة «لا يقع عليه الحدوث» ناظرة إلى الأولية «ولا يحول» ناظرة إلى الأخرية .
    هذا الحديث يوضح لنا نفس المعانى التي دلَّ عليها الحديثان السابقان، فالإمام× حول كينونة اللَّه جلّ وعلا يقول:
    إنّ اللَّه عزّ وجلّ هو الأول يعني لا إبتداء له, لا الأول بالمعنى العددي حيث تقول الأول، الثانى، الثالث، بل إنّ اللَّه جلّ وعلا أوّل حيث لا أوّلية له ولم يسبقه أحد حتَّى يكون له علة ويكون لها معلولاً, واللَّه جلّ وعلا هو الآخر حيث لا نهاية له.
    وحينما نتكلم عن الأشياء وإنّ لها أوّلاً وآخراً فإنّ ذلك يكون بمعنى خاص في الذهن من حيث الإبتداء والإنتهاء, وهذا المعنى لا يصدق على الذات الإلهية المقدسة، فحينما نقول الأول يعني لا إبتداء له وحينما نقول الآخر يعني لا إنتهاء له.
    أقول: (إنَّ الله تعالى لا تصحبه الأوقات والأزمان وليس له وجود يمتد بامتداد الزمان ولهذا ليس لنا إدراك ذاته بل لنا التصديق العقلي فقط بإنَّه تعالى موجود وشئ بخلاف الأشياء وهو بخلاف كلّ ما يتصور ويتوهم, المترجم).
    وكلّما رجعنا إلى الوراء فلا نجد شيئاً يكون سابقاً على الذات الإلهية المقدسة, وكلّما تقدمنا إلى الأمام فلا نصل إلى نهاية له جلّ وعلا، أقول: (كلّ ذلك ليس من جهته إنَّه تعالى مصاحب لجميع الأوقات والأزمان على نحو غير متناه فإنَّ ذلك نفس الاتصاف بالزمان, والله تعالى يجل عن ذلك بل من جهة أنَّه تعالى خالق الزمان والمكان فلا يوصف بالقَبل والبعد والزمان وامتداد الوجود الزماني مطلقاً , المترجم). فهو جلّ وعلا أزلي أبدي لمْ يتغيّر ولا يتغيّر ولا يتبدل ولا يتحول ولا يفنى والتي هي يعني التبدل والتغير ... من خصائص المخلوقات التي لا تتطرق للذات الإلهية المقدسة، فالمخلوقات لها أوّل وآخر (بالمعنى الذي يرد في الذهن) إلاّ إنّ اللَّه سبحانه وتعالى ليس مسانخاً للمخلوقات حتَّى يصدق عليه هذان المعنيان (فاللَّه في نفس الوقت الذي هو أوّل وآخر فليست هاتان الصفتان شيئين غير ذاته جلّ وعلا بل هما عين الذات لا غير) فذاته جلّ وعلا لا شباهة لها مع أي مخلوق ولا يشبهه شي‏ء.
    وحينما يقول الإمام >لا يقع عليه الحدوث< فليس معناها إنّه تعالى لا يزيده ولا ينقصه شي‏ء, أو إنّه لم يكن ثُمَّ كان أو إنّه يتبدل من حال إلى حال؛ بل المراد إنّ اللَّه جلّ وعلا خالق كلّ شي‏ء فلا يكون مقهوراً ومخلوقاً لأيّ شي‏ء.
    وعلى هذا كما قال العلامة المجلسي جملة لا يقع عليه الحدوث ناظرة إلى قدمه وأزليّته جلّ وعلا وجملة لا يحول من حال إلى حال ناظرة إلى أبديّته جلّ وعلا وإنّه لا يفنى.
    الحديث الثالث:
    رواه الشيخ الصدوق بسند قوي عن الحسين بن خالد عن الإمام الرضا× إنّه قال: >إعلم علمك اللَّه الخير إنّ اللَّه تبارك وتعالى قديم والقدم صفته التي دلّت العاقل على إنّه لا شي‏ء قبله ولا شي‏ء معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامَّة معجزة الصفة إنّه لا شي‏ء قبل اللَّه ولا شي‏ء مع اللَّه في بقائه, وبطل قول من زعم إنّه كان قبله أو كان معه شي‏ء وذلك إنّه لو كان معه شي‏ء في بقائه لم يجز أنْ يكون خالقاً له لأنّه لم يزل معه فكيف يكون خالقاً لمن لم يزل معه, ولو كان قبله شي‏ء كان الأول ذلك الشي‏ء لا هذا وكان الأول أولى بأنْ يكون خالقاً للأوّل< .
    وقد جاء في هذا الحديث إنّ اللَّه جلّ وعلا قديم وإنّ هذه الصفة تدلنا على إنّه لم يكن قبل اللَّه جلّ وعلا أو معه شي‏ء يعني إنّ اللَّه جلّ وعلا لم يكن معلولاً لأحد ولا شي‏ء معه.
    وإنّ هذه الحقيقة تدرك بالعقل.
    وحول مسألة الإمكان والوجوب هنالك استدلال قد أشارت الروايات إليه تارة تصريحاً وأخرى تلويحاً, أقول: (والجدير بالذكر إنَّ برهان الوجوب والإمكان يراد منه عند الفلاسفة معنى ليس بصحيح ومع هذا قد ذكره بعض المتكلمين كالخواجه رحمه الله بمعنى يخالف المعنى الفلسفي فإنَّ المتكلمين يريدون منه نفس الحدوث وذلك إنَّ المتكلمين يقولون إنَّ كلّ ممكن حادث ولكن الفلاسفة ينكرون ذلك, المترجم).
    وقد ذكر هذا الإستدلال خواجه نصيرالدين الطوسي بعبارة مختصر وجامعة قال: (الموجود إنْ كان واجباً فهو المطلوب, وإلاّ استلزمه لإستحالة الدور والتسلسل) .
    وتوضيح الاستدلال: لابدّ من قديم وإلاّ فغير القديم حادث ومحتاج بمعنى إنّه في وجوده محتاج إلى الغير ولو لم يكن محتاجاً للغير لزم الخلف(خلاف الفرض).
    وهذا الموجود بالغير - والذي يعبر عنه بالممكن - لو كان مستنداً في وجوده على موجود مثله لزم من ذلك الدور والذي هو باطل عقلاً لاستحالة تقدم الشي‏ء على نفسه.
    ولو كان ذلك الموجود الآخر مستنداً في وجوده على موجود ثالث وذلك الثالث على رابع وهكذا إلى ما لا نهاية لزم من ذلك التسلسل والذي هو أيضاً باطل؛ وذلك لأنّه في الحقيقة عبارة عن تحقق المعلول بلا علة.
    إذن لابدّ من أن ينتهي إلى موجود قديم أزلي لا مثيل له وخالق كلّ شي‏ء واحد لا شريك له.
    وقول الإمام× >ولا شي‏ء معه في ديموميته< نفي لأبديّة ماسوى اللَّه جلّ وعلا؛ وذلك لأنّه ليس من شي‏ء له ديمومة ذاتية غير اللَّه جلّ وعلا, وكلّ موجود إذا قُرّر له البقاء فإنّما هو بإبقاء اللَّه جلّ وعلا, وإذا أراد اللَّه جلّ وعلا إبقاء شي‏ء فهو باق ولا مانع من ذلك (وإن كانت كلّ الأشياء محكومة بالهلاك والفناء) ولا يتنافى ذلك مع أبديّة اللَّه جلّ وعلا، لأنّ اللَّه جلّ وعلا أراد له البقاء. أقول: (إنَّ بقاء المخلوقات يكون من حيث وقوعهم في الزمان بإبقاء الله تعالى ولكنه تعالى لا يكون بقاؤه من حيث الامتداد في الزمان بل هو فوق الزمان والمكان وهو خالق الزمان والمكان فالفارق الحقيقي بين بقاء الخالق والمخلوق ليس هو الإبقاء وحده بل المخلوق موجود زماني وباق بإبقائه تعالى ولكنه تعالى خارج عن الزمان والوجود الزماني فهو موجود بلا زمان ولا مكان, المترجم).
    ومن قول الإمام : >وبطل قول من زعم إنّه كان قبله أو كان معه شي‏ء< نحصل على ملاك ومعيار مهم, فلو كان هنالك شي‏ء قبل اللَّه جلّ وعلا فلا يمكن أْن يكون اللَّه جلّ وعلا خالقاً له بل ينبغي أن يكون ذلك الشي‏ء هو الخالق لا اللَّه جلّ وعلا.
    إذن يمكن أنْ يقال انّ صفة القديم لها دلالة عقلاً على عدم وجود قديم آخر غيره جلّ وعلا.
    يقول المرحوم المجلسي؛ في ذيل هذا الحديث وكلامه لا يخلو من فائدة:
    (لا يخفى إنّه يدل على إنّه لا قديم سوى اللَّه، وعلى إنَّ التأثر لا يعقل إلاّ في الحادث وإنّ القدم مستلزم لوجوب الوجود) .
    إشكال:
    لو لم يكن قديم إلاّ اللَّه جلّ وعلا وكلّ ماسواه حادث فاللازم من ذلك انقطاع الفيض وعلى هذا فلابدّ من القول بأنّه كان مع اللَّه شي‏ء.
    الجواب:
    هذا الإشكال يرتبط بمسألة القدم والحدوث التي سوف يأتي تفصيل الكلام حولها ولكنا نشير هنا إلى الجواب وباختصار فنقول:
    أوّلاً: لو فرضنا إنّه هنالك قديمان أو أكثر فلا معنى للفيض وذلك لأنّ الفرض إنهما قديمان فلا هذا القديم يوصل فيضه إلى ذاك ولا ذاك لهذا.
    ثانياً: لابدّ من عدم الموجود مع اللَّه جلّ وعلا حتَّى يتعلق به الفيض أوّلاً وبعد ذلك تتوالي الفيوضات الإلهية ويكون للفيض معنى.
    الحديث الرابع :
    جاء في الحديث إنّه اجتمعت اليهود إلى رأس الجالوت فقالوا له: إنّ هذا الرجل عالم - يعنون به أميرالمؤمنين- فانطلق بنا إليه نسأله, فأتوه فقيل لهم: هو في القصر, فانتظروه حتَّى خرج فقال له رأس الجالوت: جئناك نسألك فقال: >سل يا يهودي عمّا بدالك<. فقال: أسألك عن ربّك متى كان؟
    فقال الإمام : >كان بلا كينونية, كان بلا كيف, كان لم يزل بلا كم وبلا كيف, كان ليس له قبل هو قبل القبل ولا غاية ولا منتهى انقطعت عنه الغاية وهو غاية كلّ غاية<.
    فقال رأس الجالوت: امضوا بنا فهو أعلم ممّا يقال فيه.
    يدل هذا الحديث على إنّ اللَّه جلّ وعلا لا كم له ولا كيف ولا نعلم ما هو, وإنّه لا معنى للقبل والبعد بالنسبة له جلّ وعلا, واللَّه جلّ وعلا كان وهو موجود الآن وفيما بعد, ولا منتهى ولا غاية لوجوده يعني أزلي وأبدي.
    الحديث الخامس :
    يروي الشيخ الكليني بسند صحيح عن أبي الحسن الموصلي عن الإمام الصادق أنّه قال: جاء أحد علماء اليهود إلى أميرالمؤمنين وقال له: يا أميرالمؤمنين متى كان ربّك؟ فقال له علي : >ثكلتك أمّك متى لم يكن حتَّى يقال متى كان، كان ربّي قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد ولا غاية ولا منتهى لغايته، إنقطعت الغايات عنده فهو منتهى كلّ غاية< .
    من هذا الحديث يمكن أن نفهم إنّ الزمان مخلوق للَّه جلّ وعلا ولا معنى لطرح الزمان بالنسبة له جلّ وعلا فهو الأول يعني أزلي وهو الآخر يعني أبدي.
    أقول: ( ومعنى الأزلية والأبدية هو تنزه وجوده تعالى من مصاحبة الأوقات والأزمان لا أنْ يكون وجوده تعالى متصف بزمان متناه أو غير متناه, المترجم).
    الحديث السادس :
    ينقل كتاب أصول الكافي وكذلك توحيد الصدوق في باب التوحيد ونفي التشبيه خطبة عن الإمام أميرالمؤمنين في وصف اللَّه تبارك وتعالى حيث قال : >الذي ليست له في أوّليته نهاية, ولا في أخريته حدّ ولا غاية, الأول قبل كلّ شي‏ء ولا قبل له, والآخر بعد كلّ شي‏ء ولابعد له< .
    يدل هذا الحديث على ما بيّناه سابقاً وهو ناطق بذلك المعنى فأوليّة اللَّه جلّ وعلا ليست بالشكل الّذي لو رجعنا إلى الوراء لوصلنا إلى إبتدائها, ولا إنَّه لو تقدمنا إلى الإمام لوصلنا إلى إنتهائها, بل هو أوّل بلا إبتداء وآخر بلا إنتهاء فلا حدّ له لا من جهة الأولية ولا من جهة الآخرية.
    أقول: ( والله جل وعلا لا يوصف بزمان مطلقاً ولا تصحبه الأوقات أبداً, المترجم)
    الحديث السابع:
    روي عن الإمام علي إنّه قال: >سبق الأوقات كونه والعدم وجوده والإبتداء أزله … < .
    >ليعلم أنْ لا قبل له ولا بعد له< .
    يدل هذا الحديث على إنّ اللَّه جلّ وعلا كان قبل الوقت والزمان وهو باق بعد إنتهاء الوقت والزمان وإنّ أزليته سبقت كلّ ابتداء ولا قبل له ولا بعد.
    أقول: ( و ليس له وجود مصاحب للزمان ولو فرض الزمان غير متناه, المترجم)
    الحديث الثامن:
    يروي الإمام الصادق عن جدّه أميرالمؤمنين علي إنّه قال في خطبة له:
    «وسبحان الذي ليس له أوّل مبتدأ ولا غاية منتهى ولا آخر يفنى» .
    الحديث التاسع:
    يروي الشيخ الصدوق باسناده عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر عن جده الإمام علي بعد سبعة أيّام من رحلة الرسول الأكرم’ بعد ما فرغ من جمع القرآن الكريم خطب×وقال: >الحمدللَّه الذي أعجز الأوهام أن تنال إلاّ وجوده, وحجب العقول عن أنْ تتخيّل ذاته في إمتناعها من الشبه والشكل … إنْ قيل كان فعلى تأويل أزليّة الوجود وإنْ قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم< .
    فعلى هذا حتَّى مع التعقل في ما جاء به الوحي لا يمكن إدراك كيفية كونه أزلياً وأبدياً؛
    أقول: ( إلا بإدراك إنَّه تعالى شيء بخلاف الأشياء وموجود بلا زمان ولا مكان, المترجم)
    وذلك لأنّ كلّ ما يدرك العقل فهو محدود (له حجم ومقدار وأجزاء) وليس اللَّه من هذا السنخ أقول: ( بل هو تعالى غير متجزء ولا متوهم بالقلة والكثرة, وأما غيره تعالى فهو بوجوده وعلمه وقدرته وزمانه ومكانه وشكله وصورته وتعيناته مخلوقة لله تعالى لا من شيء, المترجم) وهذا هو المعيار المهم في مسألة التوحيد الإلهي.
    الحديث العاشر:
    يقول الإمام علي في جواب من سأله أنْ يصف اللَّه جلّ وعلا: «ولا كان بعد أنْ لم يكن» .
    من هذا الكلام يعلم إنَّ الموجودات على قسمين:
    أ ـ الموجودات التي لم تكن ثُمَّ كانت, وهذا القسم يشمل كلّ الموجودات ما عدا اللَّه جلّ وعلا.
    ب ـ الموجود الّذي كان وكان وينحصر في الذات الإلهية المقدَّسة.
    الحديث الحادي عشر:
    روي عن الإمام الجواد إنّه كان يقول في قنوت الصلاة:
    «اللَّهُم أنت الأول بلا أوّلية معدودة, والآخر بلا أخرية محدودة» .
    ولا يخفى إنّ كثيراً من المعارف الإلهية قد أودعت وذكرت في الأدعية ولذا فإنّ الأدعية غنيّة جداً, وهنالك مسائل كثيرة يمكن تعلمها من خلال الأدعية.
    ففي هذا الدعاء نجد إنّ أوّلية اللَّه جلّ وعلا لم تكن بالمعنى العددي - وهو المعنى المتبادر للأذهان - فهي ناطقة بأزليّة الذات الإلهية المقدسة وكذلك معنى الآخر، فالذات الإلهية هي الآخر (إلاّ إنّ الآخر بلا نهاية) لا إنّ أخريته محدودة وتنتهي إلى نقطة معينة.
    ففي أحد الأصول (والكتب) القديمة والذي هو من مؤلفات قدماء الأصحاب وهو دعاء الإخلاص جاء فيه:
    «لا إله إلاّ اللَّه الأول بلا أوليّة, لا إله إلاّ اللَّه الآخر بلا نهاية, لا إله إلاّ اللَّه القديم بلا غاية» .
    وروي عن الإمام الصادق× في ضمن أعمال إنّه قال:
    «أنت القديم الأول الّذي لم تزل ولا تزال» .
    فمن الواضح إنَّ هذه الفقرات كلّها تدل على أزلية وأبدية اللَّه جلّ وعلا.
    الحديث الثاني عشر:
    نقل عن أميرالمؤمنين أنّه خطب في مسجد الجامع في البصرة ومن جملة ما قال:
    «معاشر المؤمنين والمسلمين إنّ اللَّه عزّ وجلّ أثنى على نفسه فقال >هو الأول< يعني قبل كلّ شي‏ء >والآخر< يعني بعد كلّ شي‏ء >والظاهر< على كلّ شي‏ء >والباطن< لكلّ شي‏ء سواء علمه عليه» .
    يقول الإمام في هذه الخطبة إنّ علم اللَّه بالنسبة إلى كلّ شي‏ء على حدّ سواء, وإنَّ علمه نافذ في كلّ شي‏ء وليس هذا النفوذ كما يتصور البشر من نفوذ رائحة الطيب من الأوراد, ولا من مثل نفوذ الماء في التفاح وأمثال ذلك, بل هو بل من باب إحاطة علمه جلّ وعلا بكلّ شي‏ء, أقول: (والإحاطة العلمية أيضاً بمعنى الله تعالى لا يجهل شيئاً , خلافاً للفلسفة التي تقول بإنَّ العلم هو الوجود, ثُمَّ تفسر الإحاطة العلمية أيضاً بالإحاطة الوجودية, المترجم).
    نعم، الروايات حول ذلك كثيرة وكلّها تدلّ على ذلك الأمر وتؤكد على أنّ المقصود من الأول والآخر إنّ اللَّه جلّ وعلا أزلي أبدي, لا الأول والآخر العددي (الذي يتبادر في الذهن) فانّ الذات الإلهية منزه عن ذلك.
    الظاهر والباطن في كلام الإمام الرضا :
    روي عن الإمام الرضا إنّه قال في معنى الظاهر والباطن:
    >وأمّا الظاهر فليس من أجل إنّه علا الأشياء بركوب فوقها وقعود عليها وتسنم لذُراها, ولكن ذلك لقهرة ولغلبته الأشياء وقدرته عليها كقول الرجل «ظهرت على أعدائي» و«اظهرني اللَّه على خصمي» يخبر عن الفلج والغلبة، فهكذا ظهور اللَّه على الأشياء<.
    ووجه آخر: إنّه الظاهر لمن أراده ولا يخفى عليه شي‏ء وإنّه مدبر لكلّ ما برأ فأي ظاهر أظهر وأوضح من اللَّه تبارك وتعالى - لأنّك لا تعدم صنعته حيثُمَّا توجهت وفيك من آثاره ما يغنيك والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحده فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى.
    وأمّا الباطن فليس على معنى الإستبطان للأشياء بأن يغور فيها ولكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علماً وحفظاً وتدبيراً كقول القائل أبطنته يعني خبّرته وعلمت مكتوم سرّه.
    والباطن منا الغائب في الشي‏ء المستتر وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى .
    يقول الإمام× في هذا الحديث إنّ نسبة (الظاهر) إلى اللَّه جلّ وعلا بهذا المعنى وهو إنّ اللَّه غالب على كلّ شي‏ء وليس المقصود إنّه جسم وله شبيه بل المقصود السيطرة والقدرة والغلبة على الأشياء.
    والمعنى الثاني(للظاهر) هو إنّه اللَّه ظاهر لكلّ من يريده وليس من شي‏ء أظهر من اللَّه جلّ وعلا، فانّ آثار اللَّه جلّ وعلا ظاهرة في كلّ المخلوقات أقول: (بل كلّ مخلوق فعله وأثره والمراد من كون المخلوقات أثراً لله تعالى هو كونه مخلوق له تعالى لا منشئ ولكنه عند الفلاسفة يكفي التموَّج للبحر حيث يقولون إنَّ الموج أثر من آثار البحر ويصير من أفعاله وتعين من تعيناته لا يكون شيئاً بحياله, المترجم), وفي وجود الإنسان وإنّ ظهوره جلّ وعلا إلى حدّ حيث يقول اللَّه جلّ وعلا :
    {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ} .
    واسم الباطن يطلق أيضاً على اللَّه جلّ وعلا وعلى الممكنات، فالباطن في الممكنات بمعنى نفوذ شي‏ء في شي‏ء وبمعنى الإستتار في الشي‏ء إلاّ أنّ كلّ هذه المعاني لا معنى لها بالنسبة للَّه جلّ وعلا.
    والباطن بالنسبة للَّه جلّ وعلا بمعنى إحاطته وسيطرته على كلّ الممكنات. أقول: (بمعنى الله تعالى لا يجهل شيئاً من مخلوقاته ولا يعجز عن شئ, لا أنَّ وجوده تعالى أحاط بوجود الممكنات والمخلوقات, المترجم).
    رؤية المفسرين:
    لقد ذكر المفسرون في تفسير هذه الآية كلاماً بعدما كان أكثرهم من المؤمنين بالعقل وكان كلامهم مطابقاً للتعاليم الوحيانية.
    تفسير كنز الدقائق:
    مؤلف هذا التفسير الشيخ مُحمَّد رضا القمي المشهدي من أعلام القرن الثاني عشر وقد فسرَّ الأول والآخر بهذا الشكل: (هو الأول) السابق على سائر الموجودات من حيث إنّه موجدها ومحدثها.
    (والآخر) الباقي بعد فنائها ولو بالنظر إلى ذاتها مع قطع النظر عن غيرها.
    أو (هو الأول) الذي تبتدي‏ء منه الأسباب (والآخر) الذي تنتهي إليه المسببات.
    أو (هو الأول) خارجاً (والآخر) ذهناً .
    كما ذكرنا سابقاً المعنى الأول جاء في هذا التفسير هو إنّ اللَّه جلّ وعلا حيث إنّه خالق كلّ الموجودات فهو ليس سابقا عليها فقط وكان قبل وجودها بل هو موجِد لها (لا موجَد) ومحدِث لها (لا محدَث).
    ولا يمكن أن يتصور للَّه جلّ وعلا إبتداء أقول: (بل مصاحبة الوقت والزمان, المترجم) وهذا معنى أزلية اللَّه جلّ وعلا.
    وحينما يقال «هو الآخر يعني إنّه لا يزال موجوداً بعد فناء الموجودات».
    والفناء له ثلاث معان:
    1- الفناء والإنعدام.
    2- التلاشي والتبدل من حالة إلى حالة.
    3- إنّ ذات الأشياء قابلة للفناء وإنْ كانت باقية بإبقاء اللَّه جلّ وعلا.
    والذي يلوح للنظر إنّ المعنى الثالث هو مراد صاحب التفسير يعني مع لحاظ ذات الممكنات، فالموجودات فانية ومع قطع النظر عن ذاتها فهي باقية أقول: ( الممكن هو الذي مع إيجاده بإرادة الله تعالى فهو يوجد, وبإبقائه له فهو باق, وبإعدامه تعالى له فهو يعدم ويفنى, المترجم), (بإبقاء اللَّه جلّ وعلا لها وإرادته).
    والمعنى الثاني المذكور للأوّل والآخر هو:
    إنّ اللَّه جلّ وعلا الأول يعني إنّ وجود كلّ الموجودات في طول سلسلة أسباب وجودها كانت من اللَّه جلّ وعلا واللَّه خالقها وموجِدها من العدم، إذن فاللَّه وحده أزلي لا غير, واللَّه جلّ وعلا الآخر يعني إنّ جميع المسببات والموجودات والتي تقع في سلسلة الإيجاد والفناء كلها تنتهي واللَّه جلّ وعلا وحده هو الباقي والأبدي.
    والإبتداء والإنتهاء, أقول: (ومصاحبة الأوقات والأزمان, المترجم) لا معنى له بالنسبة لوجوده جلّ وعلا وذلك لأنّ اللَّه جلّ وعلا ليس من سنخ الموجودات حتَّى تكون له نهاية وغاية . أقول : (وامتداد في طول الزمان ومصاحبة الأوقات, كما قال الإمام المعصوم ×: >ولا تصحبه الأوقات< المترجم).
    والمعنى الثالث المذكور للأوّل والآخر هو: إنّ اللَّه هو الأول يعني الأول الحقيقي الذي لا تحقق في الخارج لغيره أقول : (حيث أنَّ كلّ ما يكون غيره تعالى فهو خلقه تعالى الذي أحدثه وأوجده لا من شئ , المترجم) لكن لا بمعنى إنّ له إبتداء في وجوده بل هو قبل كلّ موجود وأزلي في وجوده.
    واللَّه هو الآخر يعني الأبدي الذي لا إنتهاء لوجوده. أقول: (والله تعالى لا يصاحب الزمان مطلقاً وليس لوجوده إمتداد زماني.

  • #2
    تفسير الميزان
    يقول السيّد الطباطبائي في تفسير الآية في الميزان:
    لما كان تعالى قديرا على كلّ شي‏ء مفروض كان محيطا بقدرته على كلّ شي‏ء من كلّ جهة فكلّ ما فرض أوّلا فهو قبله فهو الأوّل دون الشي‏ء المفروض أوّلا وكلّ ما فرض آخرا فهو بعده لاحاطة قدرته به من كلّ جهة فهو الآخر دون الشي‏ء المفروض اخرا وكلّ شي‏ء فرض ظاهرا فهو أظهر منه لاحاطة قدرته به من فوقه فهو الظاهر دون المفروض ظاهرا وكلّ شي‏ء فرض انّه باطن فهو تعالى أبطن منه لاحاطته به من ورائه فهو الباطن دون المفروض باطنا فهو تعالى الأوّل والآخر والظاهر والباطن على الإطلاق وما في غيره تعالى من هذه الصفات فهي اضافية نسبية.
    وليست اوّليّته تعالى ولا آخريته ولا ظهوره ولا بطونه زمانيّة ولا مكانيّة بمعنى مظروفيته لهما والاّ لم يتقدمهما ولا تنزه عنهما سبحانه بل هو محيط بالأشياء على أي نحو فرضت وكيفما تصورت.
    فبان ممّا تقدم انّ هذه الأسماء الأربعة الأوّل والأخر والظاهر والباطن من فروع اسمه المحيط وهو فرع إطلاق القدرة فقدرته محيط بكلّ شي‏ء ويمكن تفريع الأسماء الأربعة على احاطة وجوده بكلّ شي‏ء فانّه تعالى ثابت قبل ثبوت كلّ شي‏ء وثابت بعد فناء كلّ شي‏ء وأقرب من كلّ شي‏ء ظاهر وأبطن من الأوهام والعقول من كلّ شي‏ء خفي باطن.
    وكذا للأسماء الأربعة نوع تفرع على علمه تعالى ويناسبه تذييل الآية بقوله(وَهُوَ بِكُلِّ شَي‏ءٍ عَلِيمٌ).
    وفسر بعضهم الأسماء الأربعة بأنّه الأوّل قبل كلّ شي‏ء والآخر بعد هلاك كلّ شي‏ء والظاهر بالأدلة الدالة عليه والباطن غير المدرك بالحواس.
    وقيل الأوّل قبل كلّ شي‏ء بلا ابتداء والآخر بعد كلّ شي‏ء بلا انتهاء والظاهر الغالب العامي على كلّ شي‏ء فكلّ شي‏ء دونه والباطن العالم بكلّ شي‏ء فلا أحد أعلم منه.
    وقيل: الأوّل بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء والظاهر بلا اقتراب والباطن بلا احتجاب.
    وهناك أقوال اخر في معناها غير جيدة أغمضنا عن ايرادها .
    لقد اشتمل كلام السيد في تفسيره للآية على انّ للآية ثلاثة جهات:
    1 – القدرة الإلهية
    فمن جهة القدرة فاللَّه جلّ وعلا محيط بكلّ شي‏ء وكلّ ما فرضناه أوّلا وآخرا، فاللَّه جلّ وعلا محيط به لاحاطة قدرته بكلّ شي‏ء ومن هذه الجهة فاللَّه اوّل وآخر لا ما فُرِضَ اوّلا وآخرا، واللَّه جلّ وعلا أظهر من كلّ ظاهر يُفرض ظاهرا لأجل احاطة قدرته جلّ وعلا به وابطن من كلّ باطن لأجل احاطة قدرته به.
    واللَّه جلّ وعلا خالق الزمان والمكان ولذا فلا يكون مظروفا لهما وانّ اوّليّته وآخريته وظاهريته وباطنيته ليست زمانية أو مكانيّة وإلّا فلا يتقدم على الزمان والمكان.
    إذن ببداهة العقل والنقل المعتبر هو انتفاء الأوليّة والاخرية العددية والظاهرية والباطنية المكانية.
    2 – احاطة الوجود الإلهي
    يمكن ذكر هذا الإحتمال وهو انّ هذه الأسماء الأربعة فرع احاطة الوجود الإلهي وذلك فانّ اللَّه جلّ وعلا محيط بكلّ شي‏ء وهو ثابت قبل كلّ شي‏ء وبعد فناء الأشياء وأظهر من كلّ ظاهر وابطن من كلّ باطن يقع في العقول والأوهام.
    إذن من جهة الأحاطة الوجودية للَّه جلّ وعلا هو الأوّل والاخر كما وانّه الظاهر والباطن.
    3- علم اللَّه جلّ وعلا
    هذه الأسماء يمكن أن تكون منشعبة من علم اللَّه جلّ وعلا خصوصا وقد ورد في ذيل الآية(وَهُوَ بِكُلِّ شَي‏ءٍ عَلِيمٌ ).
    فلو تأملنا قليلا لوجدنا ان هذه النقاط الثلاثة فرع اسم اللَّه المحيط فان احاطته جلّ وعلا كامنة في كلّ شي‏ء وهذه النقاط الثلاثة تشير إلى حقيقة واحدة وهي إسمه جلّ وعلا (المحيط).
    وهنالك آيات آخرى ترشدنا إلى ذلك مثل:
    ( وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطا) وقوله: أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ء مُحِيطٌ ٍ
    وكانت بعض المطالب التي ذكرها تفسير الميزان متخذة من بعض الروايات مع اقترانها ببعض التعابير الفلسفية.[المترجم: اقول سوف نذکر المعني الصحيح للآية في آخر البحث]
    التفاسير المنحرفة والإستنباطات الخاطئة
    لما ذكرنا في المقدمة انّه لا مانع من تلك التفاسير والمعاني التي لا تتنافى مع الأصول الوحيانية ولا تكون على خلاف ظاهر الآية وبعنوان أحد الاحتمالات في تفسير الآية وان كان لا يمكن ان يعتبر هو المراد الواقعي للآية.
    لكن هنالك بعض الإستنباطات والتفسيرات الخاطئة – التي تبتني على اساس ذهنية مسبقة أو على اساس اسس باطلة – والتي تكون مخالفة للعقل والوحي الإلهي.
    فيفسر بعض العرفاء (الأوّل والآخر والظاهر والباطن) بأنّ اللَّه سبحانه وتعالى كلّ الأشياء وجميعها استنادا إلى القاعدة المعروفة – عندهم – وهي (بسيط الحقيقة كلّ الأشياء وليس بشي‏ء منها).
    من الواضح انّ هذه التفاسير لا تتفق مع اصول الوحي وذلك بداهة انّ ارسال الرسل وانزال الكتب والخطابات القرانية والأحاديث قائمة على اساس وجود الخالق والمخلوق والمالك والمملوك ولأجلها كان هنالك أمر ونهي وثواب و عقاب و… وكلّ هذه تتنافى مع التفسير المتقدم.
    والآن نذكر شواهد ونماذج لهذه الإستنباطات الخاطئة.
    1 – كلام ابن عربي
    يقول ابن عربي في تفسير الآية المذكورة:
    (هو الأوّل) الذي يبتدي‏ء منه الوجود الإضافي باعتبار اظهاره (والآخر) الذي ينتهي إليه باعتبار إمكانه وانتهاء احتياجه إليه، فكل شي‏ء به يوجد وفيه يفنى فهو اوّله وآخره في حالة واحدة باعتبارين.
    (والظاهر) في مظاهر الأكوان بصفاته وافعاله
    (والباطن) باحتجابه به بماهياته وبذاته.
    ويقول ابن عربي في فصوص الحكم:
    فنسب النفس إلى الرحمن لأنّه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم – التي قلنا هي ظاهر الحق – إذ هو (الظاهر) وهو باطنها إذ هو(الباطن )و (هو الأوّل) إذ كان ولا هي وهو (الآخر) إذ كان عينها عند ظهورها.
    وقد فسر صاحب كتاب ممد الهمم هذه العبارات بالإستفادة من شرح فصوص الحكم للقيصري وأوضح ذلك كالتالي:
    لأنّ الذات الإلهية مشتملة على حقائق العالم وتلك الحقائق تطلب الظهور ومن جهة ما تحمل من غصة في باطنها تنفست (لأجل اظهار ما في باطنها) ولذا ينسب النفس إلى اسم الرحمن (يقول رسول اللَّه| انّي أجد نفس الرحمن من جانب اليمن وهذا النفس عبارة عن وجود العالم المنبسط على الأعيان).
    وذلك لأنّ الحقّ تعالى يرحم باسم الرحمن التي تطلب النسب الإلهية يعني( الأسماء الإلهية يعني الوجودات الإلهية) والتي طلبها إيجاد صورة العالم الصورة التي نقول عنها هي صور ظاهر الحق وذلك لأنّ الحق ظاهر والحق تعالى باطنها وذلك لأنّ الحق تعالى باطن وهو الأوّل لأنه كان ولم تكن صور العالم وهو الآخر وذلك لأنّه عين العالم الظاهر في الخارج.
    أين المتقون أي الذين اتخذوا اللَّه وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة؟…
    وإذا كان الحق وقاية للحق بوجه والعبد وقاية للحق بوجه فقل في الكون ما شئت، إن شئت قلت هو الخلق وإن شئت قلت هو الحق وإن شئت قلت هو الحق والخلق وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كلّ وجه وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك….
    الذين قالوا: «الكل خلق» فبهذا الإعتبار من انّ الخلق هو الظاهر والحق باطن والذين قالوا« الكل حق» فبهذا الإعتبار من ان الحق ظاهر والخلق باطن والذي جمع بين الأمرين يقول« هو الحق والخلق» وهذا جامع لمراتب الإلهية والعبودية.
    إذن… لو كان في مرتبة القرب النوافلي فقل «هو الخلق» ولو كان في مرتبة القرب الفرايضي فقل «هو الحق» ولو كان في مرتبة الجمع بين الأمرين فقل«هو الحق والخلق » ولو كان فى مرتبة التحقيق والتمييز بين المراتب الإلهية والخلقية فقل« ليس بحق من كلّ الوجوه وليس بخلق من كلّ الوجوه» ولو كان في مرتبة العجز فقل: بالحيرة…
    ولو لم يكن هناك تحديد لم يخبر الرسل الإلهية عن تحول الحق إلى صور وكذلك لا يصف نفسه بالخلع من كلّ الصور كما ورد في الحديث(عن طريق العامة ) وهو( حديث التحول) ان الحق يظهر للخلق يوم القيامة متنكرا (لا يعرفه أحد) و يقول( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) وتقول الخلائق «نعوذ باللَّه منك» ثمّ يتجلى اللَّه سبحانه وتعالى على طبق عقائد الخلق وحينئذ يسجد الخلق له.
    يقول القيصري: كما جاء في الحديث الصحيح »انّ الحق يتجلى يوم القيامة للخلق في صورة منكرة فيقول أنا ربّكم الاعلى، فيقولون نعوذ باللَّه منك فيتجلى في صورة عقائدهم فيسجدون له. ويستمر القيصرى في القول:
    والصور كلها محدودة فإذا كان الحق يظهر بالصور المحدودة ونطق الكتاب بأنّه ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَي‏ءٍ عَلِيمٌ ) حصل العلم للعارف انّ الظاهر بهذه الصورة أيضا ليس إلاّ هو
    ويقول ابن عربي: فلا تنظر العين إلاّ إليه ولا يقع الحكم إلاّ عليه .
    ويوضح ذلك القيصري: إذ لا موجود سواه ليكون مشاهدا إيّاه بل هو الشاهد والمشهود وهو الحاكم والمحكوم عليه .
    الجواب: وعدم صحة هذا الكلام واضح جدا فانّ آيات التوحيد تنفي اي احتياج في الذات الإلهية المقدسة وتقول انّ التوالد في ذات اللَّه جلّ وعلا لا معنى له(لانه محال- المترجم) وانّه واحد لا كفوأ له، واية( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ) والتي هي في وصف الذات الإلهية المقدسة تقول انّه تعالى لا مثيل له ولا شبيه وكذلك آية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) تصرح بهذه الحقيقة وتقول بوجود غير اللَّه وان كان كلّ وجوده احتياجا محضا وموجودا بالغير وليس مثيلا ولا شبيها له جلّ وعلا اصلا.
    إذن لو لم يكن في العالم أحد غير اللَّه سبحانه وتعالى فلا معنى لهذه الآيات وذلك لأنّه لا وجود لغير اللَّه حتّى تنفى شباهته مع اللَّه أو حتى يطرح احتياجه للَّه جلّ وعلا.
    و آية (لَم يَلِد وَلَم يُولَد) تعطينا المعيار في معنى آية (وَ نَفَختُ فِيه مِنْ رُوحِىْ) وانّ الإضافة فيها تشريفية (لا حقيقية) مثل: بيت اللَّه، جار اللَّه .
    2 – شرح القيصري:
    جاء في مقدمة القيصري على شرح الفصوص (وقد كتبها أحد المتخصصين في فنّ العرفان) ونبّه أيضا انّه عين الأشياء بقوله: ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَي‏ءٍ عَلِيمٌ) فكونه عين الأشياء بظهوره في ملابس اسمائه وصفاته في عالمي العلم والعين وكونه غيرها باختفائه في ذاته واستعلائه بصفاته عمّا يوجب النقص والشين وتنزهه عن الحصر والتعيين وتقدسه عن سمات الحدوث والتكوين وإيجاده للأشياء واختفائه فيها مع إظهاره إيّاها وإعدامه لها في القيامة الكبرى، ظهوره بوحدته وقهره إيّاها بازالة تعيناتها وسماتها وجعلها متلاشية كما قال (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار) و)ِ كُلُّ شَىْ‏ءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَه) .
    خلاصة هذا الكلام هو مفاد قاعدة (بسيط الحقيقة كل الأشياء وليس بشي‏ء منها) وانّ اَشكال الشمع المختلفة التي تصنع منه هي شي‏ء واحد في الحقيقة وهو الشمع.
    وانه مع قطع النظر عن التعينات والمحدوديات فاللَّه سبحانه وتعالى كلّ الأشياء ومع لحاظ التعين ولحاظ المحدودية ليس هو بشي‏ء منها وعلى هذا الأساس يقولون في نهاية الأمر: انّه مع ملاحظة رجوع كل شي‏ءإلى اصله فكل الاشياء بعد تلاشيها وفقدانها لتعيناتها سوف تفنى في ذات الحق.
    وقولهم: «كونه عين الأشياء… في عالمي العلم والعين» هو بيان لبروز وظهور مقام غيب الغيوب في لباس الأسماء والصفات في عالم الخارج والمادة وكذلك في عالم المجردات (حسب ادعائهم) والذهن إذن هي حقيقة واحدة نراها بصور مختلفة.
    وقوله: «وكونه غيرها… » بهذا المعنى: وهو انّ اللَّه سبحانه وتعالى بلحاظ التعين غير الأشياء وذلك لان التعين يوجب تحديده والمحدودية تعُد نقصا وعيبا واللَّه جلّ وعلا منزه عن الشكل والحدود وصفات الممكن ومنزه ايضا من علامات الحدوث والتكوين.
    وذكر في موضع اخر من الكتاب انّ من فكر العرفاء الكاملين هو ان تصور المراتب(القوية والمتوسطة والضعيفة) لا معنى له بالنسبة للوجود فانّه حقيقة واحدة وحالات وشؤون ذلك الوجود لها مقامان: مقام الظاهر وهو الخلق ومقام الباطن وهو الحق.
    إذن هنالك حقيقة واحدة باعتبار الظهور يقال لها الخلق وباعتبار البطون يقال لها الحق.
    وكذلك في صفحة 37المتقدمة يقول القيصري في شرح الفصوص: « فإذا كان الحق يظهر بصور المحدودة ونطق الكتاب بانّه ( هو الأوّل والاخر والظاهر والباطن) حصل العلم للعارف انّ الظاهر بهذه الصور ايضا ليس الاّ هو».
    هذه العبارة تدل على انّ كلّ ظهور حاصل هو اللَّه لا غير ولو كان قد تجلى بشكل محدود.
    3- رأي ملاصدرا
    يقول ملاصدرا في تفسيره الذي كتبه للقرآن الكريم:
    «فهو حق الأوّل منه ابتداء أمر العالم وهو الآخر الذي اليه ينساق وجود الأشياء – سيّما بني آدم – إذ منه صدر الوجود ولاجله وقع الكون… وهو الآخر ايضا بالإضافة إلى سير المسافرين إليه، فانّهم لا يزالون مترقين من رتبة إلى رتبة حتّى يقع الرجوع إلى تلك الحضرة بفنائهم عن ذاتهم وهويتهم واندكاك جِبِل وجودهم وانيّتهم فهو اوّل في الوجود وآخر في المشاهدة » .
    يقول ملاصدرا في هذا الكلام انّ كل المسافرين – يعني موجودات عالم الوجود – في حال سفر نحو اللَّه جلّ وعلا يطوون المراتب واحدة تلو الآخرى حتّى يصلوا إلى ذات الحق وينفنون فيها.
    وانّ اللَّه (الاخر) يعني ان مقصد سفر الموجودات هو اللَّه والكل في مسير تكاملهم يرجعون إليه ويندكون فيه سبحانه وتعالى وآخر ما يرون هو مشاهدة الحقّ جلّ وعلا الا انه من الواضح انّ هذا الكلام وكذلك كلام ابن عربي من كون كل الأشياء هي اللَّه جلّ وعلا وانّه جلّ وعلا كلّ الأشياء – كما يعتقدون – باطل وانّه لا يستفاد من قوله تعالى(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) انّه كلّ الأشياء فانّ ذلك لا يستفاد من ظاهر الآية ولا يتفق مع العقل والفطرة والأحاديث، فانّ القرآن وتعاليم الوحي صارخة ومعلنة بأنّ هناك خالقا ومخلوقا وأنهما متباينان ليسا من سنخ واحد.
    وما جاء في القرآن الكريم (إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) فهو بمعنى أنّ الناس سوف يحضرون أمام اللَّه جلّ وعلا يوم القيامة لأجل اقامة العدل والحساب وليس معنى الآية الحركة نحو اللَّه جلّ وعلا، ثمّ الفناء في ذاته سبحانه وتعالى.
    ولو كان الناس يفنون في ذاته جلّ وعلا فما معنى قوله تعالى: (فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)؟ فهل انّ اللَّه يخبر نفسه بذلك؟!
    وكذلك آية (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) ليست بمعنى الفناء في ذات اللَّه جلّ وعلا بل بمعنى انّ كلّ شي‏ء يتلاشى أو ينعدم من الوجود بشكل كامل.
    وكذلك آية(إِنَّا لِلّهِ وإِنّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ ) ليست بمعنى نحن من اللَّه فإنّ اللام هنا لام الملكية يعني نحن ملك اللَّه ونرجع إلى اللَّه . لأجل اقامة العدل والحساب. فهذا الكلام من كون اللَّه جلّ وعلا كلّ الأشياء وانّ كلّ شي‏ء يبدأ منه ويرجع إليه وانّ جميع الموجودات ما هي إلاّ صوره المتنوعة وشؤوناته كلام لا اساس له (ولا دليل عليه) فكيف يكون الشي‏ء في عين وحدته واحديته شيئين؟! فانّ هذا الكلام يتنافى مع الأصول الوحيانية والأمر والنهي والتكاليف الشرعية وإرسال الرسل وإنزال الكتب السماوية.
    4 – عتاب موسى لهارون
    وعلى اساس هذا الخط الباطل تشاهد الإنحرافات العظيمة في كلمات العرفاء مثل عتاب موسى لهارون فقد فسروه بأنّ هارون كان قاصر الفكر ولم يتسع قلبه لعبادة العجل حيث أنكر ذلك ولم يدرك انّ عبادة الاصنام عين عبادة اللَّه وذلك «لأنّ العارف يرى الحق في كل شي‏ء بل يراه عين كل شي‏ء».
    وأوّلُ هذه العبارة وكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنّه علم ما عبده اصحاب العجل لعلمه بأنّاللَّه قد قضى ألاّ يعبد إلاّ إيّاه وما حكم اللَّه بشي‏ء الاّ وقع فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه فانّ العارف من يرى الحقّ في كلّ شي‏ء بل يراه عين كلّ شي‏ء، ومعنى هذا الكلام انّ عتاب موسى لأخيه هارون في عبادة بني اسرائيل للعجل لأجل انّه لا يعلم انّ كلّ شي‏ء هو اللَّه.
    5- لاجبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين
    لو غفلنا عن التعقل في الوحي فسوف نقع في الظلمات ويصبح الخروج منها صعبا إلى حد انّه وصل الحال أن نسمع بعض الأحيان من أصحاب الفلسفة اشياءاعجيبة جدا جدا، فانّهم بنوا افكارهم ابتداءً واشبعوها من غير منبع الوحي وحينذاك نراهم يحاولون أن يجمعوا بين الاسس والاصول الوحيانية وبين القواعد العقلانية – بادعائهم – ولذا يأتون بتأويلات وتوجيهات مضحكة وبعيدة عن الذهن لا تتفق لا مع ظواهر الأدلة ولا مع الأصول الوحيانية.
    مثلا في موضوع: لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين يرون أن نفي الجبر والتفويض من باب السالبة بانتفاء الموضوع وقالوا بعدم وجود موجود ذي ارادة في الخارج حتّى يمكن أن يكون هنالك جبر أو تفويض ولذا قيل: لا جبر ولا تفويض، ففي هذا المذهب العرفاني – حسب الإصطلاح – لا يكون الإنسان إلاّ مرآة لا غير فهو ليس شيئا حتّى يؤمر وينهى فكل ما في الخارج هو الوجود والوجود حقيقة واحدة لا غير وبعبارة اخرى(بسيط الحقيقة كلّ الأشياء وليس بشي‏ء منها).
    هذه هي النتيجة العجيبة الحاصلة من المباني العرفانية وعلى هذا فارسال الرسل وإنزال الكتب وتكاليف العباد كلها عبث ولا معنى لها، فقد جاء في المقالة التي طرحت في جملة مجموعة آثار المؤتمر العالمي للإمام الرضا× وإن كنّا لا ننسب هذا الكلام إلى الكاتب بل هو ناقل لذلك :
    «… لأنّ استحالة التفويض على مشرب التوحيد الأفعالي أظهر لوضوح إمتناع تفويض الأمر الخارجي إلى صورة مرآتية لا حقيقة لها عدا حكاية ذي الصورة… » ولذا فالتفويض لا معنى له.
    «كما انّ إمتناع الجبر على هذا المشرب أيضا أبين لأنّ الإكراه إنّما يتصور فيما يكون هناك شي‏ء موجود له إقتضاء وأرادة وامّا الصور المرآتية التي لا واقعية لها عدا الإراءة والحكاية… » ولذا فالجبر لا معنى له.
    وقال بعد ذلك: «فلا مجال أيضا لتفسير المنزلة بين المنزلتين على منهج الحكماء… ».
    ثمّ يستمر في بيان ذلك حتى يصل إلى هذه العبارة:
    «فحينئذ يصير معنى نفي الجبر والتفويض علن تلك الصورة وإثبات منزلة الوسطى بين طرفي الإفراط والتفريط من باب السالبة بإنتفاء الموضوع في الأولين ومن باب المجاز في الإسناد في الثالث… »
    وعلى هذا فنفي الجبر والتفويض من باب السالبة بانتفاء الموضوع ويكون اثبات الأمر بين الأمرين من باب الاسناد في المجاز مثل اسناد الجريان إلى الميزاب في قول من يقول: جرى الميزاب.
    وإليك كامل العبارة:
    فتحصل انّ الحسنة لكونها كمالا وجوديا لابدّ وإن يستند إلى الكامل بالذات والسيئة لكونها نقص كمال وفقدان جمال لابد وان يستند إلى الفاقد للكمال وهو الإنسان العاصي المتحول في حيطة قدرته تعالى بلا تفويض لأنّ استحالة التفويض على مشرب التوحيد الأفعالي أظهر لوضوح إمتناع تفويض الأمر الخارجي إلى صورة مرآتية لا حقيقة لها عدا حكاية ذي الصورة كما انّ إمتناع الجبر على هذا المشرب أيضا أبين لأنّ الإكراه إنّما يتصور فيما يكون هناك شي‏ء موجود له إقتضاء وارادة، واما الصور المرآتية التي لا واقعية لها عدا الاراءة والحكاية فلا مجال أيضا لتفسير المنزلة بين المنزلتين على منهج الحكماء من توجيه العلة القريبة والمتوسطة والبعيدة إذ لا علّية للصورة المرآتية اصلا حتى يبحث عن كونها قريبة أو لا؟ ولذلك يظهر امر آخر وهو ان عد التوحيد الافعالي في سياق أقوال الأشاعرة المجبرة والمعتزلة المفوضة والحكماء الإمامية القائل بالأمر بين الأمرين غير منسجم لأنّ الإنسان وغيره من الممكنات علي المباني الثلاث الاُوَل موجود خارجي حقيقة وإن كان وجوده ضعيفا فقيرا أو فقيرا وربطا محضا لا ذات له إلاّ الربط إلى الواجب الغني المحض إلاّ انّه على مشرب الرابع وهو التوحيد الأفعالي المبحوث عنه في العرفان النظري المشهود في العرفان العملي لا وجود له إلاّ مجازا بحيث يكون اسناد الوجود إليه اسنادا إلى غير ما هو له نظير اسناد الجريان إلى الميزاب في قول من يقول «جرى الميزاب» لأنّ الموجود الإمكاني على هذا المشرب صورة مرآتية لا وجود لها في الخارج وهي مع ذلك تحكي ذا الصورة حكاية صادقة فحينئذ يصير معنى نفي الجبر والتفويض عن تلك الصورة واثبات منزلة الوسطى بين طرفي الإفراط والتفريط من باب السالبة بإنتفاء الموضوع في الاولين ومن باب المجاز في الاسناد في الثالث لأنّ القول بان تلك الصورة الحاكية التي لا وجود لها في الخارج ليست مجبورة ولا مفوضا إليها قضية سالبة بإنتفاء موضوعها والقول بان تلك الصورة التي لا وجود لها في العين مختارة في فعلها قضية يكون اسناد محمولها إلى موضوعها مجازا عقليا.

    تعليق


    • #3
      كلام صاحب بيان السعادة:
      جاء في هذا التفسير والذي هو لأحد مشاهير العرفاء: وهو إشارة لما يقوله الصوفية في مقام التوحيد (التوحيد يحصل لبعض أهل السلوك بطريق الحال ولبعضٍ بنحو المقام) ولمن لم يصل إلى هذه المرحلة من التوحيد لا يحق له أن يتكلم عن التوحيد اصلا.
      وحينما يزول عن حال السالك حيث لم يكن في ذاك المقام فلا يجوز له أن يتفوه به وإلاّ فدمه مباح.
      وهو يكون بتجلي اللَّه سبحانه وتعالى للسالك باسم «واحد» و «أحد» إذن سوف لا يشاهد في العالم غير اللَّه سبحانه وتعالى فلا يرى الأوّل ولا الآخر ولا العلة ولا المعلول ولا الظاهر ولا الباطن ولا الصاعد ولا النازل ولا المدرَك ولا المدرِك.
      فهو يرى كلّ هذه الأمور اعتبارات من نفوس المحجوبين وكلّها عدميات لا حقيقة لها.
      إذن معنى الأوّل هو انّ اللَّه أوّل بلا اعتبار الأوّلية له وآخر بلا اعتبار الآخرية له وكذلك الظاهر والباطن يعني لا شي‏ء ولا شي‏ء ولا أي اعتبار واعتباري في الدار.
      وقد أشير إلى هذا المقام في الشعر:
      حلول و اتحاد اينجا محال است
      كه در وحدت دويى عين ضلال است
      ترجمته:
      الحلول والاتحاد هنا محال
      حيث انّ الإثنينية في الوحدة عين الضلالة
      فكلّ ما قيل من النثر والنظم في هذه المقولة فهو اشارة لهذا المقام أو ناشي‏ء منه ولا يجوز التفوه عن هذه الوحدة وقد أرشد لعدم جواز اعتبارها لِمن لم يكن في ذلك الحال والمقام.
      وقيل انّ هذا الشعر يشير إلى هذا المعنى:
      ألا تا با خودى زنهار زنهار
      عبادات شريعت را نگه دار
      ترجمته: عليك بحفظ نفسك حينما تكون مع نفسك، واحفظ عبادات الشريعة.
      من الواضح انّ معنى هذا الكلام إنّ الإنسان مادام مع نفسه، فاللازم عليه الصلاة والصوم وعندما يصل إلى الحقيقة تبطل الشريعة ولا حاجة حينذاك إلى ذلك وذلك لأنّه تحصيل الحاصل.
      [ المترجم: اقول اولاً إن الاحاطة الوجودية التي ذکروها في محتملات معني الاية الشريفة هي نفس معني الباطل الذي قاله العرفاء و الفلاسفة فلا تغفل و ثانياً إن معني الاية لا يرتبط بما قاله من حقيقة قدرة الله تعالي و علمه بل الصحيح في تفسير الآية الشريفة هو أن الله تعالي هو الاول و الاخر بلا زمان لانه لا يوصف بالزمان حتي يکون قبله او بعده شئ، و إنه تعالي ظاهر بالادلة الواضحة الدالة عليه من خلقه و هو الباطن عن الدرک و الفهم و الوهم و التفصيل يطلب من محله]
      الأوّل والآخر و…
      في بيان تأويل الأوّل والا خر وردت روايات شافية من النبيّ‏| والأئمة الاطهار نذكر بعضها:
      1- روي عن النبيّ| انّه قال:
      أنا الأوّل والآخر اوّل في النبوة وآخر في البعثة.
      في هذا الحديث يبين الرسول| انّه الأوّل في النبوة وذلك لأنّ نبوته أهم من كلّ نبوة الأنبياء الآخرين وهو الآخر بمعنى انّ نبوته آخر النبوات.
      2- قيل لأميرالمؤمنين عليّ كيف اصبحت؟ فقال: أصبحت وأنا الصديق الأكبر والفاروق الأعظم وأنا وصي خير البشر وأنا الأوّل وأنا الآخر وأنا الباطن وأنا الظاهر وأنا بكلّ شي‏ء عليم وأنا عين اللَّه… وأنا احيي وأنا أميت وأنا حي لا اموت.
      فتعجب الأعرابي من قوله فقال :أنا الأوّل اوّل من آمن برسول اللَّه| وأنا الآخر، آخر من نظر فيه لما كان في لحده وأنا الظاهر ظاهر الاسلام وأنا الباطن بطين من العلم وأنا بكلّ شي‏ء عليم، فانّي عليم بكل شي‏ء أخبر اللَّه به نبيّه فأخبرني به، فأمّا عين اللَّه فأنا عينه علي المؤمنين والكفرة وأمّا جنب اللَّه فان تقول نفس: يا حسرتا على ما فرطت في جنب اللَّه ومن فرط في فقد فرط في اللَّه ولم يجز لنبيّ نبوة حتّى يأخذ خاتما من محمد فلذلك سمي خاتم النبيين محمد سيّد النبيين وأنا سيّد الوصيين وأمّا خزّان اللَّه في ارضه فقد علمنا ما علّمنا رسول اللَّه| بقول صادق وأنا احيي: احيي سنة رسول اللَّه وأنا أميت، أميت البدعة وأنا حي لا اموت لقوله تعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
      3- روي انّ أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليه كان قاعدا في المسجد وعنده جماعة فقالوا له: حدّثنا يا أميرالمؤمنين، فقال لهم: ويحكم انّ كلامي صعب مستصعب لا يعقله إلاّ العالمون. قالوا: لابدّ من أن تحدّثنا. قال: قوموا بنا، فدخل الدار، فقال: أنا الذي علون فقهرت، أنا الذي أحيي وأميت، أنا الأوّل والآخر والظاهر والباطن، فغضبوا وقالوا: كفر وقاموا (للخروج) فقال عليّ صلوات اللَّه عليه: ألم أقل لكم انّ كلامي صعب مستصعب لا يعقله إلاّ العالمون؟ تعالوا افسر لكم.
      أمّا قولي: أنا الذي علوت فقهرت، فانا الذي علوتكم بهذا السيف فقهرتكم حتّى آمنتم باللَّه ورسوله.
      وأمّا قولي: أنا احيي وأميت فأنا احيي السنة وأميت البدعة.
      وأمّا قولي: أنا الآخر فانا آخر من سجّى على النبيّ ثوبه ودفنه.
      وأمّا قولي: أنا الظاهر والباطن، فأنا عندي علم الظاهر والباطن، قالوا فرّجت عنّا فرج اللَّه عنك.
      4- نقرأ في زيارة ياسين: أنتم الأوّل والآخر
      هذه الجملة أيضا مع ملاحظة القرائن الاخرى معناها انّكم – أي الأئمة الاطهار: – من حيث المقام والمنزلة اوّل الأوصياء ومن حيث انّه لا اوصياء بعدكم فأنتم آخر الأوصياء.
      والحمد لله رب العالمين
      نسألكم الدعاء

      تعليق


      • #4
        اللهم صل على محمد وال محمد

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
        استجابة 1
        10 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة ibrahim aly awaly
        بواسطة ibrahim aly awaly
         
        أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
        ردود 2
        12 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة ibrahim aly awaly
        بواسطة ibrahim aly awaly
         
        يعمل...
        X