معاذ الخطيب وهيثم مناع يفجّران «قنبلة» سياسية: حوار مباشر مع النظام وسط يـأس من الدعم الدولي
الحوار مع النظام السوري يعيد خلط الأوراق داخل المعارضة السورية. والقنبلة، التي تعيد مسألة الحوار مع النظام بشروط أقل مما كان مفروضاً عليه حتى الأمس، فجّرها معارضان على طرفي لوحة المعارضة السورية، قدّما خلال ٤٨ ساعة عرضين متزامنين للحوار معه بشروط أقل مما كان يتوقع، وبعضها مباشر من دون وساطة دولية. أولهما يتوقع الذهاب إلى لقاء قريب في موسكو أو جنيف، والآخر يخيّر النظام بين القاهرة وتونس واسطنبول. المعارض الأول: هيثم مناع، الذي نجح في الأيام السويسرية الثلاثة، حول ملتقى حوران للمواطنة وخلفه هيئة التنسيق الوطنية، والثاني الذي فجّر صاعق القنبلة وصاحب المفاجأة هو الشيخ معاذ الخطيب. شيخ الجامع الأموي، فجّر قنبلته الحوارية على صفحته الشخصية «الفايسبوك»، حيث كتب «بلغني من وسائل الإعلام أن النظام في سوريا يدعو المعارضة إلى الحوار، وكلف رئيس الوزراء بإدارة المشروع، وأن وزير داخلية النظام يدعو قيادات المعارضة إلى العودة إلى سوريا. لذا أعلن بأنني مستعد للجلوس مباشرة مع ممثلين عن النظام السوري في القاهرة أو تونس أو اسطنبول». وطرح الخطيب شرطين للحوار «إطلاق 160 ألف معتقل من السجون السورية، وخصوصا النساء ومعتقلي الاستخبارات الجوية وسجن صيدنايا، وتمديد أو تجديد جوازات السفر للسوريين الموجودين في الخارج لمدة سنتين على الأقل». وفيما علّق الخطيب بالقول «لا يوجد ثقة بنظام يقتل الأطفال ويهاجم المخابز ويقصف الجامعات ويدمر البنية التحية لسوريا، ويرتكب المجازر بحق الأبرياء»، برّر مبادرته بـ«حسن نية للبحث عن حل سياسي للازمة، ولترتيب الأمور من أجل مرحلة انتقالية توفر المزيد من الدماء، خصوصا أن الثورة مستمرة وموضوع كسب الوقت قد انتهى، لكن المواطن السوري في أزمة غير مسبوقة».
وكان الرئيس السوري بشار الأسد دعا في خطاب مباشر في السادس من الشهر الحالي إلى مؤتمر حوار وطني في سوريا تدعو إليه الحكومة الحالية، وينبثق عنه ميثاق وطني يُطرح على الاستفتاء قبل تشكيل حكومة جديدة موسعة والدعوة إلى انتخابات برلمانية. وشرعت الحكومة السورية في إجراءات تنفيذية لهذه الخطوة، في وقت تعهدت وزارة الداخلية بإعطاء ضمانات للمعارضين المقيمين في الخارج للعودة إلى دمشق للمشاركة في الحوار. كما أعلن القضاء السوري وقف الملاحقات في حق هؤلاء المعارضين في حال وجودها.
في الواقع، لا يبدو تضافر اتجاه طرفي المعارضة الخارجية والداخلية نحو مبادرة لطلب الحوار مع النظام محض صدفة، إذ أن تقاطع الطرفين في لحظة حرجة على مبادرة بهذه الخطورة ينم من جهة مناع على بلوغ رهانه، منذ بداية الأزمة على حل سياسي، محطة طبيعية في مسيرته المعترضة على التسلح وتطييف الصراع واللجوء إلى الخارج وتدخله، وتجاوزه للمرة الأولى حدود هيئة التنسيق وجذب تيار بناء الدولة، وشخصيات من المنبر الديموقراطي، وبعض شخصيات الائتلاف التي قال مناع إنها اتصلت لتقديم التأييد والتهنئة.
أما العرض لدى إمام الجامع الأموي السابق فيعبّر عن واقعية مستجدة لتلافي الأسوأ، واليأس من الحلفاء الذين لم يهادنوا في نقض التعهدات بنجدة المعارضة، ثم ترك الشعب السوري يواجه مصيره وحيداً تحت قصف الطيران والتدمير المنهجي لعمرانه. وهو يأس، عبّر عنه في غيابه الواضح عن «أصدقاء سوريا «في باريس الاثنين الماضي، والذي لم يحصد، كما توقع وقال في بيانه، سوى المزيد من التعهدات.
وشهدت المبادرة رداً عنيفاً عليها من قبل المجلس الوطني، فيما التزم «الائتلاف» رسميا الصمت. وقال بيان للمجلس الوطني السوري إن «هذه التصريحات لا تعبر عن موقف الائتلاف الوطني السوري وتتناقض مع النظام الأساسي للائتلاف ووثيقة الدوحة المؤسسة له، من رفض قاطع للتفاوض مع النظام المجرم، والإصرار على رحيله بكل رموزه».
وساجل الخطيب خلال النهار مع منتقديه، ورد في بيان ثان على المجلس الوطني بالتوضيح «الفكرة التي طرحتها هي رأيي الشخصي وأنا أتحمل مسؤوليتها، وللائتلاف غدا (اليوم) اجتماع لهيئته السياسية المؤقتة وهو سيقرر موقفه الرسمي». وأكد «نحن لا نفاوض على بقاء النظام، بل على رحيله بأقل كلفة من الدم والخراب».
كذلك، عبّر الخطيب عن يأسه من الحلفاء علنا، حيث علّق «هناك دول تعد ولا تفي، وهناك من يقول للسوريين اقتحموا، ثم يتركهم في وسط المعركة. هناك من تعهد بدعم الثوار ثم تركهم في الموت، وهناك من يجلس على أريكته ثم يقول اهجموا.. لا تفاوضوا. وهناك صمت دولي وخنق للثورة، ومئات ألوف المهجرين وهناك من يخطط لأن تختفي سوريا من العالم خلال حرب طاحنة تستمر بضع سنوات».
ويبدو جناحا المعارضة، برغم اختلاف المسير والعرض في الحوار، أقل تطلبا في شرط انعقاد الطاولة، مع تقدم مناع على الخطيب في انسجامه مع البيئة السياسية والحليفة التي وقعت معه بيان جنيف أمس الأول، ودعت فيه إلى حوار في مرحلة أولى، من دون وسيط دولي، ومن دون تحديد طبيعة الأيدي التي ستتبادل المصافحات حول الطاولة الحوارية، ملوثة بالدماء أم لا، وهو ما تقاسمته كل أدبيات المعارضة السورية، من دون استثناء. الواضح أنه بعد عام ونصف من الحرب، لم تعد المفاضلة بين الأيدي لدى النظام، سواء كانت ملوثة أو نظيفة من الدماء، مجدية. كما أن المعارضة المسلحة، وخلفها تشكيلات «الائتلاف» والمجلس الوطني، تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية عن عمليات القتل والتدمير، ناهيك عن وجود عناصر من النظام، كرئيس الوزراء السابق رياض حجاب في صفوفها وغيره من المنشقين من النظام، من دون أي مساءلة عن ماضيهم في خدمة النظام. أضف إلى ذلك دعمها وتبنيها لعمليات جبهة النصرة الانتحارية وغيرها من الجماعات الجهادية السلفية، لحاجة واضحة إلى فعاليتها العسكرية التي تتقدم على انتقاد. ويتقاسم بيان لقاء جنيف، الذي عمل هيثم مناع على عقده وإنجاحه، مع بيان الخطيب وخطته الحوارية المبتسرة، إسقاط الوساطة الدولية في مرحلة أولى، واستغناءه عن طرف ثالث على الطاولة لمباشرة المفاوضات. ولكن مناع في بيان جنيف ومعه هيئة التنسيق يعيد النظام السوري إلى خطة جنيف، ومطالبته بضمانات دولية لكل التعهدات التي ستتخذ، والتفاوض على ما نصّت عليه الخطة الدولية «جنيف» من حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات.
وفي السياق، أوضح منّاع لـ«السفير» أن المجتمعين في مؤتمر جنيف، يملكون تصورا عمليا لتلك المفاوضات مع النظام، ولا يكتفون فقط بتقديم عرض الحوار، كاشفاً أن المفاوضات قد تنعقد إما في موسكو وإما في جنيف، وأنه تلقى تأييدا كبيرا من الروس. بدورها، اعتبرت السفيرة الأميركية التي حضرت جانبا من مؤتمر جنيف البيان النهائي وعرض التفاوض مفاجأة إيجابية.
في المقابل، ليس واضحاً ما إذا كان موقف الخطيب يستند إلى مرجعيات واضحة، باستثناء بيان الداخلية السوري الذي أشار إليه في دعوته الحوارية، مع العلم أن المجلس الوطني و«الائتلاف» رفضا في وقت سابق التفسير الروسي لجنيف، وأي مرحلة انتقالية تتضمن بقاء الرئيس بشار الأسد خلالها في السلطة.
ومن البديهي أنه سيكون على الخطيب الإعلان عن المرجعية التي يرى صلاح الحوار فيها. والحال أن الخطيب، في دعوته إلى اجتماع اليوم يبرهن، أن دعوته إلى الحوار مع النظام ليست رأيا شخصيا، فيما ينحو إلى المخاطرة بموقعه للتأكيد على وجود كتلة داخل الائتلاف تؤيد مقاربته المختلفة للمفاوضات مع النظام السوري. كما بالتأكيد على أنه يعبّر عن تيار حقيقي يعتمل داخل «الائتلاف»، بعد فشل مؤتمر مراكش في حمل الميزانية الضرورية لعمل الحكومة المؤقتة الموعودة، واتضاح سقوط الوعود الأوروبية خصوصا بمنح المعارضة ومجلسها العسكري الموحد أسلحة نوعية.
ومن البديهي، أن الخطيب سيصطدم بكتلة «الإخوان»، التي واجهها سابقاً خلال اجتماعات اسطنبول، والتي رفضت بقوة تشكيل الحكومة المؤقتة. ومن غير الواضح، ما إذا كان الخروج العلني اليائس لمعاذ الخطيب سيغيّر شيئاً أم لا في اعتراض «الإخوان» على إقامة حكومة مؤقتة. فالجماعة الإخوانية السورية ترفض أي حكومة مؤقتة في الوقت الحاضر، لأنها تخشى أن ترسي توزيعا للمواقع يصعب تغييره في المستقبل، كما تخشى تعزيز وجود ليبراليين ومستقلين في»الائتلاف».
ويمكن التساؤل فعلا ما إذا كان الرعاة الإقليميون يدعمون قيام تلك الحكومة. والأرجح أن صراخ جورج صبرا في مؤتمر باريس ومطالبته بالسلاح و٥٠٠ مليون دولار لدعم حكومة مؤقتة، لا يبدو واقعيا أو متطابقا مع حسابات الأوروبيين والأميركيين. الجميع يعلم أن المطلوب ليس فقط حكومة مؤقتة، إنما تمويل «دولة معارضة» تتولى مسؤوليات حكومية، وليس دفع أكلاف إقامة جهاز إداري ضخم على النمط السوري واستيعاب مئات الآلاف من الموظفين المنشقين، وإنما تمويل اقتصاد حرب من الواضح أنها ستكون طويلة جدا، يفضلون تمويلها بدماء السوريين وحدهم.
الحوار مع النظام السوري يعيد خلط الأوراق داخل المعارضة السورية. والقنبلة، التي تعيد مسألة الحوار مع النظام بشروط أقل مما كان مفروضاً عليه حتى الأمس، فجّرها معارضان على طرفي لوحة المعارضة السورية، قدّما خلال ٤٨ ساعة عرضين متزامنين للحوار معه بشروط أقل مما كان يتوقع، وبعضها مباشر من دون وساطة دولية. أولهما يتوقع الذهاب إلى لقاء قريب في موسكو أو جنيف، والآخر يخيّر النظام بين القاهرة وتونس واسطنبول. المعارض الأول: هيثم مناع، الذي نجح في الأيام السويسرية الثلاثة، حول ملتقى حوران للمواطنة وخلفه هيئة التنسيق الوطنية، والثاني الذي فجّر صاعق القنبلة وصاحب المفاجأة هو الشيخ معاذ الخطيب. شيخ الجامع الأموي، فجّر قنبلته الحوارية على صفحته الشخصية «الفايسبوك»، حيث كتب «بلغني من وسائل الإعلام أن النظام في سوريا يدعو المعارضة إلى الحوار، وكلف رئيس الوزراء بإدارة المشروع، وأن وزير داخلية النظام يدعو قيادات المعارضة إلى العودة إلى سوريا. لذا أعلن بأنني مستعد للجلوس مباشرة مع ممثلين عن النظام السوري في القاهرة أو تونس أو اسطنبول». وطرح الخطيب شرطين للحوار «إطلاق 160 ألف معتقل من السجون السورية، وخصوصا النساء ومعتقلي الاستخبارات الجوية وسجن صيدنايا، وتمديد أو تجديد جوازات السفر للسوريين الموجودين في الخارج لمدة سنتين على الأقل». وفيما علّق الخطيب بالقول «لا يوجد ثقة بنظام يقتل الأطفال ويهاجم المخابز ويقصف الجامعات ويدمر البنية التحية لسوريا، ويرتكب المجازر بحق الأبرياء»، برّر مبادرته بـ«حسن نية للبحث عن حل سياسي للازمة، ولترتيب الأمور من أجل مرحلة انتقالية توفر المزيد من الدماء، خصوصا أن الثورة مستمرة وموضوع كسب الوقت قد انتهى، لكن المواطن السوري في أزمة غير مسبوقة».
وكان الرئيس السوري بشار الأسد دعا في خطاب مباشر في السادس من الشهر الحالي إلى مؤتمر حوار وطني في سوريا تدعو إليه الحكومة الحالية، وينبثق عنه ميثاق وطني يُطرح على الاستفتاء قبل تشكيل حكومة جديدة موسعة والدعوة إلى انتخابات برلمانية. وشرعت الحكومة السورية في إجراءات تنفيذية لهذه الخطوة، في وقت تعهدت وزارة الداخلية بإعطاء ضمانات للمعارضين المقيمين في الخارج للعودة إلى دمشق للمشاركة في الحوار. كما أعلن القضاء السوري وقف الملاحقات في حق هؤلاء المعارضين في حال وجودها.
في الواقع، لا يبدو تضافر اتجاه طرفي المعارضة الخارجية والداخلية نحو مبادرة لطلب الحوار مع النظام محض صدفة، إذ أن تقاطع الطرفين في لحظة حرجة على مبادرة بهذه الخطورة ينم من جهة مناع على بلوغ رهانه، منذ بداية الأزمة على حل سياسي، محطة طبيعية في مسيرته المعترضة على التسلح وتطييف الصراع واللجوء إلى الخارج وتدخله، وتجاوزه للمرة الأولى حدود هيئة التنسيق وجذب تيار بناء الدولة، وشخصيات من المنبر الديموقراطي، وبعض شخصيات الائتلاف التي قال مناع إنها اتصلت لتقديم التأييد والتهنئة.
أما العرض لدى إمام الجامع الأموي السابق فيعبّر عن واقعية مستجدة لتلافي الأسوأ، واليأس من الحلفاء الذين لم يهادنوا في نقض التعهدات بنجدة المعارضة، ثم ترك الشعب السوري يواجه مصيره وحيداً تحت قصف الطيران والتدمير المنهجي لعمرانه. وهو يأس، عبّر عنه في غيابه الواضح عن «أصدقاء سوريا «في باريس الاثنين الماضي، والذي لم يحصد، كما توقع وقال في بيانه، سوى المزيد من التعهدات.
وشهدت المبادرة رداً عنيفاً عليها من قبل المجلس الوطني، فيما التزم «الائتلاف» رسميا الصمت. وقال بيان للمجلس الوطني السوري إن «هذه التصريحات لا تعبر عن موقف الائتلاف الوطني السوري وتتناقض مع النظام الأساسي للائتلاف ووثيقة الدوحة المؤسسة له، من رفض قاطع للتفاوض مع النظام المجرم، والإصرار على رحيله بكل رموزه».
وساجل الخطيب خلال النهار مع منتقديه، ورد في بيان ثان على المجلس الوطني بالتوضيح «الفكرة التي طرحتها هي رأيي الشخصي وأنا أتحمل مسؤوليتها، وللائتلاف غدا (اليوم) اجتماع لهيئته السياسية المؤقتة وهو سيقرر موقفه الرسمي». وأكد «نحن لا نفاوض على بقاء النظام، بل على رحيله بأقل كلفة من الدم والخراب».
كذلك، عبّر الخطيب عن يأسه من الحلفاء علنا، حيث علّق «هناك دول تعد ولا تفي، وهناك من يقول للسوريين اقتحموا، ثم يتركهم في وسط المعركة. هناك من تعهد بدعم الثوار ثم تركهم في الموت، وهناك من يجلس على أريكته ثم يقول اهجموا.. لا تفاوضوا. وهناك صمت دولي وخنق للثورة، ومئات ألوف المهجرين وهناك من يخطط لأن تختفي سوريا من العالم خلال حرب طاحنة تستمر بضع سنوات».
ويبدو جناحا المعارضة، برغم اختلاف المسير والعرض في الحوار، أقل تطلبا في شرط انعقاد الطاولة، مع تقدم مناع على الخطيب في انسجامه مع البيئة السياسية والحليفة التي وقعت معه بيان جنيف أمس الأول، ودعت فيه إلى حوار في مرحلة أولى، من دون وسيط دولي، ومن دون تحديد طبيعة الأيدي التي ستتبادل المصافحات حول الطاولة الحوارية، ملوثة بالدماء أم لا، وهو ما تقاسمته كل أدبيات المعارضة السورية، من دون استثناء. الواضح أنه بعد عام ونصف من الحرب، لم تعد المفاضلة بين الأيدي لدى النظام، سواء كانت ملوثة أو نظيفة من الدماء، مجدية. كما أن المعارضة المسلحة، وخلفها تشكيلات «الائتلاف» والمجلس الوطني، تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية عن عمليات القتل والتدمير، ناهيك عن وجود عناصر من النظام، كرئيس الوزراء السابق رياض حجاب في صفوفها وغيره من المنشقين من النظام، من دون أي مساءلة عن ماضيهم في خدمة النظام. أضف إلى ذلك دعمها وتبنيها لعمليات جبهة النصرة الانتحارية وغيرها من الجماعات الجهادية السلفية، لحاجة واضحة إلى فعاليتها العسكرية التي تتقدم على انتقاد. ويتقاسم بيان لقاء جنيف، الذي عمل هيثم مناع على عقده وإنجاحه، مع بيان الخطيب وخطته الحوارية المبتسرة، إسقاط الوساطة الدولية في مرحلة أولى، واستغناءه عن طرف ثالث على الطاولة لمباشرة المفاوضات. ولكن مناع في بيان جنيف ومعه هيئة التنسيق يعيد النظام السوري إلى خطة جنيف، ومطالبته بضمانات دولية لكل التعهدات التي ستتخذ، والتفاوض على ما نصّت عليه الخطة الدولية «جنيف» من حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات.
وفي السياق، أوضح منّاع لـ«السفير» أن المجتمعين في مؤتمر جنيف، يملكون تصورا عمليا لتلك المفاوضات مع النظام، ولا يكتفون فقط بتقديم عرض الحوار، كاشفاً أن المفاوضات قد تنعقد إما في موسكو وإما في جنيف، وأنه تلقى تأييدا كبيرا من الروس. بدورها، اعتبرت السفيرة الأميركية التي حضرت جانبا من مؤتمر جنيف البيان النهائي وعرض التفاوض مفاجأة إيجابية.
في المقابل، ليس واضحاً ما إذا كان موقف الخطيب يستند إلى مرجعيات واضحة، باستثناء بيان الداخلية السوري الذي أشار إليه في دعوته الحوارية، مع العلم أن المجلس الوطني و«الائتلاف» رفضا في وقت سابق التفسير الروسي لجنيف، وأي مرحلة انتقالية تتضمن بقاء الرئيس بشار الأسد خلالها في السلطة.
ومن البديهي أنه سيكون على الخطيب الإعلان عن المرجعية التي يرى صلاح الحوار فيها. والحال أن الخطيب، في دعوته إلى اجتماع اليوم يبرهن، أن دعوته إلى الحوار مع النظام ليست رأيا شخصيا، فيما ينحو إلى المخاطرة بموقعه للتأكيد على وجود كتلة داخل الائتلاف تؤيد مقاربته المختلفة للمفاوضات مع النظام السوري. كما بالتأكيد على أنه يعبّر عن تيار حقيقي يعتمل داخل «الائتلاف»، بعد فشل مؤتمر مراكش في حمل الميزانية الضرورية لعمل الحكومة المؤقتة الموعودة، واتضاح سقوط الوعود الأوروبية خصوصا بمنح المعارضة ومجلسها العسكري الموحد أسلحة نوعية.
ومن البديهي، أن الخطيب سيصطدم بكتلة «الإخوان»، التي واجهها سابقاً خلال اجتماعات اسطنبول، والتي رفضت بقوة تشكيل الحكومة المؤقتة. ومن غير الواضح، ما إذا كان الخروج العلني اليائس لمعاذ الخطيب سيغيّر شيئاً أم لا في اعتراض «الإخوان» على إقامة حكومة مؤقتة. فالجماعة الإخوانية السورية ترفض أي حكومة مؤقتة في الوقت الحاضر، لأنها تخشى أن ترسي توزيعا للمواقع يصعب تغييره في المستقبل، كما تخشى تعزيز وجود ليبراليين ومستقلين في»الائتلاف».
ويمكن التساؤل فعلا ما إذا كان الرعاة الإقليميون يدعمون قيام تلك الحكومة. والأرجح أن صراخ جورج صبرا في مؤتمر باريس ومطالبته بالسلاح و٥٠٠ مليون دولار لدعم حكومة مؤقتة، لا يبدو واقعيا أو متطابقا مع حسابات الأوروبيين والأميركيين. الجميع يعلم أن المطلوب ليس فقط حكومة مؤقتة، إنما تمويل «دولة معارضة» تتولى مسؤوليات حكومية، وليس دفع أكلاف إقامة جهاز إداري ضخم على النمط السوري واستيعاب مئات الآلاف من الموظفين المنشقين، وإنما تمويل اقتصاد حرب من الواضح أنها ستكون طويلة جدا، يفضلون تمويلها بدماء السوريين وحدهم.