إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

سيدي يا حسين...

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سيدي يا حسين...

    "و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"

    السلام على الحسين ....و على علي بن الحسين ....و على أولاد الحسين ...و على أصحاب الحسين....عليكم مني سلام الله أبدا ما بقيت و بقي الليل و النهار و لا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم

    عبدكم و خادمكم....
    الحاج بو غازي

  • #2
    السلام عليك يا ابا عبدالله

    عظم الله اجرنا واجركم ... شيعه محبين ...

    السلام على الحسين ....و على علي بن الحسين ....و على أولاد الحسين ...و على أصحاب الحسين....عليكم مني سلام الله أبدا ما بقيت و بقي الليل و النهار و لا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم


    ورزقنا الله واياكم في الدنيا زيارتهم وبالاخرة شفاعتهم

    الللهم صلي على محمد واله

    تعليق


    • #3
      رثاء للإمام الحسين عليه السلام

      أَبا الشهداء
      الدكتور الشيخ أحمد الوائلي

      طلعت على الدّنيا حساماً مهنَّدا
      فعاشتكَ حيناً ثم عاشت على الصدى

      ولستَ ببانٍ بالحجارة معبداً
      إذا لم تشيِّد بالجوانح معبداً

      جثا الدَّهر في أَعتابك الشم راكعاً
      ولا غرو إنّ الظَّهر أَثقله الندى

      وضعتُ لمعناكَ الحروف فلم تطق
      جلاءَك فاستجليت معنىً مجرَّدا

      فعشتَ بذهني صورةً لا أرى لها
      بمحدودة الأَلفاظ أَن تتقيّدا

      تمجَّد قوم بالخلود وإنّني
      رأَيت بمعناكَ الخلودَ مخلّدا

      لقد أَخذت منك الدّوائر شكلها
      فليس لمرآها انتهاءٌ ولا ابتدا

      ويولد من يفنى وأَنت تأصلٌ
      فما مت يوماً كي نحدّك مولدا

      حسينٌ وربَّ اسمٍ إذا ما لفظته
      يرنّ بسمع الدّهر مهما ترددا

      كمثل شعاع الشمس ما اخلولقت له
      بيومٍ معانٍ كي يقال تجددا

      أَفاق عليه الدَّهر يوماً فراعه
      طراز تعدى سنخه وتفردا

      فيا واحداً من خمسةٍ إن رأيتهم
      رأيت بهم في كل وجهٍ محمدا

      حديث الكسا ترنيمة الحق فيهمُ
      روى الذّكر فيها الإِحتفاء وغرّدا

      سما فلكٌ تنمى إليه فلم يكن
      لينجبها الا شموساً وفرقدا

      أَيا مطعم الدّنيا بغمرة جوعها
      ترائب ما اطبقن الا على الهدى

      أَعدَّت بك الأَيام زاداً لفقرها
      إذا جاع دهرٌ إمه فتزودا

      وأَلفت بك الدنيا الكمال لنقصها
      فأَشبعتها عزماً وحزماً وسؤددا

      وواجهت حتى قاتليك برحمةٍ
      تفجر بالصّمّاء نبعاً مصردا

      وقلب يعير الرمح عطفاً وإن قسا
      وأَكثر فيه الطّعن حتى تقددا

      وتلك سمات الأَنبياءِ تسامحٌ
      وروح يُفيض الحبَّ حتى على العدا

      أيا واهباً أعطى الحياة بنهجه
      إذا لزها الإِعنات نهجاً مسدَّداً

      وعلَّمنا أَنَّ الفداءَ فريضةٌ
      إذا افتقر العيش الكريم إلى الفدا

      لمحتُ رسومَ المجد بيضاءَ حرةً
      على كلِّ عضوٍ منكَ قطِّع بالمُدى

      فأَكبرت فيك الدَّم اسرج شعلةً
      بقلب ظلام الليل حتى تبددا

      ومجدتُ جرحاً في جبينك شامخاً
      يهز الجباهَ الخانعات لتصعدا

      ويا ربوات الطَّف أَلف تحيّةٍ
      لأَيام عاشوراء تختال خرّدا

      ورعياً ليوم كلَّما طال عهده
      أَراه بما أَعطى يعود كما بدا

      تعليق


      • #4
        منقول عن احد الكتاب الشيعة

        العاشر من عاشوراء

        قضية الإمام الحسين (عليه السلام) ليست حكاية تحكى ولا رواية تروى، وإنما هي مأساة تعاش وملحمة تحس وصراع بين الخير والشر والحق والباطل على مر العصور وهي تخص الفكر المستنير والإيمان المتفجر والبطولة والفداء ورفض زيف الخداع والمساومة المقرونة دوما بالاستعداد لبذل الغالي والنفيس في إعلاء كلمة الحق والعدل. وقد برهنت الأيام وتكرار القرون على صدق هذا الاستقراء.. وكيف لا ونحن أمام الحسين سيد شباب أهل الجنة، جده الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) وأمه بنت الرسول فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وأبوه الإمام علي بن أبي طالب سيد البلغاء (عليهما السلام) ... أليس هو من قال عنه الرسول (صلى الله عليه وآله) وعن أخيه الحسن: (اللهم إني أحبه، فأحبَّهُ، وأحب– مَنْ يُحبُّه) صحيح مسلم، كما قال (صلى الله عليه وآله): (حسين مني وأنا من حسين)، و(أحب الله من أحب الحسين).

        وهو من وضع الرسول (صلى الله عليه وآله) يده اليمنى على رأس الحسن واليسرى على رأس الحسين وقال: (اللهم إن محمدا عبدك ورسولك، وهذان أطائب عترتي وخيار أرومتي وأفضل ذريتي وممن أخلفها في أمتي، وقد أخبرني جبرائيل أن ولدي هذا مخذولي مقتولي بالسم، والآخر شهيد مضرّج بالدم، اللهم فبارك له في قتله واجعله من سادات الشهداء).

        إن ثورة الحسين كانت وثبة شجاعة من أعماق سجون التسلط في عصره ليخترق معه جدران العبودية إلى التحرر والحرية ويبسّط لنا مفهوم الجهاد والشموخ والكرامة والعزة برفضه الطغيان والظلم والتضليل والتلاعب بمقدرات الأمة ورسالتها بعد أن صافح السيف وعانق الرماح ليضرب لنا بذلك أروع صور للبطولة والتضحية والفداء وليبرز لنا قيمة الإنسان ومقدرته في الوقوف أمام الظلم والجبروت. فالحسين (عليه السلام) عندما ثار لم يكن يريد شيئا إلا الإصلاح كما قال: (إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي).

        إذاً أحداث اليوم العاشر من عاشوراء والتي تمت فصولها فوق أرض كربلاء ستظل ملحمة خالدة تتوارثها الأجيال ورمزا لكل مكان وجد فيه البطش والاستبداد ولكل زمن اهتزت وتهتز فيه الثوابت والعقيدة والمبادئ ولكل من يريد أن يعرف معنى للحرية والإيثار... وصدق من قال:

        مسح الحسين جبينه

        فله بريقي في الخدود

        وأبوه من أعلى قريشي

        وجدّه خير الجدود

        تعليق


        • #5
          رسالة الدم

          السيد محمد باقر الموسوي المهري



          لقد كتب الحسين (عليه السلام) في صحراء كربلاء رسالة لجميع المسلمين والأحرار بدمه الأحمر القاني ليبقى مخلدا في تاريخ المجد والفضيلة، فان اللون الأحمر له خصوصية معينة وميزة خاصة فيرمز إلى العشق الإلهي والحب والفناء في الله سبحانه وتعالى ويدل هذا اللون على الشهادة والتضحية والفداء ويعتبر هذا اللون أكثر الألوان ثباتا على صفحات التاريخ الذي يشهد بان الخطب والأقوال التي تكتب وتسجل بالدم لا يمكن أن تمحى من ذاكرة التاريخ وصفحة الوجود أبداً لأنها تعبر عن إخلاص وصدق نية وعمق إرادة وصفاء فكر. فنرى أن رسالة الشهيد الإمام الحسين التي كتبت على صفحات الهواء المهتزة بقيت مخلدة في قلوب الإنسانية المقدسة وأصحاب الضمائر الحية، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن للحسين محبة مكنونة في قلوب المؤمنين) وقال تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)[سورة مريم: الآية 96].

          رسالة الإمام كانت تعبيرا حيا وواقعيا عن القلب البصير وحديثا مع الله ومناجاة مع رب العالمين ونابعا عن الفطرة السلمية وبعيدة عن حب الذات والأنانية.

          عندما أحس الحسين (عليه السلام) بالمسؤولية الكبرى تجاه المجتمع الإسلامي والوضع المأساوي الذي كان يعيش فيه المسلمون، صمم على الشهادة والجهاد في سبيل الله ليبقى دين جده رسول الله مستمرا في التاريخ إلى الأبد ويكون حلال محمد حلالا إلى يوم القيامة وحرامه حراما إلى يوم القيامة، وقد عرف المسلمون إن ذلك يكلفه حياته وكل ما يملكه من جاه ومقام ووضع اجتماعي وثقل في الأمة الإسلامية، فعزم على السير إلى العراق وهو عالم بأنه يقتل ويراق دمه في أرض كربلاء حتى لا يطفأ نور الله جل جلاله وتطمس معالم الدين وتشوه سمعة الإسلام وتنشر مفاهيم الجاهلية. قال الإمام الحسين (عليه السلام):

          تركت الخلق طرا في هواكا***وايتمت العيال لكي أراكـا

          فلو قطعتنـــــــي بالحب إرباً***لما مال الفؤاد إلى سواكا

          قال الإمام الشهيد محمد باقر الصدر (يجب علينا جميعا أن نكون مستعدين للحظة ينادينا فيها الإسلام إلى الموت وقد لبى الإمام الشهيد نداء الإسلام وروى بدمه الطاهر الزكي شجرة الإسلام التي كادت أن تذبل وتصبح يابسة).

          إن الدم المبارك للحسين وأصحابه وأولاده الذي أريق ظلما وعدوانا بقي مخلدا في سماء البطولات والملاحم والشجاعة والعز والكرامة ولا يزال هذا الدم الأحمر القاني يغلي ويطلب منا جميعا الثأر من الذين يحاربون المسلمين ويقتلون أطفالهم وشبابهم ويهدمون منازلهم ويحتلون أراضيهم.

          إن هذا الدم يريد منا أن نجعل قضيتنا الأولى القدس الشريف وان نقف بجانب أطفال الحجارة وشباب المقاومة الفلسطينية والدفاع عنهم وتصعيد معنوياتهم وتشجيعهم على الاستمرار في الجهاد ضد الصهاينة المجرمين.

          الإمام الحسين يطلب منا أن نحافظ على الإسلام المحمدي الأصيل وعلى القرآن الكريم وان نطبق شرع الله في جميع بقاع الأرض ليكون الدين كله لله وان لا نستسلم لأعداء الإسلام الذين لا يزالون يحاربون المفاهيم الإسلامية الأصيلة ويريدون إذلال الأمة الإسلامية وإخضاعهم للمستعمر الكافر والتشكيك في عقائدنا وأمور ديننا وجهاد إبطالنا وعملياتهم الاستشهادية التي هي امتداد للعملية الاستشهادية لسيد الشهداء فقد ضحى الحسين بهذه الكيفية المأساوية ليعطي لنا الشرعية للقيام بالجهاد والعمليات الاستشهادية البطولية ضد الصهاينة القتلة.

          فنم يا أبا عبد الله قرير العين باسم الثغر فنحن على دربك سائرون ونحيي في كل سنة ذكراك العطرة ونأخذ الدروس والعبر منها.



          السيد محمد باقر الموسوي المهري، جريدة الوطن الكويتية ليوم 24/ 3 / 2002

          تعليق


          • #6
            هذه مجموعة من الشعر القيم، والنظم الرائع له (عليه السلام)، وجلها في المواعظ والأخلاق والمكارم والفخر، ومن بينها ما أنشده (عليه السلام) في يوم عاشوراء، في ذلك الموقف الرهيب، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تمكنه (عليه السلام) من هذه الصناعة، وتضلعه في هذا الفن.

            نذكر من ذلك:


            1- قال (عليه السلام) في الحث على الجود:

            على الناس طراً قبل أن تتفلت

            إذا جادت الدنيا عليك فجد بها

            ولا البخل يبقيها إذا ما تولت

            فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت



            2- وقال (عليه السلام) في الاستغناء بالله تعالى عن الناس:

            تغن عن الكاذب والصادق

            اغن عن المخلوق بالخالق

            فليس غير الله من رازق

            واسترزق الرحمن من فضله

            فليس بالرحمن بالواثق

            من ظن أن الناس يغنونه

            زلت به النعلان من حالق

            أو ظن أن المال من كسبه



            3- وقال (عليه السلام) في الزهد في الدنيا:

            زيد في همه وفي الاشتغال

            كلما زيد صاحب المال مالاً

            ويا دار كل فان وبال

            قد عرفناك يا منغصة العيش

            ـد إذا كان مثقلاً بالعيال(1)

            ليس يصفو لزاهد طلب الزهـ



            4- وقال (عليه السلام) لما زار مقابر الشهداء بالبقيع:

            فأجابني عن صمتهم ندب الحشا

            ناديت سكان القبور فأسكتوا

            مزقت جثماناً وخرّقت الكسا

            قالت أتدري ما صنعت بساكني

            كانت تأذى باليسير من القذا

            وحشوت أعينهم تراباً بعد ما

            حتى تباينت المفاصل والشوى

            أمّا العظام فإنني مزقتها

            فتركتها مما يطول بها البلى

            قطعت ذا من ذا ومن هذا كذا



            5- وقال (عليه السلام) في الإعراض عن الدنيا:

            فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل

            لئن تكن الأبدان للموت أنشئت

            فقلة سعي المرء في الكسب أجمل(2)

            وإن تكن الأموال للترك جمّعت


            للموضوع تتمة.

            الهوامش

            1- تاريخ ابن عساكر: 4/325.

            2 - تاريخ ابن عساكر: 4/325.

            تعليق


            • #7
              استشهاده
              ولما قتل العباس التفت الحسين (عليه السلام) فلم ير أحداً في الميدان من ينصره ونظر إلى أهله وصحبه مجزرين كالأضاحي وهو يسمع عويل الأيامى وصراخ الأطفال، ووجه الإمام (عليه السلام) وهو بتلك الحالة خطاباً لأعدائه حذرهم فيه من غرور الدنيا وفتنتها، ويقول المؤرخون: انه لم يلبث بعده إلا قليلاً حتى استشهد، وهذا نصه:
              (عباد الله: اتقوا الله، وكونوا من الدنيا على حذر فإن الدنيا لو بقيت لأحد، وبقي عليها أحد لكانت الأنبياء أحق بالبقاء، وأولى بالرضا، وأرضى بالقضاء، غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء، وخلق أهلها للفناء فجديدها بال، ونعيمها مضمحل، وسرورها مكفهر، والمنزل بلغة، والدار قلعة فتزودوا فإن خير الزاد التقوى، واتقوا الله لعلكم تفلحون)(1).
              •• الإمام يطلب ثوباً خلقا
              وطلب الإمام من أهل بيته أن يأتوه بثوب خلق لا يرغب فيه أحد ليجعله تحت ثيابه لئلا يسلب منه، فأتوه بتبان(2) فلم يرغب فيه وقال ذلك لباس من ضربت عليه الذلة، وأخذ ثوباً فخرقه، وجعله تحت ثيابه فلما قتل جردوه منه(3).
              •• وداعه لعياله
              وقفل الإمام راجعاً إلى عياله ليودعهم الوداع الأخير، وجراحاته تنفجر دماً وقد أوصى حرم الرسالة وعقائل الوحي بلبس الأزر والاستعداد للبلاء، وأمرهن بالخلود إلى الصبر والتسليم لقضاء الله قائلاً:
              (استعدوا للبلاء، واعلموا ان الله تعالى حاميكم وحافظكم، وسينجيكم من شر الأعداء، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير، ويعذب عدوكم بأنواع العذاب، ويعوضكم عن هذه البلية بأنواع النعم والكرامة فلا تشكوا ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص قدركم)(4).
              تزول الدول، وتذهب الممالك، وتفنى الحضارات، وهذا الإيمان الذي لا حد له أحق بالبقاء وأجدر بالخلود من كل كائن في هذه الحياة لأمر الله، انه ليس هناك غير الحسين أمل الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وريحانته والصورة الكاملة التي تحكيه.
              وذابت أسى أرواح بنات الرسول (صلى الله عليه وآله) حينما رأين الإمام بتلك الحالة يتعلقن به يودعنه، وقد وجلت منهن القلوب، واختطف الرعب الوانهن، والتاع الإمام حينما نظر إليهن وقد سرت الرعدة بأوصالهن يقول الإمام كاشف الغطاء:
              (من ذا الذي يقتدر أن يصور لك الحسين (عليه السلام) وقد تلاطمت أمواج البلاء حوله، وصبت عليه المصائب من كل جانب، وفي تلك الحال عزم على توديع العيال ومن بقي من الأطفال فاقترب من السرادق المضروب على حرائر النبوة وبنات علي والزهراء (عليه السلام) فخرجت المخدرات كسرب القطا المذعورة فاحطن به وهو سابح بدمائه، فهل تستطيع أن تتصور حالهن وحال الحسين في ذلك الموقف الرهيب ولا يتفطر قلبك، ولا يطيش لبك، ولا تجري دمعتك)(5).
              لقد كانت محنة الإمام في توديعه لعياله من أقسى وأشق ما عاناه من المحن والخطوب، فقد لطمن بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجوههن، وأرتفعت أصواتهن بالبكاء والعويل، وهن يندبن جدهن الرسول (ص) والقين بأنفسهن عليه لوداعه، وقد أثر ذلك المنظر المريع في نفس الإمام بما لا يعلم بمداه إلا الله.
              ونادى الرجز الخبيث عمر بن سعد بقواته المسلحة يحرضها على الهجوم على الإمام قائلاً:
              (اهجموا عليه ما دام مشغولاً بنفسه وحرمه، فو الله ان فرغ لكم لا تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم).
              وحمل عليه الأخباث فجعلوا يرمونه بالسهام، وتخالفت السهام بين اطناب المخيم، وأصاب بعضها ازر بعض النساء فذعرن ودخلن الخيمة وخرج بقية الله في الأرض كالليث الغضبان على أولئك الممسوخين فجعل يحصد رؤوسهم الخبيثة بسيفه، وكانت السهام تأخذه يميناً وشمالاً، وهو يتقيها بصدره ونحره، ومن بين تلك السهام التي فتكت به.
              1 - سهم أصاب فمه الطاهر، فتفجر دمه الشريف فوضع يده تحت الجرح فلما امتلأت دماً رفعه إلى السماء وجعل يخاطب الله تعالى قائلاً:
              (اللهم إن هذا فيك قليل)(6).
              2 - سهم أصاب جبهته الشريفة المشرقة بنور النبوة والإمامة رماه به أبو الحتوف الجعفي فأنتزعه، وقد تفجر دمه الشريف، فرفع يديه بالدعاء على السفكة المجرمين قائلاً:
              (اللهم إنك ترى ما أنا فيه من عبادك العصاة، اللهم احصهم عدداً واقتلهم بدداً، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحداً، ولا تغفر لهم أبداً).
              •• وصاح بالجيش
              (يا أمة السوء بئسما خلفتم محمداً في عترته، أما انكم لا تقتلون رجلاً بعدي فتهابون قتله بل يهون عليكم ذلك عند قتلكم أياي، وأيم الله اني لأرجو أن يكرمني الله بالشهادة، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون..)(7).
              لقد كان جزاء الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي انقذهم من حياة البؤس والشقاء أن عدوا على ذريته فسفكوا دماءهم، واقترفوا منهم ما تقشعر منه الجلود وتندى له الوجوه.. وقد استجاب الله دعاء الإمام فأنتقم له من أعدائه المجرمين، فلم يلبثوا قليلاً حتى اجتاحتهم الفتن والعواصف، فقد هب الثائر العظيم المختار طالباً بدم الإمام فأخذ يطاردهم ويلاحقهم، وقد هربوا في البيداء وشرطة المختار تطاردهم حتى أباد الكثيرين منهم، يقول الزهري لم يبق من قتلة الحسين أحد إلا عوقب أما بالقتل أو العمى أو سواد الوجه، أو زوال الملك في مدة يسيرة(8).
              3 - وهو من أعظم السهام التي فتكت بالإمام. يقول المؤرخون: إن الإمام وقف ليستريح بعدما أعياه نزيف الدماء، فرماه وغد بحجر أصاب جبهته الشريفة فسالت الدماء على وجهه فأخذ الثوب ليمسح الدم عن عينيه، فرماه رجس بسهم محدد له ثلاث شعب فوقع على قلبه الشريف الذي يحمل العطف والحنان لجميع الناس، فعند ذلك أيقن بدنو الأجل المحتوم منه فشخص ببصره نحو السماء وهو يقول:
              (بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله (ص).. إلهي إنك تعلم انهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري).
              وأخرج السهم من قفاه فانبعث الدم كالميزاب فأخذ يتلقاه بيديه فلما امتلأتا رمى به نحو السماء وهو يقول:
              (هون ما نزل بي أنه بعين الله).
              وأخذ الإمام من دمه الشريف فلطخ به وجهه ولحيته، وهو بتلك الهيبة التي تحكى هيبة الأنبياء واندفع يقول:
              (هكذا اكون حتى ألقى الله وجدي رسول الله (ص) وأنا مخضب بدمي..)(9).
              4 - رماه الحصين بن نمير بسهم أصاب فمه الشريف فتفجر دماً فجعل يتلقى الدم بيده ويرمي به نحو السماء وهو يدعو على الجناة المجرمين قائلاً:

              (اللهم احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تذر على الأرض منهم أحداً)(10).

              وتكاثرت عليه السهام حتى صار جسده الشريف قطعة منها.. وقد اجهده نزيف الدماء واعياه العطش، فجلس على الأرض، وهو ينؤ برقبته من شدة الآلام فحمل عليه وهو بتلك الحالة الرجس الخبيث مالك بن النسر فشتمه وعلاه بالسيف، وكان عليه برنس(11) فامتلأ دماً، فرمقه الإمام بطرفه، ودعا عليه قائلاً:

              (لا اكلت بيمينك ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين).

              وألقى البرنس واعتم على القلنسوة(12) فأسرع الباغي إلى البرنس فأخذه وقد شلت يداه(13).


              •• الإمام مع ابن رباح

              وكان مسلم بن رباح هو آخر من بقي من أصحاب الإمام، وكان معه، وقد أصاب الإمام سهم في وجهه الشريف فجلس على الأرض وانتزعه، وقد تفجر دمه، ولم تكن به طاقة فقال لابن رباح:

              (أدن يديك من هذا الدم).

              فوضع ابن رباح يديه تحت الجرح فلما امتلأتا دماً قال له:

              (أسكبه في يدي).

              فسكبه في يديه، فرفعهما نحو السماء وجعل يخاطب الله تعالى قائلاً:

              (اللهم اطلب بدم ابن بنت نبيك).

              ورمى بدمه الشريف نحو السماء فلم تقع منه قطرة واحدة إلى الأرض فيما يقول ابن رباح(14).

              تعليق


              • #8
                تابع المقتل

                •• مناجاته مع الله

                واتجه الإمام (عليه السلام) في تلك اللحظات الأخيرة إلى الله فأخذ يناجيه ويتضرع إليه بقلب مُنيب ويشكو إليه ما ألم به من الكوارث والخطوب قائلاً:

                (صبراً على قضائك لا إله سواك، يا غياث المستغيثين، مالي رب سواك ولا معبود غيرك. صبراً على حكمك، يا غياث من لا غياث له، يا دائماً لا نفاذ له يا محيي الموتى، يا قائماً على كل نفس أحكم بيني وبينهم وأنت خير الحاكمين)(15).

                إنه الإيمان الذي تفاعل مع جميع ذاتياته فكان من أهم عناصره.. لقد تعلق بالله وصبر على قضائه وفوض إليه جميع ما نزل به وعاناه من الكوارث والخطوب، وقد أنساه هذا الإيمان العميق جميع ما حل به يقول الدكتور الشيخ أحمد الوائلي في رائعته:

                يا أبا الطف وازدهى بالضحايا***من أديم الطفوف روض خيل

                نخبة من صحابة وشقيق***ورضيع مطوق وشبول

                والشباب الفينان جف ففاضت***طلعة حلوة ووجه جميل

                وتوغلت تستبين الضحايا***وزواكي الدماء منها تسيل

                ومشت في شفاهك الغر نجوى***نم عنها التحميد والتهليل

                لك عتبى يا رب إن كان يرضيك***فهذا إلى رضاك قليلِ


                •• الهجوم عليه

                وهجمت على ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلك العصابة المجرمة التي تحمل رجس الأرض وخبث اللئام فحملوا عليه - يالله - من كل جانب وهم يوسعونه ضرباً بالسيوف وطعناً بالرماح فضربه زرعة بن شريك التميمي على كفه اليسرى، وضربه وغد آخر على عاتقه، وكان من أحقد أعدائه عليه الخبيث سنان بن أنس، فقد أخذ يضربه تارة بالسيف وأخرى يطعنه بالرمح، وكان يفخر بذلك، وقد حكى للحجاج ما صنعه به باعتزاز قائلاً:

                (دعمته بالرمح، وهبرته بالسيف هبراً)(16).

                فالتاع الحجاج على قسوته وصاح به: أما انكما لن تجتمعا في دار(17).

                وأحاط به أعداء الله من كل جانب، وسيوفهم تقطر من دمه الزكي يقول بعض المؤرخين إنه لم يضرب أحد في الإسلام كما ضرب الحسين فقد وجد به مائة وعشرون جراحة ما بين ضربة سيف وطعنة رمح ورمية سهم(18).

                ومكث الإمام مدة من الوقت على وجه الأرض، وقد هابه الجميع ونكصوا من الأجهاز عليه يقول السيد حيدر:

                فما اجلت الحرب عن مثله***صريعاً يجبن شجعانها

                وكانت هيبته تأخذ بمجامع القلوب حتى قال بعض أعدائه: (لقد شغلنا جمال وجهه ونور بهجته عن الفكرة في قتله) وما انتهى إليه رجل إلاّ انصرف كراهية أن يتولى قتله(19).


                •• خروج العقيلة

                وخرجت حفيدة الرسول (صلى الله عليه وآله) زينب من خبائها وهي فزعة تندب شقيقها وبقية أهلها وتقول بذوب روحها:

                (ليت السماء وقعت على الأرض).

                وأقبل ابن سعد فصاحت به: يا عمر أرضيت أن يُقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟ فأشاح الخبيث بوجهه عنها ودموعه تسيل على لحيته المشومة(20) ولم تعد العقيلة تقوى على النظر إلى أخيها وهو بتلك الحالة التي تميد بالصبر، فانصرفت إلى خبائها لترعى المذاعير من النساء والأطفال.


                •• الفاجعة الكبرى

                ومكث الإمام طويلاً من النهار، وقد اجهدته الجروح وأعياه نزيف الدماء، فصاح بالقتلة المجرمين:

                (أعلى قتلي تجتمعون؟ أما والله لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله وأيم الله إني لأرجو ان يكرمني الله بهوانكم، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون..).

                وكان الشقي الأثيم سنان بن أنس قد شهر سيفه فلم يدع أحداً يدنو من الإمام مخافة أن يغلبه على أخذ رأسه فيخسر الجائزة من سيده ابن مرجانة، والتفت الخبيث عمر بن سعد إلى شبث بن ربعي فقال له:

                (أزل فجئني برأسه).

                فانكر عليه شبث وقال له:

                (أنا بايعته ثم غدرت به، ثم أنزل فاحتز رأسه لا والله لا أفعل ذلك..).

                والتاع ابن سعد فراح يهدده:

                (إذاً اكتب إلى ابن زياد).

                (اكتب له)(21).

                وصاح شمر بالأوغاد المجرمين من أصحابه: ويحكم ماذا تنتظرون بالرجل؟ اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم فاندفع خولي بن يزيد إلى الاجهاز عليه إلا انه ضعف وأرعد فقد اخذته هيبة الإمام فأنكر عليه الرجس سنان بن أنس وصاح به: فتَّ الله في عضدك وأبان يدك، واشتد كالكلب على الإمام فاحتز رأسه الشريف فيما يقول بعض المؤرخين(22)، وسنذكر الأقوال في ذلك.

                واحتز رأس الإمام (عليه السلام) وكانت على شفتيه ابتسامة الرضا والاطمئنان والنصر الذي احرزه إلى الأبد.

                لقد قدم الإمام روحه ثمناً للقرآن الكريم، وثمناً لكل ما تسمو به الإنسانية من شرف وعز وإباء.. وقد كان الثمن الذي بذله غالياً وعظيماً فقد قتل مظلوماً مهضوماً غريباً بعد أن رزئ بابنائه وأهل بيته وأصحابه وذبح وهو عطشاناً أمام عائلته، فأي ثمن أغلى من هذا الثمن الذي قدمه الإمام قرباناً خالصاً لوجه الله؟

                لقد تاجر الإمام مع الله بما قدمه من عظيم التضحية والفداء، فكانت تجارته هي التجارة الرابحة قال الله تعالى:

                (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)(23).

                والشيء المحقق ان الإمام قد ربح بتجارته وفاز بالفخر الذي لم يفز به أحد غيره، فليس في أسرة شهداء الحق من نال الشرف والمجد والخلود مثل ما ناله الإمام فها هي الدنيا تعج بذكراه، وها هو حرمه المقدس أصبح اعز حرم وامنعه في الأرض.

                لقد رفع الإمام العظيم راية الإسلام عالية خفاقة وهي ملطخة بدمه ودماء الشهداء من أهل بيته وأصحابه: وهي تضيء في رحاب هذا الكون وتفتح الآفاق الكريمة لشعوب العالم وأمم الأرض لحريتهم وكرامتهم.

                لقد استشهد الإمام من أجل أن يقيم في ربوع هذا الكون دولة الحق، وينقذ المجتمع من حكم الأمويين الذين كفروا بحقوق الإنسان، وحولوا البلاد إلى مزرعة لهم يصيبون منها حيث ما شاءوا.


                •• القاتل الأثيم

                واختلف المؤرخون في المجرم الأثيم الذي اجهز على ريحانة رسول الله (ص)، وهذه بعض الأقوال:

                1 - سنان بن أنس

                وذهب الكثيرون من المؤرخين إلى أن الشقي الأثيم سنان بن أنس هو الذي احتز رأس الإمام (ع)(24) وفيه يقول الشاعر:

                وأي رزية عدلت حسيناً***غداة تبيره كفا سنان(25)

                2 - شمر بن ذي الجوشن

                وصرحت بعض المصادر أن الأبرص شمر بن ذي الجوشن هو الذي قتل الإمام(26) فقد كان هذا الخبيث من أحقد الناس على الإمام يقول المستشرق رينهارت دوزي: ولم يتردد الشمر لحظة بقتل حفيد الرسول (صلى الله عليه وآله) حين احجم غيره عن هذا الجرم الشنيع وان كانوا مثله في الكفر(27).

                3 - عمر بن سعد

                وذكر المقريزي وغيره ان عمر بن سعد هو الذي قتل الإمام بعد أن احجم غيره من السفكة المجرمين من قتله(28).

                الهوامش

                1 - زهر الآداب: ج 1 ص 162، كفاية الطالب.

                2 - التبان: سراويل صغيرة.

                3 - معجم الطبراني الكبير: ج 1 ص 140.

                4 - مقتل الحسين للمقرم: ص 337.

                5 - جنة المأوى: ص 115.

                6 - الدر النظيم: ص 168.

                7 - مقتل الحسين للمقرم: ص 339.

                8 - عيون الأخبار لابن قتيبة: ج 1 ص 103 - 104.

                9 - مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 34.

                10 - أنساب الأشراف: ق 1 ج 1.

                11 - البرنس: قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الإسلام.

                12 - مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 34.

                13 - أنساب الأشراف: ق 1 ج1.

                14 - تاريخ ابن عساكر: ج 14 ص 77، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب من مخطوطات مكتبة كاشف الغطاء العامة.

                15 - مقتل المقرم: ص 345.

                16 - هبرته: قطعته.

                17 - مجمع الزوائد: ج 9 ص 194.

                18 - الحدائق الوردية: ج 1 ص 126.

                19 - أنساب الأشراف: ق 1 ج 1.

                20 - جواهر المطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب: ص 139.

                21 - الدر النظيم في مناقب الأئمة: ص 168.

                22 - مناقب الخوارزمي: ج 2 ص 36.

                23 - سورة التوبة: الآية 110.

                24 - تاريخ ابن الأثير: ج 3 ص 295؛ مقاتل الطالبيين: ص 118؛ البداية والنهاية: ج 8 ص 188؛ أنساب الأشراف: ق 1 ج 1، تاريخ القضاعي.

                25 - الاستيعاب: ج 1 ص 379.

                26 - مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 36، مقتل الحسين للمقرم: ص 347.

                27 - مسلمي إسبانيا.

                28 - خطط المقريزي: ج 2 ص 286، مناقب ابن شهر آشوب: ج 5 ص 119 من مصورات مكتبة الإمام أمير المؤمنين.

                تعليق

                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                حفظ-تلقائي
                x

                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                صورة التسجيل تحديث الصورة

                اقرأ في منتديات يا حسين

                تقليص

                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                يعمل...
                X