الشيخ علي الجزيري. عشر [1] نقاط على قول عمر بن الخطاب حسبنا كتاب الله
المصدر: http://www.youtube.com/watch?v=A5Bfdkg3eLg
تاريخ المحاضرة: 7 أغسطس 2008م.
مدة المقطع: 22:25
يُهدى ثوابُ هذا العمل الى روح الاستاذ ابراهيم الناظري (مرآة التواريخ) رحمه الله وأسكنه عالي الدرجات في الجنان.
وددتُ أَن أقفَ على كلمة (حسبنا كتاب الله) وان نتحدث فيها لنبين النقاط التي تؤخذ على عمر في هذه المسأله فانه ما من شك أن القائل (حسبنا كتاب الله) هو عمر بن الخطاب [2] ونحن نريد أن نقف على هذه الكلمه وحسب ونريد من الاخوه بارك الله فيهم أن تناولوا هذه الكلمه بالتمحيص حتى يتضح للسامعين ما الذي يؤخذ على كلمة (حسبنا كتاب الله).
[النقطة الأولى]
النقطة الاولى: أن كلمة حسب (حسبنا كتاب الله) كلمةٌ توجب سقوط السنة عن الاعتبار من رأس فلا يبقى على أساس هذه الكلمة أي أهمية لكلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فان كتاب الله يكفي واذا كان كتاب الله يكفي فلا حاجة للسنه وهذا أمر مخالف لما أجمع عليه كل المسلمون، هذا أولا.
[النقطة الثانيه]
ثانيا: ان قول عمر (حسبنا كتاب الله) .. هذا القول مخالفٌ لقول الله تبارك وتعالى ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ الحشر الاية 7
ومخالف لقول الله تبارك وتعالى ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ التغابن 12 ولقوله تعالى ﴿ َمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا﴾ النساء 69.
[النقطة الثالثه] [3]
[النقطة الرابعه]
النقطة الرابعه: أن قول عمر هذا نقله البخاري [4] ويلزم البخاري أحد أمرين، اما القول بأن مقالة عمر باطله ولا أظنه يجرأ على ذلك أو الالتزام ببطلان جمعه للحديث الصحيح، فان المفروض أن القرآن الكريم موجود، واذا كانت كلمة عمر حقاً، فيلزمه – اي يلزم البخاري - أن يكون القرآن كافياً للامه في تأمينها من الضلال، واذا كان القران الكريم كافياً للامه فيترتب على هذا أن جمعه للحديث الصحيح لعب وعبثٌ ولا أثر له ولا قيمه. ونحن نوجه للبخاري هذا السؤال: اما ان تكون كلمة (حسبنا كتاب الله) حقاً أو باطلاً، فاختر واحداً من هذين الجوابين فان كانت هذه الكلمه باطلاً، فعليك أن ندين عمر بن الخطاب لأنه رد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالباطل، وان كانت حقاً فعلامَ جمعت الاحاديث التي وصفتها بالصحيحه فان المفروض أن القرآن موجودٌ في أيدي الناس والقرآن يكفيهم، واذا كان القران يكفي الامه في عصمتها من الضلال فليست الامه بحاجه للاحاديث. وليس شرطاً في عصمة الامه من الضلال فليس جمعك للاحاديث الصحيحه الا لعبا ولهوا وعبثا ولا ثمرة مرجوةً منه.
[النقطة الخامسه] [5]
[النقطة السادسه] [6]
[النقطة السابعه]
النقطعة السابعه: ان قول الرجل (حسبنا كتاب الله) من التقدمة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتقدمةُ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محرمه بنص القرآن الكريم [7]، فيلزمهم الحكم على من قال (حسبنا كتاب الله) بأنه قد قدم بين يدي الله ورسوله وأنه عصى الله ورسوله بهذه التقدمة بين يدي الله والرسول. والتقدمة أي ان الله سبحانه وتعالى اذا أمرَ بشيءٍ فلا يحق لأحدٍ من الأمه أن يتنظر في هذا الامر واذا نهى عن شيءٍ فلا يحق لأحدٍ أن يتأمل في هذا النهي ويرجع فيه.
[النقطة الثامنه]
النقطة الثامنه: أن قوله (حسبنا كتاب الله) جاءت بعد قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم(ائتوني بدواةٍ وكتف أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده) هذا الوصف من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا الكتاب لن تضل الأمه من بعده .. على أي شيء يدل؟ هل يدل على حاجة الامه لهذا الكتاب أو على استغنائها عنه بالقرآن الكريم؟ مالذي يدل عليه هذا الوصف؟ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول(ائتوني بدواةٍ وكتف أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبدا) .. هذا الوصف يدل على حاجتهم لهذا الكتاب أو على استغنائهم بالقرآن الكريم؟ يدل على حاجتهم له لأنه أمانُ هذه الامه وشرطُ هذه الامه في عصمتها من الضلال. هو الذي يعصم الامه من الضلال. اذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول أنتم تحتاجون لهذا الكتاب – الذي اريد كتابته ولا يكفيكم القرآن، وعمر يقول يكفينا القرآن. هل كلمة عمر مخالفة لكمة رسول الله أم موافقة له؟ مقالة عمر موافقه أم مخالفه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟ مخالفه. اذا كانت مخالفه للرسول فنسأل أيهما أعلم بما تحتاجه الامه في عصمتها من الضلال، رسول الله أو عمر؟ أيهما أعلم بما تحتاجه الامه؟! رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعلم. فاذن هذا الرجل الذي قال حسبنا كتاب الله قد خالف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهو والمسلمون جميعا يعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعلم فاذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أعلم فالرد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ردٌ على الله وهذا القول معارضة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومخالفةٌ له.
[النقطة التاسعه]
النقطة التاسعه: ان ابابكر عندما أشرف على الموت أراد أن يوصي- أبوبكرأراد أن يوصي- فجاءه عثمان بن عفان , وكان أن أراد أبو بكر أن يملي على عثمان كتاب وصيته، فأمر عثمان بأن يكتبَ ما يُملي عليه، فأملى عليه ان الامر من بعدي أو ان الخليفة من بعدي هو ! وأغمى عليه ... أيهما أبعدُ عن سلامة العقل؟ الرجل الذي يقول اني سأكتب لكم كتاباً لن تضلوا من بعده أبداً، وهذا التعبير ظاهرٌ في أن هذا الرجل ينظرُ الى مستقبل الأمة جمعاء (يعني مستقبل الامة في زمانه، و مستقبل الامة المعاصرة له و مستقبل الامة التي تأتي من بعد قرونٍ وقرون بل من بعد عشرات القرون الى قيام الساعه), هذا الرجل عقلهُ أبعدُ عن السلامه أو الرجلُ الذي يوصي ويُغمى عليه أثناء وصيته في سكرات الموت أبعدُ عن سلامة العقل. ما من شك أن الذي يغمى عليه من سكرات الموت أبعد . هذا لو كانا رجلين متساويين فكيف و أحدهما هو رسول الله الذي لا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [8]والثاني رجلٌ من عامة الامه لا يدعي أحدٌ من الناس عصمته. لو كانا رجلين متساويين لكان الذي يتعرض الى الاغماء من سكرات الموت أبعد عن سلامة العقل. التشكيك في من هذا حاله أوضحُ من التشكيك الى من من هو ملتفت لحال الأمة إلى قيام الساعة .
ومع ذلك فإن الرجل الذي قال (حسبنا كتاب الله) والذي رفض أن يكتب الرسولُ صلى الله عليه وآله الكتاب, هو الذي أخذ الحكم بكتابة أبي بكر, مع أن أبا بكر لم يكتب اسم عمر، وانما أغمي على أبي بكر وهو يريد كتابة الوصيّه [9]، وعندما أفاق من اغمائته سأل عثمان ما الذي كتبت؟ فقال لهُ عثمان اني كتبتُ أن الخليفة من بعدي – أو شيئاً من هذا المعنى أو ان وليكم من بعدي- هو عمر, فقال أبوبكر أمضه. اذن اسم عمر لم يكن ابتداء من قبل أبي بكر وانما كان من قبل عثمان وأما أبوبكر فقد أغمي عليه في تلك اللحظه.
نحن نسأل عمر إذا كان الرجل المحتضر غير مؤهلٍ للوصية , فأبو بكر أولى بأن لا يكون مؤهلاً للوصية وإذا كان أبو بكر غير مؤهل للوصية فكيف تأخذ الحكم منهُ وبوصيته التي كتبها في حال احتضاره؟
[النقطة العاشره]
النقطة العاشره: إن عمر بن الخطاب قد طعن بسيفٍ أو خنجر مسموم وأشرف على الموت وكان يحتضر وحين احتضاره أوصى بأن تكون الخلافةُ في ستة, أوصى في تلك الحالة أن تكون الخلافةُ في سته, فإذا كان الرجل المحتضر غير مؤهلٍ لأن يوصي, فكيف يجوزُ لك أن توصي بأن تكونَ الخلافة في ستةٍ مع أنك في حال الاحتضار. وبكلمة واضحة إن كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم هجر , فالرجلان أولى بذلك , وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله يُحتمل أنه هجر- أي يحتملُ أنه صار يهذي كما أراد بعض المتلاعبين بالرواية أن يحسنوا من حال هؤلاء الذين وصفوا النبي صلى الله عليه وآله بالهذيان- وضعوا علامة استفهام (هجر رسولُ الله؟) فصارت الجملةُ بدلاً من أن تكونَ تقريراً، صارت استفهماماً، يحسبون أنهم بذلك قد زينوا حال من وصفَ النبي صلى الله عليه وآله بالهذيان, و لا فرق بين أن تشكك في صدق النبي وأن تجزمَ بكذبه، حالُ الأمرين واحد، أن تشكك في أن النبي صلى الله عليه وآله يقول الحق أو تجزمُ بأنهُ يقول الباطلَ .. لا فرق .المسلم المؤمن بنبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي يجزم بأن النبي لا يقول الا الحق، وأما من يجزم بأن النبي يقولُ الباطل فحالهُ وحال من يشك في أن النبي يقول الحق أو يقولُ الباطل سواء. كلاهما غير مؤمنين بالنبي صلى الله عليه وآله.
فهذه التحويره التي صنعوها بوضع علامة استفهام بعد الجمله لا تنفعهم بشيء ولا تغير من ازراء القوم برسول الله صلى الله عليه وآله. فاذا كانت حالة الاحتضار توجبُ أن يصيرَ الرجلُ المحتضرُ في حالة الهذيان، أو يصيرَ الرجل المحتضر مشكوكاً في عقله ( أنه في كامل عقله أو يهذي) لا فرق. اذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بلغ هذا المبلغ ، فالرجلان أولى بذلك منه، فان النبي صلى الله عليه وآله أصغر منهما عمرا وأقوى منهما بدنا، وأحدُّ منهما ذهنا، هذا لو قطعنا النظر عن الفيض الرباني الخاص بالنبي صلى الله عليه وآله والالطاف التي يمتاز بها رسولُ الله صلى الله عليه وآله عن سائر البشر، فكيف لو نظرنا في الالطاف التي يمتاز فيها النبي صلى الله عليه وآله عن سائر البشر.
تلكَ عشرةٌ كامله. هذه عشر نقاطٍ نسجلها على قول الرجل (حسبنا كتاب الله). النقاطُ التي لنا على هذه الكلمه أكثر من عشر، ولكنا نكتفي بهذه النقاط العشر لعل الله سبحانهُ وتعالى ييسر لنا أن نتحدث في هذه المسأله في وقت لاحق.
________________________________________
[1] رغم أن التسجيل -وهو مقتطعٌ من محاضرةً في البالتوك كما يظهر- معنونٌ بعشر نقاط (الاستاذ المفيد-- يذكر عشر نقاط لعمر علي حسبنا كتاب الله) ، ورغمَ أن الشيخ حفظه الله يذكرُ في خاتمة الحديث أنه ذكر عشر نقاط، الا أن التسجيل لا يذكرُ سوى سبعِ ملاحظات فقط، ولعلّ السبب هو أن التسجيل لم يرفع لنا بتمامه أو أنه قد حصل اشتباهٌ في حساب النقاط من قبل الشيخ حفظه الله، وعليه فقد قمتُ باضافة بعض الملاحظات في المتن لتكون عشرةً كامله، ووضعي لها في المتن كي لا يحصلَ لبسٌ في أنها من سماحة العلامة الجزيري حفظه الله.
[2] للوقوفِ على ثبوتِ أن القائل هو عمر بن الخطاب، يرجى مراجعة بحث الاستاذ مرآة التواريخ رحمه الله (((الدلائل القاطعة)) على أن قائل كلمة: (إن النبي يهجر) هو عمر بن الخطاب ..من الصحاح) على الرابطين التاليين:
http://www.hajrcom.com/hajrvb/showth...hp?t=402745565
أو:
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=34994
[3] أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في صددِ كتابةَ كتابٍ يعصمُ الأمة من الضلال في تلك اللحظه، وهذا جليٌ في قوله صلى الله عليه وآله (لن تضلوا بعدي أبداً)، وعليه فان من تسبب في منع كتابة ذلك الكتاب قد تسبب في اضلال قسمٍ كبيرٍ من الأمة الاسلاميه، وعليه بالتالي وزرهم ووزر من اتبعهم في الضلال ﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ﴾ سورة النحل (25)، فقولهُ حسبنا كتاب الله هو منعٌ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من كتابةِ كتابٍ عاصمٍ من الضلال، وبالتالي فانه يتحمر وزر الضلال الذي وقعَ في الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
[4] تعدد نقل البخاري لهذا الحديث، فذكرهُ في عدة أبواب كما أشار الاستاذ مرآة التواريخ رحمه الله، فقد ورد في الابواب التاليه (باب كتابة العلم، وباب إخراج اليهود من جزيرة العرب، وباب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، وباب قول المريض قوموا عني، وباب كراهية الاختلاف)
[5] ان في قول عمر (حسبنا كتاب الله) جهراً بالقول في محضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ﴾ الحجرات الاية 2. والجهرُ في محضرِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سببٌ لحبط الأعمال، وقد تحقق رفع الصوت والجهر بقرينة الصوت العالي واللغط عنده صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة ابن عباس رضي الله عنه حيث قال ( إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم) صحيح البخاري ج: 5 ص: 2146 باب قول المريض قوموا عني الحديث (5345). وهذا الجهرُ قد تكرر من عمر بن الخطاب في موارد سابقه ومنها سبب نزولِ هذه الآيه حيثُ جاء في صحيح البخاري في كتاب تفسير القرآن في تفسير سورة الحجرات باب لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية الحديث 4564 حدثنا يسرة بن صفوان بن جميل اللخمي حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة كادَ الخَيِّرانِ أن يهْلِكَا أبو بكرٍ وعمرُ رضي اللهُ عنهمَا ، رفعَا أصواتَهُمَا عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ قدِمَ عليهِ ركبُ بني تَمِيمٍ ، فَأَشَارَ أحدُهما بالأقْرعِ بنِ حابِسٍ أخِي بني مُجَاشِعٍ ، وأشارَ الآخرُ برجلٍ آخرَ ، قالَ نافعٌ : لا أحفظُ اسمهُ ، فقالَ : أبو بكرٍ لعمرَ : ما أردْتَ إلَّا خِلافِي ، قالَ : ما أردْتُ خلافَكَ ، فارْتَفَعَت أصواتُهُما في ذلكَ ، فأنزلَ اللهُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُواأَصْوَاتَكُمْ } . الآيةُ . قالَ ابنُ الزبيرِ : فمَا كان عمرُ يُسْمِعُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بعدَ هذهِ الآيةِ حتى يَسْتَفْهِمَهُ . ولم يذْكُرْ ذلكَ عن أبيهِ ، يعنِي أبا بكرٍ .
وقد تعددت مصادرُ هذا الحديث، فقد ورد أيضاً في البحر الزخار - الصفحة أو الرقم: 1/200 و شرح مشكل الآثار - الصفحة أو الرقم 1/310 و تاريخ دمشق - الصفحة أو الرقم 9/191 و وورد في فتح الباري في شرح صحيح البخاري للعسقلاني وبالامكان مطالعة الرواية على الرابط التالي:
http://www.islamweb.net/newlibrary/d..._no=52&ID=8791
[6] ان في قول عمر (حسبنا كتابُ الله) اعتراضٌ على حكم الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والباري سبحانه وتعالى يقول ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً﴾ الأحزاب الاية 36. بل انه ضلالٌ مبينٌ كما صرَّحت الاية الشريفه، وقد تحقق في هذا المورد عصيانُ عمر بن الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك فقد طردهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عنده. ولا يصلحُ أن يتأول بعضهم فعل عمر بصيغة الاستفهام ولا أنه ترفق بحال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما علمَ من طرد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له ومن بكاء ابن عباس وقوله بأنها كانت رزيةً عظيمه حين حيل بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكتابة الكتاب العاصمِ من الضلال.
[7] ﴿ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ الحجرات الاية 1
[8] ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ سورة النجم الاية 3 و4
[9] ورد في سيرة أعلام النبلاء في الجزء 28 ص 17 في باب سيرة الخلفاء الراشدين: وقال بعضهم في الحديث : لما أن كتب عثمان الكتاب أغمي على أبي بكر ، فكتب عثمان من عنده اسم عمر ، فلما أفاق أبو بكر قال : اقرأ ما كتبت ، فقرأ ، فلما ذكر عمر كبر أبو بكر ، وقال : أراك خفت إن افتلتت نفسي الاختلاف ، فجزاك الله عن الإسلام خيرا ، والله إن كنت لها أهلا .ووردَ مثلهُ في تاريخ الاسلام للذهبي في باب سنة ثلاثة عشر.
المصدر: http://www.youtube.com/watch?v=A5Bfdkg3eLg
تاريخ المحاضرة: 7 أغسطس 2008م.
مدة المقطع: 22:25
يُهدى ثوابُ هذا العمل الى روح الاستاذ ابراهيم الناظري (مرآة التواريخ) رحمه الله وأسكنه عالي الدرجات في الجنان.
وددتُ أَن أقفَ على كلمة (حسبنا كتاب الله) وان نتحدث فيها لنبين النقاط التي تؤخذ على عمر في هذه المسأله فانه ما من شك أن القائل (حسبنا كتاب الله) هو عمر بن الخطاب [2] ونحن نريد أن نقف على هذه الكلمه وحسب ونريد من الاخوه بارك الله فيهم أن تناولوا هذه الكلمه بالتمحيص حتى يتضح للسامعين ما الذي يؤخذ على كلمة (حسبنا كتاب الله).
[النقطة الأولى]
النقطة الاولى: أن كلمة حسب (حسبنا كتاب الله) كلمةٌ توجب سقوط السنة عن الاعتبار من رأس فلا يبقى على أساس هذه الكلمة أي أهمية لكلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فان كتاب الله يكفي واذا كان كتاب الله يكفي فلا حاجة للسنه وهذا أمر مخالف لما أجمع عليه كل المسلمون، هذا أولا.
[النقطة الثانيه]
ثانيا: ان قول عمر (حسبنا كتاب الله) .. هذا القول مخالفٌ لقول الله تبارك وتعالى ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ الحشر الاية 7
ومخالف لقول الله تبارك وتعالى ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ التغابن 12 ولقوله تعالى ﴿ َمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا﴾ النساء 69.
[النقطة الثالثه] [3]
[النقطة الرابعه]
النقطة الرابعه: أن قول عمر هذا نقله البخاري [4] ويلزم البخاري أحد أمرين، اما القول بأن مقالة عمر باطله ولا أظنه يجرأ على ذلك أو الالتزام ببطلان جمعه للحديث الصحيح، فان المفروض أن القرآن الكريم موجود، واذا كانت كلمة عمر حقاً، فيلزمه – اي يلزم البخاري - أن يكون القرآن كافياً للامه في تأمينها من الضلال، واذا كان القران الكريم كافياً للامه فيترتب على هذا أن جمعه للحديث الصحيح لعب وعبثٌ ولا أثر له ولا قيمه. ونحن نوجه للبخاري هذا السؤال: اما ان تكون كلمة (حسبنا كتاب الله) حقاً أو باطلاً، فاختر واحداً من هذين الجوابين فان كانت هذه الكلمه باطلاً، فعليك أن ندين عمر بن الخطاب لأنه رد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالباطل، وان كانت حقاً فعلامَ جمعت الاحاديث التي وصفتها بالصحيحه فان المفروض أن القرآن موجودٌ في أيدي الناس والقرآن يكفيهم، واذا كان القران يكفي الامه في عصمتها من الضلال فليست الامه بحاجه للاحاديث. وليس شرطاً في عصمة الامه من الضلال فليس جمعك للاحاديث الصحيحه الا لعبا ولهوا وعبثا ولا ثمرة مرجوةً منه.
[النقطة الخامسه] [5]
[النقطة السادسه] [6]
[النقطة السابعه]
النقطعة السابعه: ان قول الرجل (حسبنا كتاب الله) من التقدمة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتقدمةُ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محرمه بنص القرآن الكريم [7]، فيلزمهم الحكم على من قال (حسبنا كتاب الله) بأنه قد قدم بين يدي الله ورسوله وأنه عصى الله ورسوله بهذه التقدمة بين يدي الله والرسول. والتقدمة أي ان الله سبحانه وتعالى اذا أمرَ بشيءٍ فلا يحق لأحدٍ من الأمه أن يتنظر في هذا الامر واذا نهى عن شيءٍ فلا يحق لأحدٍ أن يتأمل في هذا النهي ويرجع فيه.
[النقطة الثامنه]
النقطة الثامنه: أن قوله (حسبنا كتاب الله) جاءت بعد قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم(ائتوني بدواةٍ وكتف أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده) هذا الوصف من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا الكتاب لن تضل الأمه من بعده .. على أي شيء يدل؟ هل يدل على حاجة الامه لهذا الكتاب أو على استغنائها عنه بالقرآن الكريم؟ مالذي يدل عليه هذا الوصف؟ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول(ائتوني بدواةٍ وكتف أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبدا) .. هذا الوصف يدل على حاجتهم لهذا الكتاب أو على استغنائهم بالقرآن الكريم؟ يدل على حاجتهم له لأنه أمانُ هذه الامه وشرطُ هذه الامه في عصمتها من الضلال. هو الذي يعصم الامه من الضلال. اذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول أنتم تحتاجون لهذا الكتاب – الذي اريد كتابته ولا يكفيكم القرآن، وعمر يقول يكفينا القرآن. هل كلمة عمر مخالفة لكمة رسول الله أم موافقة له؟ مقالة عمر موافقه أم مخالفه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟ مخالفه. اذا كانت مخالفه للرسول فنسأل أيهما أعلم بما تحتاجه الامه في عصمتها من الضلال، رسول الله أو عمر؟ أيهما أعلم بما تحتاجه الامه؟! رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعلم. فاذن هذا الرجل الذي قال حسبنا كتاب الله قد خالف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهو والمسلمون جميعا يعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعلم فاذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أعلم فالرد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ردٌ على الله وهذا القول معارضة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومخالفةٌ له.
[النقطة التاسعه]
النقطة التاسعه: ان ابابكر عندما أشرف على الموت أراد أن يوصي- أبوبكرأراد أن يوصي- فجاءه عثمان بن عفان , وكان أن أراد أبو بكر أن يملي على عثمان كتاب وصيته، فأمر عثمان بأن يكتبَ ما يُملي عليه، فأملى عليه ان الامر من بعدي أو ان الخليفة من بعدي هو ! وأغمى عليه ... أيهما أبعدُ عن سلامة العقل؟ الرجل الذي يقول اني سأكتب لكم كتاباً لن تضلوا من بعده أبداً، وهذا التعبير ظاهرٌ في أن هذا الرجل ينظرُ الى مستقبل الأمة جمعاء (يعني مستقبل الامة في زمانه، و مستقبل الامة المعاصرة له و مستقبل الامة التي تأتي من بعد قرونٍ وقرون بل من بعد عشرات القرون الى قيام الساعه), هذا الرجل عقلهُ أبعدُ عن السلامه أو الرجلُ الذي يوصي ويُغمى عليه أثناء وصيته في سكرات الموت أبعدُ عن سلامة العقل. ما من شك أن الذي يغمى عليه من سكرات الموت أبعد . هذا لو كانا رجلين متساويين فكيف و أحدهما هو رسول الله الذي لا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [8]والثاني رجلٌ من عامة الامه لا يدعي أحدٌ من الناس عصمته. لو كانا رجلين متساويين لكان الذي يتعرض الى الاغماء من سكرات الموت أبعد عن سلامة العقل. التشكيك في من هذا حاله أوضحُ من التشكيك الى من من هو ملتفت لحال الأمة إلى قيام الساعة .
ومع ذلك فإن الرجل الذي قال (حسبنا كتاب الله) والذي رفض أن يكتب الرسولُ صلى الله عليه وآله الكتاب, هو الذي أخذ الحكم بكتابة أبي بكر, مع أن أبا بكر لم يكتب اسم عمر، وانما أغمي على أبي بكر وهو يريد كتابة الوصيّه [9]، وعندما أفاق من اغمائته سأل عثمان ما الذي كتبت؟ فقال لهُ عثمان اني كتبتُ أن الخليفة من بعدي – أو شيئاً من هذا المعنى أو ان وليكم من بعدي- هو عمر, فقال أبوبكر أمضه. اذن اسم عمر لم يكن ابتداء من قبل أبي بكر وانما كان من قبل عثمان وأما أبوبكر فقد أغمي عليه في تلك اللحظه.
نحن نسأل عمر إذا كان الرجل المحتضر غير مؤهلٍ للوصية , فأبو بكر أولى بأن لا يكون مؤهلاً للوصية وإذا كان أبو بكر غير مؤهل للوصية فكيف تأخذ الحكم منهُ وبوصيته التي كتبها في حال احتضاره؟
[النقطة العاشره]
النقطة العاشره: إن عمر بن الخطاب قد طعن بسيفٍ أو خنجر مسموم وأشرف على الموت وكان يحتضر وحين احتضاره أوصى بأن تكون الخلافةُ في ستة, أوصى في تلك الحالة أن تكون الخلافةُ في سته, فإذا كان الرجل المحتضر غير مؤهلٍ لأن يوصي, فكيف يجوزُ لك أن توصي بأن تكونَ الخلافة في ستةٍ مع أنك في حال الاحتضار. وبكلمة واضحة إن كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم هجر , فالرجلان أولى بذلك , وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله يُحتمل أنه هجر- أي يحتملُ أنه صار يهذي كما أراد بعض المتلاعبين بالرواية أن يحسنوا من حال هؤلاء الذين وصفوا النبي صلى الله عليه وآله بالهذيان- وضعوا علامة استفهام (هجر رسولُ الله؟) فصارت الجملةُ بدلاً من أن تكونَ تقريراً، صارت استفهماماً، يحسبون أنهم بذلك قد زينوا حال من وصفَ النبي صلى الله عليه وآله بالهذيان, و لا فرق بين أن تشكك في صدق النبي وأن تجزمَ بكذبه، حالُ الأمرين واحد، أن تشكك في أن النبي صلى الله عليه وآله يقول الحق أو تجزمُ بأنهُ يقول الباطلَ .. لا فرق .المسلم المؤمن بنبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي يجزم بأن النبي لا يقول الا الحق، وأما من يجزم بأن النبي يقولُ الباطل فحالهُ وحال من يشك في أن النبي يقول الحق أو يقولُ الباطل سواء. كلاهما غير مؤمنين بالنبي صلى الله عليه وآله.
فهذه التحويره التي صنعوها بوضع علامة استفهام بعد الجمله لا تنفعهم بشيء ولا تغير من ازراء القوم برسول الله صلى الله عليه وآله. فاذا كانت حالة الاحتضار توجبُ أن يصيرَ الرجلُ المحتضرُ في حالة الهذيان، أو يصيرَ الرجل المحتضر مشكوكاً في عقله ( أنه في كامل عقله أو يهذي) لا فرق. اذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بلغ هذا المبلغ ، فالرجلان أولى بذلك منه، فان النبي صلى الله عليه وآله أصغر منهما عمرا وأقوى منهما بدنا، وأحدُّ منهما ذهنا، هذا لو قطعنا النظر عن الفيض الرباني الخاص بالنبي صلى الله عليه وآله والالطاف التي يمتاز بها رسولُ الله صلى الله عليه وآله عن سائر البشر، فكيف لو نظرنا في الالطاف التي يمتاز فيها النبي صلى الله عليه وآله عن سائر البشر.
تلكَ عشرةٌ كامله. هذه عشر نقاطٍ نسجلها على قول الرجل (حسبنا كتاب الله). النقاطُ التي لنا على هذه الكلمه أكثر من عشر، ولكنا نكتفي بهذه النقاط العشر لعل الله سبحانهُ وتعالى ييسر لنا أن نتحدث في هذه المسأله في وقت لاحق.
________________________________________
[1] رغم أن التسجيل -وهو مقتطعٌ من محاضرةً في البالتوك كما يظهر- معنونٌ بعشر نقاط (الاستاذ المفيد-- يذكر عشر نقاط لعمر علي حسبنا كتاب الله) ، ورغمَ أن الشيخ حفظه الله يذكرُ في خاتمة الحديث أنه ذكر عشر نقاط، الا أن التسجيل لا يذكرُ سوى سبعِ ملاحظات فقط، ولعلّ السبب هو أن التسجيل لم يرفع لنا بتمامه أو أنه قد حصل اشتباهٌ في حساب النقاط من قبل الشيخ حفظه الله، وعليه فقد قمتُ باضافة بعض الملاحظات في المتن لتكون عشرةً كامله، ووضعي لها في المتن كي لا يحصلَ لبسٌ في أنها من سماحة العلامة الجزيري حفظه الله.
[2] للوقوفِ على ثبوتِ أن القائل هو عمر بن الخطاب، يرجى مراجعة بحث الاستاذ مرآة التواريخ رحمه الله (((الدلائل القاطعة)) على أن قائل كلمة: (إن النبي يهجر) هو عمر بن الخطاب ..من الصحاح) على الرابطين التاليين:
http://www.hajrcom.com/hajrvb/showth...hp?t=402745565
أو:
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=34994
[3] أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في صددِ كتابةَ كتابٍ يعصمُ الأمة من الضلال في تلك اللحظه، وهذا جليٌ في قوله صلى الله عليه وآله (لن تضلوا بعدي أبداً)، وعليه فان من تسبب في منع كتابة ذلك الكتاب قد تسبب في اضلال قسمٍ كبيرٍ من الأمة الاسلاميه، وعليه بالتالي وزرهم ووزر من اتبعهم في الضلال ﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ﴾ سورة النحل (25)، فقولهُ حسبنا كتاب الله هو منعٌ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من كتابةِ كتابٍ عاصمٍ من الضلال، وبالتالي فانه يتحمر وزر الضلال الذي وقعَ في الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
[4] تعدد نقل البخاري لهذا الحديث، فذكرهُ في عدة أبواب كما أشار الاستاذ مرآة التواريخ رحمه الله، فقد ورد في الابواب التاليه (باب كتابة العلم، وباب إخراج اليهود من جزيرة العرب، وباب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، وباب قول المريض قوموا عني، وباب كراهية الاختلاف)
[5] ان في قول عمر (حسبنا كتاب الله) جهراً بالقول في محضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ﴾ الحجرات الاية 2. والجهرُ في محضرِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سببٌ لحبط الأعمال، وقد تحقق رفع الصوت والجهر بقرينة الصوت العالي واللغط عنده صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة ابن عباس رضي الله عنه حيث قال ( إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم) صحيح البخاري ج: 5 ص: 2146 باب قول المريض قوموا عني الحديث (5345). وهذا الجهرُ قد تكرر من عمر بن الخطاب في موارد سابقه ومنها سبب نزولِ هذه الآيه حيثُ جاء في صحيح البخاري في كتاب تفسير القرآن في تفسير سورة الحجرات باب لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية الحديث 4564 حدثنا يسرة بن صفوان بن جميل اللخمي حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة كادَ الخَيِّرانِ أن يهْلِكَا أبو بكرٍ وعمرُ رضي اللهُ عنهمَا ، رفعَا أصواتَهُمَا عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ قدِمَ عليهِ ركبُ بني تَمِيمٍ ، فَأَشَارَ أحدُهما بالأقْرعِ بنِ حابِسٍ أخِي بني مُجَاشِعٍ ، وأشارَ الآخرُ برجلٍ آخرَ ، قالَ نافعٌ : لا أحفظُ اسمهُ ، فقالَ : أبو بكرٍ لعمرَ : ما أردْتَ إلَّا خِلافِي ، قالَ : ما أردْتُ خلافَكَ ، فارْتَفَعَت أصواتُهُما في ذلكَ ، فأنزلَ اللهُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُواأَصْوَاتَكُمْ } . الآيةُ . قالَ ابنُ الزبيرِ : فمَا كان عمرُ يُسْمِعُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بعدَ هذهِ الآيةِ حتى يَسْتَفْهِمَهُ . ولم يذْكُرْ ذلكَ عن أبيهِ ، يعنِي أبا بكرٍ .
وقد تعددت مصادرُ هذا الحديث، فقد ورد أيضاً في البحر الزخار - الصفحة أو الرقم: 1/200 و شرح مشكل الآثار - الصفحة أو الرقم 1/310 و تاريخ دمشق - الصفحة أو الرقم 9/191 و وورد في فتح الباري في شرح صحيح البخاري للعسقلاني وبالامكان مطالعة الرواية على الرابط التالي:
http://www.islamweb.net/newlibrary/d..._no=52&ID=8791
[6] ان في قول عمر (حسبنا كتابُ الله) اعتراضٌ على حكم الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والباري سبحانه وتعالى يقول ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً﴾ الأحزاب الاية 36. بل انه ضلالٌ مبينٌ كما صرَّحت الاية الشريفه، وقد تحقق في هذا المورد عصيانُ عمر بن الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك فقد طردهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عنده. ولا يصلحُ أن يتأول بعضهم فعل عمر بصيغة الاستفهام ولا أنه ترفق بحال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما علمَ من طرد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له ومن بكاء ابن عباس وقوله بأنها كانت رزيةً عظيمه حين حيل بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكتابة الكتاب العاصمِ من الضلال.
[7] ﴿ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ الحجرات الاية 1
[8] ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ سورة النجم الاية 3 و4
[9] ورد في سيرة أعلام النبلاء في الجزء 28 ص 17 في باب سيرة الخلفاء الراشدين: وقال بعضهم في الحديث : لما أن كتب عثمان الكتاب أغمي على أبي بكر ، فكتب عثمان من عنده اسم عمر ، فلما أفاق أبو بكر قال : اقرأ ما كتبت ، فقرأ ، فلما ذكر عمر كبر أبو بكر ، وقال : أراك خفت إن افتلتت نفسي الاختلاف ، فجزاك الله عن الإسلام خيرا ، والله إن كنت لها أهلا .ووردَ مثلهُ في تاريخ الاسلام للذهبي في باب سنة ثلاثة عشر.
تعليق