13/2/2013
عامان على «14 فبراير»: البحرين تزداد ثورة

لن تكون مصالحة وطنية اذا لم تحمل هواجس الشباب الثائر (رويترز)
انتفاضة دائمة سبقت «الربيع» بسنوات
شهيرة سلّوم
يُحيي البحرينيون غداً، الذكرى الثانية للانتفاضة، شأنهم بذلك شأن دول ما بات يعرف بالربيع العربي. لكن لهذا الشعب حكايته مع الثورة، وليس المقصود هنا أنها لم تُثمر بعد، لأنّها تُركت وحيدة ونسي العالم، أو تناسى، صرخات أبنائها على مدى أشهر متواصلة من القمع، لأسباب طائفية وجيوبوليتيكية، بل لأنّ ما عاشوه في الرابع عشر من شباط 2011، لم يكن إلا فصلاً من فصول ثورتهم الدائمة.
البحارنة، كما يستحسنون تسميتهم في إشارة إلى أنّهم السكان العرب الأصليون وليسوا كآل خليفة (من العتوب) الذين غزوا الجزيرة في أواخر القرن الثامن عشر آتين من قطر ونصّبوا أنفسهم حكاماً عليها، كانوا ولا يزالون في حالة ثورة دائمة. عاشوا فصولاً منها في العقد الأخير من القرن الماضي. في بداية السبعينيات، حين انتفضوا على مطالب إيران، التي ادّعت مُلكاً بالأرخبيل بعد اكتشاف النفط، وذلك من خلال التصويت بنسبة 98 في المئة على استقلال إمارتهم في استفتاء أجرته الأمم المتحدة بعد خروج المستعمر البريطاني. انتفضوا في أواخر السبعينيات والثمانينيات، وطالبوا بإعادة العمل بدستور 1973، الذي عطّله الأمير، وبالعدالة والمساواة بعدما احتكر آل خليفة السلطة السياسية والثروات، ووزّعوا ما بقي من فُتات على أتباعهم من القبائل والطائفة السنّية، وهو ما لوّن الأزمة بصبغة طائفية.
لقي المنتفضون الحصار والمنفى والاعتقال. مع ذلك واصلوا الانتفاضة، فلا يئسوا ولا استكانوا، وكانت فترة التسعينيات مليئة بالاحتجاجات التي تطورت إلى أحداث العنف. والحراك الذي شهدته وتشهده المملكة حالياً لا يكاد يرقى إلى ما عاشته في تلك الفترة، وقمعته السلطة بقيادة الأمير عيسى بن سلمان، الذي يروي العالمون بالأمور أنّه كان أميراً «مغيّباً عن الوعي» ينام في النهار ويصحو في الليل، ويظنّ أن حال الرعيّة بخير وتعيش في عزّ ووئام، وكان القابض على الأمور شقيقه رئيس الوزراء الحالي خليفة بن سلمان آل خليفة.
النضال لم يذهب سُدى هذه المرّة. وحصد البحارنة ثمار انتفاضتهم التسعينية في بداية الألفية الثالثة بعدما جاء إلى الحكم الأمير حمد بن عيسى، الذي عاد ونصّب نفسه ملكاً على جزيرة لا يتعدى عدد سكانها الأصليين 600 ألف نسمة، ولا تتجاوز مساحتها 750 كيلومتراً مربعاً، وأطلق إصلاحات تاريخية؛ أفرج عن المعتقلين السياسيين، وسمح للمعارضين في الخارج بالعودة إلى البلاد، وبتأسيس الجمعيات السياسية. كذلك جرى تضمين مبادئ التغيير السياسي التي أطلقت في ميثاق العمل الوطني (تناول المقومات الأساسية، نظام الحكم، الأسس الاقتصادية للمجتمع، الأمن الوطني، الحياة النيابية، العلاقات الخليجية، العلاقات الخارجية) الذي صوّت عليه البحرينيون في استفتاء عام بنسبة 98 في المئة.
وقد سمحت هذه الإصلاحات للأحزاب المعارضة بالعمل في الضوء، وكفلت هامشاً من حرية التجمع والتعبير. تأسست بعدها العديد من الجمعيات. دخلت هذه الأحزاب بقوة إلى الحياة السياسية عبر الانتخابات المتتالية. لكن كان لدى المعارضة العديد من المآخذ على دستور 2002، الذي صدر في إطار الإصلاحات؛ فهو افتقر إلى الشفافية منذ البداية؛ إذ لم تشارك في كتابته الشخصيات المعارضة كما ينبغي. كذلك فإنه أنشأ مجلسين في إطار المجلس الوطني: النواب المنتخب والشورى المعين، وأعطى سلطة ترجيح للشورى على النواب المنتخب.
ذلك لم يمنعهم من المشاركة في حكومة 2006، حيث مُثِّل الشيعة لأوّل مرّة بأربعة مناصب وزارية، وكانت المرّة الأولى التي يشغل فيها منصب نائب رئيس الوزراء شيعي، ودخل بموجب هذه الإصلاحات أول وزير بحريني من أصل إيراني. لكن الأفضلية في المناصب الحكومية الحساسة بقيت للسُّنة (الداخلية والدفاع)، وقضية المساواة والعدالة الاجتماعية، لم تُحلّ، وبقي احتكار آل خليفة للسلطة والثروات. افتقار هذه الإصلاحات إلى المضامين الفعلية للعدالة والمساواة دفعت بنشوء تيارات معارضة، رفضت المشاركة في الحكومة والانتخابات ونشطت في الداخل والمنفى لتحقيق إصلاحات حقيقية شاملة.
مع هبّات الربيع العربي انتفض البحارنة من جديد، بما أنّ أرضيتهم خصبة. وكانت بوادر هذه الانتفاضة قد بدأت بالظهور قُبيل الربيع بأشهر، حين ضيقت السلطات على المعارضين، وأعادت معزوفة الخلايا الانقلابية المدعومة من إيران. قُمعت انتفاضة اللؤلؤ بعد تدخل عسكري خليجي، وخصوصاً سعودي، الذي وجد في الحراك تهديداً لعروشه، وثغرة لولوج «العدوة اللدودة»، إيران إلى ربوعه، بما أن غالبية المنتفضين شيعة.
تواصلت الحملة الأمنية شهراً تلو شهر، استُخدمت أبشع أنواع الانتهاكات، من القتل والاعتقال والإهانة والتضييق والفصل من الوظائف والتعذيب، واستخدمت الورقة الطائفية بفنّ وبراعة لخلق الشرخ الأهلي، ثم بث الفرقة بين الجمعيات السياسية المعارضة لوهلة. لكن المسيرات تواصلت، وانتشر أبناء البحرين في مختلف أرجاء المعمورة لإيصال أصوات أقرانهم في ظل حصار أمني وإعلامي ودولي. نجحوا في إجبار النظام على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة وبيّنوا الظلم الذي لحق بهم، وعرّوا النظام وصمت المجتمع العربي والدولي، الذي رفض انتفاضتهم من منطلق طائفي.
انتفاضة التسعينيات أثمرت إصلاحات تاريخية وملكاً، لكن لم تُستكمل ولم تحقق العدالة المفقودة. انتفاضة اللؤلؤ، لم تُثمر بعد، وإن لم يكن الملك الحالي قادراً على دخول التاريخ كما حاول قرع بابه من قبل، ربما عليه أن يتنحى ويفسح المجال لمن هو أقدر.
شهيرة...
لا مصالحة دون إشراك الجميع
وصلت الأزمة في البحرين اليوم الى حالة من المراوحة. النظام لم يُقدّم بعد أي تنازلات بخصوص المطالب، التي سبق أن أجمع عليها كل أبناء البحرين عشية اندلاع الانتفاضة، لولا استخدام الورقة الطائفية. لكن المعارضة أيضاً، لم تسحب ورقة الشارع، بل نجحت في إعادة رصّ صفوفها بعد الصدع الذي أصابها، ووسّعت نشاطها الى الخارج، حيث نجحت في استقطاب المجتمع الدولي الى جانبها، ودفعته بالتالي الى الضغط على النظام كي يجري حواراً، مرّة أولى وثانية.
وهذه المراوحة لا ترتبط فقط بنقاط قوة كل من المعارضة والنظام، وإنما أيضاً بما يجري في المنطقة من متغيرات، ولا سيما في الملفين السوري والإيراني، حيث ستعمل الدول الفاعلة على زجّ الملف البحريني في حزمة أي تسوية إقليمية.
الجولة الثانية من الحوار الذي يجري اليوم هو مرحلة تقطيع للوقت، وتخدير للأزمة. إذ لا يمكن أن يكون هناك حلّ جذري، من دون مصالحة وطنية شاملة؛ ومصالحة تشمل المعارضين في السجن والمنفى، الذين يخوّنهم النظام، وتستحي منهم المعارضة، وإن لم تقلها جهارة. هؤلاء هم المحرّك الأساسي لائتلاف شباب 14 فبراير، «دينامو» الانتفاضة ووقود استمرارها. ورغم قدرة الانتفاضة، الى حدّ ما، على المحافظة على سلمية تحركها، لكن من يُلقي «المولوتوف» على عناصر الشرطة ودورياتها، ومن يحاصر الطرقات، ومن يخرج ملثّماً في الشوارع ويُلاعب عناصر مكافحة الشغب لعبة القط والفأر بين أزقة القرى، ليسوا من المعارضة الوسطية؛ هؤلاء ينتمون الى التيار «المرفوض» من قبل الجالسين على طاولة الحوار اليوم. لذلك، لا يمكن الحديث عن حوار وطني، ومصالحة شاملة، إن لم تشمل هؤلاء، وإن لم تحمل هواجسهم وتأخذ بمطالبهم.
تقول المعارضة، وتحديداً «الوفاق»، إنّها تمثل الغالبية بفعل انتخابات 2010. لكن هذه الانتخابات جرت في ظل مقاطعة التيارات المحظورة، وبالتالي لو أُتيح للناخب الاختيار اليوم، لربما تبدّلت المقاييس، وأصبحت التيارات المحظورة رقماً صعباً في المعادلة.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة الى أنّ هذه التيارات وجماهيرها رفعت مطلب إسقاط النظام، لكن ذلك ما كان لولا تلكؤ النظام وصدّه جميع أبواب الحوار. وفي حديث مع «الأخبار»، يروي المعارض البارز، الأمين العام لحركة «الأحرار»، سعيد الشهابي، الذي يقيم في لندن، كيف أنّ الملك حمد حاول أن يتواصل مع معارضي المنفى، ووعدهم بالإصلاحات وبالتجاوب مع مطالبهم. كان جدّ مستمعاً. وطلب منهم تحضير ورقة للتحاور، على أن يتواصل معهم لاحقاً لهذا الغرض سفير البحرين في لندن؛ فجاء ردّهم إيجابياً، لكن «هناك حفرنا وهناك طمرنا»، غادر الملك وغاب عن الوعي، وكأنّه لم يعد بشيء.
حديث الشهابي كان في معرض ردّه على الذين يصفونهم بالرافضين والمعرقلين، فيما أنّ الملك يظهر كشخص منفتح. شخصية الملك هذه هي من انبهر بها شريف بسيوني، لذلك كان يقول لكل من يحدّثه عن ظلم تعرّض له، بوجه تلبسه ملامح المفاجأة، إن «الملك لا يعلم، ولن يسمح به إن علم» كما يروي من لقيه.
إضافة الى تغييب هذه التيارات، فانّه لا يمكن الحديث عن مصالحة وطنية شاملة من دون انخراط الملك فيها شخصياً، كما لا يمكن أن تكون مصالحة شاملة من دون محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات بحق الجميع.
حسين يوسف*

أدق مع بقية البحرينيين باب العام الثاني للهجرة الأوسع للمعارضة في تاريخ بلدي الحديث؛ في تجربة ورثنا تبعاتها من أجيال تعاقبت على الفشل في تغيير واقع هذه الجزيرة المبتلاة التي لم يحكمها أهلها، بعد. مع كل إشراقة صباحٍ أذكّر نفسي، «فلتطل... ولكن لتكن الأخيرة».
دخلت القوات السعودية إلى البحرين وأُعلنت الطوارئ. وفيما كان على البحرينيين الشجعان مواجهة تحدّي الحفاظ على جذوة الثورة في الداخل، كان على آخرين، مثلي، تحويل مهجرهم إلى ثقل ضاغط على كاهل سلطة الاستبداد، ومن يساندها، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. قليلو الحيلة والخبرة، ماذا يملك 580 ألف مواطن بحريني ليربحوا معركة في وجه البترودولار الخليجي، والتواطؤ الدولي، والتبعية العربية التي لم تنجح في التخلص منها حتى دول «ثورات الكرامة» في المنطقة. نقف وحدنا أمام التجاذبات الإقليمية والدولية. أقصى ما وجدناه خلال عامين من الحراك في الخارج معاملتنا كورقة، مرّة في اليمن، ومرّة في ليبيا، واليوم في سوريا.
وفيما ينال المهاجرون البحرينيون في مختلف الدول الأوروبية شيئاً من الاعتراف بإنسانيتهم، فإنّ على من يلهج بلسان الثورة في البلدان العربية الاعتياد على «سمفونية» الاتهامات والانتقاص.
«أتباع إيران»، «ليست ثورة»، «المدّ الشيعي»، مصطلحات لا تعبّر عنا بقدر ما تبيّن تغلغل المفردات السعودية في ضمير شعوبٍ لا تنظر للمُواطنةِ كقيمةٍ تكفي كدافع للمطالبة بأبجديات ما تفرضه من حقوق.
وقفت مراراً على باب شيخ الأزهر؛ في آذار 2011، كان الشيخ أحمد الطيب ينظر لفيلم الشهيد البحريني الوسيم أحمد فرحان مفضوخ الرأس من خلال «اللابتوب»، عبثاً يشيح بوجهه عن بشاعة المنظر، ولكنّها كانت الزيارة الأخيرة للمعارضة، التي تبنّت علناً وثيقة الأزهر للدولة المدنية. اليوم يتأبّط «الإمام الأكبر» ذراع وزير خارجية البحرين. عامان لم يتذكر فيهما شيخ الأزهر رأس فرحان؛ نفس الرأس الذي كانت الدعوة السلفية في الفيوم تجبي به التبرعات لسوريا، لا يتذكّره إلا لتحذير إيران من التدخل في شأننا، الذي تبين أنّه ليس شأننا.
عامان، قضيت منهما شهرين في خيمة أمام جامعة الدول العربية، في أحلك أيام «محمد محمود»، وفضّ العسكر لميدان التحرير في تشرين الأول 2011. أُحرقت خيمتي مرّتين، وتنشقت عبق مسيّل دموع وزارة الداخلية، غير أن الرسائل الثلاث التي بعثتها باسم المعارضة إلى السيّد نبيل العربي، وتسلّمها مستشاره طلال الأمين، كانت تجد لها مكاناً خاصاً في درجه، أو زبالته، ربما. العربي زار ملك البحرين، وشدّ على يديه في مدّ الخط الأحمر أمام طموحنا في تحقيق المواطنة، والتي أصبحت بقدرة قادر خطراً على عروبة البحرين.
عامان، وقفت فيهما غير مرّة أمام باب حزب «النهضة» التونسية، ورئيس مكتب الشيخ الغنوشي، الذي أتمّ له لاجئو البحرين في لندن إجراءات لجوئه يوماً ما. اليوم، يكفي أن يعرف كبير مستشاريه أنك معارض بحريني، ليكون هذا آخر كوب ماء لك في المكتب.
عامان، وجدتني فيهما في غزّة مع الأطباء البحرينيين الذين طالتهم سياط الملك، جامع السلطات في ذاته المصونة. اكتشفت أن ما تم جمعه من أموال البحرينيين، يسلّم هناك أيضاً باسمه وباسم أبنائه حصراً. وعليك أن تعتاد حين تدعو لأهلها وحكومتها بالصمود والنصر، جواب الدعاء بأن ينصر الله جلادينا على أطماع أعدائهم، نحن.
عامان، من عروبتنا المتهمة في عواصم العرب. وإنسانيتنا القابلة للمساومة في جيوب الشرق والغرب. عامان، من غربة مركّبة تفرضها الرغبة في التغيير في بلدٍ خليجيٍ نفطي. عامان، تسبح فيهما في فلك الهبّة العربية، ولكن، رغم ذلك، تسبح عكس التيار. عامان أدركنا فيهما غربتنا الأخرى، لا لأننا لا نرغب في بيع مواطنتنا فحسب، بل لأننا أيضاً لا نملك ما نبيعه في سوق لعبة الأمم.
* ناشط بحريني يقيم في القاهرة
أحلام خزاعي*

لم يكن 14 فبراير 2011، إلا خيالاً يداعب مخيلتي. لم أتوقع حين انتظرته لأطلق جناحيّ نحو الحرية أن أشهد ما شهدت. حين كنت أتسمر أمام شاشات التلفزيون لأشاهد انفراط عقد ثورات الربيع العربي، لم أتوقع يوماً أنني سأكون جزءاً من هذا المشهد.
المرأة البحرينية. اللؤلؤة الثمينة. كانت في قلب الصدف، تحمل هم الوطن وتعيش معاناته وتعاني الإقصاء والتمييز. خرجت من أعماق البحر. صرخة حرّة أبيّة: بالروح بالدم نفديك يا بحرين.
هكذا أتذكر أول يوم من الثورة بالقرب من دوار اللؤلؤة. خرج الناس بكل أعمارهم وفئاتهم، وسلميتهم، ليواجَهوا بالقمع والرصاص الانشطاري وكل وسائل العنف، وليصل إلى مسامعنا وقوع الشهيد الأول. وكلما ازداد الناس ثورة، ارتفعت وتيرة السلمية، في شجاعة غير مسبوقة، لتواجه آلة الموت بصدور عارية، ولنصل إلى الدوار، ونعيش بضعة أيام، عيشة الأحرار.
كانت بضعة أيام فقط تنشقنا خلالها نسيم الحرية قبل أن نُقمع من جديد. لا تُمحى من ذاكرتي كيف ذُبح الشباب العزل والشيب المسالمون من دون أي جرم سوى أنهم طلاب حق.
توالت بعدها الأحداث. كنا نشاهد الشهداء والجرحى في المستشفيات، ولم يكن لدينا الوقت حتى لنبكي. نوثق الحالات ونساعد الجرحى ونبلسم آهات الأمهات ونتواصل مع الإعلام. لا وقت لنبكي. إنها الثورة. اليوم يمرّ عامان لا نتذكّر فيهما إلا ظلم السلطة وبطشها، ومئة شهيد وآلاف الجرحى والمعتقلين والثكالى، يقابله صمود شعب أسطوري لا يكلّ ولا يملّ، ولن يستكين إلا بتحقيق هدفه القضاء على الديكتاتورية.
* رئيسة دائرة شؤون المرأة في «الوفاق»
علي الأسود*

لم تجد المعارضة صعوبة في نسج العلاقات مع الخارج عقب الانتفاضة، بما أنّها انفتحت عليه منذ تأسيس الجمعيات في بداية الألفية الثالثة. في السابق، اعتاد الحكم أن يستفرد في مخاطبة المجتمع الدولي، لكن هذا الأمر تبدّل. لقد نجحت المعارضة في تثبيت علاقة استراتيجية مع الخارج، بفضل لغة التواصل الصريحة، وهو ما أسهم في بناء جسور الثقة.
الغرب بدوره، أبدى اهتماماً خاصاً، بملف البحرين. وجاء تشكيل لجنة التحقيق الدولية، بضغط خارجي على النظام، وتحديداً، بعد زيارة ولي العهد (الأمير سلمان) لواشنطن ولقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما.
بعدها استنفرت المعارضة جهودها في عواصم القرار، ولا سيما في واشنطن ولندن وجنيف، فيما كان هناك تفاعل خاص من قبل باريس وبرلين معها. وانفتحت أيضاً على المنظمات الدولية. وفي موازاة اللقاءات التي كانت تجري دوماً بين المعارضين في الداخل والسفارات الأجنبية، حيث كان هناك دور لافت للسفارة البريطانية، كانت وفود المعارضة في الخارج تلتقي المسؤولين وتطرح قضية شعبنا.

نجحت المعارضة في تحويل موقف المجتمع الدولي الى صف الشعب (محمد الحمد ــ رويترز)
كان الهدف خلق فجوة للتلاقي مع النظام البحريني. كنا نبحث عن الشريك السياسي، فوجدناه في مبادرة ولي العهد ووثيقة المنامة.
التحول الكبير في موقف المجتمع الدولي، بدأ مع خطاب الرئيس الأميركي، باراك أوباما في أيلول 2011، الذي ذكر فيه المعارضة البحرينية، وتحديداً جمعية «الوفاق». وجاء بعده خطاب الأمين العام للجمعية الشيخ علي سلمان، في دوار اللؤلؤة، الذي أكّد احترام المعارضة للاتفاقيات الدولية. وبالنسبة إلى واشنطن، فإن هذا التعهد في غاية الأهمية، بما أنّ أكبر أسطول بحري لها موجود في مملكتنا.
خلال لقائنا مع المسؤولين، كان هناك تفاهم على الانتقال الديموقراطي، لكن التفاوت في وجهات النظر كان بخصوص العلاقات مع الجوار والدول الخليجية؛ لكن هذا الاختلاف لم يرق الى مستوى الخلاف.
مئات الجولات أجريناها في الخارج بين أوروبا وأميركا. نقلنا بموضوعية ما حصل من انتهاكات، وجاء تقرير بسيوني ليؤكّد صدقنا، وهو ما خلق ثقة بين المعارضة والمجتمع الدولي. رفعنا خطابات الى بان كي مون وكاثرين آشتون ونافي بيلاي. خطابات دفعت بهم مع الوقت الى إرسال رسائل سرّية وخاصة الى حكام المنامة تطلب منهم الانصياع الى مطالب الشعب.
مع ذلك، فإنّ هذه الاجراءات لم تكن كافية. أثرنا معهم قضية ازدواج المعايير. كيف تعاملوا مع مطالب شعب البحرين، ومطالب الشعب السوري. فهم يدعمون المعارضة في سوريا ضد النظام، لماذا لا يفعلون ذلك مع شعب البحرين.
مع المثابرة وكثرة اللقاءات، تحول موقف المجتمع الدولي، من موقف سؤال وجواب الى موقف داعم، وخصوصاً بعد إطلاق وثيقة اللاعنف. استُقبلنا بعدها لأول مرة في لندن بصورة رسمية، حيث التقينا وزير الشؤون الخارجية ألستر بيرت. وتوالت بعدها اللقاءات. عرضنا مطالبنا أمام لجنتي حقوق الإنسان والخارجية في مجلسي اللوردات والنواب. واجتماع لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس النواب كان بحضور وفد حكومي وجاء بعد تقرير بسيوني.
ونتيجةً لهذه الاجتماعات والجهود، بدأ النواب البريطانيون يوجهون سؤالاً أسبوعياً الى حكومتهم، لشرح موقفها مما يجري في البحرين. كذلك أُنشئت لجنة تحقيق بريطانية لمراجعة العلاقات بين بريطانيا والسعودية والبحرين. ويفترض أن ترفع هذه اللجنة توصياتها قريباً، وسيكون لها أثر بالغ على إعادة تقويم العلاقة بين لندن والنظامين البحريني والسعودي. لقد نجحنا في استقطاب دعم غالبية النواب البريطانيين، إضافة الى دعم المنظمات الحقوقية الدولية شأن «أمنستي» و«هيومن رايتس ووتش». وأسهم زيف السلطة بنقل ما يجري داخل المملكة في مزيد من الاصطفاف الى جانب المعارضة.
وبالنسبة إلى الموقف الأميركي، أتوقع أن يتحسن مع وصول جون كيري الى وزارة الخارجية؛ فموقف هيلاري كلينتون كان ضبابياً؛ خطابها عند دخول قوات «درع الجزيرة» الى البحرين كان شيئاً، وبعده كان شيئاً آخر. لكن كيري موقفه أكثر وضوحاً، فقد تحدث في بداية الانتفاضة صراحة عن الانتهاكات، وشخصية مثله يمكن أن تدفع الإصلاحات قدماً في المملكة.
* نائب بحريني سابق
عن جمعية «الوفاق»، يقيم في لندن
آيات قرمزي*

كان ذلك اليوم مختلفاً. حتى شمسه كانت مختلفة تماماً عن أي يوم. شمسه التي كانت تخبر سكان هذه الأرض، بأن خطباً ما سيحدث. رغم عدم وجودي على تلك الأرض في حينها، إلا أنّ شعاع شمسها وصل إليّ حيث كنت، وتدفق الدم في شراييني هو الآخر بطريقة غير معهودة. كنت أحارب الثواني والدقائق لأعود إلى أوال (الاسم القديم للبحرين) العز. أوال التضحية. أوال الإباء.
وبعد حرب طويلة مع الزمن عدت إلى أرض الوطن، وقد فُقد ما فُقد من الأنفس الطاهرة التي تأبى الذل.
عدتُ إلى أوال والفخر بوطني وشعبه الأبي يرفع هامتي تلقائياً. وما إن وطئت رجلي ثراه، جرفني الشوق إلى عاصمة الثورة المنامة، حيث تجمع عشرات الألوف من البشر، التي كانت تؤدي فروض الولاء في دوار اللؤلؤة، متوضئة بحب الوطن. لم أكن مشتاقة إلى أهلي بقدر اشتياقي إلى تلك البقعة، التي احتضنت الشيب والشباب الصغار والكبار، نساءً ورجالاً، الأطفال وحتى الرضع.
كلّهم خرجوا تزامناً مع الربيع العربي رفضاً للظلم والبغي والاستبداد. ولم يكن ذلك بجديد على أرض الصمود؛ فهذا الشعب الرافض للعبودية، لطالما انتفض على كل طاغٍ يتلذّذ باستعباد شعبه.
كل عقد من الزمن مرّ في وطني فجّر البركان الراكد في نفوس أبناء أوال. كانت أوال تنتفض كل عشر سنوات تقريباً، فتُمطَرُ بوابل من الوعود الزائفة. وتنسى التنكيل والتعذيب وشتى أنواع الانتهاكات، وتتصالح مع ذوي الوعود الخرقاء. لتعود وتكتشف أنّ تلك الوعود لم تكن سوى تخرّص وضحك على عقول البشر، وتنتفض مجدداً وهكذا دواليك. الرابع عشر من فبراير لم يكن بداية للثورة، بل كان استئنافاً لمسيرة الشعب البحريني المناضل.
عاش الشعب وقتذاك كما لم يعش من قبل. وُلد كل مواطن من جديد في فبراير. كان يتنفس الحرية في بقعة اللؤلؤ، ويستنشق الكرامة التي لم ينلها من قبل في وطنه. عاشوا في حلم جميل. كان حلماً، وأفاقوا منه عنوة بعدما غزت الجارة جارتها. غزتها لتقمع حلمها الجميل، لتخنق الحرية فيها، لتمتص الصمود من دمها. وحلّ الغيهب على تلك القلوب الصابرة؛ حلّ محملاً غيماً
أسود.
فُرضَ على هذا الوطن المسلوب ما يسمى فترة السلامة الوطنية، ولم تكن سلامة قطّ، كانت مهانة وأي مهانة. أُهين الوطن والشعب والدين. غدروا بالوطن بسماحهم للغرباء بغزوه. غدروا بالشعب بقتلهم له وسجنهم له وتعذيبهم له وتنكيلهم به. غدروا بالدين بهدمهم لبيوت الله، وحرقهم القرآن، وبالتعدّي على الحرمات، وبضرب عرض الحائط بتعاليم ديننا. غدروا بالوحدة حين روّجوا للطائفية، حين همشوا مكوّناً كبيراً من مكونات الشعب.
ولم يكتفوا. بل روجوا للأكاذيب والأقاويل الملفقة في إعلامهم الأعمى لتشويه سمعة الثوار. وحتى اليوم لا يزال هذا النظام يُراهن على ثبات الشعب، ولا يزال هذا الشعب واثقاً من النصر لتعلو إرادة الوطن فوق أنقاض النظام... وتستمر الحكاية.
* شاعرة بحرينية اعتُقلت وعذّبت
يتبع / 2 - 2
عامان على «14 فبراير»: البحرين تزداد ثورة

لن تكون مصالحة وطنية اذا لم تحمل هواجس الشباب الثائر (رويترز)
انتفاضة دائمة سبقت «الربيع» بسنوات
شهيرة سلّوم
يُحيي البحرينيون غداً، الذكرى الثانية للانتفاضة، شأنهم بذلك شأن دول ما بات يعرف بالربيع العربي. لكن لهذا الشعب حكايته مع الثورة، وليس المقصود هنا أنها لم تُثمر بعد، لأنّها تُركت وحيدة ونسي العالم، أو تناسى، صرخات أبنائها على مدى أشهر متواصلة من القمع، لأسباب طائفية وجيوبوليتيكية، بل لأنّ ما عاشوه في الرابع عشر من شباط 2011، لم يكن إلا فصلاً من فصول ثورتهم الدائمة.
البحارنة، كما يستحسنون تسميتهم في إشارة إلى أنّهم السكان العرب الأصليون وليسوا كآل خليفة (من العتوب) الذين غزوا الجزيرة في أواخر القرن الثامن عشر آتين من قطر ونصّبوا أنفسهم حكاماً عليها، كانوا ولا يزالون في حالة ثورة دائمة. عاشوا فصولاً منها في العقد الأخير من القرن الماضي. في بداية السبعينيات، حين انتفضوا على مطالب إيران، التي ادّعت مُلكاً بالأرخبيل بعد اكتشاف النفط، وذلك من خلال التصويت بنسبة 98 في المئة على استقلال إمارتهم في استفتاء أجرته الأمم المتحدة بعد خروج المستعمر البريطاني. انتفضوا في أواخر السبعينيات والثمانينيات، وطالبوا بإعادة العمل بدستور 1973، الذي عطّله الأمير، وبالعدالة والمساواة بعدما احتكر آل خليفة السلطة السياسية والثروات، ووزّعوا ما بقي من فُتات على أتباعهم من القبائل والطائفة السنّية، وهو ما لوّن الأزمة بصبغة طائفية.
لقي المنتفضون الحصار والمنفى والاعتقال. مع ذلك واصلوا الانتفاضة، فلا يئسوا ولا استكانوا، وكانت فترة التسعينيات مليئة بالاحتجاجات التي تطورت إلى أحداث العنف. والحراك الذي شهدته وتشهده المملكة حالياً لا يكاد يرقى إلى ما عاشته في تلك الفترة، وقمعته السلطة بقيادة الأمير عيسى بن سلمان، الذي يروي العالمون بالأمور أنّه كان أميراً «مغيّباً عن الوعي» ينام في النهار ويصحو في الليل، ويظنّ أن حال الرعيّة بخير وتعيش في عزّ ووئام، وكان القابض على الأمور شقيقه رئيس الوزراء الحالي خليفة بن سلمان آل خليفة.
النضال لم يذهب سُدى هذه المرّة. وحصد البحارنة ثمار انتفاضتهم التسعينية في بداية الألفية الثالثة بعدما جاء إلى الحكم الأمير حمد بن عيسى، الذي عاد ونصّب نفسه ملكاً على جزيرة لا يتعدى عدد سكانها الأصليين 600 ألف نسمة، ولا تتجاوز مساحتها 750 كيلومتراً مربعاً، وأطلق إصلاحات تاريخية؛ أفرج عن المعتقلين السياسيين، وسمح للمعارضين في الخارج بالعودة إلى البلاد، وبتأسيس الجمعيات السياسية. كذلك جرى تضمين مبادئ التغيير السياسي التي أطلقت في ميثاق العمل الوطني (تناول المقومات الأساسية، نظام الحكم، الأسس الاقتصادية للمجتمع، الأمن الوطني، الحياة النيابية، العلاقات الخليجية، العلاقات الخارجية) الذي صوّت عليه البحرينيون في استفتاء عام بنسبة 98 في المئة.
وقد سمحت هذه الإصلاحات للأحزاب المعارضة بالعمل في الضوء، وكفلت هامشاً من حرية التجمع والتعبير. تأسست بعدها العديد من الجمعيات. دخلت هذه الأحزاب بقوة إلى الحياة السياسية عبر الانتخابات المتتالية. لكن كان لدى المعارضة العديد من المآخذ على دستور 2002، الذي صدر في إطار الإصلاحات؛ فهو افتقر إلى الشفافية منذ البداية؛ إذ لم تشارك في كتابته الشخصيات المعارضة كما ينبغي. كذلك فإنه أنشأ مجلسين في إطار المجلس الوطني: النواب المنتخب والشورى المعين، وأعطى سلطة ترجيح للشورى على النواب المنتخب.
ذلك لم يمنعهم من المشاركة في حكومة 2006، حيث مُثِّل الشيعة لأوّل مرّة بأربعة مناصب وزارية، وكانت المرّة الأولى التي يشغل فيها منصب نائب رئيس الوزراء شيعي، ودخل بموجب هذه الإصلاحات أول وزير بحريني من أصل إيراني. لكن الأفضلية في المناصب الحكومية الحساسة بقيت للسُّنة (الداخلية والدفاع)، وقضية المساواة والعدالة الاجتماعية، لم تُحلّ، وبقي احتكار آل خليفة للسلطة والثروات. افتقار هذه الإصلاحات إلى المضامين الفعلية للعدالة والمساواة دفعت بنشوء تيارات معارضة، رفضت المشاركة في الحكومة والانتخابات ونشطت في الداخل والمنفى لتحقيق إصلاحات حقيقية شاملة.
مع هبّات الربيع العربي انتفض البحارنة من جديد، بما أنّ أرضيتهم خصبة. وكانت بوادر هذه الانتفاضة قد بدأت بالظهور قُبيل الربيع بأشهر، حين ضيقت السلطات على المعارضين، وأعادت معزوفة الخلايا الانقلابية المدعومة من إيران. قُمعت انتفاضة اللؤلؤ بعد تدخل عسكري خليجي، وخصوصاً سعودي، الذي وجد في الحراك تهديداً لعروشه، وثغرة لولوج «العدوة اللدودة»، إيران إلى ربوعه، بما أن غالبية المنتفضين شيعة.
تواصلت الحملة الأمنية شهراً تلو شهر، استُخدمت أبشع أنواع الانتهاكات، من القتل والاعتقال والإهانة والتضييق والفصل من الوظائف والتعذيب، واستخدمت الورقة الطائفية بفنّ وبراعة لخلق الشرخ الأهلي، ثم بث الفرقة بين الجمعيات السياسية المعارضة لوهلة. لكن المسيرات تواصلت، وانتشر أبناء البحرين في مختلف أرجاء المعمورة لإيصال أصوات أقرانهم في ظل حصار أمني وإعلامي ودولي. نجحوا في إجبار النظام على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة وبيّنوا الظلم الذي لحق بهم، وعرّوا النظام وصمت المجتمع العربي والدولي، الذي رفض انتفاضتهم من منطلق طائفي.
انتفاضة التسعينيات أثمرت إصلاحات تاريخية وملكاً، لكن لم تُستكمل ولم تحقق العدالة المفقودة. انتفاضة اللؤلؤ، لم تُثمر بعد، وإن لم يكن الملك الحالي قادراً على دخول التاريخ كما حاول قرع بابه من قبل، ربما عليه أن يتنحى ويفسح المجال لمن هو أقدر.
شهيرة...
لا مصالحة دون إشراك الجميع
وصلت الأزمة في البحرين اليوم الى حالة من المراوحة. النظام لم يُقدّم بعد أي تنازلات بخصوص المطالب، التي سبق أن أجمع عليها كل أبناء البحرين عشية اندلاع الانتفاضة، لولا استخدام الورقة الطائفية. لكن المعارضة أيضاً، لم تسحب ورقة الشارع، بل نجحت في إعادة رصّ صفوفها بعد الصدع الذي أصابها، ووسّعت نشاطها الى الخارج، حيث نجحت في استقطاب المجتمع الدولي الى جانبها، ودفعته بالتالي الى الضغط على النظام كي يجري حواراً، مرّة أولى وثانية.
وهذه المراوحة لا ترتبط فقط بنقاط قوة كل من المعارضة والنظام، وإنما أيضاً بما يجري في المنطقة من متغيرات، ولا سيما في الملفين السوري والإيراني، حيث ستعمل الدول الفاعلة على زجّ الملف البحريني في حزمة أي تسوية إقليمية.
الجولة الثانية من الحوار الذي يجري اليوم هو مرحلة تقطيع للوقت، وتخدير للأزمة. إذ لا يمكن أن يكون هناك حلّ جذري، من دون مصالحة وطنية شاملة؛ ومصالحة تشمل المعارضين في السجن والمنفى، الذين يخوّنهم النظام، وتستحي منهم المعارضة، وإن لم تقلها جهارة. هؤلاء هم المحرّك الأساسي لائتلاف شباب 14 فبراير، «دينامو» الانتفاضة ووقود استمرارها. ورغم قدرة الانتفاضة، الى حدّ ما، على المحافظة على سلمية تحركها، لكن من يُلقي «المولوتوف» على عناصر الشرطة ودورياتها، ومن يحاصر الطرقات، ومن يخرج ملثّماً في الشوارع ويُلاعب عناصر مكافحة الشغب لعبة القط والفأر بين أزقة القرى، ليسوا من المعارضة الوسطية؛ هؤلاء ينتمون الى التيار «المرفوض» من قبل الجالسين على طاولة الحوار اليوم. لذلك، لا يمكن الحديث عن حوار وطني، ومصالحة شاملة، إن لم تشمل هؤلاء، وإن لم تحمل هواجسهم وتأخذ بمطالبهم.
تقول المعارضة، وتحديداً «الوفاق»، إنّها تمثل الغالبية بفعل انتخابات 2010. لكن هذه الانتخابات جرت في ظل مقاطعة التيارات المحظورة، وبالتالي لو أُتيح للناخب الاختيار اليوم، لربما تبدّلت المقاييس، وأصبحت التيارات المحظورة رقماً صعباً في المعادلة.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة الى أنّ هذه التيارات وجماهيرها رفعت مطلب إسقاط النظام، لكن ذلك ما كان لولا تلكؤ النظام وصدّه جميع أبواب الحوار. وفي حديث مع «الأخبار»، يروي المعارض البارز، الأمين العام لحركة «الأحرار»، سعيد الشهابي، الذي يقيم في لندن، كيف أنّ الملك حمد حاول أن يتواصل مع معارضي المنفى، ووعدهم بالإصلاحات وبالتجاوب مع مطالبهم. كان جدّ مستمعاً. وطلب منهم تحضير ورقة للتحاور، على أن يتواصل معهم لاحقاً لهذا الغرض سفير البحرين في لندن؛ فجاء ردّهم إيجابياً، لكن «هناك حفرنا وهناك طمرنا»، غادر الملك وغاب عن الوعي، وكأنّه لم يعد بشيء.
حديث الشهابي كان في معرض ردّه على الذين يصفونهم بالرافضين والمعرقلين، فيما أنّ الملك يظهر كشخص منفتح. شخصية الملك هذه هي من انبهر بها شريف بسيوني، لذلك كان يقول لكل من يحدّثه عن ظلم تعرّض له، بوجه تلبسه ملامح المفاجأة، إن «الملك لا يعلم، ولن يسمح به إن علم» كما يروي من لقيه.
إضافة الى تغييب هذه التيارات، فانّه لا يمكن الحديث عن مصالحة وطنية شاملة من دون انخراط الملك فيها شخصياً، كما لا يمكن أن تكون مصالحة شاملة من دون محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات بحق الجميع.
حسين يوسف*

أدق مع بقية البحرينيين باب العام الثاني للهجرة الأوسع للمعارضة في تاريخ بلدي الحديث؛ في تجربة ورثنا تبعاتها من أجيال تعاقبت على الفشل في تغيير واقع هذه الجزيرة المبتلاة التي لم يحكمها أهلها، بعد. مع كل إشراقة صباحٍ أذكّر نفسي، «فلتطل... ولكن لتكن الأخيرة».
دخلت القوات السعودية إلى البحرين وأُعلنت الطوارئ. وفيما كان على البحرينيين الشجعان مواجهة تحدّي الحفاظ على جذوة الثورة في الداخل، كان على آخرين، مثلي، تحويل مهجرهم إلى ثقل ضاغط على كاهل سلطة الاستبداد، ومن يساندها، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. قليلو الحيلة والخبرة، ماذا يملك 580 ألف مواطن بحريني ليربحوا معركة في وجه البترودولار الخليجي، والتواطؤ الدولي، والتبعية العربية التي لم تنجح في التخلص منها حتى دول «ثورات الكرامة» في المنطقة. نقف وحدنا أمام التجاذبات الإقليمية والدولية. أقصى ما وجدناه خلال عامين من الحراك في الخارج معاملتنا كورقة، مرّة في اليمن، ومرّة في ليبيا، واليوم في سوريا.
وفيما ينال المهاجرون البحرينيون في مختلف الدول الأوروبية شيئاً من الاعتراف بإنسانيتهم، فإنّ على من يلهج بلسان الثورة في البلدان العربية الاعتياد على «سمفونية» الاتهامات والانتقاص.
«أتباع إيران»، «ليست ثورة»، «المدّ الشيعي»، مصطلحات لا تعبّر عنا بقدر ما تبيّن تغلغل المفردات السعودية في ضمير شعوبٍ لا تنظر للمُواطنةِ كقيمةٍ تكفي كدافع للمطالبة بأبجديات ما تفرضه من حقوق.
وقفت مراراً على باب شيخ الأزهر؛ في آذار 2011، كان الشيخ أحمد الطيب ينظر لفيلم الشهيد البحريني الوسيم أحمد فرحان مفضوخ الرأس من خلال «اللابتوب»، عبثاً يشيح بوجهه عن بشاعة المنظر، ولكنّها كانت الزيارة الأخيرة للمعارضة، التي تبنّت علناً وثيقة الأزهر للدولة المدنية. اليوم يتأبّط «الإمام الأكبر» ذراع وزير خارجية البحرين. عامان لم يتذكر فيهما شيخ الأزهر رأس فرحان؛ نفس الرأس الذي كانت الدعوة السلفية في الفيوم تجبي به التبرعات لسوريا، لا يتذكّره إلا لتحذير إيران من التدخل في شأننا، الذي تبين أنّه ليس شأننا.
عامان، قضيت منهما شهرين في خيمة أمام جامعة الدول العربية، في أحلك أيام «محمد محمود»، وفضّ العسكر لميدان التحرير في تشرين الأول 2011. أُحرقت خيمتي مرّتين، وتنشقت عبق مسيّل دموع وزارة الداخلية، غير أن الرسائل الثلاث التي بعثتها باسم المعارضة إلى السيّد نبيل العربي، وتسلّمها مستشاره طلال الأمين، كانت تجد لها مكاناً خاصاً في درجه، أو زبالته، ربما. العربي زار ملك البحرين، وشدّ على يديه في مدّ الخط الأحمر أمام طموحنا في تحقيق المواطنة، والتي أصبحت بقدرة قادر خطراً على عروبة البحرين.
عامان، وقفت فيهما غير مرّة أمام باب حزب «النهضة» التونسية، ورئيس مكتب الشيخ الغنوشي، الذي أتمّ له لاجئو البحرين في لندن إجراءات لجوئه يوماً ما. اليوم، يكفي أن يعرف كبير مستشاريه أنك معارض بحريني، ليكون هذا آخر كوب ماء لك في المكتب.
عامان، وجدتني فيهما في غزّة مع الأطباء البحرينيين الذين طالتهم سياط الملك، جامع السلطات في ذاته المصونة. اكتشفت أن ما تم جمعه من أموال البحرينيين، يسلّم هناك أيضاً باسمه وباسم أبنائه حصراً. وعليك أن تعتاد حين تدعو لأهلها وحكومتها بالصمود والنصر، جواب الدعاء بأن ينصر الله جلادينا على أطماع أعدائهم، نحن.
عامان، من عروبتنا المتهمة في عواصم العرب. وإنسانيتنا القابلة للمساومة في جيوب الشرق والغرب. عامان، من غربة مركّبة تفرضها الرغبة في التغيير في بلدٍ خليجيٍ نفطي. عامان، تسبح فيهما في فلك الهبّة العربية، ولكن، رغم ذلك، تسبح عكس التيار. عامان أدركنا فيهما غربتنا الأخرى، لا لأننا لا نرغب في بيع مواطنتنا فحسب، بل لأننا أيضاً لا نملك ما نبيعه في سوق لعبة الأمم.
* ناشط بحريني يقيم في القاهرة
أحلام خزاعي*

لم يكن 14 فبراير 2011، إلا خيالاً يداعب مخيلتي. لم أتوقع حين انتظرته لأطلق جناحيّ نحو الحرية أن أشهد ما شهدت. حين كنت أتسمر أمام شاشات التلفزيون لأشاهد انفراط عقد ثورات الربيع العربي، لم أتوقع يوماً أنني سأكون جزءاً من هذا المشهد.
المرأة البحرينية. اللؤلؤة الثمينة. كانت في قلب الصدف، تحمل هم الوطن وتعيش معاناته وتعاني الإقصاء والتمييز. خرجت من أعماق البحر. صرخة حرّة أبيّة: بالروح بالدم نفديك يا بحرين.
هكذا أتذكر أول يوم من الثورة بالقرب من دوار اللؤلؤة. خرج الناس بكل أعمارهم وفئاتهم، وسلميتهم، ليواجَهوا بالقمع والرصاص الانشطاري وكل وسائل العنف، وليصل إلى مسامعنا وقوع الشهيد الأول. وكلما ازداد الناس ثورة، ارتفعت وتيرة السلمية، في شجاعة غير مسبوقة، لتواجه آلة الموت بصدور عارية، ولنصل إلى الدوار، ونعيش بضعة أيام، عيشة الأحرار.
كانت بضعة أيام فقط تنشقنا خلالها نسيم الحرية قبل أن نُقمع من جديد. لا تُمحى من ذاكرتي كيف ذُبح الشباب العزل والشيب المسالمون من دون أي جرم سوى أنهم طلاب حق.
توالت بعدها الأحداث. كنا نشاهد الشهداء والجرحى في المستشفيات، ولم يكن لدينا الوقت حتى لنبكي. نوثق الحالات ونساعد الجرحى ونبلسم آهات الأمهات ونتواصل مع الإعلام. لا وقت لنبكي. إنها الثورة. اليوم يمرّ عامان لا نتذكّر فيهما إلا ظلم السلطة وبطشها، ومئة شهيد وآلاف الجرحى والمعتقلين والثكالى، يقابله صمود شعب أسطوري لا يكلّ ولا يملّ، ولن يستكين إلا بتحقيق هدفه القضاء على الديكتاتورية.
* رئيسة دائرة شؤون المرأة في «الوفاق»
علي الأسود*

لم تجد المعارضة صعوبة في نسج العلاقات مع الخارج عقب الانتفاضة، بما أنّها انفتحت عليه منذ تأسيس الجمعيات في بداية الألفية الثالثة. في السابق، اعتاد الحكم أن يستفرد في مخاطبة المجتمع الدولي، لكن هذا الأمر تبدّل. لقد نجحت المعارضة في تثبيت علاقة استراتيجية مع الخارج، بفضل لغة التواصل الصريحة، وهو ما أسهم في بناء جسور الثقة.
الغرب بدوره، أبدى اهتماماً خاصاً، بملف البحرين. وجاء تشكيل لجنة التحقيق الدولية، بضغط خارجي على النظام، وتحديداً، بعد زيارة ولي العهد (الأمير سلمان) لواشنطن ولقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما.
بعدها استنفرت المعارضة جهودها في عواصم القرار، ولا سيما في واشنطن ولندن وجنيف، فيما كان هناك تفاعل خاص من قبل باريس وبرلين معها. وانفتحت أيضاً على المنظمات الدولية. وفي موازاة اللقاءات التي كانت تجري دوماً بين المعارضين في الداخل والسفارات الأجنبية، حيث كان هناك دور لافت للسفارة البريطانية، كانت وفود المعارضة في الخارج تلتقي المسؤولين وتطرح قضية شعبنا.

نجحت المعارضة في تحويل موقف المجتمع الدولي الى صف الشعب (محمد الحمد ــ رويترز)
كان الهدف خلق فجوة للتلاقي مع النظام البحريني. كنا نبحث عن الشريك السياسي، فوجدناه في مبادرة ولي العهد ووثيقة المنامة.
التحول الكبير في موقف المجتمع الدولي، بدأ مع خطاب الرئيس الأميركي، باراك أوباما في أيلول 2011، الذي ذكر فيه المعارضة البحرينية، وتحديداً جمعية «الوفاق». وجاء بعده خطاب الأمين العام للجمعية الشيخ علي سلمان، في دوار اللؤلؤة، الذي أكّد احترام المعارضة للاتفاقيات الدولية. وبالنسبة إلى واشنطن، فإن هذا التعهد في غاية الأهمية، بما أنّ أكبر أسطول بحري لها موجود في مملكتنا.
خلال لقائنا مع المسؤولين، كان هناك تفاهم على الانتقال الديموقراطي، لكن التفاوت في وجهات النظر كان بخصوص العلاقات مع الجوار والدول الخليجية؛ لكن هذا الاختلاف لم يرق الى مستوى الخلاف.
مئات الجولات أجريناها في الخارج بين أوروبا وأميركا. نقلنا بموضوعية ما حصل من انتهاكات، وجاء تقرير بسيوني ليؤكّد صدقنا، وهو ما خلق ثقة بين المعارضة والمجتمع الدولي. رفعنا خطابات الى بان كي مون وكاثرين آشتون ونافي بيلاي. خطابات دفعت بهم مع الوقت الى إرسال رسائل سرّية وخاصة الى حكام المنامة تطلب منهم الانصياع الى مطالب الشعب.
مع ذلك، فإنّ هذه الاجراءات لم تكن كافية. أثرنا معهم قضية ازدواج المعايير. كيف تعاملوا مع مطالب شعب البحرين، ومطالب الشعب السوري. فهم يدعمون المعارضة في سوريا ضد النظام، لماذا لا يفعلون ذلك مع شعب البحرين.
مع المثابرة وكثرة اللقاءات، تحول موقف المجتمع الدولي، من موقف سؤال وجواب الى موقف داعم، وخصوصاً بعد إطلاق وثيقة اللاعنف. استُقبلنا بعدها لأول مرة في لندن بصورة رسمية، حيث التقينا وزير الشؤون الخارجية ألستر بيرت. وتوالت بعدها اللقاءات. عرضنا مطالبنا أمام لجنتي حقوق الإنسان والخارجية في مجلسي اللوردات والنواب. واجتماع لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس النواب كان بحضور وفد حكومي وجاء بعد تقرير بسيوني.
ونتيجةً لهذه الاجتماعات والجهود، بدأ النواب البريطانيون يوجهون سؤالاً أسبوعياً الى حكومتهم، لشرح موقفها مما يجري في البحرين. كذلك أُنشئت لجنة تحقيق بريطانية لمراجعة العلاقات بين بريطانيا والسعودية والبحرين. ويفترض أن ترفع هذه اللجنة توصياتها قريباً، وسيكون لها أثر بالغ على إعادة تقويم العلاقة بين لندن والنظامين البحريني والسعودي. لقد نجحنا في استقطاب دعم غالبية النواب البريطانيين، إضافة الى دعم المنظمات الحقوقية الدولية شأن «أمنستي» و«هيومن رايتس ووتش». وأسهم زيف السلطة بنقل ما يجري داخل المملكة في مزيد من الاصطفاف الى جانب المعارضة.
وبالنسبة إلى الموقف الأميركي، أتوقع أن يتحسن مع وصول جون كيري الى وزارة الخارجية؛ فموقف هيلاري كلينتون كان ضبابياً؛ خطابها عند دخول قوات «درع الجزيرة» الى البحرين كان شيئاً، وبعده كان شيئاً آخر. لكن كيري موقفه أكثر وضوحاً، فقد تحدث في بداية الانتفاضة صراحة عن الانتهاكات، وشخصية مثله يمكن أن تدفع الإصلاحات قدماً في المملكة.
* نائب بحريني سابق
عن جمعية «الوفاق»، يقيم في لندن
آيات قرمزي*

كان ذلك اليوم مختلفاً. حتى شمسه كانت مختلفة تماماً عن أي يوم. شمسه التي كانت تخبر سكان هذه الأرض، بأن خطباً ما سيحدث. رغم عدم وجودي على تلك الأرض في حينها، إلا أنّ شعاع شمسها وصل إليّ حيث كنت، وتدفق الدم في شراييني هو الآخر بطريقة غير معهودة. كنت أحارب الثواني والدقائق لأعود إلى أوال (الاسم القديم للبحرين) العز. أوال التضحية. أوال الإباء.
وبعد حرب طويلة مع الزمن عدت إلى أرض الوطن، وقد فُقد ما فُقد من الأنفس الطاهرة التي تأبى الذل.
عدتُ إلى أوال والفخر بوطني وشعبه الأبي يرفع هامتي تلقائياً. وما إن وطئت رجلي ثراه، جرفني الشوق إلى عاصمة الثورة المنامة، حيث تجمع عشرات الألوف من البشر، التي كانت تؤدي فروض الولاء في دوار اللؤلؤة، متوضئة بحب الوطن. لم أكن مشتاقة إلى أهلي بقدر اشتياقي إلى تلك البقعة، التي احتضنت الشيب والشباب الصغار والكبار، نساءً ورجالاً، الأطفال وحتى الرضع.
كلّهم خرجوا تزامناً مع الربيع العربي رفضاً للظلم والبغي والاستبداد. ولم يكن ذلك بجديد على أرض الصمود؛ فهذا الشعب الرافض للعبودية، لطالما انتفض على كل طاغٍ يتلذّذ باستعباد شعبه.
كل عقد من الزمن مرّ في وطني فجّر البركان الراكد في نفوس أبناء أوال. كانت أوال تنتفض كل عشر سنوات تقريباً، فتُمطَرُ بوابل من الوعود الزائفة. وتنسى التنكيل والتعذيب وشتى أنواع الانتهاكات، وتتصالح مع ذوي الوعود الخرقاء. لتعود وتكتشف أنّ تلك الوعود لم تكن سوى تخرّص وضحك على عقول البشر، وتنتفض مجدداً وهكذا دواليك. الرابع عشر من فبراير لم يكن بداية للثورة، بل كان استئنافاً لمسيرة الشعب البحريني المناضل.
عاش الشعب وقتذاك كما لم يعش من قبل. وُلد كل مواطن من جديد في فبراير. كان يتنفس الحرية في بقعة اللؤلؤ، ويستنشق الكرامة التي لم ينلها من قبل في وطنه. عاشوا في حلم جميل. كان حلماً، وأفاقوا منه عنوة بعدما غزت الجارة جارتها. غزتها لتقمع حلمها الجميل، لتخنق الحرية فيها، لتمتص الصمود من دمها. وحلّ الغيهب على تلك القلوب الصابرة؛ حلّ محملاً غيماً
أسود.
فُرضَ على هذا الوطن المسلوب ما يسمى فترة السلامة الوطنية، ولم تكن سلامة قطّ، كانت مهانة وأي مهانة. أُهين الوطن والشعب والدين. غدروا بالوطن بسماحهم للغرباء بغزوه. غدروا بالشعب بقتلهم له وسجنهم له وتعذيبهم له وتنكيلهم به. غدروا بالدين بهدمهم لبيوت الله، وحرقهم القرآن، وبالتعدّي على الحرمات، وبضرب عرض الحائط بتعاليم ديننا. غدروا بالوحدة حين روّجوا للطائفية، حين همشوا مكوّناً كبيراً من مكونات الشعب.
ولم يكتفوا. بل روجوا للأكاذيب والأقاويل الملفقة في إعلامهم الأعمى لتشويه سمعة الثوار. وحتى اليوم لا يزال هذا النظام يُراهن على ثبات الشعب، ولا يزال هذا الشعب واثقاً من النصر لتعلو إرادة الوطن فوق أنقاض النظام... وتستمر الحكاية.
* شاعرة بحرينية اعتُقلت وعذّبت
يتبع / 2 - 2
تعليق