إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

خصائص فاطمة الزهراء عليها السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    أوقافها و صدقاتها
    كان لها سبعة بساتين وقفتها على بني هاشم و بني المطلب و جعلت النظر فيها و الولاية لعلي عليه‏ السلام مدة حياته و بعده للحسن و بعده للحسين و بعده للأكبر من ولدها. روى الكليني في الكافي بسنده عن الصادق عليه‏ السلام أن فاطمة عليها السلام جعلت صدقتها لبني هاشم و ي المطلب و بسنده عن الباقر عليه‏ السلام أنه أخرج حقا أو سفطا فأخرج منه كتابا فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم.هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله أوصت بحوائطها السبعة العواف و الذلال .و البرقة .و المبيت .و الحسني .و الصافية .و ما لأم هيم إلى علي بن أبي طالب فإن مضى علي فإلى الحسن فإن مضى الحسن فإلى الحسين فإن مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدي شهد الله على ذلك و المقداد بن الأسود و الزبير بن العوام و كتب علي بن أبي طالب.
    بسنده عن الصادق عليه‏ السلام نحوه إلا أنه قال إلى الأكبر من ولدي دون ولدك و بسنده عن أبي الحسن الثاني عليه‏ السلام أنه سئل عن الحيطان السبعة التي كانت ميراث رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله لفاطمة فقال: إنما كانت وقفا فكان رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله ي منها ما ينفق على أضيافه و التابعة تلزمه فيها فلما قبض جاء العباس يخاصم فاطمة فيها فشهد علي و غيره أنها وقف على فاطمة و عدها كما تقدم (و في رواية) عن الصادق عليه‏ السلام أن المبيت هو الذي كاتب عليه سلمان فأفاءه الله على رسوله فهو في صدقتها. (أقول) ربما يتوهم التنافي بين هذه الأخبار فبعضها يدل على أنها تصدقت بها على بني هاشم و بني المطلب أي وقفتها عليها و لازم ذلك أنها كانت ملكا لها إذ لا وقف إلا في ملك و بعضها دال على أن النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله كان قد وقفها عليها و حينئذ فكيف تقفها على بهاشم و بني المطلب فإن الوقف لا يوقف و يمكن الجمع بأن النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله وقفها عليها في حياتها و بعدها على بني هاشم و بني المطلب و جعل النظر فيها على الترتيب الذي جعلته.أو إنه وقفها عليها ثم على من تختاره بعدها فهي بوصيتها حاكية لا منشئوصيتها

    من وصاياها
    لما مرضت فاطمة الزهراء عليها السلام مرضها الذي توفيت فيه جعلت توصي عليا عليه‏ السلام و تعهد إليه عهودها (فمما) جاء في وصيتها ما روي أن عليا عليه‏ السلام وجده عند رأسها بعد ما توفيت و هي رقعة فيها :بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله أوصت و هي تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله و أن الجنة حق و النار حق و أن الساعة آتية لا ريب فيها و أن الله يبعث من في القبور يا علي حنطني و غسلني و كفني و صل عليادفني بالليل و لا تعلم أحدا و استودعك الله و اقرأ على ولدي السلام إلى يوم القيامة.
    و ذكر جماعة أنها لما مرضت دعت أم أيمن و أسماء بنت عميس و عليا عليه‏ السلام و أوصت إلى علي بثلاث وصايا : (الأول) أن يتزوج بأمامة بنت أختها زينب لحبها أولادها و قالت إنها تكون لولدي مثلي (و في رواية) قالت بنت أختي و تحني على ولدي.و أمامة هذه هي بنت أبي العاص بن الربيع و هي التي روي أن رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله كان يحملها في الصلاة و أمها زينب بنت رسول ا صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله فلما توفيت الزهراء عليها السلام تزوج أمير المؤمنين عليه‏ السلام أمامة كما أوصته و من أجل ذلك قال: أربعة ليس إلى فراقهن سبيل و عد منهن أمامة قال أوصت بها فاطم (الثانية) أن يتخذ لها نعشا و وصفته له (و في رواية) أن أسماء بنت عميس قالت لها إني إذ كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئا فإن أعجبك أصنعه لك فدعت بسرير فأكبته لوجهه ثم دعت بجرائد فشدتها على قوائمه و جعلت عليه نعشا ثم جللته ثوبا فقالت فاطمة عليها السلام اصنعي لي مثله استريني سترك الله من النار.
    و في الإستيعاب بسنده أن فاطمة بنت رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله قالت لأسماء بنت عميس إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها فقالت أسماء يا بنت رسول الله ألا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوبا فت فاطمة ما أحسن هذا و أجمله تعرف به المرأة من الرجل ثم قال: فاطمة أول من غطي نعشها في الإسلام على الصفة المذكورة ثم بعدها زينب بنت جحش »اه« و كانت الزهراء عليها السلام لشدة محافظتها على الستر و العفاف حتى أنها لما قال لها أبوها صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله ما خير رأة قالت أن لا ترى رجلا و لا يراها رجل مهتمة كثيرا لأمر وضعها على السرير و حملها ظاهرة و شكت ذلك إلى أسماء بنت عميس فوصفت لها النعش فتبسمت فرحا بذلك بعد أن لم تر ضاحكة و لا متبسمة بعد وفاة أبيها إلى ذلك الحين و بذلك يعرف قدر اهتمامها بهذا الأمر.
    روى الحاكم في المستدرك بسنده عن علي بن الحسين عن ابن عباس قال مرضت فاطمة مرضا شديدا فقالت لأسماء بنت عميس ألا ترين إلى ما بلغت احمل على السرير ظاهرا فقالت أسماء لا لعمري و لكن أصنع لك نعشا كما رأيت يصنع بأرض الحبشة قالت فأرينيه فأرسلت أسماء إلى جرائد رطبة و جعلت على السرير نعشا و هو أول ما كان النعش قالت أسماء فتبسمت فاطمة و ما رأيتها مبتسمة بعد أبيها إلا يومئذ الحديث (و بضدها تتميز الأشياء) .
    (الثالثة) أن لا يشهد أحدا جنازتها ممن كانت غاضبة عليهم و أن لا يترك أن يصلي عليها أحد منهم و أن يدفنها ليلا إذا هدأت العيون و نامت الأبصار و يعفي قبرها.
    »و كان«مما أوصت به عليا عليه‏ السلام أن تحنط بفاضل حنوط رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله و كان أربعين درهما فقسمه رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله أثلاثا ثلثا لنفسه و ثلثا لعلي و ثلثا لفاطمة و أن يغسلها في قميصها و لا يكشفه عنها لأنها كانت قد اغتسلت قبل وفاتر و تنظفت و لبست ثيابها الجدد و من ذلك توهم بعضهم أن المراد أن تدفن بذلك الغسل و هو غير صحيح كما يأتي»و في رواية«أنها أوصت لأزواج النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله لكل واحدة منهن باثنتي عشرة أوقية و الأوقية أربعون درهما و لنساء بني هاشم مثل ذلك و أوصت لأمامة بنتتها زينب بشي‏ء.و روى ابن عبد البر في الإستيعاب أن فاطمة عليها السلام قالت لأسماء بنت عميس إذا أنا مت فاغسليني أنت و علي و لا تدخلي علي أحدا.و روى أبو نعيم في الحلية أنها لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا فاغتسلت و تطهرت و دعت بثياب أكفانها فأتيت بثياب غلاظ خشن فلبستها و مست من الحنوط ثم أمرت عليا أن لا تكشف إذا قبضت و أن تدرج كما هي في ثيابها»اه« و الظاهر أن هذا الغسل الذي اغتسلته عليها السلام كان لأجل التنظيف و التطهر لتغسل بعد وفاتها في ثيابها طاهرة نظيفة و لا تكشف لأنه أبلغ في الستر و أقل كلفة على من يغسلها لا أنه كان غسل الأموات لعدم جواز تقديمه على الموت في مثل المقام و توهم بعضهم أنه غسل الأموات و ليس بصواب فلما توفيت صاح أهل المدينة صيحة واحدة و اجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة تتزعزع من صراخهن و هن يقلن يا سيدتاه يا بنت رسول الله و أقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي عليه‏ السلام و هو جالس و الحسن و الحسين عليهما السلام بين يديه يبكيان فبكى الناس لبكائهما و خرجت أم كلثوم و عليها برقعها تجر ذيلها متجللة برداء و هي تبكي و تقول يا أبتاه يا رسول الله الآن حقا فقدناك فقدا لا لقاء بعده أبدا و جتمع الناس فجلسوا و هم يرجون و ينتظرون أن تخرج الجنازة فيصلوا عليها فخرج أبو ذر و قال انصرفوا فإن ابنة رسول الله قد أخر إخراجها هذه العشية فقام الناس و انصرفوا.

    وفاة السيدة الزهراء عليها السلام
    و في كتاب روضة الواعظين : أن فاطمة عليها السلام لم تزل بعد وفاة أبيها صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله مهمومة مغمومة محزونة مكروبة كئيبة باكية ثم مرضت مرضا شديدا و مكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت عليها السلام فلما نعيت إليها نفسها دعت أم أيمن و أسماء بنت عميس و ت خلف علي فأحضرته فقالت يا ابن عم إنه قد نعيت إلي نفسي و إنني لا أرى ما بي إلا إنني لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة و أنا أوصيك بأشياء في قلبي.قال لها علي عليه‏ السلام أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله فجلس عند رأسها و أخرج من كان في البيت ثم قالت يا ابن عم ما عهتني كاذبة و لا خائنة و لا خالفتك منذ عاشرتني فقال عليه‏ السلام معاذ الله أنت أعلم بالله و أبر و أتقى و أكرم و أشد خوفا من الله من أن أوبخك بمخالفتي و قد عز علي مفارقتك و فقدك إلا أنه أمر لا بد منه و الله لقد جددت علي مصيبة رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله وعظمت وفاتك و فقدك فإنا لله و إنا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها و آلمها و أمضها و أحزنها هذه و الله مصيبة لا عزاء عنها و رزية لا خلف لها ثم بكيا جميعا ساعة و أخذ علي رأسها و ضمها إلى صدره ثم قال أوصيني بما شئت فإنك تجديني وفيا أمضي كل ما أمرتني به و اختار أمرك على أمري قالت جزاك الله عني خير الجزاء يا ابن عم ثم أوصته بما أرادت فقام أمير المؤمنين عليه‏ السلام بجميع ما وصته به فغسلها في قميصها و أعانته على غسلها أسماء بنت عميس . قال ابن عبد البر في الإستيعاب : غسلها علي بن أبي طالب مع أسماء بنت عميس .و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أسماء بنت عميس قالت غسلت أنا و علي فاطمة بنت رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله »اه« و كان علي هو الذي يباشر غسلها و أسماء تعينه على ذلك و بهذا يرتفع استبعاد بعضهم أن تغسلها أسماء مع علي و هي أجنبية عنه لأنها كانت يومئذ زوجة بكر و في بعض الأخبار أنه أمر الحسن و الحسين عليهما السلام يدخلان الماء و لم يحضرها غيره و غير الحسنين و زينب و أم كلثوم و فضة جاريتها و أسماء بنت عميس : قال ابن عبد البر في الإستيعاب : فلما توفيت جاءت عائشة تدخل فقالت أسماء لا تدخلي فشكت إلى أبي بكر فقالت إن هذه الخثعمية تحول بيننا و بين بنت رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله و قد جعلت لها مثل هودج العروس فجاء فوقف على الباب فقال يا أسماء ما حملك على أن منعت أزواج النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله أن يدخلن على بنت رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله و جعلت لها مثل هودج الت أمرتني أن لا يدخل عليها أحد و أريتها هذا الذي صنعت و هي حية فأمرتني أن أصنع ذلك لها قال أبو بكر فاصنعي ما أمرتك ثم انصرف»اه« و كفنها علي عليه‏ السلام في سبعة أثواب و حنطها بفاضل حنوط رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله ثم صلى عليها و كبر خمسا و دفنها في جوليل و عفى قبرها و لم يحضر دفنها و الصلاة عليها إلا علي و الحسنان عليهم‏ السلام و عمار و المقداد و عقيل و الزبير و أبو ذر و سلمان و بريدة و نفر من بني هاشم و خواص علي عليه‏ السلامو اختلف في موضع دفنها فقيل دفنت في بيتها و هو الأصح الذي يقتضيه الاعتبار و قيل دفنت في البقيع و سوى علي عليه‏ السلام حول قبرها قبورا مزورة حتى لا يعرف أحد موضعه.و روى ابن سعد في الطبقات أنه نزل في حفرة فاطمة العباس و علي و الفضل . و روى عدة روايات بعدة أسايد أن عليا عليه‏ السلام هو الذي صلى عليها.و روى ابن سعد أيضا روايات كثيرة بعدة أسانيد عن الزهري أن عليا عليه‏ السلام دفن فاطمة بنت رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله لو بسنده عن جابر عن الباقر عليه‏ السلام قال دفنت فاطمة ليلا. و روى أيضا عدة روايات عن موسى بن علي عن بعض أصحابه و عن عائشة و عن يحيى بن سعيد أن فاطمة دفنت ليلا بسنده عن علي بن الحسين قال سألت ابن عباس متى دفنتم فاطمة فقال دفناها بليل بعد هدأة قلت فمن صلى علها قال علي (و روى) الحاكم بسنده عن عائشة قالت دفنت فاطمة بنت رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله ليلا و لم يشعر بها أبو بكر حتى دفنت و صلى عليها علي بن أبي طالو قال ابن عبد البر في الإستيعاب صلى عليها علي بن أبي طالب و هو الذي غسلها مع أسماء بنت عميس و كانت أشارت عليه أن يدفنها ليلا. و أورد السمهودي في وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى عدة روايات دالة على أنها دفنت ليلا و منها ما حكاه عن البيهقي أنه قال و قد ثبت أن أبا بكر لما يعلم بوفاة فاطمة عليها السلام لما ثبت في الصحيح أن عليا دفنها ليلا و لم يعلم أبا بكر . و عن الطبري في دلائل الإمامة عن محمد بن همام أن عليا عليه‏ السلام دفنها بالروضة و عمى موضع قبرها قال و أصبح البقيع ليلة دفنت و فيه أربعون قبرا جدد.»و روي «أن أمير المؤمنين قام بعد دفنها عليها السلام فحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله ثم قال: السلام عليك يا رسول الله عني و عن ابنتك و زائرتك النازلة في جوارك و البائتة في الثرى ببقعتك و المختار الله لها سرعة اللحاق بك قل يا رسول الله عن صف صبري و رق عنها تجلدي إلا أن في التأسي بعظيم فرقتك و فادح مصيبتك موضع تعز فلقد وسدتك في ملحود قبرك و فاضت بين نحري و صدري نفسك بلى و في كتاب الله لي نعم القبول إنا لله و إنا إليه راجعون قد استرجعت الوديعة و أخذت الرهينة و اختلست الزهراء فما أقبح الخضراء و الغبراء يا رسول الله أما حزني فسرمد و أما ليلي فمسهد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم كمد مقيح و هم مهيج سرعان ما فرق بيننا و إلى الله أشكو و ستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها فاحفها السؤال و استخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا و ستقول و يحكم الله و هو خير الحاكمين و السلام عليكما سلام مودع لا قال و لا سئم فإن انصرف فلا عن ملالة و إن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين واها واها و الصبر أيمن و أجمل و لو لا غلبة المستولين لجعلت المقام و اللبث لزاما معكوفا و لأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية فبعين الله تدفن ابنتك سرا و تهضم حقها و تمنع إرثها و لم يطل العهد و لم يخلق منك الذكر إلى الله يا رسول الله المشتكى و فيك يا رسول الله أحسن العزاء صلى الله عليك و عليك و عليها السلام و الرضوان. و لما دفنها علي عليه‏ السلام قام علىشفير القبر فأنشأ يقول و قال الحاكم في المستدرك لما ماتت فاطمة قال علي بن أبي طالب :
    لكل اجتماع من خليلين فرقة و كل الذي دون الفراق قليل
    ‏و إن افتقادي فاطما بعد أحمد دليل على أن لا يدوم خلي
    لو عن الطبري في دلائل الإمامة عن محمد بن همام أن المسلمين لما علموا وفاتها جاءوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا فأشكل عليهم موضع قبرها من سائر القبور فضج الناس و لام بعضهم بعضا و قالوا لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة تموت و تدفن و لم تحضروا وفاتها و الصلاة عليها و لا تعرفوا قبرها ثم قال ولاة الأمر منهم هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها و نزور قبرها فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه‏ السلام فخرج مغضبا قد احمرت عيناه و درت أوداجه و عليه قباؤه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة و هو تكئ على سيفه ذي الفقار حتى ورد البقيع فسار إلى الناس النذير و قالوا هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف على غابر الآخر فتلقاه بعضهم فقال له ما لك يا أبا الحسن و الله لننبشن قبرها و لنصلين عليها فضرب علي عليه‏ السلام بيده إلى جوامع ثوبه فهزه ثم ضرب به الأرض و قال أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس و أما قبر فاطمة فو الله الذي نفس علي بيده لأن رمت و أصحابك شيئا من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم فإن شئت فأعرض فتلقاه آخر فقال يا أبا الحسن بحق رسول الله و بحق من وق العرش إلا خليت عنه فأنا غير فاعلين شيئا تكرهه فخلى عنه و تفرق الناس و لم يعودوا إلى ذلك.
    ونسألكم الدعاء.

    تعليق


    • #17
      « أربعون حديث نبوي في فضل الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام »

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

      « أربعون حديث نبوي في فضل الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام »
      1 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (إذا كانَ يَوْمُ القيامَةِ نادى مُنادٍ: يا أَهْلَ الجَمْعِ غُضُّوا أَبْصارَكُمْ حَتى تَمُرَّ فاطِمَة) (1)
      2 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة) (2)
      3 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (حَسْبُك مِنْ نساءِ العالَميَن أَرْبَع: مَرْيمَ وَآسيَة وَخَديجَة وَفاطِمَة) (3)
      4 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (يا عَلِي هذا جبريلُ يُخْبِرنِي أَنَّ اللّهَ زَوَّجَك فاطِمَة) (4)
      5 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة) (5)
      6 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (يا عَلِيّ إِنَّ اللّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَكَ فاطِمَة) (6)
      7 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (إِنّ اللّهَ زَوَّجَ عَليّاً مِنْ فاطِمَة) (7)
      8 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (كُلُّ بَنِي أُمّ يَنْتَمونَ إِلى عُصْبَةٍ، إِلاّ وُلدَ فاطِمَة) (8)
      9 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (كُلِّ بَنِي أُنثى عصْبَتُهم لأَبيهِمْ ماخَلا وُلْد فاطِمَة) (9)
      10 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (أَحَبُّ أَهْلِي إِليَّ فاطِمَة) (10)
      11 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (خَيْرُ نِساءِ العالَمين أَرْبَع: مَرْيَم وَآسية وَخَدِيجَة وَفاطِمَة) (11)
      12 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (سيّدَةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنَّةِ فاطِمَة) (12)
      13 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (إذا إشْتَقْتُ إلى ثِمارِ الجنَّةِ قَبَّلتُ فاطِمَة) (13)
      14 - قال رســـول اللّه (صلى الله عليه وآله): (كَمُلَ مِنَ الرِّجال كَثِيرُ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النساءِ إِلاّ أَرْبَع: مَرْيـــم وَآسِيَة وَخَديجـــَة وَفاطِمـــَة) (14)
      15 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ: عَليٌّ وَفاطِمَة) (15)
      16 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (أُنْزِلَتْ آيَةُ التطْهِيرِ فِيْ خَمْسَةٍ فِيَّ، وَفِيْ عَليٍّ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَفاطِمَة) (16)
      17 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (أَفْضَلُ نِساءِ أَهْل الجَنَّةِ: مَرْيَمُ وَآسيةُ وَخَديجَةُ وَفاطِمَة) (17)
      18 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ الجَنَّةَ فاطِمَة) (18)
      19 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (المَهْدِيِ مِنْ عِتْرَتي مِنْ وُلدِ فاطِمَة) (19)
      20 - قال رســـول اللّه (صلى الله عليه وآله): (إنّ اللّهَ عَزَّوَجَلَّ فَطـــَمَ ابْنَتِي فاطِمَـــة وَوُلدَهـــا وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة) (20)
      21 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة أَنْتِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتي لُحُوقاً بِي) (21)
      22 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي، يُريبُنِي ما رابَها، وَيُؤذِيني ما آذاهَا) (22)
      23 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يَسُرُّنِي ما يَسُرُّها) (23)
      24 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة سِيِّدةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنِّة) (24)
      25 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي فَمَنْ أَغْضَبَها أَغْضَبَنِي) (25)
      26 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة خُلِقَتْ حورِيَّةٌ فِيْ صورة إنسيّة) (26)
      27 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة حَوْراءُ آدَميّةَ لَم تَحضْ وَلَمْ تَطْمِث) (27)
      28 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يُؤْذيِني ما آذاها وَيَنَصُبَني ما أنَصَبَها) (28)
      29 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي يُغْضِبُني ما يُغْضِبُها وَيَبْسُطُني ما يَبْسَطُها) (29)
      30 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة أَحَبُّ إِليَّ مِنْكَ يا عَلِيّ وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْها) (30)
      31 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي وَهِيَ قَلْبِيْ وَهِيَ روُحِي التي بَيْنَ جَنْبِيّ) (31)
      32 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة سيِّدَةُ نِساءِ أُمَّتِي) (32)
      33 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة شُجْنَةٌ مِنّي يَبْسُطُنِي ما يَبْسُطُها وَيَقْبِضُنِي ما يَقْبُضُها) (33)
      34 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يُؤلِمُها ما يُؤْلِمُنِي وَيَسَرُّنِي ما يَسُرُّها) (34)
      35 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي مَنْ آْذاهَا فَقَدْ آذانِي) (35)
      36 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَهْجَةُ قَلْبِي وَابْناها ثَمْرَةُ فُؤادِي) (36)
      37 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة لَيْسَتْ كَنِساءِ الآدَميّين) (37)
      38 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة مُضْغَةٌ مِنّي يَقْبِضُني ما قَبَضَها وَيَبْسُطُني ما بَسَطَها) (38)
      39 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة إِنّ اللّهَ يَغْضِبُ لِغَضَبَكِ) (39)
      40 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة إِنّ اللّهَ غَيْرُ مُعَذِّبِكِ وَلا أَحَدٍ مِنْ وُلْدِكِ) (40)
      ====
      المصادر والأدلة:
      1 - كنز العمّال ج 13 ص 91 و 93/ منتخب كنز العمّال بهامش المسند ج 5 ص 96/ الصواعق المحرقة ص 190/ أسد الغابة ج 5 ص 523/ تذكرة الخواص ص 279/ ذخائر العقبى ص 48/ مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 356/ نور الأبصار ص 51 و 52/ ينابيع المودّة ج 2 باب 56 ص 136.
      2 - منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97/ نور الأبصار ص 51/ مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 360.
      3 - مستدرك الصحيحين ج 3 باب مناقب فاطِمَة ص 171/ سير أعلام النبلاء ج 2 ص 126/ البداية والنهاية ج 2 ص 59/ مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 363.
      4 - مناقب الإمام علي من الرياض النضرة: ص 141.
      5 - مناقب الإمام علي لابن المغازلي: ص 342.
      6 - الصواعق المحرقة باب 11 ص 142/ ذخائر العقبى ص 30 و 31/ تذكرة الخواص ص 276/ مناقب الإمام علي من الرياض النضرة ص141/ نور الأبصار ص53.
      7 - الصواعق المحرقة ص 173.
      8 - الصواعق المحرقة ص 156 و 187/ قريب من لفظه في مستدرك الصحيحين ج 3 ص 179/ كنز العمّال ج13 ص101/إسعاف الراغبين بذيل نور الأبصار ص 144.
      9 - كنز العمّال ج 13ص 101/الصواعق المحرقة ص 187 و 188/ إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص144.
      10 - الجامع الصغير ج 1 ح 203 ص 37/ الصواعق المحرقة ص 191/ ينابيع المودّة ج 2 باب 59 ص 479/ كنز العمّال ج 13 ص93.
      11 - الجامع الصغير ج 1 ح 4112 ص 469/ الإصابة في تمييز الصحابة ج 4 ص 378/ البداية والنهاية ج 2 ص 60/ ذخائر العقبى ص 44.
      12 - كنز العمّال ج13 ص94/ صحيح البخاري، كتاب الفضائل، باب مناقب فاطمة/ البداية والنهاية ج 2 ص61.
      13 - نور الأبصار ص 51.
      14 - نور الأبصار ص 51.
      15 - نور الأبصار ص 52/ قريب من لفظه في كنز العمّال ج 13 ص 95.
      16 - إسعاف الراغبين ص 116/ صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة.
      17 - سير أعلام النبلاء: ج 2 ص 126/ذخائر العقبى: ص 44.
      18 - ينابيع المودّة ج2 ص322 باب56.
      19 - الصواعق المحرقة ص237.
      20 - كنز العمال ج6 ص219.
      21 - حلية الأولياء ج 2 ص 40/ صحيح البخاري كتاب الفضائل/كنز العمّال ج 13 ص 93/ منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97.
      22 - صحيح مسلم ج 5 ص 54/ خصائص الإمام علي للنسائي ص 121 و 122/ مصابيح السنّة ج 4 ص 185/ الإصابة ج 4 ص 378/ سير أعلام النبلاء ج 2 ص 119/ كنز العمّال ج 13 ص 97/ وقريب من لفظه في سنن الترمذي ج 3 باب فضل فاطِمَة ص 241/ حلية الأولياء ج 2 ص 40/ منتخب كنز العمّال بهامش المسند ج 5 ص 96/ معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق على من عداهم ص 58/ ذخائر العقبى ص 38/ تذكرة الخواص ص 279/ ينابيع المودّة ج 2 باب 59 ص 478.
      23 - الصواعق المحرقة ص 180 و 232/ مستدرك الحاكم / معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق على من عداهم ص 73/ ينابيع المودّة ج 2 باب 59 ص 468.
      24 - صحيح البخاري ج 3 كتاب الفضائل باب مناقب فاطِمَة ص 1374/ مستدرك الصحيحين ج 3 باب مناقب فاطِمَة ص 164/ سنن الترمذي ج 3 ص 226/ كنز العمّال ج 13 ص 93/ منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97/ الجامع الصغير ج 2 ص 654 ح 5760/ سير أعلام النبلاء ج 2 ص 123/ الصواعق المحرقة ص 187 و 191/ خصائص الإمام عليّ للنسائي ص 118/ ينابيع المودّة ج 2 ص 79/ الجوهرة في نسب عليّ وآله ص 17/ البداية والنهاية ج 2 ص 60.
      25 - صحيح البخاري ج 3 كتاب الفضائل باب مناقب فاطِمَة ص 1374/ خصائص الإمام عليّ للنسائي ص 122/ الجامع الصغير ج 2 ص 653 ح 5858/ كنز العمّال ج 3 ص 93 ـ 97/ منتخب بهامش المسند ج 5 ص 96/ مصابيح السنّة ج 4 ص 185/ إسعاف الراغبين ص 188/ ذخائر العقبى ص 37/ ينابيع المودّة ج 2 ص 52 ـ 79.
      26 - مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 296.
      27 - الصواعق المحرقة ص 160/ إسعاف الراغبين ص 188/ كنز العمّال ج 13 ص 94/ منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97.
      28 - مستدرك الصحيحين ج 3 ص 173/ سنن الترمذي ج 3 باب فضل فاطِمَة ص240/ كنز العمّال ج 13 ص 93/ منتخب كنز العمّال بهامش المسند ج 5 ص 96/ الصواعق المحرقة الفصل الثالث ص 190.
      29 - الصواعق المحرقة ص 188/ قريب من لفظه في مستدرك الصحيحين ج 3 ص 172/ الجامع الصغير ج 2 ص 653 ح 5859.
      30 - مجمع الزوائد ج 9 ص 202/ الجامع الصغير ج 2 ص 654 ح 5761/ منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97/ أسد الغابة ج 5 ص 522/ ينابيع المودّة ج 2 باب 56 ص 79/ الصواعق المحرقة الفصل الثالث ص 191.
      31 - نور الأبصار ص 52.
      32 - سير أعلام النبلاء ج 2 ص 127/صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب فاطمة/مجمع الزوائد ج 2 ص 201/إسعاف الراغبين ص 187.
      33 - مستدرك الصحيحين ج 3 باب مناقب فاطِمَة ص 168/ كنز العمّال ج 13 ص 96/ منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97/ سير أعلام النبلاء ج 2 ص 132.
      34 - مناقب الخوارزمي ص 353.
      35 - السنن الكبرى ج 10 باب من قال: لا تجوز شهادة الوالد لولده ص 201/ كنز العمّال ج 13 ص 96/نور الأبصار ص52/ ينابيع المودّة ج 2 ص 322.
      36 - ينابيع الموّدة ج 1 باب 15 ص 243.
      37 - مجمع الزوائد ج 9 ص 202.
      38 - السنن الكبرى ج 7 ص 64باب الأنساب كلها منقطعة يوم القيامة / منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج5 ص96.
      39 - الصواعق المحرقة ص 175/ مستدرك الحاكم، باب مناقب فاطمة / مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 351.
      40 - كنز العمّال ج13 ص96/ منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد ج5 ص97/ إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص118.
      ونسألكم الدعاء...~

      تعليق


      • #18
        الخطبة الفدكية لفاطمة الزهراء سلام الله عليها

        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

        الخطبة الفدكية لفاطمة الزهراء سلام الله عليها
        روى عبد الله بن الحسن عليه السلام بإسناده عن آبائه عليهم السلام أنه لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة عليها السلام فدك، وبلغها ذلك، لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدته ونساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملاءة، فجلست، ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء. فارتجّ المجلس. ثم أمهلت هنيةً حتى إذا سكن نشيج القوم، وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله، فعاد القوم في بكائهم، فلما أمسكوا عادت في كلامها، فقالت عليها السلام: الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدّم، من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن والاها، جم عن الإحصاء عددها، ونأى عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها، وثنّى بالندب إلى أمثالها. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها، وضمّن القلوب موصولها، وأنار في الفكر معقولها، الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته. ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها، كوّنها بقدرته، وذرأها بمشيته، من غير حاجة منه إلى تكوينها، ولا فائدة له في تصويرها إلا تثبيتاً لحكمته، وتنبيهاً على طاعته، وإظهاراً لقدرته، وتعبّداً لبريته، وإعزازاً لدعوته، ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادةً لعباده عن نقمته، وحياشة منه إلى جنته، وأشهد أن أبي محمد صلى الله عليه وآله عبده ورسوله، اختاره وانتجبه قبل أن أرسله، وسماه قبل أن اجتبله، واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذ الخلائق بالغيب مكنونة، وبستر الأهاويل مصونة، وبنهاية العدم مقرونة، علماً من الله تعالى بمآيل الأمور، وإحاطة بحوادث الدهور، ومعرفة بمواقع المقدور ابتعثه الله تعالى إتماماً لأمره، وعزيمة على إمضاء حكمه، وإنقاذاً لمقادير حتمه. فرأى الأمم فرقاً في أديانها، عكفاً على نيرانها، عابدة لأوثانها، منكرة لله مع عرفانه، فأنار الله محمدٍ صلى الله عليه وآله ظلمها، وكشف عن القلوب بهمها، وجلى عن الأبصار غممها، وقام في الناس بالهداية، وأنقذهم من الغواية، وبصرهم من العماية، وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم. ثم قبضه الله إليه رأفة واختيار، ورغبة وإيثار بمحمدٍ صلى الله عليه وآله عن تعب هذه الدار في راحة، قد حُفّ بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي نبيه وأمينه على الوحي، وصفيه وخيرته من الخلق ورضيّه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته. ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت: أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه وحملة دينه ووحــــيه، وأمناء الله على أنفسكم، وبــــلغاؤه إلى الأمم، وزعمتم حــــق لكم لله فيكم، عهد قدّمه إليكم، وبقية استخلفها عليكمن كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بيّنة بصائره، منكشفة سرائره، متجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه، قائد إلى الرضوان اتّباعه، مؤدٍ إلى النجاة إسماعه، به تُنال حجج الله المنورة، وعزائمه المفسرة، ومحارمه المحذّرة، وبيّناته الجالية، وبراهينه الكافية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة، وشرائعه المكتوبة. فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر، والزكاة تزكية للنفس ونماءً في الرزق، والصيام تثبيتاً للإخلاص، والحج تشييداً للدين، والعدل تنسيقاً للقلوب، وطاعتنا نظاماً للملة، وإمامتنا أماناً من الفرقة، والجهاد عزاً للإسلام، والصبر معونة على استيجاب الأجر، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، وبر الوالدين وقاية من السخط، وصلة الأرحام منسأة في العمر ومنماة للعدد، والقصاص حقناً للدماء، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة، وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس، واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة، وترك السرقة إيجاباً للعفة، وحرم الله الشرك إخلاصاً له بالربوبية، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.(1) وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، فإنه, { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }.(2) ثم قالت: أيها الناس اعلموا أني فاطمة، وأبي محمد صلى الله عليه وآله، أقول عوداً وبدءاً، ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً,{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}. (3) ، فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزيّ إليه صلى الله عليه وآله. فبلغ الرسالة صادعاً بالنذارة، مائلاً عن مدرجة المشركين، ضارباً ثبجهم، آخذاً بأكظامهم، داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، يكسر الأصنام، وينكت الهام، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر، حتى تفرّى الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقائق الشياطين، وطاح وشيظ النفاق، وانحلت عقد الكفر والشقاق، وفُهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص، وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون الورق، أذله خاسئين، { تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ َ}. (4) فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد صلى الله عليه وآله بعد اللتيا والتي، وبعد أن مني ببُهم الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب، { كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ }. (5) ، أو نجم قرن للشيطان، وفغرت فاغرة من المشركين قذف أخاه في لهواتها، فــــلا ينكفئ حتى يطأ صــــماخها بأخمصه، ويُخمد لهبها بسيفه،مكدوداً في ذات الله، ومجتهداً في أمر الله، قريباً من رسول الله سيداً في أولياء الله، مشمراً ناصحاً، مجداً كادحاً، وأنتم في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون، تتربصون بنا الدوائر، وتتوكّفون الأخبار، وتنكصون عند النزال، وتفرون عند القتال. فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسيكة النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه، هاتفاً بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللغرة فيه ملاحظين. ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً وأحمشكم فألفاكم غضابا، فوسمكم غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة، { أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}. (6) هيهات منكم!وكيف بكم؟ وأنّى تؤفكون؟ وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره لائحة، وأوامره واضحة، قد خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون، أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلاً ، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ}. (7) ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها، ويسلس قيادها ثم أخذتم تورون وقدتها، وتهيجون جمرتها، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي، وإطفاء أنوار الدين الجلي، وإهماد سنن النبي الصفي، تُسرّون حسواً في ارتغاءٍ، وتمشون لأهله وولده في الخَمَر والضراء، ونصبر منكم على مثل حز المدى، ووخز السنان في الحشا، وأنتم تزعمون ألا إرث لنا، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}. (8) أفلا تعلمون؟ بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته. أيها المسلمون أأُغلب علـــى إرثيه يا ابن أبـــي قحافة‍ أفي كـــتاب الله أن ترث أبـــــاك، ولا أرث أبي؟ { لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا}.(9) ، أفعلى عمدٍ تركتم كتاب الله، ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ }. (10) ؟! وقال فيما اقتص من خبر يحيي بن زكريا عليهما السلام إذ قال : { فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا, يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}. (11) ، وقال: { وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ }.(12) ، وقال: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ }. (13) ، وقال: { إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}. (14) ، وزعمتم ألا حظوة لي، ولا إرث من أبي لا رحم بيننا‍! أفخصّكم الله بآية أخرج منها أبي؟! أم هل تقولون: أهل ملتين لا يتوارثان؟! أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟‍! أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟! فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم إذ تندمون، { لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.(15) , { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ}. (16) ثم رمت بطرفهانحو الأنصار فقالت: يا معاشر الفتية، وأعضاد الملة وأنصار الإسلام ما هذه الغميزة في حقي؟ والسّنة عن ظلامتي أما كان رسول الله صلى الله عليه وآله أبي يقول: المرء يُحفظ في ولده ؟ سرعان ما أحدثتم، وعجلان ذا إهالة، ولكم طاقة بما أحاول، وقوة على ما أطلب وأزاول أتقولون مات محمد صلى الله عليه وآله؟‍ فخطب جليل استوسع وهيه، واستنهر فتقه، وانفتق رتقه، وأظلمت الأرض لغيبته، وكسفت الشمس والقمر، واندثرت النجوم لمصيبته، وأكدت الآمال ،وخشعت الجبال، وأُضيع الحريم وأزيلت الحرمة عند مماته فتلك والله النازلة الكبرى والمصيبة العظمى، لا مثلها نازلة ولا بائقة عاجلة أعلن بها كتاب الله جل ثناؤه في أفنيتكم في ممساكم ومصبحكم هتافاً وصراخاً وتلاوة وإلحاناً، ولقبله ما حل بأنبياء الله ورسله، حكم فصل وقضاء حتم, {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}. (17) أيهاً بني قيلة! أأُهضم تراث أبِيَه،وأنتم بمرأى مني ومسمع، ومنتدى ومجمع؟! تلبسكم الدعوة، وتشملكم الخبرة وأنتم ذوو العدد والعدة، والأداة والقوة، وعندكم السلاح والجنة، توافيكم الدعوة فلا تجيبون، وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون، وأنتم موصوفون بالكفاح، معروفون بالخير والصلاح، والنجبة التي انتجبت، والخيرة التي اختيرت! قاتلتم العرب، وتحملتم الكد والتعب، وناطحتم الأمم، وكافحتم البهم، فلا نبرح أو تبرحون، نأمركم فتأتمرون، حتى اذا دارت بنا رحى الإسلام ودرّ حلب الأيام، وخضعت ثغرة الشرك، وسكنت فورة الإفك، وخمدت نيران الكفر، وهدأت دعوة الهرج، واستوسق نظام الدين، فأنّى حرتم بعد البيان، وأسررتم بعد الإعلام، ونكصتم بعد الإقدام، وأشركتم بعد الإيمان؟ {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}. (18) ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض، وخلوتم بالدعة، ونجوتم من الضيق بالسعة، فمججتم ما وعيتم، ودسعتم الذي تسوغتم، { إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ}. (19) ألا وقد قلت ما قلت على معرفة مني الخذلـــــة التي خامرتكم، والغدرة الــــتي ستشعرتــــها قلوبكم ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وخور القنا، وبثة الصدور، وتقدمة الحجة. فدونكموها فاحتقبوها، دبرة الظهر ،نقبة الخف، باقية العار، موسومة بغضب الله وشنار الأبد، موصولة ب{نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ , الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ }.(20) فبعين الله ما تفعلون, { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}. (21) ، وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ، { اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ, وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ}. (22) فأجابها أبو بكر عبد الله بن عثمان، فقال: يا ابنة رسول الله، لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفاً كريماً، ورؤوفاً رحيماً، وعلى الكافرين عذاباً أليماً وعقاباً عظيماً، فإن عزوناه وجدناه أباك دون النساء، وأخاً لبعلك دون الإخلاء، آثره على كل حميم، وساعده في كل أمر جسيم، لا يحبكم إلا كل سعيد، ولا يبغضكم إلا كل شقي، فأنتم عترة رسول الله صلى الله عليه وآله الطيبون، والخيرة المنتجبون، على الخير أدلتنا، وإلى الجنة مسالكنا، وأنت يا خيرة النساء وابنة خير الأنبياء صادقة في قولك، سابقة في وفور عقلك، غير مردودة عن حقك، ولا مصدودة عن صدقك، ووالله، ما عدوت رأي رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا علمت إلا بإذنه، وإن الرائد لا يكذب أهله وأني اُشهد الله وكفى بالله شهيدا؛ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً ولا فضة ولا داراً ولا عقاراً، وإنما نورث الكتب والحكمة، والعلم والنبوة، وما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه . وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح يقابل به المسلمون، ويجاهدون الكفار، ويجالدون المردة ثم الفجار. وذلك بإجماع من المسلمين لم أتفرد به وحدي، ولم أستبد بما كان الرأي فيه عندي. وهذه حالي، ومالي هي لك وبين يديك، لا نزوي عنك ولا ندخر دونك، وأنت سيدة أمة أبيك، والشجرة الطيبة لبنيك، لا يدفع ما لك من فضلك، ولا يوضع من فرعك وأصلك حكمك نافذ فيما ملكت يداي، فهل ترين أن أخالف في ذلك أباك صلى الله عليه وآله؟! فقالت عليها السلام: سبحان الله! ما كان رسول الله صلى الله عليه وأله عن كتاب الله صارفاً ولا لأحكامه مخالفاً، بل كان يتبع أثره، ويقفو سوره، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور؟! وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته هذا كتاب الله حكماً عدلاً، وناطقاً فصلاً، يقول: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ }. (23) {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ }.(24) فبّين عز وجل فيما وزّع عليه من الأقساط، وشرع من الفرائض والميراث، وأباح من حظ الذكران والإناث ما أزاح علة المبطلين وأزال التظني والشبهات في الغابرين، كلا! {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}.(25)
        فقال أبو بكر: صدق الله ورسوله، وصدقت ابنته، أنت معدن الحكمة، وموطن الهدى
        والرحمة، وركن الدين وعين الحجة، لا أبعد صوابك، ولا أنكر خطابك ،هؤلاء المسلمون بيني وبينك، قلدوني ما تقلدت، وباتفاق منهم أخذت ما أخذت غير مكابر ولا مستبد ولا مستأثر ،وهم بذلك شهود.
        فالتفتت فاطمة عليها السلام وقالت: معاشر الناس المسرعة إلى قيل الباطل، المغضية على الفعل القبيح الخاسر, {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}. (26) ، كلا بل ران على قلوبكمما أسأتم من أعمالكم، فأخذ بسمعكم وأبصاركم، ولبئس ما تأولتم، وساء ما به أشرتم، وشر ما منه اعتضتم، لتجدن ـ والله ـ محمله ثقيلاً،وغبّه وبيلاًإذا كشف لكم الغطاء، وبان ما وراءه الضراء، { وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}.(27) , { وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ}. (28). ثم عطفت على قبر النبي صلى الله عليه وآله وقالت:
        قد كان بعدك أنباء وهـنبثة لو كنت شاهدها لم تكبرالخطب
        إنا فقدناك فقد الأرض وابله واختل قومك فاشهدهم وقد نكبوا
        وكل أهل له قربى ومنزلـة عند الإله علىالأدنــين مقتـرب
        أبدت رجال لـنا نجــوى لما مضيت وحالت دونك التـرب
        تجهمتنا رجالٌ واستخف بنـا لما فقـدت وكل الأرض مغتصب
        وكنت بدراً ونوراً يستضاء به عليك تنزل من ذي العزة الكتب
        و كان جبريل بالآيات يؤنسنا فقد فقدت فكل الخير محتجب
        فليت قـبـلك كان المـوت لما مضيت وحالت دونك الكثب
        إنا رزينا بما لم يرز ذو شجن مـن البرية لا عجم ولا عرب
        ثم انكفأت عليها السلام وأمير المؤمنين عليه السلام يتوقع رجوعها إليه، ويتطلع طلوعها عليه. فلما استقرت بها الدار قالت لأمير المؤمنين عليه السلام: يا ابن أبي طالب! اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين! نقضت قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزلهذا ابن أبي قحافة، يبتزني نحيلة أبي وبلغة ابني، لقد أجهر في خصامي، وألفيته ألد في كلامي، حتى حسبتنـــي قيلة نصرهــــا، والمهاجــــرة وصلهـــــــا، وغضت الجماعة دوني طرفها، فلا دافع ولا مانع، خرجت كاظمة، وعدت راغمة، أضرعت خدك يوم أضعت حدك، افترست الذئاب، وافترشت التراب، ما كففت قائلاً، ولا أغنيت باطلاً ولا خيار لي. ليتني مت من قبل هنيئتي،ودون ذلتي. عذيري الله منك عاديـــاً ،ومنـــــك حاميــــاً. ويــــلاي !من كل شارق، مات العمد، ووهت العضد، شكواي إلى أبي، وعدواي إلى ربي،اللهم أنت أشد قوة وحولاً، وأحد بأسا ًوتنكيلاً.
        فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا ويل عليك، الويل لشانئك، نهنهي عن وجدك يا ابنة الصفوة، وبقية النبوة، فما ونيت عن ديني، ولا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البلغة، فرزقك مضمون، وكفيلك مأمون، وما اُعد لك أفضل مما قطع عنك، فاحتسبي الله. فقالت: حسبي الله، وأمسكت.
        ====

        المصادر:
        1 - آل عمران: 102.
        2 – فاطر: 28.
        3 – التوبة: 128.
        4 – الأنفال: 26.
        5 – المائدة: 64.
        6 – التوبة: 49.
        7 - آل عمران: 85.
        8 – المائدة: 50 .
        9 – مريم: 27.
        10 – النمل: 16.
        11 – مريم: 5و6.
        12 – الأحزاب: 6.
        13 – النساء: 11.
        14 – البقرة: 180 .
        15 – الأنعام: 67.
        16 – هود: 39.
        17 - آل عمران: 144.
        18 – التوبة: 13.
        19 - إبراهيم: 8.
        20 - الهمزة: 6 و7.
        21 - الشعراء: 227.
        22 - هود: 121 و122.
        23 - مريم: 6.
        24 - النمل: 16.
        25 - يوسف: 18.
        26 - محمد: 24.
        27 - الزمر: 47.
        28 - غافر: 78 .

        ونسألكم الدعاء.

        تعليق


        • #19
          قد بينا سابقاًُ وفي أكثر من موضوع أن كل هذه الروايات لا تصح سنداً.

          تعليق


          • #20
            المشاركة الأصلية بواسطة كرار أحمد
            قد بينا سابقاًُ وفي أكثر من موضوع أن كل هذه الروايات لا تصح سنداً.

            يا ابو هريرة قد أثبتنا أن ثلاثة روايات صحيحة السند فلا تدلس

            تعليق


            • #21
              الزهراء التي.. نطهر بولايتها!

              بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

              الزهراء التي.. نطهر بولايتها!
              يسطع نور مولاتنا الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها) ويشع متلألئا بين أنوار المعصومين الأربعة عشر (عليهم الصلاة والسلام) بشكل فريد ومميز واستثنائي. فمع كامل الإيمان بأنهم جميعا نور واحد كما دلّت عليه الأخبار المتضافرة؛ إلا أنه تبقى للزهراء (سلام الله عليها) مزايا وخصائص ليست لسائر المعصومين (سلام الله عليهم)، تلك المزايا والخصائص التي كلما غاص فيها اللبيب باحثا ومتفكرا؛ كلما وجد نفسه يغوص في بحر الحيرة والتعجب!
              وكيف ينقضي تعجبنا وتتبدد حيرتنا إذا كان ذلك المقام الشامخ العظيم أكبر حتى من مستوى إدراك الأنبياء والملائكة (عليهم السلام) وسائر المعصومين ما خلا رسول الله وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهم)؟! وكيف نتوقع لعقولنا أن تستوعب أو تدرك أو تحيط بتلك الهالة النورانية المصطفاة التي تدور الأكوان والخلائق على محورها؟!
              يمكننا أن نتحدث عمن نشاء من الأئمة والأنبياء (عليهم السلام) وما من شك أن كلامنا يظل قاصرا، ولكن هذا القصور يتضاعف تضاعفا هائلا بمجرد أن يصل حديثنا إلى الزهراء البتول (صلوات الله عليها)، فنجد أن العقل يكاد أن يتوقف معلنا عجزه عن تفسير خصائص هذا المقام العظيم للزهراء صلوات الله عليها، لأن ما ورد فيها لم يرد في غيرها. وعلى هذا فكل ما بيدنا أن نفعله هو أن نحاول الاقتراب قدر الإمكان من فهم عظمتها (صلوات الله عليها) مع إقرارنا المسبق بأن عقولنا قاصرة وأفهامنا ناقصة.
              كمثال على ذلك:
              إذا تفحصنا المأثور من زيارات المعصومين الأطهار (عليهم الصلاة والسلام) وجدناها متقاربة النسق، متشابهة الألفاظ، فتبدأ الزيارة بالسلام عادة، أو بالصلاة، كأن يقال: ”السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله..“ أو ”السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته على عباده..“ أو ”السلام من الله على محمد رسول الله أمين الله على وحيه ورسالاته..“ أو ”سلام الله وسلام ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين وعباده الصالحين (...) عليك يابن أمير المؤمنين..“ إلى آخرها من عبارات الزيارات المختلفة للمعصومين الأربعة عشر عليهم السلام، وأقربائهم وأوليائهم وأصحابهم.
              ولا تكاد تجد زيارة لا تبدأ بالصلاة والسلام، ويرد فيها كثيرا ذكر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ”أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر..“ كما كثيرا ما يرد اللعن لأعداء الدين وأعدائهم ”لعن الله من قتلك..“ أو ”اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد..“ وما شابه ذلك.
              ثم نرى الزيارات تأتي على نسق متقارب، فتتدرج بالقارئ لتصف أن هذا الإمام أو الولي المزور (عليه السلام) يرث الأنبياء والمرسلين ومن سبقه من الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وأنه قد جاهد في سبيل الله ودعا إليه بالحكمة والموعظة الحسنة. وتأتي الزيارة على ذكر حياته وما عاناه فيها من المحن وصبره عليها، ”السلام عليك يا باب الله، أشهد أنك (...) تلوت الكتاب حق تلاوته وجاهدت في الله حق جهاده وصبرت على الأذى في جنبه محتسبا وعبدته مخلصا حتى أتاك اليقين..“.
              هكذا هي زيارات أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، تأتي على لحن واحد، ونمط متشابه، تجعل الزائر يعيش في أجواء الإمام المزور (عليه السلام) إلى أبعد حد، فيلقّن نفسه بفضائله ومناقبه، ويردّد على لسانه ما تعرّض له من الجور، ويتبرأ من قاتليه ومناوئيه. وما جعل الأئمة (صلوات الله عليهم) الزيارات على هذا النحو إلا حتى تؤثر تأثيرا تربويا على النفوس ليشحنها بالمفاهيم العقائدية والولائية والإيمانية.
              أما عندما يأتي دور فاطمة (أرواحنا فداها) فنجد الأمر مختلفا بكل المقاييس! فوحدها الزهراء (سلام الله عليها) تأتي زيارتها على نمط خاص، ونسق عجيب، وعبارات وألفاظ استثنائية، وإيقاع غريب لا يشابه أيا من زيارات المعصومين الأخرى.
              لحن لا مثيل له، وإيقاع يحار فيه كل من يقرأه ويتدبّر فيه، يجعلك تهيم في بحر من التموّجات الروحية المتمازجة، ويأخذك بعيدا في عالم الغيب والماورائيات، ويزخّ في نفسك زخّات من آفاق الملكوت الإلهي.. كل هذا في كلمات لا تتعدى ثلاثة أسطر! فلعلها من أخصر الزيارات المروية، ومع ذلك فإنها تنطوي على أسرار ومعاني عميقة هائلة، ربما يحتاج المرء لأن يصرف عمره كله في محاولة فهمها وتفسيرها.. ومع هذا فلن يصل إلى غايته!
              هذه الزيارة يرويها الشيخ الطوسي (قدس سره) في التهذيب عن الإمام محمد الجواد (صلوات الله وسلامه عليه) (*)، وهذا نصها:
              ”عن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن محمد العريضي قال: حدثني أبو جعفر (عليه السلام) ذات يوم، قال: إذا صرت إلى قبر جدتك فقل: يا ممتحنَة! امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك، فوجدك لما امتحنك به صابرة، وزعمنا أنّا لك أولياء ومصدّقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك صلى الله عليه وآله وأتانا به وصيه عليه السلام، فإنّا نسألك إن كنا صدّقناك إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما لنبشر أنفسنا بأنا قد طَهُرنا بولايتك“! (التهذيب ج6 ص10).
              الله أكبر!
              هلاّ استطاع أحد أن يفسّر لنا هذه الكلمات العظيمة بشكل تام؟ وهل بمقدور أحد أن يدّعي معرفته بالمعاني والمقاصد التي انطوت عليه هذه الكلمات النورانية؟ بالطبع لا أحد يستطيع.. فكل ما باليد ليس سوى أن نحاول الالتفات إلى بعض المعاني على وجه الملاحظة.
              أول ما نلاحظه في هذه الزيارة أنها جاءت بشكل مختلف كليا عن مجمل زيارات المعصومين الأخرى، إلى درجة أنها لم تبدأ حتى بالسلام، ولم يرد ذكر السلام فيها إطلاقا! وأول كلمة نجدها تفاجئنا في النص هي: ”يا ممتحنَة..“!
              إنه خطاب ذو لهجة مغايرة لا يترك لك مجالا إلا أن تهتز من الأعماق! وبعبارة أخرى؛ فإنك في سائر زيارات المعصومين (عليهم السلام) تجد نفسك ساكنة هادئة إلى مستوى معقول، لأن طبيعة الخطاب الذي توجهه لإمامك يساعد على ذلك. فعلى سبيل المثال: معظم بل كل زيارات المعصومين يتكرر فيها إلقاء السلام خصوصا في العبارات الأولى ”السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله.. السلام عليك يا وارث نوح نبي الله.. السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله..“.
              هذا التكرار يساعد على تحقيق مستوى من الاستقرار النفسي، أما في زيارة الزهراء (صلوات الله عليها) فإن نفسك لا تكون مستقرة! بل تشعر بهزات من الأعماق، لأنك أول ما تبدأ به في خطابك تجاه مولاتك هو قولك لها: ”يا ممتحنَة..“! وهنا يزلزلك الخطاب ويوقد فيك نار الاضطراب! فيستثير فيك عظمة الامتحان الذي تعرّضت له الزهراء (صلوات الله عليها) حتى طغى ذلك على صفتها، لتكون أول كلمة توجهها لها: ”يا ممتحنَة..“ فورا ومن دون أية مقدّمات!
              ولن تترك لك تتمة العبارة الأولى مجالا للهدوء! لأنك إذا جعلت تفسيرك الذهني لتلك الكلمة أنها تعرّضت لتلك البلايا والمصائب في دار الدنيا وكان ذلك امتحانا واختبارا إلهيا لها؛ فإنك بمجرد أن تواصل الخطاب فسيتلاشى عندك هذا التفسير وتراه أصغر من أن تقتنع به! لأنك ستقول: ”يا ممتحنة! امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك..“!!
              فأين سيطوف بك خيالك لتفسير هذه العبارة؟ وأين يسعك أن تعثر على إجابة وافية لها؟
              كيف يمتحنها الله قبل أن يخلقها؟ هل كان ذلك في عالم الأنوار مثلا عندما خلق الله أهل البيت ولا أحد سواهم بعد؟ أم في عالم الذر حيث أشهد الله تعالى بني آدم على أنفسهم قائلا: ”ألست بربكم قالوا بلى..“؟ أم في أي عالم؟!
              وما هي طبيعة الامتحان الذي امتحنها به الله تعالى قبل أن يخلقها؟! هل أن مصائب الزهراء (صلوات الله عليها) في دار الدنيا وما تعرّضت له من الجور على يدي أهل السقيفة ليس هو الاختبار الوحيد وهنالك اختبارات قبله.. وربما بعده؟!
              أم هل نفسّر النص على أن معنى الامتحان الإلهي – قبل الخلقة – إنما يعني أن الله تعالى بعلمه الإحاطي المسبق علم أن الزهراء ستنجح في الامتحان الذي سيعرّضها إليه، فجاء النص على هذا النحو؟
              يمضي بك النص لتزداد عندك التساؤلات وليدور فكرك في دائرة الحيرة، وفي غمرة هذه التساؤلات تنقدح في ذهنك شرارة تساؤل صعب كبير: مهلا! كيف يكون امتحان في غير دار الدنيا أصلا؟! أليست الدنيا دار الامتحان فقط؟! هل أن الزهراء تعرّضت لامتحان استثنائي قبل ذلك.. امتحان من نوع خاص؟!
              ينبئك النص بأن الله تعالى وجد الزهراء صابرة لما امتحنها به قبل أن يخلقها! فلا تجد نفسك إلا عاجزا عن التفسير وإيجاد المعنى الحقيقي لما تقوله بنفسك أثناء زيارتها!
              ولا تكاد تضرب صفحا عن هذه التساؤلات؛ حتى تصعقك كلمة ”وزعمنا أنّا لك أولياء..“!! فتقول في قرارة نفسك: ما معنى هذا؟ هل أن موالاتنا للزهراء (صلوات الله عليها) مجرد زعم؟!
              حسب اللغة؛ فإن الزعم هو الادعاء المحتاج إلى دليل للإثبات، فالأصل فيه الكذب إلا أن يثبت الصدق بدليل. إذا عرفنا ذلك؛ أدركنا مدى خطورة هذه الكلمة وهذه العبارة ”وزعمنا أنّا لك أولياء..“، فالحقيقة هي أننا نزعم أننا موالون للزهراء (صلوات الله عليها) ولكن إثبات أننا مخلصون في موالاتنا يبدو صعبا على نفوس ملوثة بالذنوب مثل نفوسنا!
              ولننتبه إلى ما عبّرت عنه الزهراء (أرواحنا فداها) بنفسها في هذا الشأن، فقد رُوي أن رجلا أرسل امرأته إلى فاطمة (عليها السلام) وقال لها: اذهبي إلى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاسأليها عني؛ أني من شيعتكم أم ليس من شيعتكم؟ فسألتها فقالت: ”قولي له: إن كنت تعمل بما أمرناك، وتنتهي عما زجرناك عنه، فأنت من شيعتنا، وإلا فلا“! (البحار ج65 ص155).
              وبملاحظة هذا المعنى، يمكن أن نعرف ما ينتابنا عندما نتوجه إلى الزهراء (عليها السلام) بالزيارة ونقرأ هذه العبارة: ”وزعمنا أنّا لك أولياء..“، فإنها حقا صعقة كبرى نوجهها لأنفسنا بأنفسنا! فنعترف بأننا نزعم الموالاة والتشيع – تلك الدرجة العالية الرفيعة – في الحين الذي لا نزال فيه نرتكب الخطايا والذنوب التي تنزع عنا هذه الصفة الجليلة.
              ولا نعترف بذلك، ولا نوجه هذه الصعقة لأنفسنا إلا أثناء زيارتنا للزهراء (سلام الله عليها) دون سائر المعصومين عليهم الصلاة والسلام. لهذا تكون هذه الزيارة مغايرة، ولهذا نقول أنها تحرّك كوامن الضمير وتستثير المشاعر وتدفعنا نحو محاسبة النفس أكثر.
              مع هذا؛ يعطينا نص الزيارة بارقة أمل عندما نمضي بتلاوة سائر الكلمات: ”وزعمنا أنا لك أولياء، ومصدقون وصابرون، لكل ما أتانا به أبوك صلى الله عليه وآله، وأتانا به وصيه عليه السلام، فإنا نسألك إن كنا صدقناك؛ إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما، لنبشر أنفسنا بأنّا قد طهرنا بولايتك“!
              سبحان الله!
              تكون الزهراء البتول (صلوات الله وسلامه عليها) هي المسؤولة عن إلحاقنا بأبيها وبعلها (عليهما الصلاة والسلام)، ويكون قيد الشرط في كل ذلك تصديقها هي! فما أروع هذا المقام الفاطمي الشامخ.
              ثم دع خيالك يسرح الآن في أرحب فضاء وأنت تردد: ”لنبشر أنفسنا بأنّا قد طهرنا بولايتك“! وفكّر في سرّ هذا التطهير الإكسيري النابع عن ولاية فاطمة سيدة نساء العالمين! هل أنه تطهير طريقي أم موضوعي بحد ذاته؟ هل أنه تطهير تكويني؟ هل أنه تطهير شرعي حكمي؟ أم هذه كلها مجتمعة؟ أم هو تطهير من جنس خاص يغيب عن محتوى معرفتنا القاصرة؟!
              نحن نعرف أن من يتعدّى حدود الله تعالى، كشرب الخمر مثلا والعياذ بالله، لا بد له من أن يتطهّر، فيكون تطهيره بإقامة الحد عليه، ولهذا نجد في التاريخ أن بعضا من الذين تعدّوا الحدود كانوا يذهبون إلى رسول الله أو أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وآلهما) ويقولون: ”يا رسول الله طهّرنا.. يا أمير المؤمنين طهّرنا..“ وهم يقصدون إقامة الحد عليهم في الدنيا لئلا تبقى تلك المعصية مسجلة في صحائف أعمالهم يوم القيامة فيؤاخذوا عليها ويزج بهم في النار، نستجير بالله تعالى منها. فهل أن ولاية الزهراء (صلوات الله عليها) ضرب من هذا القبيل، أعني أنها كالحد الذي يطهّر صاحبه مما اقترفه من صغائر وعظائم الذنوب؟
              لعلّ أحدا يشكل على ذلك القول بأن الحد ضرب من العذاب، فكيف يشبه بولاية الزهراء صلوات الله عليها؟ والجواب: إنما كان التشبيه من جهة كونه تطهيرا لا من هذه الجهة، فما ولايتهم إلا أحلى من الشهد والعسل. إلا أن فيها عذابا أيضا! لأن من يواليهم حقا يتعرّض إلى صنوف الجور والظلم في الدنيا، كما ورد عن مولانا الأمير عليه السلام: ”من أحبنا أهل البيت فليستعد للبلاء“! (البحار ج8 ص740 والغارات ج2 ص588 وشرح النهج ج1 ص371).
              ورحم الله الفقيه السيد ناصر حسين الموسوي الهندي الذي قال:
              إن كنت من شيعة الهادي أبي حسن
              حقا فأعدد لريب الدهر تجنافا
              إن البلاء نصيب كل شيعته
              فاصبر ولا تك عند الهم منصافا
              نحن ملوّثون بالمعاصي والذنوب والموبقات، فكيف تطهرنا ولاية الزهراء (صلوات الله عليها)؟ هل المعنى من هذا التطهير أن ولايتها تقودنا طريقيا نحو الامتناع عن اقتراف الذنوب والبعد عن المحرّمات بالنظر إلى التزامنا بأوامرها ونواهيها؟ أم هل المعنى أنه مادة موضوع مستقل يحطّ الذنوب حطّا كالاستغفار مثلا؟ أم هل المعنى أنه يغيّر تكوينيا من أرواحنا وينقّيها من نوازع الشر ويغذي نوازع الخير فيتحقق التطهير؟ أم هو حكم شرعي خاص كطهارة المؤمن مقابل نجاسة الكافر؟ أم ماذا.. وماذا؟!
              يبقى الخيال سارحا في هذه الكلمة وهذه البشارة العظيمة، ويبقى الباب مفتوحا أمام جميع التفسيرات والاحتمالات المعنوية، لكنه شيء يأتينا من وراء الغيب.. والأمل هو أن نبشّر أنفسنا بأننا قد طهرنا بولاية فاطمة صلوات الله وسلامه عليها.
              هكذا نجد أن زيارة الزهراء تختلف عن زيارة من عداها، وهكذا نجد أن خطاب الزهراء يختلف عن خطاب من عداها، وهكذا نجد أن المعاني التي جاءت للزهراء تختلف عن المعاني التي جاءت لمن عداها. وإننا لو بحثنا في طول وعرض الأخبار والآثار لما وجدنا لهذه العبارات مثيلا بالنسبة لأي من المعصومين (عليهم الصلاة والسلام).. إلا الزهراء البتول أم أبيها روحي فداها.
              وهذا كان نموذجا واحدا فقط يدلّل على ما ذهبنا إليه في صدر الموضوع من أن شمس الزهراء تتلألأ بشكل استثنائي خاص عن سائر الشموس المحمدية العلوية. وإلا فالأمثلة كثيرة في هذا المضمار، وسنرى مع قليل من البحث والفحص أن ما جاء في الزهراء لم يجئ في غيرها. فهذا الله تعالى قد نادى في الملأ الأعلى: ”أنا الفاطر وهي فاطمة.. وبنورها ظهرت الأشياء من الفاتحة إلى الخاتمة“!! (الخصائص الفاطمية ص1).
              ..صلى الله على البتول الزهراء التي بولايتها تطهر نفوسنا، وعلى أبيها وبعليها وبنيها، ولعنة الله على أعدائها وأعدائهم إلى يوم الفصل والحساب، آمين يا رب الأرباب.
              ====
              (*) مع أن إطلاق كنية (أبي جعفر) تنصرف بالذهن أولا إلى الباقر (عليه السلام) إلا أننا نسبنا الرواية للجواد (عليه السلام) بقرينة الراوي الأخير ”إبراهيم بن محمد بن عيسى بن محمد العريضي“ فهو وإن كان ممن اقتصرت روايته على هذا الخبر وكذا حال من مضى من الرواة قبله عدا محمد بن أحمد بن داود الذي كان من مشايخ القميين، فهم على الترتيب:“محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن وهبان البصري، عن أبي محمد الحسن بن محمد بن الحسن السيرافي، عن العباس بن الوليد بن العباس المنصوري، عن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن محمد العريضي، عن أبي جعفر عليه السلام..“. أقول: أنه مع هذا إلا أنه يقوى جدا أن تكون الرواية عن الجواد دون الباقر (عليهما السلام) من جهة أن ”العريض“ قرية من قرى أطراف المدينة، وأول من نُسب إليها باسم ”العريضي“ كان علي بن جعفر (ابن الصادق وأخا الكاظم عليهما السلام) فسمي بعلي العريضي وهو جد السادة العلويين الحاملين لهذه النسبة، فحيث أن للراوي جد أعلى ينسب بهذه النسبة ”محمد العريضي“ وأنه سيد لقول الإمام له: ”إذا صرت إلى قبر جدتك..“ فيقوى أن عصره متأخر عن عصر الباقر (عليه السلام) وأنه كان معاصرا للجواد (عليه السلام) فتكون روايته عنه. فتأمل.

              تعليق


              • #22
                خصائص فاطمة الزهراء عليها السلام

                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                خصائص فاطمة الزهراء عليها السلام
                اعلم أنّ قانون الزوجيّة كقانون العلّية، بنصّ القرآن الكريم هو الحاكم على العالم التكويني:
                {وَمِنْ كُلِّ شَيْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} (1).
                ومن مصاديق الأزواج العقل الكلّ والنفس الكلّ وكذا العلم والعمل، والعلم مقوّم روح الإنسان والعمل يشخّص بدن الإنسان، والعقل العملي يتبع العقل النظري، فالعلم إمام العمل.
                ومن مصاديق الأزواج: السماء والأرض، والوجود والماهيّة، وكلّ مذكّر ومؤنّث من الحيوان والروح الذي يتكوّن من نطفة الرجل والبدن المتكوّن من نطفة المرأة.
                وهذا القانون حاكم في كلّ شيء حتّى أعصاب المخّ فإنّه يتكوّن من أعصاب زوجيّة.
                والنكاح اللقاح التكويني هو الحاكم في قانون الزوجيّة، ويتولّد منه العوالم
                المعنويّة والروحيّة والنفسية والمثالية والحسّية، فالنكاح الأوّل كان في الأسماء الإلهيّة ثمّ في عالم الأرواح والعقول المفارقة ثمّ عالم الأجساد الطبيعية والعنصرية، ثمّ ما يتولّد منه المولّدات الثلاثة ـ المعادن والنباتات والحيوانات ـ والنكاح الأخير يختصّ بالإنسان الكامل والكون الجامع، فالروح بمنزلة الزوج والنفس بمنزلة الزوجة.
                والخلق يكون على أساس التثليث، فالولد من نطفة من الأبوين.
                والإنسان الكامل سواء الرجل أو المرأة هو ثمرة شجرة الوجود، فهو غاية الحركتين الوجودية والإيجادية، فالمرأة مصنع الصنع الإلهي، فهي كالشجرة الطيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اُكلها كلّ حين.
                والإنسان الكامل لو كان رجلا فهو مظهر العقل الكلّ، وإن كان امرأة فهو مظهر وصورة النفس الكلّية.
                فعليّ (عليه السلام) مظهر العقل الكلّي على أتمّ الوجوه الممكنة، فهو اُمّ الكتاب، وفاطمة الزهراء مظهر النفس الكلّية على أتمّ الوجوه الممكنة.
                إنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) وديعة المصطفى، الحوراء الإنسيّة، مطلع الأنوار العلوية، وضياء المشكاة الولويّة، اُمّ أبيها، واُمّ الأئمة النجباء، صندوق العلم، ووعاء المعرفة.
                لا ريب ولا شكّ أنّ فاطمة أحرزت مقام العصمة الإلهية الكبرى، وكما ذهب الأعاظم من علمائنا الأعلام كالشيخ المفيد والسيّد المرتضى إلى عصمتها، كما تدلّ الآيات الكريمة كآية التطهير والروايات الشريفة على ذلك، ومن أنكر ذلك فإنّه كالأعمى الذي ينكر نور الشمس.
                والعصمة قوّة نوريّة ملكوتية في المعصوم تعصمه عن جميع ما يشين
                الإنسان الكامل من الذنوب والمعاصي والسهو والنسيان والغفلة وما شابه ذلك، ومن كان معصوماً من أوّله إلى آخره لا يصدر منه الشين.
                فاطمة الزهراء معصومة بعصمة الله سبحانه كما عصم أولادها الأئمة الأطهار، فإنّ عصمتهم كعصمة القرآن، فهما الثقلان اللذان لن يفترقا في كلّ شيء من البداية وحتّى النهاية.
                والأذان إعلام وإعلان لما يحمل الإنسان من العقيدة، فالشيعي إنّما يعلن عن عقائده الصحيحة في أذانه وإقامته للصلاة، فيعلن للعالم كلّ يوم أنّه يؤمن بالله ووحدانيّه كما يؤمن برسول الله ونبوّته ويؤمن بولاية عليّ وإمامته، كما يشهد بعصمة الزهراء وطهارتها، أي في أذانه وإقامته يخبر عن معتقده في الأربعة عشر معصوم (عليهم السلام).
                وفاطمة الزهراء بقيّة النبوّة وعقيلة الرسالة، زوج وليّ الله الأعظم وكلمة الله الأتمّ، حازت مقام العصمة، فلا مانع بل من الراجح أن يشهد بعصمتها في الأذان والإقامة كما يشهد بنبوّة والدها وبولاية زوجها، فنقول في الأذان والإقامة بعد الشهادة الثالثة: (أشهد أنّ فاطمة الزهراء عصمة الله) (2). أو يلحقها بالشهادة الثالثة، أي (أشهد أنّ عليّاً وأولاده المعصومين حجج الله، وأنّ فاطمة الزهراء عصمة الله)، فيقولها لا بقصد الجزئيّة كما أفتى المشهور من الفقهاء بذلك في الشهادة الثالثة.
                وممّا يدلّ على عصمتها أنّ الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها، كما ورد
                متواتراً في كتب الفريقين السنّة والشيعة.
                ولا تجد معصوماً تزوّج بمعصومة إلاّ أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولولا عليّ لما كان لفاطمة كفؤ آدم ومن دونه، فإنّ المعصومة لا يتزوّجها إلاّ المعصوم، فمن خصائص أمير المؤمنين التي لا يشاركه فيها أحد حتّى النبيّ الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله)هو زواجه من المعصومة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وهو الزواج المبارك وزواج النور من النور كما ورد في الأخبار، فلا يستولي على المعصومة إلاّ المعصوم ; لأنّ الرجال قوّامون على النساء، فالمعصومة لا يتزوّجها إلاّ المعصوم، بخلاف المعصوم فإنّه يتزوّج غير المعصومة، فتدبّر.
                وفاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، في الدنيا والآخرة، كما يشهد بذلك آية التطهير وحديث الكساء وأصحابه الخمسة: المصطفى والمرتضى وابناهما وفاطمة.
                وإنّما قدّم في آية المباهلة النساء والأبناء على الأنفس ربما للإشارة إلى أنّ الأنفس فداهما.
                وفاطمة تربية النبيّ والوصيّ، خامس آل العباء وأصحاب الكساء، والخمسة من الأعداد المقدّسة.
                وفاطمة حقيقتها حقيقة ليلة القدر، فمن عرفها حقّ المعرفة فقد أدرك ليلة القدر، وسمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن كنه معرفتها.
                والله خلق عالم الملك على وزان عالم الملكوت، والملكوت على وزان الجبروت، حتّى يستدلّ بالملك على الملكوت وبالملكوت على الجبروت وهو عالم العقول.
                وقد عبّر عن القوس النزولي بالليل والليالي، كما عبّر عن القوس الصعودي
                باليوم والأيام، فعصمة الله فاطمة عبّر عنها بليلة الله، فهي يوم الله كذلك، والإنسان الكامل هو القرآن الناطق، فنزل أحد عشر قرآناً ناطقاً في ليلة القدر، أي في فاطمة الزهراء، فهي الكوثر وإنّا أعطيناك الكوثر وليلة القدر خير من ألف شهر أي ألف مؤمن، فإنّ فاطمة اُمّ الأئمة النجباء واُمّ المؤمنين والملائكة من المؤمنين الذين حملوا علوم آل محمّد (عليهم السلام)، وروح القدس فاطمة يتنزّلون في ليلة القدر بإذن ربّهم من كلّ أمر، سلام هي حتّى مطلع فجر قائم آل محمّد (عليهم السلام).
                وأيام الله كما ورد في خبر العسكري هم الأئمة فلا تعادوا أيام الله فتعاديكم.
                والمعرفة على نحوين: مفهوميّة استدلالية ومعنويّة ذوقيّة، والثانية يحصل عليها العارف بالشهود والكشف لا بالبرهان والكسب، والعيان ليس كالبيان.
                وليلة القدر قلب الإنسان الكامل الذي هو عرش الرحمان وأوسع القلوب، فروح الأمين في ليلة مباركة ينزل بالقرآن، فانشرح صدره، فليلة القدر الصدر النبويّ الوسيع.
                ومثل هذا الصدر الشريف يحمل القرآن العظيم دفعة واحدة في ليلة مباركة، وفرق بين الإنزال فهو دفعي والتنزيل فهو تدريجي، فنزل القرآن دفعة واحدة في ليلة القدر ثمّ طيلة 23 سنة نزل تدريجاً.
                (ولقد كانت مفروضة الطاعة على جميع خلق الله من الجنّ والإنس والطير والوحوش والأنبياء والملائكة) (3).
                والقلب يطلق على الشكل الصنوبري اللحمي الموجود في الجانب الأيسر
                من القفص الصدري، كما يطلق على اللطيفة الربانية المتعلّقة بالقلب الجسماني، فكذلك هذا المعنى يطلق في ليلة القدر.
                وليلة القدر الذي يحمل القرآن دفعة واحدة في معارفه وحقائقه هي فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وما من حرف في القرآن إلاّ وله سبعين ألف معنى، وفاطمة تعرف تلك المعاني، فمن عرفها حقّ معرفتها أدرك ليلة القدر، فهي درّة التوحيد ووديعة المصطفى ليلة القدر ويوم الله والكون الجامع والقلب اللامع الذي يتجلّى فيه الغيب.
                ثمّ النبوّة والوحي على نحوين تشريعية مختصّة بالرجال وقد ختمت بمحمّد فحلاله حلال إلى يوم القيامة، ومقامية تكوينية ـ تسمّى بالنبوّة العامّة ـفتعمّ الرجال والنساء، كما في قوله تعالى: {وَأوْحَيْنَا إلَى اُمِّ مُوسَى} (4)، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أرى نور الوحي وأشمّ رائحته، كما قال الرسول: تسمع ما أسمع وترى ما أرى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي، وأنت وزيري، وإنّك على خير.
                فمثل هذه النبوّة مستمرّة إلى يوم القيامة ينالها أصحاب النفوس القدسية فيتمثّل لها الصور الملكية والملكوتية كما وقع لمريم العذراء بحملها عيسى كلمة الله. وفاطمة كانت ممّن تحدّثها الملائكة، فهي المحدّثة ـ بالكسر والفتح ـ.
                فهناك من عنده علم من لدن حكيم كالخضر (عليه السلام)، ومثل موسى من أنبياء اُولي العزم يريد أن يستصحبه كي يتعلّم رشداً، إلاّ أنّه لا يستطيع صبراً.
                وفاطمة اسم من اسماء الله الحسنى، واشتقّ اسمها من الفاطر، فلا يقاس بها
                أحد بعد أبيها خاتم النبيّين وبعلها سيّد الوصيّين.
                والعلم نور يتّحد مع العالم والمعلوم، فيدخل جنّة الذات والأسماء، والحكمة جنّة، فمن يدخل الحكمة فقد دخل الجنّة، والإنسان الحكيم الكامل جنّة، وهو القرآن الناطق، وكلّ يعمل على شاكلته فاقرأ وارقأ.
                ن والقلم، فما يكتب في العصمة الكبرى فاطمة الزهراء إلاّ رشحات من بحر معرفتها، وقد فطم الخلق عن كنه معرفتها، فمن يعرفها ويعرف أسرارها؟
                قال رسول الله: إنّ الله جعل علياً وزوجته وأبناءه حجج الله على خلقه، وهم أبواب العلم في اُمّتي، من اهتدى بهم هدي إلى صراط مستقيم (1).
                وفي قوله تعالى: {مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَـيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَـبْغِيَانِ * فَبِأيِّ آ لاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} (2)، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} قال: عليّ وفاطمة {بَـيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَـبْغِيَانِ} قال النبيّ {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} قال: الحسن والحسين (3).
                وأذاها أذى رسول الله، ومن يؤذي الرسول فقد آذى الله، ومن يؤذيهم فعليه لعنة الله في الدنيا وعذاباً مهيناً في الآخرة، كما في قوله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّ نْيَا وَالآخِرَةِ وَأعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً} (4).
                المصادر:
                1- شواهد التنزيل: للحافظ الإسكافي الحنفي 1: 58.
                2- الرحمن: 19 ـ 22.
                3- الدرّ المنثور: للسيوطي 7: 697.
                4- الأحزاب: 57.

                وما اُوذي نبيّ بمثل ما اُوذيت، أيّ أذى أكبر ممّا ورد على فاطمة الزهراء من المصائب من قبل الظالمين؟ وثبتت العصمة لها من خلال الأحاديث الواردة في فضائلها ومقاماتها.
                من أهمّ الخصائص الفاطميّة:
                وإليكم جملة من الخصائص، قد استخرجتها من الروايات الشريفة، وهي تدلّ على الاُمور الغيبية في تكوينها وفي حياتها الملكيّة والملكوتيّة، فإنّها:
                1 ـ أوّل بنت تكلّمت في بطن اُمّها.
                2 ـ أوّل مولودة اُنثى سجدت لله عند ولادتها.
                3 ـ اُمّ أبيها.
                4 ـ شرافتها العنصريّة، فهي الحوراء الإنسيّة.
                5 ـ اشتقاق اسمها من اسم الله الفاطر سبحانه وتعالى.
                6 ـ رشدها الخاصّ.
                7 ـ إنّها من أصحاب الكساء (عليهم السلام).
                8 ـ الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) من ولدها.
                9 ـ ذرّيتها لا يدخلون النار ولا يموتون كفّاراً، والنظر إليهم عبادة.
                10 ـ لم يكن لها كفو من الرجال آدم ومن دونه إلاّ أسد الله الغالب الإمام عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام).
                11 ـ هي ليلة القدر.
                12 ـ فطم الخلق عن معرفتها.
                13 ـ على معرفتها دارت القرون الاُولى.
                14 ـ كتب اسمها على العرش.
                15 ـ تحضر الوفاة لكلّ مؤمن ومؤمنة.
                16 ـ لها ولادة خاصّة.
                17 ـ ينفع حبّها في مئة موطن.
                18 ـ نجاة شيعتها بيدها المباركة، وتجلّي الشفاعة الفاطميّة يوم القيامة.
                19 ـ زيارتها وحجّيتها على الأئمة الأطهار (عليهم السلام).
                20 ـ في خلقتها النوريّة تساوي النبيّ (صلى الله عليه وآله).
                21 ـ إنّها مجمع النورين النبوي والعلوي.
                22 ـ إنّها مفروضة الطاعة المطلقة على كلّ الخلائق.
                23 ـ هي العصمة الكبرى والطهارة العظمى.
                24 ـ اسمها المبارك (فاطمة) يوجب الغنى.
                25 ـ هي النسلة الميمونة والمباركة.
                26 ـ زواجها كان في السماء قبل الأرض.
                27 ـ حديث اللوح.
                28 ـ تسبيحها وآثاره.
                29 ـ يفتخر الله بعبادتها على الملائكة.
                30 ـ إقرار الأنبياء والأوصياء بفضلها ومحبّتها.
                31 ـ يُشمّ منها رائحة الجنّة.
                32 ـ الوحيدة التي قبّل النبيّ يدها.
                33 ـ هدية الله لنبيّه (صلى الله عليه وآله).
                34 ـ خير نساء العالمين من الأوّلين والآخرين في الدنيا والآخرة.
                35 ـ تبكي الملائكة لبكائها.
                36 ـ وجوب الصلاة عليها كالنبيّ وآله الأطهار (عليهم السلام).
                37 ـ قرّة عين الرسول (صلى الله عليه وآله).
                38 ـ ثمرة فؤاد النبيّ (صلى الله عليه وآله).
                39 ـ مهرها وصداقها.
                40 ـ اُمّ الأئمة الأطهار (عليهم السلام).
                41 ـ مصحف فاطمة (عليها السلام).
                42 ـ بحر النبوّة.
                43 ـ كوثر القرآن.
                44 ـ شوق النبيّ للقائها وإنّه يبدأ بها بعد السفر كما يختم بها حين السفر.
                45 ـ أوّل من تدخل الجنّة.
                46 ـ ظلامتها.
                ====
                المصادر:
                1- الذاريات: 49.
                2- كما ذهب إلى هذا شيخنا الاُستاذ آية الله الشيخ حسن زاده الآملي في (فص حكمة عصمتية في كلمة فاطمية)، فراجع.
                3- دلائل الإمامة: 28.
                4- القصص: 7.

                ونسألكم الدعاء.

                تعليق


                • #23
                  أحاديث أهل البيت عليهم السلام حول مظلومية الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                  أحاديث أهل البيت عليهم السلام حول مظلومية الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام
                  بعض الروايات الصحيحة حول مظلومية سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين فاطمة الزهراء عليها السلام.
                  1. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث: ”واعلم يا علي؛ أني راضٍ عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربّي وملائكته. يا علي؛ ويل لمن ظلمها! وويل لمن ابتزها حقها! وويل لمن هتك حرمتها! وويل لمن أحرق بابها“! (بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج22 ص485).
                  2. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ”بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، إذا التفت إلينا فبكى ، فقلت : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فقال : أبكي مما يصنع بكم بعدي . فقلت : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : أبكي من ضربتك على القرن ، ولطم فاطمة خدها ، وطعنة الحسن في الفخذ ، والسم الذي يسقى ، وقتل الحسين . قال : فبكى أهل البيت جميعا ، فقلت : يا رسول الله ، ما خلقنا ربنا إلا للبلاء ! قال : ابشر يا علي ، فإن الله عز وجل قد عهد إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق“. (الأمالي للصدوق ص 197ح 208).
                  3. روى العياشي (قدس سره) أن القوم لمّا انتهوا إلى الباب: ”رأتهم فاطمة صلوات الله عليها فأغلقت الباب في وجوههم، وهي لا تشك أن لا يُدخل عليها إلا بإذنها، فضرب عمر الباب برجله فكسره وكان من سعف، ثم دخلوا فأخرجوا عليا عليه السلام ملبّباً“. (تفسير العياشي ج2 ص66).
                  4. روى الشيخ المفيد (قدس سره) أن القوم لمّا همّوا بالهجوم: ”ظنّت فاطمة عليها السلام أنه لا يُدخل بيتها إلا بإذنها، فأجافت الباب وأغلقته، فلمّا انتهوا إلى الباب ضرب عمر الباب برجله فكسره وكان من سعف، فدخلوا على علي عليه السلام وأخرجوه ملبّباً“. (الاختصاص للمفيد ص186).
                  5. روى سُليم بن قيس الهلالي (رضوان الله تعالى عليه) عن سلمان الفارسي (رضوان الله تعالى عليه) قال في مجريات الهجوم على دار فاطمة صلوات الله عليها: ”فألجأها إلى عضادة بيتها ودفعها، فكسر ضلعاً من جنبها، فألقت جنينها من بطنها، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت“. (كتاب سُليم ج2 ص586).
                  6. روى الشيخ المفيد (رضوان الله تعالى عليه) بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال في حديث: ”فرفسها برجله وكانت حاملة بابن اسمه المحسن، فأسقطت المحسن عليه السلام من بطنها، ثم لطمها، فكأني أنظر إلى قرط في أذنها حين نُقِفَت“! (الاختصاص للمفيد ص183، والنقف هو الضرب على الرأس بقصد كسر الهامة عن الدماغ!).
                  7. قال سُليم بن قيس الهلالي (رضوان الله تعالى عليه) : ”فلقيت عليا عليه السلام فسألته عما صنع عمر ، فقال : هل تدري لم كف عن قنفذ ولم يغرمه شيئا ؟ قلت : لا . قال : لأنه هو الذي ضرب فاطمة عليها السلام بالسوط حين جاءت لتحول بيني وبينهم ، فماتت صلوات الله عليها وإن أثر السوط لفي عضدها مثل الدملج“. (كتاب سُليم ص223).
                  8. قال أبي عبد الله الحسين (عليه السلام): ”لما قبضت فاطمة عليها السلام دفنها أمير المؤمنين سرا وعفا على موضع قبرها ، ثم قام فحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : السلام عليك يا رسول الله عني والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك و المختار الله لها سرعة اللحاق بك ، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وعفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي... إلى أن قال... وهم مهيج سرعان ما فرق بيننا وإلى الله أشكو وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها فأحفها السؤال واستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا ، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين“. (الكافي للكليني ج1 ص459).
                  9. قال الإمام الصادق (عليه السلام): ”من لم يعرف سوء ما اتي علينا من ظلمنا و ذهاب حقنا و ما ركبنا به فهو شريك من اتي الينا فيما ولينا به“. (بحار الانوار ج27 ص 55).
                  ولعن الله ظلمة وقتلة الشهيدة المظلومة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام؛ وعلى رأسهم أبا بكر وعمر لعنهما الله.
                  ونسألكم الدعاء.

                  تعليق


                  • #24
                    الزهراء.. تحلل ما تشاء وتحرّم ما تشاء وتغيّر التكوين كما تشاء!

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                    الزهراء.. تحلل ما تشاء وتحرّم ما تشاء وتغيّر التكوين كما تشاء!
                    كلما ازداد المرء استغراقا في البحث عن كنه سيدة نساء العالمين (صلوات الله وسلامه عليها) كلما ازداد حيرة بدلا من أن يزداد فهما! فمن بين جميع من اصطفاه الله تبارك وتعالى؛ تبرز شخصية أم أبيها وحدها، عصيّة على الفهم، عالية على الإدراك، أوسع من أن يحوطها نظر، أجلّ من أن يستوعبها بشر.
                    ومهما أتعب الجهبذ الخبير نفسه في البحث والتحقيق، ومهما بذل العالم الفطحل من الجهد الجهيد، في سبيل أن تُرسم لشخصية الزهراء (صلوات الله عليها) صورة متكاملة الأبعاد، ولو بنحو الإجمال؛ كان الإقرار بعجز العقل البشري عن بلوغ غاية إدراك كنه فاطمة (عليها السلام) هو النتيجة العلمية الوحيدة التي يمكن أن تسلم من الإشكال! ذلك لأن كل ما أمكن أهل البحث التوصل إليه في شأن البتول على مر الزمان، تثبيتا لمقام أو فضيلة؛ توجّهت إليه في ما بعد، عشرات الردود والإشكالات والتنقيحات من باب أن ما استُفيد هنا ليس وافيا، وأن ما تقرّر هناك ليس كاملا، فهناك دوما استفادات أعظم ووجوه أتمّ، تعطي مقاما أكبر وتثبت فضيلة أعظم. هذا ناهيك عما يُكتشف لاحقا من كنوز التراث والمخطوطات، التي ترفد الباحثين بمزيد من المعلومات والمعطيات، وبسببها كم من مرّة وقعت فيها عين المتخصص في سيرة الزهراء (عليها السلام) على مخطوطة مكتشفة أخيرا؛ فرأى فيها حديثا من سطر واحد عنها (روحي فداها) فانقلبت عنده موازين الفكر إلى درجة أنه وبعد عمر طويل من البحث والتحقيق في سيرة الزهراء، والتي رتّب عليها النتائج والاستفادات العقيدية التي كان يظن أنه قد عرف بها شيئا يُعتدّ به من كنه الزهراء.. بعد هذا كله يكتشف أخيرا أنه لم يغرف من بحر عظمتها إلا أقل من مقدار قطرة! وأن ما استفاده وثبّته من نتائج كانت ناقصة، وربما معتلّة! إذ هناك المزيد وما هو أعظم مما كان يُتصوَّر.
                    واعتراف الباحث في كنه البتول ومقامها الرباني بعجز العقل البشري؛ يترافق عنده بشعور تطغى عليه الرهبة ويموج فيه التواضع، عندما يُطلب منه التعبير عن سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها، إذ لا يجد مفردات الكلام إلا قاصرة عن ذلك. وكذا عندما يُلتمس منه بيان جوانب من عظمة شخصيتها، فإنه يطغى عليه حينها الارتباك، لا من جهة عدم الورود، وإنما من جهة تقديم التفسير المنطقي الصحيح الشامل لما ورد، ومعناه ومدلوله.
                    إنها فاطمة بنت محمد.. يصعب حتى القول بأنها من جنس البشر، فذاتيتها غير ذاتيتنا، وصفاتها غير صفاتنا. وهاهو إعلان خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) يدوّي بصداه: "إن فاطمة خُلقت حورية في صورة إنسية"! (عوالم العلوم ج11/1 ص83).
                    فهي إذن ليست إنسية ولا من جنس البشر، وإنما قد أظهرها الله تعالى بهذه الصورة، وإلا فجوهرها جوهر آخر، عُبِّر عنه هنا بالحورية، مع أن ثمة تعبيرا آخر أعلى، حينما عُبّر عنها (صلوات الله عليها) بالنور الذي سبق الخلق بآلاف السنين!
                    وإن أردت معاضدا فتمعّن في ما أفهمه (صلى الله عليه وآله وسلم) لعائشة حين قال لها: "يا حميراء! إن فاطمة ليست كنساء الآدميين"! (مناقب ابن شهراشوب ج3 ص110).
                    وهذا ما يفسّر، ربما، أنها (صلوات الله وسلامه عليها) مختلفة في صفاتها الذاتية والفعلية عن سائر نساء البشر. وهذا ما قد يفسّر الدهشة التي انتابت أسماء بنت عميس حينما تولّت أمرها (عليه السلام) ساعة ولادة الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه، إذ تقول: "قبلت فاطمة عليها السلام بالحسن عليه السلام، فلم أرَ لها دما! فقلت: يا رسول الله.. إني لم أرَ لها دما في حيض ولا نفاس؟ فقال صلى الله عليه وآله: أما علمت أن ابنتي طاهرة مطهّرة، لا يُرى لها دم في طمث ولا ولادة"! (صحيفة الرضا عليه السلام ص289).
                    والأعجب من هذا ما رُوي من أنها قد ولدت الحسن والحسين (عليهما السلام) من فخذها الأيسر! (عيون المعجزات ص59).
                    ولئن كانت هذه صفات ذاتية فعلية لها، تختلف فيها عن سائر البشر، وتنحصر آثارها على نفسها؛ فإن لها (أرواحنا فداها) صفات أخرى تتعدى آثارها إلى سائر الموجودات، وهي صفات تكوينية تؤثر في عالم الإمكان تأثيرا لازما.
                    من تلك التي بلغنا نبأها؛ تأثيرات إشعاعات نور وجهها صلوات الله وسلامه عليها، تلك الإشعاعات التي كانت تنبعث انبعاثا هائلا من وجهها الشريف فتترك آثارها على الحيطان والفُرش والثياب وحتى على ألوان الناس! فكانت حيطان المدينة المنورة تبيضّ أول الفجر من كل يوم، ثم تصفرّ عند الزوال، وكذلك تصفرّ ألوان الناس وألوان ثيابهم، ثم كانت الحيطان تحمرّ عند غروب الشمس، كل ذلك في ظاهرة غير طبيعية ذُهل أهل المدينة منها، فلما فتشوا عن سببها، وجدوه.. نور وجه فاطمة الزهراء!
                    هذا ما كشفه إمامنا الصادق (صلوات الله عليه) عندما سأله أبان بن تغلب: "يابن رسول الله.. لم سُمّيت الزهراء؛ زهراء"؟ فقال عليه السلام: "لأنها تزهر لأمير المؤمنين عليه السلام في النهار ثلاث مرّات بالنور. كان يزهر نور وجهها صلاة الغداة والناس في فُرُشهم، فيدخل بياض ذلك النور إلى حجراتهم بالمدينة، فتبيضّ حيطانهم! فيعجبون من ذلك، فيأتون النبي صلى الله عليه وآله فيسألونه عما رأوا، فيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها السلام، فيأتون منزلها فيرونها قاعدة في محرابها تصلي والنور يسطع من محرابها! من وجهها! فيعلمون أن الذي رأوه كان من نور فاطمة!
                    فإذا انتصف النهار وترتّبت للصلاة، زهر نور وجهها عليها السلام بالصفرة، فتدخل الصفرة في حجرات الناس فتصفرّ ثيابهم وألوانهم! فيأتون النبي صلى الله عليه وآله ويسألونه عما رأوا، فيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها السلام، فيرونها قائمة في محرابها وقد زهر نور وجهها بالصفرة! فيعلمون أن الذي رأوا كان من نور وجهها!
                    فإذا كان آخر النهار وغربت الشمس، احمرّ وجه فاطمة، فأشرق وجهها بالحمرة فرحا وشكرا لله عز وجل، فكان تدخل حمرة وجهها حجرات القوم وتحمرّ حيطانهم! فيعجبون من ذلك، ويأتون النبي صلى الله عليه وآله ويسألونه عن ذلك، فيرسلهم إلى منزل فاطمة، فيرونها جالسة تسبّح الله وتمجّده، ونور وجهها يزهر بالحمرة! فيعلمون أن الذي رأوا كان من نور وجه فاطمة عليها السلام!
                    فلم يزل ذلك النور في وجهها حتى وُلد الحسين عليه السلام، فهو يتقلّب في وجوهنا إلى يوم القيامة في الأئمة منا أهل البيت، إمام بعد إمام". (علل الشرائع ج1 ص180).
                    فهذا التأثير التكويني المذهل التي تركه نور وجه الزهراء (عليها سلام الله) على حيطان ومباني ودور وحُجَر وفُرش مدينة بأكملها، بل وعلى الألوان الطبيعية لأجساد أناسها وثيابهم؛ لم ترَ البشرية كلها له مثيلا من أحد، لا من نبي ولا من وصي، سيما وأن تلك التأثيرات الإشعاعية التي انبعثت من وجهها الشريف، إنما انبعثت حال كونها في محرابها تصلي داخل الدار لا خارجه! ما يعني أن الإشعاعات اخترقت الحيطان وسائر الحجب المادية! وهذه قوة نورانية هائلة لا تملكها حتى الشمس! والأمر يعني في جملة ما يعنيه، أن الآثار التكوينية لهذه الصديقة الطاهرة تتعدّى حدود الخيال! ولذا قيل أن الإحاطة بكنهها وجوهرها محال!
                    وثمة شاهد آخر يبهرنا في خصوص النور الفاطمي الاستثنائي هذا، والذي بمقدوره تحويل ظلمة الليل إلى ضياء النهار! وتشهد به عدوة الزهراء بنفسها، والفضل ما شهدت به الأعداء. حيث قالت عائشة باعتراف صريح رواه المخالفون: "كنا نخيط، ونغزل، وننظم الإبرة بالليل في ضوء وجه فاطمة"!! (أخبار الأُول وآثار الدول لأحمد بن يوسف الدمشقي ص87).
                    ثم إن ذهولنا يزداد عندما نعلم بأن الزهراء (صلوات الله عليها) لا تنحصر آثارها التكوينية في زمان وجودها على قيد الحياة، بل تستمر وتبقى إلى ما بعد ذلك! وهكذا لا تعترف آثار الزهراء بحدود المكان أو الزمان!
                    كان بيت الزهراء (صلوات الله عليها) هو الوحيد المفتوح على المسجد النبوي الشريف، وذلك بأمر من الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم. واستمرّ الوضع على هذه الحال إلى زمان الوليد بن عبد الملك، الذي عزم آنذاك على إظهار نصبه وعداوته لآل النبي (عليهم السلام) بهدم ذلك البيت وإخراج من فيه لتكون مساحته قد دخلت في مساحة المسجد! وقد شاركه في تلك المؤامرة الخبيثة واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز - الخليفة العادل زعموا – الذي تولّى بنفسه أمر الإشراف على هدمه!
                    ويحدّثنا التاريخ أن من كانوا فيه حينها هم فاطمة بنت الحسين (عليهما السلام) وزوجها الحسن بن الحسن، وأبناءهما، وقد رفضوا جميعا بيع البيت، لأنه دار النبوة، ولا يجوز المساس بها، إلا أنهم أُخرجوا منها كرها! وبدأ بعد ذلك الشروع في هدم دار الزهراء البتول! وتحقق الحلم الذي كان يحلم به من هدّد وتوعّد سابقا بقوله: "والذي نفس عمر بيده، لتخرجنّ أو لأحرّقنها على من فيها! فقيل له: يا أبا حفص.. إن فيها فاطمة! فقال: وإنْ"!! (الإمامة والسياسة ج1 ص19).
                    فإن كان المعتدي الأول قد تمكنّ فقط من إحراق باب الدار دون هدمها، مع ما رافق ذلك بطبيعة الحال من فجائع بحق بضعة أبيها؛ فإن المعتدي الثاني الذي تبعه على خطاه الإجرامية، وهو الوليد بن عبد الملك، قد أكمل المهمة وهدم الدار من أساسها!
                    وأثناء ذلك، أي أثناء قيام السلطة الأموية بإشراف من عمر بن عبد العزيز بهدم الدار الفاطمية، بعث الحسن بن الحسن ابنه جعفرا الذي كان أسنّ وُلده لاستطلاع أمر هو بمثابة السر، إذ قال له: "اذهب ولا تبرحنّ حتى يبنوا، فتنظر الحجر الذي من صفته كذا وكذا، هل يدخلونه في بنيانهم"؟
                    جاء جعفر إلى أبيه بعد مدة ليخبره بأنهم قد رفعوا الأساس وأخرجوا ذلك الحجر، فبقى ظاهرا ملاصقا لجدار قبر النبي (صلى الله عليه وآله) قريبا من المربّعة، فما كان من الحسن بن الحسن إلا أن خرّ ساجدا!
                    وبعد زمن رأى الناس الحسين بن عبد الله بن عبد الله بن الحسين عليلا يشتكي موضعا من جسده، فذهب إلى حيث يقع ذلك الحجر، وكشف الحصى عنه، فمسح به ذلك الموضع فشُفي تماما!
                    سأل الناس الإمام علي بن موسى الرضا (عليهما الصلاة والسلام) عن سرّ ذلك الحجر فأجاب: "ولدت فاطمة عليها السلام الحسن والحسين عليهما السلام على ذلك الحجر"!! (وفاء الوفاء ج2 ص572).
                    فهذا إذن مجرّد حجر، وضعت عليه الزهراء (صلوات الله عليها) حملها، فإذا به يتأثر تكوينيا بما جرى فيصبح شفاءً للناس من كل داء وعلة! ويبقى كذلك حتى بعد استشهاد الزهراء (صلوات الله عليها) وانتقالها للدار الآخرة بسنوات عديدة! وقد روى الرواة من أهل الخلاف أنهم كانوا يرون ذلك الحجر حتى جاءت عمارة ثانية للمسجد النبوي الشريف، ففقدوه عندما أزر قبر النبي بالرخام! (المصدر السابق).
                    ولا تنحصر قدرات سيدة نساء العالمين (صلوات الله عليها) في الدائرة التكوينية فحسب، بل تتعدّاها أيضا لتشمل الدائرة التشريعية، في صلاحية مطلقة، منحها الله تعالى للزهراء (عليها السلام) إذ فوّض لها أمر دينه، إلى درجة أنها تتمكن من أن تحلل ما تشاء وتحرّم ما تشاء! فتسنّ الأحكام الشرعية بتفويض إلهي مطلق، ويبدو من منطوق الروايات أنه أوسع من ذلك التفويض الممنوح لسائر الأئمة المعصومين ما خلا رسول الله وأخاه أمير المؤمنين صلوات عليهما وعلى آلهما الطيبين الطاهرين. أو أن الولاية التشريعية الممنوحة لسائر الأئمة من الحسن المجتبى إلى المهدي المنتظر (صلوات الله عليهم أجمعين) هو تابع بالأصل للولاية التشريعية الممنوحة للنبي الأعظم وأمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين عليهم صلوات المصليّن.
                    وهذا هو ما بيّنه الإمام أبو جعفر الجواد (صلوات الله وسلامه عليه) عندما أتاه محمد بن سنان وذكر له الاختلافات العقيدية عند بعض الشيعة، إذ قال: "كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فأجريت اختلاف الشيعة، فقال: يا محمد.. إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفرّدا بوحدانيته، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة صلوات الله عليهم، فمكثوا ألف دهر، ثم خلق جميع الأشياء، فأشهدهم خلقها، وأجرى طاعتهم عليها، وفوّض أمورها إليهم، فهم يحلّون ما يشاءون ويحرّمون ما يشاءون! ولن يشاءوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى. يا محمد.. هذه الديانة من تقدّمها مرق، ومن تخلّف عنها محق، ومن لزمها لحق. خذها إليك يا محمد". (الكافي ج1 ص441).
                    وهذا التفويض الإلهي العظيم، لم يُمنح لامرأة من الصالحات غير فاطمة بنت محمد صلوات الله عليهما وآلهما. ومن نافلة القول أنه تفويض لا بمعنى الاستقلال عن إرادة ومشيئة الله تبارك وتعالى، أو في عرض إرادته، بل في طول إرادته، وذلك واضح من قوله عليه السلام: "ولن يشاءوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى".
                    يبقى بعد هذه الومضات اعترافنا بأن ما استفدناه هنا ليس سوى أقل من قطرة! ونشهد قائلين: إننا يا فاطمة عاجزون عن إدراك كنهك، أوليس قد فُطمنا عن معرفتك؟! فسبحان الله الذي خلق فاطمة..

                    تعليق


                    • #25
                      من خصائص السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                      من خصائص السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)
                      قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
                      «لو كان الحسن شخصاً لكان فاطمة، بل هي أعظم، فإنّ فاطمة ابنتي خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً» (1).
                      لو قرأنا زيارة الجامعة الكبيرة الواردة بسند صحيح عن الإمام الهادي (عليه السلام)والتي تعدّ من أفضل وأعظم الزيارات، لوجدناها تذكر وتبيّن شؤون الإمامة بصورة عامّة، ومعرفة الإمام بمعرفة مشتركة لكلّ الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، فكلّ واحد منهم ينطبق عليه أنّه عيبة علمه وخازن وحيه.
                      إلاّ أنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) لا تزار بهذه الزيارة، فلا يقال في شأنها: موضع سرّ الله، خزّان علم الله، عيبة علم الله... فهذا كلّه من شؤون حجّة الله على الخلق، وفاطمة الزهراء هي حجّة الله على الحجج، كما ورد عن الإمام العسكري (عليه السلام): «نحن حجج الله على الخلق، وفاطمة الزهراء حجّة الله علينا».
                      ثمّ فاطمة الزهراء هي ليلة القدر، فهي مجهولة القدر كليلة القدر في شهر رمضان، فلا يمكن تعريفها وأنّ الخلق فطموا عن معرفتها. ولا زيارة خاصّة لها، ربما لأنّ أهل المدينة بعيدون عن ولايتها ويجهلون قبرها فكيف تزار، أو يقال: لا يمكن للزهراء أن تعرّف في قوالب الألفاظ، فإنّ الشخص تارةً يعرف بأنّه عالم ورع، واُخرى يقال: فلان لا يمكن وصفه ومعرفته، فالزهراء (عليها السلام) إمام على ما جاء في زيارة الجامعة الكبيرة.
                      كما أنّه ورد في توقيعات صاحب الأمر (عليه السلام) أنّ اُسوته ومقتداه اُمّه فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فالجامعة زيارة الإمام، ولكن اُسوة الأئمة وحجّة الله عليهم هي فاطمة الزهراء، فلا يمكن وصفها وبيان قدرها.
                      ومن خصائصها: كما أنّ لها مبان خاصّة في الفقه والعقائد والمعارف السامية، إلاّ أنّه من خصائصها أنّ حبّها ينفع في مئة موطن، وحبّ الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ينفع في سبع مواطن للنجاة من أهوال يوم القيامة.
                      ومنها: أنّها في خلقتها النورية تساوي النبيّ، فهي كما قال النبيّ: روحه التي بين جنبيه، وربما الجنبين إشارة إلى جنب العلم وجنب العمل، فهي واجدة روح النبيّ بعلمه وعمله وكلّ كمالاته إلاّ النبوّة فهي الأحمد الثاني، فهي علم الرسول وتقواه وروحه.
                      ويحتمل أن تكون إشارة الجنبين إلى النبوّة المطلقة والولاية، فقد ورد في الخبر النبوي الشريف: «ظاهري النبوّة وباطني الولاية» التكوينية والتشريعية على كلّ العوالم، كما ورد: «ظاهري النبوّة وباطني غيب لا يدرك»، وأنفسنا في آية المباهلة تجلّيها وظهورها ومصداقها هو أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، فالزهراء يعني رسول الله وأمير المؤمنين، فهي مظهر النبوّة والولاية، وهي مجمع النورين: النور المحمّدي والنور العلوي، وكما ورد في تمثيل نور الله في سورة النور؛ وآيتها: {اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ} (2) بأنّه كالمشكاة، وورد في تفسيره وتأويله أنّ المشكاة فاطمة الزهراء وفي هذه المشكاة نور رسول الله وأمير المؤمنين ثمّ بعد ذلك الأئمة الأطهار (عليهم السلام) يهدي الله لنوره من يشاء.
                      فالنبوّة والإمامة في وجودها، وهذا من معاني (والسرّ المستودع فيها) فهي تحمل أسرار النبوّة والولاية، تحمل أسرار الكون وما فيه، تحمل أسرار الأئمة وعلومهم، تحمل أسرار الخلقة وفلسفة الحياة.
                      ولا فرق بين الأحد والأحمد إلاّ ميم الممكنات الغارقة فيها، والاُمّ تحمل جنينها وولدها، وفاطمة الزهراء (عليها السلام) اُمّ أبيها، فهي تحمل النبيّ في أسرار نبوّته وودائعها، كما تحمل كلّ الممكنات في جواهرها وأعراضها، فخلاصة النبوّة تحملها فاطمة فهي اُمّ أبيها.
                      ومن خصائصها: أنّها تساوي النبيّ والوليّ في قالبها الطيني والصوري في عرش الله، كما في الروايات فيما يلتفت آدم إلى العرش ويرى الأشباح الخمسة النورانية في العرش.
                      ومن خصائصها: أنّ خلقتها العنصري ليس كخلقة آدم (عليه السلام)، فإنّه خلق من طين وبواسطة الملائكة، ولكنّ خلق فاطمة إنّما كان بيد الله، بيد القدرة ومن شجرة الجنّة ومن عنصر ملكوتي في صورة إنسان، فهي حوراء إنسية كما ورد في الأخبار، وإنّ النبيّ كان يقبّلها ويشمّها ويقول: أشمّ رائحة الجنّة من فاطمة، ففاطمة الزهراء خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً.
                      ومن خصائصها: أنّ الله خلق السماوات والأرض من نورها الأنور، وازدهرت الدنيا بنورها بعدما اظلمّت كما في خبر ابن مسعود، وهذا معنى اشتقاق فاطمة من الفاطر بمعنى الخالق الذي فطر السماوات والأرض، ففطر الخلائق بفاطمة الزهراء (عليها السلام) ونورها الأزهر.
                      ولمثل هذه الخصائص الإلهيّة كان النبيّ يقول: فداها أبوها، وأنّها اُمّ أبيها، وكان يقوم أمامها إجلالا لها وتكريماً ويجلسها مجلسه، ويقبّل يديها وصدرها قائلا: أشمّ رائحة الجنّة من صدرها، ذلك الصدر الذي كان مخزن العلوم ومصداق السرّ المستودع فيها. وقد كسر الظالمون ضلعها وعصروها بين الباب والجدار وأسقطوا ما في أحشائها محسناً (عليه السلام):
                      ولست أدري خبر المسمارِ سل صدرها خزانة الأسرارِ
                      ليلة القدر فاطمة الزهراء (عليها السلام)
                      في تفسير نور الثقلين والبرهان وكتاب بحار الأنوار (3) عن تفسير فرات الكوفي مسنداً عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير سورة القدر، قال: إنّ فاطمة هي ليلة القدر، من عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها، ما تكاملت النبوّة لنبيّ حتّى أقرّ بفضلها ومحبّتها وهي الصدّيقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الاُولى.
                      وعن أبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: {إنَّا أنزَلْـنَاهُ فِي لَـيْلَةِ القَدْرِ} (4)، الليلة فاطمة الزهراء والقدر الله، فمن عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها.
                      عن زرارة عن حمران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عمّا يفرق في ليلة القدر، هل هو ما يقدّر الله فيها؟ قال: لا توصف قدرة الله إلاّ أنّها قال: {فِيهَا يُـفْرَقُ كُلُّ أمْر حَكِيم} (5)، فكيف يكون حكيماً إلاّ ما فرق، ولا توصف قدرة الله سبحانه لأنّه يحدث ما يشاء، وأمّا قوله: {لَيْلَةُ القَدْرِ خَـيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْر} (4)، يعني فاطمة (عليها السلام)، وقوله: {تَـنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِـيهَا} (5) والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمّد (عليهم السلام)، «والروح روح القدس وهو في فاطمة (عليها السلام)» {مِنْ كُلِّ أمْر * سَلامٌ} (6) يقول من كلّ أمر مسلّمة {حَـتَّى مَطْـلَعِ الفَجْرِ} (7) يعني حتّى يقوم القائم (عليه السلام) (8).
                      قال العلاّمة المجلسي في بيان الخبر: وأمّا تأويله (عليه السلام) ليلة القدر بفاطمة (عليها السلام) فهذا بطن من بطون الآية، وتشبيهها بالليلة إمّا لسترها وعفافها، أو لما يغشاها من ظلمات الظلم والجور، وتأويل الفجر بقيام القائم بالثاني أنسب، فإنّه عند ذلك يسفر الحقّ، وتنجلي عنهم ظلمات الجور والظلم، وعن أبصار الناس أغشية الشبه فيهم، ويحتمل أن يكون طلوع الفجر إشارة إلى طلوع الفجر من جهة المغرب الذي هو من علامات ظهوره، والمراد بالمؤمنين هم الأئمة (عليهم السلام)وبين أنّهم إنّما سمّوا ملائكة لأنّهم يملكون علم آل محمّد (عليهم السلام) ويحفظوها ونزولهم فيها كناية عن حصولهم منها موافقاً لما ورد في تأويل آية سورة الدخان أنّ الكتاب المبين أمير المؤمنين (عليه السلام) والليلة المباركة فاطمة (عليها السلام) {فِيهَا يُـفْرَقُ كُلُّ أمْر حَكِيم} (9) أي حكيم بعد حكيم وإمام بعد إمام.
                      وقوله: {مِنْ كُلِّ أمْر * سَلامٌ هِيَ} (10) على هذا التأويل هي مبتدأ، وسلام خبره، أي ذات سلامة، ومن كلّ أمر متعلّق بسلام، أي لا يضرّها وأولادها ظلم الظالمين، ولا ينقص من درجاتهم المعنوية شيئاً، أو العصمة محفوظة فيهم فهم معصومون من الذنوب والخطأ والزلل إلى أن تظهر دولتهم ويتبيّن لجميع الناس فضلهم (11).
                      هذا وقد ذكرت في رسالة (فاطمة الزهراء عليها السلام ليلة القدر) أربعة عشر وجه شبه بين فاطمة الزهراء سيّدة النساء (عليها السلام) وبين ليلة القدر، وإجمالها كما يلي:
                      1 ـ ليلة القدر وعاء زماني للقرآن الكريم وفاطمة الزهراء وعاء مكاني.
                      2 ـ ليلة القدر يفرق فيها كلّ أمر حكيم، كذلك الزهراء (عليها السلام) فهي الفاروق بين الحقّ والباطل.
                      3 ـ ليلة القدر معراج الأنبياء لكسب العلوم والفيوضات الإلهيّة، كذلك فاطمة الزهراء فهي مرقاة النبوّة ومعرفتها معراج الأنبياء.
                      4 ـ ليلة القدر هي خير من ألف شهر، كذلك تسبيح فاطمة الزهراء تجعل كلّ صلاة بألف صلاة وبمحبّتها تضاعف الأعمال كليلة القدر.
                      5 ـ ليلة القدر ليلة مباركة، ومن أسماء فاطمة الزهراء (المباركة) (عليها السلام).
                      6 ـ علوّ شأن ليلة القدر ومقامها الشامخ بين الليالي، كذلك الزهراء، وأنّه لولاها لما خلق الله محمّد وعليّ (عليهما السلام) كما ورد في الخبر الشريف.
                      7 ـ العبادات في ليلة القدر تضاعف كرامةً لها، كذلك حبّ الزهراء (عليها السلام) يوجب تضاعف الأعمال، وإذا كانت ليلة القدر منشأ الفيوضات الإلهيّة، فكذلك الزهراء والتوسّل بها.
                      8 ـ القرآن هو النور ونزل في ليلة القدر ليلة النور، وفاطمة هي النور فهي ليلة القدر كما في تفسير آية النور: {اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ} (12).
                      9 ـ ليلة القدر ليلة السعادة، وفاطمة سرّ السعادة.
                      10 ـ تقدّست ليلة القدر وما قبلها من الأيام والليالي وما بعدها كرامةً لها وتعظيماً لمقامها، كذلك الزهراء يحترم ذرّيتها ويقدّسون عند الاُمّة كرامةً لها وحبّاً بها ولغير ذلك.
                      11 ـ ليلة القدر ليلة الخلاص من النار والعتق من جهنّم، كذلك فاطمة تفطم شيعتها من النار وتلتقطهم من المحشر كما تلتقط الدجاجة حبّات القمح.
                      12 ـ ليلة القدر سرّ من أسرار الله، وكذلك الزهراء (عليها السلام) فهي من سرّ الأسرار.
                      13 ـ ليلة القدر سيّدة الليالي، وفاطمة الزهراء (عليها السلام) سيّدة النساء.
                      14 ـ لقد جهل قدر ليلة القدر، وكذلك فاطمة الزهراء بنت الرسول (عليها السلام) فقد جهل الناس ولا زالوا قدرها، كما أنّها مجهولة القبر إلى ظهور ولدها القائم من آل محمّد (عليهم السلام).
                      ====
                      الهوامش والمصادر:
                      1- فرائد السمطين 2: 68.
                      2- النور: 35.
                      3- بحار الأنوار 42: 105.
                      4- القدر: 1.
                      5- الدخان: 4.
                      4- القدر: 3.
                      5- القدر: 4.
                      6- القدر: 4 ـ 5.
                      7- القدر: 5.
                      8- البحار 25: 97.
                      9- الدخان: 4.
                      10- القدر: 4 ـ 5.
                      11- المصدر: 99.
                      12- النور: 35.
                      ونسألكم الدعاء.

                      تعليق


                      • #26
                        لماذا الدفاع عن فاطمة الزهراء عليها السلام ؟

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                        لماذا الدفاع عن فاطمة الزهراء عليها السلام ؟
                        في وجود فاطمة الزهراء عليها السلام اسرار لاتنفتح الا لمن امتحن الله قلبه للتقوى. فنحن نقول ونسمع عنها انها حوراء انسية ولكن هل نعلم ماذا يعني هذا الكلام؟ خلقها الله عز وجل من نوره قبل ان يخلق الأرض والسماء وكانت في حقة تحت ساق العرش طعامها التسبيح والتقديس والتهليل والتحميد. فلما احب الله عز وجل ان يخرجها من صلب النبي صلى الله عليه واله وسلم (هذا من نص الحديث انتبه كيف يقول “فلما احب الله” لم يقل “فلما اراد الله” هناك فرق، معناه ان الله احب ان يعطي اعظم شيء لحبيبه رسول الله محمد المصطفى وهذا الشيء هي فاطمة سلام الله عليها) فلما احب الله ان يخرجها من صلب النبي جعلها تفاحة في الجنة، واتى بها الجبرئيل الى النبي فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام وان هذه التفاحة اهداها الله عز وجل اليك من الجنة. فاخذها النبي وضمها الى صدره (هدية من الحبيب الى حبيبه فكيف لا يضمها الى صدره؟!) فقال جبرائيل: يا محمد يقول الله عز وجل كُلها. ففلقها فرأى نوراً ساطعاً ففزع منه (هذا النور هو نور فاطمة الذي من نور الله عز وجل والنبي مع كل عظمته يدهش منه من شدته وثقله)، فقال جبرائيل: يا محمد ما لك لا تأكل؟ كُلها ولا تخف! فإن ذلك النور للـمنصورة في السماء وهي في الأرض فاطمة. فقال النبي لجبرئيل: ولم سميت في السماء منصورة وفي الأرض فاطمة؟ قال: سميت في الأرض فاطمة لأنها فطمت شيعتها من النار، وفطم أعداؤها عن حبها وهي في السماء منصورة وذلك قول الله عز وجل “ويومئذ يفرح المؤمنون، بنصر الله ينصر من يشاء” يعني نصر فاطمة لمحبيها.
                        وفي خلقة فاطمة من الاسرار ما لا يصل اليها العقل البشري ولكن يخضع خاشعا أمامها وأمام المعبود الذي جعلها موضعا لسره وعظمته. ففي حديث آخر ينقله لنا الشيخ الكليني في الكافي عن الإمام أبي عبد الله الصادق سلام الله عليه ان الله خلق محمدا وعليا نوراً –يعني روحاً بلا بدن- قبل ان يخلق سماواته وارضه وعرشه وبحره ثم جمع روحيهما فجعلهما واحدة فكانت تمجد الله وتقدسه وتهلله، ثم قسّمها ثنتين وقسّم الثنتين ثنتين، فصارت اربعة، محمد واحد، وعلي واحد، والحسن والحسين ثنتان، ثم خلق الله فاطمة من نور إبتدأها روحاً بلا بدن، ثم مسح محمد وعلي والحسن والحسين بيمينه (أي يمين نور فاطمة) فأفضى نوره فيهم! ولعل هذا هو تفسير هذا الكلام لله تبارك وتعالى حيث قال الله عز وجل لحبيبه رسول الله: يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما! (مستدرك سفينة البحار: الجزء3 ، 334).
                        ولكن مع كل هذه العظمة المكنونة عندها، انها قريبة جدا الينا نحن ابناءها وبناتها، هي أمنا، هي التي قد فطمت شيعتها ومحبيها (اي نحن) من النار وقد ضمنت لنا القرب الى الله بحبنا لها، هي مظهر لكرم وعظمة الله، هي اقرب الينا من حبل الوريد، دائما معنا تسمعنا وترانا وهذا القرب وهذه العلاقة بيننا وبينها هي من عظمتها ومن اسرارها الالهية.
                        لذلك سرعان ما يبدو الامر مؤلماً للمتابع للأحداث التاريخية حينما يقرأ في مئات الكتب عما جرى لفاطمة الزهراء سلام الله عليها بعد وفاة ابيها وفي نفس اللحظة يعلم القاريء هذه الامور من خلقتها وعظمة شأنها عند الله عز وجل وكونها موضعا لنور الله وعظمته.. كيف لا ينعصر القلب من الألم ولا تنحدر الدمعة على الخد حينما يسمع المرء عن مظلوميتها وتجرؤ الاعداء والمنافقين عليها بلطمها على خدها وعصرها وراء الباب وكسر ضلعها واسقاط جنينها المحسن وهو يعلم عن قطرة من بحار عظمة فاطمة ومكانتها في الكون ؟!! والمؤلم ان يأتيك صعاليك بعد مرور مئات السنين من استشهادها فيشككوا في مصيبتها ومظلوميتها وهي حقيقة تاريخية تشهد لها الكتب والموروث الأدبي عندنا منذ الف سنة الى يومنا هذا.. فبعد معرفتنا بها (معرفة قطرة من بحار عظمتها) هل هي لا تستحق ان نرفع اقلامنا في الدفاع عنها وعن مظلوميتها ؟!
                        ومع السلامة.

                        تعليق


                        • #27
                          موجز عن حياة ومقامات وشهادة فاطمة الزهراء عليها صلوات الله

                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                          موجز عن حياة ومقامات وشهادة فاطمة الزهراء عليها صلوات الله
                          هذا موجز عن حياة سيدة الخلق فاطمة بنت محمّد صلوات الله تعالى عليها، راجيا من الله تعالى وأهل البيت عليهم السلام الرضا والقبول.
                          فضلها عليها السلام
                          - روى الشيخ الطوسي بسنده عن إسحاق بن عمار وأبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن الله تعالى أمهر فاطمة عليها السلام ربع الدنيا، فربعها لها، وأمهرها الجنة والنار، تدخل أعداءها النار، وتدخل أولياءها الجنة، وهي الصديقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الأولى (1).
                          أسماؤها وكناها الشريفة
                          - وأسماؤها عليها السلام : فاطمة وفاطم ترخيما. وكناها : أم الحسن والحسين وأم الأئمة وأم أبيها وألقابها: الزهراء، والبتول، والحصان، والحوراء، والسيدة، والصديقة، ومريم الكبرى، ووالدة الحسن والحسين، وأم النقي، وأم التقي، وأم البلجة، وأم الرأفة، وأم العطية، وأم الموانح، وأم النورين، وأم العلا، وأم البدية، وأم الرواق الحسيبة، وأم البدريين (2).
                          أصل خلقتها النوارنية وبعض خصائصها ومناقبها سلام الله عليها
                          - روى الشيخ الصدوق بسنده عن سدير الصيرفي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
                          خلق نور فاطمة عليها السلام قبل أن تخلق الأرض والسماء .
                          فقال بعض الناس : يا نبي الله فليست هي إنسية ؟
                          فقال صلى الله عليه وآله: فاطمة حوراء إنسية قال: يا نبي الله وكيف هي حوراء إنسية ؟
                          قال: خلقها الله عز وجل من نوره قبل أن يخلق آدم إذ كانت الأرواح فلما خلق الله عز وجل آدم عرضت على آدم.
                          قيل: يا نبي الله وأين كانت فاطمة ؟ قال: كانت في حقة تحت ساق العرش، قالوا : يا نبي الله فما كان طعامها ؟ قال: التسبيح، والتهليل، والتحميد. فلما خلق الله عز وجل آدم و أخرجني من صلبه أحب الله عز وجل أن يخرجها من صلبي جعلها تفاحة في الجنة و أتاني بها جبرئيل عليه السلام فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا محمد، قلت: وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرئيل.
                          فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام. قلت: منه السلام وإليه يعود السلام. قال: يا محمد إن هذه تفاحة أهداها الله عز وجل إليك من الجنة فأخذتها وضممتها إلى صدري. قال : يا محمد يقول الله جل جلاله: كلها. ففلقتها فرأيت نورا ساطعا ففزعت منه فقال: يا محمد مالك لا تأكل ؟ كلها ولا تخف، فإن ذلك النور المنصورة في السماء وهي في الأرض فاطمة، قلت: حبيبي جبرئيل، ولم سميت في السماء " المنصورة " وفي الأرض " فاطمة " ؟
                          قال: سميت في الأرض " فاطمة " لأنها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداءها عن حبها، وهي في السماء " المنصورة " وذلك قول الله عز وجل: " يومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء " يعني نصر فاطمة لمحبيها" (3).
                          - وقال ابن عباس: لما سقطت فاطمة الزهراء إلى الأرض أزهرت الأرض، وأشرقت الفلوات، وأنارت الجبال والربوات، وهبطت الملائكة إلى الأرض ونشرت أجنحتها في المشرق والمغرب، وضربت عليها سرادقات وحجب البهاء، وكنفتها بأظلة السماء، وغشي أهل مكة ما غشيهم من النور، ودخل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى خديجة وقال: " يا خديجة، لا تحزني، إن كان قد هجرك نسوان مكة ولن يدخلن عليك، فلينزلن عندك اليوم نسوان بهجات عطرات غنجات، ينقدح في أعلاهن نور يستقبل استقبالا ويلتهب التهابا، وتفوح منهن رائحة تسر أهل مكة جميعا " فسلمت الجواري فأحسن وحيين فأبلغن - في حديث طويل - حتى وليت كل واحدة من حملها وغسلها - في الطشت الذي كان معهن - ونشفنها بالمنديل وتخليقها وتقميطها، فلما فرغن عرجن إلى السماء مثنيات عليها (4).
                          - قال العلامة البحراني: روي عن أم أيمن رضي الله عنها قالت: مضيت ذات يوم إلى منزل سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء عليها السلام لأزورها في منزلها، وكان يوما حارا من أيام الصيف، فأتيت إلى باب دارها، وإذا أنا بالباب مغلق فنظرت من شقوق الباب وإذا بفاطمة الزهراء عليها السلام نائمة عند الرحى، ورأيت الرحى تدور وتطحن البر، وهي تدور من غير يد تديرها، والمهد أيضا إلى جانبها، والحسين عليه السلام نائم فيه، والمهد يهتز ولم أر من يهزه ورأيت كفا تسبح [ لله ] قريبا من كف فاطمة الزهراء.
                          قالت أم أيمن: فتعجبت من ذلك فتركتها ومضيت إلى سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله [ وسلمت عليه ] وقلت: يا رسول الله إني رأيت اليوم عجبا، ما رأيت مثله أبدا.
                          فقال لي: ما رأيت يا أم أيمن؟
                          فقلت: إني قصدت منزل فاطمة الزهراء، فلقيت الباب مغلقا، فإذا أنا بالرحى تطحن البر، وهي تدور من غير يد [ تديرها ]، ورأيت مهد الحسين بن (فاطمة) يهتز من غير يد تهزه، ورأيت كفا يسبح لله قريبا من كف فاطمة الزهراء، [ ولم أر شخصه ] .
                          فقال: يا أم أيمن اعلمي ان فاطمة الزهراء صائمة، وهي متعبة [ جائعة ]، والزمان قيض، فألقى الله عليها النعاس فنامت، فسبحان من لا ينام، فوكل الله ملكا، يطحن عنها قوت عيالها، وأرسل [ الله ] ملكا آخر، يهز مهد ولدها الحسين عليه السلام لئلا يزعجها عن نومها، ووكل الله تعالى ملكا آخر، يسبح الله عز وجل، قريبا من كف فاطمة [ يكون ] ثواب تسبيحه لها، لأن فاطمة عليها السلام لم تفتر عن ذكر الله عز وجل، فإذا نامت جعل الله ثواب تسبيح ذلك الملك لفاطمة عليها السلام.
                          فقلت: يا رسول الله أخبرني من يكون الطحان، ومن الذي يهز مهد الحسين عليه السلام ويناغيه، ومن المسبح ؟ فتبسم النبي صلى الله عليه وآله ضاحكا، وقال: أما الطحان فهو جبرائيل، وأما الذي يهز مهد الحسين عليه السلام فهو ميكائيل، وأما الملك المسبّح فهر إسرافيل (5).
                          - وروى الشيخ الكليني بسند صحيح عن أبي الحسن عليه السلام: إنّ فاطمة عليها السلام صدّيقة شهيدة وإنّ بنات الأنبياء لا يطمثن (6).
                          في تزويجها من سيد الأوصياء عليهما السلام
                          - روى الشيخ الكليني بسنده عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول:
                          لولا أنّ الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة، ما كان لها كفو على ظهر الأرض من آدم ومن دونه (7).
                          - وقال الشيخ ابن شهر آشوب: ابن بطنة وابن المؤذن والسمعاني في كتبهم بالاسناد عن ابن عباس وأنس بن مالك قالا:
                          بينما رسول الله جالس إذ جاء علي، فقال: يا علي ما جاء بك؟
                          قال: جئت أسلم عليك، قال: هذا جبرئيل يخبرني ان الله زوجك فاطمة وأشهد على تزويجها أربعين الف ملك وأوحى الله إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدر والياقوت، فابتدرن إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدر والياقوت وهن يتهادينه بينهن إلى يوم القيامة، وكانوا يتهادون ويقولون هذه تحفة خير النساء (8).
                          فضل محبيها وكفر مبغضيها
                          - عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا سلمان من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي، ومن أبغضها فهو في النار.
                          يا سلمان حب فاطمة عليها السلام ينفع في مائة من المواطن أيسرها الموت والقبر.
                          والميزان والمحشر والصراط والعرض والحساب، فمن رضيت ابنتي عنه رضيت عنه، ومن رضيت عنه رضي الله عنه، ومن غضبت عليه فاطمة عليها السلام غضبت عليه، ومن غضبت عليه غضب الله عليه، يا سلمان ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها أمير المؤمنين عليا عليه السلام، وويل لمن يظلم شيعتها وذريتها (9).
                          خبر إستشهادها عليها السلام على يد ظالميها عليهم اللعنة والعذاب
                          - ". . . وكان كافورا أنزله جبريل عليه السلام من الجنة وثلاث صدر، فقال: يا رسول الله العلي الاعلى يقرئك السلام، ويقول لك هذا حنوطك وحنوط ابنتك فاطمة، وحنوط أخيك علي مقسوم ثلاثا، وان أكفانها من الجنة لأنها أمة أكرم على الله من أن يتولاها أحد غيره.
                          وروي انها تكفنت من بعد غسلها وحنوطها وطهارتها لا دنس فيها وانها لم يكن يحضرها الا أمير المؤمنين والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وفضة جاريتها وأسماء ابنة عميس وان أمير المؤمنين عليه السلام جهزها ومعه الحسن والحسين في الليل وصلوا عليها وأنها وصت، وقالت: لا يصلي علي أمّة نقضت عهد أمير المؤمنين عليه السلام ولم يعلم بها أحدا، ولا حضر وفاتها أحد ولا صلى عليها من سائر الناس غيرهم لأنها وصت عليها السلام، وقالت: لا يصلي علي أمة نقضت عهد الله وعهد أبي رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين بعلي وظلموني واخذوا وراثتي وحرقوا صحيفتي التي كتبها أبي بملك فدك والعوالي وكذبوا شهودي وهم والله جبريل وميكائيل وأمير المؤمنين وأم أيمن وطفت عليهم في بيوتهم وأمير المؤمنين عليهم السلام وعليه يحملني ومعي الحسن والحسين ليلا ونهارا إلى منازلهم يذكرهم بالله ورسوله لئلا يظلمونا ويعطونا حقنا الذي جعله الله لنا فيجيبون ليلا ويقعدون عن نصرتنا نهارا ثم ينفذون إلى دارنا قنفذا ومعه خالد بن الوليد ليخرجا ابن عمي إلى سقيفة بني ساعدة لبيعتهم الخاسرة ولا يخرج إليهم متشاغلا بوصاة رسول الله صلى الله عليه وآله وأزواجه وتأليف القرآن وقضاء ثمانين ألف درهم وصاه بقضائها عنه عدات ودينا فجمعوا الحطب ببابنا وأتوا بالنار ليحرقوا البيت فأخذت بعضادتي الباب وقلت: ناشدتكم الله وبأبي رسول الله عليه السلام أن تكفوا عنّا وتنصرفوا فأخذ عمر السوط من قنفذ مولى أبي بكر، فضرب به عضدي فالتوى السوط على يدي حتى صار كالدملج، وركل الباب برجله فرده علي وانا حامل فسقطت لوجهي والنار تسعر، وصفق وجهي بيده حتى انتثر قرطي من اذني وجاءني المخاض فأسقطت محسنا قتيلا بغير جرم فهذه أمة تصلي علي، وقد تبرأ الله ورسوله منها وتبرأت منها (10).
                          التبرّي من أعداء الزهراء عليها السلام أوثق عرى الإيمان
                          - روى الكافي بسنده عن عمرو بن مدرك الطائي، عن أبي عبد الله (ع) قال:
                          قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: أي عرى الايمان أوثق؟
                          فقالوا: الله ورسوله أعلم، وقال بعضهم: الصلاة، وقال بعضهم: الزكاة، وقال بعضهم: الصيام وقال بعضهم: الحج والعمرة وقال بعضهم: الجهاد، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لكل ما قلتم فضل وليس به ولكن أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله وتوالي أولياء الله و التبري من أعداء الله (11).
                          ====
                          المصادر والأدلة:
                          (1) الطوسي (محمّد بن الحسن)، الأمالي، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية، إيران، دار الثقافة، 1414هـ، ص668.
                          (2) الخصيبي (الحسين بن حمدان)، الهداية الكبرى، بيروت، مؤسسة البلاغ، 1411/ 1991، ص176 - 177.
                          (3) الصدوق القمي (محمّد بن بابويه)، معاني الأخبار، تحقيق علي أكبر الغفاري، إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، 1379هـ، ص396 - 397، حديث رقم 53.
                          (4) ابن حمزة الطوسي (عماد الدين محمد بن علي)، الثاقب في المناقب، تحقيق نبيل رضا علوان، الطبعة الأولى، إيران، مؤسسة أنصاريان، 1412هـ، ص286 - 287.
                          (5) البحراني (هاشم بن سليمان)، مدينة معاجز الأئمة الإثنى عشر ودلائل الحجج على البشر، تحقيق عزّة الله المولائي الهمداني، إيران، مؤسسة المعارف الإسلامية، 1414هـ، ج4، ص46 - 48.
                          (6) الكليني (محمد بن يعقوب)، الكافي، تحقيق علي أكبر غفاري، الطبعة الثالثة، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1388هـ، ج1، ص458 حديث رقم 2.
                          (7) الكليني، المصدر نفسه، ج1، ص461، حديث رقم 10.
                          (8) ابن شهر آشوب (شير الدين محمد بن علي المازندراني)، مناقب آل أبي طالب، تحقيق لجنة من أساتذة النجف الأشرف، العراق، المطبعة الحيدرية، 1375/ 1956، ج3، ص123 - 124.
                          (9) ابن شاذان القمّي (محمد بن أحمد)، مائة منقبة، تحقيق محمد باقر بن المرتضى الموحد الأبطحي، الطبعة الأولى، إيران، مدرسة الإمام المهدي عليه السلام بالحوزة العلمية، 1407هـ، ص126 – 127، المنقبة رقم 61.
                          (10) الخصيبي (الحسين بن حمدان)، الهداية الكبرى، الطبعة الرابعة، بيروت، مؤسسة البلاغ، 1411/ 1991، ص178 - 179.
                          (11) الكليني، المصدر السابق، ج2، ص125 - 126، حديث رقم 6.

                          ونسألكم الدعاء.

                          تعليق


                          • #28
                            لله في خلقه شؤونُ

                            تعليق


                            • #29
                              ضع هذه الروايات بأسانيدها وسنرى كيف صحت عندك ؟

                              تعليق


                              • #30
                                المشاركة الأصلية بواسطة كرار أحمد
                                ضع هذه الروايات بأسانيدها وسنرى كيف صحت عندك ؟

                                يا سلفي أما تستحي من الكذب فأنه عار في الدنيا ونار في الأخرة

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
                                استجابة 1
                                10 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
                                ردود 2
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                يعمل...
                                X