إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مقالات علماء الشيعة الإمامية في طهارة نساء الأنبياء عليهم السلام (عائشة عند الشيعة)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقالات علماء الشيعة الإمامية في طهارة نساء الأنبياء عليهم السلام (عائشة عند الشيعة)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
    واللعنة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين

    أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وآله عند الشيعة الإمامية


    (عائشة عند الشيعة الإمامية)

    مجموعة من مقالات علماء الشيعة الإمامية في طهارة نساء الأنبياء عليهم السلام

    براءة زوجات الأنبياء عليهم السلام من الفحش والفجور

    كثيراً ما يروج من لا يخاف الله من أعداء الشيعة أن الشيعة يطعنون في عرض رسول الله صلى الله عليه وآله، ويتهمون عائشة بالزنا.
    والشيعة وإن كانوا لا ينزهون أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله عن الكفر، إلا أنهم ينزهونهن عن فعل الفجور والفاحشة؛ لأن فعل الزوجة للفاحشة عادة ما يشين الزوج، ويعيبه، ويحط من قدره، وأما كفر الزوجة فلا يشين الزوج ولا ينقصه، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز مثلا لمن كفر من زوجات الأنبياء عليهم السلام، وهما زوجتا نوح ولوط عليهما السلام، فقال تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ).
    وقد ناقشنا قضية (زنا) عائشة والعياذ بالله في هذا الموضوع (اضغط هنا).
    ونذكر هنا كلمات أعلام الشيعة قديماً وحديثاً المتضافرة في تنزيه زوجات الأنبياء عليهم السلام عن الفحش والفجور، وإليك بعضا منها:

  • #2



    من الوجوه التي اعتمد عليها الناصب نوح الحنفي في تكفير الشيعة الإمامية والتي يذكرها السيد شرف الدين في كتابه المذكور ص 143:

    الفصل التاسع فيمن أفتى بكفر الشيعة

    وتفصيل ما استدل به على ذلك والغرض استئصال بذور الشقاق بإيضاح خطأه واجتثاث أرومة الافتراق ببيان اشتباهه حرصا على أن لا يكال بصاعه، واتقاء من تصديقه واتباعه، وقد اقتصرنا من ذلك على ما وجدناه في باب الردة والتعزير منالفتاوى الحامدية وتنقيحها بإمضاء الشيخ نوح الحنفي لاشتهار هذين الكتابينورجوع من بأيديهم منصب الفتوى في المملكة المحروسة إليهما.

    قال في جواب من سأله عن السبب في وجوب مقاتلة الشيعة وجواز قتلهم:

    إعلم أسعدك الله أن هؤلاء الكفرة والبغاة الفجرة جمعوا بين أصناف الكفر والبغي والعناد، وأنواع الفسق والزندقة والالحاد، ومن توقف في كفرهم وإلحادهم ووجوب قتالهم وجواز قتلهم فهو كافر مثلهم...


    الى أن يقول السيد شرف الدين:


    قال: ... ومنها أنهم يطولون ألسنتهم على عائشة الصديقة رضي الله عنها ويتكلمون في حقها ما لا يليق بشأنها (من أمر الإفك) من أن الله تعالى أنزل عدة آيات في براءتها (قال والله يعلم أنه كاذب فيما قال) فهم كافرون بتكذيب القرآن العظيم وسابون النبي ضمنا بنسبتهم إلى أهل بيته هذا الأمر العظيم، ...

    إلى أن قال: فيجب قتل هؤلاء الأشرار الكفار تابوا أو لم يتوبوا، ثم حكم باسترقاق نسائهم وذراريهم ا ه‍ .


    ويجيب السيد شرف الدين، فيقول:

    الوجه الخامس: انهم يطولون السنتهم على عائشة الصديقة رضي الله عنها ويتكلمون في حقها من أمر الافك والعياذ بالله ما لا يليق بشأنها.. إلى آخر افكه وبهتانه.

    والجواب: أنها [عائشة] عند الامامية وفي نفس الأمر والواقع أنقى جيبا واطهر ثوبا وأعلى نفسا وأغلى عرضا وامنع صوتا وارفع جنابا وأعز خدرا واسمى مقاما من أن يجوز عليها غير النزاهة أو يمكن في حقها الا العفة والصيانة، وكتب الامامية قديمها وحديثها شاهد عدل بما أقول، على أن أصولهم في عصمة الانبياء تحيل ما بهتها به أهل الافك بتاتا، وقواعدهم تمنع وقوعه عقلا ولذا صرح فقيه الطائفة وثقتها أستاذنا المقدس الشيخ محمد طه النجفي أعلى الله مقامه بما يستقل بحكمه العقل من وجوب نزاهة الأنبياء عن أقل عائبة ولزوم طهارة أعراضهم عن أدنى وصمة فنحن والله لا نحتاج في براءتها الى دليل ولا نجوز عليها ولا على غيرها من أزواج الأنبياء والأوصياء كل ما كان من هذا القبيل.

    قال سيدنا الامام الشريف المرتضى علم الهدى في المجلس 38 من الجزء الثاني من أماليه [اضغط هنا] ردا على من نسب الخنا الى امرأة نوح ما هذا لفظه:
    ان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يجب عقلا ان ينـزهوا عن مثل هذه الحال لأنها تعر وتشين وتغض من القدر، وقد جنب الله تعالى أنبياءه عليهم الصلاة والسلام ما هو دون ذلك تعظيما لهم وتوقيرا لكل ما ينفر عن القبول منهم...
    الى آخر كلامه الدال على وجوب نزاهة امرأة نوح وامرأة لوط من الخنا، وعلى ذلك اجماع مفسري الشيعة ومتكلميهم وسائر علمائهم.
    نعم ننتقد من أفعال أم المؤمنين خروجها من بيتها بعد قوله تعالى «وقرن في بيوتكن» وركوبها الجمل بعد تحذيرها من ذلك ومجيئها الى البصرة تقود جيشا عرمرما تطلب على زعمها بدم عثمان، وهي التي أمالت حربه وألبت عليه وقالت فيه ما قالت، ونلومها على أفعالها في البصرة يوم الجمل الأصغر مع عثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة ونستنكر أعمالها يوم الجمل الأكبر مع امير المؤمنين ويوم البغل حيث ظنت أن بني هاشم يريدون دفن الحسن المجتبى عند جده صلى الله عليه وآله وسلم فكان ما كان منها ومن مروان، بل نعتب عليها في سائر سيرتها مع سائر أهل البيت عليهم السلام.
    والناصب الكاذب بلغ عداوة الشيعة الى حد لا يبلغه مسلم وتجشم في بغضائهم مسلكا لا يسلكه موحد، اذ وصم الاسلام واهله بما افتراه في هذا الوجه على الشيعة وهم نصف المسلمين وصمة اقر بها عيون الكافرين وفرى بها مرائر الموحدين وظلم ام المؤمنين وجميع المسلمين، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

    تعليق


    • #3


      السيّد محمّد حسين الطباطبائي(قدس سره)
      (1321ﻫ ـ 1402ﻫ)


      طهارة نساء النبي ثابتة بالدليل العقلي
      والقول بشك النبي صلى الله عليه وآله بأهله غير صحيح


      قال السيد الطباطبائي رحمه الله:
      أقول: والرواية [المروية في الدر المنثور عن عائشة في قصة الافك] مروية بطرق أخرى عن عائشة أيضا وعن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي اليسر الأنصاري وأم رومان أم عائشة وغيرهم وفيها بعض الاختلاف: وفيها إن الذين جاءوا بالإفك عبد الله بن أبي بن سلول ومسطح بن أثاثة وكان بدريا من السابقين الأولين من المهاجرين، وحسان بن ثابت، وحمنة أخت زينب زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وفيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعاهم بعد ما نزلت آيات الإفك فحدهم جميعا غير أنه حد عبد الله بن أبي حدين وإنما حده حدين لأنه من قذف زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان عليه حدان.

      وفي الروايات على تقاربها في سرد القصة إشكال من وجوه: أحدها: أن المسلم من سياقها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في ريب من أمر عائشة بعد تحقق الإفك كما يدل عليه تغير حاله بالنسبة إليها في المعاملة باللطف أيام اشتكائها وبعدها حتى نزلت الآيات، ويدل عليه قولها له حين نزلت الآيات وبشرها به: بحمد الله لا بحمدك، وفي بعض الروايات أنها قالت لأبيها وقد أرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليبشرها بنزول العذر: بحمد الله لا بحمد صاحبك الذي أرسلك، تريد به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي الرواية الأخرى عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما وعظها أن تتوب إلى الله إن كان منها شيء وفي الباب امرأة جالسة قالت له عائشة: أما تستحي من هذه المرأة أن تذكر شيئا.

      ومن المعلوم أن هذا النوع من الخطاب المبني على الإهانة والإزراء ما كان يصدر عنها لو لا أنها وجدت النبي في ريب من أمرها. كل ذلك مضافا إلى التصريح به في رواية عمر ففيها: "فكان في قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما قالوا".

      وبالجملة دلالة عامة الروايات على كون النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ريب من أمرها إلى نزول العذر مما لا ريب فيه، وهذا مما يجل عنه مقامه صلى الله عليه وآله وسلم. كيف؟ وهو سبحانه يقول: "لو لا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين" فيوبخ المؤمنين والمؤمنات على إساءتهم الظن وعدم ردهم ما سمعوه من الإفك.

      فمن لوازم الإيمان حسن الظن بالمؤمنين، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أحق من يتصف بذلك ويتحرز من سوء الظن الذي من الإثم وله مقام النبوة والعصمة الإلهية.

      على أنه تعالى ينص في كلامه على اتصافه صلى الله عليه وآله وسلم بذلك إذ يقول: "ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم، والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم": التوبة: 61.

      على أنا نقول: إن تسرب الفحشاء إلى أهل النبي ينفر القلوب عنه فمن الواجب أن يطهر الله سبحانه ساحة أزواج الأنبياء عن لوث الزنا والفحشاء وإلا لغت الدعوة، وتثبت بهذه الحجة العقلية عفتهن واقعا لا ظاهرا فحسب، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أعرف بهذه الحجة منا فكيف جاز له أن يرتاب في أمر أهله برمي من رام أو شيوع من إفك...

      تعليق


      • #4



        الفرية الأخرى التي يحاولون في الآونة الأخيرة أن يلصقوها باتباع وعلماء مدرسة أهل البيت أن يقولون أن هؤلاء يطعنون في عرض النبي الأكرم صلى الله عليه وآله بعبارة أخرى يقولون أن الشيعة يطعنون في أزواج النبي، وهنا بودي أن أشير إلى مجموعة من الملاحظات ولو إجمالاً:
        الملاحظة الأولى: التي لابد أن أقف عندها وأشير إليها: أننا نعتقد اعتقادا كاملاً، وليس هذا اعتقادي أنا فقط، بل كل علماء مدرسة أهل البيت يعتقدون أن القرآن الكريم عندما قال "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" أن جميع أزواج النبي إنما هن أمهات المؤمنين، نعم، هذا الحكم التشريعي وهذا الحكم الفقهي الذي صدر في الآيات المباركة ما هي حدود ذلك، هذا بحث آخر لعلنا نوفق للإشارة إليها.
        ومن هنا أنا أدعو جميع الذين يخرجون على الفضائيات عندما يذكرون أزواج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله يذكرونهن بعنوان أنهن أمهات المؤمنين، لا أننا نجد أن البعض عندما يصل إلى عائشة يقول أم المؤمنين، ولكن عندما يأتي إلى أم سلمة لا يقول أم المؤمنين، وتلك قسمة ضيزى، هذه زوجة النبي وهذه زوجة النبي، فلا ينبغي التبعيض، جميع أزواج النبي صلى الله عليه وآله، جميع أزواج النبي هن أمهات المؤمنين، هذا الأمر الأول.
        الملاحظة الثانية: أنه لا ينبغي لأحد ولا يصح من أحد أن يتكلم بأي أمر يسيء أو يهين أزواج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ولا أقل للقاعدة التي نحن تعلمناها (ألف عين لأجل عين تكرم) لما كُنَّ هؤلاء أزواج النبي فلا يمكن أن نشير إليهن أو نوجه إليهن شيء من الإهانة والإساءة فضلاً أن نطعن في عرض النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، يعني في عرض أزواج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، هذا ليس منهج علماء مدرسة أهل البيت، علماء مدرسة أهل البيت كلهم يعتقدون أن أزواج النبي الأكرم بل أزواج جميع الأنبياء لا إشكال ولا شبهة أنه لا يصل إلى عرضهن شيءٌ من السوء والفحشاء والمنكر.

        هذه حقيقة لابد أن يلتفت إليها المشاهد الكريم ولا يستمع إلى بعض هذه الأصوات النشاز التي تخرج على الفضائيات وتنسب نفسها إلى مدرسة أهل البيت، وأهل البيت منهم براء، ومدرسة أهل البيت منهم براء، هؤلاء لا يمثلون مدرسة أهل البيت، مجموعة من الجهلة وضعوا على رؤوسهم إما قطعة سواء أو بيضاء، وإلا فأنتم اذهبوا إلى حوزاتنا وكتبنا تجدون إصراراً من أكابر علمائنا على طهارة أعراض النبي صلى الله عليه وآله من أي فحشاء أو منكر.
        أنا أشير فقط إلى كلمة من كلمات علم من أعلامنا المعاصرين وهو السيد العلامة الطباطبائي في كتابه المهم (الميزان في تفسير القرآن، ج15، في ذيل الآية 26من سورة النور) للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي، منشورات مؤسسة الأعلمي، بيروت، لبنان، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى رأي علماء مدرسة أهل البيت في عرض النبي وعرض أزواج النبي بل أزواج الأنبياء جميعاً، في ذيل الآية (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) وهي الآية 26 من سورة النور، قال:
        على أنا نقول أن تسرب الفحشاء والفحشاء أعم من الزنا، يعني أي أمر يسيء، سواء كان الزنا أو دون الزنا، أن تسرب الفحشاء إلى أهل النبي ينفر القلوب عنه، أي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، فمن الواجب، يعني من الواجب في الحكمة الإلهية، فمن الواجب أن يطهر الله سبحانه ساحة أزواج الأنبياء، لا فقط أزواج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، نحن حتى الأنبياء الذين ليسوا من أولي العزم، كما في امرأة نوح وامرأة لوط فما بالك بغيرها، مع أن صريح القرآن يقول فخانتاهما كما في سورة التحريم، يقول: فمن الواجب في الحكمة الإلهية أن يطهر الله سبحانه ساحة أزواج الأنبياء عن لوث الزنا والفحشاء، لا فقط الزنا بل كل ما يمس أعراض أزواج الأنبياء جميعاً وبالخصوص أعراض أزواج خاتم الأنبياء والمرسلين وهن جميع أمهات المؤمنين، وإلا إن لم يفعل الله سبحانه وتعالى ذلك، يقول: وإلا لغت الدعوة، الدعوة الإلهية تكون لاغية وتكون عبثاً، وتثبت بهذه الحجة العقلية، يعتبرها من الأدلة العقلية لطهارة أذيال أزواج الأنبياء جميعاً، وتثبت بهذه الحجة العقلية عفتهن واقعاً، لا ظاهراً بحسب، لا أنه لم تقم عندنا بينا على أنه لم يصدر منها زنا أو فحشاء بل حقيقة وواقعاً أزواج النبي جميعاً مطهرات من أي فحشاء أو أي شيء يلوث أعراض أزواج الأنبياء جميعاً، وإلا لغت الدعوة وتثبت بهذه الحجة العقلية عفتهن واقعاً لا ظاهراً فحسب، والنبي صلى الله عليه وآله أعرف بهذه الحجة منا، هذه الحقيقة يذكرها السيد الطباطبائي، يقول أن جملة من الروايات التي وردت من الفريقين يقولون أن رسول الله صلى الله عليه وآله شك في عرض زوجه، عندما وقعت قضية الافك، السيد الطباطبائي رحمة الله تعالى عليه يقول هذه الروايات كذا، ولكنه هذا مما يجل عنه مقامه صلى الله عليه وآله الرسول أجل من أن يشك في عرضه، وهذا قرأناها إذا يتذكر المشاهد الكريم أن ابن تيمية قال أن أول من شك وراب في أمرها هو رسول الله، السيد الطباطبائي يجل رسول الله عن هذا المقام، كيف يمكن أن يشك في عرضه، إذن هذه القضية أنا وقفت عندها قليلاً.
        الملاحظة الثالثة: ولكن هذا لا يعني أن كل أزواج النبي صلى الله عليه وآله أو أن بعض أزواج النبي لم تكن لهن مواقف ثبت خطأه، ولكن إثبات الخطأ لبعض مواقف أزواج الأنبياء شيء والاهانة والإساءة والتعرض لعرضهن شيء آخر، لا توجد ملازمة بينهما، وهذا ما أريد أن أشير إليه في جملة واحدة، العلامة الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج1، القسم الثاني، ص854) بعد أن يشير إلى الحديث المعروف، حديث الحوأب، أيتكن تنبح عليها كلام الحوأب، وجملة القول أن الحديث صحيح الإسناد، ولا إشكال في متنه، فإن قلت: كيف يمكن أن عائشة فعلت ذلك، فإن غاية ما فيه أن عائشة لما علمت بالحوأب كان عليها أن ترجع، يقول الألباني: بعد أن رأت هذه العلامة الفارقة التي أشار لها رسول الله كان عليها أن ترجع، ولكن الحديث يدل على أنها لم ترجع، ويقول وهذا هل يليق بأم المؤمنين عائشة أم لا يليق؟ يقول: وجوابنا [على ذلك] أنه ليس كل ما يقع من الكمل يكون لائقاً [بهم]، قد يصدر منهم ما لا يليق بهم، يقول: لأننا لا نعتقد بعصمة أزواج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ولذا يقول: والسني لا ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه، الآن نجد على بعض الفضائيات وكأنه لا يحق لنا أن نذكر الحقائق التاريخية، لا، نذكر ولكن من غير إهانة، من غير تسقيط، من غير انتقاص، من غير تعرض لعرض أزواج النبي. يقول: ولا نشك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله، هذا العلامة الألباني يقول، (سلسلة الأحاديث الصحيحة) يقول كان خطأ من أصلة، يقول: والشاهد ولذلك همت بالرجوع حين علمت بتحقق نبوءة النبي عند الحوأب ولكن الزبير أقنعها بترك الرجوع بقوله: عسى الله أن يصلح بك بين الناس، يعني اجتهدت فأخطأت، الآن ليس بحثنا أنها اجتهدت أو لم تجتهد، أنها مؤاخذة أو غير مؤاخذة، المهم أن العلامة الألباني يصرح أن خروجها كان خطأ. ولا نشك أنه مخطأً في ذلك أيضاً، يعني أن الزبير كان مخطأ، والغريب أننا نجد على بعض الفضائيات البائسة واقعاً أنه إذا قال بعض علمائنا وبعض أعلامنا أن الزبير أخطأ في الخروج على علي يقولون بأنه انتقص الصحابة، وهذا الألباني يقول بأنه أخطأ، يقول: والعقل يقطع بأنه لا مناص بالقول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلين، يعني في الجمل، اللتين وقع فيهما مئات القتلى، ولا شك أن عائشة هي المخطئة، لا شك في ذلك، لأسباب كثيرة وأدلة واضحة ومنها ندمها على خروجها، يقول هذا خير شاهد على خطئها وإلا لماذا تندم، ولذا ينقل رواية، يقول: وقد أظهرت عائشة الندم كما أخرجه ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب عن ابن أبي عتيق عن أبي بكر وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن، ما منعك أن تنهاني عن مسيري، قال: رأيت رجلاً غلب عليك، يعني [ابن] الزبير، فقالت: أما والله لو نهيتني ما خرجت. إلى أن يقول العلامة الألباني: وقال أيضاً إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: قالت عائشة وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها، كانت تريد أن تدفن إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالت: إني أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله حدثاً، هذا إقرار من عائشة أنها أخطأت، ما هو الحديث؟ هو يقول: ادفنوني مع أزواجه فدفنت بالبقيع، قلت – العلامة الألباني- : تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل، فأنها ندمت ندامة كلية وتابت من ذلك، هذا حديث آخر.
        وخلاصة ما تقدم وهو أنه أساساً لابد أن نمشي على هذا الصراط المستقيم وأنا أدعو كل أخواني وأبنائي من الخطباء والعلماء وأهل المنبر والفضائيات أن لا يستمعوا لهؤلاء الجهلة من هذا الطرف أو من ذاك الطرف وهو الطعن بعرض النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أو الإساءة أو الاهانة، ولكن هذا لا يعني أن بعضهن لم تخطأ وأنها ندمت على ذلك.

        حديث الثقلين سندا ودلالة القسم السادس بتاريخ 29 / 11 / 2011

        موضوع متصل:
        موقف مدرسة أهل البيت عليهم السلام من ام المؤمنين عائشة (اضغط هنا)


        ولننقل كامل كلام الالباني:
        وجملة القول أن الحديث صحيح الإسناد, و لا إشكال في متنه خلافا لظن الأستاذ الأفغاني, فإن غاية ما فيه أن عائشة رضي الله عنها لما علمت بالحوأب كان عليها أن ترجع, والحديث يدل أنها لم ترجع! وهذا مما لا يليق أن ينسب لأم المؤمنين. و جوابنا على ذلك أنه ليس كل ما يقع من الكمل يكون لائقا بهم, إذ لا عصمة إلا لله وحده. والسني لا ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه حتى يرفعه إلى مصاف الأئمة الشيعة المعصومين! ولا نشك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله و لذلك همت بالرجوع حين علمت بتحقق نبؤة النبي صلى الله عليه وسلم عند الحوأب, و لكن الزبير رضي الله عنه أقنعها بترك الرجوع بقوله “عسى الله أن يصلح بك بين الناس“ ولا نشك أنه كان مخطئا في ذلك أيضا. والعقل يقطع بأنه لا مناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلى ولا شك أن عائشة رضي الله عنها المخطئة لأسباب كثيرة وأدلة واضحة, ومنها ندمها على خروجها, وذلك هو اللائق بفضلها وكمالها, وذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور بل المأجور. قال الإمام الزيلعي في “ نصب الراية “ ( 4 / 69 - 70 ) : “و قد أظهرت عائشة الندم, كما أخرجه ابن عبد البر في “كتاب الإستيعاب“ عن ابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري ? قال: رأيت رجلا غلب عليك يعني ابن الزبير فقالت: أما والله لو نهيتني ما خرجت انتهى“. ولهذا الأثر طريق أخرى, فقال الذهبي في “سير النبلاء“ (78 - 79) : “وروى إسماعيل بن علية عن أبي سفيان بن العلاء المازني عن ابن أبي عتيق قال: قالت عائشة: إذا مر ابن عمر فأرنيه, فلما مر بها قيل لها: هذا ابن عمر, فقالت: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري? قال: رأيت رجلا قد غلب عليك. يعني ابن الزبير“. وقال أيضا: “إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: قالت عائشة وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها, فقالت: إني أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثا, ادفنوني مع أزواجه, فدفنت بالبقيع رضي الله عنها. قلت: تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل, فإنها ندمت ندامة كلية, وتابت من ذلك. على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة قاصدة للخير, كما اجتهد طلحة بن عبد الله والزبير بن العوام وجماعة من الكبار رضي الله عن الجميع“. وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي وائل قال: ولما بعث علي عمارا والحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة, ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها“. يعني عائشة. وكانت خطبته قبل وقعة الجمل ليكفهم عن الخروج معها رضي الله عنها.

        تعليق


        • #5

          "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنْ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلاَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ * وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" النور: 11، 15...

          المعنى: "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ" أي: بالكذب العظيم الذي قلب فيه الأمر عن وجهه "عُصْبَةٌ مِنْكُمْ" أيها المسلمون.

          قال ابن عباس، وعائشة: منهم عبد الله بن أبي سلول، وهو الذي تولى كبره، ومسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش.

          "لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ" هذا خطاب لعائشة وصفوان، لأنهما قُصِدا بالإفك، ولمن اغتم بسبب ذلك، وخطاب لكل من رمي بسبب، عن ابن عباس أي: لا تحسبوا غم الإفك شرا لكم، بل هو خير لكم، لأن الله تعالى يبرئ عائشة، ويأجرها بصبرها واحتسابها، ويلزم أصحاب الإفك ما استحقوه بالإثم الذي ارتكبوه في أمرها.

          وقال الحسن: هذا خطاب للقاذفين من المؤمنين، والمعنى: لا تحسبوا أيها القذفة هذا التأديب شرا لكم، بل هو خير لكم، فإنه يدعوكم إلى التوبة، ويمنعكم عن المعاودة إلى مثله.

          "لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنْ الإِثْمِ" أي: لكل امرئ من القذفة جزاء ما اكتسبه من الإثم، بقدر ما خاض وأفاض فيه. وقيل: معناه على كل امرئ منهم عقاب ما اكتسب، كقوله: "وإِنْ أسَأْتُم فَلَهَا" أي: فعليها. "وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ" أي: تحمل معظمه "مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ". المراد به عبد الله بن أبي سلول أي: فإنه كان رأس أصحاب الإفك، كان يجتمع الناس عنده، ويحدثهم بحديث الإفك، ويشيع ذاك بين الناس، ويقول: قال امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت، ثم جاء يقودها، والله ما نجت منه، ولا نجا منها. والعذاب العظيم: عذاب جهنم في الآخرة. وقيل: المراد به مسطح بن أثاثة. وقيل: حسان بن ثابت، فإنه روي أنه دخل على عائشة بعد ما كف بصره، فقيل لها: إنه يدخل عليك، وقد قال فيك ما قال وقد قال الله تعالى " وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ" فقالت عائشة: أليس قد كف بصره، فأنشد حسان قوله فيها:
          حصان، رزان، فاتزن بريبة *** وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
          فقالت عائشة: لكنك لست كذلك.

          "لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا" معناه: هلا حين سمعتم هذا الإفك من القائلين له، ظن المؤمنون والمؤمنات بالذين هم كأنفسهم خيرا، لأن المؤمنين كلهم كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور. فإذا جرى على أحدهم محنة، فكأنها جرت على جماعتهم، فهو كقوله: "فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ" عن مجاهد. وعلى هذا يكون خطابا لمن سمعه، فسكت ولم يصدق ولم يكذب. وقيل. هو خطاب لمن أشاعه، والمعنى: هلا إذا سمعتم هذا الحديث، ظننتم بها ما تظنونه بأنفسكم، لو خلوتم بها، وذلك لأنها كانت أم المؤمنين. ومن خلا بأمه لا يطمع فيها، وهي لا تطمع "وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ" أي: وهلا قالوا هذا القول كذب ظاهر.

          "لَوْلاَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ" أي: هلا جاءوا على ما قالوه ببينة، وهي أربعة شهداء يشهدون بما قالوه.

          "فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ" أي: فحين لم يأتوا بالشهداء "فأولِئَكَ" الذين قالوا هذا الإفك "عِنْدَ اللهِ" أي: في حكمه "هُمُ الكاذِبونَ".

          "وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا" بأن أمهلكم لتتوبوا، ولم يعاجلكم بالعقوبة "لَمَسَّكُمْ" أي: أصابكم "فِي مَا أَفَضْتُمْ" أي: خضتم "فيهِ" من الإفك "عَذَابٌ عَظِيمٌ" أي: عذاب لا انقطاع له، عن ابن عباس.

          ثم ذكر الوقت الذي كان يصيبهم العذاب فيه لولا فضله فقال: "إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ" أي: يرويه بعضكم عن بعض، عن مجاهد، ومقاتل. وقيل: معناه تقبلونه من غير دليل، ولذلك أضافه إلى اللسان. وقيل: معناه يلقيه بعضكم إلى بعض، عن الزجاج.

          "وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا" أي: تظنون أن ذلك سهل، لا إثم فيه "وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ" في الوزر، لأنه كذب وافتراء.
          "وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيم وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيم". النور: 16، 20

          المعنى: ثم زاد سبحانه في الإنكار عليهم، فقال: "وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ" أي: هلا قلتم حين سمعتم ذلك الحديث "مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا" أي: لا يحل لنا أن نخوض في هذا الحديث، وما ينبغي لنا أن نتكلم به "سُبْحَانَكَ" يا ربنا "هَذَا" الذي قالوه "بُهْتَانٌ عَظِيمٌ" أي: كذب وزور عظيم عقابه، أو نتحير من عظمه. وقيل: إن سبحانك هنا معناه التعجب كقول الأعشى: سبحان من علقمة الفاخر. وقيل: معناه ننزهك ربنا من أن نعصيك بهذه المعصية.

          ثم وعظ سبحانه الذين خاضوا في الإفك فقال: "يَعِظُكُمْ اللَّهُ" أي: ينهاكم الله، عن مجاهد. وقيل: يحرم الله عليكم "أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ" عن ابن عباس. وقيل: معناه كراهة أن تعودوا، أو لئلا تعودوا إلى مثله من الإفك "أَبَدًا" أي: طول أعماركم "إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ" أي: مصدقين بالله ونبيه، قابلين موعظة الله. "وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآياتِ" في الأمر والنهي "وَاللَّهُ عَلِيمٌ" بما يكون منكم "حَكِيمٌ" فيما يفعله، لا يضع الشيء إلا في موضعه.

          ثم هدد القاذفين فقال: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ" أي: يفشوا ويظهروا الزنا والقبائح "فِي الَّذِينَ آمَنُوا" بأن ينسبوها إليهم، ويقذفوهم بها "لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا" بإقامة الحد عليهم "وَالآخِرَةِ" وهو عذاب النار "وَاللَّهُ يَعْلَمُ" ما فيه من سخط الله، وما يستحق عليه من المعاقبة "وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" ذلك.

          ثم ذكر فضله ومنته عليهم فقال: "وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيم" لعاجلكم بالعقوبة، ولكنه برحمته أمهلكم لتتوبوا وتندموا على ما قلتم. وجواب "لَوْلا" محذوف لدلالة الكلام عليه.

          النظم: لما بين سبحانه أحكام قذف المحصنات، وعظم أمره، عقب ذلك بأحكام قذف الزوجات. ثم عطف بعد ذلك قذف الأمهات، فإن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أمهات المؤمنين بدلالة قوله تعالى: "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" الآية.

          تعليق


          • #6


            سماحة الشيخ جعفر السبحاني

            بسم الله الرحمن الرحيم

            سماحة المرجع الكبير آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني مد ظله العالي
            إن الشيعة الإمامية كما هو ثابت عندنا تعتقد بخروج عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله عن الخط الذي خطه لها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله حيث خرجت من بيتها وحاربت اميرالمؤمنين عليه السلام في حرب الجمل وتسببت في قتل آلاف المؤمنين وغيرها من الامور الدالة على معصيتها وعداوتها لأهل البيت عليهم السلام، ولكن في نفس الوقت فإن الشيعة الامامية كما هو ثابت ومجمع عليه بين فقهائنا تنزه ساحتها وساحة جميع نساء النبي صلى الله عليه وآله بل وكافة نساء الانبياء عليهم السلام عن تهمة "الزنا".
            سماحة المرجع الكبير:
            للأسف الشديد كان ومازال أفراد معدودون ممن يحسبون على خطباء وطلاب الشيعة الإمامية ينسبون تهمة "الزنا" و"الفحشاء" وبألفاظ صريحة ونابية بحق زوج النبي صلى الله عليه وآله عائشة، مما تسبب بأضرار كبيرة بحق مذهب أهل البيت عليهم السلام وبفقهاء الطائفة مما لا يمكن دفعه إلا بوقفة صريحة وشجاعة من قبلكم وسائر الطبقة الاولى من فقهاء الامامية الاعلام.

            فما رأي سماحتكم:

            أولا: بهذه التهمة: وهي نسبة "الزنا" بحق زوج النبي صلى الله عليه وآله عائشة؟

            ثانيا: رأيكم فيمن يصرح بهذه التهمة ويعلن عنها في كل مناسبة وغير مناسبة في الحسينيات وعبر القنوات الفضائية ممن يحسب على الخطباء وطلاب الحوزة الدينية والذين لا يمكن وصفهم بالجهل والقصور؟

            بسمه تعالى
            رأينا في الموضوع ما ذكره أمين الاسلام الطبرسي في مجمع البيان عند تفسير سورة النور فعليكم بالرجوع الى مجمع البيان حتى تتضح حقيقة الحال عند الامامية.
            والله العالم
            جعفر السبحاني
            15 ذي الحجة 1432

            نقلا عن موقع عقائد الشيعة


            الملفات المرفقة

            تعليق


            • #7



              باسمه جلت اسمائه
              نسبة تهمة الزنا الى عائشة كذب.
              أولا: لأنها إهانة لرسول الله صلى الله عليه وآله سيما مع معاشرته صلى الله عليه وآله لها.
              ثانيا: إن النبي صلى الله عليه وآله لما كان مسافرا واتهمت عائشة بالارتباط مع رجل معها وأخرجها النبي صلى الله عليه وآله من بيته وأرسلها الى بيت ابيها نزلت الآية الكريمة ببرائتها.
              ثالثا: ورد خبر معتبر دال على أن نساء الأنبياء عليهم السلام لا يزنين.

              ولكن لا شبهة في أن محاربة الإمام علي عليه السلام أشد من معصية الزنا.
              الروحاني
              1433
              الختم الشريف
              نقلا عن موقع عقائد الشيعة


              الملفات المرفقة

              تعليق


              • #8

                بسم الله الرحمن الرحيم
                سماحة آية الله العظمى الشيخ لطف الله صافي الكلبايكاني مد ظله العالي
                السلام عليكم
                كما هو ثابت عندنا نحن الشيعة الإمامية خروج عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله عن الخط الذي خطه لها الله تعالى ورسوله حيث خرجت من بيتها وحاربت اميرالمؤمنين عليه السلام وتسببت في قتل آلاف المؤمنين وغيرها من الامور الدالة على معصيتها وعداوتها لأهل البيت عليهم السلام، ولكن في نفس الوقت وكما هو مجمع عليه عندنا فإن الشيعة الامامية تنزه ساحتها وساحة جميع نساء النبي صلى الله عليه وآله بل وكافة نساء الانبياء عليهم السلام عن تهمة الزنا والفحشاء والعياذ بالله.
                سماحة المرجع الكبير:للأسف الشديد كان ومازال طائفة صغيرة ممن يحسبون على خطباء وطلاب الشيعة الإمامية وعوام الناس ينسبون تهمة "الزنا" و"الفحشاء" وبألفاظ صريحة ونابية بحق زوج النبي صلى الله عليه وآله عائشة، مما تسبب ويتسبب بأضرار كبيرة بحق مذهب أهل البيت عليهم السلام وبفقهاء الطائفة مما لا يمكن دفعه إلا بوقفة صريحة وشجاعة من قبلكم وسائر طبقة الفقهاء الامامية المعاصرين في إظهار الحق.

                فما رأي سماحتكم:

                أولا: بهذه التهمة؟

                ثانيا: فيمن يروج لهذه العقيدة الفاسدة وينسبها لأهل البيت عليهم السلام ولفقهاء وعلماء الطائفة اعلى الله مقامهم من على المنابر والقنوات الفضائية؟
                دمتم للإسلام

                بسم الله الرحمن الرحيم

                عليكم السلام ورحمة الله
                لا يجوز نسبة الزنا والفاحشة لنساء الانبياء عموما ومثل هكذا التهمة فهي باطلة وحرام وإن كنا نختلف في نظرتنا لبعض نساء الانبياء لما دل القرآن على ان امراءة نوح وامراءة لوط وما ورد في حق عائشة وحفصة من قوله تعالى (وإذ أسر النبي ...) الى قوله (ان تتوبا الى الله فقد صغت قلوبكما) المسلم نزولها في حق عائشة وحفصة برواية الفريقين وموقفها في قضية الجمل وحربها للإمام اميرامؤمنين عليه السلام الا أن هذا الموقف منها لا يسوغ شرعا اتهامها بما ينافي عفتها وشرفها وترويج هكذا تهمة يتنافى مع عقائد علماء الطائفة الامامية الحقة ومسلمات المذهب فلا يجوز بأي وجه وخاصة في مثل هذه الظروف التي يتربص بنا اعداؤنا واعداء المذهب اي ذلك يصدر من بعض من يدعي العلم والمعرفة فلا يجوز اعطاء السبيل لهم للنيل في المذهب وعلماء المذهب.
                والله العالم
                11 محرم الحرام 1433
                مكتب الشيخ صافي الكلبايكاني
                قسم الاستفتاءات
                الختم
                نقلا عن موقع عقائد الشيعة




                الملفات المرفقة

                تعليق


                • #9

                  الشيخ محمّد بن الحسن الطوسي، المعروف بشيخ الطائفة(قدس سره)

                  (385ﻫ ـ 460ﻫ)


                  ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ

                  وقوله (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين) قال ابن عباس: كانت امرأة نوح وامرأة لوط منافقتين (فخانتاهما) قال ابن عباس: كانت امرأة نوح كافرة، تقول للناس انه مجنون، وكانت امرأة لوط تدل على أضيافه، فكان ذلك خيانتهما لهما، وما زنت امرأة نبي قط، لما في ذلك من التنفير عن الرسول وإلحاق الوصمة به، فمن نسب أحدا من زوجات النبي إلى الزنا، فقد أخطأ خطأ عظيما، وليس ذلك قولا لمحصل. ثم قال (فلم يغنيا عنهما)، أي لم يغن نوح ولوط عن المرأتين (من الله شيئا) أي لم ينجياهما من عقاب الله وعذابه (وقيل) لهما يوم القيامة (ادخلا النار مع الداخلين) من الكفار. وقال الفراء: هذا مثل ضربه الله تعالى لعائشة وحفصة، وبين انه لا يغنيهما ولا ينفعهما مكانهما من رسول الله إن لم يطيعا الله ورسوله، ويمتثلا أمرهما، كما لم ينفع امرأة نوح وامرأة لوط كونهما تحت نبيين. وفي ذلك زجر لهما عن المعاصي وامر لهما أن يكونا كآسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران في طاعتهما لله تعالى وامتثال أمره ونهيه.

                  يقول السيد كمال الحيدري مستشهدا بكلام شيخ الطائفة رحمه الله، في الموضوع الذي اشرنا الى رابطه (
                  موقف مدرسة أهل البيت عليهم السلام من ام المؤمنين عائشة) اعلاه:

                  منهم الشيخ الطوسي وهو شيخ الطائفة وممن يرجع إليه في مثل هذه المسائل في كتاب (التبيان في تفسير القرآن، ج10، ص52، في ذيل الآية 10من سورة التحريم) لشيخ الطائفة الطوسي، دار إحياء التراث العربي، في قوله تعالى (فخانتاهما) يقول: (قال ابن عباس كانت امرأة نوح وامرأة لوط منافقتين) إذن يرجع الأمر إلى البحث العقائدي لا إلى البحث المرتبط بمسائل الخيانة الزوجية (فخانتاهما) قال ابن عباس: كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس أنه مجنون وكانت امرأة لوط تُدل على أضيافه) أضياف لوط (فكان ذلك خيانتهما لهما، وما زنت امرأة نبي قط) هذه كلمات علمائنا، لا فقط أعراض النبي الأكرم الذين هو سيد الأنبياء والمرسلين، وأشرف المخلوقات، وأشرف من خلق الله سبحانه وتعالى، فما بالك بسيد الأنبياء، سيد أنبياء أولي العزم من الرسل، كيف الله سبحانه وتعالى لا يطهر ولا يبرأ عرض أزواجه من مثل هذه الفحشاء (وما زنت امرأة نبي قط لما في ذلك من التنفير عن الرسول) وهذا هو الوجه شبه العقلي الذي أشرنا إليه في كلمات السيد الطباطبائي (وإلحاق الوصمة به) التفت إلى الكلام، أنا أنقل كلام شيخ الطائفة الشيخ الطوسي (فمن نسب أحداً من زوجات النبي) ذكرنا مراراً أن زوجات جمع زوجة والزوجة لغة رديئة كما يقال فالأصح الأزواج، (فمن نسب أحداً من زوجات النبي إلى الزنا فقد أخطأ خطأً عظيماً) هذه كلمات علمائنا التي لعلها لا تجد أمثالها في كلمات هؤلاء الذين يحاولوا أن يدافعوا (وليس ذلك قولاً لمحصل) لا يوجد قول يكون محصل ويكون من أهل لا أن يكون عالماً ومرجعاً وعلماً، أصلاً المحصل لا يقول هذا الكلام فما بالك بالعلماء وما بالك بالأعلام والأساطين (وليس ذلك قولاً لمحصل).

                  تعليق


                  • #10


                    السيّد علي بن الحسين، المعروف بالسيّد المرتضى(قدس سره)

                    (355ﻫ ـ 436ﻫ)

                    كتاب تنزيه الانبياء، تنزيه نوح عليه السلام ص44

                    تنزيه نوح عليه السلام
                    تنزيه نوح عما لا يليق به
                    مسأله فان سأل سائل عن قوله تعالى: (ونادى نوح ربه فقال رب ان أبني من اهلي وان وعدك الحق وأنت احكم الحاكمين قال يا نوح أنه ليس من أهلك انه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم اني اعظك ان تكون من الجاهلين) هود 45 - 46، فقال: ظاهر قوله تعالى انه ليس من أهلك، فيه تكذيب، لقوله عليه السلام ان ابني من أهلي. واذا كان النبي (ع) لا يجوز عليه الكذب فما الوجه في ذلك؟
                    قيل له في هذه الآية وجوه، كل واحد منها صحيح مطابق لادلة العقل.
                    (أولها) أن نفيه لان يكون من أهله لم يتناول فيه نفي النسب، وإنما نفى ان يكون من أهله الذين وعده الله تعالى بنجاتهم، لانه عزوجل كان وعد نوحا عليه السلام بأن ينجي اهله في قوله: (قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين واهلك إلا من سبق عليه القول) هود40 فاستثنى من اهله من اراد اهلاكه بالغرق. ويدل على صحة هذا التأويل قول نوح عليه السلام: ان ابني من اهلي وان وعدك الحق. وعلى هذا الوجه يتطابق الخبران ولا يتنافيان.
                    وقد روي هذا التأويل بعينه عن ابن عباس وجماعة من المفسرين.
                    (والوجه الثاني) ان يكون المراد من قوله تعالى: (ليس من اهلك) أي انه ليس على دينك، وأراد انه كان كافرا مخالفا لابيه، فكأن كفره اخرجه من ان يكون له أحكام أهله.
                    ويشهد لهذا التأويل قوله تعالى على سبيل التعليل: (انه عمل غير صالح) فتبين انه انما خرج عن احكام اهله بكفره وقبيح عمله.
                    وقد حكي هذا الوجه أيضا عن جماعة من اهل التأويل.
                    (والوجه الثالث) انه لم يكن ابنه على الحقيقة، وإنما ولد على فراشه. فقال (ع) ان ابني على ظاهر الامر. فأعلمه الله تعالى ان الامر بخلاف الظاهر، ونبهه على خيانة امرأته، وليس في ذلك تكذيب خبره، لانه انما اخبر عن ظنه وعما يقتضيه الحكم الشرعي، فاخبره الله تعالى بالغيب الذي لا يعلمه غيره.
                    وقد روي هذا الوجه عن الحسن ومجاهد وابن جريج.
                    وفي هذا الوجه بعد، إذ فيه منافاة للقرآن لانه تعالى قال: (ونادى نوح ابنه) فأطلق عليه اسم البنوة. ولانه تعالى أيضا استثناه من جملة أهله بقوله تعالى: (واهلك إلا من سبق عليه القول).
                    ولان الانبياء عليهم السلام يجب ان ينزهوا عن هذه الحال لانها تعبير وتشيين ونقص في القدر، وقد جنبهم الله تعالى ما دون ذلك تعظيما لهم وتوقيرا ونفيا لكل ما ينفر عن القبول منهم.
                    وقد حمل ابن عباس قوة ما ذكرناه من الدلالة على ان تأويل قوله تعالى في امرأة نوح وامرأة لوط، فخانتاهما، أن الخيانة لم تكن منهما بالزنا، بل كانت احداهما تخبر الناس بأنه مجنون، والاخرى تدل على الاضياف.

                    والوجهان الاولان هما المعتمدان في الآية.

                    ويعلّق السيد الحيدري مستشهدا بكلام السيد المرتضى
                    رحمه الله، في الموضوع الذي اشرنا الى رابطه (موقف مدرسة أهل البيت عليهم السلام من ام المؤمنين عائشة) اعلاه، ويقول:

                    ما جاء في (تنزيه الأنبياء، ص44، في ذيل بحث تنزيه نوح) لعلم الهدى أبي القاسم المعروف بالشريف المرتضى، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بعد أن ينقل رأياً من بعض المفسرين أن المراد من الخيانة هي الخيانة المرتبطة بالفحشاء والمنكر والعياذ بالله قال السيد المرتضى الذي هو علم من أعلام الطائفة:(ولأن الأنبياء) كما قالوا في الأصول أن دخول (ال) على الجمع يفيد العموم، يعني جميع الأنبياء (ولأن الأنبياء عليهم السلام يجب أن ينزهوا عن هذه الحال) يعني أعراضهم تكون ملوثة بالفحشاء (لأنها تعيير وتشيين) من الشين (ونقص في القدر وقد جنبهم الله تعالى ما دون ذلك فما بالك بهذا الأمر) لأن هؤلاء يريدون أن يكونوا قدوا في الناس (ولقد كان لكم في رسول أسوة) كيف يعقل أن يكون القدوة والاسوة لا يستطيع أن يحافظ على أزواجه أو في عرضه لا سمح الله يوجد فحشاء ومنكر، كيف يمكن أن يكون قدوة واسوة في الأمة، أنتم لا تقبلونه لعلماء ولأي داعية ولأي مبلغ فما بالك بالعلماء فما بالك بالأولياء فما بالك الأوصياء، فما بالك بالأنبياء، فما بلك بأنبياء أولي العزم، فما بالك بسيد أنبياء أولي العزم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الذي يراد له أن يبقى قدوة وأسوة إلى قيام الساعة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. قال: (وقد جنبهم الله تعالى ما دون ذلك تعظيماً لهم وتوقيراً ونفياً لكل ما ينفر عن القبول منهم وقد حمل ابن عباس ما ذكرناه من الدلالة على أن تأويل فلان أن الخيانة لم تكن منهما بالزنا بل كانت إحداهما تخبر الناس كذا والأخرى تدل الأضياف والوجهان الأولان) هذا أيضاً كلام علم آخر من أعلام مدرسة أهل البيت.

                    تعليق


                    • #11
                      وما ذكرناه اعلاه عن السيد المرتضى رحمه الله أعاده مع بعض التفصيل في أماليه ج2 ص 144 - 145:

                      (مجلس آخر 38)

                      [ تأويل آية ]


                      إن سأل سائل عن قوله تعالى (ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي) إلى قوله (أن تكون من الجاهلين). فقال ظاهر قوله تعالى (إنه ليس من أهلك) يقتضي تكذيب قوله عليه السلام انه من أهلى فالنبي لا يجوز عليه الكذب فما الوجه في ذلك وكيف يصح أن يخبر عن ابنه انه عمل غير صالح وما المراد به.
                      الجواب قلنا في هذه الآية وجوه.

                      أحدها أن نفيه لان يكون من أهله لم يتناول نفي النسب وانما نفى أن يكون من أهله الذين وعد بنجاتهم لانه عزوجل كان وعد نوحا عليه السلام بان ينجي أهله ألا ترى إلى قوله تعالى (قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلامن سبق عليه القول) فاستثنى تعالى من أهله من أراد اهلاكه بالغرق ويدل عليه أيضا قول نوح عليه السلام (ان ابني من أهلي وان وعدك الحق) وعلى هذا الوجه يتطابق الخبران ولا يتنافيان وقد روى هذا التأويل بعينه عن ابن عباس وجماعة من المفسرين.

                      والجواب الثاني أن يكون المراد بقوله تعالى (ليس من أهلك) اي انه ليس على دينك وأراد انه تعالى انه كان كافرا مخالفا لابيه وكأن كفره أخرجه من أن يكون له أحكام أهله ويشهد لهذا التأويل قوله تعالى على طريق التعليل انه عمل غير صالح فبين تعالى انه انما خرج عن أحكام أهله لكفره وسوء عمله وقد روي هذا التأويل أيضا عن جماعة من المفسرين وحكى عن ابن جريج انه سئل عن ابن نوح فسبح طويلا ثم قال لا اله الا الله يقول الله ونادى نوح ابنه ويقول ليس منه ولكنه خالفه في العمل فليس منه من لم يؤمن. وروى عن عكرمة انه قال كان ابنه ولكنه كان مخالفا له في النية والعمل فمن ثم قيل انه ليس من أهلك.

                      والوجه الثالث انه لم يكن ابنه على الحقيقة وانما ولد على فراشه فقال عليه السلام ان ابني على ظاهر الامر فأعلمه الله تعالى ان الامر بخلاف الظاهر ونبه على خيانة امرأته وليس في ذلك تكذيب خبره لانه انما خبر عن ظنه وعما يقتضيه الحكم الشرعي فأخبره الله تعالى بالغيب الذي لا يعلمه غيره وقد روى هذا الوجه عن الحسن وغيره.

                      وروى قتادة عن الحسن قال كنت عنده فقال ونادى نوح ابنه فقال لعمر الله ما هو ابنه قال فقلت يا أبا سعيد يقول الله تعالى ونادى نوح ابنه وتقول ليس بابنه قال أفرأيت قوله ليس من أهلك قال قلت معناه انه ليس من أهلك الذين وعدتك ان أنجيهم معك ولا يختلف أهل الكتاب انه ابنه فقال أهل الكتاب يكذبون. وروى عن مجاهد وابن جريج مثل ذلك.

                      وهذا الوجه يبعد إذ فيه منافاة للقرآن لانه قال تعالى (ونادى نوح ابنه) فأطلق عليه اسم البنوة ولانه أيضا استثناه من جملة أهله بقوله تعالى (وأهلك إلا من سبق عليه القول) ولان الانبياء عليهم الصلاة والسلام يجب أن ينزهوا عن مثل هذه الحال لانها تعر وتشين وتغض من القدر وقد جنب الله تعالى أنبياء‌ه عليهم الصلاة والسلام ما هو دون ذلك تعظيما لهم وتوقيرا ونفيا لكل ما ينفر عن القبول منهم وقد حمل ابن عباس ظهور ما ذكرناه من الدلالة على ان تأول قوله تعالى في امرأة نوح وامرأة لوط فخانتاهما على ان الخيانة لم تكن منهما بالزنا بل كانت احداهما تخبر الناس بانه مجنون والاخرى تدل على الاضياف والمعتمد في تأويل الآية هو الوجهان المتقدمان.

                      تعليق


                      • #12




                        يَـأَيُّهَا النَّبِىُّ جَـهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَـفِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَيـهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) ضَرَبَ اللهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوح وَامْرَأَتَ لُوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَـلِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّـلِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَـتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَـنِتِينَ (12)

                        التّفسير:

                        نماذج من النساء المؤمنات والكافرات:

                        بما أنّ المنافقين يفرحون لإفشاء أسرار الرّسول وإذاعة الأخبار الداخلية عن بيته، ويرحبون ببروز المشاجرات والإختلافات بين زوجاته - التي مضت الإشارة إليها في الآيات السابقة - بل إنّهم كانوا يساهمون في إشاعة تلك الأخبار وإذاعتها بشكل أوسع، نظراً لكلّ ذلك فقد خاطب القرآن الكريم الرّسول بأن يشدّد على المنافقين والكافرين ويغلّظ عليهم.
                        حيث يقول: (ياأيّها النبي جاهد الكفّار والمنافقين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنّم وبئس المصير).
                        الجهاد ضدّ الكفّار قد يكون مسلّحاً أو غير مسلّح، أمّا الجهاد ضدّ المنافقين فإنّه بدون شكّ جهاد غير مسلّح، لأنّ التاريخ لم يحدّثنا أبداً عن أنّ الرّسول خاض مرّة معركة مسلّحة ضدّ المنافقين.
                        لهذا ورد في الحديث عن الإمام الصادق(ع) : "إنّ رسول الله لم يقاتل منافقاً قطّ إنّما يتألّفهم".
                        وبناءً على ذلك فإنّ المراد من الجهاد ضدّ المنافقين إنّما هو توبيخهم وإنذارهم وتحذيرهم، بل وتهديدهم وفضحهم، أو تأليف قلوبهم في بعض الأحيان.
                        فللجهاد معنى واسع يشمل جميع ذلك.
                        والتعبير بـ "أغلظ عليهم" إشارة إلى معاملتهم بخشونة وفضحهم وتهديدهم، وما إلى ذلك.
                        ويبقى هذا التعامل الخاصّ مع المنافقين، أي عدم الصدام المسلّح معهم، ما داموا لم يحملوا السلاح ضدّ الإسلام وذلك بسبب أنّهم مسلمون في الظاهر، وتربطهم بالمسلمين روابط كثيرة لا يمكن معها محاربتهم كالكفّار، أمّا إذا حملوا السلاح فيجب أن يقابلوا بالمثل، لأنّهم سوف يتحوّلون إلى (محاربين).
                        ولم يحدث مثل ذلك أيّام حياة الرّسول (ص) لكنّه حدث في خلافة أمير المؤمنين علي (ع) حيث خاض ضدّهم معركة مسلّحة.
                        وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ المقصود من "الجهاد ضدّ المنافقين" الذي ورد ذكره في الآية السابقة هو إجراء الحدود الشرعية بحقّهم، فإنّ أكثر الذين كانوا تجرى عليهم الحدود هم من المنافقين.
                        ولكن لا دليل على ذلك، كما لا دليل على أنّ الحدود كانت تجرى على المنافقين غالباً.
                        الجدير بالذكر أنّ الآية السابقة وردت أيضاً وبنفس النصّ في سورة التوبة الآية 73.
                        ومن أجل أن يعطي الله تعالى درساً عملياً حيّاً إلى زوجات الرّسول الأعظم(ص) عاد مرّة اُخرى يذكر بالعاقبة السيّئة لزوجتين غير تقيتين من زوجات نبيين عظيمين من أنبياء الله، وكذلك يذكر بالعاقبة الحسنة والمصير الرائع لامرأتين مؤمنتين مضحيّتين كانتا في بيتين من بيوت الجبابرة، حيث يقول أوّلا: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين).
                        وبناءً على هذا فإنّ القرآن يحذّر زوجتي الرّسول اللتين اشتركتا في إذاعة سرّه، بأنّكما سوف لن تنجوا من العذاب لمجرّد كونكما من أزواج النبي كما فعلت زوجتا نوح ولوط فواجهتا العذاب الإلهي.
                        كما تتضمّن الآيات الشريفة تحذيراً لكلّ المؤمنين بأنّ القرب من أولياء الله والإنتساب إليهم لا يكفي لمنع نزول عذاب الله ومجازاته.
                        وورد في كلمات بعض المفسّرين أنّ زوجة نوح كانت تدعى "والهة" وزوجة لوط "والعة" بينما ذكر آخرون عكس ذلك أي أنّ زوجة لوط اسمها (والهة) وزوجة نوح اسمها (والعة).
                        وعلى أيّة حال فإنّ هاتين المرأتين خانتا نبيّين عظيمين من أنبياء الله.
                        والخيانة هنا لا تعني الإنحراف عن جادّة العفّة والنجابة، لأنّهما زوجتا نبيّين ولا يمكن أن تخون زوجة نبي بهذا المعنى للخيانة، فقد جاء عن الرّسول(ص)
                        : "ما بغت امرأة نبي قطّ".
                        كانت خيانة زوجة لوط هي أن أفشت أسرار هذا النبي العظيم إلى أعدائه، وكذلك كانت زوجة نوح (ع).
                        وذهب الراغب في "المفردات" إلى أنّ للخيانة والنفاق معنىً واحداً وحقيقة واحدة، ولكن الخيانة تأتي في مقابل العهد والأمانة، والنفاق يأتي في الاُمور الدينية وما تقدّم من سبب النزول ومشابهته لقصّة هاتين المرأتين توجب كون المقصود من الخيانة هنا هو نفس هذا المعنى.
                        وعلى كلّ حال فإنّ الآية السابقة تبدّد أحلام الذين يرتكبون ما شاء لهم أن يرتكبوا من الذنوب ويعتقدون أنّ مجرّد قربهم من أحد العظماء كاف لتخليصهم من عذاب الله، ومن أجل أن لا يظنّ أحد أنّه ناج من العذاب لقربه من أحد الأولياء، جاء في نهاية الآية السابقة: (فلم يغنينا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين).
                        ثمّ يذكر القرآن الكريم نموذجين مؤمنين صالحين فيقول: (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون).
                        من المعروف أنّ اسم زوجة فرعون (آسية) واسم أبوها (مزاحم) وقد آمنت منذ أن رأت معجزة موسى (ع) أمام السحرة، واستقرّ قلبها على الإيمان، لكنّها حاولت أن تكتم إيمانها، غير أنّ الإيمان برسالة موسى وحبّ الله ليس شيئاً يسهل كتمانه، وبمجرّد أن اطّلع فرعون على إيمانها نهاها مرّات عديدة وأصرّ عليها أن تتخلّى عن رسالة موسى وربّه، غير أنّ هذه المرأة الصالحة رفضت الإستسلام إطلاقاً.
                        وأخيراً أمر فرعون أن تُثبت يداها ورجلاها بالمسامير، وتترك تحت أشعة الشمس الحارقة، بعد أن توضع فوق صدرها صخرة كبيرة.
                        وفي تلك اللحظات الأخيرة كانت امرأة فرعون بهذا الدعاء إذ قالت: (ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين) وقد استجاب لها ربّها وجعلها من أفضل نساء العالم إذ يذكرها في صفّ مريم.
                        في رواية عن الرّسول (ص) : "أفضل نساء أهل الجنّة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد ومريم بنت عمران، وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون".
                        ومن الطريف أنّ امرأة فرعون كانت تستصغر بيت فرعون ولا تعتبره شيئاً مقابل بيت في الجنّة وفي جواره تعالى، وبذلك أجابت على نصائح الناصحين في أنّها ستخسر كلّ تلك المكاسب وتحرم من منصب الملكة (ملكة مصر) وما إلى ذلك.
                        لسبب واحد هو أنّها آمنت برجل راع كموسى.
                        وفي عبارة (ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين) تضرب مثلا رائعاً للمرأة المؤمنة التي ترفض أن تخضع لضغوط الحياة، أو تتخلّى عن إيمانها مقابل مكاسب زائلة في هذه الدنيا.
                        لم تستطع بهارج الدنيا وزخارفها التي كانت تنعم بها في ظلّ فرعون، والتي بلغت حدّاً ليس له مثيل.
                        لم تستطع كلّ تلك المغريات أن تثنيها عن نهج الحقّ، كما لم تخضع أمام الضغوط وألوان العذاب التي مارسها فرعون.
                        وقد واصلت هذه المرأة المؤمنة طريقها الذي إختارته رغم كلّ الصعاب واتّجهت نحو الله معشوقها الحقيقي.
                        وتجدر الإشارة إلى أنّها كانت ترجو أن يبني الله لها بيتاً عنده في الجنّة لتحقيق بعدين ومعنيين: المعنى المادّي الذي أشارت إليه بكلمة "في الجنّة"، والبعد المعنوي وهو القرب من الله "عندك" وقد جمعتهما في عبارة صغيرة موجزة.
                        ثمّ يضرب الله تعالى مثلا آخر للنساء المؤمنات الصالحات، حيث يقول جلّ من قائل: (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا).
                        فهي امرأة لا زوج لها أنجبت ولداً صار نبيّاً من أنبياء الله العظام (من اُولي العزم).
                        ويضيف تعالى قائلا: (وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه) و (كانت من القانتين).
                        كانت في القمّة من حيث الإيمان، إذ آمنت بجميع الكتب السماوية والتعاليم الإلهية، ثمّ إنّها كانت قد أخضعت قلبها لله، وحملت قلبها على كفّها وهي على أتمّ الإستعداد لتنفيذ أوامر الباري جلّ شأنه.
                        ويمكن أن يكون التعبير بـ (الكتب) إشارة إلى كلّ الكتب السماوية التي نزلت على الأنبياء، بينما التعبير بـ (كلمات) إشارة إلى الوحي الذي لا يكون على شكل كتاب.
                        ونظراً لرفعة مقام مريم وشدّة إيمانها بكلمات الله، فقد وصفها القرآن الكريم في الآية (75) من سورة المائدة (صدّيقة).
                        وقد أشار القرآن إلى مقام هذه المرأة العظيمة في آيات عديدة، منها ما جاء في السورة التي سمّيت باسمها أي (سورة مريم).
                        على أيّة حال فإنّ القرآن الكريم تصدّى للشبهات التي أثارها بعض اليهود المجرمين حول شخصية هذه المرأة العظيمة، ونفى عنها كلّ التّهم الرخيصة حول عفافها وطهارتها وكلّ ما يتعلّق بشخصيتها الطاهرة.
                        والتعبير بـ (ونفخنا فيه من روحنا) لإظهار عظمة وعلو هذه الروح، كما أشرنا إلى ذلك سابقاً. أو بعبارة اُخرى: إنّ إضافة كلمة (روح) إلى "الله" إضافة تشريفية لبيان عظمة شيء مثل إضافة "بيت" إلى "الله".
                        ومن الغريب ما كتبه بعض المفسّرين من إعتبارهم عائشة أفضل النساء، وأنّها أعظم من غيرها من النساء ذوات القدر الكبير والشأن عند الله.
                        ولقد كان حريّاً بهم أن لا يتطرّقوا إلى هذا الحديث في هذه السورة، التي نزلت لتعلن خلاف ما ذهبوا إليه وبشكل صريح لا يقبل الجدل.
                        فإنّ كثيراً من مفسّري ومؤرّخي أهل السنّة أكّدوا على أنّ اللوم والتوبيخ اللذين وردا في الآيات السابقة كانا موجّهين إلى زوجتي الرّسول (ص) "حفصة" و "عائشة" ومنها ما جاء في صحيح البخاري الجزء السادس صفحة 195 ونحن ندعو بهذه المناسبة أهل التفكير الحرّ جميعاً لأن يعيدوا تلاوة آيات هذه السورة ثمّ ليتعرّفوا على قيمة وجدارة مثل هذه الأحاديث.
                        اللهمّ جنّبنا الحبّ الأعمى والبغض الأعمى الذي لا يقوم على البرهان بقدر ما يقوم على العصبية، واجعلنا من المستسلمين الخاضعين بكلّ وجودنا إلى آيات قرآنك المجيد.
                        ربّنا ولا تجعلنا من الذين غضب عليهم الرّسول فلم يرض أعمالهم وطريقة حياتهم.
                        اللهمّ هب لنا إستقامة لا نتأثّر معها بالضغوط، ولا نخضع لعذاب الفراعنة وجبابرة العصر.
                        آمين ربّ العالمين

                        تعليق


                        • #13


                          بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

                          إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (النور11 - 12)

                          تسمى هذه الآيات بآيات الإفك. الإفك معناه الكذب العظيم الذي اختلقة بعض المنافقين بشأن زوجة رسول الله لغرض الإساءة إليه (صلى الله عليه وآله) خلاصة هذه القصة نقلا عن أهل السنة: إن عائشة زوجة الرسول دخلت بستانا لقضاء الحاجة اثناء عودة المسلمين من إحدى غزواتهم، وهناك سقطت عصابة رأسها فظلت تبحث عنها وتأخرت - نتيجة ذلك - عن القافلة، ثم أنها دخلت المدينة متأخرة برفقة صفوان الذي كان يسير خلف القافلة لمساعدة المتخلفين عنها. وفي أعقاب هذه الحادثة روج المنافقون تهما ضد زوجة الرسول (صلى الله عليه وآله).. يستفاد من هذه الآيات قضايا تربوية واجتماعية ذات أهمية بالغة، وقد نتعرض نحن في عصرنا الحالي لابتلاءات من هذا القبيل.
                          تؤكد الآية إن الذين جاءوا بهذا الإفك هم عصابة منكم. وبهذا الأسلوب ينبه القرآن المسلمين والمؤمنين إلى وجود مجاميع بينهم تتظاهر بالإسلام ولكنها تستهدف من وراء ذلك مقاصد خطيرة. أي أن القرآن يريد القول أنّ اختلاق هذا الإفك على يد تلك الفئة لم يكن عن جهل أو غفلة، بل كان عملا مقصودا ومبيتا يرمي إلى الإساءة إلى الرسول وانتهاك حرمته، إلا أنهم لم يحققوا غايتهم تلك.
                          يذكر القرآن إن هؤلاء عصبة منكم، وكان قصدهم شرا لكن النتيجة جاءت خيرا: ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾. لا تظنوا أنّ في هذه الحادثة انتكاسة لكم أنتم أيها المسلمون، أبدا بل أن هذه القصة مع ما فيها من مرارة كانت خيرا للمسلمين. ولكن لماذا يعتبر القرآن هذه القصة ذات مردود إيجابي مع إنّها كانت تنطوي على مرارة فضيعة؟ هذه القصة وضعت حدّاً لانتهاك حرمة الرسول (صلى الله عليه وآله) وبقيت تتداولها الألسن أياما متوالية _ حوالي أربعين يوماً _ إلى أن نزل الوحي وتوضّحت الأمور تدريجيا. والله يعلم بما جرى على الرسول والمقربين إليه خلال هذه المدة‍.
                          أما قول القرآن انه خير فيعزى إلى سببين هما:
                          أولا: إن هذه الفئة المنافقة قد كشف عنها. من أكبر المخاطر التي تهدد المجتمعات هو تداخل الخنادق واختلاط الصفوف. فالمنافقون والمؤمنون كلهم في خندق واحد. وما دامت الأوضاع مستقرة فلا خطر في ذلك. ولكن ما أن يتعرض ذلك المجتمع إلى هزّة حتى يلحق به المنافقون أفدح الأضرار. ولهذا فالأحداث التي تمر بالمجتمع تؤدي إلى الكشف عن الوجوه.
                          وإذا وقع للمجتمع بلاء يقف المؤمنون إلى جانب المؤمنين، ويمزق المنافقون حجب نفاقهم ويقفون في الخندق الذي ينبغي لهم الوقوف فيه. وهذا خير كبير للمجتمع. المنافقون الذي وضعوا هذه القصة بقي لهم منها - حسب تعبير القرآن _ "الإثم" فقط، والإثم بمعنى وصمة الذنب. فأولئك المنافقون قد سقطوا من الاعتبار ما بقوا على قيد الحياة.
                          ثانيا: إن الذين لفقوا هذه التهمة لفقوها عن وعي، إلاّ أن سائر المسلمين صاروا كأداة لهذه الزمرة، فأكثرية المسلمين مع ما تتصفبه من الإخلاص والإيمان ونزاهتهم عن الأغراض والمساوئ إلا أنهم اتخذوا من قبل هذه الزمرة كأداة إعلامية ولكن لا عن قصد أو عن وعي. وهذا ما يبينه القرآن بشكل واضح.
                          ...
                          الفائدة الثانية من هذه القصة هي أن المسلمين أدركوا الخطأ الذي وقعوا فيه، مما أدى إلى إيجاد الوعي بينهم. أي انهم وقفوا على حقيقة تلك الفئة من جهة، وعرفوا موضع خطئهم من جهة أخرى.
                          ...
                          الإسلام يقول: متى ما سمعتم مثل هذا الكلام لا تذكروه أمام أحد أبدا. أن كنت في شك منه أذهب وتحرّاه بنفسك. وإذا لم تكن لديك رغبة في التحقق من صحة الأمر لماذا تذيعه للآخرين؟ لا يحق لك أبدا إفشاؤه.
                          ... الفائدة الثانية المستقاة من قصة الإفك هي توعية المسلمين. والقرآن ذكرها لتبقى على الدوام يقرؤها الناس باستمرار ويأخذوا منها العبر. فإياك وإن تصبح أداة وإذاعة للآخرين.
                          ...
                          وقول القرآن ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم﴾ يريد منه إنّ هذا درس لكم أيّها المسلمون إقرأوا قرآنكم وخذوا منه العبر لكي لا تكونوا بعدها أبواقاً إعلامية للأعداد ولما يبثونه من إشاعات. ثم يقول: أن الذين جاؤا بهذه القصة لحقتهم عواقب ذنبهم كل حسب ما ارتكب من الذنب، وإن أحدهم قد تحمل القسم الأعظم من ذلك الأثم "والمقصود به عبدالله بن أبي بن سلول" ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. وبالإضافة إلى سوء المصير والسمعة في هذه الدنيا حيث بقي يُسمى برئيس المنافقين ما دامت الدنيا. ويذيقه الله أيضا عظيم العذاب في الآخرة.
                          ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ﴾ كان من الممكن أن يعبر القرآن عن هذا المعنى بالقول: أيها المسلمون لماذا أسأتم الظن بإخوانكم المسلمين لما سمعتم هذا الخبر ولم تحسنوا الظن بهم؟ ولكنه لو عرضه بهذا المعنى لكان قد عرض موضوعا في غاية البساطة، ولكنه قال: لماذا أسأتم الظن بأنفسكم؟ أي يجب أن تفهموا أنكم بناء واحد وجسد واحد. وعلى المؤمنين أن يعتبروا أنفسهم أعضاء في جسد واحد، فإذا نسبت لأحدهم تهمة تكون وكأنها موجهة ضدهم كافة، وإن عرض أي مسلم كأنه عرض الجميع.
                          النقطة الثانية هي أن القرآن لم يقل: لماذا لم تظنوا بأنفسكم خيرا؟ بل قال: لماذا لم يظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا؟ هنا ذكر الرجل والمرأة سوية، أي لا فرق بين الرجل والمرأة. ثم يدخل كلمة الإيمان في السياق، أي أن الإيمان هو ملاك الوحدة والاتحاد. أي أن المؤمنين يعتبرون نفسا واحدة انطلاقا من مبدأ الإيمان. أي انه يريد القول أيها المؤمنون والمؤمنات لو وجهت إلى أحدكم تهمة، هل يذيعها ويتحدث بها حيثما جلس ويقول نُسِبَت إلىّ مثل هذه التهمة؟ كيف إذا نُسبت لأحدكم تهمة يفهم أنّه يجب عليه التزام الصمت ولا يعمل على إشاعتها في حين إذا نسبت إلى إخوانه المؤمنين وأخواته المؤمنات لا يتخذ نفس الموقف؟ ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ﴾.
                          لماذا حينما سمعوه لم يقولوا: هذا إفك. سكت رسول الله مدّة شهر، في حين كان المسلمون الغافلون يتناقلون تلك الأكذوبة في مجالسهم وكلّ واحد منهم يقول: سمعت كذا؟ القرآن يقول: كان ينبغي أن تقولوا: هذا إفك منذ اليوم الأول. وعليكم الآن ان تقولوا حين سماع مثل هذا الإشاعات: هذا إفك مبين.
                          ﴿لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ (النور/13).

                          أي أنكم ملزمون برعاية الأحكام والقوانين التي حددها الإسلام لسلوككم. وأية تهمة تسمعونها بحق أي شخص مسلم - مادامت لم تثبت - يجب أن تعتبرونها أكذوبة، وأنها كذب عند الله، وعبارة "عند الله" بمعنى في الأحكام الشرعية.
                          التكليف واضح جداً. فإذا سمعنا شخصاً يتهم فرداً أو جماعة أو مؤسسة، ما هو تكليفنا؟ هل تكليفنا أن نسكت؟ أم نقول "الله أعلم"؟ أم نقول: لا ندري ربّما صحيح وربّما غير صحيح؟ أم نتحدّث في المجالس ونقول سمعنا يقولون هكذا؟ ما هو موقفنا؟ طالما لم تقم البينة الشرعية، وطالما لم يثبت لدينا شرعا - كأن يشهد أربعة عدول في قضايا الزنا، وشاهدان عدلان في القضايا الأخرى، وهذا هو معنى البيّنة الشرعيّة هنا، وعندها يترتب علينا واجب آخر - لا يحق لنا التحدث بذلك، ولا يحق لنا أن نقول: لا نعلم، أو نقول ربما للقضية أساس أو ربما لا أساس لها، ولا يحقّ لنا أن نسكت، بل يجب أن نكذّب الخبر ريثما يثبت شرعا وحينها يجب علينا التصدي لتلك الظاهرة السلبية.
                          يقع علينا بطبيعة الحال في كل حالة تكليف معين. في بعض المواقف يجب علينا الوقوف بوجه ذلك العمل، وفي مواقف أخرى يجب على الحاكم الشرعي اتخاذ الإجراءات الرادعة كقضية الزنا مثلا. والقرآن يقول: انتم أيها المسلمون إذا تناقلتم مثل هذه الإشاعات ترتكبون إثما عظيما، إلا أن الله غفر لكم هذا الذنب، وعليكم أن تحاذروا من ارتكاب مثل هذا العمل مستقبلا.
                          ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (النور/14).
                          ولكن أي ذنب هذا الذي انهمكنا فيه، ونقلناه؟ ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ (النور/15). وكنتم تظنونه أمراً هيّناً: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ لأن القضية هنا تخصّ كرامة المسلمين، وفي هذا المورد بالخصوص يمسّ بكرامة الرسول (صلى الله عليه وآله) فلماذا حينما سمعتموه لم تقولوا لا يحق لنا الخوض في هذا الحديث؟ ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ (النور/16). ولا يقتصر الموقف عند حد الامتناع عن الكلام ‎، بل لا بد من تكذيب الخبر: ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ (النور/16).
                          أن الله يعظكم أيها المسلمون أن لا تعودوا لمثل هذا الذنب: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (النور/17).
                          ويجب عليكم أن لا تكونوا أداة إعلامية تشيع ما يلقيه العدو في الأفواه: ﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (النور/18). فهو تعالى عالم بكل شيء وأنزل عليكم هذه الآيات على أساس حكمته.
                          ...
                          المجتمع الذي يلفق الأكاذيب والتهم والبهتان وعده الله بالعذاب. جاء في الآية التالية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النور/19).كما تتضمن الآيات اللاحقة مزيدا من التأكيد على المؤمنين أن لا يتبعوا الأكاذيب التي يبثها الآخرون ويصبحون جهازا إعلاميا للتشهير بأنفسهم.

                          تعليق


                          • #14
                            ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (النور19 - 21)
                            ذكرنا أن القرآن يؤكد كثيرا على وجوب نقاء الأجواء الإسلامية من التهمةوالافتراء والبهتان والقول السيء. والمسلمون مكلفون بوأد كلّ ما يسمعونه عن إخوانهم وأخواتهم المؤمنات طالما لم يبلغ حدّ اليقين القطعي - لا بمجرد الظن والتصور - وأن لا يتناقلوه حتى بصورة "لقد سمعت" ما دامت ليست فيه أية بينة شرعية، لأن نقل الكلام على هيئة "سمعت ان ..." هو نوع من إشاعته أيضا.
                            والإسلام يرفض أي نوع من الإشاعة لمثل هذه الأقاويل والأخبار القذرة الدنيئة فقد جاء في الآية ﴿وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة/216) أي أنكم لا تعلمون مدى جسامة هذه الجريمة ولا تعلمون حجم العقوبة المقررة لها.
                            الإسلام يريد أن تتوطد أسس المجتمع الإسلامي على أساس الثقة المتبادلة وحسن الظن والقول الحسن، لهذا السبب حرم الغيبة إلى الحد الذي جعل القرآن الكريم يقول عنها: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ﴾ (الحجرات/12). وعلى هذا الأساس يؤكد القرآن بصيغ وأساليب شتى على هذه القضية، ومن جملة ذلك ما ورد في الآية الشريفة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النور/19). وهذه الآية من الآيات التي تحمل معنيين وكلاهما صحيح.
                            أحد الذنوب الكبيرة التي توعّد القرآن بالعذاب الأليم جزاء لها هي إشاعة الفحشاء بين الناس. هناك من يروج لإشاعة الفساد بين الناس لأغراض مادية أو لأطماع أخرى.
                            ...
                            أما السبب الذي جعل الإسلام يؤكد على أهمية العفة فهوا أن الطاقات الإنسانية كامنة فيها. قد لا يصدق أحدنا أن الإدارة الإنسانية كامنة في الجهاز التناسلي، لكن حقيقة الأمر هي هذه. الإسلام لا يعارض العلاقات الجنسية ولكن يريدها أن تكون ضمن إطار العائلة، ولا يؤيد ما تذهب إليه الكنيسة والمذهب الكاثوليكي. إلا أنه لا يجيزه خارج الزواج الشرعي.
                            ويستهدف الإسلام من وراء هذا، المحافظة على روح النخوة والنبل والشهامة والإنسانية والشرف عند الرجل المسلم والمرأة المسلمة...
                            يقول القرآن الكريم عمن يريد إشاعة الفاحشة لقتل هذه الروح الإنسانية:﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وقد حددت الآية نوع العذاب الأليم للإشارة إلى أهمية وحساسية هذه القضية في الرؤية الإسلامية. هذا تفسير للآية التي تتحدث عن إشاعة الفحشاء بين أهل الإيمان.
                            أشير هنا إلى قضية لغوية حول معنى حرف الجر "في" لإلقاء الضوء على المعنى الثاني للآية. هذا الحرف يأتي أحيانا بمعني يشير إلى الظرف المكاني، وأحيانا بمعنى "بشأن" أو "فيما يخص". ويمكن تفسير هذه الآية على الوجهين وهو تفسير صحيح، وينطبق كلاهما مع سياق آيات الإفك. وبهذا يكون المعنى الثاني للآية هو: "الذين يحبون إشاعة الفاحشة عن أهل الإيمان" أي ليس المراد: الذين يحبون إشاعة الفساد ذاته بين الذين آمنوا، بل أن تشيع تهمة الفساد بشأن الذين آمنوا، أي أن يساء إلى سمعتهم.
                            هناك عدد من الناس لديهم ما يمكن أن يصطلح عليه علم النفس اليوم باسم "العقدة"، فحيثما شاهدوا شخصا له مكانة بين الناس يبادرون إلى إشاعة ما ينتقص منه حسداً منهم له لعدم قدرتهم على مجاراته. يقولون في أنفسهم: ما دمنا لا نستطيع بلوغ منزلته إذن فلنحاول الهبوط به. والطريق إلى ذلك يتم بمنتهى الدناءة عبر تلفيق الإشاعات ضدة. ولا شك في أن الإثم الناتج عن هذا العمل لا يعلم مداه إلا الله !
                            قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات مرة لأصحابه: "ألا أخبركم بشر الناس؟ قالوا: بلي يا رسول الله قال: الذي يمنع رفده ويضرب عبده ويتزود وحده، فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هو شر من هذا. ثم قال: إلا أخبركم بمن هو شر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله .
                            قال: الذي لا يرجى خيره ولا يؤمن شره فظنوا أن الله فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هو شر من هذا، ثم قال ألا أخبركم بمن هو شر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال المتفحش اللعان الذي إذا ذكر عنده المؤمن لعنهم وإذا ذكروه لعنوه؟ (الكافي ج2 /290 ح7)وإلى هنا توقف الرسول. ومعنى هذا إنه لا يوجد من هو شر من هذا.
                            إذن فالمعنى الثاني للآية هو أن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بشأن الذين آمنوا لهم عذاب أليم. ثم يقول: ﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ لم يقولوا لنا سابقا أن لكل ذنب عذاب في الدنيا والآخرة، بل وان الكثير من الذنوب لا عذاب لها في الدنيا. ولكن لكل ذنب عقوبة في الآخرة. إلا أن ثمة ذنوب لا يتغاضى الله عن المعاقبة عليها حتى في الدار الدنيا. أحد الذنوب التي لها عقوبة في الدنيا - ويمكن تجربة ذلك عمليا! - هو ذنب التهمة وهدر كرامة الآخرين. فمن يتهم الآخرين بالباطل سيقع هو في نفس هذا المأزق يوما ما، فقد يأتي شخص مثله ويتهمه بالباطل، أو يفتضح أمره وتهدر كرامته بشكل أو آخر.
                            ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ أي أن الموضوع على قدر عظيم من الأهمية بحيث أنّ الله يعلم خطورته وأنتم لا تعلمونها.﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (النور/20) أي كل ينبغي أن يصيبكم عذاب عظيم بسبب غفلتكم هذه إلا أن الله بفضله منع عنكم ذلك.
                            ثم يأتي تأكيد آخر هو: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾ (النور/21) وهذه الآية حثٌّ على عدم اتباع الشيطان. وقد يقول قائل: نحن لا نعرف الشيطان ولا نراه، فمن أين لنا أن نفهم أن هذا موضع لقدم الشيطان فلا نضع قدمنا فيه؟ والحقيقة أن هذا الأمر لايحتاج إلى رؤية. اعرفوا الشيطان من وساوسه. فمتى ما شعرتم بوسوسة الشيطان في قلوبكم يدعوكم فيها إلى ارتكاب القبيح والمنكر، فهناك خطوات الشيطان، فهو قد تقدمكم ويدعوكم للسير خلفه. وهذا مما لا يستلزم الرؤية بالعين، بل تحرز رؤيته بالقلب. ﴿وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ عليه أن يعلم أن من يتبع خطوات الشيطان ﴿فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ.
                            ﴿الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ هذا تأكيد آخر على أنكم أيها المسلمون كنتم على شفا حفرة في عهد الرسول، وان مجتمعكم كاد أن يسقط فيها لولا وجود الرسول. واعلموا أنه لو وقعت مثل هذه القضية في عصور أخرى وكثرت الإشاعات التي تنتهك أعراض المسلمين، فأنكم ستسقطون وتقعون في مهلكة كبرى "كما هو حالنا اليوم" ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا﴾ أي لولا فضل الله عليكم لما كان أي واحد منكم طاهرا ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ الآية اللاحقة تتعلق بهذه القضية، ولكن تتناولها من جانب آخر وهو:
                            ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (النور/22) يشير القرآن هنا إلى مسألة تتعلق بامتناع الأثرياء وأولي الفضل عن الإنفاق. والمراد هنا بالفضل المال والثروة، وأولوا الفضل بمعنى الأغنياء.
                            ...
                            يقول القرآن: على الأغنياء وأصحاب الثروة المشروعة أن لا يقسموا على قطع العطاء عن المستحقين، حيث كان بعض أغنياء المسلمين يقدمون العون إما للمهاجرين أو للمساكين أو لأقربائهم، ولكنهم في أحد المواقف - ويبدو انه هذا الموقف - رأوا منهم ما يغيض ويبعث على الغضب. ولهذا قالوا: عجيب أمر هؤلاء القوم نحن نساعدهم لوجه الله وهم يستغلون هذا العون ويرتكبون المعاصي! نحن نساعدهم لوجه الله وهم يلفقون الأكاذيب ويبثون الإشاعات! ولهذا السبب عزموا على قطع العون عمن كانوا يساعدونه من الفقراء الذين شاركوا في قضية الإفك تلك، وأقسموا أنهم لن يقدموا لهم أي عون بعد الآن. إلا أن القرآن الكريم يحرص على وحدة المجتمع الإسلامي أكثر من أي شيء آخر.مع ان هذه القضية كان فيها إفك وتهمة كبرى وارتكب عامة المسلمين خطأ في هذا الصدد، انبرى القرآن لإصلاح الخطأ الماضي وقال لعامة المسلمين: أنكم اخطأتم حينما جعلتم أنفسكم أداة لبث إشاعة تلك العصابة. وبعد أن عزم الأغنياء على قطع معوناتهم عن الفقراء، فبما أن قطع تلك المعونات من شأن أن يؤدى إلى عزل تلك الفئة عزلا تاما، جاء الأمر بالصفح عنهم: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ (النور/22) بعد نزول هذه الآية قرر الأغنياء عدم قطع معونتهم عمن كانوا يقدمونها له.
                            ...
                            لا أعتقد أن القرآن أكدّ على شيء مثل تأكيده على حرمة التهمة - وخاصة أتّهام النساء - إذ قال في هذا المورد: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النور23 -24).هذا منطق القرآن، ولكن ليس هنا مجال الحديث عنه بشكل تفصيلي. القرآن يقول صراحة إن عالم الآخرة عالم حي وكل شيء في حي. وكل عضو فيه يشهد على ما أرتكب، اليد تشهد على ما ارتكب، والرجل تشهد على ما اقترفت، وكلّ من العين والأذن تشهد بما اقترفت. والجلد - وهو كناية عن الأعضاء التناسلية - يشهد على ما اقترف اللسان هناك يختم عليه ويقال له: اسكت ودع الجوارح والأعضاء تتحدث بنفسها، واللسان لا يتكلم هناك إلا بما اقترف هو بذاته.
                            يقول القرآن: يوم تشهد علي هؤلاء الأشخاص ألسنتهم " لأن الذنب كان باللسان" وأيديهم وأرجلهم بما اقترفت: ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾ (النور/25) إذا كانت هناك امرأة - والعياذ بالله - فاسدة، فإن فسادها يؤدي إلى الانتقاص من شرف زوجها، إلا أن فساد الرجل لا يقدح بشرف زوجته.
                            ...
                            فإذا فسدت المرأة لا يمكن للزوج حينذاك ادعاء الشرف لنفسه. ولكن مهما كان الزوج فاسدا، لا يعتبر الناس زوجته فاسدة - إن كانت شريفة ذاتا - بل يقولون أن زوجها فاسد وهي لا ذنب لها. هذا من جهة.
                            ومن جهة أخرى فإن المرأة هي شرف الرجل في جوانب العفة والشرف، إلاّ إن جوانبها الأخرى الفردية والذاتية لا علاقة لها بالزوج. أي إذا كانت المرأة فاسدة، فذلك يعتبر تدنيسا لشرف الرجل ولكنها إذا كان فيها نقص آخر فلا يحتسب ذلك على الرجل. فلو كانت المرأة مثلا كافرة أو منافقة فلا صلة للرجل بذلك. ولهذا السبب يضرب القرآن مثلا بامرأتي نوح ولوط. فهذان كان كلاهما نبيين حين كانت زوجتاهما كافرتين ومرتبطتين عقائديا بخصومهما. هنا يقول القرآن: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ (النور/26) والمراد هنا طيب الشرف.
                            الرجل الخبيث الفاسد يفقد الغيرة ويقبل بالزوجة الفاسدة ولا يغيظه ما هي عليه من الفساد. إلا أن الرجل الطيب والشريف لا يمكن أن يقبل أبدا بامرأة غير شريفة. وهذا يحصل طبعا وفقا لنوع من الاختيار. فالطيبون يطلبون الطيبات والخبيثون يطلبون الخبيثات. وهذا لا يعتبر حكما شرعيا، بل بيان لقانون طبيعي.
                            ...
                            والروح الخبيثة للشخص الفاسد تحبذ المرأة الخبيثة، والروح الخبيثة للمرأة الفاسدة تهوى الرجل الخبيث. إلاّ إنّ الروح الطيّبة للرجل الشريف تميل إلى المرأة الصالحة، الروح الطيبة للمرأة الشريف ترتضي الرجل الشريف.
                            كيف تتحدثون عن شرف الرسول (صلى الله عليه وآله) بهذه الكيفية؟ من المستحيل أن تكون ي أسرة أي من الأنبياء أمثال هذه المفاسد. أجل قد يقع الكفر بين أفراد عوائل الأنبياء أو أن يكون ابنه كافرا، ولكن من المستحيل أن يكون فاسقا.

                            تعليق


                            • #15


                              (11) إن الذين جاؤوا بالافك بأبلغ ما يكون من الكذب عصبة منكم جماعة منكم لا تحسبوه شرا لكم استيناف والهاء للإفك بل هو خير لكم لاكتسابكم به الثواب العظيم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم بقدر ما خاض فيه والذي تولى كبره معظمه منهم من الخائضين له عذاب عظيم.

                              في الجوامع وكان سبب الإفك إن عايشة ضاع عقدها في غزوة بني المصطلق وكانت قد خرجت لقضاء حاجة فرجعت طالبة له وحمل هودجها على بعيرها ظنا منهم إنها فيها فلما عادت إلى الموضع وجدتهم قد رحلوا وكان صفوان من وراء الجيش فلما وصل إلى ذلك الموضع وعرفها أناخ بعيره حتى ركبته وهو يسوقه حتى أتى الجيش وقد نزلوا في قائم الظهيرة.

                              قال كذا رواه الزهري عن عايشة.

                              والقمي روت العامة إنها نزلت في عايشة وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة.

                              وأما الخاصة فإنهم رووا إنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عايشة.

                              ثم روي عن الباقر عليه السلام قال لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله حزن عليه رسول الله صلى الله عليه وآله حزنا شديدا فقالت له عايشة ما الذي يحزنك عليه فما هو إلا ابن جريح فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام وأمره بقتله فذهب علي عليه السلام إليه ومعه السيف وكان جريح القبطي في حايط فضرب علي باب البستان فأقبل إليه جريح ليفتح له الباب فلما رأى عليا عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان فوثب علي على الحائط ونزل إلى البستان واتبعه وولى جريح مدبرا فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة وصعد علي في أثره فلما دنا منه رمى بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء فانصرف علي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له يا رسول الله إذا بعثتني في الأمر أكون فيه كالمسمار المحمي في الوبر أمضي على ذلك أم أثبت قال لا بل تثبت قال والذي بعثك بالحق ماله ما للرجال ولا له ما للنساء فقال الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت وهذه الرواية أوردها القمي بعبارة أخرى في سورة الحجرات عند قوله تعالى إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا اوزاد فاتي به رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له ما شأنك يا جريح فقال يا رسول لله إن القبط يحبون حشمهم ومن يدخل إلى أهاليهم والقبطيون لا يأنسون إلا بالقبطيين فبعثني أبوها لأدخل إليها وأخدمها واونسها.

                              أقول إن صح هذا الخبر فلعله صلى الله عليه وآله إنما بعث عليا إلى جريح ليظهر الحق ويصرف السوء وكان قد علم أنه لا يقتله ولم يكن يأمر بقتله بمجرد قول عايشة.

                              يدل على هذا ما رواه القمي في سورة الحجرات عن الصادق عليه السلام إنه سئل كان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بقتل القبطي وقد علم أنها قد كذبت عليه أو لم يعلم وأنما دفع الله عن القبطي القتل بتثبت علي عليه السلام فقال بلى قد كان والله علم ولو كانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وآله القتل ما رجع علي عليه السلام حتى يقتله ولكن إنما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله لترجع عن ذنبها فما رجعت ولا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها.

                              (12) لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين كما يقول المستيقن المطلع على الحال وإنما عدل فيه من الخطاب إلى الغيبة مبالغة في التوبيخ وإشعارا بأن الأيمان يقتضي ظن الخير بالمؤمنين والكف عن الطعن فيهم وذب الطاعنين عنهم كما يذبونهم عن أنفسهم.

                              (13) لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون قيل استيناف أو هو من جملة المقول تقريرا لكونه كذبا فإن ما لا حجة عليه مكذب عند الله أي في حكمه ولذلك رتب عليه الحد.

                              (14) ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة ولولا هذه لامتناع الشئ لوجود غيره والمعنى ولولا فضل الله عليكم في الدنيا بأنواع النعم التي من جملتها الإمهال للتوبة ورحمته في الآخرة بالعفو والمغفرة المقدرين لكم لمسكم عاجلا في ما أفضتم فيه خضتم فيه عذاب عظيم يستحقر دونه اللوم والجلد.

                              (15) إذ تلقونه بألسنتكم يأخذه بعضكم عن بعض بالسؤال عنه وتقولون بأفواهكم بلا مساعدة من القلوب ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا سهلا لا تبعة له وهو عند الله عظيم في الوزر واستحرار العذاب فهذه ثلاثة آثام مترتبة علق بها مس العذاب العظيم.

                              (16) ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا ما ينبغي وما يصح لنا أن نتكلم بهذا سبحانك تعجب ممن يقول ذلك فإن الله ينزه عند كل متعجب من أن يصعب عليه أو تنزيه لله من أن يكون حرمة نبيه صلى الله عليه وآله فاجرة فإن فجورها تنفير عنه بخلاف كفرها هذا بهتان عظيم لعظمته المبهوت عليه.

                              (17) يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين فإن الأيمان يمنع عنه وفيه تهييج وتقريع.

                              (18) ويبين الله لكم الآيات الدالة على الشرايع ومحاسن الآداب كي تتعظوا وتتأدبوا والله عليم بالأحوال كلها حكيم في تدابيره.

                              (19) إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X