إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

آية الله المجدد الشيخ عبدالهادي الفضلي في ذمة الخلود

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    حزب الدعوة الإسلامية ينعى الفقيد العلامة سماحة آية الله الشيخ عبد الهادي الفضلي رحمه الله تعالى

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ((يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية. فادخلي في عبادي. وادخلي جنتي))
    صدق الله العلي العظيم
    انتقل الى جوار ربه الفقيد العلامة سماحة آية الله الشيخ عبد الهادي الفضلي تغمده الله برحمته الواسعة الذي وافاه الأجل في المملكة العربية السعودية اليوم الأثنين، 27 جمادي الأولى 1434 للهجرة، الموافق 8 نيسان 2013 للميلاد.كان الفقيد الراحل من رواد الحركة الإسلامية في العراق، ومن الرعيل الأول الذي انضم الى حزب الدعوة الإسلامية، وساهم مع آية الله العظمى السيد الشهيد محمد باقر الصدر في بناء الحركة الإسلامية في العراق وقدم خدمات جليلة للمكتبة الإسلامية، وكان احد أعلام الحوزة العلمية في النجف الاشرف والمحافل العلمية خارجها .كما إن المغفور له ساهم مساهمة فاعلة في اغناء الحركة العلمية في العراق وفي العالمين العربي والإسلامي وقد ترك عشرات المؤلفات القيمة واستمر في جهوده العلمية الى آخر يوم من حياته الشريفة.وبهذه المناسبة الأليمة يعزي حزب الدعوة الإسلامية الحوزة العلمية في النجف الاشرف وأبناء الحركة الإسلامية في العراق وجميع العلماء والمسلمين في أنحاء العالم برحيل هذا العلم الشامخ، سائلا الله عز وجل أن يتغمد الفقيد برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته انه سميع مجيب.

    حزب الدعوة الإسلامية
    المكتب الإعلامي
    27 جمادي الاولى 1434 هـ
    الموافق 8 نيسان 2013 م

    تعليق


    • #17
      الوفاق البحرينية تعزي بفقد العالم الإسلامي والمفكر آية الله الفضلي



      قدمت جمعية الوفاق الوطني الاسلامية البحرينية أحر التعازي بوفاة رجل الدين البارز والمفكر والمحقق الكبير آية الله الشيخ الدكتور "عبدالهادي الفضلي" الذي رحل إلى جوار ربه اليوم الأثنين 8 أبريل 2013.

      وقالت الوفاق أن العالم الإسلامي والعربي فقد شخصية بارزة وداعية عدل وسلام، ومدافع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية.

      ورفعت الوفاق أحر التعازي والمواساة لأسرة آية الله الفضلي والعالم الإسلامي والعربي، سائلة الله ان يتغمده في واسع رحمته.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

      تعليق


      • #18
        المشاركة الأصلية بواسطة العقيق اليمنى
        متى سوف تحترم نفسك
        غفر الله لك زلاتك

        تعليق


        • #19
          حشره الله مع الأنبياء والصالحين والأئمة الأطهار إنه سميعٌ عليم وإنالله وإنا إليه راجعون.

          تعليق


          • #20
            البعد الأخلاقي في شخصية العلامة الفضلي

            السيد حسن النمر **



            10 / 2 / 2007م -


            تمهيد:
            1- التقدير البالغ للقائمين على هذا التكريم الذي هو خطوة في الاتجاه الصحيح لتسجيل حضور لمجتمعنا من خلال تكريم رموزه، خصوصاً مع اجتماع عوامل الإهمال والتهميش على تغييبه، من خلال رموزه.

            2- لا تتسع أوراق قليلة للقيام بواجب الحديث عن شخصية بقامة العلامة الدكتور عبد الهادي الفضلي، ولا تسعف الفترة الزمنية التي خوطب بها مسطِّر هذه الأوراق، حيث لم تتجاوز أياماً معدوداتٍ.

            3- تفرض الحقوق الكثيرة للعلامة المكرَّم، علينا عموماً وعلى راقم السطور خاصةً، المشاركةُ والقيامُ بما أمكن؛ إذ الميسور لا يسقط بالمعسور.

            4- ما سأذكره من شواهد هي معايشات شخصية، استقيتها على مدى أربعة عشر عاماً من التردد على سماحته في منـزله، ومشاركته في عدة نشاطات ثقافية وفكرية جمعتني وإياه، واختلافي الدائم والدائب على منـزله في مجلسه العام أو في لقاءات خاصة تشرفت بها لديه.

            5- ما سأسجله، في هذه الوريقات، ليس بحثاً علمياًًّّ عن الأخلاق من وجهة نظر العلامة المكرَّم، وإنما هو انطباعات شخصية لما عايشته مباشرةً، بما وُفقت له من الاحتكاك المباشر بسماحته، سفراً[1] وحضراً، خلال أربعة عشر عاماً، أو قرأته من سيرة سماحته. دون أن أدعي الاستقصاء والاستيفاء، لأن في ذلك تقصيراً في حق الشيخ الفضلي، وقصوراً من مدعيه. وأرجو أن لا أكون أحد هذين، فقد قال الله تعالى: ﴿وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[2] ، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه.

            المحطة الأولى: قَدَر الهجرة
            قدر للعلامة الفضلي أن يألف الهجرة، فقد هاجر من «جنوب العراق»، حيث ولد في العام 1354 هـ، إلى «النجف الأشرف» حيث درس ودرّس حوزوياًّ، وتلقى أثناء ذلك دراساته العليا في الماجستير ببغداد، ثم هاجر ثانيةً إلى «مصر» طالباً للدراسات العليا لمرحلة الدكتوراه، وأثناء ذلك هاجر إلى «جدة» أستاذاً أكاديمياًّ. حتى انتهى به المطاف بعد ملاحقات أمنية بعثية إلى الهجرة إلى حيث موطن آبائه وأجداده، حيث ألقى رحله أولاً في «سيهات» ومن بعدها أقام في الخبر لمدة سنة واحدة، ثم استقر أخيراً في «الدمام».
            وقد حظي مجتمعنا بهجرة العلامة الفضلي إليه في العام 1409هـ، بعد سنين قضاها في مدينة جدة اشتغل فيها بالتدريس الجامعي في جامعة الملك عبد العزيز. وقد استقبلت جموع المؤمنين على اختلاف شرائحهم هجرته بالفرح والترحاب الحار لسببين اثنين:

            • أولهما: ما تناهى إلى أسماعهم من مقام علمي شامخ لسماحته، شهد به أقرانه ومعاصروه. وما نُقل إليهم من كفاءات عدة تجمعت في شخصية لم تجتمع في أحد من أهل العلم في المنطقة من حيث الشمولية والجامعية، فقد كان الأول الذي جمع عنوانين لم يجتمعا في من سبقه من علماء الدين، وهما:

            1 - أنه العالم الحوزوي المجتهد، الذي يذعن الجميع بأنه بلغ مرتبةً عالية في الدراسات الحوزوية، حتى أصبح من المبرَّزين من أساتذة حوزة النجف الأشرف بكل ما لها من الثقل العلمي المعروف.

            2 - أنه الأستاذ الجامعي، الذي طاف بين أروقة جامعات مشهود لها بالإنتاج الغزير في تخريج الطلاب والأساتذة الأكفاء.

            • ثانيهما: استشعار المجتمع، ونخبه خاصة، بالحاجة الماسّة إلى شخصية في مستوى العلامة الفضلي لإحداث نقلة نوعية في النشاط الديني الذي لم يعد قادراً، بصورته المعتادة، على تلبية احتياجاته الملحة، في زمن متسارع الخطى في حراكه وحراك ما حوله.
            ولم تَخِب، بحمد الله، ظنون أوساطنا الاجتماعية، فما أن حط سماحة العلامة الفضلي رحله في أوساطه، وأخذ في ممارسة ما أمله المؤمنون منه، حتى نشطت محافل المؤمنين بالعديد من وجوه النشاط العلمي،لم تألفها سابقاً، فحدث ما يمكن أن نسميه بالنهضة الثقافية، تركت بصماتها على مختلف مناحي النشاط الديني، ولا تزال آثارها بيّنةً مشهودةً.
            ولأني لست بصدد رصد تلكم النهضة الثقافية فلن أخوض في تفاصيلها، لأنها ليست موضوع هذه الأوراق، وآمل أن يقوم بذلك من يملك القدرة على التعريف بالمشهد الثقافي في مجتمعنا بعد قدوم سماحة العلامة الفضلي ومقارنته بالمشهد الثقافي قبل ذلك، مع الإشارة إلى الإسهام المباشر وغير المباشر لسماحته فيه.
            وقد أحسن أبناء مجتمعنا استقبال العلامة الفضلي لما سمعوه، فلما أن عايشوه عن قرب وجدوا فيه بغيتهم من زاوية قد تكون مختلفة عما توقعوه، فلم يتصدَّ حفظه الله للعمل الديني في أوساطهم بالطريقة المتعارفة، فقد وجدوه مختلفاً في شكل تصديه حتى على مستوى اللباس، حيث لم يلبس العمامة التي اعتاد علماؤنا لبسها، ولم يعتمد الرداء «العباءة» التي اعتادوا لبسها، كما أنه لم يؤم الجماعة، وإلى ذلك لم يتصد إلى الوكالة الشرعية لمراجع التقليد الكبار، وقد كانت في متناوله، حيث كان واحداً من أبرز تلامذتهم ومورد اعتمادهم...
            بل اعتمد نهجاً مختلفاً في التصدي للعمل الديني، بأن عكف على تغطية الجوانب المهملة، فكان دأبُهُ وديدنُهُ تحفيزَ الوسط الاجتماعي على تغيير الأنماط السائدة من الاهتمامات التي لم يعد من الصواب والحكمة الانكباب والاقتصار عليها شكلاً ومضموناً. فأخذ بالحض والحث على مبادرات في هذا الاتجاه، فصار العديد من المثقفين بصدد كتابة البحوث وعرضها على سماحته بغية طباعتها، فكان يقتطع من شيئاً من وقته الثمين لقراءتها وتسجيل الملاحظات التصويبية والتقويمية بنفسه، فلا يكاد أحد يقدم له مخطوطاً إلا ويشفعه بعد أيام قصيرة بدفتر أو أوراق من الملاحظات والتصويبات تؤكد أنه قرأه من الألف إلى الياء. دون أن يعني ذلك أن في هذا المخطوط شيئاً ذا قيمة تستدعي أن يتفرغ مثل سماحته لقراءته بهذه العناية والاهتمام به إلى درجة القيام بمهمة «مصحح»، لولا أنه «حفظه الله» أخذ على نفسه مهمة وجد أنها مقدسة عنوانها «النهوض الثقافي»، الذي يلازمه عادةً تواضع المستوى في البدايات.
            وقد كان ذلك درساً لكل من التقى بسماحته في فن التواضع وتغليب المصلحة العامة وقداسة الهدف والغاية.

            المحطة الثانية: صدمة الوعي العام
            كانت أوساطنا الاجتماعية على صلة بنمط معين من علماء الدين يُقدس فيهم شخوصهم في جوانب ثلاثة:

            • أولاً: المستوى العلمي بما حازه هذا العالم أو ذاك من علم بالدين ومعارفه مما تعارف في الأوساط الحوزوية دراسته وتدريسه.

            • ثانياً: المستوى السلوكي والعملي، بما يتحلى به العالم أو طالب العلم من تُقى وورعٍ، يؤهله للقيام بما يتطلب ذلك من إمامة جماعة ونحوها.

            • ثالثاً: على المستوى الذاتي والاجتماعي، بما يتحلى به عالم الدين وطالب العلم من زهد يبعده عن التهمة بالتهالك على الدنيا، ومزاحمة الغير.
            ويتفاوت العلماء وطلبة العلم في التحلي بها.
            غير أن لعلامتنا الفضلي سماتٍ أخرى، فهو إلى جانب تفوقه على المستوى العلمي حتى عُدَّ في الرعيل الأول من علماء مجتمعنا، فهو الفقيه المجاز بالاجتهاد، وهو الأستاذ الجامعي المربي للمئات من الجامعيين، والمشرف على العشرات من الأطروحات الجامعية، وهو، إلى ذلك، المثقف الموسوعي الذي يجد طلاب العلم والباحثون بغيتهم المنشودة لديه. وإلى جانب تحلِّيه بتقى وورعٍ مشهودين، وإلى جانب زهده الذي دفع به إلى الانقطاع إلى العلمِ والعملِ بعيداً عن الأضواء والإعلام وزخارف الشهرة الدنيوية.
            إلى جانب ذلك، كله امتاز «حفظه الله» بمثابرة في العطاء، فهو لا يكلُّ ولا يَمَلُّ من الكتابة والمحاضرة وتقديم الكتب وتحقيقها[3] ، وحثّ المؤهلين للتصدي لذلك. وهذا ما لم يعتد عليه مجتمعنا، لعوامل ذاتية حيناً، وخارجية فرضت نفسها عليه حيناً آخر.
            كما أنه «حفظ الله» امتاز بتجديد في عطائه، فقد فاجأ مجتمعَنا بنوع جديد من اهتمام عالم الدين، فلم يتصدَّ لما اعتاد الناس من عالم الدين التصدي له، كما ألمحنا إليه، وإنما أولى جل عنايته لما كان مهمَلاً من النشاط وترك إهماله آثاراً سلبيةً على النهوض الاجتماعي إلى حدّ التبلد والخمول.
            فقد دعا إلى مسابقة بحثية في الأحساء، مُنعت لاحقاً، شارك فيها العديد من المهتمين.
            كما أنه رعى مسابقة بحثية في القطيف، لم تستمر لدواعٍ أجهلها فعلاً، فاز فيها باحثون أصبح بعضهم من الكتاب المتمرسين فعلاً.
            ورعى وشارك بهمةٍ ونشاطٍ، في بعض المهرجانات الثقافية التي تقام في شهر رمضان، ولا يزال بعضها مستمراً كمهرجان حسينية الناصر بسيهات، وهو أول تلك المهرجانات، لم يقطعه عن المشاركة فيه سوى ما ألم به من إرهاق وتعب ألقى بكلكله على جسده في السنتين الأخيرتين.

            المحطة الثالثة: الطريق إلى المعالي
            من سمات العلامة الفضلي الأخلاقية نـزوعه إلى الرقي والنهوض، على مستوى ذاته وعلى مستوى أمته. الأمر الذي انعكس على طبيعة اهتماماته في بناء نفسه وتخيُّر نشاطاته. فاتسعت اهتماماته بسعة الإسلام بين المسلمين. وازداد طموحه فبلغ من الكمال منـزلة جذبت إليه عشاق النهوض والرفعة.
            فما أن تجلس في مجلسه حتى يتناهى إلى سمعك نمط جديد من الأسئلة والأجوبة والحوارات بين الشيخ وزواره، يختلف عما ألفه المؤمنون في أوساطنا الاجتماعية، من اهتمامات العلماء[4] . ليتكشف لك في شخصية العلامة الفضلي، أمران:

            الأول: شمولية الهم
            فلم يكن همه يقف عند وسطه الذي يعيش فيه، بل إنه يعيش همّ الأمة كلها في المشرق والمغرب، لذلك نجده متابعاً جيداً للصحف والمجلات، التي ينتقي منها ما وجد بالمتابعة دقة معلوماتها، دون أن يركن إلى ما ينقل، بل يعمد دائماً إلى التحليل والغربلة لتلك المعلومات، مستفيداً من:

            أ - خبرته الواسعة في المجال العلمي بما يحمله من عمق معرفي في مختلف حقول المعرفة.

            ب - خبرته في العمل العام الذي تصدى له في مختلف مراحل حياته، والتي مكنته من نفاذ في البصيرة وعمق في الرؤية.
            لذلك فقد يتبنى موقفاً يفاجئك للوهلة الأولى، لتكتشف لاحقاً أن سماحته قرأ السطور وما وراءها، «وهو في هذا المجال صاحب تحليل دقيق وعميق، تشعر أنه يبالغ أحياناً، لتفاجئك تطورات الواقع أن له نظرة جد عميقة»[5] .
            وكشاهد على ذلك: زرنا أحد الفضلاء في العام 1985 م في قم المقدسة، بعد رحلة الحج، وكان قد التقى بسماحة الشيخ الفضلي في «جدة». فسألناه عن أخباره، وموقفه من مسألة معينة. فأجاب: إن الشيخ متشائم وسوداوي النظرة. وكان هذا الفاضل من المتعجلين في اختياراته، كما تكشف لنا بعدُ. فإذا بالأيام تؤكد لنا أن نظر العلامة الفضلي كان ثاقباً وصائباً، بينما غيّر صاحبنا من قناعاته إلى حد الانقلاب على ما كان يبشر به آنذاك كما لو كان وحياً منـزلاً!!
            وهو «حفظه الله» لا يرى انفكاكاً في الأزمات بين مجتمع إسلامي وآخر بسبب رقعة جغرافية، لذلك نجده يلاحق أخبار الأمة من هنا وهناك، ليتحسس آلاماً هنا، ويزهو بآمال هناك، يخفيها تارة ويبديها تارةً أخرى، تندُّ منه الآهةُ للألم مهما صغر، وتعلوه البهجة للأمل مهما تضاءل، لإدراكه أن العدو المتربص بالأمة يصل ليله بنهاره مقوِّضاً بنيانَ الأمة بشكل أو بآخر. ولعل ما يحصل في العراق خير شاهد على ذلك، فقد أقض احتلاله مضجع العلامة الفضلي، وقد سمعت منه مراراً وتكراراً، أثناء زياراتي المتكررة له، التحذير تلو التحذير من مخاطر ما يراد للأمة من مخطط إجرامي. وقد آلمه بما لا يقل عن ذلك بعض المظاهر الاجتماعية التي تكشف عن مدى الخلل الذي لحق بالشعب العراقي بسبب الإجرام الصدامي، الذي سعى إلى حرمان الأمة من تشييد نهضتها على أساس العلم والمعرفة، قبل أي شيء آخر، باعتباره منتجاً للإيمان الرشيد.

            الثاني: بُعد الهمة
            أعتقد أنه «حفظه الله» يتسم بهمة عالية دفعت به إلى الإقدام على ما يعجز عنه كثيرون، وإلى التخطيط الدقيق للعديد من الخطوات والعمل على تنفيذها، وأذكر على ذلك هذا الشاهد:
            ألح على سماحته هاجس التجديد في المناهج الدراسية الحوزوية، لأسباب عدة ليس هذا محل ذكرها، فأخذ في تنفيذ ذلك على مدى سنوات امتدت لأربعة وأربعين عاماً بدءً بالعام 1383 هـ، هو سنة تأليفه لكتاب «خلاصة علم المنطق»، وانتهاءً إلى العام 1427 هـ حيث لا يزال مشغولاً بكتابة موسوعته مبادئ علم الفقه. غطى فيها مساحة شملت أغلب العلوم المتداولة في الوسط الحوزوي. وهي فترة، لا يعمل فيها إلا ذوو الهمة العالية، وهي السمة التي أشاد بها فيه شيخه المجيز له بالرواية الشيخ بزرك الطهراني «رحمه الله»، حيث قال في إجازته له ولما يتجاوز العشرين سنة من العمر: الشيخ الفاضل البارع، الشاب المقبل، الواصل في حداثة سنه إلى أعلى مراقي الكمال، والبالغ من الفضائل مبلغاً لا يُنال إلا بالكدّ الأكيد من كبار الرجال»[6] .

            المحطة الرابعة: نبل الذات
            لم يحظَ العلامة الفضلي بما حظي به من قبول واسع واحترام كبير في الوسط الاجتماعي، بسبب علمه فحسب، فالعلماء كثر، ولا بسبب تقواه وزهده فقط، فهؤلاء أيضاً ليسوا قلة، وإنما حظي بذلك بسبب علمه وتقواه وزهده، مضافاً إليه عددٌ من السِّمات التي جعلت منه مشروع «الأمل» المفقود، لمجتمع عملت أسباب الحرمان على تهميشه وتغييبه مع كل ما يملكه منذ صدر الإسلام على مقومات النهضة الشاملة، مادياًّ ومعنوياًّ.
            ولعل تلك السمات تنبع من «نبل الذات» الذي تميز به علامتنا الفضلي «حفظه الله» بشكل بارز، ومنها:

            السمة الأولى: صدق الانتماء للدين والمجتمع
            يسوغ لي أن أقول إن الانتماء يأخذ شكلين اثنين:

            الأول: الانتماء الفكري
            وهو مجموعة القناعات التي يؤمن بها «المنتمي» وتكون محركاً له للإقدام والإحجام، ويصنف المنتمون، لأي فكر، إلى صنفين:

            1 - منتمين على بصيرة.
            2 - منتمين على غير بصيرة.

            وبعيداً عن الخوض في التفاصيل، فقد لمست في العلامة الفضلي: انتماءً صادقاً للدين يتجاوز الادعاء، لقناعته الراسخة أن خلاصه الشخصي وخلاص أمته في علو الدين وتغلغل تعاليمه في نفوس الناس وهيمنته على جوانب حياتهم الفردية والاجتماعية... ومن ثم فإن ما يشغل مجلسه من أحاديث لا يتجاوز همّ الدين وأهله»[7] .

            الثاني: الانتماء الاجتماعي
            يتفاوت العلماء، وهم القادة الاجتماعيون، في إحداث التغيير الاجتماعي، بحسب ما يملك هذا أو ذاك من وسائل التأثير. ومن أهم تلك الوسائل شعور الأمة/ المجتمع بأن ما يقوله العالم ويطلبه القائد يعود إلى المجتمع نفسه بالنفع، لأن التغيير أمر ينبع من تبدل القناعات الداخلية لدى الفرد والمجتمع تدفع به إلى تغيير سلوك أو تطوير إرادة...
            وقد يكون لدى العالم صدق في الانتماء للمجتمع لكنه لا يحسن التعبير عنه، لذلك فالمطلوب أمران:

            الأول: صدق الانتماء.
            وهذا إنما يحصل بالتقوى أولاً، وبحب الناس ثانياً. فمن لا تقوى لديه لن يكون صادقاً في انتمائه لمجتمعه لأن أنانيته ستشكل حجاباً غليظاً بينه وبين رغبات الآخرين «المجتمع»، كما أن من لا يحب الناسَ لن يتحلى بالانتماء، وبالتالي لن يُطالب بالصدق فيه.

            الثاني: حسن التعبير عن الصدق.
            فقد يكون بعض الناس منتمياً لمجتمعه، وهو صادق في ذلك، لكنه يقع في بعض ما يكون سبباً لهز ثقة المجتمع فيه. ومن ثم فإن المطلوب هو التحلي بأعلى درجة من المناقبية والنـزاهة، لئلا تُترك ثغرةٌ تكون سبباً لإحداث اهتزاز في الثقة.
            ولعل العلامة الفضلي توفر على هذين الأمرين بشكل كبير، لعوامل ذاتية وموضوعية لا أستطيع تفصيلها الآن، جعلت من الوسط الاجتماعي، على اختلاف مشاربه وانتماءاته، يرى في سماحته «المنتمي» له، مما هيأ له تبوأ مرتبة عالية من المقبولية تجعله في مصافِّ «القادة».
            فلم يقع سماحته في خصومة ولا نـزاع مع أحد ولا جهة، كما لم يقع في ممارسة تجعل بينه وبين طيف من أطياف هذا المجتمع حاجزاً عن إمكانية التأثير فيه، بل بقي على مسافة واحدة من الجميع، دون أن يتخلى عن قناعاته التي قد يختلف وآخرين حولها.

            السمة الثانية: الشجاعة
            تحلى سماحة العلامة الفضلي بشجاعة نادرة، لم يتوفر عليه كثيرون. وقد أخذت شجاعته أشكالاً، أشير إلى بعضها ضمن الشواهد التالية:

            الشاهد الأول: انتسابه لكلية الفقه
            ولعلك تُفاجأ، أخي القارئ بذكر انتسابه لكلية علمية في وسط علمي، وأبادر إلى تبديد وهمك لأشير إلى أن للأوساط العريقة، في أي مجال، تقاليد وأعرافاً ليس من السهل تغييرها واستبدالها، خصوصاً إذا كانت جذرية.
            ولم تكن النجف ذات التاريخ الممتد لأزيد من الألف عام استثناءً، فلها بدورها تقاليدها المدرسية والسلوكية العريقة، فليس مسموحاً، آنذاك، لطالب العلم أن يدرس أي علم، ولا أن يتصرف كما شاء، ولا أن يقوم بما يحلو له... لأن عليه أن يلتزم ما درج عليه العلماء في تلك الأوساط ليشهدوا له بدورهم، أنهم تولوا تربيته على ما ينبغي أن يكون عليه، وتتقبله الأمة بتلكم التزكية.
            وبطبيعة الحال، فإن تلكم التقاليد لم تكن بأجمعها صائبة، كما أن بعضها الآخر الذي يمكن أن يكون صائباً في جوهره، ليس هو كذلك بالضرورة في شكله، لأن للتغيرات الاجتماعية متطلباتها التي لابد من الاستجابة لها، في حدود ما لا يتنافى والثوابت، ويصطدم بالخطوط الحمر.
            في هذا الجو المتشدد والمتصلِّب نشأ الشيخ الفضلي، حيث الصراع المحموم بين القديم والجديد، فاختار بكل شجاعة أن ينحاز للجديد، بعد أن وجد فيه ضالته المنشودة من الموائمة بين ثوابت الإسلام وأحكامه من جهة، ومتطلبات العصر من جهة ثانية. فترجم ذلك بالانتساب إلى كلية الفقه أولاً، مواصلاً مسيرته الأكاديمية في جامعة بغداد، انتهاءً بجامعة الأزهر بمصر.
            وهذه المسيرة كانت مرّة وقاسية على مثل الشيخ الفضلي آنذاك لأن الوضع لم يكن يتقبل ذاك بسلاسة. وما أصعب أن تخالف ما هو سائد، وما أحوجك إلى أن تكون شجاعاً لتقوم به.

            الشاهد الثاني: انتماؤه للعمل الإسلامي المنظم
            في هذا الجو نفسه استشعر علامتنا الفضلي، وثلةٌ من أهل العلم والغيرة آنذاك، الحاجةَ الماسّةَ إلى تنظيم يقوم على أساس تأمين الحاجة الاجتماعية للتربية الدينية وجني ثمارها، فلم يجد حرجاً في الانتماء، مع ما لفّ ذلك من مخاطر أمنية، حيث المنع الرسمي من قبل الدولة، ومخاطر اجتماعية، حيث الرفض الاجتماعي المطلق في الوسط الحوزوي لدى علماء الدين وطلبة العلم لذلك. ومع هذا وذاك اختار العلامة المكرّم ما وجد أنه صواباً وضرورةً، ولمس الشجاعة في نفسه لاختياره ذاك.
            وقد عُرِفت حوزة النجف الأشرف بالصرامة والتقليدية، حرصاً من رموزها وطلابها، على المحافظة على ما يطمئن إلى سلامته وصوابيته لقيام الدليل عليه. الأمر الذي انعكس سلباً على وتيرة التفاعل بين الحوزة العلمية ومستجدات الأحداث. وقد عاصر سماحة علامتنا المكرّم حقبة التمدد الشيوعي والتمرد على التعاليم والمعارف الدينية في العراق إبان حكم عبد الكريم قاسم «1958 - 1963 م». فنشأت فكرة التنظيم الإسلامي، فكان لسماحته شرف الريادة في الانخراط فيه فكان من قياداته ذوي التأثير.
            وكان شجاعاً وتقدمياًّ جداًّ في انتسابه وعمله ذاك، بعد أن آمن بصواب الفكرة مع شدة رفضها من قبل قطاعات واسعة في الوسط الحوزوي[8] .

            الشاهد الثالث: ممارسة الكتابة والتأليف
            لم يكن من المعتاد لدى الأوساط الحوزوية العامة في النجف الأشرف، آنئذٍ، الكتابةُ والتأليفُ في غير العلوم الحوزوية المتعارفة، لذلك فإن من كتب، حينها، وألّف في غير ما تعارف التأليف فيه، عانوا أشد المعاناة، من الاتهام بالفشل الحوزوي، مروراً بأنهم صحفيون، انتهاءً بالتمرد على تقاليد الحوزة. ولهذه التهم وأمثالها قدرة تدميرية هائلة، يستجيب كثير من طلبة العلم لضغطها، تحول بينهم وبين تفجير طاقاتهم الهائلة في التأليف والكتابة.

            الشاهد الرابع: احترام حق الغير في الاختيار
            قد يحكم الركود الفكري وسطاً من الأوساط العلمية، فما أن يتبنى أحدٌ رأياً «آخر» غير ما هو مألوف، حتى تثار العواصف في وجهه. ولم يكن سماحته ممن يتبنى وجهة النظر هذه، فهو يرى أن من حق صاحب الرأي أن يقول رأيه في حدود الاجتهاد الفكري بعد اكتمال مقدماته وقواعده. وليس لأحد ممارسة الوصاية عليه. وللآخرين الحق أن يُبدوا آراءهم المخالفة، لكن في حدود الاختلاف العلمي دون تجريح شخصي.
            وكان يمارس ذلك عملياًّ فبينما نجد بعض أهل العلم يتكتم على «الرأي الآخر»، وقد يضيف إلى ذلك التنكر له ولعلمه، لدواعٍ علمية تارةً، وغير علمية تارةً أخرى. أما الشيخ فلم يكن، فيما عهدته منه، ينطلق من هذا المنطلق، بل كان موضوعياًّ في منتهى الموضوعية، فإذا كان بصدد بحثٍ علميٍّ فإنه يجنبه تماماً من ميوله واختياراته، ليتولى عرض الرأي الآخر بكل ما تتطلبه الموضوعية من الإنصاف. فإذا تطلب المقام المناقشة فإنه يدخل فيها بما ينبغي للعالم أن يراعيه من أصول البحث العلمي.
            وسأكتفي بإحالة القارئ الكريم إلى مجموع كتب الشيخ ومحاضراته التي تزخر بالشواهد، على ما قلناه من عرض الرأي والرأي الآخر دون تحيز لطرف دون طرف، ثم الوصول إلى مرحلة الاختيار حسب القواعد العلمية.
            وأقتصر على ما نقله لي من أنه لما سافر إلى اليمن أخذ بالبحث عن كتب لعالم يمني، سمع أنه يرى التفرقة بين الفائدة البنكية المعروفة والربا المنصوص على حرمته بين الفقهاء، ليكتب عن رأيه بأدلته التي ساقها صاحب النظرية. وهو شاهد على نبل أخلاقي يفتقده كثيرون بذريعة أن المسألة واضحةٌ ومتفقٌ عليها! مع أن وضوح المسألة والاتفاق عليها، كما لا يخفى، ليسا مسوِّغاً كافياً للتعتيم والتجاهل.

            السمة الثالثة: التواضع
            لخلق التواضع سحره الخاص، كما أن له تبعاته الثقيلة التي تضعف كثير من النفوس أمامها، فتكون سبباً لحرمانها منه، لأن الحق ثقيل، والتواضع يتطلب إذعاناً للحق لا يتأتى من كل أحد. وكلما كان الشخص كبيراً وعظيماً كلما كان التواضع عليه أصعب. ولكنه إذا كان من أهل الحق والساعين إليه سهل عليه أن يكون متواضعاً.
            والعلامة الفضلي اتفق عارفوه على أنه من العظماء بمعنى الكلمة، فعلمه الواسع، ومنـزلته الاجتماعية الرفيعة، وشهرته التي طبقت الآفاق... كل ذلك يصب في أن يتميز في ذاته، ويميزه الآخرون. ولكنه تحلى بتواضع جمّ، جعل من كثيرين يغفلون عن جوانب تميزه.
            وتجسيداً لتواضعه فهو كارهٌ جداًّ للظهور والشهرة. ومثالاً على ذلك فإنه عزم على السفر إلى الجمهورية الإسلامية لزيارة الإمام الرضا «ع» في العام 1426هـ[9] ، وقد رتب لسفره على عجل ودون تحضير سابق. وكان بإمكانه أن يستثمر زيارته تلك على أعلى المستويات، باعتباره وكيلاً عاماً[10] لسماحة الإمام الخامنئي «دام ظله» الذي يكنّ له من الاحترام الشيء الكثير، وباعتباره أستاذاً لعدد من كبار المسؤولين، وزميلاً لعدد من مراجع الدين. ولكنه لم يشأ أن تختلط أهدافه الدينية بأي هدف آخر. ولكن شاءت الأقدار أن يعلم الإمام الخامنئي «دام ظله» بزيارته، فمان كان إلا أن دعاه للقاءٍ بينهما حظي فيه سماحته برعاية كريمة من زعيم الجمهورية الإسلامية تتناسب ومنـزلته.
            ولنُشِر إلى تواضعه ضمن منحيين:

            المنحى الأول: التواضع للمؤمنين
            فـ«لا يجادل أحدٌ ممن اتصل بالشيخ سابقاً ولاحقاً أن سماحته بلغ في التواضع مبلغاً قلّ نظيره، لا فرق في تواضعه أن يكون الطرف الآخر صغيراً أو كبيراً، عالماً أو متعلماً على سبيل نجاةٍ.
            وهو بهذا التواضع استطاع أن يحظى باحترام الجميع، ومجلسه العامر بالرواد من شتى الانتماءات والتيارات خير شاهد على محبوبية شخصيته وما يتحلى به من جاذبية.
            كما أن من أبرز آثار هذا التواضع في شخصيته إتاحته الفرصة لكل من يفد عليه أن يدلي بدلوه بإبداء مقترح أو إيراد شاهد أو التنبيه على معلومة...، ليتأكد هذا التواضع حينما يكون المجال متاحاً لتعليق من الشيخ فيحجم عن ذلك، خصوصاً إذا كان في التعليق إحراجٌ للضيف.
            ويتجلى تواضعه في شعور الآخرين ممن هم في مرتبة تلاميذه علماً، وأولاده سناًّ، أنهم قادرون على الأخذ والرد معه دون أن يشعروا بأن ذلك ليس من حقوقهم، ليشعروا بالثقة في النفس، كيما يتأهلوا لأداء الدور الذي ينبغي أن يكونوا أهلاً له»[11] .

            المنحى الثاني: التواضع أمام الحق
            التواضع في كماله وجماله لا يقف عند حدود منحاه الأول، بل ثمة صورة أولى وأهم، وهي تجمع بين خلق الشجاعة والتواضع وهي الإذعان بسعة الوجود وبمقولته سبحانه ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً﴾[12] ، ليكون صاحب هذا الخلق على تواصل مستمر مع الفيض الرباني، لذلك نضيف أن سماحته يمتاز بهذه السمة حيث: شعوره المستمر بضرورة مواصلة التعلم، ومن ثم فهو يتميز بنهم للقراءة وشغف في متابعة المعلومة، حتى أنه يعدّ أفضل هدية تقدم له كتاب لم يقرأه أو لا يمتلكه، أو معلومة لم يطلع عليه، ولهذا فهو يتواضع حتى لمن لا يتوقع منهم أن يخدموه في هذا المجال»[13] .
            وأذكر شاهدين على سمة التواضع عموماً لدى سماحته:

            • الشاهد الأول: دُعي سماحتُهُ لندوة قرآنية في العام 1416 هـ من قبل القائمين على مهرجان شهر رمضان الثقافي في حسينية الناصر، ودعيت لأكون شريكه في الندوة فكادت الأرض تبتلعني خجلاً من الدعوة، فأين أنا من العلم والمنـزلة والسن؟ وأين هو الشيخ الفضلي في ذلك؟ ولكنه لشدة تواضعه قبل بكل أريحية وترحاب أن أكون شريكه وتفضل بذلك لما يتحلى به من تواضع.

            • الشاهد الثاني: سألته في إحدى زياراتي قبل حوالي أربع سنين عن سبب إحجامه عن محاولة التفسير للقرآن الكريم. فأجاب بكل تواضع: إن التفسير من السهل الممتنع. مشيراً إلى عظمة القرآن وعسر تصديه للتفسير. ولم يكن ذاك الجواب إلا تواضعاً منه، وإلا فإنه يمتلك قدرات علمية كبيرة جداًّ تؤهله للإبداع في ذلك وليس مجرد المشاركة.

            • الشاهد الثالث: ليس من عادته «حفظه الله» التعريف بنفسه بما له من المناصب والمشاركات، كما يفعل كثيرون. مع أنه، كما سنشير، يتبوأ الكثير من المناصب الهامة في مواقع مختلفة، يكفي الواحد منها للتبجح عند ضعفاء النفوس.

            السمة الرابعة: النشاط الدؤوب
            من يتعرّف على سماحة العلامة الفضلي عن قرب، وقد كان لي شرف ذلك، لا يلمس في قاموس حياته معنى للكسل والخمول، فـ: في هذا المجال قد يستعصي عليك أن تجد شخصاً له إصرار الشيخ ومثابرته على العمل الجاد، ونتاجاته المتنوعة والمختلفة شاهد صدق على ذلك»[14] .
            وأذكر لذلك شواهد:

            • الشاهد الأول: مشاركته في الكثير من المناشط الفكرية والثقافية، بل إنه يعد أباً حقيقياًّ أو روحياًّ لكثير منها، أو هو مشارك جادٌّ فيها. فعلى عجالة:

            1- هو مشرفٌ عامٌّ على جامعة آل البيت بقم المقدسة.
            2- وهو أستاذٌ لعدد من المواد في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية بلندن، وقد قام هو نفسه بكتابة مناهجها.
            3- عضو هيئة تدريس في الجامعة الإسلامية ببيروت، وعميد كلية الفقه والاجتهاد فيها.
            4- وهو مؤلفٌ لم ينقطع عن الكتابة حتى إصابته بجلطة خفيفة في العام 1427هـ، حرمته استعمال يده اليمنى التي هي وسيلته الوحيدة والمعتادة في الكتابة.
            5- مُحاضر في مناسبات دينية ومواسم ثقافية، لم ينقطع عن المشاركة فيها إلا في حدود سنة 1426 هـ، أو قبلها بقليل، لظروفٍ صحيةٍ.
            6- مشرف عام على مجلة نصوص معاصرة الفصلية.
            7- عضو في الهيئة الاستشارية لعدد من الدوريات والمجلات الفكرية.
            8- عضو في المجمع العالمي لأهل البيت .

            • الشاهد الثاني: حدثته مرة في سنة 1417 هـ عن رغبتي في الكتابة حول «الإمامة» وسرعان ما أتحفني بمخطط بحث لذلك، مع أني فاتحته بمجرد رغبة!

            • الشاهد الثالث: قدمتُ إليه بحث «الإمامة من منظور العلامة الفضلي»[15] ، سرعان ما أعاده إليّ بعد أيام مشفوعاً بتصويبات إملائية وطباعية كاملة تنم عن قراءته للبحث من أوله إلى آخره.

            • الشاهد الرابع: كنت كلما زرته سألته عما هو مشغول بالكتابة فيه، خصوصاً مبادئ علم الفقه الذي عاني كثيراً في تأليفه بسبب المنهج الذي اختاره واضطره، أحياناً إلى مراجعة مائة مصدر لتحديد وجه المسألة، كما حدثني بذلك، دون أن ينتهي إلى موقف واحد من اختيار الفقهاء في ذلك.
            وقد ألفتَ نظري حينها أنه يشتغل بالكتابة في مبادئ علم الفقه أيام الأسبوع، بينما يتفرغ يومي الخميس والجمعة في الكتابة في «دروس في أصول فقه الإمامية»، الذي أنجزه في جزءين. وذلك دليل على مثابرته ومصابرته في نشاطه الدؤوب، مع ملاحظة أنه يشتغل بين هذا وذاك بكثير من النشاط البحثي الجانبي، من قبيل: محاضراته، وبحوثه التي يشارك بها في مؤتمر أو ملتقى أو مجلة، ومقدمات الكتب المؤلفة والمحققة التي تقدم له ليتولى التقديم لها، إلى جانب قراءاته للكتب والدوريات والمجلات والصحف.

            السمة الخامسة: رعاية المواهب الشابة
            دأب «حفظه الله» على رعاية المواهب الشابة من طلبة العلم ومن المثقفين والأدباء والشعراء، فكان كثير منهم يدفع بمخطوطته إليه ليسجل ملاحظاته عليها أو التقديم لها، وكان يقوم بذلك مشكوراً، لاعتقاده أن المنطقة بحاجة إلى حراك في هذا الاتجاه. وكان يثني في كثير من المواضع على أصحاب الطروحات بما يستغرب القارئ هذا الثناء ووجهه، لأن هذا المستغرِب لا يعلم أن الغرض هو الدفع باتجاه التأليف والتحريك الثقافي دفعاً للخمول، كما أن حسن ظن الشيخ يغلّب جانب النظر للحسن على النظر للسلب. وهو دأب المؤمن كما أشارت إليه النصوص الشريفة.
            ومثالاً على ذلك: ذهب معي بعض الشعراء من أبناء منطقتنا إلى مجلسه للسلام عليه، فعرّفته على أحدهم، وقد كان شاعراً، ولأنه أحد أقربائي فإني أعتذر عن ذكر اسمه لئلا يكون دعايةً له، فلما سمع سماحته قصيدته، فاجأنا، وهو الشاعر المتمرس، إلى القول: إن شعره ليس أقل جودة من «.....» وقد ذكر اسم شاعر معروف تستضيفه وسائل الإعلام المقروءة والمرئية.

            السمة السادسة: الحكمة وحسن التدبير
            يمتاز سماحته بحكمة فائقة ونظر ثاقب في معالجة الأمور ومقاربة المشاكل، كل ذلك بوسطية وواقعية فائقتين على عدة مستويات، جعلت من مختلف الأطياف تعتقد أنه الأقرب إليها. والسبب في ذلك هو:

            1- طبيعة التعقيدات التحتية والفوقية التي تحكم واقعنا الاجتماعي. وشعور سماحته أن من المستحيل القفز عليها، وإلا كانت سعياً في مجهول.

            2- تعدد الرؤى في الأوساط الناشطة، إلى حد التناقض أحياناً، بالمستوى الذي لا مجال معه للرأي الواحد، ولا مناص معه من الإقرار بالتعددية مع المحافظة قدر المستطاع على التآخي والاجتماع على ما يتفق الفرقاء عليه.

            3- إحساسه الأبوي بأن التعددية بين الناشطين ليست سبباً لفسح المجال للتناحر والاصطفاف بين القوى الفاعلة.
            لكل ذلك، كان يرى لزوماً عليه أن تكون لغته لغةً ذات طابع عام، فهو ينأى بنفسه، في كثير من الأحيان، عن الغوص في التفاصيل، وفي بعض الأحيان يختار التعبير عما يرى أنه صواب بطريقة غير جارحة، الأمر الذي يظن مستمعه أنه يوافقه دون من عداه.
            فهو «حفظه الله» ينطلق من حكمة الشيوخ وليس من جَلَد الغلام[16] ، وقد مرّ بتجارب كثيرة، فيها الحلو والمر معاً، وفيها الألم والأمل. من كل ذلك لم ألمس منه نزقاً في رأي ولا تسرعاً في موقف، بل قد تلمس منه البطء أحياناً حرصاً منه على عدم الوقوع في الخطأ قدر الإمكان. ولأقتصر على شواهد عايشتها شخصياًّ، لأنه كان كهفي الذي ألتجئ إليه في المعضلات والمدلهمات:

            الشاهد الأول: ندوة تلفزيونية
            تقدمت إليّ قناة «عين»، في شهر ربيع الأول من العام 1424 هـ، بدعوة للمشاركة في لقاء على الهواء مباشرة، فلبيتُ الدعوة. ثم ذهبت لزيارة سماحته وإحاطته علماً بذلك، فأبدى قلقه من مشاركتي خوفاً عليّ من أسئلة محرجة قد يتقدم بها المذيع أو المتصلون يكون فيها ما لا يحمد عقباه. فقلت له: سأعتذر. وقد أبدى تخوفه حباًّ وحرصاً عليّ من قول أو جواب أتقدم به يثير حفيظة متحفظٍ. فرد: بأنه مجرد تخوف، واقترح أن أستخير الله. فقلت: لا أحتاج إلى ذلك.

            الشاهد الثاني: الانتخابات البلدية
            اختلفت الآراء حول المشاركة في الانتخابات البلدية بين مؤيد ورافض، لأسبابٍ وجيهةٍ لدى كل طرف ليس هذا مكان التعرض لها، وكنت ممن يميل بقوة إلى المشاركة. فذهبت إليه مستفسراً عن رأيه ومستئذناً بتبني العملية الانتخابية. فكان جوابه: إذا لم يترتب عليها فائدة فليس فيها ضرر».

            الشاهد الثالث: اللقاء الفكري للحوار الوطني
            كسابقه واجه الحوار الوطني سجالاً بين مؤيد ورافض، لأسبابٍ وجيهةٍ أيضاً، وكنت ممن يتبنى مبدأ المشاركة. وذلك قبل أن تقدم إليّ الدعوة للمشاركة، فكان رأيه الذي سمعته منه مباشرة عدمَ التحفظ، من حيث المبدأ. فلما قُدمت إلي الدعوةُ للمشاركة في جولته الخامسة، استأذنته في الموافقة فلم يرفض، بل شجع وأضاف مؤيداً: إن الدعوة قُدِّمت أيضاً إلى شخص آخر سماه، تبين في ما بعد أنه ليس المدعو، وأنه أخبر الشيخ بذلك فسرى وهمُهُ إلى الشيخ.
            وفي الشاهدين الأخيرين نُقل عنه «حفظه الله» رأيٌ معارضٌ، وتحليلي هو ما قدمته من أن سماحته كان أبوياًّ في إجاباته ولم يكن يرغب في جرح أية مشاعر، لذلك قد يفهم منه الرافضون تأييدهم، كما يفهم المؤيدون ميله إليهم.

            هوامش:
            [1] وقد رافقته، وسماحة أخينا الشيخ محمد العباد، في رحلة إرشادية إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1996م، امتدت لخمسة وعشرين يوماً.

            [2] سورة البقرة: الآية 237.
            [3] يشهد لذلك مؤلفاته التي فاقت الخمسين مجلداً، وبحوثه ومقالاته وتحقيقاته التي رصد بعضها البحاثة السيد هاشم الشخص في ثمانية وثلاثين عنواناً إلى حين طباعة كتابه في العام 1418 هـ. وهي لا شك تفوق ذلك بكثير، وهو ما يحتاج بحثاً مستقلاًّ، انبرى له أخوان عزيزان هما: الأستاذ علي المحمد علي، والأستاذ حسين الشيخ الذي ذكر لي أنها تبلغ ستة وستين عنواناً في الكتب فقط، والبحثان ليسا بين يديّ فعلاً.
            [4] يجب أن نلفت النظر إلى أننا نتكلم عن فترة زمنية حصل بعدها تحول حقيقي في أداء العلماء، وقبل ذلك في تكوين كثير منهم.
            [5] العلامة الفضلي... مشروع إصلاح وتغيير، لكاتب هذه السطور، شهادة منشورة في كتاب منعطف القرار للأستاذ علي آل مهنا.
            [6] أعلام هجر للباحث المتتبع السيد هاشم الشخص، ط 2، ج 2 ص 295 ترجمة العلامة عبد الهادي الفضلي.
            [7] العلامة الفضلي... مشروع إصلاح وتغيير.
            [8] لا يزال الوسط المتدين في حالة جدل حول جواز التنظيم تارة، وصوابه تارة أخرى. ونشير إلى أننا نتكلم عن فترة تاريخية ماضية من حياة الشيخ الفضلي، لكنه انقطع تنظيمياًّ منذ فترة طويلة جداًّ، وليس هو مرتبطاً فعلاً بأي تنظيم.
            [9] والترديد مني.
            [10] وهي الوكالة الوحيدة التي قبلها سماحته من مراجع الدين، وتحمل أعباءها، ولعل ذلك يتصل برؤيته للمرجعية والتي دوّنها في إجابة مفصلة لاستفتاء قدمه له بعض المؤمنين.
            [11] العلامة الفضلي... مشروع إصلاح وتغيير.
            [12] سورة الإسراء: الآية 85.
            [13] العلامة الفضلي... مشروع إصلاح وتغيير.
            [14] العلامة الفضلي... مشروع إصلاح وتغيير.
            [15] بحث شاركتُ به بعد أن تقدم إلي القائمون على مجلة الكلمة، لجعله ضمن ملف أزمعت المجلة إعداده تكريماً لمساحة العلامة الفضلي.
            [16] قال الإمام علي بن أبي طالب : رأي الشيخ أحب إلي من جَلَد الغلام) نهج البلاغة.

            **
            ورقة عمل تقدم بها الشيخ حسن النمر لمهرجان التكريم الذي أقيم في حسينية شاخور بسيهات، تحت عنوان «الفقيه المثقف» احتفاء بالشيخ عبد الهادي الفضلي.

            تعليق


            • #21
              وصول جثمان الفقيد آية الله الشيخ عبدالهادي الفضلي















              توافد العلماء والوجهاء لاستقبال جثمان الفقيد في مغتسل سيهات








              عمامة الشيخ مغتسل سيهات :



              البدء بحفر قبر الفقيد آية الله الشيخ الفضلي

              حيث سيكون قبره الشريف بجوار قبر المرحوم الحاج عبدالله بن سلمان المطرود :








              تعليق


              • #22
                المشاركة الأصلية بواسطة alyatem
                [FONT=Simplified Arabic][SIZE=20px]شغل
                وزار قائد الثورة الإسلامية في ايران «الإمام السيد علي الخامنئي» آية الله الفضلي في فترة علاجه وذلك قبل أكثر من عام عندما كان متواجدا في إيران، حيث قبّل الإمام الخامنئي جبين آية الله الفضلي، فيما قبل آية الله الفضلي يد الإمام الخامنئي.
                وقال آية الله الفضلي: "إني تحسنت كثير عن السابق وذلك ببركات دعاء السيد حفظه الله".
                بدأ الاستخدام السياسي للمصيبة بشكل مبكر .

                تعليق


                • #23
                  المشاركة الأصلية بواسطة يعيش شيعي
                  بدأ الاستخدام السياسي للمصيبة بشكل مبكر .
                  وبدأ الاستحمار والاستمطاء والاستعداء لشيعة محمد وآل محمد
                  مثلك وأمثالك من الكلاب السائبة والافاعي تستغل مصائبنا لتوجه حرابها وسهامها وسمومها الينا
                  ويا ترى ماذا في هذا الاستخدام؟
                  ألم يكن الشيخ رحمه الله وكيلا لسماحة السيد القائد؟
                  والصور المنشورة أليست تبين المدعى؟
                  مثلك وأمثالك لا يستحقون الرد عليهم الا بما يليق بكل كلب سائب
                  هذا بدلا من أن تقرأ له الفاتحة دخلت تنشر زعافك هنا
                  تف عليك وعلى كل واحد مثلك يا ابن الفاعلة
                  انني اشهد انك واحد كلب ناصبي دعي قذر
                  ولو كنت تحمل ذرة من الرجولة لما تخفيت تحت مسمى شيعي
                  ولعمري انما حالك حال اولئك الذين يتداوون بماء الرجال لانهم ليسوا رجال

                  تعليق


                  • #24
                    علماء القطيف وأهاليها يستقبلون جثمان الفقيد ...

                    وصل جثمان الفقيد آية الله الشيخ عبدالهادي الفضلي الى القطيف قبل فترة قليلة , حيث توافد الأهالي يتقدمهم المشايخ والعلماء لاستقبال الجثمان الطاهر , وقد وضع الجثمان في الحسينية الفاطمية , ويتلقى المشايخ التعازي في الققيد .


























                    تعليق


                    • #25
                      بيان "المجلس العلمائي" في البحرين في رحيل «العلامة الفضلي»




                      بسم الله الرحمن الرحيم


                      ببالغ الحزن والأسى، تلقينا نبأ رحيل العالم الرباني والمفكر الكبير العلامة المحقق آية الله الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي، الذي يمثل فقده ثلمة كبيرة في الإسلام، وخسارة فادحة؛ لِما لسماحته من جهود كبيرة في خدمة الدين ونشر المعارف الإسلامية وتربية نخبة من العلماء والمفكرين، عبر الكثير من حلقات الدرس والمؤلفات العلمية الرصينة والفكرية الأصيلة، التي أثرت المكتبة الإسلامية.

                      وكان سماحة الفقيد مثال العالم الرباني الذي كان كل همِّهِ خدمة الإسلام وعزّته، ونصرة العقيدة، من خلال منهج إسلامي رائد، يعتمد الاعتدال والعقلائية والمواءمة بين الأصالة والتجديد في طرح الإسلام ورؤاه وأفكاره، كما كان رمزًا من رموز الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب، وداعية إلى التسامح والتعايش بين المسلمين بشتى مذاهبهم، عبر مواقفه التقريبية وفكره الوحدوي.

                      وبهذا المصاب الأليم نرفع التعازي لمقام مولانا صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف) وللمرجعية الدينية وعلماء الإسلام وعائلة الفقيد وعموم العلماء الأجلاء والمؤمنين في السعودية وأبناء الأمة الإسلامية، وندعو الله تعالى أن يتغمد الراحل بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنّته، ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

                      كما نسأل الله تعالى أن يعوّض الأمة الإسلامية علماءَ ربانيين ورجالًا مخلصين يواصلون الدرب النيّر الذي سلكه سماحته وبذل مهجته وعمره الشريف في السير عليه خدمة للدين الحنيف.


                      "إنا لله وإنا إليه راجعون"
                      المجلس الإسلامي العلمائي
                      26 جمادى الأولى 1434 هـ
                      8 أبريل 2013

                      تعليق


                      • #26
                        المشاركة الأصلية بواسطة بريق سيف
                        غفر الله لك زلاتك
                        انت واحد مسكين
                        ونفسيتك التعبانه تصور لك انك انت الشيعى الوحيد
                        والبقية يجب ان يأخذو شهاده حسن سيره وسلوك منك
                        السيد كمال لا يمثل التشيع
                        خط العرفان منحرفون

                        والان مع وفاة الشيخ الفضلى
                        بدل ان تقول (
                        اللهم إنا لا نعلم من ظاهره إلا خيراً) كما هى تعاليم اهل البيت

                        تاتى وتلزم الشيخ بان له زلات وكانه لا توجد عبارات تناسب هذا المقام
                        الا هذه العباره

                        وكان الشيخ يحتاج شهادة منك ومن امثالك حتى يكون مقبول عند الله


                        تعليق


                        • #27
                          التسخيري ينعي "العلامة الفضلي"



                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          لقد فجعنا بنبأ رحيل العلامة المفكر آيت الله الشيخ عبدالهادي الفضلي (رحمه الله).

                          لقد كان علماً بارزاً من أعلام الإسلام حمله هماً كبيراً وسخر نفسه لخدمته في مختلف المجالات (الفقهية والأصولية والتاريخية والأدبية).

                          ولقد ألف الكثير من الكتب التي صار بعضها مرجعاً علمياً اللباحثين والمحققين، كما ربى الكثير من الطلبة والدارسين في المجالات الحوزوية والجامعية، وحاضر في بلدان عديدة فكان المفكر الألمعي الجامع والمؤلف الإسلامي الكبير والمربّي الديني للجماهير.

                          وقد نال الأستاذ المرحوم إعجاب الحوزات العلمية والعلماء الأعلام فوصفه «المرحوم الطهراني» بأنه الواصل في حداثة سنه إلى أعلى مراتب الكمال، كما وصفه «الشهيد الإمام السيد محمدباقر الصدر» بأنه ممن يرفع الرأس عالياً و يشكل رقماً من الأرقام الحيّة على عظمة حوزة النجف العلمية.

                          رحمه الله رحمة واسعة وحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

                          وإنني باسم علماء التقريب ارفع آيات العزاء لسماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي وسائر المراجع العظام، كما اعزي به الحوزات العلمية والجامعية، واخص بالتعزية أهالي المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية الذين طالما نعموا بروحة الطاهرة وعلومه الجمة.


                          محمدعلي التسخيري
                          رئيس المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية
                          27 جمادی الأولى 1434

                          تعليق


                          • #28
                            العلامة الفضلي.. وأفق الإصلاح الثقافي

                            ثمة سؤال هام ومركزي شغل المصلحين والباحثين والمفكرين في المجال الإسلامي عبر عقود عديدة وهو: ما السبيل إلى ردم الهوة والفجوة بين المجال الإسلامي الذي يمتلك البشر والثروات الطبيعية الهائلة والمتعددة، والمجال الغربي الذي تمكن إبان نهضته وثورته الصناعية الأولى من التخلص من أهم المشاكل والأزمات التي تركسه في الحضيض وتحول دون تطوره وتقدمه في مختلف الميادين والحقول. وبفعل هذا التخلص تمكن من البروز والريادة في مضمار التقدم الإنساني والتطور الحضاري.
                            والتخلص الذي مارسه الغرب لم يكن فعلاً سلبيًّا فحسب، وإنما هو عملية نهوض شاملة، عاشتها المجتمعات الغربية وطردت من خلالها كل العناصر والكوابح السيئة، التي تحول دون تطورها وتقدمها.
                            وهذه المفارقة الحضارية الهائلة، هي المساحة «المفارقة» الهائلة التي عمل أكثر المفكرين والمصلحين على معالجتها وتحليلها والتفكير العميق في طبيعتها وسبل إنهائها من الحياة الإسلامية المعاصرة. وهذا لا يعني بطبيعة الحال استنساخ التجربة الغربية في مراحلها وأطوارها المختلفة. وإنما يعني أن تقدم الغرب وتطوره المتسارع، أعاد بشكل مركَّز وعميق طرح سؤال التقدم وكيفية ردم الهوة بين ما هو قائم وما ينبغي أن يكون في المجال الإسلامي. وفي تقديرنا إن سؤال التقدم، ومحاولة العمل على تلمس طرق الانعتاق والتحرر من آسار التخلف، هو العنوان العام، لكل الجهود والمناشط التي قامت بها النخبة الإسلامية بمختلف مشاربها ومدارسها في تلك الحقبة من الزمن.
                            فالتجربة الغربية في حركيتها وديناميتها وتطورها النوعي، صدمت المجال الإسلامي بكل شرائحه وفئاته، ودفعته للتفكير والبحث عن سبل الخروج من هذا الواقع المزري والمفارق.
                            ونحن حينما نقرأ التجربة المعرفية والفكرية للعلامة الدكتور عبد الهادي الفضلي «حفظه الله تعالى»، نجد أن هذه المفارقة الحضارية هي حجر الأساس الذي انطلق منه في عطائه الفكري وجهده الإصلاحي.
                            فالعلامة الفضلي كغيره من العلماء والمصلحين عملوا من أجل بناء القدرات الإسلامية المتعددة، حتى تتمكن الأمة من مواكبة عصرها، والتحرر من انحطاطها السياسي وتخلفها العلمي والثقافي. لذلك اتجهت الجهود الفكرية والثقافية والسياسية للمصلحين صوب نقد الواقع السياسي والثقافي، وتفكيك عناصر الجمود والتوقف عن العطاء النوعي في الفضاء الاجتماعي. وذلك من أجل أن يتمكن المجال الإسلامي من إنهاء المفارقة الحضارية التي اكتشفها من خلال التطور الغربي المذهل واتصاله به.
                            فالمفارقة الحضارية الهائلة، ليست قدراً مقدراً، وإنما هي نتاج عوامل وأسباب سواء في خط الصعود والارتقاء الحضاري، أو في خط الانحدار والسقوط الحضاري.
                            والأمم التي تمسكت بأسباب التقدم، وانتهجت نهج التطور وصلت إلى غاياتها، وتخلصت من محن واقعها ومآزقه. أما الأمم التي عاشت على أطلال ماضيها، ولم تتمسك بعمق بأسباب التقدم، أضحت أمماً متخلفة ولا تتمكن من السيطرة على مصيرها ومستقبلها.
                            والذي نعمل على معرفته واكتشافه في هذا السياق هو: الرؤية التي بلورها العلامة الدكتور الفضلي في محورين أساسيين وهما:

                            1 - أسباب وعوامل تخلف الأمة الإسلامية عن ركب الحضارة والتقدم.

                            2 - كيف ينهض المسلمون، ويتحررون من مآزق التخلف والانحطاط، ويتخلصون من ربقة الاستبداد والديكتاتورية.

                            وفي هذا الإطار عمل العلامة الفضلي، عبر مساهماته العلمية وعطاءاته الثقافية والتربوية، على خلق الثقافة الإسلامية المستنيرة، التي تدفع أبناء الأمة للتحرر من ربقة الانحطاط والتخلف، وتبلور لهم منهج النهوض والتخلص من كل أشكال الاستبداد والبعد عن حركة التاريخ. فالجهد الفكري والثقافي الذي بذله العلامة الفضلي، ليس جهداً مجرداً، أو بعيداً عن متطلبات النهوض للأمة. بل هو جهد يأتي في سياق المشاركة الحيوية في هموم الأمة وقضاياها المتعددة. وحتى العطاءات العلمية - المنهجية في الحوزة العلمية التي بذلها العلامة الفضلي، تأتي في سياق إيمان الفضلي العميق بأهمية أن تتطور مناهج الدراسة الحوزوية، وذلك من أجل أن تتحول الحوزة في وعطاءاتها ومشروعاتها العلمية والثقافية والاجتماعية، إلى مصدر للإشعاع الفكري والمعرفي، والذي يأخذ على عاتقه المشاركة الفعالة في جبهة الجهاد العلمي والثقافي في الأمة.
                            لهذا يمكننا القول: إن الأعمال والأنشطة التي قام بها العلامة الفضلي في إطار محاربة عناصر الانحطاط والتخلف في الأمة، وتحقيق النهضة والتقدم للمسلمين، تتمثل في النقاط التالية:

                            * المساهمة العلمية والثقافية المتواصلة، التي توضح رؤية الإسلام للعديد من القضايا والموضوعات، ونقد أسس ومرتكزات الثقافة المتخلفة والجامدة التي كانت سائدة في بلاد المسلمين.

                            * بناء الكفاءات والقدرات العلمية والثقافية القادرة على رفد الساحة الإسلامية بالرؤى والبصائر التي تدفعها للمشاركة في مشروع البناء والعمران الإسلامي.

                            * المساهمة في بناء وتطوير العديد من المؤسسات الإسلامية العلمية والثقافية، التي تأخذ على عاتقها بناء الكفاءات والطاقات الإسلامية الواعية، والمشاركة في خلق الوعي وتعميم المعرفة الدينية المستنيرة في المجتمعات الإسلامية.

                            * رعاية العديد من المؤسسات والمناشط الإسلامية والشخصيات الدينية والاجتماعية، والعمل على تذليل العقبات أمامها، وذلك من أجل المشاركة الفعالة في مشروعات الوعي والبناء الإسلامي الجديد.

                            والعطاءات العلمية والثقافية، التي بذلها العلامة الفضلي، لم تكن عطاءات سطحية أو بعيدة عن هموم وحاجات الأمة الملحة. بل هي عطاءات نوعية، وساهمت في رفد الساحة بالعديد من المعالجات الفكرية والثقافية الجادة. ونظرة فاحصة لهذه العطاءات، تكشف أن هذه العطاءات تتسم بالعناصر التالية:

                            1 - عمق النزعة التجديدية، التي تستهدف التحرر من كل أشكال الجمود والتوقف عن العطاء العلمي النوعي.
                            والنزعة التجديدية في تجربة العلامة الفضلي لا تعني بأي حال من الأحوال التفلت من القيم والمبادئ الشرعية، وإنما تعني قراءتها وفق منهجية قادرة على استنطاقها واستيعاب كل الموضوعات والحاجات المعاصرة. وعملية الاجتهاد هي الحاضنة الكبرى لمفهوم التجديد ومتطلباته المنهجية والعلمية.
                            ويعبر عن هذه الحقيقة العلامة الفضلي بقوله: «يستمد الاجتهاد الشرعي قيمته من أهمية الغاية المتوخاة من تشريعه، ومن أهمية المرمى الذي هدف إليه المشرع الإسلامي من الدعوة إليه، والإلزام به، كما في أمثال آية النفر: ﴿وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [1] .
                            والهدف هو الوصول إلى الحكم الشرعي واستفادته من النصوص الشرعية المشتملة عليه، وذلك لأن النصوص الشرعية المتضمنة للحكم الشرعي لم تصغ صياغة قانونية تعطي الحكم الذي تحتويه من غير حاجة إلى إعمال فكر يستند إلى خلفيات ثقافية وعلوم مساعدة، ويرجع هذا إلى أن القرآن الكريم انتهج في أسلوب بيانه ظاهرة الكتاب الإلهي المقدس، تلك الظاهرة التي امتدت مع الإنسان منذ صحف إبراهيم حتى قرآن محمد ، والتي تمثلت في الأسلوب الخطابي المتوافر على عناصر الدعوة إلى الله تعالى.
                            وذلك لأن الهدف الأساسي للكتب الإلهية المقدسة هو الدعوة إلى الله تعالى، والأسلوب المناسب للدعوة هو الأسلوب الخطابي، لأنه الأسلوب الذي يقتدر، بما يمتلك من إثارة مؤثرة وشحن عاطفي مثير، على مخاطبة العقل عن طريق القلب.
                            وجميع ما يذكر من شؤون أخرى إنما تذكر لأن لها علاقة بالدعوة إلى الله تعالى.
                            ومن هنا لم تذكر الأحكام الشرعية إلا في سياق السور أو سياق الآيات، أي أنها لم تجمع في سورة واحدة أو موضع واحد [2] .
                            ويضيف العلامة الفضلي في موضع آخر: «كما أن فهم معاني التشريع ودلالات ألفاظ النصوص الشرعية، سواء كان ذلك في الآيات أو الروايات، يتطلب فهم لغة عصر التشريع، تراكيب ومفردات وأسلوب بيان.
                            وذلك لأن أكثر الروايات التي وصلت إلينا كانت أجوبة لأسئلة من أناس يختلفون في بيئاتهم من حيث الشؤون الاجتماعية والثقافية، مما يستلزم فهمها وفهم شخصية السائل من حيث المستوى الثقافي. كل ذلك وأمثاله كان مدعاة للزوم الاجتهاد، وفي الوقت نفسه هو مدعاة لأن تقوم وظيفة الاجتهاد وممارسته على أساس من العمل المعمق في البحث والتدقيق، وبذل أقصى الطاقة في الاستقصاء والتحقيق» [3] .

                            2 - وضوح المنهجية التي تمزج بوعي وحكمة بين كل متطلبات الأصالة الفكرية والثقافية، وضرورات الانفتاح والتواصل مع مكاسب العصر والحضارة الحديثة في مختلف مجالات الحياة.
                            ويقول العلامة الفضلي في سياق بحثه عن التطور الفكري الأصولي «لم أرَ - في حدود مراجعاتي وقراءاتي - من كتب في هذا الموضوع نظير ما رأيته وقرأته في كتابات الأساتذة الجامعيين، باستثناء ما جادت به يراعة أستاذنا المجدد الشهيد الصدر في مقدمة الحلقة الأولى من كتابه «دروس في علم الأصول»، إلا أنها مختصرة وغير شاملة، لأنه أراد بها أن يلفت نظر الباحث والدارس الأصوليين إلى شيء من تطور الفكر الأصولي بما يفرض علينا إعادة النظر في الكتب المقررة لدرس علم الأصول في الحوزات العلمية الإمامية لتكون بمستوى المطلوب والمتوخى في دراسة هذا العلم، وليكون هذا التمثيل منه بياناً للداعي له لتأليف الحلقات الثلاث بشكلها المختلف عما اعتاده الطالب الديني في مقررات الدرس الأصولي.
                            ولكنه - أيضاً - كان الرائد المخلص والموفق في وضع اللبنات الأساس للكتابة في هذا الحقل المهم قدر أهمية علم أصول الفقه.
                            وإني لآمل أن يؤلف فيه، ويضاف الكتاب المؤلف إلى برامج الحوزات العلمية مقرراً دراسيًّا، لأهمية هذه المادة في إثراء الرصيد الفكري الأصولي عند الطالب وتنمية مواهبه وقدراته العلمية من ناحية تربوية بسبب ما يتحرك في فلكه من مقارنات وموازنات للفكر، وتعريفات لأعلامه وتنويهات بعطائهم وإسهاماتهم في خدمة هذا العلم [4] .
                            والإنتاج العلمي والثقافي المتعدد للعلامة الفضلي، لا يؤسس للعزلة والقطيعة مع العالم الحديث، وإنما هو يبلور خيار الفهم الإسلامي الذي لا يتناقض في مسيرته وخياراته مع التواصل الفعّال مع العصر والعالم الحديث. والإسلام في المحصلة النهائية يمتلك قدرة فكرية ومنهجية وثقافية هائلة، على التطور والانفتاح والتفاعل مع مكاسب العلم والحضارة الحديثة.
                            وتجربة العلامة الفضلي العلمية «الحوزوية والأكاديمية» والثقافية والاجتماعية والسياسية، غنية ومليئة بالعبر والدروس، وفيها الكثير من المحطات التي تثير العديد من الأسئلة. لذلك من الصعوبة بمكان الإلمام بتجربة غنية ومتعددة الأبعاد كتجربة العلامة الفضلي. والذي يزيد هذه الصعوبة أن العلامة الفضلي «أمد الله في عمره» لازال حيًّا يرزق ويواصل نشاطه وعطاءه العلمي والثقافي والاجتماعي.

                            وإذا كانت تجارب المصلحين وجهودهم الفكرية والعلمية تحتمل أكثر من قراءة. فإن الميزة الأساسية لتجربة العلامة الفضلي أنه كسر الحدود وألغى الفواصل بين الحوزة والجامعة، وأضحى علماً ومتميزاً وقديراً في الحقل الحوزوي بكل تفاصيله ومقتضياته، كما كان بارعاً ونوعيًّا في جهده الجامعي والأكاديمي. ولبَّى في شخصه الكريم متطلبات كلا الدورين والوظيفتين «وظيفة العالم - الفقيه، ووظيفة الأستاذ الجامعي».
                            وبهذا التكامل المعرفي أضحى العلامة الفضلي نموذجاً متقدماً للمؤسسة العلمية التي عمل فيها العلامة أستاذاً وكان نشطا في أروقتها ألا وهي مؤسسة جمعية منتدى النشر وكلية الفقه في جامعة النجف الأشرف التي أسسها مجدد التعليم الديني في النجف الأشرف في العصر الحديث المرحوم الشيخ محمد رضا المظفر «1903 - 1963».
                            وبناء الجسور العلمية والثقافية بين الحوزة والجامعة، لا يفيدهما فحسب، وإنما يفيد المجال الإسلامي بأسره. لذلك فنحن مع كل خطوة ومبادرة لتجسير الفجوة بين هذه الروافد العلمية والثقافية. وتجربة العلامة الفضلي على هذا الصعيد تؤكد أهمية القيام بخطوات مدروسة في سياق التكامل العلمي والثقافي بين الحوزة والجامعة.
                            فنقاط القوة في التجربة الحوزوية ينبغي أن يطَّلع عليها أساتذة وأبناء الجامعة، كما أن نقاط التميز الجامعية، من الضروري أن يتواصل معها ويستوعبها الأستاذ والطالب الحوزوي. وهذه العلاقة التفاعلية، التي لا تنحبس في الشكل، وإنما تتعداه إلى المضمون والمنهج، ستساهم في خلق فضاء ثقافي حر ومبدع.
                            وفي هذا السياق استطاع العلامة الفضلي بعمقه الفقهي والأصولي الذي تتلمذ فيهما على أساطين العلم الحوزوي كالإمام أبو القاسم الخوئي والإمام محمد باقر الصدر «رضوان الله عليهما»، وثقافته المنهجية والعصرية التي تعمقت لديه من خلال الالتحاق بالسلك الأكاديمي الجامعي درساً وتدريساً، وتعدد أبعاد تجربته الاجتماعية والسياسية؛ استطاع أن يساهم في تأسيس مكتبة إسلامية، غنية في علومها ومعارفها، ومتنوعة في مجالاتها وأبعادها، وعميقة في مقاصدها ومآلاتها، وناضجة في خياراتها وموضوعاتها.

                            3 - تعدد وتنوع العطاءات العلمية والثقافية، ونظرة سريعة إلى عناوين المؤلفات التي ألفها العلامة الفضلي تكشف وبشكل سريع أن هذه المؤلفات متعددة ومتنوعة في موضوعاتها ومجالاتها. فهو من أوائل من كتب الكتب المنهجية الحوزوية، وهي تجربة رائدة تستحق الدراسة والتقدير، كما كتب في علوم النحو واللغة والمنطق، إضافة إلى وعطاءاته الثقافية، التي تعالج بعض الموضوعات والقضايا التي تهم الإنسان المسلم، وتضغط عليه فكريًّا واجتماعيًّا.
                            فالعطاء العلمي والثقافي للعلامة الفضلي متعدد ومتنوع، ولقد استطاع بإصراره العلمي وكدحه الفكري والمعرفي أن يساهم في بناء مكتبة إسلامية - علمية - فكرية واسعة، ولقد تغذت عليها أجيال الأمة، وأفادوا منها إفادة جليلة. بحيث أضحى العلامة الفضلي أحد مفكري الساحة الإسلامية في العصر الحديث.
                            واهتمام العلامة الفضلي بكتابة المناهج الدراسية الحوزوية وفق رؤية ومنهجية جديدة، تنبع من إيمانه العميق بأن تطوير التعليم وإصلاحه في مختلف المجالات، هو حجر الزاوية في مشروع الإصلاح الديني والثقافي والاجتماعي. فلا يمكن أن تتبوأ الحوزة العلمية مواقع متقدمة في الحياة العامة للمسلمين دون تطوير المناهج الدراسية واستجابتها إلى ضرورات العصر وحاجاته. كما أن عالم الدين لا يستطيع أن يؤكد حضوره النوعي في الأمة دون تأهيل علمي ومعرفي ومنهجي، يُمكِّنه من مواكبة التطورات والتفاعل الخلاَّق مع الحاجات والتحديات. فإصلاح المناهج التعليمية، وتطوير منهجيتها وإعادة صياغة كتبها وموادها العلمية بما يناسب لغة العصر ومنهجيته، كلها عناوين لمشروع إصلاحي - تعليمي، عمل العلامة الفضلي عليه، واستطاع عبر كتاباته الحوزوية أن يبدع فيه، ويسجل اسمه في عداد الشخصيات العلمية والفكرية التي ساهمت بشكل مباشر في تطوير الدرس والمنهج الحوزوي.
                            والنهضات العلمية والثقافية في كل الأمم والشعوب بحاجة إلى مؤسسة علمية - نوعية وقادرة على استيعاب المنجز المعرفي والتواصل الفعَّال مع العصر.
                            وهذا لا يتأتى إلا بالتطوير الدائم لمناهج التحصيل والدراسة، التطوير الذي يستوعب القديم دون الانحباس فيه.
                            ولعلنا لا نجانب الصواب حين نقول: إن تجربة العلامة الفضلي على هذا الصعيد كانت نموذجاً للمحاولات التي استوعبت القديم، وأعادت صياغته وقولبته في قالب حديث، يتماشى وحاجات النص الدراسي الحديث. فهي تجربة حافظت على الثوابت، كما انفتحت على العصر ومكاسبه ومنجزاته. والذي عزز هذه التجربة وأثراها، هو أن جهود العلامة الفضلي العلمية والتدريسية لم تقتصر فقط على الحوزة العلمية، وإنما تعدتها إلى الحقل الأكاديمي الجامعي. فكان العلامة الفضلي أستاذاً متميزاً وقديراً في الحوزة العلمية، كما كان أستاذاً متميزاً وقديراً في حقل تخصصه الأكاديمي في الجامعة. وبفضل هذا التكامل أضحت تجربة العلامة الفضلي على هذا الصعيد، تجربة ثرية وعميقة، وتتطلب الكثير من الجهود لقراءتها من مختلف الأبعاد والزوايا.
                            ولقد تخرج على يد العلامة الفضلي أجيال ونخبة من العلماء والمشايخ والأكاديميين سواء في حوزة النجف العلمية أو جامعة الملك عبد العزيز بجدة.
                            وعلى كل حال نستطيع القول: إن العلامة الفضلي هو أحد رواد تجديد التعليم الديني، وأحد أعمدة تجربة التكامل والتواصل بين الحوزة والجامعة.
                            وكما يبدو فإن حجر الأساس في تجربة العلامة الفضلي على هذا الصعيد هو أن تقدم العلم مرهون بتقدم مناهجه، لذلك اعتنى العلامة الفضلي بصياغة المناهج الدراسية للعديد من المواد العلمية التي تدرس في الحوزة والجامعة.
                            والملف الذي بين أناملك عزيزي القارئ مبادرة من مجلة الكلمة لتكريم العلامة الفضلي على وعطاءاته واجتهادا ته المتميزة، ولتعريف قراء المجلة في مختلف البلدان على أحد أعلام العلم والفكر في الأمة.
                            وأرجو أن نكون قد وفقنا في تعريف القارئ بهذه التجربة، وهذه الجهود العلمية والثقافية التي بذلها العلامة الفضلي «حفظه الله تعالى» في سبيل إنجاز مفهوم الشهود الحضاري للأمة جمعاء.
                            وهذه المحاولة هي دعوة دائمة لتدوين تجارب العلماء والمصلحين وتوثيق أطوار ومراحل تجربتهم، وذلك للاستفادة منها وإغناء الحياة الإنسانية بالمزيد من التجارب والخبرات.
                            والإصلاح بكل مستوياته ودوائره لا يمكن أن ينغرس في جسم الأمة بعمق، إلا بتراكم المعرفة والجهود الإصلاحية التي بذلها الفقهاء والعلماء والمفكرين عبر حقب زمنية عديدة ومتواصلة. ولعل تدوين هذه التجارب، والتعرف العميق على هذه الجهود، هي الخطوة الأولى الضرورية لخلق التراكم المعرفي والثقافي المطلوب، وهي وسيلتنا لنقل هذه التجربة بكل أبعادها وآفاقها إلى الأجيال اللاحقة.


                            هوامش
                            [1] الدكتور عبد الهادي الفضلي، الوسيط في قواعد فهم النصوص الشرعية، ص 9، دار الانتشار العربي، الطبعة الأولى، بيروت 2001م.
                            [2] المصدر السابق، ص 10.
                            [3] المصدر السابق، ص 13.
                            [4] الدكتور عبد الهادي الفضلي، دروس في أصول فقه الإمامية، الجزء الأول، ص 90، مؤسسة أم القرى للتحقيق والنشر، الطبعة الأولى، 1420هـ.

                            محمد المحفوظ
                            31 / 1 / 2012م
                            كاتب وباحث سعودي «سيهات».

                            تعليق


                            • #29
                              المشاركة الأصلية بواسطة alyatem
                              وبدأ الاستحمار والاستمطاء والاستعداء لشيعة محمد وآل محمد
                              مثلك وأمثالك من الكلاب السائبة والافاعي تستغل مصائبنا لتوجه حرابها وسهامها وسمومها الينا
                              ويا ترى ماذا في هذا الاستخدام؟
                              ألم يكن الشيخ رحمه الله وكيلا لسماحة السيد القائد؟
                              والصور المنشورة أليست تبين المدعى؟
                              مثلك وأمثالك لا يستحقون الرد عليهم الا بما يليق بكل كلب سائب
                              هذا بدلا من أن تقرأ له الفاتحة دخلت تنشر زعافك هنا
                              تف عليك وعلى كل واحد مثلك يا ابن الفاعلة
                              انني اشهد انك واحد كلب ناصبي دعي قذر
                              ولو كنت تحمل ذرة من الرجولة لما تخفيت تحت مسمى شيعي
                              ولعمري انما حالك حال اولئك الذين يتداوون بماء الرجال لانهم ليسوا رجال
                              نصحتك بان تعالج نفسك لان عقدك النفسية اصبحت واضحة حتى للاعمى . لا اعلم هل انت يتيم حقاً .. وهذا هيئك ربما لمثل هذه العُقد النفسية .
                              الغريب انكم تتهمون الآخرين بالسب والشتم وانت وامثالك اساتذة فيهما !!
                              استغرب هل انت متدين اصلاً وهذه لغتك ؟
                              استغلالك واضح للمناسبة في الدعاية لخامنه اي .. وكما قيل : مصائب قوم عند قوم فوائد .
                              بمناسبة ماء الرجال لديّ وثيقة تدين ولي امرك في هذا المجال .. واذا رغبت في ذلك فاطلب لتُجاب ان شاء الله .
                              أما عن قضية قدسية هذا اليوم .. وانه ذكرى الصدر ايضاً .. فاليوم ايضاً هلكت مارجريت تاتشر .. فهل هذا من بركات هذا اليوم ايضاً . كفوا عن التهريج .

                              تعليق


                              • #30
                                المشاركة الأصلية بواسطة يعيش شيعي
                                نصحتك بان تعالج نفسك لان عقدك النفسية اصبحت واضحة حتى للاعمى . لا اعلم هل انت يتيم حقاً .. وهذا هيئك ربما لمثل هذه العُقد النفسية .
                                الغريب انكم تتهمون الآخرين بالسب والشتم وانت وامثالك اساتذة فيهما !!
                                استغرب هل انت متدين اصلاً وهذه لغتك ؟
                                استغلالك واضح للمناسبة في الدعاية لخامنه اي .. وكما قيل : مصائب قوم عند قوم فوائد .
                                بمناسبة ماء الرجال لديّ وثيقة تدين ولي امرك في هذا المجال .. واذا رغبت في ذلك فاطلب لتُجاب ان شاء الله .
                                أما عن قضية قدسية هذا اليوم .. وانه ذكرى الصدر ايضاً .. فاليوم ايضاً هلكت مارجريت تاتشر .. فهل هذا من بركات هذا اليوم ايضاً . كفوا عن التهريج .

                                يبدو أنك لم تشبع الليلة
                                عاود النوم اوعاود اللوم
                                يا انوك
                                يا عبد بني علاج
                                با ابن الزانية
                                قيمتك هذه الكلمات التي تليق بك
                                لأن منبتك لو كان طاهرا لما تجرأت على العلماء
                                ومن تفاهاتك تدخل مواضيع لا علاقة لها بعقدك لترضي نفسك بمزيد من هذه الشتائم
                                لعلها تعوض عنك ما تفتقده من دواء لداء خليفتك

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة مروان1400, 03-04-2018, 09:07 PM
                                ردود 13
                                2,139 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة مروان1400
                                بواسطة مروان1400
                                 
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 31-08-2019, 08:51 AM
                                ردود 2
                                343 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                يعمل...
                                X