إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

المبعث النبوي.. الإعلان الإلهي لبلوغ الإنسان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المبعث النبوي.. الإعلان الإلهي لبلوغ الإنسان


    ذكرى المبعث النبوي الشريف حيث بدأ نزول القرآن الكريم على الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) هي أهم المفاصل التاريخية في مسيرة الإنسان لأنها ذكرى آخر اتصال - بواسطة الوحي - بين الإنسان وخالقه ولأن هذا الوحي الأخير المتمثل بالقرآن الكريم كان احتواء واكمالاً لكل الرسالات السماوية التي أرسلها الله تعالى إلى البشرية بواسطة أنبيائه ورسله.

    وهذا لا يعني أن انقطاع النبوة يعني انقطاع الرعاية الإلهية للبشر والحياة والكون. ولكن يعني أن الدرجة المطلوبة ليغدو الإنسان قادراً على التصرف بما يحقق الغاية من خلقه قد تحققت كما أشار القرآن الكريم:

    (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً...).

    إنها - إذن ذكرى إعلان الرشد الإنساني واكتمال عناصر الوظيفة التي خلق من أجلها الإنسان وهي القيام بدور الخلافة على هذه الأرض. لذلك اختار الله تعالى أكمل خلقه للقيام بهذا الإعلان من خلال قيامه بإبلاغ البشر آخر رسالات ربهم إليهم والرسول الأعظم كان لابدَّ أن يكون أكمل البشر ليقوم بأعباء هذه المسؤولية الكبرى فهو إذ يؤدي إلى الناس أكمل رسالات ربه لابدَّ له أن يكون النموذج البشري الكامل من حيث تمثله الكامل لهذه الرسالة والتجسيد التام لها ليكون بعد ذلك نموذجاً وقدوة للناس من جهة وحجة عليهم من جهة أخرى. وإذن فإن المبعث النبوي الشريف هو تذكير لنا بحقيتين تقترن إحداهما بالآخرى وتكملها:

    1 ـ الحقيقة الأولى:
    هي أن الإنسان منذ المبعث النبوي الشريف أصبح يمتلك عناصر الوعي والرشد والمعرفة التي تؤهله لتحمل مسؤولياته الكاملة في الكون والحياة والمجتمع وبموجب هذه المسؤولية تم تكريسه بوصفه كائناً حراً يتمتع بهذه الحرية ويتحمل مسؤولياته الناجمة عن اختياراته. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى الموجه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) وقوله تعالى: (ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).

    2 ـ والحقيقة الثانية:
    هي أن المبعث النبوي الشريف هو الأيذان ببدء نزول الرسالة الإلهية الشاملة الجامعة لما سبق من الرسالة وألمكملة لها. بحيث أصبح للإنسان مرجعية شاملة تتمثل بالإسلام عقيدة وشريعة وكتاب هداية شاملا هو القرآن الكريم، ورسولاً بشراً كاملاً هو محمد (صلى الله عليه وآله) وهذه الرسالة بعناصرها التي ذكرنا باتت مرجعاً للبشر وحجة عليهم. على قاعدة هاتين الحقيقتين نرى أن العالم الإسلامي يجب أن ينطلق في تجديد ذاته وحضارته تمهيداً لاستعادة دوره.

    إن التمسك بهاتين الحقيقتين سوف يعيد لكل من العقل والوحي اعتبارهما ويضع كلاً منهما في نصابه الطبيعي فلا يلغي أحدهما الآخر لأن أحدهما لا ينوب عن الآخر ولا يختزله وهما معاً - متكاملين - يشكلان الأساس لحضارة العدل والتوازن التي هي رسالة الإسلام للإنسانية بأجمعها.

    من هنا فإن ذكرى المبعث النبوي الشريف سوف تظل الذكرى المتجددة التي لا تنتهي حاجتنا منها إلى التأمل والاعتبار.. ويجب أن تتحول هذه الذكرى في حياة المسلمين إلى محطة سنوية فيها لصاحب الذكرى نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) كشف حساب عن انجازاتنا في سبيل قيام الأمة التي أرسى قواعدها.. أمة الوحدة والعدل والأمة الوسط وفقاً لقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) وسلام على المبعوث رحمة للعالمين.

  • #2

    ظهرت آيات عديدة حين ولادته تنبأ عن عظمة المولود منها أن اُم رسول الله صلى الله عليه وآله لما وضعت رأت نوراً اضاءت له قصور الشام.

    وقد اُنبأت اُم الرسول حين حملها بالرسول (ص) فقيل لها: إنك حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع على هذه الأرض فقولي: اُعيذه بالواحد من شر كل حاسد فإن آية ذلك ان يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام فإذا ولد فسميه محمداً، فان اسمه في التوراة أحمد، يحمده أهل السماوات والأرض واسمه في الإنجيل حميد، يحمده أهل السماء والأرض واسمه في الفرقان محمّد قالت: فسميته بذلك.

    ومن عظيم ما حدث في الليلة التي ولد فيها رسول الله (ص) أن ارتجس ايوان كسرى فسقط منه أربعة وعشرون شرفة وخمدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك بالف عام، وغاضت بحيرة ساوة ورأى المؤبذان ان إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة فانتشرت في بلادها، فلما أصبح كسرى راعه ذلك وافزعه وتصبر عليه تشجعاً.

    وروي ان يهودياً كان بمكة فلما رأى النجوم تقذف وتتحرك ليلة ولد النبي (ص) قال هذا نبي قد ولد في هذه الليلة لانا نجد في كتبنا ان إذا ولد آخر الأنبياء رجمت الشياطين وحجبوا عن السماء، فلما أصبح جاء إلى نادي قريش فقال هل ولد فيكم الليلة مولود قالوا: قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب ابن في هذه الليلة، قال: فاعرضوه علي فمشوا إلى باب دار آمنة، فقالوا لها: اخرجي ابنك فاخرجته في قماطه فنظر في عينه وكشف عن كتفيه (ص) فرأى شامة سوداء بين كتفيه وعليها شعيرات فلما نظر إليه اليهودي وقع على الأرض مغشياً عليه، فتعجب منه قريش وضحكوا منه فقال: أتضحكون يا معشر قريش هلا من قريب ليبيدنكم ويذهب النبوة عن بني اسرائيل إلى آخر الابد وتفرق الناس يتحدثون بخبر اليهودي.

    تعليق


    • #3

      إنّ الله تعالى لم يخلُق الإنسان، و يتركه مهملاً ضائعاً بلا رعاية، بل جعل له الوحي وسيلة لتعريفه بنفسه، وبربِّه، وبخالقه، وبعالمه، وسبيلاً إلى هدايته، لتنظيم حياته، وتعامُله مع أبناء جنسه، وكيفية توجهه إلى خالقه.

      وهكذا شاء اللطف الإلهي والعناية الربَّانية للعباد، أن يختار لهم أفراداً مخصوصين ومؤهلين للاتصال بالألطاف الإلهية، لحمل الرسالة، وتبليغ الأمانة إلى البشر، فكان الأنبياء والرسل.

      فقال الله تعالى: (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)، (الحج: 75).

      وقال الله تعالى: (وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ، لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)، (الأنعام: 124).

      كان النبي (صلى الله عليه وآله) في أواخر العقد الثالث من عمره الشريف، يلقى إليه الوحي عن طريق الإلهام والإلقاء في نفسه، والانكشاف له من خلال الرؤية الصادقة، فكان يرى في المنام الرؤية الصادقة، وهي درجة من درجات الوحي.

      وجاء في تفسير الدر المنثور: أول ما بدئ به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الوحي الرؤية الصادقة، فكان لا يرى رؤياً إلاّ جاءت مثل فلق الصبح.

      ثمّ حبَّبَ الله إليه الخلاء، فكان يخلو بِغار حراء، وهو كهف صغير في أعلى جبل حراء، في الشمال الشرقي من مَكَّة، فكان (صلى الله عليه وآله) يتحنَّث فيه ويتعبَّد، إذ ينقطع عن عالم الحِسِّ والمادَّة، ويستغرق في التأمّل والتعالي نحو عالم الغيب والملكوت، والاتجاه إلى الله تعالى.

      وحينما بلغ (صلى الله عليه وآله) الأربعين من عمره، عام (13) قبل الهجرة (610 م)، أتاه جبرائيل في غار حراء، فألقى إليه كلمة الوحي، وأبلغه بأنَّه نبي هذه البشرية، والمبعوث إليها.

      وبعد تلقِّيه (صلى الله عليه وآله) ذلك البيان الإلهي، عاد النبي إلى أهله، وهو يحمل كلمة الوحي، ومسؤولية حمل الأمانة، التي كان ينتظر شرف التكليف بها، فعاد واضطجع في فراشه، وتدثَّر ليمنح نفسه قِسطاً من الراحة والاسترخاء، ويفكِّر ويتأمل فيما كُلِّف به.

      فجاءه الوحي ثانية، وأمره بالقيامِ وتَركِ الفراش، والبدء بالدعوة والإنذار، إذ جاء هذا الخطاب في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)، (المدثر: 1 - 4).

      فانطلق مستجيباً لأمر الله تعالى، مبشِّراً بدعوته، وكان أول من دعاه إلى سبيل الله وفاتَحَه زوجته، خديجة بنت خويلد (رضوان الله عليها)، وابن عمِّه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي كان صبيّاً في العاشرة من عمره، فآمَنَا به، وصدَّقاه، ثمّ آمن به مَملوكه زيد بن حارثة، فكانت النوات الأُولى لبدء الدعوة الإلهية الكبرى.

      فقد كان (صلى الله عليه وآله) يختار أصحابه فرداً فرداً، ولم يوجِّه دعوته إلى الجميع في تلك المرحلة، إلى أن جاء الأمر الإلهي: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)، (الشعراء: 214).

      تعليق


      • #4

        كانت عند العرب بقايا من الحنيفية، التي ورثوها من دين النبي إبراهيم (عليه السلام)، فكانوا - مع ما هم عليه من الشرك - يتمسكون بأمور صحيحة، توارثها الأبناء عن الآباء.

        وكان بعضهم أكثر تمسكاً بها من بعض، بل كانت قِلَّة منهم تعاف، وترفض ما كان عليه قومها من الشرك، وعبادة الأوثان، وأكل الميتة، ووأد البنات، ونحو ذلك من العادات التي لم يأذن بها الله، ولم يأت بها شرع حنيف.

        وكان من تلك الطائفة ورقة بن نوفل، وزيد بن نفيل، ورسولنا (صلى الله عليه وآله).

        والذي أمتاز عن غيره بإعتزاله (صلى الله عليه وآله) الناس للتعبُّد، والتفكُّر في غار حِرَاء، فما هو خبره (صلى الله عليه وآله) في هذا الشأن؟، هذا ما سنقف عليه في المقال التالي:

        كان النبي (صلى الله عليه وآله) يتأمَّل منذ صغره، ما كان عليه قومه من العبادات الباطلة، والأوهام الزائفة، التي لم تجد سبيلاً إلى نفسه، ولم تلقَ قبولاً في عقله.

        وذلك بسبب ما أحاطه الله من رعاية، وعناية، لم تكن لغيره (صلى الله عليه وآله) من البشر، فبقيت فطرته على صفائها، تنفر من كل شيء غير ما فطرت عليه.

        التعبد في الغار:
        هذا الحال الذي كان عليه ( صلى الله عليه وآله ) دفع به إلى إعتزال قومه، وما يعبدون من دون الله، وحبَّب الله إليه عبادته بعيداً عن أعين قومه، وما كانوا عليه من عبادات باطلة، وأوهام زائفة.

        فكان (صلى الله عليه وآله) يأخذ طعامه، وشرابه، ويذهب إلى غار حِرَاء، كما ثبت في الحديث المُتَّفَق عليه، أنه (صلى الله عليه وآله) قال: (جاورت بِحِرَاء شهراً).

        وحِراء هو غار صغير، في جبل النور، على بعد ميلين من مكة، فكان (صلى الله عليه وآله) يقيم فيه الأيام والليالي ذوات العدد.

        وكان اختياره لهذه العزلة، والانقطاع عن الناس بعض الوقت، من الأسباب التي هيَّأها الله تعالى له، لِيعدَّه لما ينتظره من الأمر العظيم، والمهمّة الكبيرة التي سيقوم بها، وهي إبلاغ رسالة الله تعالى للناس أجمعين.

        واقتضت حكمة الله تعالى، أن يكون أول ما نَزَّل عليه (صلى الله عليه وآله) الوحيَ في هذا الغار.

        فهذا ما كان من أمر تعبده (صلى الله عليه وآله)، وإعتزاله قومه، وما كانوا عليه من العبادات والعادات.

        وقد أحاطه الله سبحانه بعنايته ورعايته، وهيَّأ له الأسباب التي تعدّه لحمل الرسالة للعالمين.

        وهو (صلى الله عليه وآله) في حالِهِ التي ذكرنا ينطبق عليه، قوله تعالى في حق موسى (عليه السلام) : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)، (طه: 93).

        إنّه الإعداد لأمر عظيم، تنوء الجبال بحمله، إنها الأمانة التي كان يُعدُّ (صلى الله عليه وآله) لحملها إلى الناس أجمعين، ليكون عليهم شهيداً يوم القيامة، تحقيقاً لقوله تعالى: (وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ)، (النحل: 89) .

        فجزاه الله عن أمته، وعن العالمين خير الجزاء، وجمعنا معه (صلى الله عليه وآله) تحت ظِلِّه، يوم لا ظِلَّ إلا ظِلّه.

        تعليق


        • #5

          في جبل حراء الذي يقع شمال مكّة، ويستغرق الصعود إليه مدّة نصف ساعة، ويتكوّن من قطع صخرية لا أثر للحياة فيها. غار يقع في شمال الجبل، وهو يحكي ذكريات رجل طالما تردّد عليه وقضى الساعات والاَيّام والاَشهر في رحابه، يتعبد اللّه ويتأمّل في الكون وفي آثار قدرة اللّه وعظمته. إذ أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يفكّر في أمرين، قبل أن يبلغ مقام النبوة:

          1. ملكوت السماوات والاَرض، فيرى في ملامح كلّ من الكائنات نور الخالق العظيم وقدرته وعظمته، فتفتح عليه نوافذ من الغيب تحمل إلى قلبه وعقله النور الاِلهي المقدّس.

          2.المسؤَولية الثقيلة التي ستوضع على كاهله، فكان يفكر في فساد حياة المجتمع المكي، وكيفية رفع كل ّذلك وإصلاحه.

          وأمّا الرسالة الاِلهية إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد أمر اللّه تعالى جبرائيل (عليه السلام) بأن ينزل على أمين قريش في الغار ويتلو على مسامعه بضع آيات كبداية لكتاب الهداية والسعادة، معلناً بذلك تتويجه بالنبوة ونصبه لمقام الرسالة، وطلب منه أن يقرأ، أو قال: يا محمّد اقرأ، قال: وما أقرأ؟ قال يا محمّد (اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الّذي خَلَق* خَلَقَ الاِنْسانَ مِنْ عَلَق* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الاَكْرَم * الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَم * عَلَّمَ الاِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَم) ثمّ أوحى إليه ربّه عزّوجلّ ما أمره به ثمّ صعد إلى العلوّ ونزل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) من الجبل، وقد غشيه من تعظيم جلال اللّه وورد عليه من كبير شأنه ما ركبه الحمى والنافض.

          وقد أوضحت هذه الآيات برنامج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبيّنت بشكل واضح أنّ أساس الدين يقوم على القراءة والكتابة والعلم والمعرفة باستخدام القلم. ثمّ خاطبه الملك: يا محمّد، أنت رسول اللّه، وأنا جبرائيل.

          وقد اضطرب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذين الحدثين، لعظمة المسؤولية التي أُلقيت على كاهله، فترك غار حراء متوجّهاً إلى بيت السيدة خديجة(عليها السلام)، التي لاحظت الاضطراب والتعب على ملامحه فسألت عنه، فأجابها وحدّثها بكلّ ما سمع وجرى، فعظمت خديجة(عليها السلام) أمره ودعت له وقالت: أبشر، فواللّه لا يخزيك اللّه أبداً. ثمّ دثرته فنام بعض الشيء. ثمّ انطلقت إلى بيت ورقة تخبره بما سمعته من زوجها الكريم، فأجابها: إنّ ابن عمّك لصادق وإنّ هذا لبدء النبوة، وإنّه ليأتيه الناموس الاَكبر(أي الرسالة والنبوة).

          لقد خرج النبي من الغار وقد ملئ بالمعنويات الرحمانية، وأحس بقدرة الله سبحانه ترافقه وتعضده، فذهب إلى بيت زوجته خديجة ليأخذ قسطا من الراحة لما أصابه من ثقل تحمل الرسالة، فهبط عليه الأمين جبرئيل ليفجر الطاقات الروحية عنده فخاطبه: (يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر....).

          وهكذا راح (صلى الله عليه وآله) يدعو كل من يتوسم فيه الاستجابة للدين، فكان أول من أسلم من الذكور أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب، ومن النساء زوجته خديجة.

          وكانت روح النبي الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) مهيّأة من جميع الجهات وبصورة كاملة لتلقّي السرّ الاِلهي ـ النبوة ـ وما لم تكن نفسيته كذلك، فإنّ اللّه تعالى لم يكن ليمن عليه بمنصب النبوة ويختاره لمقام الرسالة، لاَنّ الهدف الجوهري من انبعاث الرسل والاَنبياء هو هداية الناس وإرشادهم.

          فقد قال الاِمام الصادق (عليه السلام): (إنّ اللّه إذا اتّخذ عبداً رسولاً، أنزل عليه السكينة والوقار، فكان يأتيه من قِبَل اللّه عزّوجلّ مثل الذي يراه بعينه).

          وفسر العلاّمة الكبير الطبرسي ذلك، بأنّ اللّه لا يوحي إلى رسوله إلاّ بالبراهين النيّرة والآيات البيّنة الدالة على أنّ ما يوحى إليه إنّما هو من اللّه تعالى فلا يحتاج إلى شيء سواها ولا يفزع ولا يفرق.

          أمّا بالنسبة إلى يوم مبعثه، فإنّ هناك اختلافاً فيه مثلما اختلف في يوم ولادته، فاتّفق علماء الشيعة على أنّه بُعث بالرسالة يوم 27 من شهر رجب، ونزول الوحي بدأ من هذا اليوم، بينما اشتهر عند السنّة أنّه حدث في شهر رمضان. فهناك فرق في نزول القرآن جميعه على الرسول ونزول الآيات الاَُولى عليه يوم المبعث. فالآيات التي تصرح بنزول القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر المباركة، لا تدل على أنّ يوم المبعث ـ الذي نزلت فيه بضع آيات ـ كان ذلك في الشهر نفسه، لاَنّ الآيات المذكورة الدالّة على أنّ القرآن نزل في شهر رمضان تدل على أنّ مجموع القرآن لا بعضه قد نزل في ذلك الشهر، في حين أنّه لم ينزل في يوم المبعث سوى آيات معدودة. كما أنّ تفسيراً آخر يوَكّد أنّ للقرآن الكريم وجوداً جمعياً علمياً واقعياً، وهو الذي نزل على الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) مرةً واحدةً في شهر رمضان، وآخر وجوداً تدريجياً كان بدء نزوله على النبي في يوم المبعث، واستمر نزوله إلى آخر حياته الشريفة على نحو التدريج. وهو ما قدّمه العلاّمة الطباطبائي من تفسير الميزان. كما أنّ ثمة قولاً آخر ذهب إلى أنّ ابتعاث الرسول بالرسالة في شهر رجب، لا يلازم نزول القرآن في ذلك الشهر حتماً.

          تعليق


          • #6
            أعمال يوم المبعث

            اليَومُ السّابع والعشرُون


            وهو عيد من الاعياد العظيمة وفيه كان بعثة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهبوط جبرئيل عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرّسالة، ومن الاعمال الواردة فيه:

            الاوّل: الغُسل.

            الثّاني: الصّيام،
            وهذا اليوم أحد الايّام الاربعة التّي خصّت بالصّيام بين أيّام السّنة ويعدل صوم هذا اليوم صيام سبعين سنة.

            الثّالث: الاكثار من الصّلاة على محمّد وآل محمّد.

            الرّابع: زيارة النّبي وزيارة أميرالمؤمنين عليهما وآلهما السّلام.

            الخامس:
            قال الشّيخ في المصباح: روى الريّان بن الصّلت، قال:
            صام الجواد(عليه السلام) لما كان ببغداد يوم النّصف من رجب ويوم سبع وعشرين منه وصام جميع حشمه،
            وأمرنا أن نصلّي الصّلاة الّتي هي اثنتا عشرة ركعة، تقرأ في كلّ ركعة الحمد وسورة
            فاذا فرغت قرأت الحمد أربعاً و(قل هو الله أحد) أربعاً والمعوّذتين أربعاً وقلت أربعاً: لا اِلـهَ إِلاّ اللهُ واللهُ اَكْبَرُ، وَسُبْحانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظيم، وأربعاً: اللهُ اللهُ رَبِّي لا اُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وأربعاً: لا اُشْرِكُ بِرَبِّي اَحَداً.

            السّادس:
            وروى الشّيخ ايضاً عن أبي القاسم حسين بن روح (رحمه الله) قال:
            تصلّى في هذا اليوم اثنتي عشرة ركعة نقراء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وما تيسّر من السّور، وتتشهّد وتسلّم وتجلس وتقول بين كلّ ركعتين:
            اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً، يا عُدَّتي في مُدَّتي، يا صاحِبي في شِدَّتي، يا وَليّي في نِعْمَتي، يا غِياثي في رَغْبَتي، يا نَجاحي في حاجَتي، يا حافِظي في غَيْبَتي، يا كافيَّ في وَحْدَتي، يا اُنْسي في وَحْشَتي، اَنْتَ السّاتِرُ عَوْرَتي فَلَكَ الْحَمْدُ، واَنْتَ الْمُقيلُ عَثْرَتي فَلَكَ الْحَمْدُ، وَاَنْتَ الْمُنْعِشُ صَرْعَتي فَلَكَ الْحَمْدُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَاسْتُرْ عَوْرَتي، وَآمِنْ رَوْعَتي، وَاَقِلْني عَثْرَتي، وَاصْفَحْ عَنْ جُرْمي، وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتي في اَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذي كانُوا يُوَعَدُونَ.

            فاذا فرغت من الصّلاة والدّعاء قرأت الحمد والاخلاص والمعوّذتين و(قل يا أيّها الكافرون) و(انّا أنزلناه) وآية الكرسي سبع مرّات، ثمّ تقول:

            لا اِلـهَ إلاَّ اللهُ واللهُ اَكْبَرُ وَسُبْحانَ اللهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ سبع مرّات، ثمّ تقول سبع مرّات: اللهُ اللهُ رَبِّي لا اُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وتدعو بما أحببت.

            السّابع:
            في الاقبال وفي بعض نسخ المصباح انّه يستحبّ الدّعاء في هذا اليوم بهذا الدّعاء:
            يا مَنْ اَمَرَ بِالْعَفْوِ وَالتَّجاوُزِ، وَضَمَّنَ نَفْسَهُ الْعَفْوَ وَالتَّجاوُزَ، يا مَنْ عَفا وَتَجاوَزَ، اُعْفُ عَنّي وَتَجاوَزْ يا كَريمُ اَللّـهُمَّ وَقَدْ اَكْدَى الطَّلَبُ، وَاَعْيَتِ الْحيلَةُ وَالْمَذْهَبُ، وَدَرَسَتِ الاْمالُ، وَانْقَطَعَ الرَّجاءُ اِلاّ مِنْكَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، اَللّـهُمَّ اِنّي اَجِدُ سُبُلَ الْمَطالِبِ اِلَيْكَ مُشْرَعَةً، وَمناهِلَ الرَّجاءِ لَدَيْكَ مُتْرَعَةً، واَبْوابَ الدُّعاءِ لِمَنْ دَعاكَ مُفتَّحَةً، وَالاِسْتِعانَةَ لِمَنِ اسْتَعانَ بِكَ مُباحَةً، وَاَعْلَمُ اَنَّكَ لِداعيكَ بِمَوْضِعِ اِجابَة، وَللصّارِخِ اِلَيْكَ بِمَرْصَدِ اِغاثَة، وَاَنَّ فِي اللَّهْفِ اِلى جُودِكَ وَالظَّمانِ بِعِدَتِكَ عِوَضاً مِنْ مَنْعِ الْباخِلينَ، وَمَنْدُوحَةً عَمّا في اَيْدِى الْمُسْتَأثِرينَ، وَاَنَّكَ لا تَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِكَ إِلاّ اَنْ تَحْجُبُهُمُ الاَْعْمالُ دُونَكَ، وَقَدْ عَلِمْتُ اَنَّ اَفْضَلَ زادِ الرّاحِلِ اِلَيْكَ عَزْمُ اِرادَة يَخْتارُكَ بِها، وَقَدْ ناجاكَ بِعَزْمِ الاِرادَةِ قَلْبي، وَاَساَلُكَ بِكُلِّ دَعْوَة دَعاكَ بِها راج بَلَّغْتَهُ اَمَلَهُ، اَوْ صارِخ اِلَيْكَ اَغَثْتَ صَرْخَتَهُ، اَوْ مَلْهُوف مَكْرُوب فَرَّجْتَ كَرْبَهُ، اَوْ مُذْنِب خاطِئ غَفَرْتَ لَهُ اَوْ مُعافىً اَتْمَمْتَ نِعْمَتَكَ عَلَيْهِ، اَوْ فَقير اَهْدَيْتَ غِناكَ اِلَيْهِ، وَلِتِلْكَ الَّدعْوَةِ عَلَيْكَ حَقٌّ وَعِنْدَكَ مَنْزِلَةٌ، إِلاّ صَلَّيْتَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَقَضَيْتَ حَوائِجي حَوائِجَ الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ، وَهـذا رَجَبٌ الْمُرَجَّبُ الْمُكَرَّمُ الَّذي اَكْرَمْتَنا بِهِ اَوَّلُ اَشْهُرِ الْحُرُمِ، اَكْرَمْتَنا بِهِ مِنْ بَيْنِ الاُْمَمِ، يا ذَا الْجُودِ وَالْكَرَمِ، فَنَسْأَلُكَ بِهِ وَبِاسْمِكَ الاَْعْظَمِ الاَْعْظَمِ الاَْعْظَمِ الاَْجَلِّ الاَْكْرَمِ، الَّذي َخَلَقْتَهُ فَاسْتَقَرَّ في ظِلِّكَ فَلا يَخْرُجُ مِنْكَ اِلى غَيْرِكَ، اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَاَهْلِ بَيْتِهِ الطّاهِرينَ، وَتَجْعَلَنا مِنَ الْعامِلينَ فيهِ بِطاعَتِكَ، وَالاْمِلينَ فيهِ بِشَفاعَتِكَ، اَللّـهُمَّ وَاهْدِنا اِلى سَواءِ السِّبيلِ، وَاجْعَلْ مَقيلَنا عِنْدَكَ خَيْرَ مَقيل، في ظِلٍّ ظَليل، فَاِنَّكَ حَسْبُنا وَنِعْمَ الوَكيلُ، وَالسَّلامُ عَلى عِبادِهِ المُصْطَفِيْنَ، وَصَلَواتُهُ عَلَيْهِمْ اَجْمَعينَ، اَللّـهُمَّ وَبارِكَ لَنا في يَوْمِنا هَذَا الَّذي فَضَّلْتَهُ، وَبِكَرامَتِكَ جَلَّلْتَهُ، وَبِالْمَنْزِلِ الْعظيمِ الاَْعْلى اَنْزَلْتَهُ، صَلِّ عَلى مَنْ فيهِ اِلى عِبادِكَ اَرْسَلْتَهُ، وَبالَْمحَلِّ الْكَريمِ اَحْلَلْتَهُ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً دائِمَةً تَكُونُ لَكَ شُكْراً وَلنا ذُخراً، وَاجْعَلْ لَنا مِنْ اَمْرِنا يُسراً، وَاخْتِمْ لَنا بِالسَّعادَةِ اِلى مُنْتَهى آجالِنا، وَقَدْ قَبِلْتَ الْيسيرَ مِنْ اَعْمالِنا، وَبَلَّغْتَنا بِرَحْمَتِكَ اَفْضَلَ آمالِنا، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيء قَديرٌ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ وَسَلَّم.

            وهذا دعاء الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) وكان قد دعا به يوم انطلقوا به نحو بغداد وهو اليوم السّابع والعشرون من رجب وهو دعاء مذخور من أدعية رجب.

            الثّامن:
            قال في الاقبال قل: اَللّـهُمَّ اِنِّي اَساَلُكَ بِالنَّجْلِ الاَْعْظَمِ، الدّعاء وقد ذكر هذا الدّعاء على رواية الكفعمي في دعوات الليلة السّابعة والعشرين من رجب. فراجعه في مفاتيح الجنان.

            ولا تنسوني من صالح دعواتكم

            تعليق


            • #7
              أسعد الله أيامكم بمبعث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله :rose_031:

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة بريق سيف
                أسعد الله أيامكم بمبعث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله :rose_031:
                اسعد الله ايامكم وايام جميع الموالين والمؤمنين والمسلمين
                وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

                تعليق

                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                حفظ-تلقائي
                x

                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                صورة التسجيل تحديث الصورة

                اقرأ في منتديات يا حسين

                تقليص

                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
                استجابة 1
                12 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                بواسطة ibrahim aly awaly
                 
                يعمل...
                X