إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

السعودية تلمح الى رغبتها في الانفصال عن امريكا

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السعودية تلمح الى رغبتها في الانفصال عن امريكا

    السعودية تلمح الى رغبتها في الانفصال عن امريكا



    October 25, 2013

    ‘هذا النبأ كان دراماتيكيا، وان لم يبدو كذلك: يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع أفادت رويترز في نبأ طويل ومفصل بان السعودية تهدد بان تغير بشكل استراتيجي علاقاتها مع الولايات المتحدة. واقتبست في النبأ لقاءات الامير بندر بن سلطان مع دبلوماسيين اوروبيين: ‘امريكا فشلت حيال الاسد، فشلت حيال طهران وفشلت في دفع المسيرة السلمية الاسرائيلية الفلسطينية الى الامام’. وقالت مصادر سعودية ان الدولة ستتخذ خطوات تتعلق بتجارة النفط وصفقات السلاح. كان هذا بعد بضعة ايام من رفض السعودية، في خطوة غير مسبوقة، المكان الذي خصص لها لسنتين في مجلس أمن الامم المتحدة ـ فعل احتجاجي ضد الاسرة الدولية وبالاساس ضد واشنطن. كلمات قاسية من دولة تحت مظلة الحماية الامريكية، مؤشر على أزمة خطيرة للغاية بين السعودية والولايات المتحدة منذ 11/9، واكثر من ذلك: كلمات تشير الى تغيير كبير آخذ في التحقق امام ناظرينا.
    ‘منذ عقد تقريبا، وبالاساس منذ بدء الحرب الاهلية في سورية، والشرق الاوسط منقسم ومنشق في محور واضح جدا. من جهة يقف الهلال الشيعي الذي يقع من ايران، عبر الاغلبية الشيعية في العراق، يمر عبر النظام السوري العلوي الذي عقد تحالف المنبوذين مع الشيعة، وانتهاء بحزب الله في لبنان. ومن الجهة الاخرى، يقف السُنة، الاغلبية المطلقة في الاسلام. السعودية، دول الخليج، مصر، الثوار السوريون وبالطبع منظماتهم المتطرفة بما فيها القاعدة.
    بين هذين المحورين واضح أين تلعب اسرائيل. صحيح أن المحافل السنية المتطرفة اسوأ بكثير من الجمهورية الاسلامية، الا ان تطوير السلاح النووي في ايران وتهديد حزب الله في الشمال وضعا اسرائيل في موقف تكون فيه حليفة، هادئة ولكن ليس خفية، للحلف السني. تعاون سري مع دول الخليج والسعودية في الصراع مع ايران؛ محاولة لاضعاف سورية الاسد كي تنهار، وهكذا يتحطم التواصل الجغرافي الشيعي وحزب الله يضعف جوهريا. الخيار الاسرائيلي هو بالطبع ليس حلفا حقيقيا. فالسعوديون مولوا حماس؛ منظمات الثوار في سورية يستهدفون اسقاط الاسد ومواصلة المعركة في هضبة الجولان؛ ولكن حيال صد ايران نشأت شراكة مصالح نادرة ولمرة واحدة، يتمكن فيها مصريون، سعوديون، سوريون واردنيون من تنسيق خطواتهم مع اسرائيل. وبالطبع هناك ميزة واحدة مهمة توجد للحلف السني الاسرائيلي، واسمها الولايات المتحدة الامريكية. فالحلف الامريكي مع الرياض طويل ومتماسك، والحاجة الى صد ايران وبرنامجها النووي هو من أساسات عمل واشنطن في الشرق الاوسط. وبشكل مثير للاهتمام، فبالذات تحت ادارة اوباما تعاظمت كثافة العمل ضد ايران وحزب الله. وقد شعرت الجهتان بتهديد خاص مع اندلاع الحرب الاهلية السورية بصدام حاد ومكشوف بين الشيعة والطائفة العلوية وبين السنة. ولم يرغب الامريكيون الى الانجرار الى الحرب، ولكن مثل اسرائيل سرهم أن يروا انجذاب حزب الله الى معركة باهظة الثمن بالمال وبالدم.
    وعليه، فان الصيغة الاساس في الشرق الاوسط، مثلما عرضت بثبات في السنوات الاخيرة كانت واضحة السُنة تدعمهم امريكا وبشراكة خفية مع اسرائيل، ضد الشيعة من لبنان وحتى طهران.
    السطر الاخير هو ان الصيغة تنهار بسرعة. وانهيارها ينبع من اسباب عديدة: أولا، من النجاح النسبي لتآكل قوة ايران حزب الله في سورية النازفة. فالى جانب العقوبات، وجدت ايران نفسها تدير معركة على نطاق واسع في سورية، تكون فيها مكانتها الاقليمية على كفة الميزان، وفي حصار عملي بسبب نظام العقوبات الدولية. السياسة الامريكية الاسرائيلية للعزل والضغط على النظام الايراني نجحت واستوجبت تغييرات داخلية في الجمهورية الاسلامية؛ ووجدت هذه التغييرات تعبيرها في اعتدال تكتيكي مهم للغاية وفي صعود روحاني. وبالتوازي فان عدم قدرة الثوار السوريين والعالم السُني على تصفية الاسد أدت بأمريكا الى استنتاج مشوه تحطيم المحور الشيعي سيكون طويلا، باهظ الثمن، وربما اكثر خطرا مما كان متوقعا. فتطرف الثوار، وبعضهم اصوليون حتى أكثر من القاعدة (يتبين أن هذا ممكن)، أدى باصحاب القرار في واشنطن الى البرود في موقفهم من تغيير الحكم في سورية. الشعارات المبررة عن ذبح الابرياء الذي يقوم به الاسد في سورية، حلت محلها سياسة واقعية، امريكية كلاسيكية، باردة ومحسوبة. وهكذا اصبحت المذبحة الفظيعة التي ارتكبها الاسد بواسطة الغاز ‘فرصة دبلوماسية’ انتهت باتفاق لنزاع السلاح الكيميائي. ويستخدم هذا الاتفاق كمجمد اساس للحرب الاهلية، وبدأ يخلق شرخا عميقا بين الامريكيين وحلفائهم السُنة ولا سيما السعوديين، الذين صدموا بالاتفاقات مع النظام.
    ولكن الاعتدال الكبير في ايران ـ وهو كبير حقا ـ هو الذي نجح في تفكيك الحلف. لقد توصل الايرانيون الى الاستنتاج، اغلب الظن، بانهم نجحوا في الوصول الى حافة النووي. وهم مستعدون لان يتوقفوا هناك. فعلى اي حال، مع كمية اجهزة الطرد المركزي وتطورها، يمكنهم أن يركضوا بسرعة شديدة نحو الانطلاق الى القنبلة. ويدير الايرانيون حوارا سريا مع الولايات المتحدة منذ اشهر طويلة، وعلى ما يبدو يدور الحديث عن اتصالات محددة تعنى بالبرنامج النووي. رغبتهم في الوصول الى اتفاق تتجسد مثلا في محاولتهم تسريع المفاوضات التي بدأت قبل اسبوعين في جنيف. حتى الان فعلت طهران كل ما في وسعها كي تبطئها.
    حيال قصة الغرام هذه، ترتعد دول الخليج ويتميز السعوديون غضبا. وقد نقل عن مصدر ذي علاقة بالسعوديين قوله ان ‘الخطوة للابتعاد عن الولايات المتحدة هي خطوة كبيرة. فالسعودية لا تريد أن تجد نفسها بعد اليوم في وضع تكون فيه متعلقة بالولايات المتحدة’. بندر بن سلطان كان فقط احد المنتقدين. وبشكل استثنائي في علنيته، أمير سعودي آخر اختار انتقاد ‘تردد’ ادارة اوباما بالنسبة لسورية والمسيرة السلمية. الامير تركي الفيصل قال ان سياسة اوباما في سورية بائسة، وأعرب عن استخفاف عميق بالصفقة الامريكية الروسية لتصفية مخزونات سلاح الاسد، أو بكلمات الامير الفظة: ‘الاحتفال الحالي حول سيطرة الدولة على مخزونات السلاح الكيميائي لدى الاسد كان يمكن أن يكون مضحكا لو لم يكن خيانة. فهو يرمي ليس فقط لاعطاء اوباما فرصة للتراجع عن عملية عسكرية، بل ويساعد الاسد ايضا على ذبح ابناء شعبه’. كلمات كهذه لم تطلق من امير سعودي على رئيس امريكي منذ سنوات عديدة، هذا اذا كانت اطلقت على الاطلاق. مصادر في الاسرة المالكة قالت ان ‘امريكا تقترب من ايران وفشلت في الاعراب عن التأييد للسعودية في اثناء الثورة في البحرين’.
    هذه لم تعد اشارات عدم راحة، بل انها تهديد بأزمة. السعوديون يقولون للامريكيين نحن لا نؤمن بالمناورات الامريكية، ونحن لا نؤمن بانكم ستحمون ظهرنا. بيبي؟ بيبي هو المشكلة الاصغر لاوباما الان. الرياض تفعل لواشنطن خازوقا علنيا. كيف سيكون منظر الشرق الاوسط بعد التسليم بين ايران والولايات المتحدة؟ هل سينجح الامريكيون في التوازن بين قصة الغرام الجديدة وبين التزاماتهم القديمة؟ صيغة عقد من الزمان تنهار.

    http://www.alquds.co.uk/?p=96839




  • #2
    السعوديـــة.. نهايــــة اللعبـــــة
    أحمد الشرقاوي

    التمـرد السعــودي..
    المواقف التصعيدية والتصريحات الهجومية التي صدرت عن أمراء الدم والخراب في المملكة السعودية (بندر بن سلطان، سعود الفيصل، تركي الفيصل) اتجاه أمريكا هذا الأسبوع، اعتبرتها الإدارة الأمريكية القشة التي قسمت ظهر البعير، لأن من المعروف في الإستراتيجيا السياسية الإمريكية، أنه كلما اتخذت الإدارة الأمريكية قرارا سياسيا بشأن قضايا الشرق الأوسط إلا وانصاعت له السعودية وحرصت على تنفيذه بإخلاص وتفان.. وليس من عادة أمريكا التشاور مع أدواتها فيما يخصّ مصالحها.
    هذه ليست المرّة الأولى التي تتصرّف فيها السعودية بهذه الوقاحة تجاه الإدارة الأمريكية، لكنها المرّة الأولى التي تُشهر فيها انتقاذاتها اللاّذعة ليتداولها الإعلام بشكل واسع، ما جعل الأمريكيين يطرحون أكثر من علامة إستفهام حول حقيقة الدّور السّعودي في المنظومة الأمريكية، وإن كان مثل هذا التصرّف لا يعتبر تمرّدا وقحا على سياسات الإدارة الأمريكية ومصالحها الحيويّة في منطقة حسّاسة ومتفجّرة كالشّرق الأوسط؟..
    صحيح أن الخلاف بين السعودية والإدارة الأمريكية لم يبدأ من الملف السوري والإيراني، بل انطلق بمجرّد الإطاحة بالحمدين في قطر وإعلان الإدارة الأمريكية عزمها على إجراء تعديلات جوهرية في النظام السّعودي تشمل استبدال القيادات العتيقة بأخرى شابة، ووضع دستور للبلاد، ومروحة من الإصلاحات تشمل المشاركة في السّلطة عبر الإنتخابات، والإفراج عن المعتقلين السّياسيّين، ومنظومة قوانين تحترم الحرّيات وحقوق الإنسان، وإصلاح التّعليم والقضاء وغيرها… في أفق تحديث المملكة لتحويلها إلى دولة مؤسّسات. لكن الملك عبد الله عارض هذا المشروع ورفض بعد ذلك استقبال الوفود الأمريكية.
    بعدها مباشرة، بدأ التّصعيد المعاكس للسّياسات الأمريكية على كلّ الجبهات، انطلاقا من أفغانستان، مرورا بمصر، وانتهاء بالعراق وسورية ولبنان وإيران. ولم يكن من باب الصّدفة حديث ‘جيفري فيلتمان’ قبل أيّام عن السعودية التي اتّهمها بأنّها تُعطّل كلّ شيىء في العراق وسورية ولبنان وايران، من منطلق حقد أسود لا معنى له في الإستراتيجية السياسية التي تقوم على المصالح الكبرى للحكومات و الشعوب لا المواقف الشخصية الأنانية وردود الأفعال الظرفية والإنفعالية.
    وكلام ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ‘ميستر جيف’ إن كان يدلّ على شيىء فإنما يؤكّد حقيقة واضحة مفادها، أن مملكة الشّر الوهابية ليست دولة مؤسّسات، ولا تمتلك إستراتيجيا ولا رؤية سياسية، وتدير الدّولة بعقلية القبيلة الإستبداديّة ومنطق العشيرة الرّجعي الفاسد، الذي لا مكان له في لعبة الأمم التي تقوم على المرونة في تبادل المصالح السّياسيّة والإقتصاديّة، والإحترام في العلاقات بين القوى والدّول.
    وهذا ما يؤكّد أنّ الأمر لا يتعلّق بإعادة توزيع أدوار كما اعتقد البعض، بعد أن تحوّل الخلاف حول مصر وسورية ولبنان وإيران إلى تمرّد حقيقي وصدام معلن، في تحدّ سافر لكلّ الأعراف والثّوابت التّقليدية في العلاقات الأمريكيّة السّعودية.
    التمرّد السعودي ما كان ليتمّ لولا التّحريض الصهيوني والتّنسيق التّام بين الجانبين بلغ حدّ التماثل في الأولويات والخيارات، وتجسّد عمليّا من خلال التحالف الأخير بين الوهّابية والصّهيونية في مواجهة الحلف الإيراني، انطلاقا من إدارك الإسرائيلي والسّعودي، أنّ إدارة الرئيس ‘باراك أوباما’ قد غيّرت من أولوياتها في منطقة الشّرق الأوسط، وتتّجه لحسم موقفها في العديد من الملفات من خلال تغيير تحالفاتها، ليتسنّى لها التّفرغ لشؤونها الداخلية المأزومة، والبدأ بتنزيل إستراتيجيتها الجديدة في منطقة آسيا المحيط الهادي التي أصبحت مركز الثّقل الجيوسياسي العالمي.
    وهذا بالضبط ما يقلق إسرائيل والسعودية اللذان يتشاركان القلق الذي وصل حد الرّهبة والفزع من الشّراكة الأمريكية الروسية الجديدة، وخيار التحالف الأمريكي الإيراني على حساب دورهما القديم.. خصوصا بعد فشل السّياسات الإسرائيلية والسّعودية في المنطقة، وسقوط دور إسرائيل الذي كانت تصفه التّحليلات القديمة بـ “القاعدة المتقدّمة للإمبريالية” و “الوكيل المعتمد لأمريكا في المنطقة” وما شابه…
    هذا بالإضافة إلى توجّه الولايات المتحدة لتحقيق الإكتفاء الذاتي في مجال الطاقة بفضل تقنية استخراج النفط والغاز من الصّخور النفطيّة التي ستجعل من أمريكا في غضون بضع سنوات المنتج الأوّل للطّاقة في العالم، ما يجعل إعتمادها على نفط الخليج يتراجع من 9 % اليوم إلى صفر %.
    هذا الدّور انتهى اليوم، وتحوّلت إسرائيل إلى عبء سياسي وعسكري وإقتصادي وأخلاقي جدّ مكلف، بحيث، بدل أن يؤمّن مصالح الولايات المتحدة في المنطقة أصبح يشكل تهديدا جدّيا لأمنها القومي في عهد الرئيس ‘باراك أوباما’، الذي غيّر من إستراتيجية إدارته تجاه إسرائيل، بخلاف ما كان عليه الحال في عهد الإدارات السابقة، وهو ما عرّضه لإنتقادات واسعة ومعارضة جدّية من قبل اللّوبي اليهودي والمسيحي الصهيوني في الولايات المتحدة، ولعلّ أزمة الميزانيّة ورفع سقف الدّين الأخيرة مع أعضاء الكونجرس خير دليل على الصّراع الخفيّ الدّائر اليوم حول الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط. لكن هذا لا يعني أن إدارة ‘أوباما’ ستتخلى عن أمن إسرائيل الذي هو مكون أساسي من الأمن القومي الأمريكي، بقدر ما يعني وضع حدود لتدخل إسرائيل في السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية.
    لقد أدرك الرئيس ‘أوباما’، كما 75% من الشعب الأمريكي، وفق آخر استطلاعات للرأي، أنّ تدخّل إسرائيل في الإستراتيجية الأمريكية قد قوّض سياسات اللولايات المتحدة في العالم، وأدّى إلى تراجع مكانتها وانحصار دورها، وهناك من المحللين والمراقبين من حذّر قبل سنوات، من أن تعاظم نفوذ التيّار الأمريكي اليهودي الصهيوني والمسيحي الصهيوني في الولايات المتحدة، سيلعب دورا كبيرا في مسيرة الانهيار التدرّجي للهيمنة الأمريكية العالمية، وهذا ما بدأ يظهر للعيان اليوم بوضوح، خصوصا عندما بدأ اللّعب في الأولويات الاستراتيجية لجعلها في خدمة المشروع الصهيوني لا الأمريكي، كما فعل المحافظون الجدد في عهد ريغان وبوش، بل حتّى في عهد كلينتون أيضا، وإن بشكل أقلّ سفورا.
    وفي الوقت الذي كانت أمريكا منشغلة بالحرب على الإرهاب بعد الحادي عشر من أيلول/شتنبر 2001 في أفغانسان والعراق، وتركّز في إستراتيجيتها على منطقة الشرق الأوسط، كانت روسيا ‘بوتين’ تستعيد قوّة دولتها ومكانتها العالمية بهدوء بعد أن كانت سائرة إلى الانهيار والاضمحلال في عهد الرئيس الروسي ‘بوريس يالتسين’.. وكذلك الأمر بالنسبة للصين التي أصبحت المنافس الأقوى لأمريكا في المجال الإقتصادي والمالي الدولي، بفضل تمدّدها وانتشارها في آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا والشرق الأوسط أيضا.
    وفي الوقت الذي كانت إدارة ‘أوباما’ تركب ثورات ‘الربيع العربي’ وتعمل على تنزيل إستراتيجية “الإسلام السياسي” على امتداد العالم العربي، ليتسنّى لها الإستدارة نحو آسيا المحيط الهادي، قرّرت السعودية وإسرائيل تقويض انجازاتها في مصر، من خلال دعم وتمويل الإنقلاب العسكري على حكم الإخوان الذي أسّست له أمريكا بالتعاون الوثيق مع تركيا وقطر، بهدف تعديل ميزان القوى بين حلف إيران “الشّعي” وحلف تركيا الإخواني “السنّي”، الأمر الذي توجّست منه السعودية خيفة، حيث اعتبرته انقلابا على زعامتها التّقليدية للمنطقة العربية والعالم الإسلامي السنّي، المدعوم بالنظام الباكستاني شرقا والنظام المصري غربا.. وهو ما أزعج الإدارة الأمريكية أيّما إزعاج، فقرّرت تغيير استراتيجيتها في الشرق الأوسط بما يضمن مصالحها ويقلب في نفس الوقت الطاولة على رؤوس المشاكشين.
    اليوم تتباكى السعودية على الشعب السوري، وتهاجم الإدارة الأمريكية لتراجعها عن ضرب سورية، وتنتقد شراكتها مع الروسي وتحالفها مع الإيراني، وتستنكر تخلّيها عن مشروع إسقاط النظام في سورية بالضّربة العسكرية القاسمة، والتي عرضت الرّياض تغطية تكاليفها بمبلغ 200 مليار دولار.. لكن دون جدوى، فالمال لم يعد يصنع السياسية في عالم متغيّر ومتحوّل بسرعة الضوء، وهذا ما لا يستطيه أن يستوعبه العقل البدوي القروسطي السعودي.
    الإنقــلاب الأمريــكي..
    التمرّد السعودي على المشروع الأمريكي في مصر، أفشل الإستراتيجية الأمريكية في كل المنطقة العربية من تركيا إلى المغرب الأقصى، الأمر جعل الإدارة الأمريكية التي كانت تعمل على تفكيك محور المقاومة من خلال تدمير سورية وإسقاط نظامها وتفكيك جيشها تمهيدا لضرب حزب الله ثم إيران، تنقلب على مشروعها وتُغيّر فجأة من إستراتيجيتها باستدارة بلغت 180°، لتقلب الطّاولة على الجميع، خصوصا بعد أن أدركت أن الرُّوسي لا يبحث عن إزاحتها ليحلّ محلّها على عرش العالم، بل مشاركتها عبء حلّ الأزمات وتبادل المصالح والنفوذ في إطار من التعاون والتفاهم وإحترام شرعة الأمم والقانون الدّولي. وأدركت إدارة ‘أوباما’ فجأة، من خلال ‘الميستر جيف’ والسلطان ‘قابوس’، أن هناك سوء فهم فظيع حول إيران، غذّته دوائر اللّوبيات الصهيونية والسعودية على مدار عقود في واشنطن.
    فكان القرار الذي غيّر وجه العالم ومسار التاريخ، حيث، ومن دوم مقدّمات، أعلنت الإدارة الأمريكية عن قبولها بشراكة مع الروسي، تتضمّن سلّة من الخيارات الجديدة والحلول البراغماتية التي تشمل كل دول المنطقة وأزماتها المزمنة، وعلى رأسها تحالف إستراتيجي مع إيران التي أصبحت قوة إقليمية عظمى، يمكنها ضمان المصالح الأمريكية ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل وفي منطقة أوراسيا كذلك، نظرا لموقعا الجيوستراتيجي المتميّز، وتحكّمها في مضيق ‘هورمز’ الذي تعتبره الإدارة الأمريكية أهمّ لأمنها القومي من السعودية وإسرائيل، حيث يمرّ منه ما يعادل 40% من إحتياجات العالم للنفط، لأن تجارة النفط هي من تدعم اليوم قوة الدولار.
    الإستراتيجية الأمريكية الجديدة..
    ويُذكر، أن الرئيس ‘باراك أوباما’ كان قد أعلن في مطلع سنة 2012 عن استراتيجيته الجديدة، وذلك بنقل الاهتمام الأمريكي من منطقة الشرق اوسط إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي بعد عشر سنوات من الحرب الأمريكية على أفغانستان والعراق. فالولايات المتحدة تستعدّ بحلول عام 2020 إلى إعادة نشر أكثر من 60 في المائة من أسطولها البحري الحربي في منطقة آسيا والمحيط الهادي. وبحسب العديد من المحللين والمراقبين، فإن إستراتيجية أمريكا الجديدة هي التّركيز على منطقة آسيا والمحيط الهادي في محاولة لمحاصرة صعود الصين التي يُتوقّع أن تصبح أكبر قوّة إقتصادية في العالم في غضون 10 سنوات.
    إن العقيدة السياسية، أو ما يمكن تسميتها بـ (Obama Doctrine)، التي ينطلق منها الرئيس الأمريكي ‘باراك أوباما’ في ما تبقى من ولايته الثانية، تؤكد على مبدأ إنهاء الحروب والصراعات، واعتماد مبدأ التّفاوض والتعاون بدلا من المواجهة والأحادية في حلّ الأزمات وإدارة الشؤون الدولية.
    وقد كان ذلك واضحا في كثير من القضايا، ابتداء من الانسحاب الأمريكي من العراق مرورا باعلان أوباما الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية من أفغانستان مع نهاية 2014 وتحويل قيادة العمليات العسكرية إلى القوات الأمنية الأفغانية، وكذلك انتهاج أسلوب الدبلوماسية فيما يخص الملف النووي الإيراني، وانتهاء بالملف السوري الذي انتهج فيه منذ بداية الأحداث مبدأ سياسة التدخّل الناعم عبر أدوات أمريكا في المنطقة ومن خلال الضّغط على النظام السوري وتقديم دعم للمعارضة دون التورّط العسكري المباشر. وحتى بعد اتّهام قوات النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وتهديد ‘أوباما’ بالقيام بعمل عسكري ضدّ دمشق، جاءت المبادرة الروسية لتعيد السياسة الأمريكية إلى مسارها الطبيعي من الصراع.
    لقد تبيّن للإدارة الأمريكية أن مواجهتها لإيران في المنطقة سوف تكسر عصاها وتهدد مصالحها الحيوية بما أصبحت تمثله إيران وحلفائها من قوّة عظمى في المنطقة. كما أن أيّة مغامرة عسكرية من هذا القبيل، قد تحرق منطقة الشرق الأوسط برمّتها وتعرقل بالتالي، تطبيق إستراتيجية الإنتقال إلى آسيا، لأن التغلغل الايراني في الكثير من ملفات الشرق الأوسط وآسيا، سواء بصورة مباشرة كما يحدث في سوريا او في لبنان عبر حزب الله او في العراق بعد حرب 2003، أو في أفغانستان ضد محاولة السعودية فرض تعليم وهّابي متشدد من خلال بناء المدارس وتكوين الأئمّة والمدرّسين (مؤخّرا حوّلت الإدارة الأمريكية 500 مليون دولار خصّصتها السعودية لهذا الغرض نحو البنية التحتية، ما أغضب السعودية)، أو بصورة غير مباشرة عبر شبكات العلاقات المتداخلة والمعقدة في اليمن ودول الخليج (البحرين، المنطقة السعودية الشرقية، الإمارات، الكويت، سلطنة عمان)، جعل أمريكا تفضل التقارب من إيران والتعاون معها في حل الأزمات وإدارة الملفات العالقة بالمنطقة، وفتح مجالات جديدة وواعدة من التعاون مع طهران في أوراسيا عبر تركيا وباكستان وأفغانستان وغيرها.. خصوصا وأن إيران تنبذ الإرهاب وتحارب التطرّف، كما أن الروسي يثق في دروها البناء بمنطقة آسيا المحيط الهادي.
    التغيير القادم في السعودية..
    كل هذه المعطيات، جعلت الإدارة الأمريكية تقرّر تغيير النظام في السعودية بطريقة ناعمة، وذلك من خلال تنفيذ مشروع الإصلاحات التي سبق للملك عبد الله بن عبد العزيز وطغمته الحاكمة أن رفضوه من قبل. وفي هذا الصدد تقاطعت معلومات ديبلوماسية وصحفية غربية وعربية مفادها، أن واشنطن اتخذت سلسلة من الاجراءات الاستراتيجية وأبلغتها إلى حلفائها الأوروبيين، تتعلق بمستقبل التعاطي مع الدول العربية الرافضة للسياسات الأميركية الجديدة المتعلقة بالشرق الأوسط، وعلى رأسها السعودية ومصر.
    و واكبت الصحف الأميركية هذا الامر بحملات انتقادات مركزة على الحكومة السعودية ورجالها الأمنيين والديبلوماسيين (بندر بن سلطان، سعود الفيصل، تركي الفيصل). وبحسب المصادر، أن المصالح الاستراتيجية التي تهم الاقتصاد الأميركي وأمنه، لا تتوقف عند حدود الخليج العربي ونفطه، إنما تمتد إلى أفريقيا والدول الاسيوية مجتمعة، وبالتالي فإن مصلحتها هي في التعامل مع الأقوى أياً كان، وما التقارب المميز الذي طبع العلاقة بين واشنطن والرياض سوى من باب الضغط على ايران، التي خرجت عن المنظومة الأممية منذ عقود وأسست جبهتها السياسية ومحورها المقاوم، بما يعني أن الهدف الأميركي الاستراتيجي هو التقارب مع ايران طالما أنها غير قادرة على ضربها، وبتعبير آخر فإن مصلحة الغرب هي في ضمان أمن مضيق هرمز طالما يشكل حاجة استراتيجية أمريكية.
    وتنقل مصادر إعلامية عن ديبلوماسيين قولهم، أن اعلان الحرب من قبل السعودية على التسوية الدولية، والإصرار على الاستمرار في دعم “المعارضة” السورية عسكرياً وسياسياً، سيرتد قريبا على التركيبة الحاكمة برمتها في السعودية، لأن التفاهمات الدولية الجديدة مع الروسي والإيراني أضحت أمراً واقعاً غير قابل للنقاش أو التعاطي معه بسلبية وبأسلوب التخريب. وهذا يعني، أننا سنشهد قريبا تغييرا جذريا في تركيبة الحكم في مملكة الشر الوهابية، ما سينعكس إيجابا على المف البحريني واليمني واللبناني.
    أما مؤتمر “جنيف 2″، فبرغم معارضة السعودية عقده، وتحريضها إئتلاف ‘الجربا’ على عدم حضوره، إلا أن الإدارة الأمريكية وروسيا عازمتان على عقده نهاية الشهر المقبل تحت إشراف الأمم المتحدة بمن حضر، وإتخاذ ما يلزم من قرارات لإنهاء الأزمة السورية وإعلان الحرب الدولية على الإرهاب، ولم تعد قضية تنحية الرئيس ‘الأسد’ مطروحة على جدول أعماله، شاء من شاء وكره من كره، لأن الشعب السوري دون سواه هو وحده من يملك الحق في إنتخاب من يراه مناسبا لحكمه، وسيتم التداول أساسا حول ما يسمى بالفترة الإنتقالية ورجالاتها وطبيعتها وأهدافها وآلياتها، وفي التفاصيل تكمن الشياطين.
    التغيير القادم في مصر والمنطقة..
    أما مصر، وبعد أن رفضت المؤسسة العسكرية خارطة الطريق الأمريكية التي تقوم على أساس رفض عودة العسكر للحكم وإقامة دولة مدنية ديمقراطية، فتأكد مصادر ديبلوماسية وإعلامية غربية أن الإدارة الأمريكية ترفض في هذه المرحلة أي حديث عن تغيير يشمل القيادة في تركيا، لأنه تقرّر تكليف التّركي والقطري بالملف المصري، لتحويل أرض الكنانة إلى “سورية 2″. وقد خصّصت قطر مبلغ 2 مليار دولار لهذه العملية في إجتماع الإخوان الأخير بالدوحة، ناهيك عن أن التنظيم الدولي للإخوان أكد أنه يملك ما يفوق ميزانية دولة غنيّة لتغيير الواقع السياسي في مصر.
    مصادر رسمية مصرية كشفت للإعلام مؤخرا، أنه بالفعل تبين أن الإخوان يعتزمون تحويل مصر إلى “سورية 2″ وفق المخطط الذي إكتشفت المخابرات المصرية بعضا من خيوطه، وأن تركيا وقطر متورطتان في هذا المخطّط الذي تهدف الإدارة الأمريكية من خلاله إلى تأذيب الجيش المصري وإعادته إلى بيت الطاعة الأمريكي.
    أما محاولات الفريق السيسي التوجه نحو الروسي للّعب على التناقضات، فقد ذكرت مصادر روسية مقربة من الكريملين، أن روسيا يمكنها مساعدة مصر بشكل محدود في بعض المشاريع التي تهم الشعب المصري، أما مجال السلاح، فتغيير المنظومة الأمريكية واستبدالها بمنظومة روسية أمر مستحيل لعدة إعتبارات، منها علة وجه الخصوص، حرص موسكو على علاقتها الجديدة الجيّدة ومصالحها الإستراتيجية مع الإدارة الأمريكية، ناهيك عن أن تنفيذ مثل هذا المشروع يتطلب إعتمادات مالية ضخمة ليس في مقدور روسيا الإتحادية تحمّل تكاليفه وتبعاته السياسية.
    هذا المعطى يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن السعودية كما مصر قد أخطأوا قرائة المتغيرات الدولية في المنطقة والعالم، وأن قطر وتركيا كانتا أول من فهموا اللعبة، فسارع الأمير “تميم” إلى التقرب من إيران وخطب ود دمشق، في حين خفّض ‘أردوغان’ من خطابه التصعيديّ ضدّ الرئيس ‘الأسد’، بعد أن أدرك أن لا تغيير في الأفق على مستوى الرئاسة في سورية، وأن دوره الجديد في مصر يقتضي منه الكف عن دعم الإرهاب في سورية، ما دفعه إلى المسارعة بإغلاق الحدود وتغيير استراتيجيته القديمة، بحجّة أن القاعدة في العراق وسورية “داعش” أصبحت تمثل تهديدا للأمن القومي التركي، خصوصا بعد أن تم ضبط 10 سيارات مفخخة هذا الأسبوع، أعدت للتفجير في مدن مختلفة من تركيا. وتشير مصادر تركية إلى أن ‘أردوغان’ بصدد التحضير لمجموعة خطوات تهدف إلى إصلاح ما خربته سياساته المتهورة مع العراق وسورية، وقد تظهر أولى تجلّياتها خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة.
    الأردن من جهته، قرأ الرسالة الأمريكية وفهمها بالسرعة المطلوبة، فبعث بموفد رفيع إلى دمشق، يطمئن القيادة السورية إلى أنه لن يسمح بعد اليوم بتسلّل الإرهابيين والسلاح من أراضيه إلى الداخل السوري، وأعاد التنسيق الأمني بين مخابراته والمخابرات السورية.. غير أن السعودية التي استثمرت في النظام الأردني حوالي 5 مليار دولار، قررت تفجير الجسر الرابط بين الأردن والعراق، لتعطيل مشروع مد الأردن بالنفط العراقي، بعد أن اكتشفت استدارة الملك عبد الله الثاني وتخليه عن مشروع التخريب في سورية.
    أما لبنان المهدد بالتفجير من قبل بندر بن سلطان وتركي الفيصل، فالجميع ينتظر معركة القلمون الحاسمة، والتي أكمل الجيش العربي السوري وحزب الله التحضيرات الضرورية لها في إنتظار إنطلاقها، وهناك حديث ولغط عن إحتمال تأجيلها خوفا من تداعياتها على الداخل اللبناني، بسبب إحتمال تدفق آلاف الإرهابيين إلى الداخل اللبناني هربا من جحيم المعارك المرتقبة، حيث يقدر عدد المرتزقة المنتشرين في الجبال الشرقية ومنطقة القلمون بـ 25 ألف عنصر.. هذا بالإضافة إلى الرسائل الملغومة التي بعث بها ‘أشرف ريفي’ من طرابلس، والتي يهدد من خلالها بتفجير لبنان إنطلاقا من الشمال في حال بدأت معركة القلمون، وفق الأوامر التخريبية الصادرة له من السعودية.
    وفي هذا الصدد، ذكرت معلومات صحفية لبنانية، أنه تمّت تعبئة العديد البشري للعملية والذي يُقدّر بـ 15 ألف عنصر من مقاتلي “حزب الله” واللجان الشعبية، و22 ألف عنصر من قوات الجيش السوري والدفاع الوطني. وقد قُسّم مسرح العمليات الى ثلاثة قطاعات عسكرية: القطاع الأوّل: الزبداني، القطاع الثاني: القلمون، والقطاع الثالث: يبرود. وتمّ مسح هذه القطاعات أرضاً وجوّاً من خلال طائرات استطلاع تابعة لـ”حزب الله” مزوّدة بأجهزة تعقّب. وذكرت صحيفة “الجمهورية نقلا عن مصادر لم تسمّيها، أنّ الهدف من العملية العسكرية في منطقة الزبداني ليس الوصول الى الحدود اللبنانية، إنّما الالتفاف على معاقل “المعارضة” المسلّحة.
    غير أن مصادر لبنانية مقربة من حزب الله تؤكد، أن معركة القلمون ستبدأ قريبا في الموعد المحدد لها، ولن يوقفها تهديد ‘تركي الفيصل’ ولا أشرف ريفي’، ولا محاولة بعث رسائل ربط بما يقع في طرابلس او أية جهة أخرى، لأنها معركة تخص بالدرجة الأولى أمن المقاومة وجمهورها، وفي سبيل ذلك، تلغى كل الإعتبارات السياسية والتحفظات الأمنية.
    فهل تقطع معركة القلمون أذناب المؤامرة السعودية في لبنان؟.. هذا ما أعتقده دون شك. لقد آن الأوان ليطهّر حزب الله لبنان من التكفيريين وداعميهم، ما دام الظرف الإقليمي والدولي يسمح بذلك في إطار الحرب على الإرهاب.
    ألم تقل إدارة ‘أوباما’ هذا الأسبوع أن حزب الله يخدم مصلحة أمريكا والغرب من خلال حربه على الإرهاب في سورية التي أصبحت أكبر خزان لزبالة التكفيريين في العالم؟…
    خاص بانوراما الشرق الاوسط -

    تعليق


    • #3
      سر الغضب السعودي:الأمريكيون يعمّمون التغيير القطري في الخليج






      بغداد/المسلة: مازالت اصداء الخلافات الامريكية السعودية، تتسع، حيث يرى باحثون ان ما يطفو على السطح من تباين هو غيض من فيض الخلافات المعقدة بين البلدين، بعدما تبين ان واشنطن عزمت على اجراء تغييرات في هياكل الانظمة التقليدية الخليجية على غرار ما حصل في قطر، اذ يرى تقرير نشرته صحيفة "السفير" اللبنانية، ان ما دفع السعوديين الى هذا المستوى من التوتر، هو القرار الامريكي بإحداث تغيير هادئ في هيكلية النظام السعودي، ما يؤدي الى تطور مستقبلي لصراع بين الأجنحة المتربصة ببعضها البعض".
      ويرى كاتب التقرير داود رمال، أنه "بعدما ابعد الأمريكيون أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، ورئيس وزرائه حمد بن جاسم عن الحكم، طلبوا من السعوديين اجراء تغيير في هيكلية الحكم مقدمة لوضع دستور جديد في السعودية (لا دستور لها حتى الآن)، وطلبوا البدء بتحديث نظامهم، وإطلاق الحريات العامة وخاصة للنساء والإفراج عن المعتقلين السياسيين، غير أنهم لم يلقوا آذانا صاغية، خاصة في ظل تزامن ذلك مع تعديل واشنطن طريقة تعاملها مع الملفيّن الايراني والسوري".
      وعلى ذات الصعيد، يتحدث تقرير دبلوماسي مصدره واشنطن "صحيح أن السعوديين غاضبون لقرار ادارة أوباما الانفتاح على الايرانيين وقبلها بسبب عدم مضيها في خيار الضربة العسكرية للنظام السوري، لكن التوتر السعودي غير المسبوق من سياسة واشنطن، يبدو أنه متصل باعتبارات داخلية سعودية".
      ان من مظاهر التصعيد السعودي في الخلاف مع واشنطن، عدم القاء كلمة السعودية في اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ورفض العضوية غير الدائمة في مجلس الامن الدولي والتبني المفاجئ للقضية الفلسطينية ورفض انعقاد مؤتمر "جنيف 2 " وعدم تحديد موعد لاستقبال الأخضر الابراهيمي يمكن ان يحرج الولايات المتحدة.
      ويورد التقرير قول مسؤول لبناني عاد من واشنطن مؤخراً، ان "عضو مجلس الشيوخ الأميركي السابق السيناتور جورج جون ميتشل قال في احد الاجتماعات المتخصصة ان الادارة الامريكية ابلغت الاوروبيين والعديد من حلفائها في الشرق الأوسط ومناطق أخرى انها تعيد النظر في سياساتها وتحالفاتها الخارجية، ربطا بمعطيات سياسية واقتصادية متحركة، أبرزها اكتشاف النفط الصخري الذي سيجعل الولايات المتحدة تتحكم بالسوق العالمي في العقود المقبلة".
      ويضيف ميتشل في معرض تقييم سياسة بلاده "اخطأنا بقرار احتلال أفغانستان والعراق ودعم الاخوان المسلمين للوصول الى الحكم في العالم العربي، وشكّل التدخل في سوريا ذروة هذا الخطأ، ومن الآن وحتى العام 2050، ثمة خطر محدق بالعالم ككل وهو خطر الاصوليات المتطرّفة، ولكي نستطيع ابعاد هذا الخطر ومواجهته لا بد من جهد عالمي لا تستثنى منه روسيا والصين".
      ويستنتج زوار واشنطن أن السعوديين يبحثون عن كل ساحة يستطيعون من خلالها ممارسة لعبة تحسين أوراقهم في المنطقة ولذلك لن يهادنوا في لبنان، بل يمكن أن يزدادوا شراسة بدليل الغاء الرحلة الرئاسية اللبنانية وإصرارهم على مقاطعة الحوار ".
      لكن الناشط الرقمي ابراهيم البدري، في مدونة له على حائطه الرقمي "فيس بوك" ، يشبه السلوك السعودي ب " تصنّعْ النديّه مع القوى الكبرى"، مشيرا الى ذلك "لا يجدي نفعاً، فالمناطق الرخوة في هكذا حكومات، جليّه وواضحة، ومهما حاولت تلك الدول التي جعلت قرارها خاضعاً للكبار، فلن تفلح بالضغط على كِبارها ومسيّري سياستها والمحافظة على ديمومتها."
      ويسترسل "هذه الحكومات تعرف أنّ ابواب جهنّم سوف تفتح عليها في حال فكّرت أنْ تصبح سيّدة نفسها".
      ان التقارب الايراني الامريكي، وسعي السعودية الى خلق الفوضى في العراق، وخلافاتها مع واشنطن حول افغانستان ولبنان، والتباين في الموقف من الازمة المصرية، كلها خلافات مهمة، لكن الاهم من كل ذلك سعي واشنطن الى تأمين حقوق الانسان، وإجراء تغييرات جذرية في انظمة الحكم الخليجية، وهذا هو السر الحقيقي للغضب السعودي.

      تعليق


      • #4
        مسؤولون أمريكيون: الخلاف مع السعودية خطير


        الآراء متباينة بشأن سوريا وإيران ومصر بدرجة يتعذر معها ان تعود العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية الى التقارب الذي كانت عليه من قبل.





        بغداد/المسلة: يخيم التوتر على التحالف الذي يربط الولايات المتحدة بالسعودية، فيما شبه مسؤولون امريكيون التحذير السعودي بتقليص التعاون مع واشنطن بثورة غضب "مؤقتة" لن يكون لها أثر باق على العلاقات الثنائية، لاسيما وان مصدرا بأجهزة الأمن القومي الامريكية قال ان الرياض لم تبد الى الآن أي بادرة لتقليص المنشآت العسكرية الامريكية بما في ذلك قاعدة تستخدم في اطلاق الطائرات دون طيار لمهاجمة متشددين اسلاميين في اليمن.
        وقال مسؤول أمريكي كبير سابق له خبرة واسعة بالاتصالات الامريكية في السعودية "لا أستطيع القول ان هذا صدع رئيسي"، مشيرا الى ان أوجه اعتماد كل من الطرفين على الآخر متعددة"،مضيفا بأن"هذا خلاف عائلي لكنه خطير".
        الا ان بعض المحللين في واشنطن يقولون ان الآراء أصبحت متباينة بشأن سوريا وايران ومصر بدرجة يتعذر معها ان تعود العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية الى التقارب الذي كانت عليه من قبل.
        وقال سايمون هندرسون الخبير في شؤون دول الخليج بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ان الرسالة التي وجهتها السعودية هي ان الرئيس باراك أوباما وادارته "صموا آذانهم عن المصالح السعودية".
        ويعتقد بعض المحللين ان تعديل فريق الامن القومي في الفترة الثانية لاوباما ربما ساهم في التوترات وذلك من خلال عدم تعيين شخصية على مستوى رفيع للتعامل مع السعودية وأشاروا الى ضرورة ان يوفد أوباما مبعوثا لإصلاح ما فسد.
        وقال محللون ان"تحذير السعودية قد ينبني على مخاوف من ان يكون الرئيس الأمريكي مفتقرا الى الهمة والحنكة في مواجهة خصم مشترك (ايران) ومن ثم يعطيه ميزة استراتيجية".
        وقال محلل سعودي مقرب من القرار الرسمي"السعوديون يمارسون ضغوطا حتى لا يتصرف الأمريكيون بهذا الضعف".
        وأضاف "هذه الرسالة مفادها: انتم تحتاجون لنا،ونحن لن نلعب الكرة معكم الى ان تفيقوا".
        وقال المحلل ان "السعودية تخشى من الاستعداد الكبير الذي تبديه الادارة الأمريكية لأن تولي ثقتها للرئيس الايراني حسن روحاني في تعهده بتحسين العلاقات والتعامل بشفافية أكبر فيما يتعلق ببرنامج ايران النووي"،موضحا بأن السعودية"تخشى ان يُخدع الأمريكيون".
        وأضاف ان"واشنطن ستسمح لايران بأن تصبح على أعتاب ان تكون قوة نووية" بالسماح لها بالاحتفاظ بقدرات تكنولوجية يمكن تحويلها فيما بعد الى الاستخدام العسكري".
        ومن الاحتمالات المقلقة بشكل خاص بالنسبة لدول الخليج ان توجه اسرائيل ضربة منفردة لمواقع نووية ايرانية اذا لم تتعامل الولايات المتحدة مع طهران حيث قال المحلل "هذا يضع السعودية ودول الخليج في موقف سيئ للغاية فهي لا يمكنها ان تكون مؤيدة لاسرائيل سياسيا ولا يمكنها ان تقبل امتلاك إيران سلاحا نوويا".
        ويقول ديفيد اغناطيوس من صحيفة "واشنطن بوست"، ان "الشيء الغريب في ما لحق من ضرر بالعلاقات الأمريكية – السعودية هو أن هذا الضرر كان قد بدأ قبل أكثر من سنتين، ولم تفعل الرياض أو واشنطن أي شيء حاسم لتجنبه".
        بيد أن هذا الصراع اتخذ بُعداً دراماتيكياً الأسبوع الماضي عندما رفضت المملكة العربية السعودية شغل مقعدها في مجلس الأمن الدولي، ووصف الأمير بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات السعودية، ذلك الرفض بأنه رسالة الولايات المتحدة، وليس للأمم المتحدة، طبقاً لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" مؤخراً.
        ثم أدلى الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق للاستخبارات، بدلوه في هذه القضية بالإعراب عن خيبة أمله الشديدة فيما يتعلق بمعالجة الحكومة الأمريكية للمشكلتين السورية والفلسطينية.
        غير أن ما يتعيّن أن يثير قلق إدارة أوباما هنا هو أن الغضب السعودي من السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط يحظى بتأييد أربعة حلفاء تقليديين لأمريكا في المنطقة هم: مصر، الأردن، الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. إذ يقول هؤلاء، ولو على نحو سري عادة، إن أوباما بدد النفوذ الأمريكي بالآتي: تخليه عن الرئيس حسني مبارك في مصر، مساندة الإخواني محمد مرسي، مناهضة الانقلاب الذي أطاح بهذا الأخير، تذبذب السياسة الأمريكية إزاء سوريا ثم الشروع الآن بمفاوضات مع إيران دون استشارة هؤلاء الحلفاء.
        العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان قد أعرب خلال محادثات في الرياض مع نظيره الأردني و الشيخ محمد بن زايد ولي عهد الإمارات، عن خيبة أمله من السياسة الأمريكية في المنطقة، مؤكداً وفقاً لمسؤول عربي مطّلع، ان السعودية باتت مقتنعة بأنها لم تعد تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة.
        لكن من الواضح ان الغضب السعودي هذا أثار بدوره شعوراً بالإحباط لدى البيت الأبيض،فعندما كان وزير الخارجية الأمريكية جون كيري في المنطقة قبل بضعة أسابيع، طلب زيارة الأمير بندر لكن قيل له إن الأمير في طريقه للسفر الى الخارج وإن بمقدور كيري الالتقاء به في المطار ما أزعج المسؤولين الأمريكيين.
        لكن إذا كانت السعودية تريد أن تكون محل اهتمام واشنطن، إلا أن ما يثير الاستغراب هو عدم قدرة البيت الأبيض في تقديم التطمينات المطلوبة خلال السنتين الماضيتين.
        يقول اغناطيوس "المشكلة كانت واضحة منذ خريف عام 2011 عندما قال لي أحد المسؤولين السعوديين في الرياض إنهم باتوا يعتبرون الولايات المتحدة بلداً لا يمكن الركون إليه، وانهم سيبحثون عن بلد آخر لتأمين أمنهم".
        وكان رد فعل الرئيس أوباما على ذلك غاضباً كما ذكرت التقارير لأن السعوديين لم يعترفوا على حد قوله بكل ما فعلته الولايات المتحدة لمساعدتهم أمنياً من وراء الكواليس.
        ويرى اغناطيوس " مثل هذه السياسات مثيرة للقلق، لكن ما عمّق شعور السعوديين بالغضب هو إحساسهم ليس فقط بتجاهل واشنطن بل وخيانتها لهم ومن المفيد الإشارة هنا الى أن وقع مثل هذا الإحساس في مجتمعات دول الخليج يكون عادة سيئاً جداً ودائماً".
        المسلة " تستقصي آراء قرائها حول مديات الخلاف بين واشنطن والرياض وهل ستؤدي المخاطر المشتركة التي يواجهها البلدان الى تبديد التباينات القائمة بينهما؟.

        تعليق


        • #5
          اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين

          تعليق


          • #6
            السعودية : ما حقيقة "الشقاق" بين الرياض وواشنطن؟
            متابعات _ | 26-10-2013


            تواصلت ردات الفعل الغربية على قرار المملكة العربية السعودية بعدم قبول عضوية مجلس الأمن، وما تلاها من تصريحات للأمير بندر بن سلطان حول العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية.

            أفردت صحيفتان بريطانيتان بارزتان يوم الخميس مساحات واسعة في محاولة منهما لتفسير أسباب الخلاف بين الحليفين الاستراتيجيين السعودية والولايات المتحدة.

            وفي تحقيق نشرته صحيفة (إندبندنت) على صفحة كاملة تتصدرها صور الرئيس السوري بشار الأسد والمرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، والأمير بندر بن سلطان رئيس جهاز الاستخبارات السعودي، اجتهد روبرت فيسك في تفسير أسباب الخلاف بين السعودية والولايات المتحدة.

            وقال فيسك في تحقيقه بعنوان"المملكة العربية السعودية وأميركا: حقيقة الشقاق"، إن رفض السعودية غير المسبوق لمقعد مجلس الأمن لا يتصل فقط بسوريا ولكنه رد على التهديد الإيراني". وربط التحقيق بين هذا الموقف والصراع الشيعي السني، قائلاً إن "الخلاف بين الإسلامي السني والشيعي له تداعيات عالمية".

            وكان رئيس المخابرات السعودية الامير بندر بن سلطان آل سعود، أعلن لدبلوماسيين أوروبيين أن الرياض ستقلص تعاونها مع الولايات المتحدة، من أجل تسليح وتدريب معارضين سوريين، حسب صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية.

            مجلس الأمن

            وقال فيسك إن موقف السعودية من مجلس الأمن يعبر عن الخوف من استجابة الرئيس الأميركي باراك أوباما لمبادرات إيران الرامية إلى تحسين العلاقات مع الغرب.

            ويعتقد الكاتب أن تغيير النظام في سوريا وعدم تمكين إيران من امتلاك سلاح نووي سوف يعززان نفوذ السعودية. ويقول" إصرار كيري على ضرورة تخلي الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه عن السلطة يعني أن حكومة سنية سوف تنصب في سوريا.

            ويرى فيسك أن رغبة كيري هي في نزع سلاح إيران، رغم أن تهديدها غير واضح، ما سوف يؤكد أن القوة العسكرية السنية (السعودية) سوف تهيمن على الشرق الأوسط من الحدود الأفغانية إلى البحر المتوسط".

            الفجوة المتسعة

            وفي الموضوع نفسه، تتحدث صحيفة (ديلي تلغراف) في أحد مقالاتها الافتتاحية عن "الفجوة المتسعة" بين السعودية والغرب. وتشير الصحيفة إلى أن المبدأ الوحيد الذي حكم دبلوماسية السعودية خلال تحالفها الطويل مع الغرب هو الإبقاء بشكل صارم على أي خلافات خلف الأبواب المغلقة".

            ولذا فإن الصحيفة تصف الخلافات السعودية الأميركية، التي ظهرت خلال الأيام الأخيرة بشأن سوريا، بما يشمل التقليص الذي تم التلويح به في التعاون السعودي مع الاستخبارات الأميركية، والتعهد السعودي بالبحث عن مصدر بديل للسلاح الأميركي، تصفها بأنها "غير مسبوقة وبالغة الأهمية".

            وتعبر ديلي تلغراف عن اعتقادها بأن "كثيرين سوف يرحبون بأن إدارة الرئيس باراك أوباما أغضبت بيت آل سعود بالرغم من بوادر التأكيد على الصداقة الدائمة التي أبداها وزير الخارجية جون كيري". وقالت الصحيفة: فالثروة والأهمية الاستراتيجية للسعودية جلبت للمملكة الحصانة من النقد الموجه لسجلها في تغذية التطرف الإسلامي وحرمان المرأة من حقوقها.

            وتعتقد الصحيفة بأن قدرًا ما من التباعد بين السعودية والولايات المتحدة أمر طبيعي بالتأكيد في ظل تراجع اعتماد الولايات المتحدة على نفط الشرق الأوسط ووجود أوباما في البيت الأبيض. وتخلص ديلي تلغراف إلى القول إن هذا التحالف (الأميركي السعودي) يقوم دائمًا وبغض النظر عن أي شيء على المصالح، وليس على أي قرابة من نوع آخر.

            تعليق


            • #7
              هل يعمّم الأميركيون «التغيير القطري» في الخليج؟
              داود رمال
              هناك من يهمس في العاصمة السعودية، بأن التعامل مع الأميركيين «على الطريقة الايرانية» مربح جدا. لذلك، فليأخذ الخلاف الاميركي ـ السعودي مداه.
              يطرح هذا الخلاف أسئلة حول امكان تخلي كلا الطرفين عن هذا التحالف، وهل تستطيع المملكة أن تذهب «الى النهاية» وماذا اذا قرر الأميركيون تدفيعها ثمن «بعض الخيارات الخاطئة».
              في هذا السياق، يتحدث تقرير ديبلوماسي مصدره واشنطن، عن أسباب غير معلنة للخلاف بين القيادتين السعودية والأميركية، «صحيح أن السعوديين غاضبون لقرار ادارة أوباما الانفتاح على الايرانيين وقبلها بسبب عدم مضيها في خيار الضربة العسكرية للنظام السوري، لكن التوتر السعودي غير المسبوق من سياسة واشنطن، يبدو أنه متصل باعتبارات داخلية سعودية.
              يشير التقرير الى أن ما دفع السعوديين الى هذا المستوى من التوتر، «هو القرار الاميركي بإحداث تغيير هادئ في هيكلية النظام السعودي، مخافة أن يؤدي أي تطور مستقبلي الى اندلاع الصراع بين الأجنحة المتربصة ببعضها البعض».
              من الواضح أنه بعدما ابعد الأميركيون امير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، ورئيس وزرائه حمد بن جاسم عن الحكم، «طلبوا من السعوديين اجراء تغيير في هيكلية الحكم مقدمة لوضع دستور جديد في السعودية (لا دستور لها حتى الآن)، وطلبوا البدء بتحديث نظامهم، وإطلاق الحريات العامة وخاصة للنساء والافراج عن المعتقلين السياسيين، غير أنهم لم يلقوا آذانا صاغية، خاصة في ظل تزامن ذلك مع تعديل واشنطن طريقة تعاملها مع الملفين الايراني والسوري».
              ووفق التقرير نفسه، فإن السعوديين اعتقدوا ان اتخاذ مواقف تصعيدية مثل عدم القاء كلمة السعودية في اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ورفض العضوية غير الدائمة في مجلس الامن الدولي والتبني المفاجئ للقضية الفلسطينية ورفض انعقاد مؤتمر «جنيف 2» وعدم تحديد موعد لاستقبال الأخضر الابراهيمي يمكن ان يحرج الولايات المتحدة.
              ويشير التقرير الى ان القرار الاميركي المتخذ تجاه السعودية بدأت بوادره تتضح في افغانستان، عندما قدّمت السعودية مؤخرا مبلغ خمسمئة مليون دولار للحكومة الافغانية لإعادة بناء المدارس والجسم التربوي، فقام الاميركيون بالضغط على حكومة الرئيس الافغاني حامد كرزاي فحولت المبلغ لمصلحة تطوير البنى التحتية، الامر الذي رفضته السعودية كونها الجهة المتبرعة، فاصرّ الاميركيون على تحويل المبلغ الى البنى التحتية، وسأل السعوديون عن السبب، فكان الرد الاميركي الصاعق بأن «المناهج التي تدرسونها هي التي تخرّج الارهابيين في كل المنطقة».
              هل يعني ذلك تحولا جذريا في السياسة الخارجية الاميركية؟
              يقول مسؤول لبناني عاد من واشنطن مؤخرا، ان عضو مجلس الشيوخ الأميركي السابق السيناتور جورج جون ميتشل قال في احد الاجتماعات المتخصصة ان «الادارة الاميركية ابلغت الاوروبيين والعديد من حلفائها في الشرق الأوسط ومناطق أخرى انها تعيد النظر في سياساتها وتحالفاتها الخارجية، ربطا بمعطيات سياسية واقتصادية متحركة، أبرزها اكتشاف النفط الصخري الذي سيجعل الولايات المتحدة تتحكم بالسوق العالمي في العقود المقبلة».
              ويضيف ميتشل في معرض تقييم سياسة بلاده: لقد اخطأنا بقرار احتلال أفغانستان والعراق ودعم «الاخوان المسلمين» للوصول الى الحكم في العالم العربي، وشكّل التدخل في سوريا ذروة هذا الخطأ، ومن الآن وحتى العام 2050، ثمة خطر محدق بالعالم ككل وهو خطر الاصوليات المتطرّفة، ولكي نستطيع ابعاد هذا الخطر ومواجهته لا بد من جهد عالمي لا تستثنى منه روسيا والصين».
              ويستنتج زوار واشنطن أن السعوديين يبحثون عن كل ساحة يستطيعون من خلالها ممارسة لعبة تحسين أوراقهم في المنطقة ولذلك لن يهادنوا في لبنان، بل يمكن أن يزدادوا شراسة بدليل الغاء الرحلة الرئاسية اللبنانية ورفضهم أية صيغة من نوع حكومة الـ9+9+6 واصرارهم على مقاطعة الحوار ورفضهم اعادة فتح أبواب مجلس النواب وصولا الى اعادة التصويب على سلاح «حزب الله» من بوابة مشاركته في معركة القلمون، لذلك، لن يكون مستغربا أن يتهم الحزب بأنه وراء تجدد المعارك في طرابلس… وبأنه المسؤول عن اعادة توتير أجواء صيدا وعين الحلوة والبقاع»!
              وتشير مصادر لبنانية الى أن الاهتمام الاستثنائي الذي أظهرته وسائل الاعلام التابعة لتيار «المستقبل» بمواقف رئيس جهاز المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل التي لوح فيها باندلاع الحرب الأهلية في لبنان «هو مؤشر خطير وغير مسبوق وغير مألوف بالنسبة الى هذه المؤسسات والقيمين عليها في الداخل والخارج».

              المصدر: السفير

              تعليق


              • #8

                المملكة تنتقم ... إلى أين تسير السياسة السعودية؟
                احمد فرحات ومحمد علوش
                لم تعد المملكة العربية السعودية كما كانت في السابق ، زعامتها للعالم الاسلامي أضعفتها جماعات وتيارات متنوعة، أوراق قوتها تتآكل تدريجياً، حتى باتت وحيدة تحارب بكل قوة للحفاظ على موقعها، الذي يواجه تحديات متعاظمة، قد لا تجد لها العائلة الحاكمة حلولاً جذرية، تعيد لبلاد نجد والأحساء وجبل شمر وعسير وتهامة والحجاز استقرارها وأمنها.
                السعودية اليوم بثنائيتها الوهابية والسعودية، تقارب ملفاتها بقليل من الدبلوماسية، بكثير من الإستقواء، فلا الامتناع عن القاء الكلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا رفض عضوية مجلس الأمن، أعادا للدبلوماسية السعودية تعقلها، حتى باتت محل تهكم دبلوماسيين تحدثوا لوكالات الأنباء بسخرية من القرارات الأخيرة للرياض على مستوى الاممي.
                الازمة السورية كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقول المثل العربي، فالتدخل في هذا البلد، لم يحقق النتائج التي كانت تسعى اليها المملكة.
                راهنت على سقوط الدولة السورية، وأعطت حلفاءها الضوء الأخضر للتحرك هناك، لكن الرياح عصفت، والأحوال تبدلت، وفشلت الأدوات في مهمتها، ودخلت السعودية بشكل مباشر.
                تصدي أمراء السعودية للملف السوري، حُدد بمهلة زمنية أميركية المصالح، تحدثت عنها تقارير إعلامية ودبلوماسية متنوعة ... حتى انقضى الوقت، وأثبتت تطورات الميدان تفوق الجيش السوري وتوحده، وتراجع الجماعات المسلحة وتشتتها، فيما لعبة الشطرنج الدولية، حاصرت الملك، وأبعدت عنه الأعوان.
                انتقام السعودية

                التقارب الايراني الاميركي خبر اتصال الرئيس الأميركي باراك أوباما بنظيره الإيراني الشيخ حسن روحاني أغضب السعوديين، والانفراجات على صعيد الملف النووي الإيراني زادت الرياض قلقاً من الأيام القادمة، وهنا لفت لموقع المنار المحلل السياسي فيصل عبد الساتر إلى أن الاستدارة في السياسة الأميركية شكَّل نقطة ازعاج كبيرة، ورفع من منسوب الخوف لدى القيادة السعودية، من ان ايران استطاعت ان تفرض نفسها كقوة أساسية في المنطقة، وأن كل السياسات طيلة الثلاثين سنة الماضية لم تستطع أن تلوي الذراع الإيرانية.
                وهنا مُنيت السياسة السعودية بصدمة على المستوى الاستراتيجي ، فهي التي ذهبت بعيداً طيلة العشر سنوات الأخيرة في التحريض على إيران، وبرأي فيصل عبد الساتر ، فان الرياض جعلت من ايران الدولة العدوة الوحيدة لدول الخليج، وأنَّ الإدارة الأميركية هي التي كانت تأمر بمثل هكذا خطاب، وكانت السعودية مؤتمنة على تنفيذ تلك السياسات.
                غير أن الرياض تدرك أنَّ تطورات الملف النوي الإيراني يحتاج إلى وقت طويل للتبلور بصيغته النهائية، فكان الميدان السوري مسرحاً لإبراز الذات، وللفت نظر الإدارة الأميركية إلى أخذ مصالح السعودية بعين الإعتبار، وهنا تريد الرياض مزيداً من الوقت لإحداث اختراق عسكري ما، فكان تأسيس جيش الإسلام بقيادة زهران علوش(رجل بندر بن سلطان في ريف دمشق، وآخر أوراقه)، وتسعى السعودية لهذه الغاية إلى تأخير انعقاد مؤتمر جنيف - 2 على الرغم من أنه لم يتم تحديد موعدا رسمياً له.
                تفجير في سورياوهنا اعتبر عبد الساتر أنَّ السعودية وبعد إزاحة قطر عن مسرح الاحداث السورية، مارست لغة الانتقام، وتمارس سياسة الأحقاد في سوريا، وتريد تحميل الولايات المتحدة مسؤولية الفشل. وقال عبد الساتر إن السعودية في الوقت الراهن تنتقم بقراراتها، أكثر من مجرد التعبير عن الاستياء أو الإمتعاض، وتعرف كغيرها أن الولايات المتحدة يمكن أن تتخلى في أي لحظة عن أي حليف.
                وتتحرك السعودية في مقاربتها للأزمة السورية من الإحباط الكبير الذي شعرت فيه بعدما تراجعت أميركا عن العدوان على سوريا، ودمَّر هذا الموقف كل الأحلام السعودية بإسقاط القيادة السورية، ما دفعها إلى الإمساك بزمام المبادرة لتحقيق ما كانت تصبو إليه بيدها، عبر دعم الجماعات المتشددة بشتى ألوانها، بهدف تسعير الحرب واشعالها، وهي تفشل بذلك التعهد الأميركي لروسيا بحل سياسي في جنيف، وإحضار المعارضة إلى هذا المؤتمر الدولي.
                ويشار هنا، إلى أن أميركا بحاجة إلى نسج خريطة جديدة لمصالحها العالمية في ظل أزماتها الداخلية المالية والإقتصادية، وتسعى إلى التعاون مع روسيا ومجموعة البريكس، لما تشكله من وزن فاعل ومؤثر على الصعيد الإقتصادي والمالي في العالم، وقد تتخلى عن السعودية في حال استمرت في معاندة الإرادة الأميركية، وهذا ما تدركه جيدا العائلة الحاكمة في الرياض.
                وسوريا ليست الملف الوحيد الذي وتر العلاقات وأزّمها، بل كانت الرافعة التي أظهرت التباين بين الطرفين، حيث كان الموقف الأميركي من الأحداث الأخيرة في مصر أحد أبرز النقاط التي وسعت الفجوة، نظراً للمعارضة الشديدة التى أبدتها السعودية من تولي الإخوان المسلمين الحكم هناك، ودعمها لحركة 30 يونيو، وحكومة عبد الفتاح السيسي، بالإضافة لإعلانها تعويض أي نقص قد يتسبب فيه قطع المعونة الأمريكية عن مصر.
                كما أن النفط كان هو الآخر سبباً في تعميق الخلاف، مع سعي الولايات المتحدة إلى الإنتاج والاعتماد على مصادر الطاقة الخاصة بها، وتقليل استيراد النفط ومشتقاته من الشرق الأوسط، بحسب تقارير إعلامية أجنبية.


                هل تصل العلاقات الأميركية - السعودية إلى مرحلة القطيعة؟

                المحلل السياسي فيصل عبد الساترالتوترات السائدة في العلاقات الأميركية - السعودية، وما يُتخذ من مواقف يبدو للوهلة الأولى وكأنه صراع، وأن السعودية لم تعد الوكيل الحصري لتنفيذ السياسة الأميركية بحسب عبد الساتر، ولفت إلى أن الحديث عن افتراق بين الحليفين ليس أمراً دقيقاً إلى هذا المستوى، غير أن جملة من المؤشرات خصوصاً ما نقل عن الأمير بندر بن سلطان بأن المملكة ستحد من التعامل مع الولايات المتحدة الأميركية، تطرح العديد من التساؤلات حول مدى جدوى علاقة التحالف المميزة بين الجانبين بالنسبة إلى واشنطن.
                ورأى عبد الساتر أنَّ تصريح بندر يؤشر أيضاً على أنَّ الامور في السعودية لم تعد تحت السيطرة على المستوى المركزي، ولم يعد هناك وحدة على مستوى القرار، وأن صراع الأجنحة يتجلى بشكل واضح، وطرح العديد من التساؤلات، "هل هناك انقلاب ما بدأ يجهز في السعودية على اعتبار أن العلاقة تحتدم بين بندر بن سلطان وباقي أفراد العائلة الحاكمة ؟"
                القيادة في السعودية باتت هرمة، وأعين الكثير من ما يسمى بـ "الجيل الثاني" في آل سعود على السلطة، والكل يتحضر للإنقضاض على السلطة، والخلاف بنظر عبد الساتر بين الجيل الأول والثاني بدأ يكبر، لأن منافع السلطة في المملكة الغنية كبيرة، لدرجة أن لا أحد مستعد لان يزهد فيها، وهذا بدوره يدفع بالقيادة الحالية إلى تبني سياسة متشددة تفتقر إلى الدبلوماسية في بعض الأحيان.
                وليس من الواضح إلى أين تتجه السياسة السعودية في ظل متغيرات دولية وإقليمية عديدة، باتت فيها المملكة مجرد طرف، بعدما كانت قوة فاعلة جدا، وتمر من أروقتها معظم السياسيات الغربية الخاصة بالمنطقة، قد تم تجاهلتها مؤخراً في جملة من الأحداث، جعلت من السعودية متفرجاً ، وليس صانعاً أو حتى مؤثرا في هذه الاحداث.

                المصدر : المنار

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة الكرار حيدر 99
                  اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين
                  امين رب العالمين ......لابد من ان يدفع الظالم نتائج افعال
                  حفظ الله الموالين والحمد لله رب العالمين

                  تعليق


                  • #10
                    الملك السعودي في حالة صحية حرجة

                    نضال حمادة

                    الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز آل سعود يصارع الموت، هذه فحوى رسائل دبلوماسية تلقتها دوائر القرار في الغرب نهاية الأسبوع الماضي حول حقيقة الوضع الصحي للملك السعودي.

                    وتحمل البرقيات الدبلوماسية للمسؤولين في الغرب ما أسمته أمراً صدر من الجهات العليا في العائلة السعودية الحاكمة تدعو فيها جميع الأمراء وأفراد العائلة الحاكمة لإلغاء أي سفر للخارج إلا في حالة الضرورة القصوى والبقاء داخل المملكة تحسبا لأي جديد طارئ .

                    وتورد البرقيات عينها أنَّ الوحيد الذي يزور الملك عبدالله في مكان تواجده هو وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله ، حيث منعت الزيارة عن الملك منذ أكثر من عشرين يوما باستثناء ابنه متعب.

                    وتشير البرقيات أيضا الى أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية الغيت كل الكلمات التي كان من المفترض أن يلقيها الملك عبدالله في المرة الاولى في شهر آب/اغسطس الماضي والمرة الثانية في منتصف شهر ايلول/سبتمبر الماضي والمرة الثالثة في بداية شهر تشرين أول/اكتوبر الحالي .

                    ويطرح غياب الملك عبدالله بن عبد العزيز في هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها المنطقة والدولة السعودية أزمة كبرى بين أطراف العائلة الحاكمة الذين بدؤوا بعد التغيير القطري العمل على تثبيت حصص الحكم بين جيل الأحفاد من أولاد عبد العزيز آل سعود ليكون ولي العهد الحالي الامير سلمان بن عبد العزيز الملك المقبل في ظل مشاكل ثلاث اساس:

                    1 – ان سلمان ليس لديه سلطة ونفوذ على الاجهزة العسكرية والأمنية
                    2 – عودة ال سلطان الى الواجهة في وزارة الدفاع عبر سلمان بن سلطان وفي الملف السوري عبر بندر
                    3 – صعوبة تعيين ولي للعهد وإقناع الاطراف كافة به خصوصا بعدما فرض عبدالله نايف ومن بعده سلمان في مركز ولاية العهد .

                    وتأتمر القوى العسكرية الثلاث في المملكة بأوامر منافسي سلمان وأولاده ، وهذا ما يحمل مخاطر صراع في حال موت الملك عبدالله ووصول سلمان الى الملك ، فبينما يأتمر الحرس الوطني بأمر متعب بن عبدالله الذي اصبح برتبة وزير مثل باقي عمومته الأحياء ، تأتمر قوات وزارة الداخلية وهي جيش بكامل عتاده بأمر محمد بن نايف بن عبد العزيز الذي يتولى منصب وزير الداخلية وعبد الرحمن الذي عينه عبدالله اميرا للمنطقة الشرقية مكان محمد بن فهد ، ويتصارع محمد بن سلمان مع سلمان بن سلطان على السيطرة على الجيش السعودي بعد أن عزل الملك عبدالله خالد بن سلطان عن منصب نائب وزير الدفاع، في 30 نيسان/ابريل الماضي اثر عقده صفقة سلاح مع الصين دون الرجوع الى وزير الدفاع سلمان الذي عين ابنه محمد مستشارا له ، فبدأ بسحب صلاحيات خالد بالتدريج عبر قرار صدر عن مكتب وزير الدفاع يأمر بالعودة لمكتب الوزير في كل ما يتعلق بشؤون الجيش والوزارة.

                    وكان موقع المنار قد نشر تفاصيل هذه المشاكل على مرحلتين في موقف الجمعة بتاريخ 5 تموز/يوليو ، وموقف الجمعة بتاريخ 20 تموز/يوليو الماضي.

                    وقد أثر التغير في الموقف الأمريكي ، والاتفاق الأمريكي- الروسي حول سوريا على وضع العائلة الحاكمة، فاضطر عبدالله لإعادة التواصل مع آل سلطان بسبب علاقتهم الوطيدة مع المحافظين الجدد في امريكا ، وعيَّن سلمان بن سلطان في منصب نائب وزير الدفاع ، وهذا أعاد الصراع الخفي بينهم وبين اولاد سلمان على الجيش، كما أعاد بندر بن سلطان الى الواجهة عبر تسليمه الملف السوري ، وإدارة أمر المعارضة السورية المسلحة في الداخل والسياسية في الخارج.

                    وتعول العائلة السعودية الحاكمة على مجموعات من المحافظين الجدد في محيط وزير الخارجية (جون كيري) في افشال مساعي اوباما للإتفاق مع بوتين حول الموضوع السوري فضلا عن التواصل الذي حصل بين أمريكا وايران في الأمم المتحدة.

                    تشعر العائلة السعودية الحاكمة بخطر وجودي ، ويدعو امراؤها علناً لتوجيه ضربات عسكرية الى سوريا تؤدي لإسقاط النظام فيها ، كما تستمر العائلة السعودية بدعوة الغرب لضرب البرنامج النووي الايراني.

                    وكانت تقارير اعلامية غربية أكدت هذا الاسبوع ما نشره موقع المنار في موقف الجمعة بتاريخ 10 تشرين الحالي عن كلام سعودي لتخفيف العلاقة مع واشنطن وكلام آخر بشان البحرين.


                    المنار

                    تعليق


                    • #11
                      السعودية تسير على طريــق الانهيار: إهدار مال قارون
                      عامر محسن
                      إهدار مال قارون عامر محسن'; لو أنّ بارينغتون مور أو تلميذه، حنّا بطاطو، كانا معنا اليوم ونظرا في وضع المملكة العربية السعودية، فإنّي واثقٌ من أنّهما كانا سيخرجان بالخلاصة نفسها التي سأعرضها في هذا المقال: أن المجتمع السّعودي يسير، حثيثاً، نحو أزمةٍ خطيرة، وأنّ النّظام الحالي – ببنيته القائمة – لن يكون قادراً على مواجهتها واستيعابها. أكثر من ذلك، إنّ مور وبطاطو كانا سيشيران إلى مجموعة سكانيّة محدّدة، يراوح حجمها بين عشرة ملايين وخمسة عشر مليون مواطن، ستشكّل «الكتلة الحرجة» بالنسبة إلى النظام، الذي سيعجز قريباً عن تلبية حاجاتها، ومواكبة نموّها، وحمايتها من مختلف أشكال الضغوط والمخاطر. ضعوا جانباً السياسة ونظام الحكم وآلية التوريث غير العقلانيّة، انسوا السياسات الطائفية في الداخل وسياسة استعداء كلّ الشعوب المحيطة، إنّ الخطر الحقيقي الذي يحدق بالسعودية مصدره الاقتصاد واهتزاز السلم الاجتماعي. هذه الحجّة، من حيث المبدأ، تتحدى المنطق؛ فمن المفترض أن يكون الاقتصاد والرفاه آخر هموم السعودية، التي تنتج أكثر من عشرة ملايين برميل من النفط يوميّاً، تساوي قيمتها السنوية ما يقارب 400 مليار دولار بالأسعار الحاليّة. غير أنّ الاقتصاد الكلّي تحكمه قوانين ومعايير لا يمكن النّفاذ منها أو تجاهلها، مثل أنّه لا غنى عن التنمية الحقيقية والاستثمار في الثروة البشرية، وأنك تدفع في النهاية - دائماً - فاتورة التخطيط غير السليم، وأنّ صنبور الهدر – إذا ما فُتح وتُرك على غاربه – سيتّسع بلا حدود، وأنّ الابن الفاسد المسرف قادرٌ على تبديد ثروة والده مهما عظمت... كلّ هذه «القوانين» ستختبرها السعوديّة بقسوة في المرحلة المقبلة. سأكتفي في هذا المقال بعرضٍ مختصر لتحدّيين يواجهان المملكة (كلّ منهما كفيلٌ بتركيع إمبراطورية)، هما مشكلة سوق العمل ومشكلة قطاع الطاقة، من أجل تبيان كيف أن عوامل الهدر والنمو السكاني وسوء الإدارة والتخطيط تتضافر اليوم لتحرم قسماً كبيراً من المجتمع السعودي حالةَ الاستقرار النسبي والاطمئنان الذي عرفه جيل آبائه، ولتضع النظام الملكي – والطبقة الثرية التي تستفيد فعليّاً من النظام القائم – أمام تحدّيات ومشاكل لن تكون قادرة على مواجهتها، كما فعلت في الماضي، عبر طمرها بالمال. السعودية لا تعمل الرقم السحري هنا هو «ثمانون بالمئة»: أكثر من ثمانين في المئة من العاملين في القطاع الخاص في السعودية هم أجانب (1). بمعنى آخر، كلّ من يضع حجراً على حجر أو يحرّك شيئاً في هذا البلد هو ليس من أبنائها. هذا النظام الغريب قد يكون جائزاً وقابلاً للاستمرار في دولٍ تمتلك ثروات نفطية هائلة ولا يزيد عدد سكانها على مئات الآلاف، أو في روما الإمبراطورية مثلاً، ولكنّه لا يعود عقلانياً في بلدٍ كبير، صار تعداد مواطنيه يزيد على عشرين مليوناً، إذا لم يكونوا هم من يشغّل القطاعات الإنتاجية والوظائف الحيويّة في بلدهم، يصيرون «فائضاً»، يستهلك ولا ينتج، بالمعنى الاقتصادي والتنموي. ما دام الأجانب يشغلون أغلب الوظائف، والسعوديّون ليسوا كلّهم أمراء ومديرين وأصحاب وكالات، فماذا يعمل المواطنون «العاديّون» في البلد؟ ببساطة: توظّفهم الدولة. وكلّما ازداد عدد السكان، يزداد طردياً عدد الموظفين، حتّى صار عدد العاملين في الجهاز الحكومي السعودي (أقلّ بقليلٍ من مليوني موظّف) يناهز عدد موظّفي الحكومة الفدرالية الأميركيّة - إذا ما استثنينا أفراد الجيش الأميركي وموظّفي وزارة الدفاع. حسب الإحصاءات الرسمية السعودية لعام 2013، يتكوّن سوق العمل السعودي ممّا يقارب خمسة ملايين مواطن بين عاملٍ ومتعطّل (وهنا تبدأ المشكلة؛ ففي السعودية أكثر من 11 مليون مواطن ومواطنة فوق سن الـ15 وهم قادرون على العمل، غير أنّ أكثر من نصفهم لا يدخل في سوق العمل والإنتاج من الأساس، إمّا لأنهم نساء، أو لأنهم قد يئسوا من إيجاد وظيفةٍ مناسبة). ومن بين هذه الملايين الخمسة، توظّف الدولة نحو 1.7 مليون مواطن في الإدارات الحكومية والجيش. هناك أيضاً أكثر من مليون سعودي يعملون في حقل التعليم (أي إن الدولة هي التي تدفع رواتبهم) ونحو 300 ألف مواطن يشتغلون في القطاع الصحي. المقصد واضح: الغالبية العظمى من السعوديين تعمل لدى الدولة أو تدفع لهم الدولة أجرهم، والوظيفة العامّة تستعمل كنوع من «الدعم الاجتماعي» لتوفير مصدرٍ عيش للملايين من المواطنين الذين لا مكان لهم في السوق الحرّة. النتيجة أيضاً واضحة: وصل حجم ميزانية الحكومة السعودية في العام الجاري إلى 220 مليار دولار، بعد أن كانت أقلّ من سبعين مليارٍ عام 2003، وهو مبلغٌ يقترب بشكلٍ خطير من مجمل عائدات تصدير النفط (وهذا في أعوام الطفرة). أي إنّ الحكومة السعودية صارت «تحتاج» لأن تصدّر ثمانية ملايين برميل نفط يوميّاً، و«تحتاج» لأن يكون سعر النّفط فوق المئة دولار للبرميل، حتّى تتمكّن من دفع رواتب موظّفيها وتسيير أمورها. ماذا سيحصل إذا انخفض سعر البترول أو بدأ الإنتاج السعودي بالهبوط؟ كيف ستوظّف الحكومة – وهي تقترب من حدود قدراتها المالية – الملايين المتزايدة من السعوديين الذين سيدخلون سوق العمل في الأعوام القادمة (والسعودية تملك إحدى أعلى نسب النمو الديموغرافي في العالم)؟ حين كان عدد سكان السعودية أقل من ثلاثة ملايين مواطن (في الستينيات مثلاً) كان يكفي أن يوزّع الملك العطاءات على مشايخ القبائل والزعماء حتى «يتسرّب» المال والمنح والأراضي إلى غالبيّة قطاعات الشعب. أمّا مع كتلة سكّانية كبيرة، فلا غنى عن إدارة كفوءة واقتصاد متنوّع ونظام تعليمي متطوّر. لم يعد الكلام على «حداثة الثروة» في المملكة وعلى «المرحلة الانتقالية» جائزاً؛ فقد مرّت أكثر من ثلاثة أجيال على ظهور النفط في البلد وتمدّن الغالبية الساحقة من السعوديين. كان بإمكان كلّ السعوديين الشباب أن يكونوا اليوم من متخرّجي «هارفرد» (أو ما يعادلها) لو أنهم رغبوا في ذلك وسعوا في هذا الاتّجاه. ومن المفترض، في ظلّ نظام الرّفاه الاجتماعي القائم منذ السبعينيّات، أن يكون جميع السّعوديين اليوم متعلّمين تعليماً متقدّماً وقادرين على العمل وإنتاج القيمة في العالم الحديث. لكنّ الحكومة كان لها رأي آخر. القطاع الوحيد الذي طاولته «السعودة» بنحو حقيقيّ في البلد كان القطاع التعليميّ، وهو – للمفارقة – المجال الوحيد الذي يستحق أن تُهمل في سبيله هذه الاعتبارات. كان تحويل التعليم الأساسي في السعودية إلى قناةٍ إضافيّة لتوزيع الوظائف على المواطنين وتشغيل حملة الشهادات (بغض النظر عن مستواهم)، واحداً من الأسباب العديدة التي أوجدت نظاماً مدرسياً ينتج، سنوياً، مئات الآلاف من المتخرّجين الماهرين في اللغة العربية وفي تجويد القرآن، وليس في أيّ شيء آخر. سياسة الطاقة كمثال على الهدر المنفلت حين سألت صديقي، الذي علّم ردحاً في السعوديّة، أن يعطيني مثلاً عن أسلوب الحياة في المملكة، أخبرني أنّ تلاميذه (وهم كانوا في غالبيتهم من عائلات غير ميسورة ويشغلون وظائف في أسفل السلّم البيروقراطي)، حين كانوا يرغبون في القيام بـ«نزهة»، كانوا يقودون سيّاراتهم في موكبٍ كبير من الرياض إلى جدّة، لما يقارب سبع ساعات متواصلة، حتّى يأكلوا الدجاج في مطعمٍ يحبّونه ولا فروع له في «نجد»، ثمّ يقودون المسافة نفسها قافلين إلى العاصمة. هل تعرفون كم كلّفت هذه الرحلة الحكومة السعودية؟ أكثر من خمسمئة دولار، هي قيمة الوقود الذي استلزمته «النزهة»، لكنّ محبّي الدجاج المقلي لا يعرفون هذا، لأن الوقود يوزّع – فعليّاً – بالمجّان في المملكة، وهو ما يسمح بنشوء مثل هذه العادات والهوايات من الأساس. النفط الذي تستخرجه الدولة من أرضها ثم توزّعه على مواطنيها بسعرٍ أقل من السعر العالمي لا يشكّل خسارة «نظريّة» للماليّة العامّة، بل هو عبارة عن كلفة ماليّة مباشرة، كأنك توزّع المال على النّاس. فالنفط هو مالٌ سائل، يكفي أن توجّهه الحكومة إلى مرافئ التصدير بدلاً من سوق الاستهلاك الداخلي حتّى يتحوّل إلى رصيدٍ ماليّ. الفرق في القيمة كان مقبولاً حين كان سعر النّفط العالمي زهيداً في التسعينيّات، أما اليوم، فإنّ المملكة تتكلّف أكثر من مئة مليار دولار سنويّاً حتّى تروي سوقها بالوقود الرخيص. المشكلة ليست في مستوى الاستهلاك الحالي فحسب، بل في نوعيّة هذا الاستهلاك وفي وتيرة نموّه، وهي تراوح بين 5 و8 بالمئة سنويّاً، أي إن ما يقارب مئتي ألف برميل (الإنتاج اليومي لحقل نفطي ضخم بالمقاييس العالمية) تُحسم سنويّاً من الصّادرات وتُضاف إلى فاتورة الاستهلاك. هذا ما دفع مجلّات اقتصاديّة غربيّة عدّة إلى نشر توقّعاتٍ تنذر بأن السعودية قد لا يكفيها كلّ إنتاجها النّفطي خلال أقل من عقدين، ولن يبقى لديها أيّ نفطٍ للتصدير، إذا ما استمرّ نموّ الاستهلاك على الوتيرة الحالية، وبدأ إنتاج النفط السعودي بالانخفاض. هذا ما يُوصل إليه نظام اقتصاديّ قائمٌ على الاستيراد والاستهلاك: لا توجد ضرائب على الاستيراد تقريباً، لذا فانّ السيارات رخيصة. ولأن المواطن لا يدفع السعر الحقيقي للوقود، فهو لا يملك أيّ حافزٍ لأن يعزف عن اقتناء السيارات، أو حتّى لأن يختار سيّارةً اقتصاديّة. لكلّ هذه الأسباب، تُحرق السعودية كلّ يومٍ أكثر من ثلاثة ملايين برميل من النّفط، لا تُترجم إنتاجاً وصناعات ودخلاً، بل في جعل قيادة السيارات لساعاتٍ - بلا هدف - وسيلةً من وسائل «تضييع الوقت» لدى الشباب السعودي الضجر. حتّى نضع الأمور في إطار مقارن، عدد سكّان إيران يزيد أكثر بثلاث مرّات على عدد سكّان السعودية، وإيران تُعَدّ دولةً مسرفة في استعمال المشتقات النفطية، والجميع يملكون سيارات ولديهم معدّل استهلاك مرتفع نسبيّاً. السعودية تحتاج إلى ضعف كمية النفط التي يستهلكها السوق الداخلي الإيراني، أو ما يزيد على استهلاك دولٍ صناعيّة كبرى مثل ألمانيا وروسيا وفرنسا والبرازيل. الحكومات في أوروبا الغربية واليابان، رغم ثراء بلادها وحجم الاقتصاد والإنتاج فيها، تقيّد مواطنيها بإجراءات شبه عقابيّة حتى تجبرهم على الاقتصاد والترشيد، إلى درجة البخل، وخاصّة في مجال الموارد العامّة والاستهلاك الذي لا ينفع الاقتصاد المحلي ولا يحفّز الاستثمار. في النروج مثلاً، وهي من أغنى دول العالم ومن أكبر منتجي النفط في أوروبا، نجد أسعار وقودٍ للمستهلك هي من الأعلى عالميّاً، وضرائب هائلة على الدخل والاستهلاك الفردي. الوضع في السعودية معاكس؛ فالعقد الاجتماعي بين الدولة والشعب يقوم على انعدام الضريبة وتوفير الخدمات المجانية، ولو رفعت الحكومة الدعم عن الوقود، أو عن أسعار الكهرباء، أو بدأت بفرض ضرائب حقيقيّة على الاستهلاك والدخل، فلن تعود الغالبيّة السعودية «غير المحظوظة»، وهي مؤلفة أساساً من موظّفين وعسكريين يقلّ راتبهم الشهري عن 1500 دولار، قادرة على تلبية أدنى متطلّبات العيش وعلى احتمال الغلاء والتضخم. لعنة الريع هناك في السعودية نسبة معتبرة من السكان، يراوح عدد أفرادها بين ثلاثة ملايين وخمسة ملايين مواطن، يعيشون حياةً مريحةً جدّاً (الأسرة المالكة وبطانتها وشركاؤها، الطبقة المالية، التجار الأثرياء، الموظّفون الكبار، ...إلخ). لكنّنا هنا لا نتحدّث عن هؤلاء الذين، في الحقيقة، تحسّن وضعهم كثيراً في عقد الطّفرة الأخير وتضخّمت ثرواتهم كثيراً. نحن نتحدّث عن شابٍّ سعوديّ افتراضيّ، يمثّل غالبيّة الجيل الصّاعد، حصّل تعليماً ثانويّاً وهو يعيش في منزل العائلة الّذي بناه الوالد على قطعة أرض منحتها له الدّولة في السبعينيات. الوالد تمكّن من بناء منزل ومن تربية عائلة رغم راتبه المتواضع، بسبب منح الدّولة والرخص النسبي لمستلزمات الحياة في العقود الماضية. غير أنّ الشّاب لن يحصل، هو وأخوته الثمانية والملايين من مجايليه، على أراضٍ مجانيّة كما حصل مع والده، وهو (إذا ما وفّق بوظيفة حكوميّة) سيصير مستأجراً كحال أكثر من 62% من السعوديين اليوم. للمقارنة، إنّ نسبة التمليك في الولايات المتّحدة، حيث «الرأسمالية الشرسة»، تقارب سبعين بالمئة، وهي ترتفع في الصين إلى أكثر من 90% من العائلات. من أبلغ الأمثلة على مجتمع الريع والمنح، وعلى الفوارق الطبقية الهائلة في المملكة أنّه، رغم تراكم الثروة والإنفاق الحكومي الهائل على مدى عقود، لا يزال أغلب الشعب لا يملك منزلاً. هذا الشاب السعودي وأخوته الكثر هم المشكلة التي تواجه النظام السعودي، وهم من سيفسد الحفلة على الفئة الباذخة، التي احتكرت خيرات النفط وصنعت لنفسها نمط حياةٍ أسطوريّ، بينما الغالبية لا تنال إلّا الفتات. النظريّة في الاقتصاد السياسي تقول إنّ الدولة الريعية التي تعتمد على موردٍ وحيد كالنّفط تجد نفسها، غالباً، أسيرة دائرة مفرغة، لأنّها في حالات الطفرة وارتفاع الأسعار تجد عائداتها قد تضخّمت وصار لديها فائضٌ كبير، فتوظّف الآلاف من أبناء الشعب وترفع الرواتب وتطلق المشاريع وتشتري السلاح وتنشئ البرامج الاجتماعية. المشكلة هي أنّ هذه النفقات بأغلبها ثابتة، لن تنخفض بانخفاض عائدات الحكومة، فتجد المالية نفسها في حالة عجزٍ ما إن تنخفض أسعار النفط وتنكمش العائدات. السعودية، منذ الستينيات، هي مثالٌ حيّ على هذه النظرية، والسلوك الإنفاقي في السنوات الأخيرة يدلّ على أنّ شيئاً لم يتغيّر في العقليّة، وأنّ الحكّام السعوديين ما زالوا يفترضون، مع كلّ طفرة نفطيّة، أن الأسعار المرتفعة ستظلّ كذلك إلى الأبد. المشكلة هي أنّه، حتّى لو ظلّت الأسعار مرتفعة، فإنّ الكتلة السكانية تكبر باطراد، وصناعة النفط ليست «صناعة نموّ»، فاحتياطاتك على الأرجح لن تزداد كثيراً، وكلّ حقول النفط تنتج إلى أمدٍ معيّن ثمّ تبدأ غزارتها بالانحسار، ويبذل حينها الجهد الحثيث (والمكلف) للحفاظ على معدّلات الإنتاج أو لتلطيف وتيرة النضوب. كلّ الدلائل تشير إلى أن حقول الإنتاج الرئيسيّة في البلد، وأكثرها ينتج بكثافة منذ ما يفوق أربعة عقود، تقترب من هذه المرحلة. خاتمة: ما كان يمكن أن يكون طبيعة الدخل النفطي تميل إلى تشكيل المجتمعات بطريقةٍ طبقيّة قاسية ومتشابهة، شهدناها في فنزويلا وإيران ونيجيريا وغيرها: قلّة من السكّان تعيش كالأميركيين، أي كالأميركيين الأثرياء، وتبني القصور وتتفنن في الاستهلاك المفرط وترسل أبناءها إلى جامعات الغرب، فيما تعيش الأغلبية في «العالم الثالث» - بالمعنى السيئ للكلمة. هذه التركيبة المجتمعيّة لم تتغيّر كثيراً في إيران بعد الثورة أو في فنزويلا التشافيزية، ولا ريب في أنّ هذه السّمة وآثارها في السياسة والثقافة والصراع الاجتماعي ستظلّ مرافقةً لمسيرة هذه الدول إلى أمدٍ بعيد. هذا النظام القائم على انعدام العدالة في استغلال الثروة لا يمكنه أن يستمرّ طويلاً إذا ترافق مع إفقار قطاعاتٍ واسعة من الشعب، فكيف إذا ما واجهت مالية الدولة أزمةً في الوقت نفسه؟ كما كتب الباحث كريستوفر دافيدسون في مقال نشرته - منذ أيام - «ذي نيويورك تايمز»، تمكّنت الحكومة السعودية من تغطية هذه التناقضات بالبترودولار إلى أمدٍ طويل، ولكن ساعة الحقيقة قد حانت. كان بإمكان الوضع أن يكون مختلفاً جداً اليوم؛ فمع ثروةٍ نفطيّة هائلة، وكتلة سكّانية معتبرة، واستقرار سياسيّ، كان للسعودية أن تصير مركز قوّة حقيقيّة في الوطن العربي، ومصدراً للثقافة والعلم والتشغيل لكلّ المنطقة، بدلاً من أن تسعى إلى شراء الثقافة والسياسة في المحيط، ولمنعهما في الداخل. لا تلوموا الشعب؛ فهو لم يخيّر. والغالبية العظمى من الشعب السعودي لا علاقة لها بالصورة النمطية السائدة عن «السائح الخليجي» في بلاد العرب والغرب. نحن، في المشرق والعراق، لسنا الضحايا الوحيدين لآل سعود ولنهجهم، وهناك دراساتٌ تأريخيّة جديّة تقدّر عدد من قُتل في حروب «توحيد الدولة» السعودية بأكثر من 400 ألف، أي ما يمثّل نسبةً كبيرة من أهل البلاد أيّامها. حتّى أوائل السبعينيّات، بحسب الأرشيفات الأميركيّة، لم تكن حكومة الولايات المتحدة مقتنعة بأن المملكة السعودية تمثّل حليفاً يمكن الاعتماد عليه، لا لنقصٍ في ولاء الحكام السعوديّين، بل لأنّ الإدارة الأميركيّة (خاصّة في عصر الثورات والانقلابات الجمهورية) كانت ترى أنّ النظام الملكي السعودي هو «خارج التاريخ» ولن يلبث أن يلحق بنظيريه في مصر والعراق، وأنّه لن يكون قادراً على مواجهة تحديات الحداثة بنظامه العائلي وإدارته البدائية وتزمّته الديني. غير أنّ الأميركيين تفاجأوا، منذ أيّام نيكسون، بأنّ النظام المهتزّ في المنطقة هو، في الحقيقة، نظام حليفهم الاستراتيجي، شاه إيران «المتنوّر» الذي كان يصرف من دون حساب ويشتري السلاح بالدين ويعوّل على عائدات مستقبليّة قد تأتي وقد لا تأتي. الكتاب المذهل، «ملوك النفط» لأندرو سكوت كوبر، يسرد كيف غيّر الرؤساء الأميركيّون اتجاههم منذ بداية السبعينيات، وقرّروا أن آل سعود قد يشكّلون حليفاً أضمن من الشاه المتهوّر الذي بدأ يغرق في نتائج سوء تخطيطه وإدارته وعجزه عن مواكبة احتياجات بلاده. من هذه الزاوية، فاجأ آل سعود الجميع بقدرتهم على البقاء والاستمرار وتوطيد حكمهم من غير تنازلات داخليّة أو إصلاح، بينما جثث أعدائهم تمرّ في النهر تحت ناظريهم. إلّا أنّ الوضع اليوم مختلف، وما جرى للشاه يمكن أن يجري لغيره، وأنت ـ في النهاية ـ لا يمكنك أن تخدع التاريخ إلى الأبد.
                      * كاتب عربي
                      هوامش:
                      (1) النسبة الفعليّة أكثر من ذلك وتقترب من تسعين في المئة، بحسب تعريف «القطاع الخاص». وقد صرّح وزير العمل السعودي، عادل بن محمد فقيه، أخيراً، بأن نسبة السعوديين في سوق العمل الخاص قد ارتفعت في السنوات الأخيرة إلى 13 بالمئة.

                      (الأخبار)

                      تعليق


                      • #12
                        الانتحار السعودي
                        بقلم تييري ميسان
                        البدیع - بعد أن خذلتها الولايات المتحدة في سورية، هل تقدم المملكة السعودية على الانتحار إذا تعذر عليها الانتصار؟
                        هذا ما يمكن استخلاصه من الأحداث التالية:
                        في 31 تموز 2013، قام الأمير بندر بن سلطان بزيارة إلى موسكو حيث استقبله الرئيس فلاديمير بوتين. على الرغم من قيام رئيس المخابرات السعودية بنشر نسخة من المقابلة لصالحه، إلا أن الروس ذكروا أنه هددهم، ومن ثم حاول رشوتهم.
                        في 30 أيلول، تم إدراج اسم الأمير سعود الفيصل على جدول أعمال النقاشات العامة للدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن، وبسبب غضبهم من عودة الدفء في العلاقات الأميركية- الإيرانية، انسحب وزير الخارجية السعودية دون تقديم اعتذار. وفي حمأة غضبه، رفض أيضاً أن يوزع خطابه المعد والمطبوع سلفا على باقي أعضاء الوفود.
                        في 11 تشرين أول، قام جيفري فيلتمان نائب الأمين العام للأمم المتحدة، والمسؤول السابق عن دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية باستقبال وفد لبناني، وجه بحضورهم نقداً لاذعاً للسياسة الخارجية السعودية القائمة على «الأحقاد»، العاجزة على التكيف مع العالم المتغير.
                        في 18 تشرين الأول، انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، المملكة السعودية عضواً غير دائم لمدة عامين في مجلس الأمن، تبدأ اعتباراً من 1 كانون ثاني 2014.
                        وفي حين رحب السفير عبد اللـه المعلمي بهذا النصر الذي يعكس «فعالية السياسة السعودية المتميزة بالاعتدال» (كذا)، أصدر الأمير سعود الفيصل بعد بضع ساعات بياناً صحفياً، بنكهة ناصرية، يتحدث عن عجز مجلس الأمن، وقرار المملكة رفض أخذ مقعد فيه.
                        في 21 تشرين الأول، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال قيام الأمير بندر بن سلطان، بدعوة جميع الدبلوماسيين الأوروبيين العاملين في الرياض إلى منزله، ليعلن لضيوفه المندهشين من هذه الدعوة، عزم المملكة على اتخاذ إجراءات عقابية بحق «أميركا»!.
                        وفي محاولة لاحتواء التردد الذي حدث بسبب هذا الإعلان إثر التعليقات المطمئنة الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية، أفاد الأمير تركي بن فيصل لوكالة رويترز أن تصريحات عدوه الشخصي بندر، تعبر عن موقف المملكة التي لن تراجع سياستها بهذا الخصوص. الأمر الذي يعني، ليس فقط، عدم وجود أي تصدع في السلطة بين الجناحين المتخاصمين ضمن العائلة الحاكمة، بل رؤية مشتركة بهذا الخصوص.
                        غير أن استمرار بقاء مملكة آل سعود صار على المحك منذ تعيين جون برينان على رأس وكالة الاستخبارات المركزية في شهر آذار 2013.
                        جون برينان، الذي كان يشغل نفس المنصب في السعودية، هو من أشد المعارضين لآليات العمل الاستخباراتي التي وضعها أسلافه مع الرياض.
                        تجدر الإشارة هنا إلى أن الجهاد العالمي، هو السبب الوحيد لاستمرار بقاء مملكة آل سعود.
                        لم تعد واشنطن تحتاج المملكة لتمدها بالنفط، أو أن ترافع في قضية السلام مع إسرائيل. الأمر الذي يفسر عودة مخطط المحافظين الجدد إلى البنتاغون الذي يدعو صراحة إلى «طرد آل سعود خارج شبه الجزيرة العربية»، حسبما جاء تحت عنوان في ملف بأوروبوينت تم عرضه في شهر تموز 2002 أمام أعضاء المجلس السياسي لوزارة الدفاع.
                        بلجوئها إلى المواجهة مع الولايات المتحدة، تكون عائلة سعود قد ضيقت الخيارات أمامها. إذ ليس من المعقول أن تقبل واشنطن على نفسها إملاءات حفنة من أثرياء الخليج لما يجب وما لا يجب عليها فعله في سورية أو إيران.

                        تعليق


                        • #13
                          هل تؤدي “التسوية” إلى تقسيم السعودية ؟
                          د. ليلى نقولا الرحباني


                          تتجه الأزمة السورية – ولو ببطء – للدخول في مسار التسوية المفترَض أن تظهر بشائرها بعد أن يرتّب الأميركيون وضع حلفائهم ووكلائهم من الأوروبيين والأتراك والسعوديين، والذي سينسحب بسرعة على المعارضة السورية التي ستذهب صاغرة إلى “جنيف-2″ حالما يأمرها ممولوها بذلك.

                          وهكذا، يبدو أن التفاهم الروسي – الأميركي الذي ظهرت تباشيره في ملف الكيمائي السوري سينسحب على ملفات عدّة ستظهر تباعاً، مما حدا بالمملكة العربية السعودية لأن تظهر حنقاً وحَرَداً غير مسبوقيْن في العلاقات السعودية – الأميركية، وجعلت العجائز السعوديين يتخلوْن عن تحفّظهم ودبلوماسيتهم المعهودة في التخاطب الإعلامي، وإطلاق المواقف في القضايا الإقليمية الراهنة، ومنع “الائتلاف السوري” من القبول بالذهاب إلى التسوية، ما دفع الأميركيين إلى التهديد بالاتكال على معارضة الداخل التي أعلنت منذ بداية المعارك بأنها مع الحل السلمي وتقاسم السلطة مع النظام.

                          ويبدو أن الأميركي الذي يتجه إلى الاستقلالية والاكتفاء الذاتي في النفط والغاز – كما يقول الخبراء الأميركيون – بات يدرس خياراته الاستراتيجية المستقبلية على ضوء هذا المعطى الجديد، والذي قد يكون أحد الأسباب الأساسية في تغيير الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أن تجارب العراق وأفغانستان المكلفة باتت نماذج تخشى الإدارة أن تكررها في سورية، مما يجعلها تدفع أثماناً مضاعفة في المستقبل، تفوق أي تنازلات اليوم قد تقدّمها من ضمن تسوية شاملة في المنطقة.

                          عاجلاً أم آجلاً ستظهر التسوية في سورية كتتويج لنضوج تسوية كبرى بين الأميركيين والروس، بعد أن يكون الأميركي قد اقتنع نهائياً بأنه لا مناص من أن يتقاسم النفوذ في منطقة الشرق الاوسط، وهو ما سينسحب على العديد من الملفات الاستراتيجية وعقود الإعمار والنفط وغيرها، مما يضيف خسائر إضافية إلى مجموعة الخاسرين في الميدان السوري، وتبدو مؤشرات التسوية الكبرى في معطيات عدّة، منها:

                          - الدخول الروسي الاستثماري في المنطقة، والذي بدأ يظهر في مجالي النفط والطاقة بشكل خاص. ففي مجال الطاقة النووية، على سبيل المثال، أعلنت الأردن عن اتفاق بين الحكومتيْن الأردنية والروسية لإنشاء أول محطة نووية في الأردن، ويشتمل على اختيار تكنولوجيا المفاعلات النووية الروسية، والمقدَّم من شركة “أتوم ستروي إكسبورت” كجهة مزودة للتكنولوجيا النووية، كما يشتمل على اختيار الشركة الروسية “روست أتوم أفرسيز” كشريك استراتيجي ومستثمر مشغّل للمحطة النووية الأردنية الأولى، علماً أن الأردن تُعدّ من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، ولم تكن الحكومة الأردنية لتوقّع مشروعاً كهذا مع الروس لو لم يكن الأميركي وافق على ذلك مسبقاً.

                          - نقاش سياسي وإعلامي وأكاديمي في الولايات المتحدة، يبحث في مدى جدوى استمرار معادلة “الأمن مقابل النفط” في الخليج، أي أن الولايات المتحدة الأميركية لن تعود ملزمة على تقديم الحماية للمشيخات الخليجية مقابل سيطرتها على النفط والغاز ومنابعه وأنابيبه بعد اكتشاف الـ«شايل» الأميركي.

                          - انتصار روسيا في تثبيت حكم بشار الأسد، عنى في ما عناه انتصارها في حرب أنابيب الغاز التي كانت ستهدد مصالحها الاقتصادية في أوروبا فيما لو انتصرت المعارضة السورية “الإخوانية” المدعومة من قطر، والتي كانت تخطط لإيصال الغاز القطري و”الإسرائيلي” إلى أوروبا عبر سورية. الخاسر في حرب الأنابيب هذه كانت “إسرائيل” الداخلة إلى الدول النفطية حديثاً، وأوروبا التي تعاني من أزمة اقتصادية هائلة، وحيث تبلغ أسعار الغاز فيها ثلاثة أضعاف ما هي عليه في الولايات المتحدة الأميركية، علماً أن كلفة الإنتاج الصناعي العالية جداً تجعل القدرة الأوروبية على المنافسة الصناعية في الأسواق العالمية صعبة جداً.

                          إذاً، دخل الروس معركة تثبيت الحكم السوري، وانتصارهم فيها من خلال تسوية كبرى سيضمن لهم مصالحهم الاقتصادية في الشرق الأوسط وأوروبا معاً.

                          وهكذا، وإن لم يستدرك نفسه، سيجد “الائتلاف السوري” نفسه خارج هذا الحراك الدولي المتَّجه إلى تكريس صفقة “بوتين – أوباما”، أما الخاسر الأكبر فعلياً فقد تكون المملكة العربية السعودية، التي هدد جورج بوش يوماً بأن الحرب على الإرهاب تعني القضاء على الفكر التفكيري الذي يدرَّس في المدارس التي تنشئها المملكة العربية السعودية في شتى أنحاء العالم، وهو ما يحتّم تقسيم المملكة إلى دول عدّة. فهل يمكن أن تعود نظرية التقسيم هذه إلى الظهور مجدداً داخل الإدارة الأميركية إن ظهر أن الحكم السعودي بات عائقاً أمام تحقيق المصالح الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط؟

                          الثبات

                          تعليق


                          • #14
                            هل ستخرج الرياض من العباءة الأميركية ؟


                            الكاتب: امين قمورية

                            عام 1945 بدأ شهر العسل السعودي الاميركي عندما عقد الرئيس فرانكلين روزفلت لقاء مع الملك عبد العزيز بن سعود، على متن سفينة ''يو اس اس كوينسي'' في قناة السويس، نتج عنه توقيع اتفاق بين الطرفين خلاصته النفط السعودي لاميركا مقابل توفير الامن والحماية لنظام آل سعود. منذ ذلك الحين كانت العلاقة بين الطرفين سمنا وعسلا ماعدا مرة واحدة عندما اضطرت الرياض لقطع النفط عن اميركا وحلفائها الغربيين في حرب اكتوبر 1973 الامر الذي دفع الملك فيصل ثمنه حياته.
                            على مايبدو شهر العسل الطويل هذا انتهت صلاحيته لثلاثة اسباب، أولها استقلال الولايات المتحدة في مجال الطاقة، بعدما ضاعفت مرتين وارداتها خلال 12 عاما بزيادة انتاج الهيدروكربونات غير التقليدية مثل النفط والغاز والفحم الحجري على أراضيها، وهذا ماسيسمح لواشنطن بأن تصير قبل العام 2020 أكبر منتج للنفط في العالم، وستصدر بنفسها الطاقة التي كانت تستوردها.
                            والسبب الثاني يعود إلى أحداث سبتمبر 2001، عندما فوجىء الأميركيون بأن 11 من انتحاريي الابراج هم سعوديون، وبأن معظم العمليات المتطرفة الإرهابية التي هزت العالم كانت بالفعل لها علاقة بالوهابية السعودية، ولأن السعودية هي الداعم الاول والمسلح لمن قاد الصراعات ضد الاميركيين في أفغانستان والعراق.
                            والثالث، يتمحور حول رغبة أميركا باعادة طهران الى احضانها بعد انتخاب الشيخ المعتدل حسن روحاني رئيسا، وهي التي تمتلك ثاني أكبر احتياط من الغاز في العالم، وثالث مصدر للنفط وهي القادرة على اعادة التوازن في مجال الطاقة في الشرق الاوسط، وستمنع إيران التقدم الصيني، أي أن أميركا تدرك أن طهران قادرة على الدخول معها في ستراتيجية لاحتواء صعود الصين، وايجاد بديل في الوقت نفسه للنفط السعودي.
                            التقارب الاميركي – الايراني افقد السعودية صوابها فانفجر غضبها في كل الاتجاهات وارتفعت اصوات قادتها محذرين واشنطن بالافتراق عنها بسبب موقفها من الأزمة السورية وتقاربها الديبلوماسي مع ايران وفتور موقفها من الحكومة المصرية وهلامية موقفها مما يجري في البحرين واليمن ولبنان.
                            السعودية غاضبة من كل شيء عنوانه اميركي. وانفجر غضبها عندما رفضت شغل مقعدها الذي فازت به في مجلس الامن احتجاجا على ما وصفته بفشله في تسوية الصراع السوري والصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
                            ومن أبرز المخاوف السعودية أن واشنطن ابتعدت عنها في ملفات عدة ولم تقدم الدعم الذي طلبته منها الرياض بل حاولت عرقلة نشاطات سعودية لدعم الثورة السورية. فقد رفض الأميركيون تزويد السعوديين بصور عبر الأقمار الاصطناعية لتحركات الجيش السوري كانت قد طلبتها لتزويد الثوار السوريين بها. وغضب السعوديون أيضًا من فرض الحكومة الأميركية لفيتو على الحكومتين الأردنية والتركية بعدم توريد وتسليم أسلحة معينة للثوار السوريين ما حد من قدراتهم في مواجهة قوات الأسد، الامر الذي يهدد بفقدان المواقع الستراتيجية التي سيطروا عليها. وعلل الأميركيون ذلك بخوفهم من وقوعها في أيدي المجموعات الإسلامية المتطرفة. لكن واشنطن، كما يقول السعوديون، لا تبدى التشدد نفسه تجاه الأسلحة التي تمر إلى "حزب الله" وتهدد موازين القوى الإقليمية على المستوى العسكري بما في ذلك مع إسرائيل.
                            ومن الأمور التى أغضبت السعوديين عدم جدية الولايات المتحدة فى الضغط على روسيا التى ترفع الفيتو ضد أي قرار في مجلس الأمن قد يدين الأسد أو يجبره على وقف العمليات ضد المدنيين.
                            ويرى بعض القادة في الرياض أن هناك تنسيقًا وتناغمًا في الأدوار بين موسكو وواشنطن لإطالة أمد الأزمة السورية، وأن الهدف النهائي هو تدمير سوريا وإضعافها لمصلحة إسرائيل، وأن السيناريو العراقي يتكرر لكن من دون تدخل أميركي بل بالاعتماد على الحرب الأهلية التي ستضعف الجيش السوري وتعيد الشعب السوري إلى الخلف عشرات السنين.
                            وقد هال السعودية أن ترى احتمال ذوبان الجليد بين الولايات المتحدة وايران بسبب ما تراه من خطر على أمنها إذا ما أصبح لطهران قدر أكبر من حرية الحركة في المنطقة . وبالنسبة للرياض تثير إمكانية توصل الولايات المتحدة إلى اتفاق مع إيران احتمالات عدة غير مستساغة منها استمرار هيمنة إيران على دول عربية كبيرة مجاورة مثل سوريا والعراق إلى احتمال نشوب حرب بين إسرائيل وإيران تجد دول الخليج نفسها محاصرة وسطها.
                            إلى ذلك فان ثمة مشكلة اخرى في اليمن حيث ترى الولايات المتحدة أن المهمة هي محاربة الإرهاب بينما يراها السعوديون تتمثل في مستقبل البلاد وطبيعة نظامه ودعمه للبقاء من دون فوضى، فضلاً عن الصراع العربي الإسرائيلي حيث لا توجد جدية أميركية في دفع العملية السلمية ولا وقف للاستيطان.
                            وآخر القضايا العالقة الموقف الأميركي مما يجري في البحرين حيث ترى واشنطن أن ما يحدث هناك هو صراع بين جماعات سياسية بينما تراه الرياض صراعا بين نظام شرعي وجماعات إرهابية ممولة من إيران.
                            كذلك فإن واشنطن تختلف مع السعودية في شأن الوضع في مصر حيث قلصت من مساعداتها العسكرية للقاهرة عقب اطاحة حكومة اسلامية منتخبة وتعهدت الرياض بسد أي نقص نتيجة خفض أية مساعدات خارجية.
                            خيبة الامل السعودية من واشنطن حقيقية وتدفعها لتفقد بدائل لاعتمادها منذ نحو 70 عاما على هذا التحالف الستراتيجي، وقال مسؤول سعودي: "سنفعل ما نريده بأنفسنا. لن ننسق مع الولايات المتحدة". وفي المقابل كيف ستتصرف واشنطن؟ هل ستستبدل السعودية أميركا بالصين وتستبدل أميركا السعودية بايران ؟ وهل تصل العلاقات بين الحليفين "الابديين" الى حد القطيعة؟

                            تعليق


                            • #15
                              رسائل أميركيّة برسم السعوديّة؟
                              جورج علم

                              حتى الآن لا تزال الأمور تحت السيطرة، تحريك الودائع المالية، ونقض عقود التسلّح، خطّان أحمران، أيّ تجاوز لأيّ منهما يعني أنّ العلاقات السعوديّة ـ الأميركيّة قد تجاوزت مرحلة الترميم، وإندفعت نحو المواجهة المفتوحة، ولا شيء حتى الآن يوحي بأنّ العلاقات ستسلك المعارج الصعبة، كذلك لا شيء يوحي بأنها تتجه نحو المهادنة.

                              دعوة الموفد العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي المملكة الى المشاركة في مؤتمر “جنيف ـ 2″، تنطوي على مؤشرين، الإقرار بمكانتها، وحجم تأثيرها في عدد من أطياف المعارضة السوريّة، وأيضاً تحميلها مسبقاً مسؤولية أيّ فشل قد يصيب المؤتمر، ويؤدي الى تأجيل إنعقاده.

                              والواضح حتى الآن أنّ المناخات لا تساعد على التهدئة، والدليل أنّ خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله الأخير قد إستفزّ تيار “المستقبل”، وقوى 14 آذار، وهو يعكس من المنظار الديبلوماسي مناخاً غير ودّي ما بين إيران والسعوديّة، ويمحو من الذاكرة “الكلام العذب” الذي قاله الرئيس حسن روحاني عن المملكة بُعَيد إنتخابه، وأيضا دعوة العاهل السعودي إليه لتأدية مناسك الحج.

                              وتأتي جولة أمير قطر تميم بن حمد الخليجيّة لتثير تساؤلات حول التوقيت والأبعاد كونها لم تبدأ من السعودية، وفي هذا خروج كبير عن البروتوكول المتبع بين دول مجلس التعاون، ذلك أنّ اللياقات تقضي بأن تبدأ من الرياض، وليس من أيّ عاصمة خليجيّة أخرى، وفي هذا رسالة واضحة الى القيادة السعوديّة لا بدّ من أن تستوعب ما تنطوي عليه من إيحاءات أميركيّة واضحة.

                              وإغتنم قادة دول مجلس التعاون المناسبة، لتوجيه رسائل عدة الى المملكة من خلال مظاهر الحفاوة بالأمير القطري الشاب، إحداها تسجيل عتب شديد على القيادة السعوديّة التي سارعت الى رفض عضوية مجلس الأمن من دون التنسيق المسبق مع شركائها الخليجيين الذين يعتبرون أنّ هذا المنصب ليس حكراً عليها، بل هو من نصيب جميع دول مجلس التعاون، وقد تمّ إختيارها كونها الأكبر مساحة، ونفوذاً.

                              كذلك تعكس حرارة الإستقبال رسالة إعتراض على المواجهة التي بدأتها المملكة ضدّ إدارة الرئيس باراك أوباما من دون التشاور والتنسيق المسبق ما بين القادة الخليجيّين. وينطلق هذا الإعتراض من خلفيّتين، الأولى: “انّ الكيانات الخليجيّة، إنما هي محميات أميركيّة، وأيّ خلل أو خطأ في الحسابات يمكن أن يؤدي الى تداعيات وكوارث لا تحمد عقباها”. والثانيّة: “انّ مثل هذه “السياسة الغاضبة المنفعلة من شأنها أن تفتعل خصومة مجانيّة مع إيران من دون أيّ ضمانات، او مردود إيجابي؟!”.

                              من هذا المنطلق تحديداً يمكن إعتبار “الإحتضان الكبير” للأمير القطري بمثابة إطراء خليجي على سياسة الإنفتاح التي يقودها في إتجاه الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة، في إعتبار أنّ جولته تتزامن مع الإنجاز الذي حققته الدوحة في معالجة ملف محتجزي أعزاز، والإفراج عنهم في إطار صفقة شاءتها رسالة مرمّزة، وعميقة المعاني، برسم حزب الله في لبنان، والنظام في دمشق، والقيادة في طهران. وهذا ليس الإنجاز الأول، إذ سبق للأمير تميم أن إغتنم مناسبة حلول عيد الأضحى ليجري إتصالاً مطولاً مع الرئيس الإيراني ضمّنه دعوة رسميّة لزيارة الدوحة.

                              ويقول ديبلوماسي خليجي “فتّش دائماً عن أميركا، وعليك أن تعرف مسبقاً ماذا تريد، لتعرف كيف يجب أن تتصرّف؟!”. ويضيف: “من خلفيات دعوة الإبراهيمي، الى خلفيات ملف أعزاز، الى خلفيات تحرّك الأمير القطري، وجولته في هذا التوقيت، هناك الوحي الأميركي، هناك الوشوشات التي تريدها واشنطن أن تصل الى السعوديّة بأساليب، وإيحاءات تخدش لكنّها لا تجرح، لأنها تعتقد بأنه لا يزال في المملكة لبيب من الإشارة يفهم، قبل أن تتطوّر المسائل، وكذلك الأساليب؟!”.

                              في لبنان يحمل العائدون من الدوحة إنطباعات جيدة عن زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي العاصمة القطريّة أخيراً، ويؤكدون أنها كانت موفّقة من حيث بعدها الوطني، وأيضاً من حيث بعدها الكنسي المسيحي، إذ ليس سهلاً أن تعلن قطر إلتزامها العمل على إنجاح الجهود الرامية للإفراج عن المطرانَين المحتجزَين من ايدي جهات أصوليّة متشددة.

                              الجمهورية

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              أنشئ بواسطة مروان1400, 03-04-2018, 09:07 PM
                              ردود 13
                              2,147 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة مروان1400
                              بواسطة مروان1400
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 30-06-2024, 10:47 PM
                              ردود 0
                              79 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 14-07-2023, 11:53 AM
                              استجابة 1
                              110 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-12-2021, 11:24 AM
                              استجابة 1
                              211 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 31-08-2019, 08:51 AM
                              ردود 2
                              347 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              يعمل...
                              X