
X
-
755- " إن الله عز وجل لما قضى خلقه استلقى ، و وضع إحدى رجليه على الأخرى و قال :
لا ينبغي لأحد من خلقه أن يفعل هذا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 177 ) :
منكر جدا .
رواه أبو نصر الغازي في جزء من " الأمالي " ( 77 / 1 ) من طرق
عن إبراهيم بن المنذر الحزامي : حدثنا محمد بن فليح بن سليمان عن أبيه عن سعيد
بن الحارث عن عبيد بن حنين قال : بينا أنا جالس إذ جاءني قتادة بن النعمان
رضي الله عنه فقال : انطلق بنا يا ابن حنين إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
فإني قد أخبرت أنه قد اشتكى ، فانطلقنا حتى دخلنا على أبي سعيد ، فوجدناه
مستلقيا رافعا رجله اليمنى على اليسرى ، فسلمنا و جلسنا ، فرفع قتادة بن
النعمان يده إلى رجل أبي سعيد فقرصها قرصة شديدة ، فقال أبو سعيد : سبحان الله
يا ابن أم أوجعتني ! فقال له : ذلك أردت ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: فذكره . فقال أبو سعيد : لا جرم والله لا أفعل أبدا .
و قال : "
قال الإمام أبو موسى ( يعني المديني الحافظ ) : رواه ابن الأصفر عن إبراهيم بن محمد بن
فليح عن أبيه عن سالم أبي النضر عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن قتادة ، و رواه
محمد بن المبارك الصوري عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عن أبيه عن سالم
أبي النضر ، عن عبيد بن حنين و بسر بن سعيد كلاهما عن قتادة ، و رواه عن قتادة
أيضا سوى عبيد بن حنين و أبي الحباب و بسر بن سعيد - عبيد الله بن عبد الله بن
عتبة . و رواه عن إبراهيم بن المنذر محمد بن إسحاق الصغاني و محمد بن المصفى و
محمد بن المبارك الصوري و جعفر بن سليمان النوفلي و أحمد بن رشدين و أحمد بن
داود المكي و ابن الأصفر و غيرهم ، و حدث به من الحفاظ عبد الله بن أحمد بن
حنبل و أبو بكر بن أبي عاصم و أبو القاسم الطبراني ، و روي عن شداد بن أوس أيضا
مرفوعا . و روي عن عبد الله بن عباس و كعب بن عجرة رضي الله عنهما موقوفا ، و
عن كعب الأحبار أيضا ، و روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى
: *( الرحمن على العرش استوى )* هذا المعنى ، و رواة هذا الحديث من طريق قتادة
و شداد عامتهم من رجال الصحيح ، و ذلك كله بعد قول الله تعالى *( أفمن يخلق كمن
لا يخلق )* إنما يوافق الاسم الاسم ، و لا تشبه الصفة الصفة " .
قلت : مع التنزيه المذكور فإن الحديث يستشم منه رائحة اليهودية الذين يزعمون أن الله
تبارك و تعالى بعد أن فرغ من خلق السموات و الأرض استراح ! تعالى الله عما يقول
الظالمون علوا كبيرا ، و هذا المعنى يكاد يكون صريحا في الحديث فإن الاستلقاء
لا يكون إلا من أجل الراحة سبحانه و تعالى عن ذلك . و أنا أعتقد أن أصل هذا
الحديث من الإسرائيليات و قد رأيت في كلام أبي نصر الغازي أنه روي عن كعب
الأخبار ، فهذا يؤيد ما ذكرته ، و ذكر أبو نصر أيضا أنه روي موقوفا عن عبد الله
بن عباس و كعب بن عجرة ، فكأنهما تلقياه - إن صح عنهما - عن كعب كما هو الشأن
في كثير من الإسرائيليات ، ثم وهم بعض الرواة فرفعه إلى النبي صلى الله عليه
وسلم . ثم إن قول أبي نصر " إن رواة طريق قتادة من رجال الصحيح " صحيح ، و كذلك
قال الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 100 ) بعد أن عزاه للطبراني ، و لكن لا يلزم
من ذلك أن يكون سند الحديث بالذات صحيحا لجواز أن يكون فيه من تكلم فيه ، و إن
كان صاحب الصحيح احتج به ، فإنه يجوز أن ذلك لأنه لم يثبت جرحه عنده ، أو أنه
كان ينتقي من حديثه مع اعتقاده أن فيه ضعفا يسيرا لا يسقط به حديثه جملة عنده ،
خلافا لغيره . و إسناد هذا الحديث من هذا القبيل ، فإن محمد بن فليح بن سليمان
و أباه ، و إن أخرج لهما البخاري فإن فيهما ضعفا و خاصة الأب ، فقد ضعفه ابن
معين حتى جعله دون الدراوردي و هذا حسن الحديث ! و قال في رواية : " فليح ليس
بثقة و لا ابنه " ، و كذلك ضعفه ابن المديني و النسائي و الساجي و قال : " هو
من أهل الصدق ، و يهم " . و لذلك لم يسع الحافظ إلا الاعتراف بضعفه فقال في "
التقريب " : " صدوق كثير الخطأ " . و أما ابنه محمد فهو أحسن حالا من أبيه ،
ففي " الميزان " : " قال أبو حاتم : ما به بأس ، و ليس بذاك القوي . و وثقه
بعضهم و هو أوثق من أبيه . و قال ابن معين ليس بثقة " . و قال الحافظ : " صدوق
يهم " . و إن مما يدل على ضعفهما و ضعف حديثهما اضطرابهما في إسناده . فتارة
يقولان : عن سعيد بن الحارث عن عبيد بن حنين عن قتادة . و تارة : عن سالم أبي
النضر بدل سعيد بن الحارث ، و يقرن مع ابن حنين بسر بن سعيد و تارة يجعل
مكانهما أبا الحباب سعيد بن يسار ، و هذا كله من فوائد أبي نصر رحمه الله في
هذا الجزء من " الأمالي " . حيث حفظ لنا فيه ما ينير السبيل على البحث في حال
هذا الحديث . و أما إسناد حديث شداد فلم أقف عليه لننظر فيه ، و غالب الظن أن
فيه علة تقدح في صحته . و الله أعلم .
و مما يوهن من شأن هذا الحديث أنه صح عن
عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد ، واضعا
إحدى رجليه على الأخرى . رواه البخاري ( 1 / 466 بفتح الباري طبع بولاق ) و
ترجم له بـ " باب الاستلقاء في المسجد " ثم روى عن سعيد بن المسيب قال : كان
عمر و عثمان يفعلان ذلك ، فلو كان الاستلقاء المذكور لا ينبغي لأحد من خلقه
سبحانه كما زعم الحديث لما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلفاؤه من
بعده ، كما لا يخفى . و لا يعارض هذا ثبوت النهي عن الاستلقاء في صحيح مسلم ( 6
/ 154 ) و غيره لأنه غير معلل بهذه العلة المذكورة في هذا الحديث المنكر ، و
للعلماء مذهبان في الجمع بين هذا النهي و بين فعله صلى الله عليه وسلم المخالف
للنهي :
الأول : ادعاء نسخ النهي
الثاني : حمل النهي حيث يخشى أن تبدو العورة و الجواز حيث يؤمن ذلك
و في كل من المذهبين إشارة إلى رد هذا الحديث ،
فإنه لا يتمشى معهما البتة ، أما على المذهب الأول فلأن الحديث صريح في أن
الاستلقاء المذكور فيه من خصوصيات الله عز وجل فكيف يجوز ذلك ؟! و أما على
المذهب الثاني فلأنه صريح في أن العلة عنده هو انكشاف العورة أو عدم انكشافها ،
فلو كان يصح عنده أن العلة كون الاستلقاء من خصوصياته سبحانه لم يجز التعليل
بغيرها و هذا ظاهر لا يخفى أيضا .
و جملة القول إن هذا الحديث منكر جدا عندي ،
و لقد قف شعري منه حين وقفت عليه ، و لم أجد الآن من تكلم عليه من الأئمة
النقاد غير أن الحافظ الذهبي أورده في ترجمة " فليح " ، كأنه يشير بذلك إلى أنه
مما أنكر عليه كما هي عادته في " ميزانه " . و الله أعلم . ثم وجدت في بعض
الآثار ما يشهد لكون الحديث من الإسرائيليات ، فروى الطحاوي في " شرح المعاني "
( 2 / 361 ) بسند حسن أنه قيل للحسن ( و هو البصري ) : قد كان يكره أن يضع
الرجل إحدى رجليه على الأخرى ؟ فقال : ما أخذوا ذلك إلا عن اليهود " .
ثم رأيت البيهقي سبقني إلى الكلام على الحديث بنحو ما ظهر لي ، فقال في " الأسماء و
الصفات " ( ص 355 ) بعد أن ساقه من طريق إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح :
" فهذا حديث منكر ، و لم أكتبه إلا من هذا الوجه ، و فليح بن سليمان مع كونه من شرط البخاري و مسلم ، فلم يخرجا حديثه هذا في " الصحيح " ، و هو عند بعض الحفاظ
غير محتج به " .
ثم روى بسنده عن ابن معين قال : لا يحتج بحديثه . و في رواية :
قال : ضعيف . قال : و بلغني عن النسائي أنه قال : ليس بالقوي . قال : " فإذا
كان فليح بن سليمان المدني مختلفا في جواز الاحتجاج به عند الحفاظ لم يثبت
بروايته مثل هذا الأمر العظيم .
و فيه علة أخرى ، و هي أن قتادة بن النعمان مات
في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه . و صلى عليه عمر ، و عبيد بن حنين مات
سنة خمس و مائة ، و له خمس و سبعون سنة في قول الواقدي و ابن بكير ، فتكون
روايته عن قتادة منقطعة ، و قول الراوي : و انطلقنا حتى دخلنا على أبي سعيد لا
يرجع إلى عبيد بن حنين ، و إنما يرجع إلى من أرسله عنه ، و نحن لا نعرفه ، فلا
تقبل المراسيل في الأحكام ، فكيف في هذا الأمر العظيم ؟! " .
انتهى كلام الشيخ رحمه الله
- اقتباس
- تعليق
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
المواضيع | إحصائيات | آخر مشاركة | ||
---|---|---|---|---|
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
|
استجابة 1
10 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة ibrahim aly awaly
يوم أمس, 09:48 PM
|
||
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
|
ردود 2
12 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة ibrahim aly awaly
يوم أمس, 07:23 AM
|
تعليق