{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }الفتح10
......................................
تفسير الجلالين
(إن الذين يبايعونك) بيعة الرضوان بالحديبية (إنما يبايعون الله) هو نحو من يطع الرسول فقد أطاع الله (يد الله فوق أيديهم) التي بايعوا بها النبي أي هو تعالى مطلع على مبايعتهم فيجازيهم عليها (فمن نكث) نقض البيعة (فإنما ينكث) يرجع وبال نقصه (على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه) بالياء والنون (أجرا عظيما)
...............................
تفسير روح المعاني للالوسي
{ يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } استئناف مؤكد لما قبله لأنه عبارة عن المبايعة، قال في «الكشاف» ((لما قال سبحانه: { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } أكده على طريقة التخييل فقال تعالى: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } وانه سبحانه منزه عن الجوارح وصفات الأجسام وإنما المعنى تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول صلى الله عليه وسلم كعقده مع الله تعالى من غير تفاوت بينهما)). وفي «المفتاح» أما حسن الاستعارة التخييلية فبحسب حسن الاستعارة بالكناية متى كانت / تابعة لها كما في قولك: فلان بين أنياب المنية ومخالبها ثم إذا انضم إليها المشاكلة كما في { يَدُ ٱللَّهِ } الخ كانت أحسن وأحسن، يعني أن في اسم الله تعالى استعارة بالكناية تشبيهاً له سبحانه وتعالى بالمبايع واليد استعارة تخييلية مع أن فيها أيضاً مشاكلة لذكرها مع أيدي الناس، وامتناع الاستعارة في اسم الله تعالى إنما هو في الاستعارة التصريحية دون المكنية لأنه لا يلزم إطلاق اسمه تعالى على غيره سبحانه. وروى الواحدي عن ابن كيسان اليد القوة أي قوة الله تعالى ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم أي ثق بنصرة الله تعالى لك لا بنصرتهم وإن بايعوك. وقال الزجاج: المعنى يد الله في الوفاء فوق أيديهم أو في الثواب فوق أيديهم في الطاعة أو يد الله سبحانه في المنة عليهم في الهداية فوق أيديهم في الطاعة، وقيل: المعنى نعمة الله تعالى عليهم بتوفيقهم لمبايعتك فوق نعمتهم وهي مبايعتهم إياك وأعظم منها، وفيه شيء من قوله تعالى:
{ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلَـٰمَكُمْ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَـٰنِ }
[الحجرات: 17] وكل ذلك تأويلات ارتكبها الخلف وأحسنها ما ذكر أولاً، والسلف يمرون الآية كما جاءت مع تنزيه الله عز وجل عن الجوارح وصفات الأجسام وكذلك يفعلون في جميع المتشابهات ويقولون: إن معرفة حقيقة ذلك فرع معرفة حقيقة الذات وأنى ذلك وهيهات هيهات.
وجوز أن تكون الجملة خبراً بعد خبر لإن، وكذا جوز أن تكون حالاً من ضمير الفاعل في { يُبَايِعُونَكَ } وفي جواز ذلك مع كونها اسمية غير مقترنة بالواو كلام.
..................................
تفسير محمد متولي الشعراي
فبيعة الرسول هي في الحقيقة بيعة لله، لذلك قال: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ.. } [الفتح: 10] أي: فوق الأيدي التي امتدتْ لتبايع رسول الله، فكانت يد الله فوق يد الجميع، لأن المنة هنا من الله فلا تظنوا المنة منكم بأن بايعتم، بل المنة من الله عليكم، ويده فوق أيديكم وهو الذي ساق لكم هذا الخير الذي يُسعدكم في الدنيا وفي الآخرة.
واليد هنا ليست هي اليد التي نعرفها كأيدينا، بل هي يد المنَّة والمعروف، كما تقول مثلاً: فلان له علىَّ يد. يعني: نعمة أو مكْرمة وجميل.
.......................
تفسير التحرير و التنوير.. مهدي بن عاشور
فجملة { يد الله فوق أيديهم } مقررة لمضمون جملة { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله } المفيدة أن بيعتهم النبي صلى الله عليه وسلم في الظاهر، هي بيعة منهم لله في الواقع فقررته جملة { يد الله فوق أيديهم } وأكدته ولذلك جردت عن حرف العطف. وجعلت اليد المتخيلة فوق أيديهم: إمّا لأن إضافتها إلى الله تقتضي تشريفها بالرفعة على أيدي الناس كما وصفت في المعطي بالعليا في قول النبي صلى الله عليه وسلم " اليدُ العليا خيرٌ من اليد السفلى واليد العليا هي المعطية واليد السفلى هي الآخذة " ، وإما لأن المبايعة كانت بأن يمد المبايع كفه أمام المبايَع بالفتح ويضع هذا المبايَع يده على يد المبايع، فالوصف بالفوقية من تمام التخييلية. ويشهد لهذا ما في «صحيح مسلم» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بايعه الناس كان عُمر آخذاً بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي كان عمر يضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيدي الناس كيلاً يتعب بتحريكها لكثرة المبايعين فدلّ على أن يد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت توضع على يد المبايعين. وأيًّا مَّا كان فذكر الفوقية هنا ترشيح للاستعارة وإغراق في التخيل.
...................................
تفسير الطبري
وفي قوله: { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أيْدِيهِمْ } وجهان من التأويل: أحدهما: يد الله فوق أيديهم عند البيعة، لأنهم كانوا يبايعون الله ببيعتهم نبيه صلى الله عليه وسلم والآخر: قوّة الله فوق قوّتهم في نُصرة رسوله صلى الله عليه وسلم، لأنهم إنما بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نُصرته على العدوّ.
......................
تفسير الكشاف للزمخشري
لما قال { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } أكده تأكيداً على طريق التخييل فقال: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } يريد أن يد رسول الله التي تعلو أيدي المبايعين: هي يد الله، والله تعالى منزه عن الجوارح وعن صفات الأجسام، وإنما المعنى: تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما، كقوله تعالى:
{ مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ }
....................................
تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي
وقوله تعالى: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } يحتمل وجوهاً، وذلك أن اليد في الموضعين إما أن تكون بمعنى واحد، وإما أن تكون بمعنيين، فإن قلنا إنها بمعنى واحد، ففيه وجهان أحدهما: { يَدُ ٱللَّهِ } بمعنى نعمة الله عليهم فوق إحسانهم إلى الله كما قال تعالى:
{ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلأَيمَـٰنِ }
[الحجرات: 17] وثانيهما: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } أي نصرته إياهم أقوى وأعلى من نصرتهم إياه، يقال: اليد لفلان، أي الغلبة والنصرة والقهر. وأما إن قلنا إنها بمعنيين، فنقول في حق الله تعالى بمعنى الحفظ، وفي حق المبايعين بمعنى الجارحة، واليد كناية عن الحفظ مأخوذ من حال المتبايعين إذا مد كل واحد منهما يده إلى صاحبه في البيع والشراء، وبينهما ثالث متوسط لا يريد أن يتفاسخا العقد من غير إتمام البيع، فيضع يده على يديهما، ويحفظ أيديهما إلى أن يتم العقد، ولا يترك أحدهما يترك يد الآخر، فوضع اليد فوق الأيدي صار سبباً للحفظ على البيعة، فقال تعالى: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } يحفظهم على البيعة كما يحفظ ذلك المتوسط أيدي المتبايعين،
.....................................
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي
{ يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } قيل: يده في الثواب فوق أيديهم في الوفاء، ويده في المِنّة عليهم بالهداية فوق أيديهم في الطاعة. وقال الكلبيّ: معناه نعمة الله عليهم فوق ما صنعوا من البَيعة. وقال ابن كَيْسان: قوّة الله ونصرته فوق قوّتهم ونصرتهم.
.......................................
تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير
ثم قال عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم تشريفاً له وتعظيماً وتكريماً { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } كقوله جل وعلا:
{ مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ }
[النساء: 80] { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } أي هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم، فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى:
{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءانِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }
[التوبة: 111].
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
اما تفسير الوهابية المجسمة المشبهة
نقلا عن التفسير الميسر
إن الذين يبايعونك -أيها النبي- بـ "الحديبية" على القتال إنما يبايعون الله, ويعقدون العقد معه ابتغاء جنته ورضوانه, يد الله فوق أيديهم, فهو معهم يسمع أقوالهم, ويرى مكانهم, ويعلم ضمائرهم وظواهرهم, فمن نقض بيعته فإنما يعود وبال ذلك على نفسه, ومن أوفى بما عاهد الله عليه من الصبر عند لقاء العدو في سبيل الله ونصرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, فسيعطيه الله ثوابًا جزيلا وهو الجنة. وفي الآية إثبات صفة اليد لله تعالى بما يليق به سبحانه, دون تشبيه ولا تكييف.
......................................
تفسير الجلالين
(إن الذين يبايعونك) بيعة الرضوان بالحديبية (إنما يبايعون الله) هو نحو من يطع الرسول فقد أطاع الله (يد الله فوق أيديهم) التي بايعوا بها النبي أي هو تعالى مطلع على مبايعتهم فيجازيهم عليها (فمن نكث) نقض البيعة (فإنما ينكث) يرجع وبال نقصه (على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه) بالياء والنون (أجرا عظيما)
...............................
تفسير روح المعاني للالوسي
{ يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } استئناف مؤكد لما قبله لأنه عبارة عن المبايعة، قال في «الكشاف» ((لما قال سبحانه: { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } أكده على طريقة التخييل فقال تعالى: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } وانه سبحانه منزه عن الجوارح وصفات الأجسام وإنما المعنى تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول صلى الله عليه وسلم كعقده مع الله تعالى من غير تفاوت بينهما)). وفي «المفتاح» أما حسن الاستعارة التخييلية فبحسب حسن الاستعارة بالكناية متى كانت / تابعة لها كما في قولك: فلان بين أنياب المنية ومخالبها ثم إذا انضم إليها المشاكلة كما في { يَدُ ٱللَّهِ } الخ كانت أحسن وأحسن، يعني أن في اسم الله تعالى استعارة بالكناية تشبيهاً له سبحانه وتعالى بالمبايع واليد استعارة تخييلية مع أن فيها أيضاً مشاكلة لذكرها مع أيدي الناس، وامتناع الاستعارة في اسم الله تعالى إنما هو في الاستعارة التصريحية دون المكنية لأنه لا يلزم إطلاق اسمه تعالى على غيره سبحانه. وروى الواحدي عن ابن كيسان اليد القوة أي قوة الله تعالى ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم أي ثق بنصرة الله تعالى لك لا بنصرتهم وإن بايعوك. وقال الزجاج: المعنى يد الله في الوفاء فوق أيديهم أو في الثواب فوق أيديهم في الطاعة أو يد الله سبحانه في المنة عليهم في الهداية فوق أيديهم في الطاعة، وقيل: المعنى نعمة الله تعالى عليهم بتوفيقهم لمبايعتك فوق نعمتهم وهي مبايعتهم إياك وأعظم منها، وفيه شيء من قوله تعالى:
{ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلَـٰمَكُمْ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَـٰنِ }
[الحجرات: 17] وكل ذلك تأويلات ارتكبها الخلف وأحسنها ما ذكر أولاً، والسلف يمرون الآية كما جاءت مع تنزيه الله عز وجل عن الجوارح وصفات الأجسام وكذلك يفعلون في جميع المتشابهات ويقولون: إن معرفة حقيقة ذلك فرع معرفة حقيقة الذات وأنى ذلك وهيهات هيهات.
وجوز أن تكون الجملة خبراً بعد خبر لإن، وكذا جوز أن تكون حالاً من ضمير الفاعل في { يُبَايِعُونَكَ } وفي جواز ذلك مع كونها اسمية غير مقترنة بالواو كلام.
..................................
تفسير محمد متولي الشعراي
فبيعة الرسول هي في الحقيقة بيعة لله، لذلك قال: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ.. } [الفتح: 10] أي: فوق الأيدي التي امتدتْ لتبايع رسول الله، فكانت يد الله فوق يد الجميع، لأن المنة هنا من الله فلا تظنوا المنة منكم بأن بايعتم، بل المنة من الله عليكم، ويده فوق أيديكم وهو الذي ساق لكم هذا الخير الذي يُسعدكم في الدنيا وفي الآخرة.
واليد هنا ليست هي اليد التي نعرفها كأيدينا، بل هي يد المنَّة والمعروف، كما تقول مثلاً: فلان له علىَّ يد. يعني: نعمة أو مكْرمة وجميل.
.......................
تفسير التحرير و التنوير.. مهدي بن عاشور
فجملة { يد الله فوق أيديهم } مقررة لمضمون جملة { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله } المفيدة أن بيعتهم النبي صلى الله عليه وسلم في الظاهر، هي بيعة منهم لله في الواقع فقررته جملة { يد الله فوق أيديهم } وأكدته ولذلك جردت عن حرف العطف. وجعلت اليد المتخيلة فوق أيديهم: إمّا لأن إضافتها إلى الله تقتضي تشريفها بالرفعة على أيدي الناس كما وصفت في المعطي بالعليا في قول النبي صلى الله عليه وسلم " اليدُ العليا خيرٌ من اليد السفلى واليد العليا هي المعطية واليد السفلى هي الآخذة " ، وإما لأن المبايعة كانت بأن يمد المبايع كفه أمام المبايَع بالفتح ويضع هذا المبايَع يده على يد المبايع، فالوصف بالفوقية من تمام التخييلية. ويشهد لهذا ما في «صحيح مسلم» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بايعه الناس كان عُمر آخذاً بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي كان عمر يضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيدي الناس كيلاً يتعب بتحريكها لكثرة المبايعين فدلّ على أن يد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت توضع على يد المبايعين. وأيًّا مَّا كان فذكر الفوقية هنا ترشيح للاستعارة وإغراق في التخيل.
...................................
تفسير الطبري
وفي قوله: { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أيْدِيهِمْ } وجهان من التأويل: أحدهما: يد الله فوق أيديهم عند البيعة، لأنهم كانوا يبايعون الله ببيعتهم نبيه صلى الله عليه وسلم والآخر: قوّة الله فوق قوّتهم في نُصرة رسوله صلى الله عليه وسلم، لأنهم إنما بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نُصرته على العدوّ.
......................
تفسير الكشاف للزمخشري
لما قال { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } أكده تأكيداً على طريق التخييل فقال: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } يريد أن يد رسول الله التي تعلو أيدي المبايعين: هي يد الله، والله تعالى منزه عن الجوارح وعن صفات الأجسام، وإنما المعنى: تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما، كقوله تعالى:
{ مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ }
....................................
تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي
وقوله تعالى: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } يحتمل وجوهاً، وذلك أن اليد في الموضعين إما أن تكون بمعنى واحد، وإما أن تكون بمعنيين، فإن قلنا إنها بمعنى واحد، ففيه وجهان أحدهما: { يَدُ ٱللَّهِ } بمعنى نعمة الله عليهم فوق إحسانهم إلى الله كما قال تعالى:
{ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلأَيمَـٰنِ }
[الحجرات: 17] وثانيهما: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } أي نصرته إياهم أقوى وأعلى من نصرتهم إياه، يقال: اليد لفلان، أي الغلبة والنصرة والقهر. وأما إن قلنا إنها بمعنيين، فنقول في حق الله تعالى بمعنى الحفظ، وفي حق المبايعين بمعنى الجارحة، واليد كناية عن الحفظ مأخوذ من حال المتبايعين إذا مد كل واحد منهما يده إلى صاحبه في البيع والشراء، وبينهما ثالث متوسط لا يريد أن يتفاسخا العقد من غير إتمام البيع، فيضع يده على يديهما، ويحفظ أيديهما إلى أن يتم العقد، ولا يترك أحدهما يترك يد الآخر، فوضع اليد فوق الأيدي صار سبباً للحفظ على البيعة، فقال تعالى: { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } يحفظهم على البيعة كما يحفظ ذلك المتوسط أيدي المتبايعين،
.....................................
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي
{ يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } قيل: يده في الثواب فوق أيديهم في الوفاء، ويده في المِنّة عليهم بالهداية فوق أيديهم في الطاعة. وقال الكلبيّ: معناه نعمة الله عليهم فوق ما صنعوا من البَيعة. وقال ابن كَيْسان: قوّة الله ونصرته فوق قوّتهم ونصرتهم.
.......................................
تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير
ثم قال عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم تشريفاً له وتعظيماً وتكريماً { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } كقوله جل وعلا:
{ مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ }
[النساء: 80] { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } أي هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم، فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى:
{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءانِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }
[التوبة: 111].
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
اما تفسير الوهابية المجسمة المشبهة
نقلا عن التفسير الميسر
إن الذين يبايعونك -أيها النبي- بـ "الحديبية" على القتال إنما يبايعون الله, ويعقدون العقد معه ابتغاء جنته ورضوانه, يد الله فوق أيديهم, فهو معهم يسمع أقوالهم, ويرى مكانهم, ويعلم ضمائرهم وظواهرهم, فمن نقض بيعته فإنما يعود وبال ذلك على نفسه, ومن أوفى بما عاهد الله عليه من الصبر عند لقاء العدو في سبيل الله ونصرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, فسيعطيه الله ثوابًا جزيلا وهو الجنة. وفي الآية إثبات صفة اليد لله تعالى بما يليق به سبحانه, دون تشبيه ولا تكييف.
تعليق