مناجاة الضّوء
بقلم: حسين أحمد سليم (آل الحاج يونس)
أديب وفنّان تشكيلي, باحث في تاريخ وفلسفة الفنونالتّشكيليّة
عربي لبناني, من مواليد قرية النّبي رشادة البقاعيّة, نجمةهلال بلدات غربي مدينة الشّمس بعلبك
أناجي الرّؤى إفتراضيّا في البعد الآخر, أعقلن القلبوأقلبن العقل, فتهرب الرّؤى خياليّا إلى الوجدان, تتسلّل في سيّالات شفيفة إلىالبصر, ترتحل في مجاهل كينونتي قدرا آخر, باحثة في كوامني عن خلجة حانية ما, عنجرّة وتر أحاديّ على وتر آخر, وعن إرتعاشة إحساس, يحملني على صهواته إلى عوالمأخرى, عفقات مموسقة تنساب عبر الشّرايين, ترود شعيرات الأنامل, تتجلّى حركةالإبداع في البصمات, وتنفرد مع الدّفء في أطراف الأصابع, تقاسيم الوجد بالتّرانيم,تحملني الرّؤى على صهواتها الإنسيابيّة, تسبح بي بين أمواج البحار اللامتناهية, ترسملي تشكيلا فنّيّا ومضات الغد الآتي, فأطفو على وجه الحياة, أبحث عن عبق الحبّ وطيبالعشق, بمودّة من الله ورحمة, يعمر بها صدري بذكر الله, فتطمئنّ نفسي بقبسات منالإيمان...
رؤاي تحملني على صهواتها الشّفيفة, من حيث لا أدري, وقد لمولن ولا أدري, تُشرّع اللحظة الخاطفة البارقة صدرها, تختطفني من هجعة ضجعتي,تتغلغل بي حيث الحلم الورديّ يساورني, وحيث الأمل المأمول يناجيني, فأغوص مسافرامرتحلا في مسارات أخرى, حيث تستنزفني الأشياء, وحيث أستنزف رحيق الأشياء...
هناك, عند قدري الّذي شاءه الله لي, أجلس خاشعا متهجّدا,أقرأ أسرار الحياة في ضفائر حبيبتي, وأنمنم قصائد الحبّ الأقدس ونثائر العشقالأطهر, تلك القصائد والنّثائر المنسيّة في كنه البعد, تلامسها عيناي الرّافلتانالدّامعتان, لبدائع صنع الله من الجمال الأنثويّ, فتولد من رحم الإفتتان والإغواء,محارفي وكلماتي وخواطري, جداول من قصائد ونثائر, تنتعش بالحبّ, وترتعش بالعشق, علىذمّة المودّة والرّحمة, فتنتشي كلّ الأسرار في مخابئها, وتنتعش كلّ أطيار الحياة,تولد وتتعملق من الجمر تحت الرّماد, تحيي الزّمن بزيت القداسة, رافعة قاماتحوريّات الأساطير, تتماهى سنابل حبّ وعشق على ناصيات الأمل, الممتدّة في ساحاتالمدى اللامتناهي...
أتجلّى عروج رفعة وسموّ للعلا في رحاب الله, أرتحل في هدأةالنّفس وسكينة الرّوح, أرود روحا تلك الفراديس الإلهيّة الموشّاة باللينوفارالمقدّس, أقمّش حبيبتي بسيّالات الضّوء الفضّيّة, ينساب الضّوء جذلا هائما, يوشّيطيف حبيبتي بديثار من الجمال, أهدهد الضّوء, أحاول الإمساك بومضاته, يتطايف الضّوءفي شكيرته, يتجلّى قوس الله في البعد, تتموسق كلّ الأشياء من حولي, وأفتّش عنسيّالات الضّوء وترانيم الصّوت, باحثا مُنقّبا في شاسع المسافات...
حيث حبيبتي, ألتصق بها, بدفء أصابعي الحانية, أعتصر الحنانمن أنوثتها, أخاطرها وتخاطرني صمتا شفيفا في الحوار, جرأة بوح صامت بيننا, تنعشهومضات الأبصار, نغسل معا مساحات الكلام, دندنة قلبان على إيقاعات الحياة, تتشاغففي الوجدان, توصيف سمات الحبّ والعشق, لتشكيل الرّؤى, فنونا من الرّسم الحروفيّوالمحارف البصريّة, بيراع حاني الدّفء, مداده الأسود والأحمر والأزرق والأخضروالأصفر, حركة فعل إشراقات طيف الشّبح الأسطورة, يتعملق من إنسيابات أمواج البحار,ينطق حدس جرأة بوح بالحقيقة, ويسافر في المطلق, يمسح قدرا عصب الضّنى بخلاصة زيتالأسرار, يسأل حامل الأمانة من صاحب الأمانة عن الأمانة...
الصّمت حكمة تعقّل وليس غفلة, السّكوت قرار تفكّر وليسخوفا, تكتنز النّفس بوعي الوعي الباطنيّ, وتُثرى بعرفان العرفان الذّاتيّ, فتعرفأسرار الأسرار, الّتي يجهلها الكبار والصّغار, تلك المحمولة بين الجوارح والجوانح,تهمي على الرّؤى الوجدانيّة, تقاسيم ومض الضّوء, المنبثق من كوكبة الخيط الفضّيّ,المغسول بنور شموع الأقدار, الله ذلك النّور, النّور المتلأليء بتواشيح التّراتيلوالتّجاويد, حيث العاشق لمعشوقته, يصنع وشاحا من أطياف الحرير, ينسدل الوشاح ذاتيوم على صدر الزّمان, يتفيّأ العاشق والمعشوق في تلك الرّحاب, حيث يتجوهر صدىالوجد, المتماوج بين الحبّ والعشق في ظلال الرّحمة والمودّة...
هناك, حيث ينتظرني طائر الحياة, ليولد من تحت الرّمادمُجدّدا, أزرع رؤى الأسرار في صدر حبيبتي, وأبذر حبوب القمح في ساحات الرّؤى,مفروقة بعطر البذل وطيب العطاء...
مهلا حبيبتي, مسافر أنا في البعد, مرتحل في المدى, زاديالشّوق إليكِ, ونبل الحسّ نحوكِ, يحدوني الخيال في البعد, وأظمأ على أرصفةالإنتظار... أنتظر أشرعة الحبّ والعشق, تكتنز بالمودّة والرّحمة, تتهادى فوقإنسيابات الأمواج القدريّة, تتلألأ فوق سدم الأزمنة الرّماديّة... أنا العاشقوالمعشوق في آن, أنا الفنّان التّشكيليّ السّعيد, أنا كاتب الخواطر الفريد, المبدعالمبنكر المتجدّد المستدات التّحديث, أخاطب حبيبتي القدريّة, بلغة الضّوء الفضّيّ,يصافح الرّوح والنّفس والقلب والبصر والبصيرة والوجدان والعقل, يمتطي أشرعة الإرتحالعلى صهوات عاديات الزّمان, الضّابحة فوق مرايا إمتدادات المكان, أرقب كلّ الأشياء,أجيل الطّرف بكلّ ما حولي ومن حولي, وأما أتشبّث في مكاني على قمّة العنفوانوالكبرياء والشّمم, زجاج مملكتي لم ولن ولا يصيبه حجر, ولم ولن ولا ينكسر من رشقاتالحجارة, كنت وأبقى وسأبقى, صادق الوعد واعد العهد حافظ القسم, وفيّا مخلصا, دائمالإنتظار لحبيبتي... كما تنتظرني حبيبتي, وعدا وعهدا وقسما, ووفاء وإخلاص...