إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الشّتم والشّتائم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشّتم والشّتائم

    الشّتم والشّتائم
    فنون وجنون في السّبّواللعن
    بقلم: حسين أحمد سليم(آل الحاج يونس)
    كاتب ناقد وفنان تشكيلي باحث, من بقاع لبنان الشّمالي,قرية النّبي رشادة, نجمة هلال بلدات غربي بعلبك...
    الشّتم فنون لفظيّةنابية, مستهجنة ومرفوضة وليس لها مشروعيّة أدبيّة وأخلاقيّة وقانونيّة ودينيّة, ومنفنون الشّتم أنواع وأنواع من العجائب والغرائب, والشّتائم أشكال وفي أشكالالشّتائم إبداع سلبيّ على إبداع سلبيّ, والسّبّ ألوان وفي ألوان السّباب أطياف قاتمةفوق أطياف أقتم, واللعن درجات وفي درجات اللعن مستويات وأوزان على قدر الملعون بهاواللعين, ما أنزل الله بها من سلطان... وجميعها محرّمة أدبا وأخلاقا ودينا وقانون,ولا يجوز إستخدامها لأنّه تعكس إنحطاطا في الوعي والعرفان والإستنارة والإلتزام وحفظكرامة الإنسان...
    ففنون الشّتم وأشكالالسّبّ وسيمفونيات اللعن كثيرة في بيئة جميع المجتمعات وحدّث ولا حرج, وإهانة الإنسانالآخر في كلّ مجتمع فنٌ يتّقنه ويمارسه أصحابه, ويطوّرون في تعابيره, ويُحدّثون فيتراميزه, ويحسّنونه في محارفه وألفاظه, ويجتهدون في إستنباط تشكيلاته من وحي مايتراءى لهم, وذلك وفق متطلّبات وقائع الحال...
    أفراد المجتمع علىإختلاف مشارهم وثقافاتهم, يرثون فنون الشّتم من الأمس للحاضر, ويورّثونها منالحاضر للغد, يعلّمونها لأطفالهم كما يعلّمونهم القراءة والكتابة، لينشؤون عليها صفةفي شبابهم, ودائما يحاسب الواحد منّا نفسه, إن قصّر في ردّ الإساءة بإساءة أقوىمنها، أو إذا عفا الفرد منّا للإساءة عن مقدرة يحملها، أو إذا سامح لإساءة ما عنإرادةٍ حرّة لا عن عجز، أو إذا تجاوز الإساءة عن رغبةٍ ومحبة, أو إذا تناساها عنعظمة في الأخلاق الكريمة...
    ففي أعماق دواخلنا,يسكن شيطاننا الّذي لا يرعوي عن حقن صدورنا بالحقد والكراهية, لنا يوسوس ما شاء لهالوسوسة في عقولنا, حيث لا مكان في خفايا نفوسنا للصّفح الجميل، وليس على طرفلساننا من مكان للكلمة الرّقيقة، ولا مكان على ثغرنا للإبتسامة الجميلة، ولا فيومض طرفنا من لفتة حلوة ترفل لها العين بالمحبّة، وميزتنا الّتي نتماهى بها, أن لاقدرة عندنا على حركة الإستيعاب للغير, ولا فعل لنا في كظم الغيظ في نفوسنا, ولالنا القدرة الذّاتيّة للمبادرة بالعفو عن النّاس...
    إذا غضبنا ولو لأتفهالأمور, فغضبنا يتفجّر ثائرا كما البركان المتفجّر بشواظ الحمم، نتشظّى بحممشتائمنا ذات اليمين وذات اليسار, وسبابنا يحرق دون رحمة, ولعننا يدمّر دون رأفة, وشتمنايخرّب ولا همّ عندنا... بركان شتائمنا يثور فجأة، وعلى حين غفلة من ذاتنا, ولايخمد أبدا, وتتصاعد حممه بسرعة مزهلة عند فعل الغضب، وتعلو ألسنة شتائمنا كالشّياطين،وتتوزّع لسعات لساننا كما رشقات البنادق الآلية، ومدافعنا الشّتائميّة سريعة الطّلقاتوالقصف, توزّع رشقاتها في كلّ الإتّجاهات و لا تتوقّف ولا تتعثّر، ولا تستريح ولا تستكين،وأبالسة شياطيننا حاضرة دائما، بكامل جهوزيّتها وإستعداداتها, نختارها من مردةفواجر الإنس وننتقيها من جلاوزة الجنّ الأحمر والأسود, والغاية في منظومتناالشّتائميّة تُبرّر الوسيلة...
    حضور بديهتنا سربعةجدّا في حركة الفعل, ولا مثيل لها في إستنباط أنواع وأنواع من الشّتائم, وفكرنامتحفّذ دائما لإختيار الأقذع الأقذع من الشّتائم, فما أجرأنا على بعضنا بعضا؟!...حيث لا يطيب لنا الإطمئنان في حلّ مشاكلنا, إلاّ في حركة فعل جنون التّباري فيمابيننا ومع الآخرين, أيّنا الأسرع غضبا وثورة وحنقا, ومن منّا الأشدّ شتما ولعنا,ومن فينا الأقسى ضربا سبابيّا ووجعا, ومن يكون بيننا الأفعل ألما وإيلاما وتجريحا...
    قاموسنا الشّتائمي مستدامالتّنامي في ألفاظه والتّحديث في كلماته, وهو دائما غنيّ بكلماته وثريٌّ بسبابه وزاخربلعناته، محارفه لا تُعدّ ولا تحصى, مفرداته كثيرة المعاني وغزيرة التّعابير،وقرائحنا محشوّة بالكثير الكثير, وفوّارة سيّالة دفّاقة, لا تنضب من كلمة شتائميّةجديدة, ولا تجفّ ينابيعها عن لفظة لعنيّة مستحدثة، وقدراتنا فائقة على الإبتكار والإبداعوالخلق وعالية الجودة في الرّسم والتّشكيل لفنون الشّتم واللعن والسّبّ، ولدينا الميزةوالسّمة في القدرة على فعل التّركيب لفنون شتائمنا, وحركة التّبديل في جودةسبابنا, وحذاقة التّغيير في مضامين لعناتنا، لتكون الشّتائم واللعنات والمسبّات الّتينتداولها في يوميّاتنا, بليغةً جدّا وقاسية أكثر، غريبةً في فحواها, عجيبة فيمنطوقها، لاذعة وجارحة وقادحة وساحقة, ولا من يجاريها...
    الشّتائمٌ والسّبابواللعنات الّتي نستخدمها في معتركات عيشنا اليوميّ مع بعضنا ومع الآخرين, لم ولن ولايعرفها ربّما أجدادنا السّابقون في بيئة مجتمعاتهم، وهي شتائم ومسبّاتٌ ولعنات غريبةعجيبة, ترتعد لهول وقعها الأبالسة والشّياطين, وربّما لم ولن ولا وردت على آذان كثيرمن السّامعين، يستنكرها ولا يرضى عنها من حالفهم النّضوج والوعي والعرفانوالإستنارة من الكبار، ويحفظها عن ظهر قلب الصّغار الّذين سمعوها عن آبائهموأمّهاتهم ورفقاء السّوء لهم في الشّارع وفي الزّقاق والزّاموق، وربّما في المدرسةأيضا, تطال كلّ شيء ولا تثتثني شيء, فللأبّمنها ما تيسّر وللأمّ منها أكثر، ولا يسلم منها الشّرف والعرض، ولا تُجنّب فيها الزّوجةوالأخت، وبعضها من إنتاج محلّي تقني ومن الواقع البيئي المعاش في المجتمع, وبعضهاالآخر نستحضره ونستورده من الخارج, عبر العرض والطّلب, والبعض الآخر نحمله معنا منبيئة إلى بيئة, فيما البعض إستهويناه من تعامل وألفاظ بعض الأجانب, أو استوردناهمن الغربة الّتي إرتحلنا إليها زمنا, والبعض من هذه الشّتائم إقتبسناه من الوافدينإلى مجتمعنا أو أولئك السّائحين, ومن الشّتائم ما نقلناه عن الإعلام الأصفروالثّورة المعلوماتيّة الرّقميّة... فجاءت شتائم مركّبة وهجينة, وكانت سباباتمزيجة من هنا وهناك, ولعنات متماذجة بين كلمات شتائمنا وسباباتنا ولعناتنا...
    ومن الشّتائموالسّباب واللعنات تلك الّتي نتجرّأ بها على من فوقنا في السّماء, ونتتطاول بهاكفرا وإلحادا على الذّات الإلهيّة، ونتجنّى بها على حرمات المقدّسات الدّينيّة، ونعتديبها زورا وبهتانا على الحرمات والمقدّسات، ولا نستثني فيها قيمةً من قيم الأديان, إلاّوننبشها من مخبئها, ونشتمها ونسبّها ونلعنها، ومن شتائمنا المتداولة بين بعضنا تلكالّتي تنال إهانة من الرّسل والأنبياء, وتطال كرامات الخلفاء والأئمّة والقادةالكبار ورجال الدّين, ولا تستثني زوجاتهم وأمّهاتهم والمؤمنات، والطّاهراتالعفيفات، وتمتد الشّتائم واللعنات والسّبابات لتشمل أصحاب الكتب الدّينيّة والرّسالاتالسّماويّة، من لدن آدم, وصولاً إلى خاتم الرّسل والأنبياء...
    قواميس شتائمناوسبابنا ولعننا, والّتي تزخر بها صدورنا وعقولنا ووجداننا وقرائحنا وألسنتنا, ليس فيهامن حرمة وإحترام لرجلٍ متقدّم في السّنّ والعمر أو عجوز، وليس فيها من حرمة لكبيروقور, ولا حساب فيها لمعالم هيئات الإحترام, ولا وقوف لها عند مشهديّات أشكالالوقار, وليس فيها من إحترام وتقدير لمن تظهر على وجوههم هيبات الإحترام والتّقدير،وليس فيها من حرمة لميّتٍ تحت التّراب, ولا كرامة فيها لحيّ يجري على التّراب، ولارحمةً لضعيفٍ أو مريض أو سقيم أو فاقد الوعي والرّشد، ولا حرص فيها على طفلٍ صغيرأو قاصر أو يتيم أو فقير أو معوز أو متسوّل...
    وفي قاموس شتائمنا,المكتنز بالسّباب واللعنات, المفتقر لكلّ الألفاظ الرّقية الكريمة, ليس فيه من خجلعلى أو من إمرأةٍ أو سيّدة, ولا وجل فيه من فتاة أو أنثى، صغيرةً كانت أو كبيرة،ولا مراعاة لحشمةٍ, أو الوقوف عند عيبٍ ما، ولا حياء من أخت، ولا خوف من أم، ولاحرص على مشاعر المرأة، بل سعيٌ حثيثٌ لخدشِ كرامتها، وفعل عن سابق تصميم لإهانةِمشاعرها، والقصد في الإساءة لنفسها وثلم أنوثتها وكرامتها، واعتداءٌ فاضح عليها،وتطاولٌ على مكنون وحرمات ومفاتن جسدها...
    كُلُّنا شتّامون وكُلُّناسبّابون ووأغلبنا لاعنون, إلاّ من رحم ربّي وهم قليل, فالشّرطيّ يمارس فعل الشّتممن الفجر إلى النّجر، والموظّف يرفع صوته بالشّتم ويصخب بالسّبّ، ورجل الأمن يسبّويلعن، ويهدّد ويتوعّد، والطّفل الصّغير في الشّارع يشتم ويسبّ ويلعن، ويرفع صوتهبغريب الشّتائم ولا يخاف، والسّائق يصرخ ويشتم ويلعن, إذ لا رادع يردعه, ولا وجدانيضبطه, وليس هناك من يحاسب الشّتّام أو يحاسبه, ولا الموظّف من مسؤول يطالبه، ولاالصّغير تؤنّبه أمّ، ولا يعنّفه أبّ، ولا إبن الشّارع يمنعه أو يعاقبه قانون...
    الرّجال تشتم وتسبّوتلعن، والنّساء ترفض أن تكون أقلّ من الرّجال فتلعن، وتسبّ وتشتم، وتباري الرّجالبكلماتها وألفاظها، وتنافسهم بمخزون مفرداتها، إذ لديها أكثر من الرّجال، وعندهاما يميّزها كأنثى، تصرخ وتمارس العويل وترفع من صوتها, وتمارس فعل الافتراء والإدّعاءوالإتّهام, وأحياناً استخداماً للحذاء الّذي تنتعل أو تجد بين يديها...
    المثقّف في مجتمعاتناالعربيّة كما الجاهل يستويان في الشّتم ولا يختلفان في اللعن والسّبّ، كلاهمايمارس اللعن والشّتم والسّبّ ولا يرعويان, والمتعلّمون على شاكلة الأمّيّين,يتساوون في أوقاتٍ ما، ويتطابقون في ساعات معيّنة، فتتلاشى الفروقات بينهم، وتسقطالفوارق عندهم، فيتباريان أيّهم أسرع غضباً، وأشدّ سبّاً ولعناً وشتماً...
    مظاهر غريبة وأشدّ غرابة في بيئةمجتمعاتنا, ومشهديّات عجيبة وأشدّ عجبا في لغة التّبادل الشّتائمي بين أفرادنا، وهيمستنكرة أشدّ الإستنكار ومدانة بقوّة وشدّة، ومرفوضة جملة وتفصيلا وغير مقبولة،وهي وإن لم تكن ظواهر عامّة وسائدة في كلّ مكان في أرحبة المجتمعات، وشائعة وسائدةفي كلّ بيئة، إلاّ أنّها في نفس الوقت موجودة بيننا، شئنا أم أبينا, لا نخفيها عنالآخرين ولا ننكرها في المكان والزّمان، ولا نفترض في البعد الخيالي وندّعي عدموجودها وأنّها ليست قائمة، ولا يجوز لنا أن نخفّف من وقع فعلها الأسوأ, ولا علينارغبة منّا في التّجميل أن نقلّل من أخطارها ومساوئها في بيئتنا ومجتمعنا...
    ففي الوقت الّذي لا نستطيع فيهعلاجها, مهما بذلنا من تربية وتوجيه وهدي، ولا ننجح في محاربتها مهما تصرّفنابقساوة أو حتّى بليونة، فعلينا أن نتصرّف بكثير من الحكمة والدّراية, وإعدادالأجيال الصّالحة الّتي لا تحمل في كينونتها إلاّ الكلمة الطّيّبة واللفظة الجميلةواللغة الأنيقة... لأنّ مثل هذه المظاهر تتعارض مع المناقب الرّفيعة والعالية,وتتعاكس مع مكارم الأخلاق وسموّها, وتخالف منظومات الشّرع الدّيني في كلّالرّسالات والأديان السّماويّة, وتتعارض مع كلّ قيم الحضارة والمدنيّة والمذاهبوالفلسفات الوضعيّة، وتتناقض مع الذّوق واللباقة وبلوماسيّة السّياسة، وتتنافي معالحسّ المرهف والشّعور الإنساني، ولا تتطابق مه ميّزات الخلق النّبيل، وتتعارض كثيرامع درجات الثّقافة والعلم والفنون... وهو ما يوجب علينا محاربتها وإزالتها مندواخلنا وفي أنفسنا أوّلاً, قبل مطالبة الآخرين بالإمتناع عنها، ونبذ التّعامل بهاوالتّواصل بها والتّداول بها, وبالتّالي العمل الفعلي لإرشاد وتوعية الآخرين للتّوقّفعن استخدامها واللجوء إليها ومهم كانت الأسباب والمسبّبات...
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
ردود 2
9 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X