بقلم: مازن الحمداني - 16-06-2014 | (صوت العراق) | نسخة سهلة الطبع
تبنت الدولة العراقية التي اسستها بريطانيا مشروع تصفية الاكراد بالشيعة ليحكم العراق من الاقلية العربية السنية فيه.فكانت قاعدة (عبد الزهرة يقتل كاكا حمة وكاكا حمة يقتل عبد الزهرة) في مقدمة مشروع اهلاك الاثنين.
اضيف للمشروع عام 1980 قاعدة جديدة(تصفية الشيعة بالشيعة)اوبتعبير البعثية(اطلقوا عليهم كلابهم)أي شيعة العراق ضد شيعة ايران في مشروع القادسية العالمي.فضلا عن حملات الاعتقال والتصفية التي انتجت المقابر الجماعية المضافة للمقابر الجماعية على الحدود الايرانية.ومع احتساب المعاقين والمهجرين والللاجئين والاسرى والمسفرين والاعداد التي كان يفترض ان يلدها كل هؤلاء....يمكن ان نقف على ان المشروع ساهم في تخليص المشروع الدولي من ملايين الشيعة ،والاف الكرد.
انتهى المشروع البريطاني تماما بتنفيذ صدام خطوة دخول الكويت بامر (او لنماشي البعض ونقول بخديعة)من امريكا.وانتهت خطوة صدام بامر انسحاب غريب.فقد عرض على صدام ان ينسحب في اسبوع فرفض،ثم عرض الانسحاب في اربعة ايام ورفض ايضا،ثم وافق على الانسحاب تحت القصف ليقدم عشرات الالاف من الجنود الشيعة قرابين،فضلا عن كميات هائلة من الاسلحة والاليات التي لم يقبل بسحبها خلال اسبوع .اما القادة فقد كانوا قد انسحبوا قبل امر الانسحاب المريب بيومين وقبل ان يعرف الجنود بذلك.مع استثناء بعض الضباط الذين لايعني امرهم صدام وزمرته شيئا. وكان هذا هو الانسحاب العراقي المريب الاول.
اما عربيا فقد كان الانسحاب الذي تلا الهدنة مع الصهاينة عام 48 اول انسحاب وهدنة مريبين!
تلاه امر الانسحاب المصري المفاجىء تحت القصف الصهيوني عام 67 وقد صدر من ناصر للجيش دون علم القادة،فانسحبوا في الصحراء وتحت القصف كما فعل صدام من قبل وكبد هذا جيش مصر من الخسائر البشرية والمادية والمعنوية الكثير. وقد قام صدام او الغرب باستنساخ التجربة المصرية في العراق تماما،ثلاثة حروب،وحصار اقتصادي،وقائد رمز يجيد القاء الخطب والشعارات والتحول لرمز للامة،وانسحاب في الصحراء،وهزيمة شنيعة يدمر فيها الامة،ثم تبكيه الامة!
الانسحاب الثاني عراقيا كان بامر صدام ايضا،وكان مفاجئا للجميع،وهو انسحاب من كردستان،من قبل الجيش والاجهزة الامنية والادارية،وهو انسحاب راجل،أي انسحاب بدون اسلحة او اليات!!!!
لتتحول ثلاث محافظات الى اقليم تلقائيا،ولتقوم مخابرات النظام بدعم حزب البارزاني ضد حزب طالباني بامر امريكي تركي،وليصل هذا الدعم الى حد دخول الحرس الجمهوري الى اربيل برفقة بيشمركة البارزاني عام 96 لتغيير المعادلة لصالح البارزاني وحصر طالباني في السليمانية.
وقد بدا النظام خلال فترة التسعينات (الامريكية) بتنفيذ المخطط الامريكي،تهيئة اقليم كردي مستقل،افراغ بغداد من اكبر قدر من الشيعة من خلال تسفير الشيعة الذين لايحملون تعداد 57،ومنع من هو غير مسجل في هذا التعداد من السكن في بغداد،واستثناء محافظات تكريت والرمادي والموصل وديالى تحت عنوان(محافظات بيضاء)،ووصل الامر لتخصيص منطقة لسكن التكارته(سوق حمادة)،ومنع (غير الاعظمي من سكن الاعظمية)!!اضافة الى حملة اسكان اعداد كبيرة من السنة فيما بات يعرف حاليا (حزام بغداد)،كالراشدية والطارمية والتاجي وجسر ديالى والوحدة والحفرية والاسكندرية والحصوة وهور رجب وجرف الصخر والمحمودية واليوسفية واللطيفية وغيرها.فضلا عن حملات مستمرة لتغيير الحدود الادارية لبعض المحافظات لاسيما الانبار التي اصبحت تشكل ثلث العراق،ممتدة صحروايا مع بغداد وبابل وكربلاء والنجف والمثنى.
وكان انسحاب قوات حماية بغداد اخر انسحابات نظام صدام المريبة،والتي انتهت باخر مؤتمر صحفي للصحاف،يوم كانت الاباتشي الامريكية تحوم حول مؤتمره الصحفي،وتعبر من خلفه دبابات المارينز!
مهمة صدام لم تنته،لكن من تكفل باتمامها كانت مجاميع يقال انها (ارهابية) رغم انها صنعت في افغانستان برعاية امريكية وتمويل عربي ،وهي اليوم جزء لايتجزأ من المشروع الامريكي الكبير،والذي يضم اضافة لما يقوم به هؤلاء من تصفية لماتبقى من شيعة من مناطق ديالى وبغداد والموصل وغيرها،مهمة تشويه الاسلام والتنفير منه،بعد ان اصبح الاسلام خلال عقود قلائل الدين الثاني في كل بلدان اوربا،والمتوقع ان يصبح الاول فيها خلال نصف قرن فقط،اذا ما استمرت الامور دون (غزوات جهادية اسلامية)مع مشاهد قطع رؤوس وماشابه،ساهمت كثيرا في ارتداد بعض من اسلموا من الغربيين،كما ساهمت في تراجع نسبة معتنقي الاسلام سنويا. وبربط مهمة صدام التي تبناها بعده تنظيم بمسميات مختلفة،تتلخص بتهيئة العراق للتقسيم الى ثلاث مناطق،كردية،وسنية خالصة،وشيعية خالصة.
واذا كان حزب البعث حزب ضعيف بلا قاعدة شعبية لم يتوقع احد ان يصعد للسلطة مرتين،وهو الامر الذي اثار الكثير من الشكوك والشبهات حوله،فان حزب الدعوة الذي ظهر انه بلا قاعدة شعبية بعد 2003 تمكن من ركوب اكتاف الائتلاف الوطني واحتوائه واحتكار السلطة التي لم يكن يملك حين وصل في 2005 اليها ولاحتى عشر مقاعد الائتلاف.ويبدو انه قد نجح للمرة الثانية في تاريخه بهذا الشكل،فقد دخلت قيادة هذا الحزب،وهي التي كانت قيادة تابعة لحزبي التحرير والاخوان،الى حزب الدعوة المؤسس حوزويا في النجف،لتنجح القيادة المشبوهة الجديدة في اقصاء القيادة الدينية واحتلال مكانها بالكامل خلال بضعة سنوات ليس الا. ورغم ان الحزب تاسيس وقيادة جماعية،الا ان الحزب نجح في تمرير اكذوبة تقول انه تاسيس وقيادة لمحمد باقر الصدر الذي انسحب منه مطلع الستينات،واصدر فتواه الشهيرة بحرمة انتماء طلبة الحوزة لاي حزب،ليعلن حزب الدعوة ان الصدر(ابن عاق) للحزب. *راجع على الشبكة –وثائقية ابن الدعوة العاق-* للتوثيق والتفصيل.
قاد الحزب مهمة اكمال بعض المهام السابقة المتمثلة باقصاء المرجعية واحتوائها وتبني مشاريع حوزة عربية ومرجع عراقي وعداء فارسي عربي وقيادة الحزب للدولة وتخلف المرجعية وفسادها الخ.
نجح الحزب في احتواء الدولة ومؤسساتها،وتحول خلال سنوات قلائل الى ان يكون هو الدولة وهو الدستور وهو الحكومة،تحت شعار الديمقراطية والانتخابات التي نجح في اجادة تمثيلها بحرفنة مكنته من التملص من كل محاولات منافسيه من ابعاد نفوذه عنها وعن مفوضيتها.
وبعد ان توصلت الاحزاب الى ان الولاية الثالثة تعني الكارثة،وهو ذات الامر الذي توصلت اليه المرجعية التي سعت بقوة لاحداث تغيير سلمي،وجدالحزب،بل الاصح من خلف الحزب،ان اللعبة وصلت الى نهايتها.
وصلنا الى اخر انسحاب عراقي مريب.اربعة فرق عسكرية تنسحب بلا قتال هذه المرة!
منفذوا الانسحاب معاون رئيس اركان الجيش وقائد العمليات المشتركة وقائد القوة البرية.ولو علق هؤلاء على المشانق قلنا نعم هي خيانة!ولكن الطائرة كانت تنتظرهم لتقلهم الى بغداد فور وصولهم الى كردستان لوحدهم بلا حماية.استيقظ الجنود صباحا ليجدوا انفسهم بلا ضباط! ولايعقل ان مئات الضباط تواطؤا على امر كهذا ولم يصل لعلم القائد العام الذي عودهم على ان يتصل كل منهم به مباشرة دون الحاجة الى سلسلة مراجع!
البعض يضحك على نفسه فيقول السبب ضباط الدمج واجتثاث البعثيين،وكل هؤلاء بعثيين لم يجتثوا وليس فيهم دمج.وكل هؤلاء كانوا محاطين بعناصر استخبارات عسكرية ومخابرات ينقلون للمالكي كل تحركاتهم.لاسيما ان الايام الاخيرة كانت ساخنة،بوضع الموصل ذاتها،او تصريحات الاقليم المريبة.
دخلت داعش باعداد هزيلة للموصل بلا قتال وباليات مدنية لتجد ان بانتظارها اليات واسلحة عسكرية كاملة.ودخلت البيشمركة اماكن اخرى وحصلت على حصتها من العملية،ولم تقترب داعش من المناطق التي سيطر عليها الكرد!ولم يقترب الكرد من مناطق داعش!ولم يتحرك القائد العام بخطوة واحدة!
تم اعلان حضر التجول في تكريت،واذا بالضباط ينسحبون ليلا،وداعش تدخل نهارا.واذا بالضباط ينسحبون من كركوك والبيشمركة يدخلون محلهم.والقائد العام لايحرك ساكنا،الا انه والشهادة لله،القى الكثير من الخطب الرنانة.وصلت داعس لسامراء،وبلدوالدجيل والضلوعية،والقائد العام(يصقل سيفه).واذيع انها تتوجه لبغداد برتل كبير،واذا بالقائد يحشد قواته على اطراف بغداد منتظرا،وهو صاحب الارض والطيران والدروع وووو الخ!
الاقليم اعلن عن ضم المناطق التي سيطر عليها،اذن كان هذا تطبيقا سريعا للمادة 140.لم تدخل البيشمركة للحويجة لانها لاتريدها،وتركت جلولاء وتلعفر وغيرها من مناطق الكرد والتركمان الشيعة تتعرض لخطر الابادة،لتنتهي الامور اما بابادتهم فيريحون ويستراحون ويخلص منهم الجميع.واما ان يقبلوا فرحين بالخضوع والانضمام للاقليم.
والاقليم استكمل مقومات بناء الدولة،فقد منحه المالكي17%من الميزانية بداعي انه اشتراهم ليدعموه في ولايته خلال السنوات السابقة،ولكن الحقيقة هي انه دعمهم لبناء دولتهم،وانه منح الفيزا لشركات النفط لاستخراجه وتصديره من الاقليم،ودفع مبالغ عقود تلك الشركات من وزارة النفط العراقية رغم كل التصريحات النارية المتبادلة.وغض الطرف عن تصدير الاقليم للنفط،وقداعلن مؤخرا ان الاقليم يصدر النفط من سنة 2010 وحتى الان. والان فط بات يعلن الكثير،لاشعال العداء الطائفي والقومي،ليكون عاملا مساعدا للتقسيم الذي بدا باحتلال الموصل،وهاهي الصحافة الناطقة بلسان الغرب تقول بصراحة ان الشرق الاوسط القديم مات باحتلال الموصل.
للتذكير فقط- القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء وزير للدفاع والداخلية والامن الوطني والمخابرات. وقد اعتاد منذ ولايته الاولى على تجاهل البرلمان فلم يرجع اليه في تعيين اصحاب الرتب من قائد فرقة فما فوق كما ينص الدستور،كما تجاهله في تعيين واقالة مناصب اخرى لاتدخل ضمن صلاحياته اصلا.انشأ قوات عسكرية كثيرة بلا قانون،انشأ مليشيات عسكرية كالصحوات ومجالس الاسناد وكلها تابعة له لا لاحد سواه. وكلها متربطة بحزبه كما يرتبط بحزبه رئيس الجمهورية الذي يفترض انه من حصة الكرد اضافة لحصتهم في المخابرات وكلها تنازلوا عنها له لانهم خرجوا من الدولة العراقية فعليا ولم يبق الا اعلان دولتهم.
وللتذكير فقد حاول رئيس الوزراء تمرير قانون طوارىء مريب لم يقبله البرلمان،حيث شخص كل المراقبين ان امورا ستجري بعد الانتخابات يحتاج المالكي معها ان يحكم قبضته على الامور بمثل هذا القانون.ثم طلب اعلان الطوارىء،وقيل ان من لايحضر ومن لايصوت للطوارىء فهوخائن. ثم تبين ان المالكي لايحتاج لقانون الطوارىء! لانه سيكتفي بقانون السلامة الوطنية الذي يتطلب بدوره اعلان الطوارىء،ورغم انه قانون غير نافذ وفقا للدستور.
ومن ازمة الرمادي التي تركها المالكي تنضج ببطء رغم امكانية حسمها في اليوم الاول مع تصريحات العلواني الطائفية التحريضية اضافة لتصريحات بعض المشايخ التكفيريين،اضافة لقيامهم بقطع الطريق الدولي.ولكنه تركهم يتكاثرون ويهيمنون على الامور كما ترك الموصل وسامراء،بعد ان ابعد ابو الوليد ورشيد فليح عن المدينتين،بل ان بعض التغييرات تمت قبل الانسحاب المريب بليلة واحدة فقط كما كشف بعض الجنود لوسائل الاعلام .يضاف لامتناع المالكي عن اتخاذ أي خطوات مع تدهور الاوضاع في سامراء والموصل،امتناعه عن طلب الدعم الامريكي المفترض وفقا لاتفاقية الحماية المشتركة.ويضاف امتناع امريكا الا واستبعادها ذلك في الوقت القريب رغم ان داعش قد اقتربت من بغداد. من الواضح ان طائرة او اثنتين من نوع اباتشي او اف 16كفيلة بقصم ظهر داعش وناعش وثلثطاعش.ولكن...الشرق الاوسط القديم مات!تذكروا.وهي ذات العبارة التي قالتها رايس مع بدء الهجوم الاسرائيلي على حزب الله عام 2006!قبل ان يفشل الهجوم وتعاد الحياة للشرق الاوسط .
والعراق يستاهل،فلو انه رحب بالانكليز عام 1914،ولولا انه لم يعلن الثورة عليهم عام 1920،لما حدث له كل هذا،والسبب المرجعية.مع انه لولا تدخلها ماكان العراق عراقا بل ولاية هندية!
ولو ان هذه المرجعية لم تعلن اصرارها على الانتخابات،لو انها لم تدعم كتلة تبغضها امريكا وتمنع اخرى تحبها،لو انها لم تفشل مشروع الحرب الاهلية الناجح في سوريا وليبيا ،وقريبا في الاردن ومصر وتونس والخليج،لو انها لم تطالب (بتغيير الوجوه وتحث الناس على المشاركة في الانتخابات)،لكنا نعيش عراقا امريكيا،هادئا لبضعة سنوات على الاقل،قبل ان يمسح من الخارطة،كما ستمسح الكثير من الدول في ظل التعديلات التي تقرر اجرائها على سايكس بيكو،بعد 100 عام علي رسمها،وبعد 100 عام على اقناع العرب باعلان ثورتهم الممهدة لاستعبادهم بعد (الثورة العربية الكبرى).
اننا نعيش اليوم (ثورة عربية كبرى)ولكن على الطراز(الفيسبوكي)هذه المرة،فقد اعتاد العرب ان ينحرو الاضاحي في الاعياد وفي افتتاح المشاريع،ولافتتاح المشروع الجديد،لابد ان يقدموا المزيد من الاضاحي في ثورات الربيع او الخريف العربي.
رائعة هي دبي،85%من سكانها اجانب،و15%اصليون مضطرون لتعلم الانجليزية ليتمكنوا من العيش والتنقل فيها.اذن هي تستجيب بمرونة للتغير ودخول فصل الربيع الشرق اوسطي،لاسيما انها باتت تستقبل التبشير والتنصير برحابة صدر،اثلجت صدور المبشرين باقبال المواطنين الوديعين على التنصير.ولاندري ان كان بطل التحرير الاماراتي سيكلف بدور ضم الامارة الثامنة (قطر)على طريقة ضم (المحافظة19)!
وكل يعيش الربيع من موقعه.
الموقع العراقي في 1914 تطلب اعلان المرجعية للجهاد،كما تطلب في 2014 اعلان المرجعية للجهاد.تحملت بريطانيا غصصا طيلة عقود في العراق لم تتحملها في الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس،فهل ستتحمل امريكا الغصص ذاتها،ام ان الطريقة الامريكية في استخدام الضد النوعي امضى من طريقة حكم الاقلية العربية السنية التي اسستها بريطانيا؟
الجواب:ان القائد العام قد نجح بشكل كبير حتى الان في استخدام الطريقة الامريكية.والتاريخ سيكشف عن الفائز. بعد ان تبين ان المالكي لم ينجح في شراء العشائر بشكل كبير،فهاهي تقول للمرجعية كما في 1914،حي على الجهاد.
مازن الحمداني
امستردام
تبنت الدولة العراقية التي اسستها بريطانيا مشروع تصفية الاكراد بالشيعة ليحكم العراق من الاقلية العربية السنية فيه.فكانت قاعدة (عبد الزهرة يقتل كاكا حمة وكاكا حمة يقتل عبد الزهرة) في مقدمة مشروع اهلاك الاثنين.
اضيف للمشروع عام 1980 قاعدة جديدة(تصفية الشيعة بالشيعة)اوبتعبير البعثية(اطلقوا عليهم كلابهم)أي شيعة العراق ضد شيعة ايران في مشروع القادسية العالمي.فضلا عن حملات الاعتقال والتصفية التي انتجت المقابر الجماعية المضافة للمقابر الجماعية على الحدود الايرانية.ومع احتساب المعاقين والمهجرين والللاجئين والاسرى والمسفرين والاعداد التي كان يفترض ان يلدها كل هؤلاء....يمكن ان نقف على ان المشروع ساهم في تخليص المشروع الدولي من ملايين الشيعة ،والاف الكرد.
انتهى المشروع البريطاني تماما بتنفيذ صدام خطوة دخول الكويت بامر (او لنماشي البعض ونقول بخديعة)من امريكا.وانتهت خطوة صدام بامر انسحاب غريب.فقد عرض على صدام ان ينسحب في اسبوع فرفض،ثم عرض الانسحاب في اربعة ايام ورفض ايضا،ثم وافق على الانسحاب تحت القصف ليقدم عشرات الالاف من الجنود الشيعة قرابين،فضلا عن كميات هائلة من الاسلحة والاليات التي لم يقبل بسحبها خلال اسبوع .اما القادة فقد كانوا قد انسحبوا قبل امر الانسحاب المريب بيومين وقبل ان يعرف الجنود بذلك.مع استثناء بعض الضباط الذين لايعني امرهم صدام وزمرته شيئا. وكان هذا هو الانسحاب العراقي المريب الاول.
اما عربيا فقد كان الانسحاب الذي تلا الهدنة مع الصهاينة عام 48 اول انسحاب وهدنة مريبين!
تلاه امر الانسحاب المصري المفاجىء تحت القصف الصهيوني عام 67 وقد صدر من ناصر للجيش دون علم القادة،فانسحبوا في الصحراء وتحت القصف كما فعل صدام من قبل وكبد هذا جيش مصر من الخسائر البشرية والمادية والمعنوية الكثير. وقد قام صدام او الغرب باستنساخ التجربة المصرية في العراق تماما،ثلاثة حروب،وحصار اقتصادي،وقائد رمز يجيد القاء الخطب والشعارات والتحول لرمز للامة،وانسحاب في الصحراء،وهزيمة شنيعة يدمر فيها الامة،ثم تبكيه الامة!
الانسحاب الثاني عراقيا كان بامر صدام ايضا،وكان مفاجئا للجميع،وهو انسحاب من كردستان،من قبل الجيش والاجهزة الامنية والادارية،وهو انسحاب راجل،أي انسحاب بدون اسلحة او اليات!!!!
لتتحول ثلاث محافظات الى اقليم تلقائيا،ولتقوم مخابرات النظام بدعم حزب البارزاني ضد حزب طالباني بامر امريكي تركي،وليصل هذا الدعم الى حد دخول الحرس الجمهوري الى اربيل برفقة بيشمركة البارزاني عام 96 لتغيير المعادلة لصالح البارزاني وحصر طالباني في السليمانية.
وقد بدا النظام خلال فترة التسعينات (الامريكية) بتنفيذ المخطط الامريكي،تهيئة اقليم كردي مستقل،افراغ بغداد من اكبر قدر من الشيعة من خلال تسفير الشيعة الذين لايحملون تعداد 57،ومنع من هو غير مسجل في هذا التعداد من السكن في بغداد،واستثناء محافظات تكريت والرمادي والموصل وديالى تحت عنوان(محافظات بيضاء)،ووصل الامر لتخصيص منطقة لسكن التكارته(سوق حمادة)،ومنع (غير الاعظمي من سكن الاعظمية)!!اضافة الى حملة اسكان اعداد كبيرة من السنة فيما بات يعرف حاليا (حزام بغداد)،كالراشدية والطارمية والتاجي وجسر ديالى والوحدة والحفرية والاسكندرية والحصوة وهور رجب وجرف الصخر والمحمودية واليوسفية واللطيفية وغيرها.فضلا عن حملات مستمرة لتغيير الحدود الادارية لبعض المحافظات لاسيما الانبار التي اصبحت تشكل ثلث العراق،ممتدة صحروايا مع بغداد وبابل وكربلاء والنجف والمثنى.
وكان انسحاب قوات حماية بغداد اخر انسحابات نظام صدام المريبة،والتي انتهت باخر مؤتمر صحفي للصحاف،يوم كانت الاباتشي الامريكية تحوم حول مؤتمره الصحفي،وتعبر من خلفه دبابات المارينز!
مهمة صدام لم تنته،لكن من تكفل باتمامها كانت مجاميع يقال انها (ارهابية) رغم انها صنعت في افغانستان برعاية امريكية وتمويل عربي ،وهي اليوم جزء لايتجزأ من المشروع الامريكي الكبير،والذي يضم اضافة لما يقوم به هؤلاء من تصفية لماتبقى من شيعة من مناطق ديالى وبغداد والموصل وغيرها،مهمة تشويه الاسلام والتنفير منه،بعد ان اصبح الاسلام خلال عقود قلائل الدين الثاني في كل بلدان اوربا،والمتوقع ان يصبح الاول فيها خلال نصف قرن فقط،اذا ما استمرت الامور دون (غزوات جهادية اسلامية)مع مشاهد قطع رؤوس وماشابه،ساهمت كثيرا في ارتداد بعض من اسلموا من الغربيين،كما ساهمت في تراجع نسبة معتنقي الاسلام سنويا. وبربط مهمة صدام التي تبناها بعده تنظيم بمسميات مختلفة،تتلخص بتهيئة العراق للتقسيم الى ثلاث مناطق،كردية،وسنية خالصة،وشيعية خالصة.
واذا كان حزب البعث حزب ضعيف بلا قاعدة شعبية لم يتوقع احد ان يصعد للسلطة مرتين،وهو الامر الذي اثار الكثير من الشكوك والشبهات حوله،فان حزب الدعوة الذي ظهر انه بلا قاعدة شعبية بعد 2003 تمكن من ركوب اكتاف الائتلاف الوطني واحتوائه واحتكار السلطة التي لم يكن يملك حين وصل في 2005 اليها ولاحتى عشر مقاعد الائتلاف.ويبدو انه قد نجح للمرة الثانية في تاريخه بهذا الشكل،فقد دخلت قيادة هذا الحزب،وهي التي كانت قيادة تابعة لحزبي التحرير والاخوان،الى حزب الدعوة المؤسس حوزويا في النجف،لتنجح القيادة المشبوهة الجديدة في اقصاء القيادة الدينية واحتلال مكانها بالكامل خلال بضعة سنوات ليس الا. ورغم ان الحزب تاسيس وقيادة جماعية،الا ان الحزب نجح في تمرير اكذوبة تقول انه تاسيس وقيادة لمحمد باقر الصدر الذي انسحب منه مطلع الستينات،واصدر فتواه الشهيرة بحرمة انتماء طلبة الحوزة لاي حزب،ليعلن حزب الدعوة ان الصدر(ابن عاق) للحزب. *راجع على الشبكة –وثائقية ابن الدعوة العاق-* للتوثيق والتفصيل.
قاد الحزب مهمة اكمال بعض المهام السابقة المتمثلة باقصاء المرجعية واحتوائها وتبني مشاريع حوزة عربية ومرجع عراقي وعداء فارسي عربي وقيادة الحزب للدولة وتخلف المرجعية وفسادها الخ.
نجح الحزب في احتواء الدولة ومؤسساتها،وتحول خلال سنوات قلائل الى ان يكون هو الدولة وهو الدستور وهو الحكومة،تحت شعار الديمقراطية والانتخابات التي نجح في اجادة تمثيلها بحرفنة مكنته من التملص من كل محاولات منافسيه من ابعاد نفوذه عنها وعن مفوضيتها.
وبعد ان توصلت الاحزاب الى ان الولاية الثالثة تعني الكارثة،وهو ذات الامر الذي توصلت اليه المرجعية التي سعت بقوة لاحداث تغيير سلمي،وجدالحزب،بل الاصح من خلف الحزب،ان اللعبة وصلت الى نهايتها.
وصلنا الى اخر انسحاب عراقي مريب.اربعة فرق عسكرية تنسحب بلا قتال هذه المرة!
منفذوا الانسحاب معاون رئيس اركان الجيش وقائد العمليات المشتركة وقائد القوة البرية.ولو علق هؤلاء على المشانق قلنا نعم هي خيانة!ولكن الطائرة كانت تنتظرهم لتقلهم الى بغداد فور وصولهم الى كردستان لوحدهم بلا حماية.استيقظ الجنود صباحا ليجدوا انفسهم بلا ضباط! ولايعقل ان مئات الضباط تواطؤا على امر كهذا ولم يصل لعلم القائد العام الذي عودهم على ان يتصل كل منهم به مباشرة دون الحاجة الى سلسلة مراجع!
البعض يضحك على نفسه فيقول السبب ضباط الدمج واجتثاث البعثيين،وكل هؤلاء بعثيين لم يجتثوا وليس فيهم دمج.وكل هؤلاء كانوا محاطين بعناصر استخبارات عسكرية ومخابرات ينقلون للمالكي كل تحركاتهم.لاسيما ان الايام الاخيرة كانت ساخنة،بوضع الموصل ذاتها،او تصريحات الاقليم المريبة.
دخلت داعش باعداد هزيلة للموصل بلا قتال وباليات مدنية لتجد ان بانتظارها اليات واسلحة عسكرية كاملة.ودخلت البيشمركة اماكن اخرى وحصلت على حصتها من العملية،ولم تقترب داعش من المناطق التي سيطر عليها الكرد!ولم يقترب الكرد من مناطق داعش!ولم يتحرك القائد العام بخطوة واحدة!
تم اعلان حضر التجول في تكريت،واذا بالضباط ينسحبون ليلا،وداعش تدخل نهارا.واذا بالضباط ينسحبون من كركوك والبيشمركة يدخلون محلهم.والقائد العام لايحرك ساكنا،الا انه والشهادة لله،القى الكثير من الخطب الرنانة.وصلت داعس لسامراء،وبلدوالدجيل والضلوعية،والقائد العام(يصقل سيفه).واذيع انها تتوجه لبغداد برتل كبير،واذا بالقائد يحشد قواته على اطراف بغداد منتظرا،وهو صاحب الارض والطيران والدروع وووو الخ!
الاقليم اعلن عن ضم المناطق التي سيطر عليها،اذن كان هذا تطبيقا سريعا للمادة 140.لم تدخل البيشمركة للحويجة لانها لاتريدها،وتركت جلولاء وتلعفر وغيرها من مناطق الكرد والتركمان الشيعة تتعرض لخطر الابادة،لتنتهي الامور اما بابادتهم فيريحون ويستراحون ويخلص منهم الجميع.واما ان يقبلوا فرحين بالخضوع والانضمام للاقليم.
والاقليم استكمل مقومات بناء الدولة،فقد منحه المالكي17%من الميزانية بداعي انه اشتراهم ليدعموه في ولايته خلال السنوات السابقة،ولكن الحقيقة هي انه دعمهم لبناء دولتهم،وانه منح الفيزا لشركات النفط لاستخراجه وتصديره من الاقليم،ودفع مبالغ عقود تلك الشركات من وزارة النفط العراقية رغم كل التصريحات النارية المتبادلة.وغض الطرف عن تصدير الاقليم للنفط،وقداعلن مؤخرا ان الاقليم يصدر النفط من سنة 2010 وحتى الان. والان فط بات يعلن الكثير،لاشعال العداء الطائفي والقومي،ليكون عاملا مساعدا للتقسيم الذي بدا باحتلال الموصل،وهاهي الصحافة الناطقة بلسان الغرب تقول بصراحة ان الشرق الاوسط القديم مات باحتلال الموصل.
للتذكير فقط- القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء وزير للدفاع والداخلية والامن الوطني والمخابرات. وقد اعتاد منذ ولايته الاولى على تجاهل البرلمان فلم يرجع اليه في تعيين اصحاب الرتب من قائد فرقة فما فوق كما ينص الدستور،كما تجاهله في تعيين واقالة مناصب اخرى لاتدخل ضمن صلاحياته اصلا.انشأ قوات عسكرية كثيرة بلا قانون،انشأ مليشيات عسكرية كالصحوات ومجالس الاسناد وكلها تابعة له لا لاحد سواه. وكلها متربطة بحزبه كما يرتبط بحزبه رئيس الجمهورية الذي يفترض انه من حصة الكرد اضافة لحصتهم في المخابرات وكلها تنازلوا عنها له لانهم خرجوا من الدولة العراقية فعليا ولم يبق الا اعلان دولتهم.
وللتذكير فقد حاول رئيس الوزراء تمرير قانون طوارىء مريب لم يقبله البرلمان،حيث شخص كل المراقبين ان امورا ستجري بعد الانتخابات يحتاج المالكي معها ان يحكم قبضته على الامور بمثل هذا القانون.ثم طلب اعلان الطوارىء،وقيل ان من لايحضر ومن لايصوت للطوارىء فهوخائن. ثم تبين ان المالكي لايحتاج لقانون الطوارىء! لانه سيكتفي بقانون السلامة الوطنية الذي يتطلب بدوره اعلان الطوارىء،ورغم انه قانون غير نافذ وفقا للدستور.
ومن ازمة الرمادي التي تركها المالكي تنضج ببطء رغم امكانية حسمها في اليوم الاول مع تصريحات العلواني الطائفية التحريضية اضافة لتصريحات بعض المشايخ التكفيريين،اضافة لقيامهم بقطع الطريق الدولي.ولكنه تركهم يتكاثرون ويهيمنون على الامور كما ترك الموصل وسامراء،بعد ان ابعد ابو الوليد ورشيد فليح عن المدينتين،بل ان بعض التغييرات تمت قبل الانسحاب المريب بليلة واحدة فقط كما كشف بعض الجنود لوسائل الاعلام .يضاف لامتناع المالكي عن اتخاذ أي خطوات مع تدهور الاوضاع في سامراء والموصل،امتناعه عن طلب الدعم الامريكي المفترض وفقا لاتفاقية الحماية المشتركة.ويضاف امتناع امريكا الا واستبعادها ذلك في الوقت القريب رغم ان داعش قد اقتربت من بغداد. من الواضح ان طائرة او اثنتين من نوع اباتشي او اف 16كفيلة بقصم ظهر داعش وناعش وثلثطاعش.ولكن...الشرق الاوسط القديم مات!تذكروا.وهي ذات العبارة التي قالتها رايس مع بدء الهجوم الاسرائيلي على حزب الله عام 2006!قبل ان يفشل الهجوم وتعاد الحياة للشرق الاوسط .
والعراق يستاهل،فلو انه رحب بالانكليز عام 1914،ولولا انه لم يعلن الثورة عليهم عام 1920،لما حدث له كل هذا،والسبب المرجعية.مع انه لولا تدخلها ماكان العراق عراقا بل ولاية هندية!
ولو ان هذه المرجعية لم تعلن اصرارها على الانتخابات،لو انها لم تدعم كتلة تبغضها امريكا وتمنع اخرى تحبها،لو انها لم تفشل مشروع الحرب الاهلية الناجح في سوريا وليبيا ،وقريبا في الاردن ومصر وتونس والخليج،لو انها لم تطالب (بتغيير الوجوه وتحث الناس على المشاركة في الانتخابات)،لكنا نعيش عراقا امريكيا،هادئا لبضعة سنوات على الاقل،قبل ان يمسح من الخارطة،كما ستمسح الكثير من الدول في ظل التعديلات التي تقرر اجرائها على سايكس بيكو،بعد 100 عام علي رسمها،وبعد 100 عام على اقناع العرب باعلان ثورتهم الممهدة لاستعبادهم بعد (الثورة العربية الكبرى).
اننا نعيش اليوم (ثورة عربية كبرى)ولكن على الطراز(الفيسبوكي)هذه المرة،فقد اعتاد العرب ان ينحرو الاضاحي في الاعياد وفي افتتاح المشاريع،ولافتتاح المشروع الجديد،لابد ان يقدموا المزيد من الاضاحي في ثورات الربيع او الخريف العربي.
رائعة هي دبي،85%من سكانها اجانب،و15%اصليون مضطرون لتعلم الانجليزية ليتمكنوا من العيش والتنقل فيها.اذن هي تستجيب بمرونة للتغير ودخول فصل الربيع الشرق اوسطي،لاسيما انها باتت تستقبل التبشير والتنصير برحابة صدر،اثلجت صدور المبشرين باقبال المواطنين الوديعين على التنصير.ولاندري ان كان بطل التحرير الاماراتي سيكلف بدور ضم الامارة الثامنة (قطر)على طريقة ضم (المحافظة19)!
وكل يعيش الربيع من موقعه.
الموقع العراقي في 1914 تطلب اعلان المرجعية للجهاد،كما تطلب في 2014 اعلان المرجعية للجهاد.تحملت بريطانيا غصصا طيلة عقود في العراق لم تتحملها في الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس،فهل ستتحمل امريكا الغصص ذاتها،ام ان الطريقة الامريكية في استخدام الضد النوعي امضى من طريقة حكم الاقلية العربية السنية التي اسستها بريطانيا؟
الجواب:ان القائد العام قد نجح بشكل كبير حتى الان في استخدام الطريقة الامريكية.والتاريخ سيكشف عن الفائز. بعد ان تبين ان المالكي لم ينجح في شراء العشائر بشكل كبير،فهاهي تقول للمرجعية كما في 1914،حي على الجهاد.
مازن الحمداني
امستردام
تعليق