تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين، حبيب إله العالمين أبي القاسم المصطفى محمد و على آله الطيبين الطاهرين المنتجبين الهداة المهديين.
و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
رآه رجل شامي راكباً، فجعل يلعنه، و هو عليه السلام لا يرد، فلما فرغ، أقبل عليه السلام فسلم عليه، وضحك، فقال: أيها الشيخ أظنك غريبا، ولعلك شبهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا، وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك، كان أعود عليك، لأن لنا موضعاً رحباً، وجاها عريضاً، ومالاً كثيراً. فلما سمع الرجل كلامه بكى، ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إلي، والآن أنت أحب خلق الله إلي.
بكى الرجل....هل تتصور الموقف؟ قبل قليل يلعن الإمام و الآن يبكي!! لماذا؟ أمن هيبة؟ أم من نور؟ أم من صدق؟ أم ماذا؟
مالذي جرى؟!
حديثنا عن الإمام الثاني من أئمة الهدى، الإمام الحسن ابن علي المجتبى صلوات الله و سلامه عليه.
قال رسول الله صلى الله عليه و آله: ( الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة ).
هذا حديثٌ معروف عند جلّ الناس، و يحفظونه عن ظهر قلب.
ما معنى كلمة ( سيّدا ) الواردة؟
تقرأ في الزيارة الجامعة: ( خلقكم الله أنواراً بعرشه محدقين حتى منّ علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن الله أن تُرفع و يُذكر فيها اسمه ...).
هنا وقفات عدة...
و مايهمنا في المقام أن نعلم أن لهذه الأنوار ولاية تكوينية على الكون بما فيه، فهم علّة الإيجاد، و يتضح لك المعنى حين تتأمل مثلاً في كلام رسول الله صلى الله عليه و آله في حادثة الكساء.
فهم سادة الأولين و الآخرين، بما في ذلك الأنبياء و الرسل، و بينهم و بين الكون رابطة عضوية، و لهم التصرف فيه، و بقاء العوالم بما فيها ببركتهم صلوات الله عليهم.
تقرأ الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام: ( لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها ).
و خلقهم قبل خلق الخلائق أنواراً محدقين بعرشه يثبت هذه الرابطة منذ البداية.
فكلمة ( سيّد ) في الرواية المذكورة تعني تك السيادة العظمى المتحررة عن القيود الزمانية و المكانية، سيادة في كل العوالم، في عالم الشهادة، في عالم الغيب، في عالم الأولى، في عالم الآخرة، و في عالم الأنوار. و ينبغي استشعار ذلك عندما تقرأ دعاء الندبة: ( و صلّ على محمد جدّه و رسولك السيد الأكبر و على أبيه السيد الأصغر ).
و النبي صلى الله عليه و آله سمّى الحسن المجتبى عليه السلام ( سيّداً ).
فالحسن عليه السلام يملك تلك السيادة العظمى على الخلق بما فيهم الأنبياء و الرسل و له الولاية عليهم، و على كل العوالم بما تحوي، و ولايته من ولاية أبيه، و ولاية أبيه من ولاية رسول الله صلى الله عليه و آله، و ولايته صلوات الله عليه و على أهل بيته من ولاية الله العظمى.
و بعد هذا، تسمع هذه الشبهات التي يتكلم بها البعض حول الإمام عليه السلام و مواقفه الحكيمة.
تسمع من الذين يعتقدون بأنهم عرفوا الحق و عرفوا الصواب الذي لم يعرفه الإمام، أهم أعلم؟ أم أفقه؟ أم ماذا؟
جهلاء...لم يعرفوا الإمام المعصوم، و عقولهم بعيدة عنه، و عما يفعل و يدبّر.
موضوع صلح الإمام الحسن عليه السلام من المواضيع التي أٌثيرت حولها الكثير من التساؤلات.
و لنسأل: هل ما فعله الإمام عليه السلام مع معاوية أعطى الشرعية في الخلافة له؟
للإجابة على هذا التساؤل لابد من الأخذ بعين الاعتبار أربعة أمور يتوقف عليها القول بشرعيّة خلافة معاوية :
1ـ إن الامام الحسن عليه السلام بايع معاوية بيعة حقيقية!
2ـ إن الامام الحسن عليه السلام تنازل عن الخلافة لمعاوية!
3ـ إن الامام الحسن عليه السلام بايع مختاراً وبدون ظروف قاهرة!
4ـ إن معاوية عمل بشروط البيعة أو الصلح!
وسوف أحاول المرور عليها سريعاً لبيان عدم إمكانية ثبوتها.
النقطة الاولى :
لم يكن في الأمر غير المعاهدة، و المعاهدة غير البيعة كما يشهد له كل من عنده بعض الإلمام بالعربية.
النقطة الثانية:
هناك فرق واضح بين القيادة الدنيوية وحكومة الناس، مهما كانت الوسائل والسبل وبين الخلافة الالهية، فحتى لو سلّمنا ببيعة الحسن عليه السلام فهي لا تثبت أكثر من القيادة الدنيوية لمعاوية على الناس وهذا لا يعني على الإطلاق التنازل عن الخلافة والمنصب الإلهي بل وليس من صلاحية الإمام ذلك. فتعينه إماماً للناس وخليفة كان من قبل الله تعالى فلا يمكن التنازل عنه فهو كما يعبر عنه الفقهاء من الحقوق التي لا يصح إسقاطها.
النقطة الثالثة:
و هي نقطة مهمة، وهي أن الإنسان يحاسب ويؤاخذ على أعماله الاختيارية وليس على ما أكره عليه أو اضطر إليه فهو منفي عنه وغير منظور عقلاً ونقلاً إذ يستحيل عقلاً أن يكلف العبد ما لا يطيق.
وبعد هذه المقدمة نقول :
إنّ دراسة الظرف الذي عاشه الإمام الحسن عليه السلام يجعلنا نقطع بعدم إمكانية الاحتمال الأول وهو الاختيارية في حقه وتعيين الثاني ومعه لا مجال للقول بشرعية خلافة معاوية لأجل تنازل الحسن عليه السلام له فهو يؤخذ به لو كان تنازله طواعية وليس كرهاً واضطراراً.
و لتعيين الاحتمال الثاني لك النظر و البحث في الآتي:
1ـ حالة قوّاد جيش الامام عليه السلام.
2ـ أهل الكوفة .
3ـ رؤساء القبائل.
و جاء عنه عليه السلام في خطبة له بعد وفاة أبيه: (... وقد أصبحتم الآن ودنياكم أمام دينكم وكنّا لكم وكنتم لنا وقد صرتم اليوم علينا ، ثم أصبحتم تصدّون قتيلين : قتيلاً بصفّين تبكون عليهم ، وقتيلاً بالنهروان تطلبون بثأرهم فأمّا الباكي فخاذل وأمّا الطالب فثائر ، وإنّ معاوية قد دعا إلى أمر ليس فيه عزّ ولا نصفة ، فإن أردتم الحياة قبلناه منه وغضضنا على القذى ، وإن أردتم الموت بذلناه في ذات الله وحاكمناه إلى الله ، فنادى القوم بأجمعهم ، بل البقية والحياة ).
أيمكن للإمام عليه السلام أن يحارب بهذا الجيش الخائر؟!
النقطة الرابعة:
قبل بيان وفاء معاوية للحسن عليه السلام بالشروط لابد من ذكر البنود التي اشترطها الإمام على معاوية وإن كان من المؤسف جداً أن التاريخ أجحف مرّة أخرى بعدم ذكره التفصيلي لجميع البنود وإنما حصلنا على شذرات من هنا وهناك، ومن هذه البنود:
1ـ أن لايسمّيه أمير المؤمنين .
2ـ لا يقيم عنده شهادة.
3ـ لايتعقب على شيعة علي عليه السلام شيئاً.
4ـ أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد من قتل مع أبيه بصفين ألف ألف درهم، و أن يجعل ذلك من خراج دار أبجرد.
5ـ وأن لا يشتم علياً.
6- و عليه أن يعيد الخلافة إلى الحسن فإن توفي الحسن فإلى الحسين عليهما السلام.
و الجميل في الأمر، أننا لو تأمّلنا في هذه البنود لوجدناها بنفسها تنفي الخلافة عن معاوية وهذا من تدبير الإمام عليه السلام.
مضافاً الى هذا وذاك فإن التاريخ يصرّح بأن معاوية لم يف للإمام عليه السلام بشيء عاهده عليه.
والآن بات من الواضح عند الجميع أن ما حدث لا يمثل إعطاء خلافة لمعاوية ولا تنازل عنها ولا أي شيء من هذا القبيل.
و كما قال السيّد شرف الدين قدس سره : ( كانت شهادة الطف حسنية أوّلاً وحسينية ثانياً ) كم تحمل هذه الكلمة من معان مؤشرات لأطروحة الصلح، وكيف تحوّل الصمت والهدوء إلى قنبلة موقوتة جاءت في وقتها المناسب؟.
و لماذا لا نبحث عن رأي الإمام عليه السلام؟ ماذا قال لأصحابه و شيعته؟ هل نقرأ التأريخ نصفه فقط؟ و ربما قرأناه كاملاُ و لكن فهمنا نصف ما قرأنا. ابحثوا عن كلماته لتعلموا حقيقة الأمر منه صلوات الله و سلامه عليه.
إن في الثـفافة الولائية عمقاً غائراً وشموخاً يناطح السحاب، أصلها ثابت وفرعها في السماء، بل وفيها بصائر عريضة ومقامات متدرجة وأبعد من أن يدركها عقلنا المحدود... كلام كبير وإدراكه أكبر، ففي الحديث عنهم عليهم السلام: (أمرنا صعب مستصعب).
السلام على المظلوم حياً و ميتاً
و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين، حبيب إله العالمين أبي القاسم المصطفى محمد و على آله الطيبين الطاهرين المنتجبين الهداة المهديين.
و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
رآه رجل شامي راكباً، فجعل يلعنه، و هو عليه السلام لا يرد، فلما فرغ، أقبل عليه السلام فسلم عليه، وضحك، فقال: أيها الشيخ أظنك غريبا، ولعلك شبهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا، وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك، كان أعود عليك، لأن لنا موضعاً رحباً، وجاها عريضاً، ومالاً كثيراً. فلما سمع الرجل كلامه بكى، ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إلي، والآن أنت أحب خلق الله إلي.
بكى الرجل....هل تتصور الموقف؟ قبل قليل يلعن الإمام و الآن يبكي!! لماذا؟ أمن هيبة؟ أم من نور؟ أم من صدق؟ أم ماذا؟
مالذي جرى؟!
حديثنا عن الإمام الثاني من أئمة الهدى، الإمام الحسن ابن علي المجتبى صلوات الله و سلامه عليه.
قال رسول الله صلى الله عليه و آله: ( الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة ).
هذا حديثٌ معروف عند جلّ الناس، و يحفظونه عن ظهر قلب.
ما معنى كلمة ( سيّدا ) الواردة؟
تقرأ في الزيارة الجامعة: ( خلقكم الله أنواراً بعرشه محدقين حتى منّ علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن الله أن تُرفع و يُذكر فيها اسمه ...).
هنا وقفات عدة...
و مايهمنا في المقام أن نعلم أن لهذه الأنوار ولاية تكوينية على الكون بما فيه، فهم علّة الإيجاد، و يتضح لك المعنى حين تتأمل مثلاً في كلام رسول الله صلى الله عليه و آله في حادثة الكساء.
فهم سادة الأولين و الآخرين، بما في ذلك الأنبياء و الرسل، و بينهم و بين الكون رابطة عضوية، و لهم التصرف فيه، و بقاء العوالم بما فيها ببركتهم صلوات الله عليهم.
تقرأ الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام: ( لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها ).
و خلقهم قبل خلق الخلائق أنواراً محدقين بعرشه يثبت هذه الرابطة منذ البداية.
فكلمة ( سيّد ) في الرواية المذكورة تعني تك السيادة العظمى المتحررة عن القيود الزمانية و المكانية، سيادة في كل العوالم، في عالم الشهادة، في عالم الغيب، في عالم الأولى، في عالم الآخرة، و في عالم الأنوار. و ينبغي استشعار ذلك عندما تقرأ دعاء الندبة: ( و صلّ على محمد جدّه و رسولك السيد الأكبر و على أبيه السيد الأصغر ).
و النبي صلى الله عليه و آله سمّى الحسن المجتبى عليه السلام ( سيّداً ).
فالحسن عليه السلام يملك تلك السيادة العظمى على الخلق بما فيهم الأنبياء و الرسل و له الولاية عليهم، و على كل العوالم بما تحوي، و ولايته من ولاية أبيه، و ولاية أبيه من ولاية رسول الله صلى الله عليه و آله، و ولايته صلوات الله عليه و على أهل بيته من ولاية الله العظمى.
و بعد هذا، تسمع هذه الشبهات التي يتكلم بها البعض حول الإمام عليه السلام و مواقفه الحكيمة.
تسمع من الذين يعتقدون بأنهم عرفوا الحق و عرفوا الصواب الذي لم يعرفه الإمام، أهم أعلم؟ أم أفقه؟ أم ماذا؟
جهلاء...لم يعرفوا الإمام المعصوم، و عقولهم بعيدة عنه، و عما يفعل و يدبّر.
موضوع صلح الإمام الحسن عليه السلام من المواضيع التي أٌثيرت حولها الكثير من التساؤلات.
و لنسأل: هل ما فعله الإمام عليه السلام مع معاوية أعطى الشرعية في الخلافة له؟
للإجابة على هذا التساؤل لابد من الأخذ بعين الاعتبار أربعة أمور يتوقف عليها القول بشرعيّة خلافة معاوية :
1ـ إن الامام الحسن عليه السلام بايع معاوية بيعة حقيقية!
2ـ إن الامام الحسن عليه السلام تنازل عن الخلافة لمعاوية!
3ـ إن الامام الحسن عليه السلام بايع مختاراً وبدون ظروف قاهرة!
4ـ إن معاوية عمل بشروط البيعة أو الصلح!
وسوف أحاول المرور عليها سريعاً لبيان عدم إمكانية ثبوتها.
النقطة الاولى :
لم يكن في الأمر غير المعاهدة، و المعاهدة غير البيعة كما يشهد له كل من عنده بعض الإلمام بالعربية.
النقطة الثانية:
هناك فرق واضح بين القيادة الدنيوية وحكومة الناس، مهما كانت الوسائل والسبل وبين الخلافة الالهية، فحتى لو سلّمنا ببيعة الحسن عليه السلام فهي لا تثبت أكثر من القيادة الدنيوية لمعاوية على الناس وهذا لا يعني على الإطلاق التنازل عن الخلافة والمنصب الإلهي بل وليس من صلاحية الإمام ذلك. فتعينه إماماً للناس وخليفة كان من قبل الله تعالى فلا يمكن التنازل عنه فهو كما يعبر عنه الفقهاء من الحقوق التي لا يصح إسقاطها.
النقطة الثالثة:
و هي نقطة مهمة، وهي أن الإنسان يحاسب ويؤاخذ على أعماله الاختيارية وليس على ما أكره عليه أو اضطر إليه فهو منفي عنه وغير منظور عقلاً ونقلاً إذ يستحيل عقلاً أن يكلف العبد ما لا يطيق.
وبعد هذه المقدمة نقول :
إنّ دراسة الظرف الذي عاشه الإمام الحسن عليه السلام يجعلنا نقطع بعدم إمكانية الاحتمال الأول وهو الاختيارية في حقه وتعيين الثاني ومعه لا مجال للقول بشرعية خلافة معاوية لأجل تنازل الحسن عليه السلام له فهو يؤخذ به لو كان تنازله طواعية وليس كرهاً واضطراراً.
و لتعيين الاحتمال الثاني لك النظر و البحث في الآتي:
1ـ حالة قوّاد جيش الامام عليه السلام.
2ـ أهل الكوفة .
3ـ رؤساء القبائل.
و جاء عنه عليه السلام في خطبة له بعد وفاة أبيه: (... وقد أصبحتم الآن ودنياكم أمام دينكم وكنّا لكم وكنتم لنا وقد صرتم اليوم علينا ، ثم أصبحتم تصدّون قتيلين : قتيلاً بصفّين تبكون عليهم ، وقتيلاً بالنهروان تطلبون بثأرهم فأمّا الباكي فخاذل وأمّا الطالب فثائر ، وإنّ معاوية قد دعا إلى أمر ليس فيه عزّ ولا نصفة ، فإن أردتم الحياة قبلناه منه وغضضنا على القذى ، وإن أردتم الموت بذلناه في ذات الله وحاكمناه إلى الله ، فنادى القوم بأجمعهم ، بل البقية والحياة ).
أيمكن للإمام عليه السلام أن يحارب بهذا الجيش الخائر؟!
النقطة الرابعة:
قبل بيان وفاء معاوية للحسن عليه السلام بالشروط لابد من ذكر البنود التي اشترطها الإمام على معاوية وإن كان من المؤسف جداً أن التاريخ أجحف مرّة أخرى بعدم ذكره التفصيلي لجميع البنود وإنما حصلنا على شذرات من هنا وهناك، ومن هذه البنود:
1ـ أن لايسمّيه أمير المؤمنين .
2ـ لا يقيم عنده شهادة.
3ـ لايتعقب على شيعة علي عليه السلام شيئاً.
4ـ أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد من قتل مع أبيه بصفين ألف ألف درهم، و أن يجعل ذلك من خراج دار أبجرد.
5ـ وأن لا يشتم علياً.
6- و عليه أن يعيد الخلافة إلى الحسن فإن توفي الحسن فإلى الحسين عليهما السلام.
و الجميل في الأمر، أننا لو تأمّلنا في هذه البنود لوجدناها بنفسها تنفي الخلافة عن معاوية وهذا من تدبير الإمام عليه السلام.
مضافاً الى هذا وذاك فإن التاريخ يصرّح بأن معاوية لم يف للإمام عليه السلام بشيء عاهده عليه.
والآن بات من الواضح عند الجميع أن ما حدث لا يمثل إعطاء خلافة لمعاوية ولا تنازل عنها ولا أي شيء من هذا القبيل.
و كما قال السيّد شرف الدين قدس سره : ( كانت شهادة الطف حسنية أوّلاً وحسينية ثانياً ) كم تحمل هذه الكلمة من معان مؤشرات لأطروحة الصلح، وكيف تحوّل الصمت والهدوء إلى قنبلة موقوتة جاءت في وقتها المناسب؟.
و لماذا لا نبحث عن رأي الإمام عليه السلام؟ ماذا قال لأصحابه و شيعته؟ هل نقرأ التأريخ نصفه فقط؟ و ربما قرأناه كاملاُ و لكن فهمنا نصف ما قرأنا. ابحثوا عن كلماته لتعلموا حقيقة الأمر منه صلوات الله و سلامه عليه.
إن في الثـفافة الولائية عمقاً غائراً وشموخاً يناطح السحاب، أصلها ثابت وفرعها في السماء، بل وفيها بصائر عريضة ومقامات متدرجة وأبعد من أن يدركها عقلنا المحدود... كلام كبير وإدراكه أكبر، ففي الحديث عنهم عليهم السلام: (أمرنا صعب مستصعب).
السلام على المظلوم حياً و ميتاً
تعليق