بسمه جلت الاؤه
عجبت لك ولموضوعك هذا
حيث انه موضوع فقهي بحت جئت به لتنشره في خانة العقائد فلو كنت وضعته في مجال الفقه لكان خيرا واجود
واعلم ايها الفاضل
ان مبحث التعارض وليس التناقض كما سميته انت مبحث اصولي يبحثه كل اصولي سواء كان شيعيا او سنيا
فثمة كثير من الروايات في ظاهرها يعارض بعضها بعضا وقد يتوهم من لا حظ له من العلم ان فيها تناقضا
ولكن حالما ياتي المختص ويدقق فيها يجد الا تناقض فيها ابدا . وبالنسبة الى ما طرحته - جنابك الفاضل- فهو كلام واضح والروايات التي سقتها لا تناقض فيها مطلقا وذلك من عدة وجوه:
الاول : ان ما جئت به من رواية اخيرة فهي عن العمري وليست عن الامام المهدي كما زعمت انت ايها الفاضل ولذلك قال المحقق الحلي في : : (( المعتبر - المحقق الحلي - ج 2 - ص 62
وقد قال بعض فضلائنا : إن كان ما تقول الناس : إنها تطلع بين قرني الشيطان فما أرغم الشيطان بشئ أفضل من الصلاة فصلها وأرغم الشيطان))
فانظر الى دقة عبارة الحلي (بعض فضلائنا) ولم يقل احد ائمتنا
لذا كتوجيه علمي منهجي عليك ان تتحرى الدقة فيماا تنقل وتنسبه الى المعصومين لئلا توقع نفسك في مداخل انت في غنى عنها
الثاني: ان هذه الروايات وان تعارضت فيما بينها حول اداء الصلاة في ذلك الوقت من عدمه
الان ان اختلاف جنس الصلاة يرفع الاشكال الوارد
فالصلاة المنهي عنها في الرواية الاولى هي صلاة النافلة ابتداء والى هذا اشار فقهاؤنا في مصنفاتهم الى كراهة اداء النافلة في ذلك الوقت ابتداء. واكتفي بكلام المحقق الحلي من المصدر السابق : (( والجواب لما تعارضت الأخبار ، حملنا النهي على ما يبتدأ لئلا يقع التناقض ))
واما باقي الصلوات كالفريضة وقضائها فلا اشكال فيها في ذلك الوقت وعليه يحمل كلام العممري على الفريضة وليس على النافلة ابتداء لئلا يخالف المشهور . قال الحلي : ((وفي أخبارنا ما هو صريح بالقضاء فهي أخص ، وقد قال بعض فضلائنا : إن كان ما تقول الناس : إنها تطلع بين قرني الشيطان فما أرغم الشيطان بشئ أفضل من الصلاة فصلها وأرغم الشيطان))
الثالث : ان الروايات الاولى التي جئت بها وان كانت صحيحة السند الا ان مضمونها عاميّ اي انها موافقة لاراء المخالفين ولذلك تححمل على التقية وقد اسهب السيد الاستاذ الامام الخوئي (قدس) في بيان ذلك ورد اوجه التعارض فتابع ما يقول في : ((
كتاب الصلاة - السيد الخوئي - ج 1 - شرح ص 533 - 539
الجهة الثانية : في الكراهة في الأوقات الثلاثة وقد تقدم أن الكراهة هي المنسوبة إلى المشهور بين الأصحاب " قدهم " بل ادعى عليها الاجماع في كلماتهم واستدل عليها بعدة من الروايات : " منها " : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( ع ) قال : يصلى على الجنازة في كل ساعة إنها ليست بصلاة ركوع ولا سجود وإنما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان . وفي بعض الروايات أن الناس إذا سجدوا عند طلوع الشمس قال إبليس لشياطينه : إن بني آدم يصلون لي ومقتضى اطلاق الصحيحة كراهة الصلاة - في الوقتين - مطلقا نافلة كانت أم فريضة أدائية كانت أم قضائية . و " منها " : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( ع ) قال : لا صلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة . وهي أيضا مطلقة ، وتدلنا باطلاقها على كراهة الصلاة عند الزوال مطلقا من غير فرق بين أقسامها لأنه مقتضى نفي حقيقة الصلاة . وهذه الصحيحة إذا ضممناها إلى الصحيحة المتقدمة لدلتا على كراهة الصلاة في الأوقات الثلاثة . ويرد على الاستدلال بصحيحة عبد الله بن سنان أنها كما يحتمل أن يراد بها كراهة الصلاة ونفي كمالها عند الزوال في غير يوم الجمعة لتدل على مدعى المشهور حينئذ يحتمل أن يراد بها عدم مشروعية الظهرين عند الزوال لمسبوقيتهما بالنافلة في غير يوم الجمعة . نعم لا نافلة قبل الفريضة يوم الجمعة بعد الزوال وتشرع الفريضة حينئذ عند انتصاف النهار وتحقق الزوال . بل الظاهر منها إرادة عدم المشروعية بقرينة الروايات الدالة على أن وقت صلاة الظهر بعدم القدم والذراع والمراد بالصلاة في الصحيحة هي الفريضة أعني صلاتي اليوم والليلة وبهذا المعنى وردت في الكتاب العزيز حيث قسمها سبحانه إلى صلاة الليل وصلاة النهار وقال : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر . . لأنه يدلنا على انبساط الفرائض على الأوقات الواقعة بين الدلوك والغسق . وحيث إنا حملنا الصحيحة على إرادة عدم المشروعية في أول الزوال فلا محالة تكون الصحيحة مخصصة للآية المباركة فنخرج عنها بهذه الصحيحة في أول الزوال كما أنها بذلك تكون كسائر الروايات الدالة على أن وقتي العصرين إنما هما بعد القدم والقدمين ، أو الذراع والذراعين لا أنهما يدخلان بالزوال . وقد ذكرنا أنها محمولة على مراتب الفضيلة بقرينة الأخبار الدالة على جواز الاتيان بهما من حين الزوال إذا فلا دلالة للصحيحة على كراهة مطلق الصلاة عند الزوال ، وعلى الجملة أن الصحيحة إما أنها ظاهرة فيما ادعيناه أو أنهما تحتمله ، وعلى كلا التقديرين لا مجال للاستدلال بهما على المدعى . ويؤيد ما ذكرناه ما رواه أبو بصير قال : قال أبو عبد الله ( ع ) إن فاتك شئ من تطوع الليل والنهار فاقضه عند زوال الشمس ، وبعد الظهر عند العصر وبعد المغرب . . وهي معتبرة من حيث السند والحسن الواقع في سندها هو الحسن بن سعيد الأهوازي الثقة أخو الحسين بن سعيد وذلك بقرينة الرواية المتقدمة عليها ، حيث صرح به في سندها أو أنه حسن بن فضال وكيف كان فالسند معتبر كما عرفت . كما أنها من حيث الدلالة أيضا تامة لدلالتها على جواز قضاء التطوع عند الزوال فتدلنا على صلاحية الوقت للصلاة ، وأن المراد من نفيها عند الزوال في الصحيحة المتقدمة هو نفي الفضيلة والكمال دون الحقيقة والمشروعية وأن الأفضل في الظهرين تأخيرهما عن الزوال في غير يوم الجمعة ، لمكان النافلة ، بخلاف يوم الجمعة ، إذ لا نافلة قبلها فهي مؤيدة لما ذكرناه في الصحيحة المتقدمة وعدم كراهة الصلاة في الأوقات الثلاثة . وأما صحيحة محمد بن مسلم فيتوجه على الاستدلال بها أنها غير قابلة التصديق بمدلولها - في نفسها - لاشتمالها على أن الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان ، وهذا إنما يمكن الاذعان به فيما إذا كان لطلوع الشمس وغروبها وقت معين ومعه أمكن أن يقال : إن الشمس تطلع وتغرب بين قرني شيطان . وليس الأمر كذلك فإن الشمس في كل آن من الأربع والعشرين ساعة في طلوع وغروب ، كما أنها في كل آن منها في زوال وذلك لكروية الأرض فهي تطلع في آن في مكان وبالإضافة إلى جماعة . وفي آن آخر تطلع في مكان آخر وبالإضافة إلى جماعة آخرين ، كما أنها دائما في زوال وغروب . ومعه ما معنى أن الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغرب بين قرني الشيطان ؟ ! فهو تعليل بأمر غير معقول في نفسه وهو أشبه بمفتعلات المخالفين ، لاستنكارهم الصلاة في الأوقات الثلاثة معللا له بهذا الوجه العليل فلا مناص من حمل الصحيحة وما هو بمضمونها على التقية ، فلا مجال للاستدلال بها بوجه . على أنا لو صدقنا الرواية في مدلولها لم يكن تعليلها هذا بمانع عن الصلاة في وقتي الطلوع والغروب ، لأنها وقتئذ من أحسن ما يرغم به أنف الشيطان فلا موجب لتركها . ويؤيد ذلك بل يدل عليه ما رواه الصدوق " قده " عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي من أنه ورد عليه فيما ورد ( عليه ) من جواب مسائله عن محمد بن عثمان العمري ( قدس الله روحه ) : وأما ما سألت عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فلأن كان كما يقول الناس - أي المخالفون ظاهرا - أن الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان فما أرغم أنف الشيطان بشئ أفضل من الصلاة فصلها وارغم أنف الشيطان . وقد رجحها الصدوق " قده " على الرواية الناهية عن الصلاة في الأوقات الثلاثة ونقلها عن مشايخه الأربعة عن أبي الحسين . وقوله ( ع ) فلأن كان كما يقول الناس . كالصريح في أن القضية المدعاة كاذبة لا أصل لها وإن ما ورد منها في رواياتنا إنما ورد تقية ، كما دلت على أن مجرد طلوع الشمس وغروبها بين قرني شيطان لا ينافي الصلاة عندهما بل هو مقتض للصلاة ، لأنها موجبة لارغام أنف الشيطان . ثم إن هذه الرواية وإن لم تكن صحيحة - على الاصطلاح - لعدم توثيق كل واحد من مشايخة الذين قد أطبقوا على نقل الرواية ، إلا أن رواية كل من مشايخه الأربعة الرواية التي رواها الآخر تستتبع تعاضد بعضها ببعض وقد رواها في اكمال الدين واتمام النعمة عن محمد بن أحمد السنائي وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق ، والحسين بن إبراهيم المؤدب ، وعلي بن عبد الله الوراق ، ورجحها على الرواية الناهية . ومن البعيد جدا أن تكون رواياتهم مخالفة للواقع بأجمعها بأن يكذب جميعهم . ثم إنا لو لم نصدق كون الرواية قابلة للاعتماد عليها فلا أقل من أنها مؤيدة للمدعى .))
فالسيد الخوئي قدس سره قد بين ان رواية قرني الشيطان وان كانت صحيحة السند الا انها غير مقبولة المتن على ظاهره بل لابد من حملها على التقية لمواقتها اراء المخالفين فقد ورد في البخاري : ج 4 - ص 92
((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تبرز وإذا غاب حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تغيب ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان أو الشيطان))
ولذا تحمل الرواية على التقية
فضلا عن ان متنها مردود علميا كما بين الامام الخوئي من ان الشمس في حالة طلوع مستمر اربعا وعشرين ساعة في اليوم نتيجة كروية الارض فكيف يعمل بها؟
ومما يؤيد كلام الخوئي ما ذكرته انت من رواية عن العمري وقد نسبتها الى المهدي من ان الناس - يعني المخالفين - يقولون ذلك فكان النجاة في مخالفتهم كما هو معلوم
وكان ارغام انف الشيطان في تلك الاوقات اولى
فهذا بعض مما امكننا ذكره مراعين فيه الاختصار
وراجين به الافادة
والسلام خاتم الكلام
عجبت لك ولموضوعك هذا
حيث انه موضوع فقهي بحت جئت به لتنشره في خانة العقائد فلو كنت وضعته في مجال الفقه لكان خيرا واجود
واعلم ايها الفاضل
ان مبحث التعارض وليس التناقض كما سميته انت مبحث اصولي يبحثه كل اصولي سواء كان شيعيا او سنيا
فثمة كثير من الروايات في ظاهرها يعارض بعضها بعضا وقد يتوهم من لا حظ له من العلم ان فيها تناقضا
ولكن حالما ياتي المختص ويدقق فيها يجد الا تناقض فيها ابدا . وبالنسبة الى ما طرحته - جنابك الفاضل- فهو كلام واضح والروايات التي سقتها لا تناقض فيها مطلقا وذلك من عدة وجوه:
الاول : ان ما جئت به من رواية اخيرة فهي عن العمري وليست عن الامام المهدي كما زعمت انت ايها الفاضل ولذلك قال المحقق الحلي في : : (( المعتبر - المحقق الحلي - ج 2 - ص 62
وقد قال بعض فضلائنا : إن كان ما تقول الناس : إنها تطلع بين قرني الشيطان فما أرغم الشيطان بشئ أفضل من الصلاة فصلها وأرغم الشيطان))
فانظر الى دقة عبارة الحلي (بعض فضلائنا) ولم يقل احد ائمتنا
لذا كتوجيه علمي منهجي عليك ان تتحرى الدقة فيماا تنقل وتنسبه الى المعصومين لئلا توقع نفسك في مداخل انت في غنى عنها
الثاني: ان هذه الروايات وان تعارضت فيما بينها حول اداء الصلاة في ذلك الوقت من عدمه
الان ان اختلاف جنس الصلاة يرفع الاشكال الوارد
فالصلاة المنهي عنها في الرواية الاولى هي صلاة النافلة ابتداء والى هذا اشار فقهاؤنا في مصنفاتهم الى كراهة اداء النافلة في ذلك الوقت ابتداء. واكتفي بكلام المحقق الحلي من المصدر السابق : (( والجواب لما تعارضت الأخبار ، حملنا النهي على ما يبتدأ لئلا يقع التناقض ))
واما باقي الصلوات كالفريضة وقضائها فلا اشكال فيها في ذلك الوقت وعليه يحمل كلام العممري على الفريضة وليس على النافلة ابتداء لئلا يخالف المشهور . قال الحلي : ((وفي أخبارنا ما هو صريح بالقضاء فهي أخص ، وقد قال بعض فضلائنا : إن كان ما تقول الناس : إنها تطلع بين قرني الشيطان فما أرغم الشيطان بشئ أفضل من الصلاة فصلها وأرغم الشيطان))
الثالث : ان الروايات الاولى التي جئت بها وان كانت صحيحة السند الا ان مضمونها عاميّ اي انها موافقة لاراء المخالفين ولذلك تححمل على التقية وقد اسهب السيد الاستاذ الامام الخوئي (قدس) في بيان ذلك ورد اوجه التعارض فتابع ما يقول في : ((
كتاب الصلاة - السيد الخوئي - ج 1 - شرح ص 533 - 539
الجهة الثانية : في الكراهة في الأوقات الثلاثة وقد تقدم أن الكراهة هي المنسوبة إلى المشهور بين الأصحاب " قدهم " بل ادعى عليها الاجماع في كلماتهم واستدل عليها بعدة من الروايات : " منها " : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( ع ) قال : يصلى على الجنازة في كل ساعة إنها ليست بصلاة ركوع ولا سجود وإنما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان . وفي بعض الروايات أن الناس إذا سجدوا عند طلوع الشمس قال إبليس لشياطينه : إن بني آدم يصلون لي ومقتضى اطلاق الصحيحة كراهة الصلاة - في الوقتين - مطلقا نافلة كانت أم فريضة أدائية كانت أم قضائية . و " منها " : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( ع ) قال : لا صلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة . وهي أيضا مطلقة ، وتدلنا باطلاقها على كراهة الصلاة عند الزوال مطلقا من غير فرق بين أقسامها لأنه مقتضى نفي حقيقة الصلاة . وهذه الصحيحة إذا ضممناها إلى الصحيحة المتقدمة لدلتا على كراهة الصلاة في الأوقات الثلاثة . ويرد على الاستدلال بصحيحة عبد الله بن سنان أنها كما يحتمل أن يراد بها كراهة الصلاة ونفي كمالها عند الزوال في غير يوم الجمعة لتدل على مدعى المشهور حينئذ يحتمل أن يراد بها عدم مشروعية الظهرين عند الزوال لمسبوقيتهما بالنافلة في غير يوم الجمعة . نعم لا نافلة قبل الفريضة يوم الجمعة بعد الزوال وتشرع الفريضة حينئذ عند انتصاف النهار وتحقق الزوال . بل الظاهر منها إرادة عدم المشروعية بقرينة الروايات الدالة على أن وقت صلاة الظهر بعدم القدم والذراع والمراد بالصلاة في الصحيحة هي الفريضة أعني صلاتي اليوم والليلة وبهذا المعنى وردت في الكتاب العزيز حيث قسمها سبحانه إلى صلاة الليل وصلاة النهار وقال : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر . . لأنه يدلنا على انبساط الفرائض على الأوقات الواقعة بين الدلوك والغسق . وحيث إنا حملنا الصحيحة على إرادة عدم المشروعية في أول الزوال فلا محالة تكون الصحيحة مخصصة للآية المباركة فنخرج عنها بهذه الصحيحة في أول الزوال كما أنها بذلك تكون كسائر الروايات الدالة على أن وقتي العصرين إنما هما بعد القدم والقدمين ، أو الذراع والذراعين لا أنهما يدخلان بالزوال . وقد ذكرنا أنها محمولة على مراتب الفضيلة بقرينة الأخبار الدالة على جواز الاتيان بهما من حين الزوال إذا فلا دلالة للصحيحة على كراهة مطلق الصلاة عند الزوال ، وعلى الجملة أن الصحيحة إما أنها ظاهرة فيما ادعيناه أو أنهما تحتمله ، وعلى كلا التقديرين لا مجال للاستدلال بهما على المدعى . ويؤيد ما ذكرناه ما رواه أبو بصير قال : قال أبو عبد الله ( ع ) إن فاتك شئ من تطوع الليل والنهار فاقضه عند زوال الشمس ، وبعد الظهر عند العصر وبعد المغرب . . وهي معتبرة من حيث السند والحسن الواقع في سندها هو الحسن بن سعيد الأهوازي الثقة أخو الحسين بن سعيد وذلك بقرينة الرواية المتقدمة عليها ، حيث صرح به في سندها أو أنه حسن بن فضال وكيف كان فالسند معتبر كما عرفت . كما أنها من حيث الدلالة أيضا تامة لدلالتها على جواز قضاء التطوع عند الزوال فتدلنا على صلاحية الوقت للصلاة ، وأن المراد من نفيها عند الزوال في الصحيحة المتقدمة هو نفي الفضيلة والكمال دون الحقيقة والمشروعية وأن الأفضل في الظهرين تأخيرهما عن الزوال في غير يوم الجمعة ، لمكان النافلة ، بخلاف يوم الجمعة ، إذ لا نافلة قبلها فهي مؤيدة لما ذكرناه في الصحيحة المتقدمة وعدم كراهة الصلاة في الأوقات الثلاثة . وأما صحيحة محمد بن مسلم فيتوجه على الاستدلال بها أنها غير قابلة التصديق بمدلولها - في نفسها - لاشتمالها على أن الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان ، وهذا إنما يمكن الاذعان به فيما إذا كان لطلوع الشمس وغروبها وقت معين ومعه أمكن أن يقال : إن الشمس تطلع وتغرب بين قرني شيطان . وليس الأمر كذلك فإن الشمس في كل آن من الأربع والعشرين ساعة في طلوع وغروب ، كما أنها في كل آن منها في زوال وذلك لكروية الأرض فهي تطلع في آن في مكان وبالإضافة إلى جماعة . وفي آن آخر تطلع في مكان آخر وبالإضافة إلى جماعة آخرين ، كما أنها دائما في زوال وغروب . ومعه ما معنى أن الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغرب بين قرني الشيطان ؟ ! فهو تعليل بأمر غير معقول في نفسه وهو أشبه بمفتعلات المخالفين ، لاستنكارهم الصلاة في الأوقات الثلاثة معللا له بهذا الوجه العليل فلا مناص من حمل الصحيحة وما هو بمضمونها على التقية ، فلا مجال للاستدلال بها بوجه . على أنا لو صدقنا الرواية في مدلولها لم يكن تعليلها هذا بمانع عن الصلاة في وقتي الطلوع والغروب ، لأنها وقتئذ من أحسن ما يرغم به أنف الشيطان فلا موجب لتركها . ويؤيد ذلك بل يدل عليه ما رواه الصدوق " قده " عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي من أنه ورد عليه فيما ورد ( عليه ) من جواب مسائله عن محمد بن عثمان العمري ( قدس الله روحه ) : وأما ما سألت عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فلأن كان كما يقول الناس - أي المخالفون ظاهرا - أن الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان فما أرغم أنف الشيطان بشئ أفضل من الصلاة فصلها وارغم أنف الشيطان . وقد رجحها الصدوق " قده " على الرواية الناهية عن الصلاة في الأوقات الثلاثة ونقلها عن مشايخه الأربعة عن أبي الحسين . وقوله ( ع ) فلأن كان كما يقول الناس . كالصريح في أن القضية المدعاة كاذبة لا أصل لها وإن ما ورد منها في رواياتنا إنما ورد تقية ، كما دلت على أن مجرد طلوع الشمس وغروبها بين قرني شيطان لا ينافي الصلاة عندهما بل هو مقتض للصلاة ، لأنها موجبة لارغام أنف الشيطان . ثم إن هذه الرواية وإن لم تكن صحيحة - على الاصطلاح - لعدم توثيق كل واحد من مشايخة الذين قد أطبقوا على نقل الرواية ، إلا أن رواية كل من مشايخه الأربعة الرواية التي رواها الآخر تستتبع تعاضد بعضها ببعض وقد رواها في اكمال الدين واتمام النعمة عن محمد بن أحمد السنائي وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق ، والحسين بن إبراهيم المؤدب ، وعلي بن عبد الله الوراق ، ورجحها على الرواية الناهية . ومن البعيد جدا أن تكون رواياتهم مخالفة للواقع بأجمعها بأن يكذب جميعهم . ثم إنا لو لم نصدق كون الرواية قابلة للاعتماد عليها فلا أقل من أنها مؤيدة للمدعى .))
فالسيد الخوئي قدس سره قد بين ان رواية قرني الشيطان وان كانت صحيحة السند الا انها غير مقبولة المتن على ظاهره بل لابد من حملها على التقية لمواقتها اراء المخالفين فقد ورد في البخاري : ج 4 - ص 92
((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تبرز وإذا غاب حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تغيب ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان أو الشيطان))
ولذا تحمل الرواية على التقية
فضلا عن ان متنها مردود علميا كما بين الامام الخوئي من ان الشمس في حالة طلوع مستمر اربعا وعشرين ساعة في اليوم نتيجة كروية الارض فكيف يعمل بها؟
ومما يؤيد كلام الخوئي ما ذكرته انت من رواية عن العمري وقد نسبتها الى المهدي من ان الناس - يعني المخالفين - يقولون ذلك فكان النجاة في مخالفتهم كما هو معلوم
وكان ارغام انف الشيطان في تلك الاوقات اولى
فهذا بعض مما امكننا ذكره مراعين فيه الاختصار
وراجين به الافادة
والسلام خاتم الكلام
تعليق