السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعظم الله اجورنا واجوركم بهذا المصاب الجلل
جئت ابحث في الموضوع فاذا بي اجده قد بحث من قبل
فرايت ان انقله فاشترك في ثوابه
--------------------------------------------
الاول
وفي السنة الشريفة نلاحظ أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (ما من نبي أو وصي إلا شهيد). (بصائر الدرجات ص 148 وبحار الأنوار ج 17 ص 405). كما يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما الصلاة والسلام: (ما منا إلا مسموم أو مقتول). (كفاية الأثر للخراز القمي ص 162 وبحار الأنوار ج 45 ص 1 ومن لا يحضره الفقيه ج 4 ص 17).
وهنالك كثير من الروايات التي تشابه هذه المعاني، وكلها تؤكد أن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام والأنبياء والأوصياء لا يموتون إلا مقتولين أو مسمومين، ويفدون على الرب الجليل شهداء.
من هذا المنطلق نعرف أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مات مقتولا مسموما. ويؤيد هذه الحقيقة عدة روايات وردت في كتب السنة، منها ما روي عن عبد الله بن مسعود إذ قال: لئن أحلف تسعا أن رسول الله قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك لأن الله اتخذه نبيا واتخذه شهيدا. (السيرة النبوية لابن كثير الدمشقي ج 4 ص 449). وقال الشعبي: والله لقد سم رسول الله. (مستدرك الحاكم ج 3 ص 60).
ومما يؤيد هذه الحقيقة أيضا: أن أعراض السم ظهرت على وجه وبدن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قبيل وبعيد وفاته، إذ تذكر كتب السيرة أن درجة حرارة رسول الله ارتفعت ارتفاعا خطيرا في مرضه الذي توفي فيه، وأن صداعا عنيفا في رأسه المقدس الشريف قد صاحب هذا الارتفاع في الحرارة. ومن المعروف طبياً أن ارتفاع حرارة الجسم والصداع القوي هو من نتاج تجرع السم. يذكر ابن سعد: فلما كان يوم الأربعاء بدأ برسول الله المرض فحم وصدع. (الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 249). وفي عيون الأثر مثله. (عيون الأثر لابن سيد الناس ج 2 ص 281). وكانت أم البشر بن البراء قد قالت للرسول: ما وجدت مثل هذه الحمى التي عليك على أحد. (الطبقات الكبرى ج 2 ص 236) وهذا النص يثبت بدلالة قاطعة أن الحمى التي اعترت المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تكن حمى طبيعية، بل كانت من أثر السم.
ولكن.. من الذي سم رسول الله وقام باغتياله؟!
إجابة هذا السؤال تحتاج إلى تركيز على المعطيات الواردة في كتب التاريخ والسير حول اللحظات الأخيرة لوفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
إن جلّ علماء المسلمين، شيعة وسنة، لا يختلفون على أن رسول الله قد مات بالسم، ولكنهم مختلفون في مصدر ذلك السم وتوقيته، فهناك من يقول أن السم الذي تجرعه النبي كان سم خيبر، عندما أهدت امرأة يهودية شاة إلى النبي وكانت قد دست فيها السم، فأكل النبي من الشاة وأدى ذلك بعد سنوات إلى وفاته!
إلا أن الموثق من التاريخ فضلا عن المنطق ينفيان ذلك، وذلك لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأكل من الطعام المسموم أصلا، بل إنه تحاشاه لأنه كان يعلم أنه مسموم، هذا أولا؛ وأما ثانيا؛ فعلى فرض أن الرسول كان قد أكل من تلك الشاة المسمومة، فكيف للسم أن يستمر بجسده الشريف أكثر من أربع سنوات دون أي تأثير، ثم بعد ذلك يتوفى بسببه؟!
تقول الرواية: في السنة السابعة وبعد معركة خيبر أهدت زينب بنت الحارث (وهي أخت مرحب الذي قتله الإمام علي عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شاة مصلية مسمومة. فقال النبي لأصحابه: (أمسكوا فإنها مسمومة). واستدعى النبي المرأة اليهودية وقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: أردت أن أعلم إن كنت نبيا فسيطلعك الله عليه، وإن كنت كاذبا أريح الناس منك! فعفا عنها رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم). (تاريخ ابن كثير ج 4 ص 209 وفتح الباري ج 7 ص 497).
ويستنتج من ذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأكل من ذلك الطعام المسموم. ثم إنه توفي في السنة الحادية عشرة للهجرة الشريفة، وتلك الحادثة كانت في السنة السابعة، فهل يعقل أن يتوفى النبي بذلك السم القديم الذي تجرعه قبل أكثر من أربع سنوات؟! هذا وطبيعة السموم أنها تقتل متناولها في مدة وجيزة، وإذا لم تقتله فيكون الذي تناولها قد تغلب عليها ولم يعد لها من أثر، إذ يستحيل أن يبدأ مفعول السم بعد سنوات.
وبعد هذه النتيجة يعاود السؤال طرح نفسه ثانية: من الذي اغتال رسول الله ومتى وكيف؟
هذه مجموعة من المعطيات الروائية التي تكشف الحقيقة:
جاء عن عائشة: لددنا (قمنا بتطعيم) رسول الله في مرضه. فقال: (لا تلدوني). فقلنا: كراهية المريض للدواء. فلما أفاق قال (لا يبقى منكم أحد إلا لد غير العباس فإنه لم يشهدكم). (تاريخ الطبري ج 2 ص 438). وجاء أيضا: إنا لنرى برسول الله ذات الجنب فهلموا فلنلده ، فلدوه. فلما أفاق رسول الله قال: (من فعل بي هذا)؟ قالوا: عمك العباس تخوّف أن يكون بك ذات الجنب. فقال رسول الله: (إنها من الشيطان، وما كان الله ليسلطه علي، لا يبقى في البيت أحد إلا لددتموه إلا عمي العباس فإنه لم يشهدكم). (معجم ما استعجم لعبد الله الأندلسي ص 142). وجاء أيضا: قالت عائشة: لددنا رسول الله في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني فقلنا: كراهية المريض للدواء. فقال: (لا يبقى أحد في البيت إلا لد، وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم). (صحيح البخاري ج 7 ص 17 وصحيح مسلم ج 7 ص 24 و ص 198). ويقول السندي في شرح البخاري: معنى قوله (صلى الله عليه (وآله) وسلم): (لا يبقى أحد في البيت إلا لد) عقوبة لهم بتركهم امتثال نهيه عن ذلك. (شرح السندي لصحيح البخاري ج 3 ص 95). وكان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر القوم بأن لا يلدوه، إذ روي أنه قال لهم بعد سقيه إياهم ذلك الدواء المزعوم: (ألم أنهكم أن لا تلدوني)؟! (الطب النبوي لابن القيم الجوزي ج 1 ص 66). وبعد قيامهم بلد النبي، قال (صلى الله عليه وآله وسلم) عن عائشة: (ويحها لو تستطيع ما فعلت)! (الطبقات لابن سعد ج 2 ص 203).
وهذه الروايات الموثقة في كتب الحديث عند أهل السنة تكشف أن هناك مؤامرة كبرى دبرها المخططون لقلب النظام الإسلامي، وذلك لاغتيال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتجريعه سما على أنه دواء للتطعيم!
والتحليل المنطقي للأحداث يرسم لنا صورة مأساوية لما جرى، فعندما كان النبي نائما، قام المتآمرون بوضع جرعة من السم في فم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تحت ذريعة أنه دواء للتطعيم من المرض رغم أن النبي كان قد نهاهم قبل نومه عن فعل مثل ذلك لأنه الأعلم والأدرى بحاله، وعندما أفاق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سأل عمّن فعل به ذلك، فألقوا بالجريمة على عمه العباس في محاولة مكشوفة للتخلص من تبعاتها، ولكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعلم بالأمور كلها لعلمه بالغيب، فبرأ ساحة عمه العباس واستنكر فعلتهم، ووصفها بأنها كانت من الشيطان. وكل هذه المعطيات تكشف أن ثمة جريمة كبرى قد وقعت، فلو كان الأمر مجرد دواء سقي للنبي، لماّ صوّره صلوات الله عليه وآله على أنه فعل من أفعال الشيطان، فهو الذي لا ينطق عن الهوى.
وهنالك معطيات أخرى لابد من أخذها بالاعتبار لتأكيد الأمر، فميقات السم كان بالضبط بعد ما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جيش أسامة بن زيد بالنفاذ إلى الروم، وكان قد كلف أبا بكر وعمر وعثمان وكثيرا من وجوه قريش بالانخراط في ذلك الجيش تحت إمرة أسامة، بينما هو أبقى أمير المؤمنين (عليه السلام) عنده حتى يهيئ له زمام الخلافة.
ولطالما أشار النبي إلى مسكن عائشة وقال: (هاهنا الفتنة. هاهنا الفتنة. هاهنا الفتنة. من حيث يطلع قرن الشيطان)! (صحيح البخاري ج 4 ص 92 وسنن الترمذي ج 2 ص 257 وصحيح مسلم ج 8 ص 172).
كما تمنى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) موت زوجته قبله، حتى لا تجرعه الدواء المزعوم، وحتى لا تنخرط في محاربة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في موقعة الجمل التي راح ضحيتها الآلاف من المسلمين. ففي السيرة النبوية أن النبي قال موجها كلامه إلى عائشة: (و ما عليك لو مت قبلي فوليت أمرك وصليت عليك وواريتك)! فقالت عائشة: واثكلاه! والله إني لأظنك تحب موتي، ولو كان ذلك لظللت إلى آخر يومك معرسا ببعض أزواجك! (السيرة النبوية لابن كثير ج 4 ص 446 والبداية والنهاية ج 5 ص 244 وصحيح البخاري ج 9 ص 190).
وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد لعن المتخلفين عن جيش أسامه إذ قال: (لعن الله المتخلفين عن جيش أسامة). وقد ثبت أن الرجلين كانا من الذين تخلفوا عن الجيش. (شرح النهج لابن أبي الحديد ج 6 ص 52). وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال لشهداء أحد: (هؤلاء أشهد عليهم). فقال أبو بكر: ألسنا يا رسول الله إخوانهم، أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فرد عليه الرسول عليه وآله الصلاة والسلام: (بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي). وفي هذا دلالة واضحة على أن خاتم الأنبياء صلوات الله عليه وآله لم يستثن أصحابه من النكوص على أعقابهم بعده. (الموطأَ للإمام مالك ص 236).
وإذا ما عدنا إلى المعطيات والحقائق، نجد أن الرسول كان قد جزم بأنه ما من نبي أو وصي إلا شهيد. ونجد أن عوارض السم قد ظهرت على وجهه وبدنه الشريف. ونجد أن سم يوم خيبر لم تكن له أية مدخلية في استشهاد رسول الله لأنه لم يتناول الطعام المشتمل عليه أساسا. ونجد أنه طعن فيمن قام بلده واصفا تلك الفعلة الشنيعة بأنها من الشيطان. وحينما نجمع بين هذه المعطيات نستنتج بأن العصابة التي خططت للانقلاب على خاتم الأنبياء وإزاحة خليفته الشرعي هي التي دبّرت قتله عن طريق تجريعه السم بأبي هو وأمي. وهذه الحقيقة كشف عنها أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام حيث جاء عن الصادق عليه السلام: (فسم قبل الموت.. إنهما سقتاه). (البحار للعلامة المجلسي ج 22 ص 516 وتفسير العياشي ج 1 ص 200). كما تذكر روايات أخرى أن الأربعة اجتمعوا على سم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). (البحار للعلامة المجلسي ج 22 ص 239). ولكن المتآمرين حيث رأوا أنه لا مجال لإنكار استشهاد رسول الله بالسم، ألقوا بتبعة ذلك على سم خيبر القديم!
ويتبادر إلى الذهن سؤال يقول: إذا كان في مصلحة النبي أن يتناول هذا الدواء المزعوم ويجري لده، فلماذا لم يشترك أهل بيته في ذلك وهم الأقرب منه والأكثر معرفة بحاله صلوات الله عليه وآله؟ كما يتبادر سؤال آخر وهو: لماذا نجد كل هذه القرائن على أن ثمة عصابة تسير وفق مخطط مدروس للانقلاب على السلطة الإلهية؟ كيف لهم - مثلا - أن يقولوا في محضر الرسول: إن النبي ليهجر!.. هكذا بكل جرأة ووقاحة لولا أنهم يعلمون علم اليقين أن رسول الله سيموت إثر تجرعه السم القاتل فيأمنون من العقوبة؟!
وعظم الله اجورنا واجوركم بهذا المصاب الجلل
جئت ابحث في الموضوع فاذا بي اجده قد بحث من قبل
فرايت ان انقله فاشترك في ثوابه
--------------------------------------------
الاول
وفي السنة الشريفة نلاحظ أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (ما من نبي أو وصي إلا شهيد). (بصائر الدرجات ص 148 وبحار الأنوار ج 17 ص 405). كما يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما الصلاة والسلام: (ما منا إلا مسموم أو مقتول). (كفاية الأثر للخراز القمي ص 162 وبحار الأنوار ج 45 ص 1 ومن لا يحضره الفقيه ج 4 ص 17).
وهنالك كثير من الروايات التي تشابه هذه المعاني، وكلها تؤكد أن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام والأنبياء والأوصياء لا يموتون إلا مقتولين أو مسمومين، ويفدون على الرب الجليل شهداء.
من هذا المنطلق نعرف أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مات مقتولا مسموما. ويؤيد هذه الحقيقة عدة روايات وردت في كتب السنة، منها ما روي عن عبد الله بن مسعود إذ قال: لئن أحلف تسعا أن رسول الله قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك لأن الله اتخذه نبيا واتخذه شهيدا. (السيرة النبوية لابن كثير الدمشقي ج 4 ص 449). وقال الشعبي: والله لقد سم رسول الله. (مستدرك الحاكم ج 3 ص 60).
ومما يؤيد هذه الحقيقة أيضا: أن أعراض السم ظهرت على وجه وبدن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قبيل وبعيد وفاته، إذ تذكر كتب السيرة أن درجة حرارة رسول الله ارتفعت ارتفاعا خطيرا في مرضه الذي توفي فيه، وأن صداعا عنيفا في رأسه المقدس الشريف قد صاحب هذا الارتفاع في الحرارة. ومن المعروف طبياً أن ارتفاع حرارة الجسم والصداع القوي هو من نتاج تجرع السم. يذكر ابن سعد: فلما كان يوم الأربعاء بدأ برسول الله المرض فحم وصدع. (الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 249). وفي عيون الأثر مثله. (عيون الأثر لابن سيد الناس ج 2 ص 281). وكانت أم البشر بن البراء قد قالت للرسول: ما وجدت مثل هذه الحمى التي عليك على أحد. (الطبقات الكبرى ج 2 ص 236) وهذا النص يثبت بدلالة قاطعة أن الحمى التي اعترت المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تكن حمى طبيعية، بل كانت من أثر السم.
ولكن.. من الذي سم رسول الله وقام باغتياله؟!
إجابة هذا السؤال تحتاج إلى تركيز على المعطيات الواردة في كتب التاريخ والسير حول اللحظات الأخيرة لوفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
إن جلّ علماء المسلمين، شيعة وسنة، لا يختلفون على أن رسول الله قد مات بالسم، ولكنهم مختلفون في مصدر ذلك السم وتوقيته، فهناك من يقول أن السم الذي تجرعه النبي كان سم خيبر، عندما أهدت امرأة يهودية شاة إلى النبي وكانت قد دست فيها السم، فأكل النبي من الشاة وأدى ذلك بعد سنوات إلى وفاته!
إلا أن الموثق من التاريخ فضلا عن المنطق ينفيان ذلك، وذلك لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأكل من الطعام المسموم أصلا، بل إنه تحاشاه لأنه كان يعلم أنه مسموم، هذا أولا؛ وأما ثانيا؛ فعلى فرض أن الرسول كان قد أكل من تلك الشاة المسمومة، فكيف للسم أن يستمر بجسده الشريف أكثر من أربع سنوات دون أي تأثير، ثم بعد ذلك يتوفى بسببه؟!
تقول الرواية: في السنة السابعة وبعد معركة خيبر أهدت زينب بنت الحارث (وهي أخت مرحب الذي قتله الإمام علي عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شاة مصلية مسمومة. فقال النبي لأصحابه: (أمسكوا فإنها مسمومة). واستدعى النبي المرأة اليهودية وقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: أردت أن أعلم إن كنت نبيا فسيطلعك الله عليه، وإن كنت كاذبا أريح الناس منك! فعفا عنها رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم). (تاريخ ابن كثير ج 4 ص 209 وفتح الباري ج 7 ص 497).
ويستنتج من ذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأكل من ذلك الطعام المسموم. ثم إنه توفي في السنة الحادية عشرة للهجرة الشريفة، وتلك الحادثة كانت في السنة السابعة، فهل يعقل أن يتوفى النبي بذلك السم القديم الذي تجرعه قبل أكثر من أربع سنوات؟! هذا وطبيعة السموم أنها تقتل متناولها في مدة وجيزة، وإذا لم تقتله فيكون الذي تناولها قد تغلب عليها ولم يعد لها من أثر، إذ يستحيل أن يبدأ مفعول السم بعد سنوات.
وبعد هذه النتيجة يعاود السؤال طرح نفسه ثانية: من الذي اغتال رسول الله ومتى وكيف؟
هذه مجموعة من المعطيات الروائية التي تكشف الحقيقة:
جاء عن عائشة: لددنا (قمنا بتطعيم) رسول الله في مرضه. فقال: (لا تلدوني). فقلنا: كراهية المريض للدواء. فلما أفاق قال (لا يبقى منكم أحد إلا لد غير العباس فإنه لم يشهدكم). (تاريخ الطبري ج 2 ص 438). وجاء أيضا: إنا لنرى برسول الله ذات الجنب فهلموا فلنلده ، فلدوه. فلما أفاق رسول الله قال: (من فعل بي هذا)؟ قالوا: عمك العباس تخوّف أن يكون بك ذات الجنب. فقال رسول الله: (إنها من الشيطان، وما كان الله ليسلطه علي، لا يبقى في البيت أحد إلا لددتموه إلا عمي العباس فإنه لم يشهدكم). (معجم ما استعجم لعبد الله الأندلسي ص 142). وجاء أيضا: قالت عائشة: لددنا رسول الله في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني فقلنا: كراهية المريض للدواء. فقال: (لا يبقى أحد في البيت إلا لد، وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم). (صحيح البخاري ج 7 ص 17 وصحيح مسلم ج 7 ص 24 و ص 198). ويقول السندي في شرح البخاري: معنى قوله (صلى الله عليه (وآله) وسلم): (لا يبقى أحد في البيت إلا لد) عقوبة لهم بتركهم امتثال نهيه عن ذلك. (شرح السندي لصحيح البخاري ج 3 ص 95). وكان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر القوم بأن لا يلدوه، إذ روي أنه قال لهم بعد سقيه إياهم ذلك الدواء المزعوم: (ألم أنهكم أن لا تلدوني)؟! (الطب النبوي لابن القيم الجوزي ج 1 ص 66). وبعد قيامهم بلد النبي، قال (صلى الله عليه وآله وسلم) عن عائشة: (ويحها لو تستطيع ما فعلت)! (الطبقات لابن سعد ج 2 ص 203).
وهذه الروايات الموثقة في كتب الحديث عند أهل السنة تكشف أن هناك مؤامرة كبرى دبرها المخططون لقلب النظام الإسلامي، وذلك لاغتيال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتجريعه سما على أنه دواء للتطعيم!
والتحليل المنطقي للأحداث يرسم لنا صورة مأساوية لما جرى، فعندما كان النبي نائما، قام المتآمرون بوضع جرعة من السم في فم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تحت ذريعة أنه دواء للتطعيم من المرض رغم أن النبي كان قد نهاهم قبل نومه عن فعل مثل ذلك لأنه الأعلم والأدرى بحاله، وعندما أفاق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سأل عمّن فعل به ذلك، فألقوا بالجريمة على عمه العباس في محاولة مكشوفة للتخلص من تبعاتها، ولكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعلم بالأمور كلها لعلمه بالغيب، فبرأ ساحة عمه العباس واستنكر فعلتهم، ووصفها بأنها كانت من الشيطان. وكل هذه المعطيات تكشف أن ثمة جريمة كبرى قد وقعت، فلو كان الأمر مجرد دواء سقي للنبي، لماّ صوّره صلوات الله عليه وآله على أنه فعل من أفعال الشيطان، فهو الذي لا ينطق عن الهوى.
وهنالك معطيات أخرى لابد من أخذها بالاعتبار لتأكيد الأمر، فميقات السم كان بالضبط بعد ما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جيش أسامة بن زيد بالنفاذ إلى الروم، وكان قد كلف أبا بكر وعمر وعثمان وكثيرا من وجوه قريش بالانخراط في ذلك الجيش تحت إمرة أسامة، بينما هو أبقى أمير المؤمنين (عليه السلام) عنده حتى يهيئ له زمام الخلافة.
ولطالما أشار النبي إلى مسكن عائشة وقال: (هاهنا الفتنة. هاهنا الفتنة. هاهنا الفتنة. من حيث يطلع قرن الشيطان)! (صحيح البخاري ج 4 ص 92 وسنن الترمذي ج 2 ص 257 وصحيح مسلم ج 8 ص 172).
كما تمنى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) موت زوجته قبله، حتى لا تجرعه الدواء المزعوم، وحتى لا تنخرط في محاربة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في موقعة الجمل التي راح ضحيتها الآلاف من المسلمين. ففي السيرة النبوية أن النبي قال موجها كلامه إلى عائشة: (و ما عليك لو مت قبلي فوليت أمرك وصليت عليك وواريتك)! فقالت عائشة: واثكلاه! والله إني لأظنك تحب موتي، ولو كان ذلك لظللت إلى آخر يومك معرسا ببعض أزواجك! (السيرة النبوية لابن كثير ج 4 ص 446 والبداية والنهاية ج 5 ص 244 وصحيح البخاري ج 9 ص 190).
وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد لعن المتخلفين عن جيش أسامه إذ قال: (لعن الله المتخلفين عن جيش أسامة). وقد ثبت أن الرجلين كانا من الذين تخلفوا عن الجيش. (شرح النهج لابن أبي الحديد ج 6 ص 52). وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال لشهداء أحد: (هؤلاء أشهد عليهم). فقال أبو بكر: ألسنا يا رسول الله إخوانهم، أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فرد عليه الرسول عليه وآله الصلاة والسلام: (بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي). وفي هذا دلالة واضحة على أن خاتم الأنبياء صلوات الله عليه وآله لم يستثن أصحابه من النكوص على أعقابهم بعده. (الموطأَ للإمام مالك ص 236).
وإذا ما عدنا إلى المعطيات والحقائق، نجد أن الرسول كان قد جزم بأنه ما من نبي أو وصي إلا شهيد. ونجد أن عوارض السم قد ظهرت على وجهه وبدنه الشريف. ونجد أن سم يوم خيبر لم تكن له أية مدخلية في استشهاد رسول الله لأنه لم يتناول الطعام المشتمل عليه أساسا. ونجد أنه طعن فيمن قام بلده واصفا تلك الفعلة الشنيعة بأنها من الشيطان. وحينما نجمع بين هذه المعطيات نستنتج بأن العصابة التي خططت للانقلاب على خاتم الأنبياء وإزاحة خليفته الشرعي هي التي دبّرت قتله عن طريق تجريعه السم بأبي هو وأمي. وهذه الحقيقة كشف عنها أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام حيث جاء عن الصادق عليه السلام: (فسم قبل الموت.. إنهما سقتاه). (البحار للعلامة المجلسي ج 22 ص 516 وتفسير العياشي ج 1 ص 200). كما تذكر روايات أخرى أن الأربعة اجتمعوا على سم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). (البحار للعلامة المجلسي ج 22 ص 239). ولكن المتآمرين حيث رأوا أنه لا مجال لإنكار استشهاد رسول الله بالسم، ألقوا بتبعة ذلك على سم خيبر القديم!
ويتبادر إلى الذهن سؤال يقول: إذا كان في مصلحة النبي أن يتناول هذا الدواء المزعوم ويجري لده، فلماذا لم يشترك أهل بيته في ذلك وهم الأقرب منه والأكثر معرفة بحاله صلوات الله عليه وآله؟ كما يتبادر سؤال آخر وهو: لماذا نجد كل هذه القرائن على أن ثمة عصابة تسير وفق مخطط مدروس للانقلاب على السلطة الإلهية؟ كيف لهم - مثلا - أن يقولوا في محضر الرسول: إن النبي ليهجر!.. هكذا بكل جرأة ووقاحة لولا أنهم يعلمون علم اليقين أن رسول الله سيموت إثر تجرعه السم القاتل فيأمنون من العقوبة؟!
تعليق