كيف اصبح الايرانيون شيعة ؟
(المقال منقول من موقع المستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت، فهل توافقون على كل ما فيه وترونه صحيحاً ؟ )
تتناول هذه الدراسة سؤالا حول كيفية تشيع الايرانيين ، او كيف اصبح الايرانيون شيعة ؟
ان تاريخ الدين الاسلامي في ايران يرجع الى عهد الرسول محمد (ص) وذلك عندما بعث (ص) برسالة الى «خسرو برويز» ملك ايران يدعوه الى الدين الاسلامي ، وفي سنة 16هـ عهد الخليفة الثاني «عمر بن الخطاب» دخل الدين الاسلامي بصورة رسمية الى الاراضي الايرانية .
اهم سؤال يمكن طرحه هو : على الرغم من دخول الدين الاسلامي الى ايران في عهد الخلفاء وعلى الرغم من اعتقاد الايرانيين بالمذهب السني خلال القرون الاولى ، كيف اصبح اكثر الايرانيين من اتباع المذهب الشيعي ؟
سوف لانتطرق الى البحث الكلامي في تناولنا الموضوع بل سوف نتطرق اليه من منظور علم الاجتماع التاريخي ونبحث في اهم الاحداث التي ادت الى تشيع الايرانيين .
اما حول السؤال المطرح اعلاه ، حيث ذكر نوعين من الاجوبة :
1.اجوبة خيالية وغير صحيحة .
2. اجوبة صحيحة ومنطقية .
ونحن خلال هذا البحث سوف نتناول قسم من الاجوبة الخيالية وننقدها وفي النهاية سوف نطرح الجواب الصحيح والمناسب .
1. الاجوبة الخيالية الغير صحيحة :
1ـ1 . ان زواج الامام الحسين (ع) من السيدة «شهربانو »ابنة « يزدجرد الثالث» من ملوك السلالة الساسانية ادى الى تعلّق الايرانيين باهل البيت ( عليم السلام) ، وهذا الامر كان سببا اساسيا لاتباعهم المذهب الشيعي .
نقد هذا الجواب :
اولا: ان اساس هذه القصة غير صحيح .
ثانيا: ان صحة هذه الرواية تتوقف على مدى حب ورغبة الايرانيين بالسلالة الساسانية ليحبوا صهرهم ويودوه . في الواقع ان الايرانيين هم من مهد لزوال السلالة الساسانية وسقوطها ، حتى ان يزدجهر هرب والتجأ الى احدى المدن الايرانية ، ومن ثم قتل على يد طحان ايراني في مدينة «مرو» .
ثالثا : الشهيد العلامة المطهري يطرح جوابا اخرا يقول فيه مايلي :
ان عددا من الامويين صاهروا الساسانيين وناسبوهم ، فلماذا لم يحب الايرانيون الامويين ؟
2ـ1. ان الايرانيين كانوا ضد العرب وضد الاسلام والمسلمين ، وعندما فتحت ايران على يد المسلمين اضطر الايرانيون الى اعلان اسلامهم حقنا للدماء او دفع الجزية ، اي انهم اعتنقوا الدين الاسلامي عنوة . وظلوا محتفظين بعقائدهم الزردشتية وعقائد ماقبل الاسلام تحت عنوان الشيعة ، اي ان التشيع مذهب صنعه الايرانيون وليس له اي صلة بالاسلام ، بل انه مذهب ايراني الصنع .
نقد الجواب :
اولا:من الممكن ان تكون هذه النطرية صحيحة فيما اذا كان زعماء الشيعة الاوائل من الايرانيين ، لكننا نرى ان قادة وزعماء الشيعة الاوائل هم الائمة المعصومين ( عليهم السلام) وهم من العرب وليسوا ايرانيين .
ثانيا : ايضا من الممكن ان تكون هذه النطرية صحيحة فيما اذا كان الشيعة الاوائل كلهم ايرانيين ، لكننا نرى بان العدد القليل منهم كانوا ايرانيين امثال « سلمان الفارسي» ، وغالبيتهم كانوا من العرب .
ثالثا: يمكن ان تكون النطرية صحيحة اذا كانت جميع مصادر والنصوص الاصلية للشيعة تختلف عن النصوص والمصادر الاسلامية عامة ، وهذا الاختلاف يجب ان يظهر في النصوص الايرانية خاصة . لكن الواقع لاينطبق على هذا الادعاء ، لان القرآن يعتبر اول واساس المصادر الاسلامية ، ويعتقد به السنة والشيعة معا ، والمصدر الثاني هي السنة النبوية الشريفة والاجماع يرجع الى الكتاب والسنة ، اما العقل اساسه المستقلات العقلية والتي لاتختص بالايرانيين خاصة ، بل تتعلق بالجميع .
رابعا : ان النطرية السابقة يمكن ان تكون صادقة فيما اذا كان الايرانيون يعتقدون بالمذهب الشيعي منذ القرون الاولى ، لكننا نرى بان الايرانيين كانوا من اهل السنة ، وحتى ان زعماء اهل السنة وقادتهم هم من الايرانيين ، وكذلك كان اكثر مؤلفي النصوص الدينية القديمة لاهل السنة من الايرانيين . هذه اشارة ونقطة يذكرها الشهيد مطهري في كتابه د« الخدمات المتقابلة بين الاسلام وايران » .
خامسا : ان اكثر زعماء الشيعة وعلمائهم حتى القرن العاشر الهجري كانوا من غير الايرانيين ، وكانوا يعيشون خارج الاراضي الايرانية ، امثال «الشيخ المفيد» و«السيد المرتضى» و«المحقق الحلي» و« الشهيد الاول والثاني» وعلماء جبل عامل الذين اقدموا الى ايران بعد دعوة الصفويين لهم .وكذلك المحقق « الكركي» الذي نشر الحوزات العلمية في كل من ايران والعراق ومناطق اخرى . ان كل هؤلاء كانوا من غير الايرانيين .
صحيح ان الثقافة واللغة والزمان والمكان والعادات والتقاليد تؤثر على التعاليم الدينية ، لكنها ليست سببا لايجاد مذهب شيعي يخص الايرانيين .
ان الفقه الشيعي يؤكد على عنصر الزمان والمكان والتاريخ وغيره.....
اذن لايمكننا ان ننكر التأثير والتأثر . لكن الامر لايمكنه ان يكون موجِها .
انتقلت بعض التعاليم الفلسفية التي كانت رائجة في الفترة التي سبقت الدين الاسلامي الى فترة ما بعد الاسلام ، وانتقلت ايضا بعض العادات والقصص التراثية ، اي ان الايرانيين احتفظوا بقسم من تراثهم ، لكنهم لم بعتبروه ابدا جزءا من المذهب الشيعي ، لان بعض الامور تتعلق بعادات وتقاليد شعبية لاعلاقة لها بالتشيع ، مثل اللغة الفارسية وعيد النيروز و.... وان الشعب الايراني لم يتخلى عن اللغة الفارسية لانه لايوجد تعارض بين هذه اللغة وتعاليم الدين الاسلامي ، واذا كان هناك تعارض بين امر ما والتعاليم الاسلامية ، كان الايرانيون كانوا يتخلون عنه لصالح الاسلام .
3ـ1. ان الايرانيين كانوا يتبعون المذهب السني حتى القرن العاشر ، وبضغط من الصفويين اتبعوا المذهب الشيعي واصبحوا من الشيعة ، لان الشاه اسماعيل الصفوي عندما توِج في مدينة تبريز اقدم على قتل عدد كبير من اهل السنة في هذه المنطقة .
نقد الجواب االسابق :
اولا: ان الشاه اسماعيل كان شابا لايتجاوز الرابعة عشر من عمره ، حيث لايمكن ان نتصور بانه قد وصل الى سدة الحكم من دون مساعدة الشيعة ومساندتهم ، انه ليس من المنطق ان يكون اهل السنة قد دعموا الشاه اسماعيل لصالح المذهب الشيعي .
لذلك يمكننا ان نقول ان عدد الشيعة في ايران كان كبيرا في تلك الفترة ، حيث استطاع الصفويون بمساعدة الشيعة هؤلاء ان يأسسوا قدرة استطاعت ان تواجه الامبراطورية العثمانية السنية ، وان يشكلوا الدولة الصفوية انذاك .
ثانيا : ان التاريخ لم يذكر بان الصفويين اوجدوا واسسوا المذهب الشيعي في ايران بالعنف والقوة . لايخلو الامر من تعرض بعض افراد اهل السنة الى ضغوطات ومضايقات الدولة الصفوية ، كما كان بعض الشيعة ايام الدولة العثمانية يعانون من سوء معاملة الحكومة العثمانية لهم .
يمكننا القوا بان تصرف الحكومتين كان تصرفا خاطئا وغير اسلامي .
2ـ الجواب الصحيح والمنطقي :
في البداية يجب ان نذعن بانه لايمكن لاي مذهب ان يتغلغل بين افراد الشعب ويستقر الا بصورة تدريجية . ويجب علينا ان لانستعرض فترة زمنية معينة ومحددة ، لان الفترة التي تخللت بين اعتناق اول ايراني المذهب الشيعي وبين اعتقاد اكثر الايرانيين بهذا المذهب قد استمرت حوالي عشرة قرون .
1ـ2 .في البداية نقول بأن سلمان الفارسي كان من الصحابة المقربين الاوفياء للرسول (ص) واهل البيت ( عليهم السلام) ، حيث كان ايرانيا شيعيا ، وكان ايضا في اليمن عدد من الايرانيين الموالين لاهل البيت ( عليهم السلام) .
فتحت اليمن على يد الامام علي (ع) واسلم افرادها ، فمنذ ذلك الحين تعرف اهل اليمن على الامام علي (ع) في الوقت التي كانت فيه منطقة ساحل الخليج الفارسي حتى اليمن تحت النفوذ الايراني .
2ـ2. كان الخليفة الثاني لايعدل بين العرب والعجم في معاملته وحكمه ، مما ادى الى انزجار الايرانيين هناك . بعد مقتل الخليفة الثاني على يد احد الايرانيين ،اقدم ابنه على قتل عدد من الايرانيين الموجودين في المدينة انذاك ، وعندما تقلد الامام علي (ع) مقاليد الحكم والولاية ، اعلن بانه لاتمايز ولافرق بين العرب والعجم ، ولافضل احدهما على الاخر ، وهذا مما ادى الى توجه الايرانيين وميولهم وحبهم للامام علي (ع) .
عندما اشترى الامام زين العابدين (ع) عدد كبير من العبيد الغير عرب واعتقهم ، اصبح عدد الموالين المحبين لاهل البيت (ع ) في المدينة كبير جدا .
3ـ2. بعد استشهاد الامام الحسين بن علي (ع) ، اذعن الايرانيون بأن هناك نوعين وفئتين في الاسلام . الاسلام اليزيدي والاسلام الحسيني . لذلك لم يستطع الامويون ان يجذبوا الايرانيين اويكسبوا عواطفهم ، لان تاريخ الامويين كان حافلا بالظلم والعدوان والعنصرية .لذلك كان توجه قلوب الايرانيين وتبعيتهم للامام الحيسن (ع) واهل البيت ( عليهم السلام ) امرا طبيعيا وحتميا
حيث كان للايرانيون دور حافل في سقوط بني امية ، لان بني العباس ثاروا تحت شعار دعم ومساندة آل محمد (عليهم السلام) ، لكنه اتضح بعد ذلك ان هذا التيار ايضا لاينصب مع تيار اهل البيت (ع) .
4ـ2. اذا استعرضنا التاريخ نجد ان البعض من تلامذة الامام جعفر الصادق(ع) وسائر الائمة المعصومين ( عليهم السلام) كانوا يقطنون في ايران ، وكانوا يحاولون نشر عقيدة اهل البيت(ع) بين الايرانيين ويدعوهم اليها .
5ـ2. ان وجود الامام علي بن موسى الرضا (ع) في خراسان يعتبر عامل آخر يصب في هذا الموضوع .
من اهم الاسباب التي دفعت المأمون الى تعيين الامام علي بن موسى الرضا(ع) وليا للعهد هي الوقوف بوجه العرب الذين كانوا يدعمون اخاه الامين . لانه كان يرمي من هذا العمل كسب مؤازرة الشيعة له من العرب والعجم ، وتقوية سلطته وتضعيف سلطة اخيه .
6ـ2. ان الكثير من اولاد الائمة(عليهم السلام) التجأوا الى ايران هربا من ظلم وجور المنصور الدوانيقي وبقية خلفاء الدولة العباسية ، حيث ان انتشارهم في ارجاء ايران كان عاملا مهما في نشر عقيدة التشيع واتساع رقعتها . ومن الامور الاخرى التي ادت الى ظهور التشيع في ايران هي مجئ كل من السيدة المعصومة (ع) الى قم وحضرة الشاه جراغ الى شيراز وحضرة عبد العظيم الى مدينة ري .
7ـ2.ان عصر السلاطين الشيعة من آل بويه ادى الى توسيع مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) وعقائدهم في ايران ، حيث تم تأليف عدد كبير من المراجع والمصادر الشيعية كالتهذيب والاستبصار والكافي ومن لايحضره الفقيه ، حيث استطاع ثلة من العلماء الاعلام انذاك من تعريف ونشر المذهب الشيعي امثال الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والسيد المرتضى والسيد الرضي
8ـ2.من العوامل الاخرى التي كان لها اثر في انتشار المذهب الشيعي في ايران هي : وجود العلامة الحلي ولمدة 10 سنوات في ايران ، عصر الدولة الايلخانية . ان حرية التعبير ومهارته في الفقه والكلام كان عاملا مهما في هذا المجال . وكذلك يمكن اعتبار مساعي العلامة الخواجة نصير الدين الطوسي من العوامل التي ساعدت على انتشار المذهب الشيعي في ايران .
9ـ2.السبب الاخير والمهم هو تأسيس الدولة الصفوية ، واعلانها المذهب الشيعي مذهبا رسميا في البلاد ، حيث دعت علماء الشيعة من مختلف بقاع الارض .
كل هذه الامور كانت اسباب ممهدة وخلال 10 قرون لانتشار المذهب الشيعي في العهد الصفوي وانتشاره في جميع ارجاء ايران.
26/08/2011
http://beirut.icro.ir/index.aspx?sit...ewsview=568585
(المقال منقول من موقع المستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت، فهل توافقون على كل ما فيه وترونه صحيحاً ؟ )
تتناول هذه الدراسة سؤالا حول كيفية تشيع الايرانيين ، او كيف اصبح الايرانيون شيعة ؟
ان تاريخ الدين الاسلامي في ايران يرجع الى عهد الرسول محمد (ص) وذلك عندما بعث (ص) برسالة الى «خسرو برويز» ملك ايران يدعوه الى الدين الاسلامي ، وفي سنة 16هـ عهد الخليفة الثاني «عمر بن الخطاب» دخل الدين الاسلامي بصورة رسمية الى الاراضي الايرانية .
اهم سؤال يمكن طرحه هو : على الرغم من دخول الدين الاسلامي الى ايران في عهد الخلفاء وعلى الرغم من اعتقاد الايرانيين بالمذهب السني خلال القرون الاولى ، كيف اصبح اكثر الايرانيين من اتباع المذهب الشيعي ؟
سوف لانتطرق الى البحث الكلامي في تناولنا الموضوع بل سوف نتطرق اليه من منظور علم الاجتماع التاريخي ونبحث في اهم الاحداث التي ادت الى تشيع الايرانيين .
اما حول السؤال المطرح اعلاه ، حيث ذكر نوعين من الاجوبة :
1.اجوبة خيالية وغير صحيحة .
2. اجوبة صحيحة ومنطقية .
ونحن خلال هذا البحث سوف نتناول قسم من الاجوبة الخيالية وننقدها وفي النهاية سوف نطرح الجواب الصحيح والمناسب .
1. الاجوبة الخيالية الغير صحيحة :
1ـ1 . ان زواج الامام الحسين (ع) من السيدة «شهربانو »ابنة « يزدجرد الثالث» من ملوك السلالة الساسانية ادى الى تعلّق الايرانيين باهل البيت ( عليم السلام) ، وهذا الامر كان سببا اساسيا لاتباعهم المذهب الشيعي .
نقد هذا الجواب :
اولا: ان اساس هذه القصة غير صحيح .
ثانيا: ان صحة هذه الرواية تتوقف على مدى حب ورغبة الايرانيين بالسلالة الساسانية ليحبوا صهرهم ويودوه . في الواقع ان الايرانيين هم من مهد لزوال السلالة الساسانية وسقوطها ، حتى ان يزدجهر هرب والتجأ الى احدى المدن الايرانية ، ومن ثم قتل على يد طحان ايراني في مدينة «مرو» .
ثالثا : الشهيد العلامة المطهري يطرح جوابا اخرا يقول فيه مايلي :
ان عددا من الامويين صاهروا الساسانيين وناسبوهم ، فلماذا لم يحب الايرانيون الامويين ؟
2ـ1. ان الايرانيين كانوا ضد العرب وضد الاسلام والمسلمين ، وعندما فتحت ايران على يد المسلمين اضطر الايرانيون الى اعلان اسلامهم حقنا للدماء او دفع الجزية ، اي انهم اعتنقوا الدين الاسلامي عنوة . وظلوا محتفظين بعقائدهم الزردشتية وعقائد ماقبل الاسلام تحت عنوان الشيعة ، اي ان التشيع مذهب صنعه الايرانيون وليس له اي صلة بالاسلام ، بل انه مذهب ايراني الصنع .
نقد الجواب :
اولا:من الممكن ان تكون هذه النطرية صحيحة فيما اذا كان زعماء الشيعة الاوائل من الايرانيين ، لكننا نرى ان قادة وزعماء الشيعة الاوائل هم الائمة المعصومين ( عليهم السلام) وهم من العرب وليسوا ايرانيين .
ثانيا : ايضا من الممكن ان تكون هذه النطرية صحيحة فيما اذا كان الشيعة الاوائل كلهم ايرانيين ، لكننا نرى بان العدد القليل منهم كانوا ايرانيين امثال « سلمان الفارسي» ، وغالبيتهم كانوا من العرب .
ثالثا: يمكن ان تكون النطرية صحيحة اذا كانت جميع مصادر والنصوص الاصلية للشيعة تختلف عن النصوص والمصادر الاسلامية عامة ، وهذا الاختلاف يجب ان يظهر في النصوص الايرانية خاصة . لكن الواقع لاينطبق على هذا الادعاء ، لان القرآن يعتبر اول واساس المصادر الاسلامية ، ويعتقد به السنة والشيعة معا ، والمصدر الثاني هي السنة النبوية الشريفة والاجماع يرجع الى الكتاب والسنة ، اما العقل اساسه المستقلات العقلية والتي لاتختص بالايرانيين خاصة ، بل تتعلق بالجميع .
رابعا : ان النطرية السابقة يمكن ان تكون صادقة فيما اذا كان الايرانيون يعتقدون بالمذهب الشيعي منذ القرون الاولى ، لكننا نرى بان الايرانيين كانوا من اهل السنة ، وحتى ان زعماء اهل السنة وقادتهم هم من الايرانيين ، وكذلك كان اكثر مؤلفي النصوص الدينية القديمة لاهل السنة من الايرانيين . هذه اشارة ونقطة يذكرها الشهيد مطهري في كتابه د« الخدمات المتقابلة بين الاسلام وايران » .
خامسا : ان اكثر زعماء الشيعة وعلمائهم حتى القرن العاشر الهجري كانوا من غير الايرانيين ، وكانوا يعيشون خارج الاراضي الايرانية ، امثال «الشيخ المفيد» و«السيد المرتضى» و«المحقق الحلي» و« الشهيد الاول والثاني» وعلماء جبل عامل الذين اقدموا الى ايران بعد دعوة الصفويين لهم .وكذلك المحقق « الكركي» الذي نشر الحوزات العلمية في كل من ايران والعراق ومناطق اخرى . ان كل هؤلاء كانوا من غير الايرانيين .
صحيح ان الثقافة واللغة والزمان والمكان والعادات والتقاليد تؤثر على التعاليم الدينية ، لكنها ليست سببا لايجاد مذهب شيعي يخص الايرانيين .
ان الفقه الشيعي يؤكد على عنصر الزمان والمكان والتاريخ وغيره.....
اذن لايمكننا ان ننكر التأثير والتأثر . لكن الامر لايمكنه ان يكون موجِها .
انتقلت بعض التعاليم الفلسفية التي كانت رائجة في الفترة التي سبقت الدين الاسلامي الى فترة ما بعد الاسلام ، وانتقلت ايضا بعض العادات والقصص التراثية ، اي ان الايرانيين احتفظوا بقسم من تراثهم ، لكنهم لم بعتبروه ابدا جزءا من المذهب الشيعي ، لان بعض الامور تتعلق بعادات وتقاليد شعبية لاعلاقة لها بالتشيع ، مثل اللغة الفارسية وعيد النيروز و.... وان الشعب الايراني لم يتخلى عن اللغة الفارسية لانه لايوجد تعارض بين هذه اللغة وتعاليم الدين الاسلامي ، واذا كان هناك تعارض بين امر ما والتعاليم الاسلامية ، كان الايرانيون كانوا يتخلون عنه لصالح الاسلام .
3ـ1. ان الايرانيين كانوا يتبعون المذهب السني حتى القرن العاشر ، وبضغط من الصفويين اتبعوا المذهب الشيعي واصبحوا من الشيعة ، لان الشاه اسماعيل الصفوي عندما توِج في مدينة تبريز اقدم على قتل عدد كبير من اهل السنة في هذه المنطقة .
نقد الجواب االسابق :
اولا: ان الشاه اسماعيل كان شابا لايتجاوز الرابعة عشر من عمره ، حيث لايمكن ان نتصور بانه قد وصل الى سدة الحكم من دون مساعدة الشيعة ومساندتهم ، انه ليس من المنطق ان يكون اهل السنة قد دعموا الشاه اسماعيل لصالح المذهب الشيعي .
لذلك يمكننا ان نقول ان عدد الشيعة في ايران كان كبيرا في تلك الفترة ، حيث استطاع الصفويون بمساعدة الشيعة هؤلاء ان يأسسوا قدرة استطاعت ان تواجه الامبراطورية العثمانية السنية ، وان يشكلوا الدولة الصفوية انذاك .
ثانيا : ان التاريخ لم يذكر بان الصفويين اوجدوا واسسوا المذهب الشيعي في ايران بالعنف والقوة . لايخلو الامر من تعرض بعض افراد اهل السنة الى ضغوطات ومضايقات الدولة الصفوية ، كما كان بعض الشيعة ايام الدولة العثمانية يعانون من سوء معاملة الحكومة العثمانية لهم .
يمكننا القوا بان تصرف الحكومتين كان تصرفا خاطئا وغير اسلامي .
2ـ الجواب الصحيح والمنطقي :
في البداية يجب ان نذعن بانه لايمكن لاي مذهب ان يتغلغل بين افراد الشعب ويستقر الا بصورة تدريجية . ويجب علينا ان لانستعرض فترة زمنية معينة ومحددة ، لان الفترة التي تخللت بين اعتناق اول ايراني المذهب الشيعي وبين اعتقاد اكثر الايرانيين بهذا المذهب قد استمرت حوالي عشرة قرون .
1ـ2 .في البداية نقول بأن سلمان الفارسي كان من الصحابة المقربين الاوفياء للرسول (ص) واهل البيت ( عليهم السلام) ، حيث كان ايرانيا شيعيا ، وكان ايضا في اليمن عدد من الايرانيين الموالين لاهل البيت ( عليهم السلام) .
فتحت اليمن على يد الامام علي (ع) واسلم افرادها ، فمنذ ذلك الحين تعرف اهل اليمن على الامام علي (ع) في الوقت التي كانت فيه منطقة ساحل الخليج الفارسي حتى اليمن تحت النفوذ الايراني .
2ـ2. كان الخليفة الثاني لايعدل بين العرب والعجم في معاملته وحكمه ، مما ادى الى انزجار الايرانيين هناك . بعد مقتل الخليفة الثاني على يد احد الايرانيين ،اقدم ابنه على قتل عدد من الايرانيين الموجودين في المدينة انذاك ، وعندما تقلد الامام علي (ع) مقاليد الحكم والولاية ، اعلن بانه لاتمايز ولافرق بين العرب والعجم ، ولافضل احدهما على الاخر ، وهذا مما ادى الى توجه الايرانيين وميولهم وحبهم للامام علي (ع) .
عندما اشترى الامام زين العابدين (ع) عدد كبير من العبيد الغير عرب واعتقهم ، اصبح عدد الموالين المحبين لاهل البيت (ع ) في المدينة كبير جدا .
3ـ2. بعد استشهاد الامام الحسين بن علي (ع) ، اذعن الايرانيون بأن هناك نوعين وفئتين في الاسلام . الاسلام اليزيدي والاسلام الحسيني . لذلك لم يستطع الامويون ان يجذبوا الايرانيين اويكسبوا عواطفهم ، لان تاريخ الامويين كان حافلا بالظلم والعدوان والعنصرية .لذلك كان توجه قلوب الايرانيين وتبعيتهم للامام الحيسن (ع) واهل البيت ( عليهم السلام ) امرا طبيعيا وحتميا
حيث كان للايرانيون دور حافل في سقوط بني امية ، لان بني العباس ثاروا تحت شعار دعم ومساندة آل محمد (عليهم السلام) ، لكنه اتضح بعد ذلك ان هذا التيار ايضا لاينصب مع تيار اهل البيت (ع) .
4ـ2. اذا استعرضنا التاريخ نجد ان البعض من تلامذة الامام جعفر الصادق(ع) وسائر الائمة المعصومين ( عليهم السلام) كانوا يقطنون في ايران ، وكانوا يحاولون نشر عقيدة اهل البيت(ع) بين الايرانيين ويدعوهم اليها .
5ـ2. ان وجود الامام علي بن موسى الرضا (ع) في خراسان يعتبر عامل آخر يصب في هذا الموضوع .
من اهم الاسباب التي دفعت المأمون الى تعيين الامام علي بن موسى الرضا(ع) وليا للعهد هي الوقوف بوجه العرب الذين كانوا يدعمون اخاه الامين . لانه كان يرمي من هذا العمل كسب مؤازرة الشيعة له من العرب والعجم ، وتقوية سلطته وتضعيف سلطة اخيه .
6ـ2. ان الكثير من اولاد الائمة(عليهم السلام) التجأوا الى ايران هربا من ظلم وجور المنصور الدوانيقي وبقية خلفاء الدولة العباسية ، حيث ان انتشارهم في ارجاء ايران كان عاملا مهما في نشر عقيدة التشيع واتساع رقعتها . ومن الامور الاخرى التي ادت الى ظهور التشيع في ايران هي مجئ كل من السيدة المعصومة (ع) الى قم وحضرة الشاه جراغ الى شيراز وحضرة عبد العظيم الى مدينة ري .
7ـ2.ان عصر السلاطين الشيعة من آل بويه ادى الى توسيع مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) وعقائدهم في ايران ، حيث تم تأليف عدد كبير من المراجع والمصادر الشيعية كالتهذيب والاستبصار والكافي ومن لايحضره الفقيه ، حيث استطاع ثلة من العلماء الاعلام انذاك من تعريف ونشر المذهب الشيعي امثال الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والسيد المرتضى والسيد الرضي
8ـ2.من العوامل الاخرى التي كان لها اثر في انتشار المذهب الشيعي في ايران هي : وجود العلامة الحلي ولمدة 10 سنوات في ايران ، عصر الدولة الايلخانية . ان حرية التعبير ومهارته في الفقه والكلام كان عاملا مهما في هذا المجال . وكذلك يمكن اعتبار مساعي العلامة الخواجة نصير الدين الطوسي من العوامل التي ساعدت على انتشار المذهب الشيعي في ايران .
9ـ2.السبب الاخير والمهم هو تأسيس الدولة الصفوية ، واعلانها المذهب الشيعي مذهبا رسميا في البلاد ، حيث دعت علماء الشيعة من مختلف بقاع الارض .
كل هذه الامور كانت اسباب ممهدة وخلال 10 قرون لانتشار المذهب الشيعي في العهد الصفوي وانتشاره في جميع ارجاء ايران.
26/08/2011
http://beirut.icro.ir/index.aspx?sit...ewsview=568585
تعليق