بحث سماحة المحقق اية الله الشيخ حسين الراضي (دام ظله) ....
http://www.alradhy.com/?act=artc&id=418#
أما المقطع الثاني من الحديث :
( ولولا عليٌّ لَما خلقتُك . ولولا فاطمة لما خلقتُكما ).
فالكلام يقع فيه تارة من حيث المصدر والسند وأخرى من حيث المتن .
أما من جهة السند والمصدر :
بعد البحث والتنقيب لم نجد له مصدراً أساسياً من كتب الحديث ولم نجد له سنداً معتبراً عدى ما نقله أحد العلماء وهو: السيد محمد حسن الطباطبائي الميرجهاني الأصفهاني ( 1319 هـ – 1413 هـ ) وهو من العلماء المعاصرين نقل الحديث في كتابه ( جُنَّة العاصمة في تاريخ ولادة وأحوال السيدة فاطمة ) ص363 وهو باللغة الفارسية ، عن الشيخ صالح بن عبد الوهاب بن العرندس الحلي، ( المتوفى حدود 840 هـ ) في كتابه ( كشف اللآليء ) وبما أن هذا الادعاء من الميرجهاني وهو أول من أشار إلى الحديث مسنداً لذا لزم أن ننقل كلامه مترجماً وذلك كما يلي حيث قال :
حكاية المؤلف حول العثور على سلسلة سند الحديث المشهور:
(لولا فاطمة لما خلقتكما)
يقول المؤلف القاصر حسن الميرجهاني الطباطبائي الجرقوئي الاصفهاني عفى الله عن جرائمه:
حينما كنت موجوداً في النجف الأشرف ذهبت حسب الاتفاق إلى فضيلة العلامة الشيخ محمد السماوي صاحب كتاب ( إبصار العين في أنصار الحسين ) لأخذ كتاب منه، كنت في مكتبته أنظر إلى كتاب مخطوط موضوع قبالته، سألته عن اسم الكتاب، فقال: كتاب ( كشف اللآلي ) تأليف العالم الجليل الشيخ صالح بن عبد الوهاب بن العرندس الحلي، الذي يعدّ من كبار علماء الشيعة في القرن التاسع ، أعطاني الكتاب، كان بالقطع الوزيري، أوراقه صفراء اللون، يقارب 300 صفحة، وقد كُتب بخط الشيخ أحمد التوني.
وفي أثناء انشغالي بمطالعة عناوينه، صادفت حديثاً كنت قد سمعته كراراً على لسان عدد من أعاظم أهل الفضل بشكل مرسل، وكنت قد سألت بعض المحدثين عن سنده فكانوا يبدون عدم الاطلاع، والبعض كان يعتبره من الأحاديث الموضوعة، لقد رأيته نقل الحديث مسنداً فيه، فاستجزت من المرحوم السماوي استنساخه، فلم يضايق من ذلك، فأسرعت في غاية الفرح بكتابة الحديث في ذلك المجلس.
ولأن الحديث يعتبر من فضائل السيدة الزهراء اقتضى درجه في هذا الكتاب، والعهدة على راويه.
في كتاب ( كشف اللآلي ) لصالح بن عبد الوهاب بن العرندس ، أنه روى عن الشيخ إبراهيم بن الحسن الذرّاق، عن الشيخ علي بن هلال الجزائري، عن الشيخ أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ زين الدين علي بن الحسن الخازن الحائري، عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن مكّي الشهيد، بطرقه المتصلة إلى أبي جعفر محمد بن علي بن موسى بن بابويه القمّي، بطريقه إلى جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما.
ثم قال جابر: هذا من الأسرار التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بكتمانه عن أهله.
تحقيق المؤلف:
مؤلف كتاب كشف اللآلي هو من علماء القرن التاسع الهجري، وكان من أحد مؤلفي علماء الشيعة في الفقه والأصول والحديث، كان عالماً ناسكاً زاهداً ورعاً أديباً شاعراً، وقد توفي في حدود سنة 840 هـ تقريباً، وقبره في الحلة الهيفاء يزار ويتبرك به.
وسلسلة رواة الحديث كلهم عدول إماميّون ويعدّون من كبار المشايخ، وسند الحديث في غاية الإتقان. ا.ه [87]
ثم تعرض المؤلف إلى بيان معنى الحديث ودفع ما يورد عليه.
أقول : يمكن الملاحظة على ما ذكره صاحب كتاب (جُنة العاصمة) بما يلي :
كتاب (كشف اللآلي) من هو مؤلفه ؟ هل هو بالفعل لابن العرندس أم لا ؟ فهذا ما يحتاج إلى إثبات والدلائل تشير إلى خلاف ذلك ، وذلك :
1- أن الشيخ محمد السماوي ( 1292 هـ - 1370 هـ ) من أعلام النجف الأشرف الأدباء ومن المؤرخين الذين قد اهتموا بجمع الآثار والمخطوطات وله مكتبة زاخرة بمختلف الكتب القيمة التي جمعها وقسم منها نسخه بيده وله مؤلفات عدة منها كتابه ( الطليعة من شعراء الشيعة ) طبع أخيراً في بيروت سنة 1422 هـ – 2001 م بتحقيق كامل سلمان الجبوري . الناشر – دار المؤرخ العربي – بيروت .
ترجم ابن العرندس المذكور فيها ومدحه وأثنى عليه وأطراه فيها بالعلم والفضل والتقى والنسك والمشاركة في العلوم وأومأ إلى عدم المؤلفات له وأثنى على شعره وذكر جملة من قصائده في الإمام الحسين عليه السلام وأنه توفي حدود 840 هـ وإليك ما قاله السماوي :
( الصالح بن عبد الوهاب الحلي المعروف بابن العرندس .
كان عالماً فاضلاً مشاركاً في العلوم ، تقياً ناسكاً ، لم أعثر له إلا على مدائح ومراثي للأئمة الأطهار عليهم السلام ... – ثمّ ذكر شعره إلى أن قال – توفي حدود 840 تقريباً بالحلة ، ودفن فيها وله قبر يزار ويتبرك به ، رحمه الله ) [88]
فهذا السماوي الذي كان مالكاً لكتاب ( كشف اللآلي ) لابن العرندس ، حسب دعوى السيد الميرجهاني، لم يذكر هذا الكتاب له ، لا من قريب ولا من بعيد بل أومأ وأشار إلى عدم وجود المؤلفات له وأنه لم يكن إلا شاعراً .
2- أن المترجمين لابن العرندس غير السماوي كاليعقوبي في ( البابليات ) والسيد محسن الأمين في أعيانالشيعة، ج7، ص: 375 ، والعلامة الأميني في الغدير ج 7 ص 13 مدحوه ونقلوا عن ( الطليعة ) للسماوي وغيره ترجمته وشعره وتاريخ وفاته ولم يذكر أحد منهم كتابه هذا .
3- أن الشيخ آقا بزرك الطهراني لم يذكر كتابه هذا في كتابه ( الذريعة ) مع أن الطهراني قد اطلع على مكتبة السماوي ونقل منها كثيراً وذكر ما هو موجود عند السماوي من مخطوطات ومن دواوين شعر ومنها ديوان ابن العندرس فقال في الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج9، ص: 27 تحت رقم 156:
( ديوان ابن العرندس ) هو الشيخ صالح بن عبد الوهاب بن العرندس الحلي المتوفى حدود (840) كما أرخه السماوي في الطليعة وترجمه في (الغدير 7- ص 3).
فالسماوي مالك المخطوطة كما يدعي الميرجهاني قد ترجم ابن العرندس في ( الطليعة ) ولم يشر إلى هذا الكتاب من قريب ولا بعيد ، وكذلك الطهراني الذي اطلع على مكتبة السماوي ونقل أسامي مخطوطاتها لم يذكر هذا الكتاب .
نعم بعض الخطباء والوعاظ ادعى هذا الكتاب له ونقل عنه هذا الحديث وبعض الخطب لأمير المؤمنين عليه السلام [89] ولكن إثبات ذلك يحتاج إلى مزيد من البحث والتنقيب .
4- إذا صح أن كتاب ( كشف اللآلي ) هو لابن العندرس فحينئذ قد نقل في كتابه ( كشف اللآلي ) عن مشاهير العلماء من المتقدمين والمتأخرين وممن لهم مؤلفات في هذا الموضوع أو تطرقوا لمثل هذا الحديث كالشيخ الصدوق والشهيد الأول وابن الخازن الحائري وابن فهد الحلي والشيخ علي بن هلال الجزائري وغيرهم ولم يذكر أحد منهم في كتاب له هذا الحديث لا المقطع الأول منه الذي نقله بعض علماء السنة والشيعة ولا المقطع الأخير الذي هو محل البحث .
وفي كتاب مجمع النورين للفاضل المرندي [90] قال : وفي الحديث القدسي : لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتك ، كما ذكره الوحيد البهبهاني .
وروي في بحر المعارف : لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتك .
وفي ضياء العالمين للشيخ أبي الحسن الجد الأمي للشيخ محمد حسن صاحب الجواهر بزيادة فقرة : ولولا فاطمة لما خلقتكما . ونحوه من كتاب المرندي[91] .
ولم يرد لهذه الرواية سند ما عدى ما نقل عن ابن العرندس المتقدم وقد عرفت الإشكال في ذلك .
وأما من جهة المتن :
فلا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال وقد حاول بعضهم أن يفلسف ذلك ويؤوله بتأويلات باردة وبعيدة عن الحقيقة فلا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام علة لخلق رسول الله صلى الله عليه وآله ولا فاطمة الزهراء عليها السلام علة لخلقهما ، ومن الأمور الواضحة التي ثبتت في محلها أن العلة أشرف من المعلول ، وهذا تعدٍ على قدسية سيدة نساء العالمين وإهانة لها وإدخال الحزن والألم عليها وإلا فكيف ترفع وتفضل على أبيها سيد المرسلين ورسول رب العالمين وعلى بعلها سيد الوصيين عليهم جميعاً صلوات المصلين. وهذه موجة وموضة من اللهث خلف خيالات شعرية وأقاويل صوفية تقحم في أصول العقيدة لأجل إبراز المقدرة العلمية وأنهم الذين يحيطون بأسرار الأئمة الهداة المهديين عليهم السلام .
إن هذه الحالة لم تكن أول حالة بل هي متكررة على مر التاريخ لذا قد حذر منها عدد من العلماء ومنهم الوحيد البهبهاني ( 1118- 1208 هـ ) حيث قال : ( ومن هذا يظهر عدم جواز الاعتماد على الظن في أصول الدين من غير جهة التقليد أيضا .
فما يعرف من بعض العلماء - من أن الاعتماد على أخبار الآحاد أو ظواهر الآيات ، ومن جماعة من الصوفية من الاستناد إلى التخمينيات والخيالات والشعريات - ظاهر الفساد ، بل غالب المفاسد في أصول الدين من الاتكال على الظن والتخمين ومتابعتهما كما لا يخفى على من له أدنى تأمل ) [92].
والحاصل :
إن هذا الحديث يدلل على أن فاطمة عليها السلام هي أفضل من زوجها أمير المؤمنين عليه السلام ومن أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا مما يرفضه الشرع والعقل ، وهذه الرواية تصطدم مع طائفة من الروايات التي أثبتت أفضلية الرسول على جميع الخلق من جهة ومنهم الأئمة ، وكذلك أفضليته وأمير المؤمنين على باقي الناس ، بل أن أفضلية أمير المؤمنين على بقية الأئمة ، وفاطمة عليها السلام ليست هي إمام كبقية الأئمة لتكون أفضل منهم ولتتميز عنهم بميزة من الميزات كما تفتريه هذه الرواية وقد تحدثنا في ضمن الأحاديث الموضوعة عن رواية موضوعة ومدسوسة على أهل البيت تعتبر فاطمة عليها السلام هي حجة على الأئمة وهي باطلة يمكنك مراجعتها . هذا من حيث المتن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[87] انظر : ( جُنَّة العاصمة في تاريخ ولادة وأحوال السيدة فاطمة ) ص363 للسيد محمد حسن المير جهاني ، والكتاب باللغة الفارسية .
[88] الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 420 – 425 .
[89] انظر : جنة العاصمة للسيد مير جهاني ص 363 باللغة الفارسية . ونقل عنه السيد محمد رضا بن أبي القاسم الحسيني الأَسترابادي ثم الحلّي في كتابه «الصوارم الحاسمة في مصائب الزهراء فاطمة ) كما حكاه عن الأخير الشيخ السبحاني في موسوعة طبقات الفقهاء، ج9، ص: 113.
[90] مجمع النورين ص 14 .
[91] مجمع النورين ص 14 .
[92] الفوائد الحائرية ص 455 .
http://www.alradhy.com/?act=artc&id=418#
أما المقطع الثاني من الحديث :
( ولولا عليٌّ لَما خلقتُك . ولولا فاطمة لما خلقتُكما ).
فالكلام يقع فيه تارة من حيث المصدر والسند وأخرى من حيث المتن .
أما من جهة السند والمصدر :
بعد البحث والتنقيب لم نجد له مصدراً أساسياً من كتب الحديث ولم نجد له سنداً معتبراً عدى ما نقله أحد العلماء وهو: السيد محمد حسن الطباطبائي الميرجهاني الأصفهاني ( 1319 هـ – 1413 هـ ) وهو من العلماء المعاصرين نقل الحديث في كتابه ( جُنَّة العاصمة في تاريخ ولادة وأحوال السيدة فاطمة ) ص363 وهو باللغة الفارسية ، عن الشيخ صالح بن عبد الوهاب بن العرندس الحلي، ( المتوفى حدود 840 هـ ) في كتابه ( كشف اللآليء ) وبما أن هذا الادعاء من الميرجهاني وهو أول من أشار إلى الحديث مسنداً لذا لزم أن ننقل كلامه مترجماً وذلك كما يلي حيث قال :
حكاية المؤلف حول العثور على سلسلة سند الحديث المشهور:
(لولا فاطمة لما خلقتكما)
يقول المؤلف القاصر حسن الميرجهاني الطباطبائي الجرقوئي الاصفهاني عفى الله عن جرائمه:
حينما كنت موجوداً في النجف الأشرف ذهبت حسب الاتفاق إلى فضيلة العلامة الشيخ محمد السماوي صاحب كتاب ( إبصار العين في أنصار الحسين ) لأخذ كتاب منه، كنت في مكتبته أنظر إلى كتاب مخطوط موضوع قبالته، سألته عن اسم الكتاب، فقال: كتاب ( كشف اللآلي ) تأليف العالم الجليل الشيخ صالح بن عبد الوهاب بن العرندس الحلي، الذي يعدّ من كبار علماء الشيعة في القرن التاسع ، أعطاني الكتاب، كان بالقطع الوزيري، أوراقه صفراء اللون، يقارب 300 صفحة، وقد كُتب بخط الشيخ أحمد التوني.
وفي أثناء انشغالي بمطالعة عناوينه، صادفت حديثاً كنت قد سمعته كراراً على لسان عدد من أعاظم أهل الفضل بشكل مرسل، وكنت قد سألت بعض المحدثين عن سنده فكانوا يبدون عدم الاطلاع، والبعض كان يعتبره من الأحاديث الموضوعة، لقد رأيته نقل الحديث مسنداً فيه، فاستجزت من المرحوم السماوي استنساخه، فلم يضايق من ذلك، فأسرعت في غاية الفرح بكتابة الحديث في ذلك المجلس.
ولأن الحديث يعتبر من فضائل السيدة الزهراء اقتضى درجه في هذا الكتاب، والعهدة على راويه.
في كتاب ( كشف اللآلي ) لصالح بن عبد الوهاب بن العرندس ، أنه روى عن الشيخ إبراهيم بن الحسن الذرّاق، عن الشيخ علي بن هلال الجزائري، عن الشيخ أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ زين الدين علي بن الحسن الخازن الحائري، عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن مكّي الشهيد، بطرقه المتصلة إلى أبي جعفر محمد بن علي بن موسى بن بابويه القمّي، بطريقه إلى جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما.
ثم قال جابر: هذا من الأسرار التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بكتمانه عن أهله.
تحقيق المؤلف:
مؤلف كتاب كشف اللآلي هو من علماء القرن التاسع الهجري، وكان من أحد مؤلفي علماء الشيعة في الفقه والأصول والحديث، كان عالماً ناسكاً زاهداً ورعاً أديباً شاعراً، وقد توفي في حدود سنة 840 هـ تقريباً، وقبره في الحلة الهيفاء يزار ويتبرك به.
وسلسلة رواة الحديث كلهم عدول إماميّون ويعدّون من كبار المشايخ، وسند الحديث في غاية الإتقان. ا.ه [87]
ثم تعرض المؤلف إلى بيان معنى الحديث ودفع ما يورد عليه.
أقول : يمكن الملاحظة على ما ذكره صاحب كتاب (جُنة العاصمة) بما يلي :
كتاب (كشف اللآلي) من هو مؤلفه ؟ هل هو بالفعل لابن العرندس أم لا ؟ فهذا ما يحتاج إلى إثبات والدلائل تشير إلى خلاف ذلك ، وذلك :
1- أن الشيخ محمد السماوي ( 1292 هـ - 1370 هـ ) من أعلام النجف الأشرف الأدباء ومن المؤرخين الذين قد اهتموا بجمع الآثار والمخطوطات وله مكتبة زاخرة بمختلف الكتب القيمة التي جمعها وقسم منها نسخه بيده وله مؤلفات عدة منها كتابه ( الطليعة من شعراء الشيعة ) طبع أخيراً في بيروت سنة 1422 هـ – 2001 م بتحقيق كامل سلمان الجبوري . الناشر – دار المؤرخ العربي – بيروت .
ترجم ابن العرندس المذكور فيها ومدحه وأثنى عليه وأطراه فيها بالعلم والفضل والتقى والنسك والمشاركة في العلوم وأومأ إلى عدم المؤلفات له وأثنى على شعره وذكر جملة من قصائده في الإمام الحسين عليه السلام وأنه توفي حدود 840 هـ وإليك ما قاله السماوي :
( الصالح بن عبد الوهاب الحلي المعروف بابن العرندس .
كان عالماً فاضلاً مشاركاً في العلوم ، تقياً ناسكاً ، لم أعثر له إلا على مدائح ومراثي للأئمة الأطهار عليهم السلام ... – ثمّ ذكر شعره إلى أن قال – توفي حدود 840 تقريباً بالحلة ، ودفن فيها وله قبر يزار ويتبرك به ، رحمه الله ) [88]
فهذا السماوي الذي كان مالكاً لكتاب ( كشف اللآلي ) لابن العرندس ، حسب دعوى السيد الميرجهاني، لم يذكر هذا الكتاب له ، لا من قريب ولا من بعيد بل أومأ وأشار إلى عدم وجود المؤلفات له وأنه لم يكن إلا شاعراً .
2- أن المترجمين لابن العرندس غير السماوي كاليعقوبي في ( البابليات ) والسيد محسن الأمين في أعيانالشيعة، ج7، ص: 375 ، والعلامة الأميني في الغدير ج 7 ص 13 مدحوه ونقلوا عن ( الطليعة ) للسماوي وغيره ترجمته وشعره وتاريخ وفاته ولم يذكر أحد منهم كتابه هذا .
3- أن الشيخ آقا بزرك الطهراني لم يذكر كتابه هذا في كتابه ( الذريعة ) مع أن الطهراني قد اطلع على مكتبة السماوي ونقل منها كثيراً وذكر ما هو موجود عند السماوي من مخطوطات ومن دواوين شعر ومنها ديوان ابن العندرس فقال في الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج9، ص: 27 تحت رقم 156:
( ديوان ابن العرندس ) هو الشيخ صالح بن عبد الوهاب بن العرندس الحلي المتوفى حدود (840) كما أرخه السماوي في الطليعة وترجمه في (الغدير 7- ص 3).
فالسماوي مالك المخطوطة كما يدعي الميرجهاني قد ترجم ابن العرندس في ( الطليعة ) ولم يشر إلى هذا الكتاب من قريب ولا بعيد ، وكذلك الطهراني الذي اطلع على مكتبة السماوي ونقل أسامي مخطوطاتها لم يذكر هذا الكتاب .
نعم بعض الخطباء والوعاظ ادعى هذا الكتاب له ونقل عنه هذا الحديث وبعض الخطب لأمير المؤمنين عليه السلام [89] ولكن إثبات ذلك يحتاج إلى مزيد من البحث والتنقيب .
4- إذا صح أن كتاب ( كشف اللآلي ) هو لابن العندرس فحينئذ قد نقل في كتابه ( كشف اللآلي ) عن مشاهير العلماء من المتقدمين والمتأخرين وممن لهم مؤلفات في هذا الموضوع أو تطرقوا لمثل هذا الحديث كالشيخ الصدوق والشهيد الأول وابن الخازن الحائري وابن فهد الحلي والشيخ علي بن هلال الجزائري وغيرهم ولم يذكر أحد منهم في كتاب له هذا الحديث لا المقطع الأول منه الذي نقله بعض علماء السنة والشيعة ولا المقطع الأخير الذي هو محل البحث .
وفي كتاب مجمع النورين للفاضل المرندي [90] قال : وفي الحديث القدسي : لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتك ، كما ذكره الوحيد البهبهاني .
وروي في بحر المعارف : لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتك .
وفي ضياء العالمين للشيخ أبي الحسن الجد الأمي للشيخ محمد حسن صاحب الجواهر بزيادة فقرة : ولولا فاطمة لما خلقتكما . ونحوه من كتاب المرندي[91] .
ولم يرد لهذه الرواية سند ما عدى ما نقل عن ابن العرندس المتقدم وقد عرفت الإشكال في ذلك .
وأما من جهة المتن :
فلا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال وقد حاول بعضهم أن يفلسف ذلك ويؤوله بتأويلات باردة وبعيدة عن الحقيقة فلا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام علة لخلق رسول الله صلى الله عليه وآله ولا فاطمة الزهراء عليها السلام علة لخلقهما ، ومن الأمور الواضحة التي ثبتت في محلها أن العلة أشرف من المعلول ، وهذا تعدٍ على قدسية سيدة نساء العالمين وإهانة لها وإدخال الحزن والألم عليها وإلا فكيف ترفع وتفضل على أبيها سيد المرسلين ورسول رب العالمين وعلى بعلها سيد الوصيين عليهم جميعاً صلوات المصلين. وهذه موجة وموضة من اللهث خلف خيالات شعرية وأقاويل صوفية تقحم في أصول العقيدة لأجل إبراز المقدرة العلمية وأنهم الذين يحيطون بأسرار الأئمة الهداة المهديين عليهم السلام .
إن هذه الحالة لم تكن أول حالة بل هي متكررة على مر التاريخ لذا قد حذر منها عدد من العلماء ومنهم الوحيد البهبهاني ( 1118- 1208 هـ ) حيث قال : ( ومن هذا يظهر عدم جواز الاعتماد على الظن في أصول الدين من غير جهة التقليد أيضا .
فما يعرف من بعض العلماء - من أن الاعتماد على أخبار الآحاد أو ظواهر الآيات ، ومن جماعة من الصوفية من الاستناد إلى التخمينيات والخيالات والشعريات - ظاهر الفساد ، بل غالب المفاسد في أصول الدين من الاتكال على الظن والتخمين ومتابعتهما كما لا يخفى على من له أدنى تأمل ) [92].
والحاصل :
إن هذا الحديث يدلل على أن فاطمة عليها السلام هي أفضل من زوجها أمير المؤمنين عليه السلام ومن أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا مما يرفضه الشرع والعقل ، وهذه الرواية تصطدم مع طائفة من الروايات التي أثبتت أفضلية الرسول على جميع الخلق من جهة ومنهم الأئمة ، وكذلك أفضليته وأمير المؤمنين على باقي الناس ، بل أن أفضلية أمير المؤمنين على بقية الأئمة ، وفاطمة عليها السلام ليست هي إمام كبقية الأئمة لتكون أفضل منهم ولتتميز عنهم بميزة من الميزات كما تفتريه هذه الرواية وقد تحدثنا في ضمن الأحاديث الموضوعة عن رواية موضوعة ومدسوسة على أهل البيت تعتبر فاطمة عليها السلام هي حجة على الأئمة وهي باطلة يمكنك مراجعتها . هذا من حيث المتن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[87] انظر : ( جُنَّة العاصمة في تاريخ ولادة وأحوال السيدة فاطمة ) ص363 للسيد محمد حسن المير جهاني ، والكتاب باللغة الفارسية .
[88] الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 420 – 425 .
[89] انظر : جنة العاصمة للسيد مير جهاني ص 363 باللغة الفارسية . ونقل عنه السيد محمد رضا بن أبي القاسم الحسيني الأَسترابادي ثم الحلّي في كتابه «الصوارم الحاسمة في مصائب الزهراء فاطمة ) كما حكاه عن الأخير الشيخ السبحاني في موسوعة طبقات الفقهاء، ج9، ص: 113.
[90] مجمع النورين ص 14 .
[91] مجمع النورين ص 14 .
[92] الفوائد الحائرية ص 455 .
تعليق