اعتراف العامّة بوفاة الزهراء عليها السلام غاضبة على الشيخين
يعترف العامّة بأنّ فاطمة الزهراء عليها السلام كانت غير راضية عن الشيخين حين وفاتها، فقد جاء في صحيح البخاري: «فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته، فلم تكلّمه حتى توفيت»[1].
وقد جاء كذلك في رواية أخرى عن رسول الله صلى الله عليه وآله نقلها البخاري في صحيحه أنّه قال: «إنّ فاطمة بضعة منّي، فمن أغضبها أغضبني»[2].
إنّ علينا أن نفكّر في كتابة كتاب حول الاعتقادات الحقّة التي نعتقد بها، ونعمل على أساسها، ونتمسك بها بثبات ويقين، حتى لو تخلى عنها جميع الناس.
مدّة حياة الزهراء بعد رسول الله(ص)
نقل أبو الفرج الإصفهاني ـ الذي كان زيدي المذهب ـ في كتابه مقاتل الطالبيين أقوالاً مختلفة في وفاة فاطمة الزهراء عليها السلام، آخرها أنّها توفيت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله بستة أشهر، وأولها أنّها توفيت بعده بأربعين يوماً، أي في الثامن من ربيع الثاني تقريباً[3]. وذهب إلى ذلك أيضاً المرحوم الشربياني[4].
وكأنّه كما ظل قبر الزهراء(س) مجهولاً، فكذلك زمان وفاتها يجب أن يبقى مجهولاً.
وطبعاً من المحتمل أن تكون علّة مجهولية زمان وفاتها هو عدم تصدّي أهل العلم والدقة لتدوين الوقائع التأريخية، لهذا وقع الاختلاف أيضاً بين الشيعة والسنّة في تاريخ ولادة رسول الله صلى الله عليه وآله.
وعلى كل حال فقد اختلف في مدّة حياة الصّديقه الطاهرة عليها السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، هل كان 45 يوماً أو 75 يوماً أو 95 يوماً.
وكتب المرحوم النوري: إنّ شبهاً كبيراً بين 75و95 في رسم الخط الكوفي، لهذا فإنّ رواية إلى «75» يوماً[5] قابلة للجمع والتطابق مع رواية 3جمادي الثاني[6] والمراد فيها رواية الـ «95» يوماً نفسها.
أضف إلى ذلك أنّه من البعيد ان يقع الخطأ في عبارة 3 جمادى الثاني، ولعلّ الزهراء عليها السلام كانت هذه المدّة (الفترة الزمنية بين 75ـ95) على فراش المرض، أو أنّ الراوي نقلها خطاً وكتب العدد 75 بدل العدد95، بينما لا يتصوّر الخطأ مطلقاً في 3 جمادى الثاني.
وعلى كل حال، فإنّ المرحوم الميرزا حسين النائيني كان يرجّح رواية الـ «95» يوماً أيضاً، وكان يعقد مجالس العزاء في 3 جمادى الثاني، بينما كان السيّد أبو الحسن الاصفهاني يعقد مجالس العزاء في الفاطمية الأولى، أي طبقا لرواية الـ«75» يوماً.
وكانت بعض بيوت مراجع النجف وعلمائها، ومنها بيت السيّد بحر العلوم، تعقد مجالس العزاء في أيام الفاطمية لمدّة عشرة أيام كعشرة محرم.
مقام ومنزلة الزهراء(س) والأمور المختصّة بها
مع أنّ الروايات الواردة عن الزهراء عليها السلام أقلّ عدداً ممّا ورد عن بقيةّ المعصومين عليهم السلام، ولكن فاطمة الزهراء عليها السلام صاحبة مصحف[7]، كما أنّ الروايات القليلة المروية عنها ذات أهمية عظيمة.
ومن هذه الروايات أنّ امرأة جاءت إليها عليها السلام وسألتها عن مسألة، ثم اعتذرت المرأة لما سببته لها من إزعاج. فأجابتها عليها السلام ـ بما معناه ـ : إنّ أجر المعلّم وثوابه كمن يصعد قمة جبل فيكافأ على ذلك بكيس كبير من الذهب[8].
كما أنّ الأعمال التي قامت بها أو التي أمرت بها عجيبة أيضاً. ومنها ما أوصت به الإمام علي عليه السلام أن يغسّلها من وراء ثوبها، وأن يدفنها ليلاً، وأن لا يحضر أشخاص معينون في تشييع جنازتها[9]، وكذلك التابوت الذي أمرت أن يُصنع لها، بحيث لا يظهر بدنها بأي نحوٍ من الأنحاء[10] ، وكذلك صنع المسبحة التي تحتوي على أربع وثلاثين خرزة أو مائة خرزة، لتستمر على ذكر ذلك الله حتى أثناء أداء وظائف البيت[11]، وكذلك جوابها كالأسد لأبي بكر حين قالت له: «أترث أباك ولا أرث أبي؟! أين أنت من قوله تعالى:«وورث سليمانُ داودَ»[12]»[13].
---------------------------------
1 ـ صحيح البخاري 5 /82، وراجع أيضاً 8 /3.
2 ـ صحيح البخاري 4 /210 و219.
3 ـ راجع حول هذا الموضوع من مصادر الخاصة: الذكرى:73، الحبل المتين:76، كشف الغطاء1 /12، بصائر الدرجات: 173، أصول الكافي 1 /241و458، الكافي3 /228، وراجع من مصادر العامة: فتح الباري 8/378، الطبقات الكبرى 8/28، تاريخ مدينة دمشق 3 /159.
4 ـ أحد الآيات العظام من علماء السلف في النجف الأشرف.
5 ـ راجع: بحار الأنوار 43/ 9، دلائل الإمامة 9و45، وأنظر أيضاً: المناقب لابن شهرآشوب 3 /356.
6 ـ راجع: بحار الأنوار 43 /9و170، دلائل الإمامة: 9و45،وانظر أيضاً: المناقب لابن شهر أشوب 3 /356.
7 ـ انظر أصول الكافي 1 /238، بصائر الدرجات: 150.
8 ـ ولفظ جواب الزهراء عليها السلام: «هاتي وسلي عماّ بدا لك، أرأيتِ من اُكتريَ يوماً يصعد إلى سطح بحملٍ ثقيل، وكراه مائة ألف دينار، يثقل عليه !» ثم قالت عليها السلام: «اكتريت أنا لكل مسألة بأكثر من ملء مابين الثرى إلى العرش لؤلؤاً، فأحرى أن لا يثقل عليّ»، راجع: مستدرك الوسائل 17 /317، بحار الأنوار 2 /3، تفسير الإمام العسكري عليه السلام: 340، منية المريد: 114.
9 ـ راجع: وسائل الشيعة 3 /159، مستدرك الوسائل 3 /134، 184، 185، 187، 304، 316، 339، 477.
10 ـ راجع: وسائل الشيعة 3/220، مستدرك الوسائل 2 /358، 359، 360، 361، بحار الأنوار 43 /189، 78 /250، 255، 256.
11 ـ راجع: من لا يحضره الفقيه 1 /320، وسائل الشيعة6 /446، مفتاح الفلاح: 276، مكارم الأخلاق: 280.
12 ـ النمل: 16.
13 ـ الصراط المستقيم 2 /283، وانظر أيضاً شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16 /251و257.
يعترف العامّة بأنّ فاطمة الزهراء عليها السلام كانت غير راضية عن الشيخين حين وفاتها، فقد جاء في صحيح البخاري: «فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته، فلم تكلّمه حتى توفيت»[1].
وقد جاء كذلك في رواية أخرى عن رسول الله صلى الله عليه وآله نقلها البخاري في صحيحه أنّه قال: «إنّ فاطمة بضعة منّي، فمن أغضبها أغضبني»[2].
إنّ علينا أن نفكّر في كتابة كتاب حول الاعتقادات الحقّة التي نعتقد بها، ونعمل على أساسها، ونتمسك بها بثبات ويقين، حتى لو تخلى عنها جميع الناس.
مدّة حياة الزهراء بعد رسول الله(ص)
نقل أبو الفرج الإصفهاني ـ الذي كان زيدي المذهب ـ في كتابه مقاتل الطالبيين أقوالاً مختلفة في وفاة فاطمة الزهراء عليها السلام، آخرها أنّها توفيت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله بستة أشهر، وأولها أنّها توفيت بعده بأربعين يوماً، أي في الثامن من ربيع الثاني تقريباً[3]. وذهب إلى ذلك أيضاً المرحوم الشربياني[4].
وكأنّه كما ظل قبر الزهراء(س) مجهولاً، فكذلك زمان وفاتها يجب أن يبقى مجهولاً.
وطبعاً من المحتمل أن تكون علّة مجهولية زمان وفاتها هو عدم تصدّي أهل العلم والدقة لتدوين الوقائع التأريخية، لهذا وقع الاختلاف أيضاً بين الشيعة والسنّة في تاريخ ولادة رسول الله صلى الله عليه وآله.
وعلى كل حال فقد اختلف في مدّة حياة الصّديقه الطاهرة عليها السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، هل كان 45 يوماً أو 75 يوماً أو 95 يوماً.
وكتب المرحوم النوري: إنّ شبهاً كبيراً بين 75و95 في رسم الخط الكوفي، لهذا فإنّ رواية إلى «75» يوماً[5] قابلة للجمع والتطابق مع رواية 3جمادي الثاني[6] والمراد فيها رواية الـ «95» يوماً نفسها.
أضف إلى ذلك أنّه من البعيد ان يقع الخطأ في عبارة 3 جمادى الثاني، ولعلّ الزهراء عليها السلام كانت هذه المدّة (الفترة الزمنية بين 75ـ95) على فراش المرض، أو أنّ الراوي نقلها خطاً وكتب العدد 75 بدل العدد95، بينما لا يتصوّر الخطأ مطلقاً في 3 جمادى الثاني.
وعلى كل حال، فإنّ المرحوم الميرزا حسين النائيني كان يرجّح رواية الـ «95» يوماً أيضاً، وكان يعقد مجالس العزاء في 3 جمادى الثاني، بينما كان السيّد أبو الحسن الاصفهاني يعقد مجالس العزاء في الفاطمية الأولى، أي طبقا لرواية الـ«75» يوماً.
وكانت بعض بيوت مراجع النجف وعلمائها، ومنها بيت السيّد بحر العلوم، تعقد مجالس العزاء في أيام الفاطمية لمدّة عشرة أيام كعشرة محرم.
مقام ومنزلة الزهراء(س) والأمور المختصّة بها
مع أنّ الروايات الواردة عن الزهراء عليها السلام أقلّ عدداً ممّا ورد عن بقيةّ المعصومين عليهم السلام، ولكن فاطمة الزهراء عليها السلام صاحبة مصحف[7]، كما أنّ الروايات القليلة المروية عنها ذات أهمية عظيمة.
ومن هذه الروايات أنّ امرأة جاءت إليها عليها السلام وسألتها عن مسألة، ثم اعتذرت المرأة لما سببته لها من إزعاج. فأجابتها عليها السلام ـ بما معناه ـ : إنّ أجر المعلّم وثوابه كمن يصعد قمة جبل فيكافأ على ذلك بكيس كبير من الذهب[8].
كما أنّ الأعمال التي قامت بها أو التي أمرت بها عجيبة أيضاً. ومنها ما أوصت به الإمام علي عليه السلام أن يغسّلها من وراء ثوبها، وأن يدفنها ليلاً، وأن لا يحضر أشخاص معينون في تشييع جنازتها[9]، وكذلك التابوت الذي أمرت أن يُصنع لها، بحيث لا يظهر بدنها بأي نحوٍ من الأنحاء[10] ، وكذلك صنع المسبحة التي تحتوي على أربع وثلاثين خرزة أو مائة خرزة، لتستمر على ذكر ذلك الله حتى أثناء أداء وظائف البيت[11]، وكذلك جوابها كالأسد لأبي بكر حين قالت له: «أترث أباك ولا أرث أبي؟! أين أنت من قوله تعالى:«وورث سليمانُ داودَ»[12]»[13].
---------------------------------
1 ـ صحيح البخاري 5 /82، وراجع أيضاً 8 /3.
2 ـ صحيح البخاري 4 /210 و219.
3 ـ راجع حول هذا الموضوع من مصادر الخاصة: الذكرى:73، الحبل المتين:76، كشف الغطاء1 /12، بصائر الدرجات: 173، أصول الكافي 1 /241و458، الكافي3 /228، وراجع من مصادر العامة: فتح الباري 8/378، الطبقات الكبرى 8/28، تاريخ مدينة دمشق 3 /159.
4 ـ أحد الآيات العظام من علماء السلف في النجف الأشرف.
5 ـ راجع: بحار الأنوار 43/ 9، دلائل الإمامة 9و45، وأنظر أيضاً: المناقب لابن شهرآشوب 3 /356.
6 ـ راجع: بحار الأنوار 43 /9و170، دلائل الإمامة: 9و45،وانظر أيضاً: المناقب لابن شهر أشوب 3 /356.
7 ـ انظر أصول الكافي 1 /238، بصائر الدرجات: 150.
8 ـ ولفظ جواب الزهراء عليها السلام: «هاتي وسلي عماّ بدا لك، أرأيتِ من اُكتريَ يوماً يصعد إلى سطح بحملٍ ثقيل، وكراه مائة ألف دينار، يثقل عليه !» ثم قالت عليها السلام: «اكتريت أنا لكل مسألة بأكثر من ملء مابين الثرى إلى العرش لؤلؤاً، فأحرى أن لا يثقل عليّ»، راجع: مستدرك الوسائل 17 /317، بحار الأنوار 2 /3، تفسير الإمام العسكري عليه السلام: 340، منية المريد: 114.
9 ـ راجع: وسائل الشيعة 3 /159، مستدرك الوسائل 3 /134، 184، 185، 187، 304، 316، 339، 477.
10 ـ راجع: وسائل الشيعة 3/220، مستدرك الوسائل 2 /358، 359، 360، 361، بحار الأنوار 43 /189، 78 /250، 255، 256.
11 ـ راجع: من لا يحضره الفقيه 1 /320، وسائل الشيعة6 /446، مفتاح الفلاح: 276، مكارم الأخلاق: 280.
12 ـ النمل: 16.
13 ـ الصراط المستقيم 2 /283، وانظر أيضاً شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16 /251و257.
من أحاديث آية الله العظمى العارف العابد الشيخ محمد تقي بهجت رحمه الله