صدمــة الواقــع و أزمــة الخطــاب

أحمد الشرقاوي
خاص: بانوراما الشرق الأوسط
بسبب التطورات الدراماتيكية الأخيرة التي عرفتها سورية والعراق واليمن، نتيجة الهجمة “السعودية” المجنونة على محور المقاومة إعلاميا وإرهابيا، تحت عنوان “الحرب على النفوذ الإيراني في المنطقة”، تطالعنا بعض الأقلام، ومنها من كنا نعتقد إلى وقت قريب أنها منخرطة في مشروع المقاومة، بسيناريوهات هي أقرب إلى الكارثة منها إلى التوقعات العقلانية، من مدخل ما يعتبرونه تحليلا نقديا موضوعيا..
وهم بذلك، يريدون منا أن نلغي العقل، ونكذب دروس التاريخ، ونكفر بنبوءات السماء، ونستسلم لصدمة الواقع، ونصدق أن حمارا أجربا وجبانا كالسعودية، سينتصر في سباق القرن على حصان قوي وشجاع في نواصيه الخير كمحور المقاومة..
وقد لا نبالغ إذا قلنا أن الإعلام العربي هو إعلام الأزمات، عجز حتى الآن عن فرض نفسه كفاعل مؤثر في المشهد القومي فأحرى العالمي، بسبب عدم قدرته على تجاوز عتبة استهلاك ما يتلقاه من أفكار مقولبة ليتحول إلى منتج مبدع يحسن فن الخطاب والإقناع والاستقطاب..
فمنهم مثلا، من يبشر بانكفاء إيران عن دعم سورية وترجيح مصلحتها القومية على حساب النظام في دمشق كما حصل مع المالكي في العراق، ومنهم من يجزم بأن الأمريكي نجح في إحكام الطوق على المفاوض الإيراني، وأنه لن يتنازل له عن الاتفاق والنفوذ في المنطقة معا، وأن إيران تبدو عاجزة عن فعل أي شيء لإنقاذ حلفائها في اليمن أمام “عاصفة الإجرام”، الأمر الذي سيضطرها إلى تقديم تنازلات مؤلمة في سورية، من دون أن يعني ذلك رفع العقوبات بالكامل عنها، لتظل تحت رحمة الرقابة الأمريكية لسنوات مديدة كي تطمئن “إسرائيل”..
هذا علما أن هؤلاء المنظرين للوهم، يعلمون علم اليقين أن المفاوض الإيراني يستحيل أن يخرج عن الخطوط الحمراء التي وضعها له الإمام الخامنئي بشأن الملف النووي، وأن ما يجري من محادثات بين طهران والقوى الدولية المعنية لا يتطرق من قريب أو بعيد لقضايا الإقليم وملفات الجراح النازفة، وأن ما يجري اليوم من تصعيد في سورية واليمن والعراق لا يعني أن نتائج الحرب قد حسمت لصالح الأمريكي وعملائه في المنطقة، وأن خسارة معركة في سورية أو منازلة في العراق لا يعني نهاية المواجهة، أو التصعيد في اليمن لن يجر أرجل إيران للتورط في حرب خسرتها “السعودية” بالإعلام من دون قتال، لأن اليمن أكبر من غزة والسعودية ليست “إسرائيل”، وأن إيران لا تستجدي اعترافا بنفوذ من أمريكا أو غيرها، لأنها لا تدافع عن نظام بقدر ما تسعى لتكريس نهج وتثبيت خيار وإنجاح مشروع يعود بالنفع على العرب والمسلمين كأمة.
خصوصا إذا علمنا أنه حتى الآن، لم يقرر محور المقاومة التحول من استراتيجية الدفاع إلى استراتيجية المواجهة، وأنه يفضل خلال الشهرين المقبلين التمسك بتكتيك “الصبر الإستراتيجي” عنوانا للمرحلة، في انتظار ما ستفضي إليه المفاوضات النهائية في الملف النووي، لإدراكه أن أوباما يبدو أكثر حماسة لتوقيع الاتفاق من طهران، المتمسكة بشروط الإمام بصلابة، وتفاوض من موقع قوة واقتدار لا عن ضعف واستجداء..
ومن منطلق هذه الرؤية الواقعية للمشهد اليوم في المنطقة، فإن ما يجري من تصعيد لتغيير المعادلات على الأرض هو مجرد عبث صبيان ولعب في الوقت الضائع، في محاولة يائسة من ‘آل سعود’ المرعوبين من الجازات محور المقاومة، للحصول على بعض التنازلات التي يستطيعون تسويقها كانتصارات لجمهورهم المسحور الذي لا زال يراهن على عودة نفوذ الوهابية إلى سابق عهده زمن فتح كابول، من مدخل فتح دمشق واحتلال حضر موت، لتمرير أنابيب النفط من السعودية إلى بحر العرب، تجنبا لمضيق هرمز وباب المندب معا.
وحقيقة الأمر، أن ما تقوم به “السعودية” من مقامرة غير محسوبة اليوم في المنطقة، لا يبدو أنه يقلق إيران وحلفائها، بل على العكس تماما، هناك شبه ارتياح وإن كان مستترا، لدرجة أن سماحة السيد اعتبر ما يحدث في اليمن مقدمة لفـرج كبيـر قادم سينعكس إيجابا على قضايا المنطقة ككل، وذهب الإمام الخامنئي وبعده قادة عسكريون كبار حد القول أن دخول صبيان ‘آل سعود’ المستنقع اليمني سينتهي بسقوط نظامهم.. وما أدراك ما ‘أل سعود’ ودورهم في خراب المنطقة..
وشخصيا، مع انطلاق العدوان على اليمن، عبرت صراحة عن فرحي المشوب بالحزن على الضحايا الذين دفعوا دمائهم ثمنا للحرية والاستقلال، وقلت أن محور المقاومة لم يكن ليحلم بفرصة ذهبية مثل هذه، لأنها المرة الأولى التي ينتقل فيها ‘آل سعود’ من الجهاد في الأثداء داخل غرف نومهم الحمراء، ويدخلون الحرب بشكل مباشر في اليمن، وهم من اعتادوا إدارة الحروب بالوكالة، من خلال “إسرائيل” حينا، ومن خلال الإرهاب أحيانا، معتمدين على سلاح المال الحرام وفتاوي الفقهاء.
*** / ***
ما من شك أن هناك سوء فهم كبير لدى شرائح واسعة من الجمهور العربي، سواء في ما له علاقة بتوصيف طبيعة الحرب أو طريقة تفكير وعمل محور المقاومة، والسبب يعود بالأساس إلى الجانب الإعلامي، ذلك، أنه وفي الوقت الذي نشهد فيه حملة تضليلية مسعورة ضد إيران ومحورها من جانب “السعودية” وحلفائها، نلحظ هدوءا وتكتما محيرا في الجانب المقابل، فباستثناء بعض التصريحات الرسمية الغامضة، كل ما يقال في هذا الباب يدخل في إطار الاجتهاد بآليات التفسير والتأويل من قبل من جندوا أنفسهم للدفاع عن محور المقاومة، من دون تفويض رسمي، وأجرهم على الله سواء أصابوا أم أخطأوا.
كثيرون يحاولون فهم العقلية الإيرانية وطريقة اشتغالها، ومعظمهم يركز على الجانب السياسي البراغماتي، وكثيرون يهملون الجانب القيمي، الديني والإنساني وعلاقته بالمصلحة والتفكير العقلاني.. وفي اعتقادي، أنه لا يمكن فهم العقلية الإيرانية من دون فهم الخيط الناظم للعلاقة بين الجانبين معا، أي بين الحق والمنفعة..
وكلنا يعرف أن لإيران رؤية إديولوجية ثورية مستمدة من العقيدة الإسلامية التي تقول بالواجب الجهادي المقدس ونصرة المستضعفين، لتحرير الأرض من الإحتلال والإنسان من الظلم والاستعباد، ولها مشروع نهضوي حضاري وتنموي عملاق يتجاوز الجغرافية الإيرانية ليشمل الأمة بمفهومها القرآني، وقد حققت في سبيل إنجازه خطوات عملاقة أدهشت الجميع برغم الحصار والمؤامرات، لأن مشروع وحدة الأمة يعني بالنتيجة نهاية الهيمنة الغربية، وهذه هي حقيقة الصراع القائم اليوم في المنطقة.
لكن.. إيران ومحورها، لا يؤمنون بالتغيير من خلال الخطاب المأزوم، لذلك تراهم لا يعيرون كثير اهتمام لما يقال أو لا يقال في الإعلام، وتراهم يراهنون على تغيير العقليات والممارسات بالقناعة الذاتية التي لا يمكن أن تحصل إلا من خلال صدمة الواقع نتيجة التجربة المعاشة.. كيف؟..
فمثلا، إذا كان الله جل جلاله، وهو رب العباد القادر إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، يرفض أن يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فلماذا تريدون أن تغير إيران ومحور المقاومة الشعوب العربية بالخطاب؟..
ولتتضح الصورة أكثر نقول، في سورية مثلا، حين تسقط منطقة في يد الإرهاب، هل يسارع النظام لتحريرها؟.. المتابع لتطورات الأحداث خلال عمر الأزمة يستطيع ملاحظة أن النظام لا يفعل ذلك.. لماذا؟.. لأنه إذا كانت بعض المناطق تعتبر بيئة حاضنة للإرهاب، فمواجهة الإرهابيين بها يقتضي مواجهة المواطنين المغرر بهم أيضا، لكن إعطاء الوقت للوقت كفيل بأن يغير المعادلات على الأرض، لأنه حين يكتشف الناس وحشية “الثوار” الذين أتوهم بالذبح تحت شعار “التحرير”، يصبح استقرار الوضع للإرهابيين أمرا مستحيلا، فيثور الناس ويستغيثون بالدولة.. حينها، يتدخل الجيش لحسم الأمور واجتثاث زبالة التكفيريين، فيعود الناس لحضن الدولة أكثر إيمانا برحمة الوطن وقناعة باقتدار النظام.. من خلال التجربة لا الخطاب.
في العراق حصل نفس الشيء، وكان الحديث يدور عن الثوار ومظلومية السنة وخلافه.. وكان من المستحيل إقناع الشارع العربي بأن ما يحدث هو إرهاب وخراب ديار، وشاهد العالم المذابح ضد الإيزيديين والمسيحيين والأكراد والآشوريين والسنة أنفسهم الذين دفعوا الثمن أكثر من غيرهم، إلى أن حرر الحشد الشعبي “سنــة” صلاح الدين وتكريت وغيرها من المناطق، برغم الأصوات الخبيثة التي ارتفعت لتتهمهم بما ليس فيهم، من أمريكا إلى الأزهر إلى إعلام الزيت وبعض النخب العراقية العميلة، وها نحن اليوم نرى “السنـة” في الأنبار يهجرون من ديارهم، وارتفعت أصوات زعاماتهم الوطنية مطالبة الحشد الشعبي بدخول الأنبار لطرد زبالة “داعش” منها..
هنا أيضا حصل تغيير حقيقي بناء على تجربة واقعية، فسقط خطاب الإعلام المذهبي في مستنقع التضليل ولم يعد يصدقه أحد، وانكشف تآمر من كانوا يروجون للكذب من ساسة عملاء وكهنة مفترين باعوا دينهم وشرفهم وأمتهم بدولارات معدودات .. والنتيجة، أن السنة والشيعة وجزء هام من المجتمع الكردي يقفون اليوم في وجه مشروع التقسيم الذي تسعى أمريكا لفرضه بالإرهاب، وكانت تعتقد في البداية أن همجية الإرهابيين ستدفع بالعراقيين للاستنجاد بأمريكا لينقدهم مما هم فيه من عذاب، فتفرض عليهم مقابل ذلك رؤيتها للحل وهيمنتها على خيرات وطنهم من خلال بعض الساسة العملاء.. فخاب ظنها وسقطت رهاناتها الخاسرة أمام إرادة المقاومة.
وبالتالي، فما حدث في سورية والعراق هو انتصار كبير لمحور المقاومة، لأنه أحدث تغييرا في العمق على مستوى العقليات والمواقف والممارسات، الأمر الذي أفقد التكفيريين حجتهم وكشف زيف إسلامهم وحقيقة عمالتهم وبشاعة جرائمهم ضد الوطن والإنسان.. وهذا هو التغيير الحقيقي المطلوب، لأننا أمة لا تفهم بالخطاب، فكان لزاما أن نفهم بالتجربة، ومن لم يفهم بعد، فلينتظر قدوم “داعش” لتشرح له معنى العيش في ظل “الخلافة الإسلامية’ على نهج ابن تيمية وسنة محمد بن عبد الوهاب (عليهم من الله ما يستحقون).
أما على مستوى مقارعة أمريكا وأدواتها، فالعقلية الإيرانية تشتغل بنفس الطريقة، لأنه إذا كانت أمريكا تعتقد أنها تستطيع فرض هيمنتها على المنطقة من خلال الأنظمة العميلة، فإيران، ومن منطلق الواجب الديني، تراهن على الشعوب المستضعفة وتستنهضها لمواجهة الأخطار المحدقة بها والدفاع عن أرضها ومصيرها ومستقبل عيالها، وتساعد كل من يبدي الاستعداد لذلك، ولا تفرض جهادا على أحد، لأن كل نفس بما كسبت رهينة..
وبفضل هذه المقاربة الذكية والصحيحة، فشلت أمريكا بقوتها وجبروتها في أفعانسان و العراق وفي لبنان بفضل المقاومة، وفشلت بالإرهاب في سورية والعراق ولبنان أيضا، وفشلت السعودية في اليمن حتى الآن ودخلت في مأزق يصعب عليها الخروج منه من دون انعكاسات كارثية على نظامها في الداخل كل هذا، وحلف المقاومة لم يخرج بعد من إستراتيجية الدفاع إلى استراتيجية الهجوم كما أسلفنا.. فتأمــل.
وها هو ‘جون كيري’ يطلب من طهران المساعدة في حل الأزمة في اليمن وسورية، فتقول له طهران بصريح العبارة، أن الحل هو من شأن الشعب اليمني والسوري، ولا يحق لأحد فرض إرادته على الشعوب من فوق.. فماذا تستطيع أن تفعل أمريكا لإنقاذ ‘آل سعود’ من الفخ الذي استدرجتهم إليه يا ترى؟..
أما الذين ينتظرون من إيران أن تحارب نيابة عنهم، فبإمكانهم الانتظار إلى أن يبدل الله السماوات غير السماوات والأرض غير الأرض، لأن إيران ليست دولة إمبريالية تصارع من أجل التوسع الجغرافي أو الهيمنة السياسية والاقتصادية على الشعوب المستضعفة، التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية وتقاوم من منطلق واجبها الجهادي المقدس لتستكمل التحرير المنقوص، أو تقبل بالظلم والاستعمار بالوكالة، فتعيش أبد الدهر في ذل وإهانة عظيمة.
ومعنى المعنى، أن الصراع بين أمريكا وإيران يمكن تلخيصه في المعادلة التالية: إذا كانت أمريكا في مقاربتها لاحتلال دولة ما بالوكالة تراهن على نظام عميل فاسد، فإن إيران في مواجهتها للهيمنة الأمريكية تراهن على استنهاض الشعب المستضعف ليقوم بواجبه الجهادي فيواجه الإحتلال بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين.. وبهذا الأسلوب القرآني الذكي، تخسر أمريكا دائما لأنها تراهن في كل مرة على حمار عربي يحمل أسفارا، في حين تربح إيران دائما لأنها تراهن على حصان قوي وشجاع جعل الله الخير في نواصيه كلما صال وجال في ساحات الوغى..
*** / ***
ما يجري اليوم من صراع بين محور المقاومة ومحور المؤامرة في المنطقة، هو النسخة الثانية من حروب التحرير.. لأنه إذا كانت المواجهات الأولى التي دارت بين القوى الوطنية المقاومة والاستعمار الغربي في النصف الثاني من القرن الماضي، وأدت إلى طرد الاستعمار العسكري من البلدان العربية تباعا، وتبين أن التحرير لم يكتمل، لأن الاستعمار وبرغم خروجه من الحقول ظل قابعا في العقول.. فما يحدث اليوم، لا يخرج عن كونه مواجهة شرسة في نسختها الثانية لاستكمال التحرير وإنهاء الهيمنة الغربية على سيادة الدول العربية، والتي ظلت جاثمة على صدر الشعوب من خلال الأنظمة المستبدة الفاسدة والعميلة..
وبهذا المعنى، فحقيقة المواجهة لا تكتسي طابعا دينيا بين مذهبين كما تحاول قوى الشر التسويق لذلك، ولا طابعا إديولوجيا بين نظامين اقتصاديين كما كان الحال زمن الحرب الباردة، ولا طابعا طبقيا بين الفقراء والأغنياء في ما نظر له البعض تحت مسمى “ثــورة الجيــاع”..
لأن الصراع يدور في ظل نفس النظام الرأسمالي المعولم بين محور تتزعمه إيران يطالب باستقلال القرار السيادي (السياسي والاقتصادي) لفائدة الشعوب المستضعفة، ومحور يرفض التغيير ويحارب بكل الوسائل والأدوات ليظل هذا القرار السيادي رهن الإرادة الأمريكية من خلال تقوية دور الوكلاء العملاء على حساب حق الشعوب في الحرية والعدل والكرامة..
فإذا قلت أيها العربي أنه صراع الخير ضد الشر، أو صراع الحق ضد الباطل، أو صراع المستضعفين ضد الفاسدين المستبدين.. أو ما شأت من تسميات، فلن تجانب الصواب، لأنها جميعها تختزل في صراع الإرادات وصدام الخيارات، فإما أن يعيش المواطن العربي حرا، كريما، مستقلا، وسيدا.. أو يظل عبدا، تابعا، ذليلا، ومهانا..
وبقدر فهمك لطبيعة الصراع وانخراطك في المحور الذي تراه على حق، بقدر ما تقترب من نيل حريتك وكرامتك أو تعمق من مأزقك وتزيد من محنتك وعذابك وما ينتج عنها من خيبة وإخفاق..
ليس مطلوبا منك أن تدافع عن السنة أو الشيعة، هذه مصيدة يراد منها إدخالك في دوامة الضياع، وخلق عوائق ومآزق ومخاوف ومخاطر تحد من إرادتك وتثبط من عزيمتك، وتجعلك تواجه عدوا وهميا لا وجود له إلا في مخاوفك التي تغذيها أخطار افتراضية لتحويل البوصلة عن حقيقة الصراع..
فكن مسلما أو مسيحيا، سنيا أو شيعيا، أو كن ما تريد.. لكن كن مقاوما شرسا، لتعيش بكرامة أو تموت بشرف.. ليس من أجلك فحسب، بل ومن أجل مستقبل أحبائك ومصير وطنك الذي حرره الآباء بالأمس ويراد له اليوم أن يموت لمحو هويتك، وقتل إنسانيتك التي هي أجمل ما وهبك الله حين خلقك وفضلك على العالمين.

أحمد الشرقاوي
خاص: بانوراما الشرق الأوسط
بسبب التطورات الدراماتيكية الأخيرة التي عرفتها سورية والعراق واليمن، نتيجة الهجمة “السعودية” المجنونة على محور المقاومة إعلاميا وإرهابيا، تحت عنوان “الحرب على النفوذ الإيراني في المنطقة”، تطالعنا بعض الأقلام، ومنها من كنا نعتقد إلى وقت قريب أنها منخرطة في مشروع المقاومة، بسيناريوهات هي أقرب إلى الكارثة منها إلى التوقعات العقلانية، من مدخل ما يعتبرونه تحليلا نقديا موضوعيا..
وهم بذلك، يريدون منا أن نلغي العقل، ونكذب دروس التاريخ، ونكفر بنبوءات السماء، ونستسلم لصدمة الواقع، ونصدق أن حمارا أجربا وجبانا كالسعودية، سينتصر في سباق القرن على حصان قوي وشجاع في نواصيه الخير كمحور المقاومة..
وقد لا نبالغ إذا قلنا أن الإعلام العربي هو إعلام الأزمات، عجز حتى الآن عن فرض نفسه كفاعل مؤثر في المشهد القومي فأحرى العالمي، بسبب عدم قدرته على تجاوز عتبة استهلاك ما يتلقاه من أفكار مقولبة ليتحول إلى منتج مبدع يحسن فن الخطاب والإقناع والاستقطاب..
فمنهم مثلا، من يبشر بانكفاء إيران عن دعم سورية وترجيح مصلحتها القومية على حساب النظام في دمشق كما حصل مع المالكي في العراق، ومنهم من يجزم بأن الأمريكي نجح في إحكام الطوق على المفاوض الإيراني، وأنه لن يتنازل له عن الاتفاق والنفوذ في المنطقة معا، وأن إيران تبدو عاجزة عن فعل أي شيء لإنقاذ حلفائها في اليمن أمام “عاصفة الإجرام”، الأمر الذي سيضطرها إلى تقديم تنازلات مؤلمة في سورية، من دون أن يعني ذلك رفع العقوبات بالكامل عنها، لتظل تحت رحمة الرقابة الأمريكية لسنوات مديدة كي تطمئن “إسرائيل”..
هذا علما أن هؤلاء المنظرين للوهم، يعلمون علم اليقين أن المفاوض الإيراني يستحيل أن يخرج عن الخطوط الحمراء التي وضعها له الإمام الخامنئي بشأن الملف النووي، وأن ما يجري من محادثات بين طهران والقوى الدولية المعنية لا يتطرق من قريب أو بعيد لقضايا الإقليم وملفات الجراح النازفة، وأن ما يجري اليوم من تصعيد في سورية واليمن والعراق لا يعني أن نتائج الحرب قد حسمت لصالح الأمريكي وعملائه في المنطقة، وأن خسارة معركة في سورية أو منازلة في العراق لا يعني نهاية المواجهة، أو التصعيد في اليمن لن يجر أرجل إيران للتورط في حرب خسرتها “السعودية” بالإعلام من دون قتال، لأن اليمن أكبر من غزة والسعودية ليست “إسرائيل”، وأن إيران لا تستجدي اعترافا بنفوذ من أمريكا أو غيرها، لأنها لا تدافع عن نظام بقدر ما تسعى لتكريس نهج وتثبيت خيار وإنجاح مشروع يعود بالنفع على العرب والمسلمين كأمة.
خصوصا إذا علمنا أنه حتى الآن، لم يقرر محور المقاومة التحول من استراتيجية الدفاع إلى استراتيجية المواجهة، وأنه يفضل خلال الشهرين المقبلين التمسك بتكتيك “الصبر الإستراتيجي” عنوانا للمرحلة، في انتظار ما ستفضي إليه المفاوضات النهائية في الملف النووي، لإدراكه أن أوباما يبدو أكثر حماسة لتوقيع الاتفاق من طهران، المتمسكة بشروط الإمام بصلابة، وتفاوض من موقع قوة واقتدار لا عن ضعف واستجداء..
ومن منطلق هذه الرؤية الواقعية للمشهد اليوم في المنطقة، فإن ما يجري من تصعيد لتغيير المعادلات على الأرض هو مجرد عبث صبيان ولعب في الوقت الضائع، في محاولة يائسة من ‘آل سعود’ المرعوبين من الجازات محور المقاومة، للحصول على بعض التنازلات التي يستطيعون تسويقها كانتصارات لجمهورهم المسحور الذي لا زال يراهن على عودة نفوذ الوهابية إلى سابق عهده زمن فتح كابول، من مدخل فتح دمشق واحتلال حضر موت، لتمرير أنابيب النفط من السعودية إلى بحر العرب، تجنبا لمضيق هرمز وباب المندب معا.
وحقيقة الأمر، أن ما تقوم به “السعودية” من مقامرة غير محسوبة اليوم في المنطقة، لا يبدو أنه يقلق إيران وحلفائها، بل على العكس تماما، هناك شبه ارتياح وإن كان مستترا، لدرجة أن سماحة السيد اعتبر ما يحدث في اليمن مقدمة لفـرج كبيـر قادم سينعكس إيجابا على قضايا المنطقة ككل، وذهب الإمام الخامنئي وبعده قادة عسكريون كبار حد القول أن دخول صبيان ‘آل سعود’ المستنقع اليمني سينتهي بسقوط نظامهم.. وما أدراك ما ‘أل سعود’ ودورهم في خراب المنطقة..
وشخصيا، مع انطلاق العدوان على اليمن، عبرت صراحة عن فرحي المشوب بالحزن على الضحايا الذين دفعوا دمائهم ثمنا للحرية والاستقلال، وقلت أن محور المقاومة لم يكن ليحلم بفرصة ذهبية مثل هذه، لأنها المرة الأولى التي ينتقل فيها ‘آل سعود’ من الجهاد في الأثداء داخل غرف نومهم الحمراء، ويدخلون الحرب بشكل مباشر في اليمن، وهم من اعتادوا إدارة الحروب بالوكالة، من خلال “إسرائيل” حينا، ومن خلال الإرهاب أحيانا، معتمدين على سلاح المال الحرام وفتاوي الفقهاء.
*** / ***
ما من شك أن هناك سوء فهم كبير لدى شرائح واسعة من الجمهور العربي، سواء في ما له علاقة بتوصيف طبيعة الحرب أو طريقة تفكير وعمل محور المقاومة، والسبب يعود بالأساس إلى الجانب الإعلامي، ذلك، أنه وفي الوقت الذي نشهد فيه حملة تضليلية مسعورة ضد إيران ومحورها من جانب “السعودية” وحلفائها، نلحظ هدوءا وتكتما محيرا في الجانب المقابل، فباستثناء بعض التصريحات الرسمية الغامضة، كل ما يقال في هذا الباب يدخل في إطار الاجتهاد بآليات التفسير والتأويل من قبل من جندوا أنفسهم للدفاع عن محور المقاومة، من دون تفويض رسمي، وأجرهم على الله سواء أصابوا أم أخطأوا.
كثيرون يحاولون فهم العقلية الإيرانية وطريقة اشتغالها، ومعظمهم يركز على الجانب السياسي البراغماتي، وكثيرون يهملون الجانب القيمي، الديني والإنساني وعلاقته بالمصلحة والتفكير العقلاني.. وفي اعتقادي، أنه لا يمكن فهم العقلية الإيرانية من دون فهم الخيط الناظم للعلاقة بين الجانبين معا، أي بين الحق والمنفعة..
وكلنا يعرف أن لإيران رؤية إديولوجية ثورية مستمدة من العقيدة الإسلامية التي تقول بالواجب الجهادي المقدس ونصرة المستضعفين، لتحرير الأرض من الإحتلال والإنسان من الظلم والاستعباد، ولها مشروع نهضوي حضاري وتنموي عملاق يتجاوز الجغرافية الإيرانية ليشمل الأمة بمفهومها القرآني، وقد حققت في سبيل إنجازه خطوات عملاقة أدهشت الجميع برغم الحصار والمؤامرات، لأن مشروع وحدة الأمة يعني بالنتيجة نهاية الهيمنة الغربية، وهذه هي حقيقة الصراع القائم اليوم في المنطقة.
لكن.. إيران ومحورها، لا يؤمنون بالتغيير من خلال الخطاب المأزوم، لذلك تراهم لا يعيرون كثير اهتمام لما يقال أو لا يقال في الإعلام، وتراهم يراهنون على تغيير العقليات والممارسات بالقناعة الذاتية التي لا يمكن أن تحصل إلا من خلال صدمة الواقع نتيجة التجربة المعاشة.. كيف؟..
فمثلا، إذا كان الله جل جلاله، وهو رب العباد القادر إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، يرفض أن يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فلماذا تريدون أن تغير إيران ومحور المقاومة الشعوب العربية بالخطاب؟..
ولتتضح الصورة أكثر نقول، في سورية مثلا، حين تسقط منطقة في يد الإرهاب، هل يسارع النظام لتحريرها؟.. المتابع لتطورات الأحداث خلال عمر الأزمة يستطيع ملاحظة أن النظام لا يفعل ذلك.. لماذا؟.. لأنه إذا كانت بعض المناطق تعتبر بيئة حاضنة للإرهاب، فمواجهة الإرهابيين بها يقتضي مواجهة المواطنين المغرر بهم أيضا، لكن إعطاء الوقت للوقت كفيل بأن يغير المعادلات على الأرض، لأنه حين يكتشف الناس وحشية “الثوار” الذين أتوهم بالذبح تحت شعار “التحرير”، يصبح استقرار الوضع للإرهابيين أمرا مستحيلا، فيثور الناس ويستغيثون بالدولة.. حينها، يتدخل الجيش لحسم الأمور واجتثاث زبالة التكفيريين، فيعود الناس لحضن الدولة أكثر إيمانا برحمة الوطن وقناعة باقتدار النظام.. من خلال التجربة لا الخطاب.
في العراق حصل نفس الشيء، وكان الحديث يدور عن الثوار ومظلومية السنة وخلافه.. وكان من المستحيل إقناع الشارع العربي بأن ما يحدث هو إرهاب وخراب ديار، وشاهد العالم المذابح ضد الإيزيديين والمسيحيين والأكراد والآشوريين والسنة أنفسهم الذين دفعوا الثمن أكثر من غيرهم، إلى أن حرر الحشد الشعبي “سنــة” صلاح الدين وتكريت وغيرها من المناطق، برغم الأصوات الخبيثة التي ارتفعت لتتهمهم بما ليس فيهم، من أمريكا إلى الأزهر إلى إعلام الزيت وبعض النخب العراقية العميلة، وها نحن اليوم نرى “السنـة” في الأنبار يهجرون من ديارهم، وارتفعت أصوات زعاماتهم الوطنية مطالبة الحشد الشعبي بدخول الأنبار لطرد زبالة “داعش” منها..
هنا أيضا حصل تغيير حقيقي بناء على تجربة واقعية، فسقط خطاب الإعلام المذهبي في مستنقع التضليل ولم يعد يصدقه أحد، وانكشف تآمر من كانوا يروجون للكذب من ساسة عملاء وكهنة مفترين باعوا دينهم وشرفهم وأمتهم بدولارات معدودات .. والنتيجة، أن السنة والشيعة وجزء هام من المجتمع الكردي يقفون اليوم في وجه مشروع التقسيم الذي تسعى أمريكا لفرضه بالإرهاب، وكانت تعتقد في البداية أن همجية الإرهابيين ستدفع بالعراقيين للاستنجاد بأمريكا لينقدهم مما هم فيه من عذاب، فتفرض عليهم مقابل ذلك رؤيتها للحل وهيمنتها على خيرات وطنهم من خلال بعض الساسة العملاء.. فخاب ظنها وسقطت رهاناتها الخاسرة أمام إرادة المقاومة.
وبالتالي، فما حدث في سورية والعراق هو انتصار كبير لمحور المقاومة، لأنه أحدث تغييرا في العمق على مستوى العقليات والمواقف والممارسات، الأمر الذي أفقد التكفيريين حجتهم وكشف زيف إسلامهم وحقيقة عمالتهم وبشاعة جرائمهم ضد الوطن والإنسان.. وهذا هو التغيير الحقيقي المطلوب، لأننا أمة لا تفهم بالخطاب، فكان لزاما أن نفهم بالتجربة، ومن لم يفهم بعد، فلينتظر قدوم “داعش” لتشرح له معنى العيش في ظل “الخلافة الإسلامية’ على نهج ابن تيمية وسنة محمد بن عبد الوهاب (عليهم من الله ما يستحقون).
أما على مستوى مقارعة أمريكا وأدواتها، فالعقلية الإيرانية تشتغل بنفس الطريقة، لأنه إذا كانت أمريكا تعتقد أنها تستطيع فرض هيمنتها على المنطقة من خلال الأنظمة العميلة، فإيران، ومن منطلق الواجب الديني، تراهن على الشعوب المستضعفة وتستنهضها لمواجهة الأخطار المحدقة بها والدفاع عن أرضها ومصيرها ومستقبل عيالها، وتساعد كل من يبدي الاستعداد لذلك، ولا تفرض جهادا على أحد، لأن كل نفس بما كسبت رهينة..
وبفضل هذه المقاربة الذكية والصحيحة، فشلت أمريكا بقوتها وجبروتها في أفعانسان و العراق وفي لبنان بفضل المقاومة، وفشلت بالإرهاب في سورية والعراق ولبنان أيضا، وفشلت السعودية في اليمن حتى الآن ودخلت في مأزق يصعب عليها الخروج منه من دون انعكاسات كارثية على نظامها في الداخل كل هذا، وحلف المقاومة لم يخرج بعد من إستراتيجية الدفاع إلى استراتيجية الهجوم كما أسلفنا.. فتأمــل.
وها هو ‘جون كيري’ يطلب من طهران المساعدة في حل الأزمة في اليمن وسورية، فتقول له طهران بصريح العبارة، أن الحل هو من شأن الشعب اليمني والسوري، ولا يحق لأحد فرض إرادته على الشعوب من فوق.. فماذا تستطيع أن تفعل أمريكا لإنقاذ ‘آل سعود’ من الفخ الذي استدرجتهم إليه يا ترى؟..
أما الذين ينتظرون من إيران أن تحارب نيابة عنهم، فبإمكانهم الانتظار إلى أن يبدل الله السماوات غير السماوات والأرض غير الأرض، لأن إيران ليست دولة إمبريالية تصارع من أجل التوسع الجغرافي أو الهيمنة السياسية والاقتصادية على الشعوب المستضعفة، التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية وتقاوم من منطلق واجبها الجهادي المقدس لتستكمل التحرير المنقوص، أو تقبل بالظلم والاستعمار بالوكالة، فتعيش أبد الدهر في ذل وإهانة عظيمة.
ومعنى المعنى، أن الصراع بين أمريكا وإيران يمكن تلخيصه في المعادلة التالية: إذا كانت أمريكا في مقاربتها لاحتلال دولة ما بالوكالة تراهن على نظام عميل فاسد، فإن إيران في مواجهتها للهيمنة الأمريكية تراهن على استنهاض الشعب المستضعف ليقوم بواجبه الجهادي فيواجه الإحتلال بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين.. وبهذا الأسلوب القرآني الذكي، تخسر أمريكا دائما لأنها تراهن في كل مرة على حمار عربي يحمل أسفارا، في حين تربح إيران دائما لأنها تراهن على حصان قوي وشجاع جعل الله الخير في نواصيه كلما صال وجال في ساحات الوغى..
*** / ***
ما يجري اليوم من صراع بين محور المقاومة ومحور المؤامرة في المنطقة، هو النسخة الثانية من حروب التحرير.. لأنه إذا كانت المواجهات الأولى التي دارت بين القوى الوطنية المقاومة والاستعمار الغربي في النصف الثاني من القرن الماضي، وأدت إلى طرد الاستعمار العسكري من البلدان العربية تباعا، وتبين أن التحرير لم يكتمل، لأن الاستعمار وبرغم خروجه من الحقول ظل قابعا في العقول.. فما يحدث اليوم، لا يخرج عن كونه مواجهة شرسة في نسختها الثانية لاستكمال التحرير وإنهاء الهيمنة الغربية على سيادة الدول العربية، والتي ظلت جاثمة على صدر الشعوب من خلال الأنظمة المستبدة الفاسدة والعميلة..
وبهذا المعنى، فحقيقة المواجهة لا تكتسي طابعا دينيا بين مذهبين كما تحاول قوى الشر التسويق لذلك، ولا طابعا إديولوجيا بين نظامين اقتصاديين كما كان الحال زمن الحرب الباردة، ولا طابعا طبقيا بين الفقراء والأغنياء في ما نظر له البعض تحت مسمى “ثــورة الجيــاع”..
لأن الصراع يدور في ظل نفس النظام الرأسمالي المعولم بين محور تتزعمه إيران يطالب باستقلال القرار السيادي (السياسي والاقتصادي) لفائدة الشعوب المستضعفة، ومحور يرفض التغيير ويحارب بكل الوسائل والأدوات ليظل هذا القرار السيادي رهن الإرادة الأمريكية من خلال تقوية دور الوكلاء العملاء على حساب حق الشعوب في الحرية والعدل والكرامة..
فإذا قلت أيها العربي أنه صراع الخير ضد الشر، أو صراع الحق ضد الباطل، أو صراع المستضعفين ضد الفاسدين المستبدين.. أو ما شأت من تسميات، فلن تجانب الصواب، لأنها جميعها تختزل في صراع الإرادات وصدام الخيارات، فإما أن يعيش المواطن العربي حرا، كريما، مستقلا، وسيدا.. أو يظل عبدا، تابعا، ذليلا، ومهانا..
وبقدر فهمك لطبيعة الصراع وانخراطك في المحور الذي تراه على حق، بقدر ما تقترب من نيل حريتك وكرامتك أو تعمق من مأزقك وتزيد من محنتك وعذابك وما ينتج عنها من خيبة وإخفاق..
ليس مطلوبا منك أن تدافع عن السنة أو الشيعة، هذه مصيدة يراد منها إدخالك في دوامة الضياع، وخلق عوائق ومآزق ومخاوف ومخاطر تحد من إرادتك وتثبط من عزيمتك، وتجعلك تواجه عدوا وهميا لا وجود له إلا في مخاوفك التي تغذيها أخطار افتراضية لتحويل البوصلة عن حقيقة الصراع..
فكن مسلما أو مسيحيا، سنيا أو شيعيا، أو كن ما تريد.. لكن كن مقاوما شرسا، لتعيش بكرامة أو تموت بشرف.. ليس من أجلك فحسب، بل ومن أجل مستقبل أحبائك ومصير وطنك الذي حرره الآباء بالأمس ويراد له اليوم أن يموت لمحو هويتك، وقتل إنسانيتك التي هي أجمل ما وهبك الله حين خلقك وفضلك على العالمين.