بسم الله الرحمن الرحيم
سيناريو الانهيار العراقي لحظة.. بلحظة
كيف انهارت القوات العراقية؟ ولماذا ارتبكت قيادة الجيش؟
بسرعة البرق حدث ما لم يكن متوقعا، انهار الجدار الحديدي حول بغداد، سقطت الأسطورة ليس بفعل الإنهاك ولكن بفعل أسباب لاتزال مجهولة. كان أخطر الأشياء التي واجهت القيادات العسكرية الأمريكية هي طريقة الانسحاب المنظم للقوات العراقية في داخل أحياء بغداد وكان الاعتقاد السائد أن هذا يعني أن هناك أوامر عليا قد صدرت بالانسحاب من أمام الدبابات وقوات المارينز الأمريكية.
وقد أثار هذا الانسحاب المنظم قلق القيادة العسكرية الأمريكية التي ظنت أن هناك كمينا جديدا قد أعدته القيادة العراقية لها، وأن القوات العراقية قد تغير أو تهجم علي القوات الأمريكية في أية لحظة.
وبدأ الأمريكيون يستعدون لذلك، إلا أنه مع مرور الساعات تيقنوا أنهم حققوا انتصارا سهلا في معركة كانت ستكون من أشرس المعارك البرية علي مدار التاريخ العسكري الأمريكي.
نعم، الحدث يمكن إجماله في كلمة واحدة: 'النكسة'، النكسة التي ظن صدام وقياداته السياسية والعسكرية أنهم بعيدون عنها.
كان صدام حسين واثقا ثقة مطلقة في كل من حوله، ولم يأخذ بعين الجد التسريبات العسكرية الأمريكية التي تحدثت عن إجراء اتصالات ولقاءات مع ضباط وقيادات عسكرية عراقية.
وحتي هذا الوقت لم تكن واشنطن لديها الثقة في أن هذه الاتصالات واللقاءات التي جرت مع قادة وضباط عراقيين يمكن أن تؤدي إلي نجاح يذكر في ظل حالة التردد الواضح الذي كان يبديه الضباط العراقيون في التعاون مع القوات الأمريكية.
وقبل حدوث سيناريو الانهيار كانت الأحداث تبدو متسارعة ومتلاحقة، حوت مفاجآت وارتباكات وخلافات وتغييرات سريعة للخطط العسكرية العراقية.
كانت البداية عندما علم الرئيس صدام حسين بأن القوات الأمريكية تتقدم نحو مطار بغداد. لم ينتظر طويلا، أصدر علي الفور أوامره للفرقة الثالثة من الحرس الجمهوري 'فرقة النداء' بالتصدي للقوات الأمريكية وتكبيدها خسائر فادحة قبل أن تصل إلي المطار بنحو 70 كيلومترا.
كانت الخطة العراقية جيدة وقادرة علي أن تكبد القوات الأمريكية خسائر تقدر بالآلاف إلا أن الخطير في الأمر أن هذه الخطة كانت قد وصلت بكل محتوياتها إلي أيدي القيادات العسكرية الأمريكية.
أثارت تفاصيل الخطة العراقية ذعر القيادة العسكرية الأمريكية وكانت المعلومات التي وصلت تحوي مكان توزيع قيادات وعناصر فرقة النداء وكذلك الكمائن التي سينصبونها للقوات الغازية وتفاصيل المواجهات العسكرية الثقيلة التي أعدت في المنطقة التي ستبعد عن المطار بحوالي 40 كيلومترا اضافة إلي نوعيات الأسلحة والذخائر وغير ذلك من المعلومات المهمة. وعلي الفور صدرت التعليمات من القيادة الأمريكية بتصفية هذه الفرقة بعد حصولها علي هذه المعلومات الخطيرة، فقام الطيران الأمريكي مدعوما بالدبابات بشل فاعلية الفرقة العراقية ومحاصرتها وقتل أعداد تقدر بالآلاف منها.
وعلي الرغم من المفاجأة الأمريكية التي أعدت لهذه الفرقة إلا أن المقاتلين العراقيين أبلوا بلاء بث الرعب في نفوس الأمريكيين الذين زادت خسائرهم علي نحو 50 قتيلا مما دفع إلي حدوث حالة من الغضب الشديد لدي القيادة الأمريكية التي ظنت بحصولها علي هذه المعلومات، أنها لن تخسر ولو جنديا واحدا من قواتها.
في الوقت الذي كانت تعلن فيه القيادة العراقية عن قتال ضار بين القوات الأمريكية والعراقية علي بعد 60 كيلومترا من المطار، فإن القيادة الأمريكية دعمت هذه الأقوال ببيانات عسكرية تدعم ما تردده القيادة العراقية، وكانت الحقيقة بالقطع عكس ذلك، إذ راحت القوات الأمريكية تتقدم نحو المطار، ولم تشأ القيادة الأمريكية أن تكذب بيانات القيادة العراقية حتي لا تدفعها إلي ارسال فرقة جديدة من الحرس الجمهوري إلي هذه النقطة الاستراتيجية المهمة.
كانت خطوط الاتصال قد قطعت بين القيادة في بغداد وبين فرقة النداء بسبب القصف الجوي المركز، وقد ظلت القيادة العراقية تنتظر لحين وصول أخبار جديدة إليها ومع مضي الساعات فوجئت فرقة بغداد التي كان هناك جزء كبير منها مسئول عن تأمين المطار بأن القوات الأمريكية أصبحت علي مرمي البصر، وأنه لابد من التحرك السريع لمواجهتها.
في هذا الوقت تحديدا تشير بعض التقارير إلي حدوث خلاف شديد بين قصي نجل الرئيس صدام حسين المسئول عن منطقة بغداد وبين رئيس أركان القوات المسلحة العراقية.
وكان قصي قد طلب عدم مهاجمة القوات الأمريكية وجعلها تتقدم لحصد أكبر عدد ممكن من أرواح هذه القوات ومحاصرتها، إلا أن رئيس الأركان العراقي رفض هذه الخطة لأن الأمريكيين كانوا يتدفقون بأعداد كبيرة، وأنه من المهم مهاجمتهم فورا والتفكير في قطع خطوط الامداد والتموين عن المجموعة المهاجمة حتي لا تكون هناك قوات جديدة أو عتاد عسكري جديد.
ومع اشتداد الخلاف بدأت الأوضاع تتفاقم خاصة مع غياب الرئيس صدام الذي ظل مكانه سريا، وبعيدا عن أعين رئيس الأركان الذي كان يأمل في حسم الخلاف بواسطة الرئيس العراقي.
وأصر قصي علي وجهة نظره وطلب من رئيس الأركان أن ينفذ الأوامر التي يصدرها دون مناقشة، ولم يكن هناك من خيار أمام رئيس الأركان، خاصة أن قصي كان قد رفض بإصرار التراجع عن خطته والتي كان يري أنها الأصح والأكثر فاعلية.
وتشير المعلومات إلي أن اثنين من كبار ضباط الحرس الجمهوري قد طلبا من قصي أن يغير خطته فورا وإلا فإن الأمريكيين سيسيطرون علي المطار وقدما الخطة البديلة لتفادي هذه الورطة العسكرية إلا أن قصي رفض هذه الخطة نهائيا.
وبسرعة شديدة تردت الأوضاع في المطار، حيث أصبح الوضع أشبه بوضع الثغرة المصرية في حرب 1973، خاصة أن القوات الأمريكية قد تدفقت بأعداد كبيرة وراحوا يحاصرون القوات العراقية، التي بالرغم من أنها بدأت في تنفيذ عمليات استشهادية إلا أن ذلك لم يكن مجديا أمام الأعداد الكبيرة من القوات الأمريكية التي بدأت تتدفق علي منطقة المطار.
وعلي الرغم من ذلك فقد كانت المعركة شرسة للغاية وتكبد فيها الأمريكيون خسائر فادحة حيث أبدي الجنود العراقيون شجاعة أحدثت حالة من الرعب لدي الأمريكيين الذين بدءوا ينسحبون ثم يعودون مرة أخري.
كان احتلال المطار يمثل ضربة قاصمة لخطة تأمين بغداد، وبالفعل عندما حاول صدام أن يتدارك مسألة احتلال المطار كان لابد له أن يدفع بأعداد كبيرة من فرق الحرس الجمهوري إلي هذه الناحية، إلا أن القادة العسكريين حذروه من أن المعركة ستكون خاسرة لأن الأمريكيين يتدافعون بأعداد كبيرة وأنه من الأفضل التمسك بداخل بغداد والمراهنة علي حرب الشوارع.
ولم يكن بإمكان ذلك أن يتحقق إلا في ظل ارتفاع معنويات المقاتلين العراقيين واستمرار المقاومة الشديدة لبقية قوات الحرس الجمهوري التي تقاتل في النجف وكربلاء وكركوك والبصرة والموصل.
وبينما الرئيس العراقي منهمك في إعادة ترتيب البيت الداخلي كان الارتباك قد بدأ يتسرب إلي صفوف عدد من القادة وكبار الضباط، خاصة بعد أن نجح الأمريكان في إقناع كافة الضباط والقيادات التي تعاونت معهم فيما بعد بأن الذي حسم معركة المطار هم عدد من زملائهم الذين يعيشون الآن في قطر وسينقلون إلي بريطانيا معززين مكرمين وسيشاركون في إعادة بناء الجيش العراقي فيما بعد. وقد لقيت هذه الدعاية تجاوبا كبيرا من هؤلاء الذين انهكتهم الحرب وأصبحوا أمام مصير واحد هو الموت، وراحت الفكرة تلعب برءوس العديد من القيادات التي كانت مسئولة عن المشاركة في تأمين بغداد.
وتؤكد المعلومات أن بعض عمليات الانزال الاستطلاعية التي قامت بها فرق المارينز ونزولهم إلي قلب بغداد وبعض المناطق الرئاسية وانسحابهم منها، تم بفعل تقديم معلومات عسكرية عن أوضاع خطط التأمين العراقية إلي القوات الأمريكية.
وقد شعر الرئيس صدام بالصدمة، وأدرك أن بعض كبار الضباط قد باعوه، فطلب علي الفور تغيير الضباط والقيادات التي تحوم حولها الشبهات.
وأمام تردي المعنويات اضطر الرئيس صدام إلي الظهور علنا في شوارع بغداد، وكان هذا الظهور بمثابة رسالة نفسية مهمة إلي جنوده وضباطه خاصة هؤلاء الذين يتعاونون مع القوات الأمريكية وكأنه يقول لهم: توقفوا أنا مازلت القائد الذي يحكم ويتحكم في الأمور.
وبالرغم من أن هذه الجولة تركت آثارا ايجابية علي العسكر والجماهير إلا أن بعض القادة العسكريين كانوا مصممين علي الاستمرار في التعاون مع القادة العسكريين الأمريكيين.
سيناريو الانهيار العراقي لحظة.. بلحظة
كيف انهارت القوات العراقية؟ ولماذا ارتبكت قيادة الجيش؟
بسرعة البرق حدث ما لم يكن متوقعا، انهار الجدار الحديدي حول بغداد، سقطت الأسطورة ليس بفعل الإنهاك ولكن بفعل أسباب لاتزال مجهولة. كان أخطر الأشياء التي واجهت القيادات العسكرية الأمريكية هي طريقة الانسحاب المنظم للقوات العراقية في داخل أحياء بغداد وكان الاعتقاد السائد أن هذا يعني أن هناك أوامر عليا قد صدرت بالانسحاب من أمام الدبابات وقوات المارينز الأمريكية.
وقد أثار هذا الانسحاب المنظم قلق القيادة العسكرية الأمريكية التي ظنت أن هناك كمينا جديدا قد أعدته القيادة العراقية لها، وأن القوات العراقية قد تغير أو تهجم علي القوات الأمريكية في أية لحظة.
وبدأ الأمريكيون يستعدون لذلك، إلا أنه مع مرور الساعات تيقنوا أنهم حققوا انتصارا سهلا في معركة كانت ستكون من أشرس المعارك البرية علي مدار التاريخ العسكري الأمريكي.
نعم، الحدث يمكن إجماله في كلمة واحدة: 'النكسة'، النكسة التي ظن صدام وقياداته السياسية والعسكرية أنهم بعيدون عنها.
كان صدام حسين واثقا ثقة مطلقة في كل من حوله، ولم يأخذ بعين الجد التسريبات العسكرية الأمريكية التي تحدثت عن إجراء اتصالات ولقاءات مع ضباط وقيادات عسكرية عراقية.
وحتي هذا الوقت لم تكن واشنطن لديها الثقة في أن هذه الاتصالات واللقاءات التي جرت مع قادة وضباط عراقيين يمكن أن تؤدي إلي نجاح يذكر في ظل حالة التردد الواضح الذي كان يبديه الضباط العراقيون في التعاون مع القوات الأمريكية.
وقبل حدوث سيناريو الانهيار كانت الأحداث تبدو متسارعة ومتلاحقة، حوت مفاجآت وارتباكات وخلافات وتغييرات سريعة للخطط العسكرية العراقية.
كانت البداية عندما علم الرئيس صدام حسين بأن القوات الأمريكية تتقدم نحو مطار بغداد. لم ينتظر طويلا، أصدر علي الفور أوامره للفرقة الثالثة من الحرس الجمهوري 'فرقة النداء' بالتصدي للقوات الأمريكية وتكبيدها خسائر فادحة قبل أن تصل إلي المطار بنحو 70 كيلومترا.
كانت الخطة العراقية جيدة وقادرة علي أن تكبد القوات الأمريكية خسائر تقدر بالآلاف إلا أن الخطير في الأمر أن هذه الخطة كانت قد وصلت بكل محتوياتها إلي أيدي القيادات العسكرية الأمريكية.
أثارت تفاصيل الخطة العراقية ذعر القيادة العسكرية الأمريكية وكانت المعلومات التي وصلت تحوي مكان توزيع قيادات وعناصر فرقة النداء وكذلك الكمائن التي سينصبونها للقوات الغازية وتفاصيل المواجهات العسكرية الثقيلة التي أعدت في المنطقة التي ستبعد عن المطار بحوالي 40 كيلومترا اضافة إلي نوعيات الأسلحة والذخائر وغير ذلك من المعلومات المهمة. وعلي الفور صدرت التعليمات من القيادة الأمريكية بتصفية هذه الفرقة بعد حصولها علي هذه المعلومات الخطيرة، فقام الطيران الأمريكي مدعوما بالدبابات بشل فاعلية الفرقة العراقية ومحاصرتها وقتل أعداد تقدر بالآلاف منها.
وعلي الرغم من المفاجأة الأمريكية التي أعدت لهذه الفرقة إلا أن المقاتلين العراقيين أبلوا بلاء بث الرعب في نفوس الأمريكيين الذين زادت خسائرهم علي نحو 50 قتيلا مما دفع إلي حدوث حالة من الغضب الشديد لدي القيادة الأمريكية التي ظنت بحصولها علي هذه المعلومات، أنها لن تخسر ولو جنديا واحدا من قواتها.
في الوقت الذي كانت تعلن فيه القيادة العراقية عن قتال ضار بين القوات الأمريكية والعراقية علي بعد 60 كيلومترا من المطار، فإن القيادة الأمريكية دعمت هذه الأقوال ببيانات عسكرية تدعم ما تردده القيادة العراقية، وكانت الحقيقة بالقطع عكس ذلك، إذ راحت القوات الأمريكية تتقدم نحو المطار، ولم تشأ القيادة الأمريكية أن تكذب بيانات القيادة العراقية حتي لا تدفعها إلي ارسال فرقة جديدة من الحرس الجمهوري إلي هذه النقطة الاستراتيجية المهمة.
كانت خطوط الاتصال قد قطعت بين القيادة في بغداد وبين فرقة النداء بسبب القصف الجوي المركز، وقد ظلت القيادة العراقية تنتظر لحين وصول أخبار جديدة إليها ومع مضي الساعات فوجئت فرقة بغداد التي كان هناك جزء كبير منها مسئول عن تأمين المطار بأن القوات الأمريكية أصبحت علي مرمي البصر، وأنه لابد من التحرك السريع لمواجهتها.
في هذا الوقت تحديدا تشير بعض التقارير إلي حدوث خلاف شديد بين قصي نجل الرئيس صدام حسين المسئول عن منطقة بغداد وبين رئيس أركان القوات المسلحة العراقية.
وكان قصي قد طلب عدم مهاجمة القوات الأمريكية وجعلها تتقدم لحصد أكبر عدد ممكن من أرواح هذه القوات ومحاصرتها، إلا أن رئيس الأركان العراقي رفض هذه الخطة لأن الأمريكيين كانوا يتدفقون بأعداد كبيرة، وأنه من المهم مهاجمتهم فورا والتفكير في قطع خطوط الامداد والتموين عن المجموعة المهاجمة حتي لا تكون هناك قوات جديدة أو عتاد عسكري جديد.
ومع اشتداد الخلاف بدأت الأوضاع تتفاقم خاصة مع غياب الرئيس صدام الذي ظل مكانه سريا، وبعيدا عن أعين رئيس الأركان الذي كان يأمل في حسم الخلاف بواسطة الرئيس العراقي.
وأصر قصي علي وجهة نظره وطلب من رئيس الأركان أن ينفذ الأوامر التي يصدرها دون مناقشة، ولم يكن هناك من خيار أمام رئيس الأركان، خاصة أن قصي كان قد رفض بإصرار التراجع عن خطته والتي كان يري أنها الأصح والأكثر فاعلية.
وتشير المعلومات إلي أن اثنين من كبار ضباط الحرس الجمهوري قد طلبا من قصي أن يغير خطته فورا وإلا فإن الأمريكيين سيسيطرون علي المطار وقدما الخطة البديلة لتفادي هذه الورطة العسكرية إلا أن قصي رفض هذه الخطة نهائيا.
وبسرعة شديدة تردت الأوضاع في المطار، حيث أصبح الوضع أشبه بوضع الثغرة المصرية في حرب 1973، خاصة أن القوات الأمريكية قد تدفقت بأعداد كبيرة وراحوا يحاصرون القوات العراقية، التي بالرغم من أنها بدأت في تنفيذ عمليات استشهادية إلا أن ذلك لم يكن مجديا أمام الأعداد الكبيرة من القوات الأمريكية التي بدأت تتدفق علي منطقة المطار.
وعلي الرغم من ذلك فقد كانت المعركة شرسة للغاية وتكبد فيها الأمريكيون خسائر فادحة حيث أبدي الجنود العراقيون شجاعة أحدثت حالة من الرعب لدي الأمريكيين الذين بدءوا ينسحبون ثم يعودون مرة أخري.
كان احتلال المطار يمثل ضربة قاصمة لخطة تأمين بغداد، وبالفعل عندما حاول صدام أن يتدارك مسألة احتلال المطار كان لابد له أن يدفع بأعداد كبيرة من فرق الحرس الجمهوري إلي هذه الناحية، إلا أن القادة العسكريين حذروه من أن المعركة ستكون خاسرة لأن الأمريكيين يتدافعون بأعداد كبيرة وأنه من الأفضل التمسك بداخل بغداد والمراهنة علي حرب الشوارع.
ولم يكن بإمكان ذلك أن يتحقق إلا في ظل ارتفاع معنويات المقاتلين العراقيين واستمرار المقاومة الشديدة لبقية قوات الحرس الجمهوري التي تقاتل في النجف وكربلاء وكركوك والبصرة والموصل.
وبينما الرئيس العراقي منهمك في إعادة ترتيب البيت الداخلي كان الارتباك قد بدأ يتسرب إلي صفوف عدد من القادة وكبار الضباط، خاصة بعد أن نجح الأمريكان في إقناع كافة الضباط والقيادات التي تعاونت معهم فيما بعد بأن الذي حسم معركة المطار هم عدد من زملائهم الذين يعيشون الآن في قطر وسينقلون إلي بريطانيا معززين مكرمين وسيشاركون في إعادة بناء الجيش العراقي فيما بعد. وقد لقيت هذه الدعاية تجاوبا كبيرا من هؤلاء الذين انهكتهم الحرب وأصبحوا أمام مصير واحد هو الموت، وراحت الفكرة تلعب برءوس العديد من القيادات التي كانت مسئولة عن المشاركة في تأمين بغداد.
وتؤكد المعلومات أن بعض عمليات الانزال الاستطلاعية التي قامت بها فرق المارينز ونزولهم إلي قلب بغداد وبعض المناطق الرئاسية وانسحابهم منها، تم بفعل تقديم معلومات عسكرية عن أوضاع خطط التأمين العراقية إلي القوات الأمريكية.
وقد شعر الرئيس صدام بالصدمة، وأدرك أن بعض كبار الضباط قد باعوه، فطلب علي الفور تغيير الضباط والقيادات التي تحوم حولها الشبهات.
وأمام تردي المعنويات اضطر الرئيس صدام إلي الظهور علنا في شوارع بغداد، وكان هذا الظهور بمثابة رسالة نفسية مهمة إلي جنوده وضباطه خاصة هؤلاء الذين يتعاونون مع القوات الأمريكية وكأنه يقول لهم: توقفوا أنا مازلت القائد الذي يحكم ويتحكم في الأمور.
وبالرغم من أن هذه الجولة تركت آثارا ايجابية علي العسكر والجماهير إلا أن بعض القادة العسكريين كانوا مصممين علي الاستمرار في التعاون مع القادة العسكريين الأمريكيين.
تعليق