[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']اباء وابناء[/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']تمنِّياتُ إبن :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن لا يتدخّل أبي في كلِّ صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة في حياتي .. أريدهُ أن يمنحني شيئاً من الحرية والاستقلال .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يحـاورني في بعـض الاُمـور المهمّـة ، لا أن يُطالبـني بتنفيـذها بالعُنـف والإكراه .. أن لا يرغمـني على فعل شيء بشـكل سلطوي .. بل بطريقة أبوية رحيمة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يتذكّر شبابه ، وهو يحاسبني أو يعاقبني أو يراقبني أو يُضيِّق الخناق عليّ .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يحـترمني أمام أصدقائي وزملائي ، كما أحترمه أمام أهلي وأصدقائه وأقربائنا .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يعرف أنّ لي ظروفي ومزاجي وقـدراتي ، كما أ نّـه له ظروفه ومزاجه وقدراته ، فيعذرني في بعض أخطائي غير المتعمّدة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يُدرك أنّني مخلوق لزمان غير زمانه ، وأن لا يجعلني نسخة منه في كلِّ شيء .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يعدل بيني وبين إخواني الآخرين .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يرعاني ولكن بغير تدخّل سافر في شؤوني الخاصّة ، ويكون حازماً معي بغير قسوة .. أن يكون مُستشاري بغير إملاءات وضغوط .. وأن لا ينظر إلى إنجازاتي بعين صغيرة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']تمنياتُ أب :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يكون ولدي أفضل منِّي وليس امتدادي فقط .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يحقِّق ولدي ما لم اُوفّق لتحقيقه في حياتي ، وأن تكون طموحاته أوسع من طموحاتي .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يستفيد من تجاربي ، ولا يقع في بعض الأخطاء التي وقعتُ فيها ، وأن يقبل نصيحتي .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يعتـبرني صديقه المخلـص ، فيبـوح لي ببعض أسراره وهمومه ومشكلاته .. أتمنّى أن أكون صريحاً معه ، وأن يكون صريحاً معي .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يدرك أنّ غضبي عليه ـ إذا أخطأ أو قصّر ـ هو حبّ وليس انتقاماً أو تنفيساً عن عقدة تسلّط .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يعرف أنّ أولادي متساوون عندي ، وأنا أحبّهم جميعاً ، ولكنّني قد أكره بعض الصفات لدى بعضهم ، وأحبّ بعض الصفات لدى البعض الآخر .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن أكسب ثقـة أبنائي وبناتي ، ليفتحـوا لي قلوبهم على مصراعيها ، ويشكوا آلامهم .. ويبوحوا بدخائلهم .. ويتّبعوا إرشاداتي لأ نّها ناظرةٌ إلى مصلحتهم .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']هذي الأماني مشروعة من الطرفين ، وهي تعبِّر عن رغبة صادقة في التفاهم والتصالح والتصافي ، وعقد علاقـة أوثق بين أبناء يحـبّون آباءهم ويحترمونهم ، وبين آباء يحبّون أبناءهم ويريدون لهم الخير كما يعبِّرون عن ذلك دائماً .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ولا بدّ لكلِّ طرف أن يدرس أمنيات ورغبات الطرف الثاني ، بغية الوصول إلى علاقة أسريّة أطيب ممّا هو قائم فعلاً .. مع أنّ هذه الاُمنيات لا تمثِّل جميع ما يتمنّاه الأبناء ، ولا كلّ ما يرغب الآباء به ، إلاّ أ نّها تمثِّل عيِّنات لاُمنيات لو أخذها الأبناء والآباء بعين الاعتبار، لانتهت علاقتهما إلى الشكل الأفضل الذي يسعد ويرضي كلاًّ منهما .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ولكن السؤال : لماذا تبقى مثل هذه الملاحظات التقييمية لكلِّ طرف مجرّد أمنيات ؟! لماذا لا يُبادر الآباء لردم الهوّة ؟ لماذا لا يُساعد الأبناء آباءهم على بناء الجسر؟ أو .. لماذا لايفتح الطرفان باب الحوار المباشر ليكشفا من خلاله عن كلّ ما يتمنّى الطرف الآخر ؟ وعن الأسباب التي تحول دون تلبية تلك الاُمنيات التي لو تعامل معها كلّ طرف باهتمام وجدِّية لأنقذ الموقف الذي كثيراً ما ينهار ويتصدّع تحت تأثير الجهل أو التجاهل لتلك الاُمنيات التي هي ليست معجزات ولا بالاُمور المستحيلة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ما يحتاجه إذاً كلّ طرف ، أن يتفهّم حقيقة وطبيعة مشاعر الطرف الآخر ، ورغباته والاُمور التي تزعجه ، وهذا ما سنُعالجه في الأوراق التالية .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']من أخطاء الآباء :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']قد يلقي البعض منّا مسؤولية ذلك على الآباء وحدهم دون الأبناء ، على اعتبار أ نّهم الأكثر تجربة والأغنى خبرة في الحياة، ولأ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']نّهم يُفترَض فيهم أن يكونوا المسامحين ، وذوي القلوب الكبيرة ، والأرجح عقلاً .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وبالرغم من تقديرنا لذلك ، فإنّنا لا نعفي الأبناء عن إثارة حفائظ آبائهم ، خاصّة إذا عرفوا أنّ هناك أموراً غير لائقة لا يصحّ أن يؤتوا بها ، فيأتوا بها ، أو يتعمّدون أحياناً فعلها .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ولأنّ مسؤولية الآباء أكبر ، سنقف عند بعض الأخطاء التربوية التي لو شُخِّصت بشكل جيِّد ، وتمّ التعامل معها بحكمة ، لقلّصت دائرة الاصطدام بين الآباء وبين أبنائهم ، ولنبدأ باستخدام العُنف ..[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']فهناك بعض الآباء الذين يعنِّفون أبناءهم أسوة بآبائهم الذين كانوا يعاملونهم بنفس المعاملة، وكأنّهم ورثوا منهم العُنف والقسوة والتسلّط . ولانريد أن ندخل في تحليل ذلك ودراسة مدى تأثير الأساليب التربوية المستخدمة في البيت على مستقبل التعامل الاُسري لدى الأبناء . لكنّنا نقول للآباء الذين يتعامـلون بهذه الطريقة الجارحة : تذكّروا مدى انزعاجكم ونفوركم من التعامل الخشن الذي كان يعاملكم به آباؤكم ، فكيف يرتضي أب عاشَ التعامـل القاسي ، أن يعامـل ابنـه بنفـس المعاملة ؟ وهل من التربية في شيء أن يصرخ الأب دائماً ، ويضرب أولاده لأدنى خطأ ولأتفه سبب ؟ ويُحدِث جوّاً من الرّعب والتوتّر في البيت وكأ نّه جلاّد صغير ؟![/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']لقد دخل أحد الولاة على أحد الخلفاء ، فرآه يُلاعب صبيّاً له ، وكان الصـبيّ يمتطي ظهر الخليفـة ، فتعجّب الوالي من ذلك ، وأثار استغرابه واستهجانه ، ولم يكتمها في نفسه ، فقال للخليفة : كيفَ تفعل ذلك يا مولاي ؟![/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']فسأله الخليفة ، وقد عرفَ من سؤاله أ نّه لا يتعامل مع صبيانه بهذه الطريقة : وكيفَ تُعامل أولادك يا ترى ؟! فقال الوالي معتدّاً بأسلوبه الصارم : إذا دخلتُ البيت ، جلسَ القائم وسكت الناطق ، فقال له الخليفة : إنّك لا تصلح والياً للرعيّة ، لأ نّك بذلك تخنق أنفاسها .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ولو جرّب أحد الآباء أن يُسجِّل لقطات من حالات انفعاله الشديد وغضبه المُزبد المُرعد في شريط فيديو ، وعرضه في لحظة صفاء ، لخجل من نفسه ، ولأنكر ذاك الذي يراهُ أمامه ، وقد فقد السيطرة على انفعالاته . فلم نعمل ما نستحي منه ، أو يدعونا إلى الاعتذار مع ما في الاعتذار من حالة إذلال للنفس ؟![/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وأمّا اعتـبار ذلك ضبطاً عائلياً أو حسماً وحزماً حتى لا يفلت الزمام ، فإنّ العُـنف قد يُنتج أسرة خاضعة مطيعة منصاعة مذعنة ، لكنّها الطاعة بالإكراه ، والانصياع الجبري الذي ما أن يُرفع القيد عنه حتى يتفجّر غضباً واستياءً وكراهية . أمّا إذا استمرّ فإنّه سيخلِّف عقداً نفسية ربّما يصعب علاجها .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وهل ضاقت بنا السّـبل ـ كآباء ـ فلم نجد أمامـنا من أسلوب للضّبط غير العصا والصّفعة والشتيمة وربّما البصقة بوجه الابن أو البنت ؟![/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']يقول الحكماء: «آخر الدواء الكي» . فَلِمَ يكون أوّل دوائنا الكيّ؟! لماذا لا نُجرِّب الخطوات التي تسبقه ، فلعلّها تأتي بالنتائج المرجوّة ؟ لماذا الإقدام على العُنف أوّلاً ؟ هل استنفدنا أساليب الزّجر كلّها ؟ فرُبّ نظرة ذات مغزى منعت من ارتكاب أخطاء لاحقة . ورُبّ كلمة وعظ مؤنِّبة كفّت عن تجاوزات مستقبلية .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']لماذا ندفـع أبنـاءنا وبناتـنا إلى أن يكـونوا عصـبيين وانفعاليين ومشدودي الأعصاب دائماً بتعاملنا معهم بطريقة جارحة لأحاسيسهم؟ لماذا نجني عليهم بأن [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']يكونوا حادِّي المزاج مع الآخرين بالتقاط ذلك منّا ودون إرادة منهم ؟ وما يُدرينا فربّما انعكس ذلك على تعاملهم مع أبنائهم في المستقبل . فهل قدّرنا النتائج الوخيمة لذلك كلّه ؟[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] غيرَ أنّ التسلّط الأبوي قد يأخذ شكلاً آخر ، في فرض كلمة الأب لتكون الاُولى والأخيرة بلا أخذ ولا ردّ ولا مناقشة ولا اعتبار لآراء الأسرة . وربّما برز ذلك من خلال فرض مزاج الأب وشهوته على أسرته ، فهو يريد الطّعام الذي يشتهيه حتى ولو لم يحبّه أولاده . وقد ورد في الحديث : «ملعون من أكّل عياله بشهوته ، ولم يأكل بشهوة عياله» . [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']فالأوّل أناني والثاني مُتـفان ، ومَن يأكل بشـهيّة أهلـه وما يُفضِّلون من أطعمة ، فإنّه يزرع في نفوسهم حبّاً واحتراماً له ، وإذا لم يُقدّر في الوقت الحاضر ، فإنّه سيترك تأثيره عليهم في المستقبل في أن لا يكونوا هم أنفسهم أنانيين .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وهناك من الآباء مَن يزعق ويوبِّخ ويسبّ ويضرب إذا أقلق الأولاد راحته في نومه أو جلوسه أو مطالعته ، فيما هو لا يأبه لراحة عيـاله ولا يقـيم لها وزناً ، فكأنّهم عبيد مأمـورون لا حـقّ لهم في الاستمتاع بحرِّيتهم في بيتهم .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ومن الأخطاء الفادحة التي يرتكبها الآباء وتؤثِّر سلبياً على الأبناء ، الازدواجية بين شعاراتهم وبين سلوكهم ، فالإبن أو البنت ينظران لوالديهما على أنّهما قدوتهما في الحـياة ، فإذا ما رأوا أ نّهما يمارسان الاُمور المنهيّ عنها من قِبَلهـما ، فإنّ ردّة فعل ذلك ستكون عنيفة ، ومن نتائجها عدم إطاعة الوالدين أو الامتثال لأوامرهما مستقبلاً . وإلاّ كيف يمكن لأب مدخِّن يوصي ابنه بعدم التدخين ؟ وحتى لو كان يدخِّن سرّاً ، أما يمكن أن يضبطه ابنه ـ ذات يوم ـ متلبِّساً بالتدخين ، فيسقط في نظره ؟![/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ومن أخطاء الآباء ، تضخيم أخطاء الأبناء ، واعتبار الصغيرة كبيرة ، وكأنّ الخطأ الذي يرتكبه الابن أو البنت لا يُغتفر ، أو لا يمكن إصلاحه ، حتى أنّ البعض من الآباء أو الأمّهات ، ونتيجة لصبرهم المحدود والنافد سريعاً ، يشتكون من بعض تصرّفات أبنائهم بالقول : لقد تغيّروا .. لم يعودوا يطيعوننا .. هم الآن غيرهم بالأمس .. لا جدوى من صلاحهم، في حين أنّ بالإمكان معالجة الكثير من تلك التي تُسمّى مشكلات بكثير من المحبّة والتفاهم والحكمة والصّبر . يقول الامام عليّ ابن أبي طالـب (عليه السلام) : «إذا عاتبتَ الحَـدِث ـ وهو الشاب الصغير ـ فاترك موضعاً من ذنبه لئلاّ يحمله الإحراج على المكابرة» .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ومن أخطائهم أيضاً ، أ نّهم يتعاملون مع أبنائهم وبناتهم كأطفال صغار لم يشبّوا عن الطوق، ولم يبلغوا الحلم ، وما زالوا دون سنّ الرُّشد، ممّا يُبرِّر لهم فرض وصايتهم عليهم حتى وهم كبار ، الأمر الذي يخلق حالة من النفور والنرفزة عند الشبّان والشابّات الذين يتطلّعون إلى تعامل فيه الكثير من الرحمة والتقدير والاحترام لشخصياتهم التي غادرت دنيا الصغار إلى دنيا الكبار .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']فما زال الكثير من الآباء والاُمّهات حتى بعد بلوغ أبنائهم وبناتهم سنّ الشباب ، يوصونهم عندما يخرجون إلى معاهدهم أو أماكن عملهم ، أن ينتبهوا لئلاّ تدهسهم السيارة ، وإلى غير ذلك من الوصايا التي كانت صالحة في الطفولة ولم تعد مُناسِبَة بعدما اعتاد الشاب أو الشابّة على مراقبة الطريق ومعرفة الكثير ممّا شاكلها .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ومن الأخطاء أيضاً أن نفرض على أبنائنا صيغة معيّنة من العمل أو المهنة نحبّها ولا يحبّونها ، ذلك أنّ الشاب أو الشابّة شخصية مستقلّة لها رأيها وذوقها ورغبتها في عمل معيّن وكراهيّتها لعمل آخر ، فأن تفرض على ابنك نمطاً حياتياً أو عملياً معيّناً ، كأن يكون تاجراً مثلك أو طبيباً أو محامياً أو مهندساً أو أديباً ، يعني أ نّك تريدهُ نسخة طبق الأصل منك . والحال أ نّه يريد أن يكون نسخة أصلية من نفسـه ، أي أن يعيش أصالة شخصيّته ، وللوالدين الحقّ في أن يناقشاه في اختياره، وليس لهما أن يجبراه على خيار معيّن .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وهذا الخطأ الناتج عن التدخّل السافر في كلِّ ما يمتّ للأبناء والبنات بصلة ، يجرّ في العـادة إلى أخطاء مُماثلـة ، تدخل كلّها تحت عنوان التدخّل في الشـؤون الخاصّة للشاب أو الشابّة ، وسنفرِّق لاحقاً بين التدخّل وبين التشاور ، وبينه وبين الرعاية .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] فالشبّان والشابّات عموماً يتضايقون كثيراً من التدخّلات المباشرة التي يقحم الأب والاُم فيها نفسيهما إقحاماً مُخلاًّ ومُسيئاً للعلاقة مع أبنائهما . فالتجسّس على الأبناء والبنات يُعقِّد العلاقة ويهدم جسور الثقة والتواصل ، ويدفع إلى مزيد من التكتّم والانغلاق حتى في الاُمور التي لا تستدعي ذلك . فكما أ نّنا ـ كآباء ـ لا نرغب في أن يتجسّس علينا أحد ، فكذلك الأبناء ، والنهي في الآية الكريمة (ولا تجسّسوا ) ([/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][1][/FONT][FONT='Times New Roman','serif']) ، كما هو واضح عامٌّ وشامل ، وسنميِّز لاحقاً بين ( التجسّس ) وبين ( المراقبة ) .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وقد يصل التدخّل أحياناً في الزواج وإجبار البنت أو الابن على قبول شريك حياة لا يهويانه ، وهذا ممّا يزيد في الطِّين بلّة ، وقد يقدمان على أعمال مُنافية للعُرف ، وقد يرضـخان ، فيعيشان النكد والخصومات المستمرّة ، وقد يبلغ الأمر درجة الطّلاق وإلى ما لا تُحمد عُقباه .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']عن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله جعفر الصادق (عليه السلام) ، قال : قلتُ له : إنِّي أريد أن أتزوّج إمرأة ، وإنّ أبوَيّ أرادا غيرها ، قال : «تزوّج التي هويت ودَع التي يهوى أبواك» . ذلك أنّ الذي يريد أن يتزوّج هو الابن أو البنت ، وليس الأب أو الاُم ، اللّذين لا يملكان في ذلك سوى حق المشورة والنصيحة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ومن الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها الوالدان ، التمييز العاطفي والمادِّي بين الأبناء أنفسهم ، أو بين الأبناء وبين البنات ، الأمر الذي يخلق فجوة نفسية بين الذين يقع عليهم [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']التمييز وبين المميّزين ، وبين الذين يشعرون بحيف التمـييز وبين الوالدين . فقد يخصّ الأبوان أحد الأبناء بالعطف والمحبّة والهدايا والإشادة بصفاته ونشاطاته ، ويهملون الآخرين أو لا يوزِّعون ذلك بالتساوي بينهم .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ولقد نظر النـبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى رجل له إبنان ، فرآه يُقبِّل أحدهما ويترك الآخر ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «فهلاّ ساويتَ بينهما» ؟![/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] فإذا كانت القُبـلة لأحد الأبنـاء تُشـعِر الآخر بالتمـييز ، فما بالكَ بالامتيـازات التي تُمنح لأحـدهما ويُحرَم الثاني منها ؟ والمسألة في خصوص الفتيات أعقد ، لأ نّهنّ أرقّ مشاعر وأرهف إحساساً . يقول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ساووا بين أولادكم في العطيّة ، فلو كنت مُفضِّلاً أحداً لفضّلت النِّساء» .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] وهذا ليس من باب التمييز ، بل من باب التقديم المعنوي وإشعار الجنس الناعم بلطف الاسلام وتقديره للمرأة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وتجدرنا الاشـارة إلى أنّ هذه الأخطاء ـ وغيرها كثير لا يسمح المجال لذكره ـ قد تؤدِّي إلى الانكماش والعزلة والانطواء كنتيجة سلبيّة ، إذا لم تكن تؤدِّي إلى النزاع والاصطدام والشِّجار .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']فوارق جوهـرية :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']من الضروري أن نتّفق على تحديد واقع لمعاني ودلالات بعض المفاهيم المتداولة في الاُسرة حتى لا يُساء فهمها أو التعامل بها بشكل عكسي ، وحتى لا تختلط المصطلحات فيتصوّر المربِّي ـ أباً كان أو أمّاً ـ أ نّهما لم يخطئا بحقِّ ابنهما أو ابنتهما ، والحال أ نّهما قد يُخطئان وربّما من غير قصد للخطأ .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']1 ـ ( الطاعة ) و ( الإحسان ) :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']يتحدّث الكثير من الآباء والاُمّهات عن طاعة الأولاد لهم ووجوب الامتثـال لجميع أوامرهم ، فتلك هي مسـؤوليّتهم . وإذا لم يستجيبوا للأوامر والطّلبات حتى ولو كانت غريبة ، أو مُنافية للشّرع ، فإنّهم عُصاة متمرِّدون ، والحال أنّ الله سبحانه وتعالى أراد للإنسان إبناً أو بنتاً أن يكونا محسنين بالوالدين ، ولم يطلب منهما أن يطيعاهما إلاّ فيما هو طاعةٌ له . وهذه هي الأدلّة :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']يقول[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] تعالى: (وقضى [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ربّكَ ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاهُ وبالوالِدَينِ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] إحساناً )([/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][2][/FONT][FONT='Times New Roman','serif']).[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']فالعـبادة والطاعـة لله والإحسان للوالديـن . وكلمة ( الإحسان ) تنطوي على جانب أخلاقي تربوي أكثر من انطوائها على الإلزام ، بل ليس فيها شيء من الالزام ، على اعتبار [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']أنّ المحسن هو متطوِّع وليس مكلّفاً . ولذلك فإنّ الوالدين إذا أرادا إكراه أو إجبار أحد من أبنائهم أو بناتهم على فعل أمر مرفـوض شرعاً ، فإنّ من حقِّ هؤلاء أن لا يستجيبوا له ، بناءً على قوله تعالى : (وإن جاهداكَ على أن تُشرِك بي ما ليسَ لك بهِ عِلْم فلا تُطِعْهُما وصاحِبْهُما في الدُّنيا مَعْروفاً )([/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][3][/FONT][FONT='Times New Roman','serif']) . فهو إحسان في قِبال إحسان ، فلقد أحسنَ الوالدان في طفولة وصبا ، وعلى الأبناء أن يُحسنوا في هرم وشيخوخة ، وجزاء الاحسان ـ كما هو معروف ـ الاحسان ، وعلى الأبناء والبنات أن يُقابلا إحسان الأبوين بمثله أو أكبر منه ، وإن كان إحسان الوالدين ، مهما بلغ إحسان الأولاد[/FONT][FONT='Times New Roman','serif']
[/FONT][FONT='Times New Roman','serif']لا يُقاس ولا يُقارَن . وهذا هو قوله تعالى : (إمّا يبلغنّ عندكَ الكِبَر أحـدهُما أو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُما وقُل لَهُما قَوْلاً كَريماً ، واخْفض لَهُما جَـناحَ الذُّلِّ مِنَ الرّحْمَةِ ، وقُلْ رَبِّ ارْحَـمْهُما كَما رَبّياني صَغيراً )([/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][4][/FONT][FONT='Times New Roman','serif']) .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] إنّ بعض الآباء وكثيراً من الاُمّهات يتعاملون مع أبنائهم وبناتهم على ضوء وجوب ردّ الجميل في الالتزام بالطاعة لهما ، ولعلّك تسمع منهم لهجة متشابهة ، فحواها : لقد أفنينا زهرة شبابنا من أجلهم ، فهل هذا هو جـزاؤنا ؟! والحقيقة هي أ نّنا كما قال ذلك الحكيم : «زرعوا فحصدنا ، ونزرع فيحصدون» . فتلك هي سنّة الحياة في الذين خلوا وفينا وفي الذين سيأتون من بعدنا . فالحديث إذاً يدور دائماً عن عملية إحسان في رعاية وأخلاق مُهذّبة وكلمات رقيقة دافئة ، وتعامل بالتي هي أحسن . وإلاّ فالحديث الشريف صريح في الامتناع عن التنفيذ إن كان الأمر بالمعصية «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالِق» .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']أمّا الأمر بالطاعة لله ورسوله ولأوامر الدِّين الحنيف ، واجتناب المعاصي ، فهو ليس أمراً والدياً ، وإنّما هو أمر بما أمر الله ، والطاعة هنا مُفترَضة على الوالدين وعلى الأولاد على حدٍّ سواء .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] وفي المحصِّـلة ، فإنّ المطلـوب من البنين والبنات ( الاحسان ) للوالدين وليس ( الطاعة ) التي هي في قبال طاعة الله ، فالوالدان ليسا مشرِّعين ، ولا يحقّ لهما فرض طاعة من الطاعات التي لم يقل بها الاسلام . أمّا ما جاء في بعض الأحاديث من طاعة الوالدين ، فالمُراد به إطاعتهما فيما أراده الله لا فيما يُخالف شريعته . وقد تكون الطاعة هنا بمعنى الاحسان والامتثال فيما يُسمّى بالأوامر الاشفاقية (([/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][5][/FONT][FONT='Times New Roman','serif']))[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] .[/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']يتبع[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']اباء وابناء[/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']تمنِّياتُ إبن :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن لا يتدخّل أبي في كلِّ صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة في حياتي .. أريدهُ أن يمنحني شيئاً من الحرية والاستقلال .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يحـاورني في بعـض الاُمـور المهمّـة ، لا أن يُطالبـني بتنفيـذها بالعُنـف والإكراه .. أن لا يرغمـني على فعل شيء بشـكل سلطوي .. بل بطريقة أبوية رحيمة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يتذكّر شبابه ، وهو يحاسبني أو يعاقبني أو يراقبني أو يُضيِّق الخناق عليّ .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يحـترمني أمام أصدقائي وزملائي ، كما أحترمه أمام أهلي وأصدقائه وأقربائنا .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يعرف أنّ لي ظروفي ومزاجي وقـدراتي ، كما أ نّـه له ظروفه ومزاجه وقدراته ، فيعذرني في بعض أخطائي غير المتعمّدة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يُدرك أنّني مخلوق لزمان غير زمانه ، وأن لا يجعلني نسخة منه في كلِّ شيء .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يعدل بيني وبين إخواني الآخرين .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يرعاني ولكن بغير تدخّل سافر في شؤوني الخاصّة ، ويكون حازماً معي بغير قسوة .. أن يكون مُستشاري بغير إملاءات وضغوط .. وأن لا ينظر إلى إنجازاتي بعين صغيرة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']تمنياتُ أب :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يكون ولدي أفضل منِّي وليس امتدادي فقط .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يحقِّق ولدي ما لم اُوفّق لتحقيقه في حياتي ، وأن تكون طموحاته أوسع من طموحاتي .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يستفيد من تجاربي ، ولا يقع في بعض الأخطاء التي وقعتُ فيها ، وأن يقبل نصيحتي .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يعتـبرني صديقه المخلـص ، فيبـوح لي ببعض أسراره وهمومه ومشكلاته .. أتمنّى أن أكون صريحاً معه ، وأن يكون صريحاً معي .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن يدرك أنّ غضبي عليه ـ إذا أخطأ أو قصّر ـ هو حبّ وليس انتقاماً أو تنفيساً عن عقدة تسلّط .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'](2)[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ـ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] أتمنّى أن أكسب ثقـة أبنائي وبناتي ، ليفتحـوا لي قلوبهم على مصراعيها ، ويشكوا آلامهم .. ويبوحوا بدخائلهم .. ويتّبعوا إرشاداتي لأ نّها ناظرةٌ إلى مصلحتهم .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']هذي الأماني مشروعة من الطرفين ، وهي تعبِّر عن رغبة صادقة في التفاهم والتصالح والتصافي ، وعقد علاقـة أوثق بين أبناء يحـبّون آباءهم ويحترمونهم ، وبين آباء يحبّون أبناءهم ويريدون لهم الخير كما يعبِّرون عن ذلك دائماً .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ولا بدّ لكلِّ طرف أن يدرس أمنيات ورغبات الطرف الثاني ، بغية الوصول إلى علاقة أسريّة أطيب ممّا هو قائم فعلاً .. مع أنّ هذه الاُمنيات لا تمثِّل جميع ما يتمنّاه الأبناء ، ولا كلّ ما يرغب الآباء به ، إلاّ أ نّها تمثِّل عيِّنات لاُمنيات لو أخذها الأبناء والآباء بعين الاعتبار، لانتهت علاقتهما إلى الشكل الأفضل الذي يسعد ويرضي كلاًّ منهما .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ولكن السؤال : لماذا تبقى مثل هذه الملاحظات التقييمية لكلِّ طرف مجرّد أمنيات ؟! لماذا لا يُبادر الآباء لردم الهوّة ؟ لماذا لا يُساعد الأبناء آباءهم على بناء الجسر؟ أو .. لماذا لايفتح الطرفان باب الحوار المباشر ليكشفا من خلاله عن كلّ ما يتمنّى الطرف الآخر ؟ وعن الأسباب التي تحول دون تلبية تلك الاُمنيات التي لو تعامل معها كلّ طرف باهتمام وجدِّية لأنقذ الموقف الذي كثيراً ما ينهار ويتصدّع تحت تأثير الجهل أو التجاهل لتلك الاُمنيات التي هي ليست معجزات ولا بالاُمور المستحيلة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ما يحتاجه إذاً كلّ طرف ، أن يتفهّم حقيقة وطبيعة مشاعر الطرف الآخر ، ورغباته والاُمور التي تزعجه ، وهذا ما سنُعالجه في الأوراق التالية .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']من أخطاء الآباء :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']قد يلقي البعض منّا مسؤولية ذلك على الآباء وحدهم دون الأبناء ، على اعتبار أ نّهم الأكثر تجربة والأغنى خبرة في الحياة، ولأ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']نّهم يُفترَض فيهم أن يكونوا المسامحين ، وذوي القلوب الكبيرة ، والأرجح عقلاً .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وبالرغم من تقديرنا لذلك ، فإنّنا لا نعفي الأبناء عن إثارة حفائظ آبائهم ، خاصّة إذا عرفوا أنّ هناك أموراً غير لائقة لا يصحّ أن يؤتوا بها ، فيأتوا بها ، أو يتعمّدون أحياناً فعلها .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ولأنّ مسؤولية الآباء أكبر ، سنقف عند بعض الأخطاء التربوية التي لو شُخِّصت بشكل جيِّد ، وتمّ التعامل معها بحكمة ، لقلّصت دائرة الاصطدام بين الآباء وبين أبنائهم ، ولنبدأ باستخدام العُنف ..[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'](3)[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']لقد دخل أحد الولاة على أحد الخلفاء ، فرآه يُلاعب صبيّاً له ، وكان الصـبيّ يمتطي ظهر الخليفـة ، فتعجّب الوالي من ذلك ، وأثار استغرابه واستهجانه ، ولم يكتمها في نفسه ، فقال للخليفة : كيفَ تفعل ذلك يا مولاي ؟![/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']فسأله الخليفة ، وقد عرفَ من سؤاله أ نّه لا يتعامل مع صبيانه بهذه الطريقة : وكيفَ تُعامل أولادك يا ترى ؟! فقال الوالي معتدّاً بأسلوبه الصارم : إذا دخلتُ البيت ، جلسَ القائم وسكت الناطق ، فقال له الخليفة : إنّك لا تصلح والياً للرعيّة ، لأ نّك بذلك تخنق أنفاسها .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ولو جرّب أحد الآباء أن يُسجِّل لقطات من حالات انفعاله الشديد وغضبه المُزبد المُرعد في شريط فيديو ، وعرضه في لحظة صفاء ، لخجل من نفسه ، ولأنكر ذاك الذي يراهُ أمامه ، وقد فقد السيطرة على انفعالاته . فلم نعمل ما نستحي منه ، أو يدعونا إلى الاعتذار مع ما في الاعتذار من حالة إذلال للنفس ؟![/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وأمّا اعتـبار ذلك ضبطاً عائلياً أو حسماً وحزماً حتى لا يفلت الزمام ، فإنّ العُـنف قد يُنتج أسرة خاضعة مطيعة منصاعة مذعنة ، لكنّها الطاعة بالإكراه ، والانصياع الجبري الذي ما أن يُرفع القيد عنه حتى يتفجّر غضباً واستياءً وكراهية . أمّا إذا استمرّ فإنّه سيخلِّف عقداً نفسية ربّما يصعب علاجها .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وهل ضاقت بنا السّـبل ـ كآباء ـ فلم نجد أمامـنا من أسلوب للضّبط غير العصا والصّفعة والشتيمة وربّما البصقة بوجه الابن أو البنت ؟![/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']يقول الحكماء: «آخر الدواء الكي» . فَلِمَ يكون أوّل دوائنا الكيّ؟! لماذا لا نُجرِّب الخطوات التي تسبقه ، فلعلّها تأتي بالنتائج المرجوّة ؟ لماذا الإقدام على العُنف أوّلاً ؟ هل استنفدنا أساليب الزّجر كلّها ؟ فرُبّ نظرة ذات مغزى منعت من ارتكاب أخطاء لاحقة . ورُبّ كلمة وعظ مؤنِّبة كفّت عن تجاوزات مستقبلية .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']لماذا ندفـع أبنـاءنا وبناتـنا إلى أن يكـونوا عصـبيين وانفعاليين ومشدودي الأعصاب دائماً بتعاملنا معهم بطريقة جارحة لأحاسيسهم؟ لماذا نجني عليهم بأن [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'](4)[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] غيرَ أنّ التسلّط الأبوي قد يأخذ شكلاً آخر ، في فرض كلمة الأب لتكون الاُولى والأخيرة بلا أخذ ولا ردّ ولا مناقشة ولا اعتبار لآراء الأسرة . وربّما برز ذلك من خلال فرض مزاج الأب وشهوته على أسرته ، فهو يريد الطّعام الذي يشتهيه حتى ولو لم يحبّه أولاده . وقد ورد في الحديث : «ملعون من أكّل عياله بشهوته ، ولم يأكل بشهوة عياله» . [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']فالأوّل أناني والثاني مُتـفان ، ومَن يأكل بشـهيّة أهلـه وما يُفضِّلون من أطعمة ، فإنّه يزرع في نفوسهم حبّاً واحتراماً له ، وإذا لم يُقدّر في الوقت الحاضر ، فإنّه سيترك تأثيره عليهم في المستقبل في أن لا يكونوا هم أنفسهم أنانيين .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وهناك من الآباء مَن يزعق ويوبِّخ ويسبّ ويضرب إذا أقلق الأولاد راحته في نومه أو جلوسه أو مطالعته ، فيما هو لا يأبه لراحة عيـاله ولا يقـيم لها وزناً ، فكأنّهم عبيد مأمـورون لا حـقّ لهم في الاستمتاع بحرِّيتهم في بيتهم .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ومن الأخطاء الفادحة التي يرتكبها الآباء وتؤثِّر سلبياً على الأبناء ، الازدواجية بين شعاراتهم وبين سلوكهم ، فالإبن أو البنت ينظران لوالديهما على أنّهما قدوتهما في الحـياة ، فإذا ما رأوا أ نّهما يمارسان الاُمور المنهيّ عنها من قِبَلهـما ، فإنّ ردّة فعل ذلك ستكون عنيفة ، ومن نتائجها عدم إطاعة الوالدين أو الامتثال لأوامرهما مستقبلاً . وإلاّ كيف يمكن لأب مدخِّن يوصي ابنه بعدم التدخين ؟ وحتى لو كان يدخِّن سرّاً ، أما يمكن أن يضبطه ابنه ـ ذات يوم ـ متلبِّساً بالتدخين ، فيسقط في نظره ؟![/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ومن أخطاء الآباء ، تضخيم أخطاء الأبناء ، واعتبار الصغيرة كبيرة ، وكأنّ الخطأ الذي يرتكبه الابن أو البنت لا يُغتفر ، أو لا يمكن إصلاحه ، حتى أنّ البعض من الآباء أو الأمّهات ، ونتيجة لصبرهم المحدود والنافد سريعاً ، يشتكون من بعض تصرّفات أبنائهم بالقول : لقد تغيّروا .. لم يعودوا يطيعوننا .. هم الآن غيرهم بالأمس .. لا جدوى من صلاحهم، في حين أنّ بالإمكان معالجة الكثير من تلك التي تُسمّى مشكلات بكثير من المحبّة والتفاهم والحكمة والصّبر . يقول الامام عليّ ابن أبي طالـب (عليه السلام) : «إذا عاتبتَ الحَـدِث ـ وهو الشاب الصغير ـ فاترك موضعاً من ذنبه لئلاّ يحمله الإحراج على المكابرة» .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ومن أخطائهم أيضاً ، أ نّهم يتعاملون مع أبنائهم وبناتهم كأطفال صغار لم يشبّوا عن الطوق، ولم يبلغوا الحلم ، وما زالوا دون سنّ الرُّشد، ممّا يُبرِّر لهم فرض وصايتهم عليهم حتى وهم كبار ، الأمر الذي يخلق حالة من النفور والنرفزة عند الشبّان والشابّات الذين يتطلّعون إلى تعامل فيه الكثير من الرحمة والتقدير والاحترام لشخصياتهم التي غادرت دنيا الصغار إلى دنيا الكبار .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'](5)[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ومن الأخطاء أيضاً أن نفرض على أبنائنا صيغة معيّنة من العمل أو المهنة نحبّها ولا يحبّونها ، ذلك أنّ الشاب أو الشابّة شخصية مستقلّة لها رأيها وذوقها ورغبتها في عمل معيّن وكراهيّتها لعمل آخر ، فأن تفرض على ابنك نمطاً حياتياً أو عملياً معيّناً ، كأن يكون تاجراً مثلك أو طبيباً أو محامياً أو مهندساً أو أديباً ، يعني أ نّك تريدهُ نسخة طبق الأصل منك . والحال أ نّه يريد أن يكون نسخة أصلية من نفسـه ، أي أن يعيش أصالة شخصيّته ، وللوالدين الحقّ في أن يناقشاه في اختياره، وليس لهما أن يجبراه على خيار معيّن .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وهذا الخطأ الناتج عن التدخّل السافر في كلِّ ما يمتّ للأبناء والبنات بصلة ، يجرّ في العـادة إلى أخطاء مُماثلـة ، تدخل كلّها تحت عنوان التدخّل في الشـؤون الخاصّة للشاب أو الشابّة ، وسنفرِّق لاحقاً بين التدخّل وبين التشاور ، وبينه وبين الرعاية .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] فالشبّان والشابّات عموماً يتضايقون كثيراً من التدخّلات المباشرة التي يقحم الأب والاُم فيها نفسيهما إقحاماً مُخلاًّ ومُسيئاً للعلاقة مع أبنائهما . فالتجسّس على الأبناء والبنات يُعقِّد العلاقة ويهدم جسور الثقة والتواصل ، ويدفع إلى مزيد من التكتّم والانغلاق حتى في الاُمور التي لا تستدعي ذلك . فكما أ نّنا ـ كآباء ـ لا نرغب في أن يتجسّس علينا أحد ، فكذلك الأبناء ، والنهي في الآية الكريمة (ولا تجسّسوا ) ([/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][1][/FONT][FONT='Times New Roman','serif']) ، كما هو واضح عامٌّ وشامل ، وسنميِّز لاحقاً بين ( التجسّس ) وبين ( المراقبة ) .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وقد يصل التدخّل أحياناً في الزواج وإجبار البنت أو الابن على قبول شريك حياة لا يهويانه ، وهذا ممّا يزيد في الطِّين بلّة ، وقد يقدمان على أعمال مُنافية للعُرف ، وقد يرضـخان ، فيعيشان النكد والخصومات المستمرّة ، وقد يبلغ الأمر درجة الطّلاق وإلى ما لا تُحمد عُقباه .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']عن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله جعفر الصادق (عليه السلام) ، قال : قلتُ له : إنِّي أريد أن أتزوّج إمرأة ، وإنّ أبوَيّ أرادا غيرها ، قال : «تزوّج التي هويت ودَع التي يهوى أبواك» . ذلك أنّ الذي يريد أن يتزوّج هو الابن أو البنت ، وليس الأب أو الاُم ، اللّذين لا يملكان في ذلك سوى حق المشورة والنصيحة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ومن الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها الوالدان ، التمييز العاطفي والمادِّي بين الأبناء أنفسهم ، أو بين الأبناء وبين البنات ، الأمر الذي يخلق فجوة نفسية بين الذين يقع عليهم [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'](6)[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] ولقد نظر النـبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى رجل له إبنان ، فرآه يُقبِّل أحدهما ويترك الآخر ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «فهلاّ ساويتَ بينهما» ؟![/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] فإذا كانت القُبـلة لأحد الأبنـاء تُشـعِر الآخر بالتمـييز ، فما بالكَ بالامتيـازات التي تُمنح لأحـدهما ويُحرَم الثاني منها ؟ والمسألة في خصوص الفتيات أعقد ، لأ نّهنّ أرقّ مشاعر وأرهف إحساساً . يقول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ساووا بين أولادكم في العطيّة ، فلو كنت مُفضِّلاً أحداً لفضّلت النِّساء» .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] وهذا ليس من باب التمييز ، بل من باب التقديم المعنوي وإشعار الجنس الناعم بلطف الاسلام وتقديره للمرأة .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']وتجدرنا الاشـارة إلى أنّ هذه الأخطاء ـ وغيرها كثير لا يسمح المجال لذكره ـ قد تؤدِّي إلى الانكماش والعزلة والانطواء كنتيجة سلبيّة ، إذا لم تكن تؤدِّي إلى النزاع والاصطدام والشِّجار .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']فوارق جوهـرية :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']من الضروري أن نتّفق على تحديد واقع لمعاني ودلالات بعض المفاهيم المتداولة في الاُسرة حتى لا يُساء فهمها أو التعامل بها بشكل عكسي ، وحتى لا تختلط المصطلحات فيتصوّر المربِّي ـ أباً كان أو أمّاً ـ أ نّهما لم يخطئا بحقِّ ابنهما أو ابنتهما ، والحال أ نّهما قد يُخطئان وربّما من غير قصد للخطأ .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']1 ـ ( الطاعة ) و ( الإحسان ) :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']يتحدّث الكثير من الآباء والاُمّهات عن طاعة الأولاد لهم ووجوب الامتثـال لجميع أوامرهم ، فتلك هي مسـؤوليّتهم . وإذا لم يستجيبوا للأوامر والطّلبات حتى ولو كانت غريبة ، أو مُنافية للشّرع ، فإنّهم عُصاة متمرِّدون ، والحال أنّ الله سبحانه وتعالى أراد للإنسان إبناً أو بنتاً أن يكونا محسنين بالوالدين ، ولم يطلب منهما أن يطيعاهما إلاّ فيما هو طاعةٌ له . وهذه هي الأدلّة :[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']يقول[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] تعالى: (وقضى [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']ربّكَ ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاهُ وبالوالِدَينِ[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] إحساناً )([/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][2][/FONT][FONT='Times New Roman','serif']).[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']فالعـبادة والطاعـة لله والإحسان للوالديـن . وكلمة ( الإحسان ) تنطوي على جانب أخلاقي تربوي أكثر من انطوائها على الإلزام ، بل ليس فيها شيء من الالزام ، على اعتبار [/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'](7)[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[/FONT][FONT='Times New Roman','serif']لا يُقاس ولا يُقارَن . وهذا هو قوله تعالى : (إمّا يبلغنّ عندكَ الكِبَر أحـدهُما أو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُما وقُل لَهُما قَوْلاً كَريماً ، واخْفض لَهُما جَـناحَ الذُّلِّ مِنَ الرّحْمَةِ ، وقُلْ رَبِّ ارْحَـمْهُما كَما رَبّياني صَغيراً )([/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][4][/FONT][FONT='Times New Roman','serif']) .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] إنّ بعض الآباء وكثيراً من الاُمّهات يتعاملون مع أبنائهم وبناتهم على ضوء وجوب ردّ الجميل في الالتزام بالطاعة لهما ، ولعلّك تسمع منهم لهجة متشابهة ، فحواها : لقد أفنينا زهرة شبابنا من أجلهم ، فهل هذا هو جـزاؤنا ؟! والحقيقة هي أ نّنا كما قال ذلك الحكيم : «زرعوا فحصدنا ، ونزرع فيحصدون» . فتلك هي سنّة الحياة في الذين خلوا وفينا وفي الذين سيأتون من بعدنا . فالحديث إذاً يدور دائماً عن عملية إحسان في رعاية وأخلاق مُهذّبة وكلمات رقيقة دافئة ، وتعامل بالتي هي أحسن . وإلاّ فالحديث الشريف صريح في الامتناع عن التنفيذ إن كان الأمر بالمعصية «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالِق» .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] [/FONT][FONT='Times New Roman','serif']أمّا الأمر بالطاعة لله ورسوله ولأوامر الدِّين الحنيف ، واجتناب المعاصي ، فهو ليس أمراً والدياً ، وإنّما هو أمر بما أمر الله ، والطاعة هنا مُفترَضة على الوالدين وعلى الأولاد على حدٍّ سواء .[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'] وفي المحصِّـلة ، فإنّ المطلـوب من البنين والبنات ( الاحسان ) للوالدين وليس ( الطاعة ) التي هي في قبال طاعة الله ، فالوالدان ليسا مشرِّعين ، ولا يحقّ لهما فرض طاعة من الطاعات التي لم يقل بها الاسلام . أمّا ما جاء في بعض الأحاديث من طاعة الوالدين ، فالمُراد به إطاعتهما فيما أراده الله لا فيما يُخالف شريعته . وقد تكون الطاعة هنا بمعنى الاحسان والامتثال فيما يُسمّى بالأوامر الاشفاقية (([/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][5][/FONT][FONT='Times New Roman','serif']))[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'] .[/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']يتبع[/FONT][FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]
تعليق