إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

اغلاق "مسجد الحسين (ع)" في يوم عاشوراء رسالة وهابية الى الشعب المصري

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اغلاق "مسجد الحسين (ع)" في يوم عاشوراء رسالة وهابية الى الشعب المصري

    اغلاق "مسجد الحسين (ع)" في يوم عاشوراء رسالة وهابية الى الشعب المصري



    نبيل لطيف / شفقنا

    في اجراء غير متوقع وغير مبرر وغير ضروري ومثير لمئات علامات الاستفهام حول اسبابه و دوافعه ، قررت مديرية أوقاف القاهرة التابعة لوزارة الأوقاف المصرية إغلاق مسجد الإمام الحسين عليه السلام بالقاهرة من يوم الخميس حتى يوم السبت ، “منعًا للمظاهر التي تحدث يوم عاشوراء وما يمكن أن يحدث من طقوس وما يمكن أن ينتج عن ذلك من مشكلات” ، حسب ما جاء في بيان نشرته الوزارة ، التي اكدت انها “ستتخذ كافة الإجراءات القانونية تجاه أي تجاوز يحدث في هذا الشأن”.

    المعروف ان مسجد الامام الحسين (ع) ، الذي يضم راس الامام الحسين (ع) ، وفق بعض الروايات ، يعد مزارا لملايين المصريين الذين يعتنقون المذهب الشافعي وعلى علاقة ود ومحبة لال النبي (ص) وخاصة الامام الحسين (ع) ، ويشهد عادة مراسم تقام في يوم عاشوراء ، ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع) ، وكان دور السلطات المصرية ينحصر في مراقبة ما يجري دون ان تتدخل ، لاسيما ان هذه المراسم تجري في اجواء هادئة بعيدا عن الصخب والتحريض، ولكن قرار وزارة الاوقاف هذا العام في اغلاق ابواب المسجد امام المصريين ، اثاراستياء شعبيا واسعا وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي للمصريين بالاف التعليقات التي ادانت هذا العمل ، البعيد كل البعد عن المسؤولية الدينية والوطنية.

    كان افضل رد على قرار اغلاق مسجد الحسين ، جاء من الدكتور أحمد راسم النفيس، القيادي الشيعي المصري، عندما وصف القرار بانه “عشوائي وغير منطقي، وليس له أي دافع. ولا يمكن أن يكون هذا القرار رد فعل، فلم تكن هناك نية لدى الشيعة في مصر بإقامة أية فعاليات للاحتفال بعاشوراء” بالشكل الذي تتخوف منه السلطات المصرية وتتخذه ذريعة لاغلاق المسجد.

    كما لم يفت النفيس في رده الى الاشارة إلى غياب دور الأزهر “كمؤسسة جامعة لكل أطياف المسلمين. يكثر الكلام عن تجديد الخطاب الديني، لكن الأزهر اختار أن يتخندق لصالح فريق واحد، وتخلى عن أي دور لتوحيد المسلمين. وهذا دليل على اختراق الفكر الوهابي للأزهر، وانتشار الخطاب الداعشي. وهو أمر ليس بجديد على أية حال”.

    رد الدكتور النفيس كشف عن مضمون الرسالة، وكذلك الجهة التي ارسلت اليها ، لقد بدى واضحا ان قرار اغلاق مسجد الحسين (ع) في ذكرى استشهاد الحسين (ع) ، اُتخذ بارادة وهابية واضحة ، في ظل موقف ازهري ضعيف الى درجة الاستسلام ، وهذا بالضبط هو مضمون الرسالة ، مضمون يكشف عن ان اللاعب “الديني” الاقوى والذي يفرض نفسه على المشهد المصري ، هو الجماعات الوهابية التي ترفع زورا لواء الدفاع عن السلف والتوحيد ، بينما تأتمر باوامر وهابية سعودية دون اي اعتبار للمصلحة المصرية العليا والنسيج الاجتماعي المصري والثقافة المصرية ، كما يكشف عن الدور ، الذي بات سلبيا ، للازهر في كل ما يخص الفتنة الطائفية التي تحاول الوهابية زرعها في المجتمع المصري ، وهو دور بدأ يتناغم مع الموقف الوهابي المتخلف الى الحياة والاخر ، لاسيما من اتباع اهل البيت عليهم السلام وباقي الاقليات القومية والمذهبية والدتية في مصر.

    اما الجهة التي ارسلت لها الرسالة ، فكانت الشعب المصري ، الذي حاولت الرسالة الموقعة بتوقيع وهابي واضح ، ان المجتمع المصري لا يملك من خيار الا اختيار الرؤية الوهابية المتخلفة والمتخشبة والعنيفة والمتطرفة للدين ، الامر الذي يؤكد ان المجتمع المصري مقبل على تطبيقات عملية للسيناريو السوري ، اذا لم يتم وقف هذا الاندفاع والصلف الوهابي ، المدعوم بالامكانيات السعودية ماليا واعلاميا.

    اخيرا على الازهر والنخب الدينية الاخرى في مصر ، ان تنقذ مصر من السقوط في السيناريو السوري ، قبل ان يتخذ الشعب المصري بنفسه ، موقفا حازما من الازهر نفسه وكذلك باقي المراجع الدينية ، كما يقف الان من الوهابية والتدخل السعودي في شؤون مصر ، عبر الاعلام والصحافة المصرية ، وهو موقف مشرف يعكس مدى فطنة وذكاء الشعب المصري.

    ان على وزراة الاوقاف المصرية ان تعرف جيدا ان مسجد الامام الحسين (ع) الذي يحتضن راس الحسين(ع) ، ليس للشيعة فقط ، بل هو لعموم المسلمين ، عدا الوهابية التي نشك كثيرا وكثيرا جدا بانتمائها للاسلام ، فهي للصهيونية اقرب ، بل هي صنو الصهيونية ، وفي مقدمة هؤلاء المسلمين ، الشعب المصري العظيم ، اصحاب القراءة المتسامحة والمعتدلة والمتزنة والعقلية للاسلام ، فمثل هذا الشعب لن يقبل ان تلوث الوهابية اسلامه ، ومن المؤكد انه سيضع كل من يتخذ موقفا في مصر ، يستشف منه رائحة فتنة طائفية ، في خانة واحدة مع الوهابية.


    المصدر:
    http://www.alalam.ir/news/1752447

  • #2
    بين مرحب بالقرار ومعيب له معتبره سقطة..

    جدل في القاهرة بعد اغلاق ضريح الحسين عليه السلام


    صورة ارشيفية لاحتفال المصريين بمولد الامام الحسين "عليه السلام" داخل ضريح رأسه بالقاهرة

    أثار قرار وزارة الأوقاف المصرية غلق ضريح الإمام الحسين (سلام الله عليه) في ذكرى عاشوراء يوم الخميس الماضي جدلا واسعا، حيث تلقاه البعض بقبول حسن، واعتبره آخرون سقطة وعيبا ما كان لوزارة الأوقاف أن تقع فيه.

    البداية من المرحبين بالقرار، حيث اعتبر أحمد كريمة أستاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الأزهر قرار غلق ضريح الامام الحسين (سلام الله عليه) بأنه قرار صائب وحكيم، مشيرا الى أن وزارة الأوقاف أخذت بالتدابير الوقائية الاحترازية لمنع الفتن، حسب زعمه.

    ونقل موقع "رأي اليوم" عن كريمة قوله: ان ما لا يعرفه الكثيرون أن عددا من أنصار التيار السلفي الوهابي توجهوا من الإسكندرية الى القاهرة للاشتباك مع القلة الشيعية التي أرادت الاحتفال بذكرى عاشوراء في محيط مسجد الإمام الحسين (سلام الله عليه)

    واعتبر كريمة أن قرار إغلاق ضريح الحسين هو من صميم عمل وزارة الأوقاف المصرية، لأنها مسؤولة عن تأمين المساجد ومنع ما يخلّ بحرماتها. واستنكر كريمة ما تقوم به عناصر شيعية من أعمال نياحة، ولطم.. الخ، معتبراً ذلك مخالفة للشريعة الاسلامية، حسب قوله.

    جويدة: الحسين (سلام الله عليه) لنا جميعا

    على الجانب الآخر، وصف الشاعر فاروق جويدة قرار غلق ضريح الامام الحسين (سلام الله عليه) بأنه قرار خاطئ عشوائي من وزارة الأوقاف.

    وطالب جويدة في مقاله بالأهرام "الحسين لنا جميعا" وزارة الأوقاف أن تفرّق بين مسؤوليتها الدينية، والمسؤوليات الأمنية التي تتولاها وزارة الداخلية.

    وتابع جويدة: "هناك خطأ ديني في هذا القرار، إن الإمام الحسين (سلام الله عليه) لا يخص المذهب الشيعي وحده كما يتصور البعض، فهو حفيد المصطفى "صلى الله عليه وآله وسلم"، وقال عنه الرسول: "حسين منى وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسين".

    واوضح جويدة: ان هذا القرار التعسفي يسيء كثيرا لمشاعر المصريين، مؤكدا أن الإمام الحسين "عليه السلام" لا يخص إيران، وليس حكرا على المذهب الشيعي، وإنما هو للمسلمين جميعا. ووجه جويدة عتابا للأزهر بسبب صمته على قرار غلق مسجد الامام الحسين "عليه السلام".

    قرار غير موفق.



    الكاتب اسامة الغزالي

    أما الكاتب أسامة الغزالي، فقد وصف القرار بأنه غير موفق على الإطلاق، معتبرا أن هذا القرار هو نموذج للقرارات غير المدروسة التي تضر بسمعة بلد كمصر لا يعرف التعصب.

    وأكد الغزالي، أن مصر ذات الأغلبية السنية الساحقة لم تعرف أبدا أي مشاعر عدائية للشيعة، مختتما مقاله بوصف القرار بأنه سقطة، ما كان لوزارة الأوقاف أن تقع فيها.

    تعليق


    • #3
      من المتوكل الى السيسي.. والله لا تمحو ذكرنا


      ضريح الامام الحسين عليه السلام في مصر

      مروة أبومحمد


      يقول الطبري في تاريخه (9/185) في خبر هدم قبر الحسين بن علي (عليه السلام): "وفيها (236هـ) أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي وهدم ما حوله من المنازل والدور، وان يحرث ويبذر ويسقى موضع قبره، وان يمنع الناس من اتيانه... ونادى في الناحية: من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة، بعثنا به الى المطبق (وهو سجن مظلم تحت الارض)".

      أجل.. اغلاق مسجد الامام الحسين (ع) في القاهرة ليس بدعة من نظام السيسي وموظفيه في وزارة الاوقاف او في الازهر "الشريف" الذي انما تشرف بالزهراء (صلوات الله عليها) ام الحسين (عليه السلام) صاحب المسجد الذي اغلقه نظام السيسي.. بل هو سنة أموية متوكلية، تابعها آل سعود وشياطينهم من الوهابية والانظمة التي على شاكلتهم في اتباع ابن تيمية وابن عبد الوهاب وابن جورج بوش الأب!

      في عراق الدكتاتور صدام حسين، كان مجرد حيازة شريط مراثي حسينية (يا حسين بضمايرنا) يكفي لان يبقيك 6 شهور في زنزانات المخابرات بتهمة العمالة لاهل البيت! والقضية يعرفها العراقيون.. فما بالك اذا خرجت زرافات الى كربلاء وهتفت "هيهات منا الذلة"!

      ما هي المشكلة؟..

      هؤلاء جميعهم من المتوكل الى آل سعود يخافون على عروشهم من ذكرى عاشوراء وذكر الحسين (عليه السلام) وقيم ثورته.. أما قضية "الاباطيل" التي يتشدق بها الازهري أحمد كريمة والمعلومات عن توجه سلفيين من الاسكندرية للاشتباك مع "الشيعة" ، فالحقيقة العذر اقبح من الذنب.. فكيف يعاقب اناس على "جرم" لم يرتكبوه، ولماذا يمنع الشيعة عن "اباطيلهم" ولا تمنع باقی الطوائف عن رقصاتهم ودفوفهم وطقوسهم الغريبة.. لماذا لا يمنع الرقص الشرقي الذي تفتخر مصر بانها تتربع على عرشه عالميا.. وهل عجز النظام المصري عن حفظ أمن بضعة نفر من الزائرين والمصلين.. فماذا تفعل كل هذه الاجهزة الامنية اذا عجزت عن ضمان أمن المواطن؟!

      للاسف الشديد كان يكفي علماء الازهر ان لا يؤيدوا القرار الذي اصدرته الاوقاف ليحفظوا ماء وجههم ووجه مؤسستهم، اما ان ينسلخوا من جلدتهم ويصبحوا سندا للفكر الوهابي فهذه هي الطامة الكبرى.. ولا ادري لماذا ينفعل الشيخ احمد كريمة في كل قضية تخص الشيعة وايران.. هل يريد ان يحصل على وثيقة براءة من التهم الوهابية التي وجهت اليه؟!

      اننا في الوقت الذي ندين به هذه الاصوات مدفوعة الثمن والتي تشكل تشويها لصورة مصر الاعتدال والوسطية التي نعتز بها.. نثمن الاقلام والمواقف الشريفة التي دافعت عن حق المواطنة وحرية العبادة وعن تاريخ مصر الذي ينضح بحب اهل البيت (ع) وخاصة الامام الحسين والسيدة زينب ..

      ان التخبط الذي يعيشه اليوم النظام في مصر، مصدره هذه الازدواجية بين دعوى محاربة الارهاب بالقوة الامنية والعسكرية من جهة، وتبني الفكر الوهابي وانماطه السياسية المتمثلة بالمواقف السعودية، فضلا عن التصاق اشخاص في راس وقمة المؤسسة الدينية بمصر بالمراكز السلفية والتكفيرية والوهابية في السعودية وغيرها من الدول الخليجية من جهة اخرى، وطبيعي ان يكون مستقبل النظام غامضا ما لم يحسم أمره سريعا ويفك ارتباطه بمصادر الشر التكفيري في السعودية، وان يبتعد عن جنون المال الذي اصاب هذه النظم البدوية المتخلفة، والَا.. "على نفسها جنت براقش"!

      ان سلوك النظام المصري في اغلاق مسجد الامام الحسين (عليه السلام) هو في الحقيقة دعوى لعزل المسجد والايحاء للمصريين بان هذا الموقع وصاحبه (الامام الحسين) خاص بالشيعة.. واذا ما تعمم الأمر وامتد للسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيد العجمي (مالك الاشتر).. سيتحول الى تهديد لبنية وتركيبة المجتمع المصري تاريخيا، وخطوة باتجاه تشظيته.. وهو ما يطمح اليه اعداء مصر والاسلام من الصهاينة والوهابية.. الذين انتقموا من العراق وسوريا ولم يبق امامهم سوى مصر والجزائر، باعتبار ان هذه الدول تشكل الثقل العربي.. وليخلو الجو لأنظمة سايكس بيكو ومشايخ الانسحاب البريطاني من شرق السويس.. "فبيضي وأصفري!".

      أما الطبالون لقرارات "ولي الامر" و"الحاكم بامر الله" فنقول لهم.. بئسا لكم، وعلم "اسرائيل" يرفرف في عاصمتكم (وسنبقى نعيركم بها حتى قيام الساعة ما لم تغسلوا هذه العار عن جباهكم).. تبا لكم، يغلق مسجد الامام الحسين وابواب سفارة الصهاينة مشرعة في بلادكم.. هذا قدركم وهذه حقيقتكم، تشغلون الناس بـ"التمدد" و"الخطر" الشيعي، وأهلكم وناسكم "السنة" يقتلون ويحرقون في فلسطين كل يوم بدم بارد وانتم تتفرجون وتشاركون في حصارهم وقتلهم...

      ومثل هذه الانظمة لا يليق بها الا هذه الافعال المشينة من حصار غزة والتطبيع مع الصهاينة واغلاق مسجد الامام الحسين والمشاركة في قتل اطفال اليمن وتجويع وارهاب أهله "وكل اناء ينضح بما فيه".. و"من شب على شيء شاب عليه".

      واذا كان البعض يتصور ان قتل الشيخ حسن شحاتة وقصف اطفال اليمن والتآمر على المقاومة الاسلامية في لبنان والنيل من الحشد الشعبي في العراق والخوف من العلاقات الدبلوماسية مع ايران ومنع العلماء والمثقفين والفنانين من زيارة العراق وايران واغلاق مسجد الامام الحسين (ع)... يحدَ من انتشار "خطر" التشيع ومحاصرة الحب لاهل البيت (ع) فعليه ان يراجع دلالات الحديث النبوي الشريف: "اني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض".. فالله عز وجل اودع محبة اهل البيت في قلوب المؤمنين كما التزم بحفظ كتابه العزيز.. وله ان يراجع تجارب الماضين من اسلافه، ويعيد قراءة خطبة السيدة زينب (سلام الله عليها) عقيلة الهاشميين وبطلة كربلاء في مواجهة يزيد بن معاوية وهي تخاطبه بشجاعة وبلاغة وفصاحة ابيها أمير المؤمنين علي (عليه السلام):

      " فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وأيامك الا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين".

      تعليق


      • #4
        عاشوراء: السلطة تأمر بالنسيان



        مقام الامام الحسين ع في العاصمة القاهرة

        جميل مطر كاتب مصري/ الشروق

        كان يقال لنا فى بعض محاضرات علم السياسة إن السلطة السياسية غالبا ما تتعلل بالتغيير والإصلاح لتفرض على الشعوب نسيان موروثات وشخصيات وعهود.

        لهذا السبب كثيرا ما ارتبط نضال الشعوب ضد هيمنة السلطة أو استبدادها بتمردها على محاولات فرض النسيان. عادة الناس أنها ترفض، وبعناد شديد أحيانا، التخلى عن ماضيها. وحين يفرض عليها النسيان يبقى حنينها إلى هذا الماضى كله أو بعضه مشتعلا لا ينطفئ. السلطة من جانبها، وبخاصة إذا رفعت شعار الحداثة أو التغيير، تكره الماضى، أو على الأقل تفضل لو تجاهله الناس، وقد تضطر أحيانا إلى استخدام العنف لفرض النسيان على تجارب أو مراحل معينة من الماضى تعتبرها عقبات فى طريق التغيير، أو تعتقد أنها تعطل تحقيق مصالحها.

        ***

        يقول صديق مهتم بقضايا مكافحة النسيان، إن التاريخ شاهد على أن السلطة الجديدة، أيا كانت توجهها السياسى والاجتماعى، تبدأ عهدها بمحاولة تغيير بعض أمزجة الشعب. تلجأ أولاً إلى تكليف فنانين بتأليف وتلحين أغانٍ وطنية أو اجتماعية تختلف عن الأغانى السائدة التى خلفتها العهود السابقة، وتكلف آخرين بإنتاج وتصوير أفلام سينمائية ومسلسلات تحكى قصصا تعتم بها على سير من الماضى. هذه السلطة قد يعن لها أن تكلف الخياطين بتفصيل أزياء تختلف عن الأزياء التى اشتهر بها رجال ونساء النظام السابق. يأمل هؤلاء الحكام أن «ينسى» الشعب تقاليد وأثرياء وسلوكيات الطبقة التى انزاحت من السلطة، ويعود على ما يرتديه أعضاء النخبة الجديدة من ملابس وما يمارسونه من سلوكيات وما يرفعون من شعارات. كان ظن الحكام أنه إذا اهتزت صورة الماضى فى ذهن المواطن أصبح فرض الجديد فى نواحٍ اقتصادية واجتماعية أسهل، وأمكن إدخال التغيير المطلوب بسرعة أكبر وتكلفة أقل.

        كثيرون من أبناء جيلى لاشك يذكرون البدلة «البوشيرت» التى كان يرتديها أعضاء القيادة السياسية فى مصر، فى معظم سنوات حكم ثورة يوليو ١٩٥٢، ولكنهم، يذكرون أيضا بدون شك، أن البوشيرت، زى السلطة، انتهى العمل به بهزيمة يونيو ١٩٦٧، أو بعدها بقليل. أبناء جيلى يذكرون كذلك كيف ان غالبية الشعب المصرى، رفضت ارتداء هذا الزى، وأن مقاومة عنيفة كانت وراء فشل التجربة، على الأقل. إذ بقى معظم الرجال وبخاصة فى الريف والأحياء الشعبية متمسكين بالملابس التقليدية بالرغم من ان اعدادا كبيرة من الشبان التحقوا بالقوات المسلحة وغيرها من أجهزة الأمن وقضوا فترات طويلة نسبيا يرتدون الزى الرسمى، ولكنهم ما أن تركوا الخدمة حتى عادوا إليه. أرادت السلطة التغيير فحاولت فرض النسيان ولكن شاء الشعب، فى غالبيته، التمسك بأزياء الماضى خاصة أنه لم يشعر بأن تغيير الأزياء حقق تغيير فى نمط الحكم والسلطة.

        ***

        العكس تماما، وبنفس الدرجة من العناد، رأيناه يحدث عندما شاءت قوى الإسلام السياسى مزودة بالمال الخليجى الضخم وترسانة الفتاوى المستوردة، رفض كل مظاهر الحداثة، فقررت فرض النسيان على المرحلة الثورية والتقدمية والعودة بالمجتمع المصرى إلى الماضى، وربما إلى ماضى أبعد جدا، أبعد عن كل ما كان يمكن أن تستوعبه الذاكرة المصرية الراسخة والمجتمع المصرى العميق. عندئذ اضطروا مثل التقميين الذين سبقوهم ان باتوا بالأزياء من خارج مصر، وأقصد من خارج تاريخها وذاكراتها فى محاولة بالغة الرجعية لانتزاع بذور الحداثة من مختلف أبنية الدولة والمجتمع.

        ***

        شهدت الأيام الأخيرة محاولة من جانب السلطة السياسية القائمة لفرض النسيان على شعب مصر. كنا على امتداد ما نذكر نحتفل بعاشوراء سلطة وشعبا فى وفاق وهدوء وحب وبساطة. لم أشعر فى سنوات طفولتى محمولاً على كتف أمى أو مسحوبا بأيدى خالاتى خلال زياراتهن الموسمية لسيدنا الحسين أن فى الميدان أو الشوارع المتفرعة منه بتوتر أو قلق، ولم أسمع فى سنوات شبابى عن صدام وقع بين الحكومة والناس حول الاحتفال بهذه المناسبة بل إنى متيقن من أننى لا أذكر فى سنوات نضوجى أن حكومة رشيدة أو غير رشيدة تدخلت لتفرض على الشعب نسيان ليلة عاشوراء، ولم أسمع جهة دينية موقرة كانت محل احترامنا تصف شعائر بالأباطيل.. هذه المرة، يبدو أن السلطة قررت سحب اعترافها بعاشوراء تقليدا من تقاليد شعب مصر.

        كانت تتوقع ان يستجيب الناس فيتوقفوا عن ممارسة طقوس هذا الاحتفال فى بيوتهم ومجتمعاتهم الخاصة. ما حدث كان العكس تماما، إذ بات واضحا، بعد ساعات من إعلان رغبة الحكومة وأجهزتها الإعلامية تجاهل المناسبة، إن الناس قررت أن تبالغ فى الاستعداد والترويج للاحتفال بها.

        ***

        هذا الموقف من جانب نسبة لا بأس من أهل مصر ليس جديدا، فقد دأب المصريون على مر التاريخ على المبالغة فى اظهار تمسكهم بطقوس معينة امعانا فى تحدى السلطة السياسية، بل لعلنا لاحظنا أن الشعب ما زال رغم الضغوط الخارجية والتحريض الداخلى يحتفل بأعياده التقليدية مثل المولد النبوى ورأس السنة الهجرية وشم النسيم وغيرها من الأعياد الشعبية بحماسة تفوق الحماسة التى يبدونها فى احتفالات السلطة بالأعياد القومية والوطنية. هذه الأعياد الشعبية، وغيرها من الطقوس، هى رسائل تحافظ بها المجتمعات على علاقتها بالماضى، بهذه الرسائل وعن طريقها تربط ماضيها بحاضرها، وتحمى الماضى من «عدوان» السلطة السياسية وتجاوزاتها، وبخاصة محاولاتها فرض التعتيم أو النسيان على بعض جوانب هذا الماضى.

        ***

        لفتت إحدى الزميلات نظرى إلى ان المصريين عندما يشاركون تطوعا أو بالإجبار فى الاحتفال بأعياد قومية أو وطنية إنما يشاركون بأقل حواسهم. طلبت منى أن أقارن هذه المشاركة بمشاركتهم فى مولد من موالد الأولياء أو فى شم النسيم وعيدى الفطر والأضحى حين يشاركون بكل الحواس. تجدهم يحتضنون بعضهم بعضا ويتبادلون القبلات ويؤدون ما يشبه الرقص الجماعى وينشدون معا أناشيد شعبية موروثة لا تحمل اسم مؤلف أو اسم ملحن. تشعر وأنت بينهم بدفء الضيافة وتتأكد من أن اللمس المتبادل بالأحضان والتمايل الجماعى على إيقاع الطبول واقتسام ما يجود به أهل العدل والخير تأكيدا للرغبة فى الاحتفاظ بالتعايش واستدعاء الماضى حيا وقويا.

        ***

        حرمان الناس من احتفالاتها الدينية والشعبية أقصر طريق مؤدى إلى الإرهاب الدينى والكراهية والتعصب، تجنبوه إن أردتم صلاح الوطن.

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
        استجابة 1
        12 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة ibrahim aly awaly
        بواسطة ibrahim aly awaly
         
        أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 07:21 AM
        ردود 2
        13 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة ibrahim aly awaly
        بواسطة ibrahim aly awaly
         
        يعمل...
        X