إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

دروس في علوم القران 1

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    مصادر الدرس ومراجعه
    1- القرآن الكريم.
    2- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج3، ص115.
    3- الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص434.
    4- الزركشي، البرهان في علوم القرآن, ج1، ص187-191، 193-194، 244-248، 260، 263-264، 269-272.
    5- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج1، ص159-163، 166-168، 285-287.
    6- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج11، ص285, ج12، ص126-127, ج13، ص235.
    7- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص212.
    8- ابن حنبل، مسند أحمد، ج4، ص107.
    9- الطباطبائي، القرآن في الإسلام، ص168-169.
    10- الصالح، مباحث في علوم القرآن، ص233.
    11- الرومي، دراسات في علوم القرآن الكريم، ص146.
    12- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص162-163، 167-170.

    هوامش
    1- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج3، مادّة"سور"، ص115.
    2- انظر: الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادّة"سور"، ص434.
    3- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن, م.س، ج1، ص263-264, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص285.
    4- م. ن، ص260.
    5- انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج12، ص126-127.
    6- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج10، ص212.
    7- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن, م.س، ج1، ص263-264, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص286-287.
    8- م. ن، ص244-248, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص286-287.
    9- ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج4، ص107.
    10- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص287.
    11- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص246-247.
    12- انظر: م. ن، ص270-272.
    13- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن, م.س، ج1، ص269-270.
    14- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص161, السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج13، ص235, الصالح، صبحي: مباحث في علوم القرآن، ط26، بيروت، دار العلم للملايين، 2005م، ص233, الرومي، دراسات في علوم القرآن الكريم، م.س، ص146.
    15- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص187, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص159-161, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص162-163.
    16- انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج11، ص285.
    17- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص188-191, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص162-163، 166-168.
    18- م. س.
    19- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص193-194, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص167-170.
    20- سورة البقرة، الآية: 109.
    21- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص347.
    22- سورة النساء، الآية: 176.
    23- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج3، ص5.
    24- انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج4، ص363.
    25- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج3، ص254.
    26- لمزيد من التفصيل في الآيات المستثنيات، انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص199-203, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص47-55, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص198-254.

    تعليق


    • #17
      دروس في علوم القران 8

      مقدمة:
      وقع الاختلاف بين الباحثين في علوم القرآن في مسألة ترتيب السوَر وجمعها بين دفّتين، ويمكن حصر أقوالهم في هذه المسألة ضمن اتّجاهين رئيسين، هما: الأوّل: أنّ القرآن لم يجمع بين دفّتين إلا بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, والثاني: أنّ القرآن كان مجموعاً بين دفّتين في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وقد استدلّ أصحاب كلّ رأي بأدلّة وقرائن عدّة:
      1- أدلّة جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

      يذهب أصحاب هذا الاتّجاه إلى أنَّ المصحف الذي بين أيدينا بنظمه وترتيب سوره مطابق للمصحف المجموع في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم1، ويمكن إيجاز أدلّة أصحاب هذا الاتّجاه بالتالي2:

      أ- الدليل الأوّل: إنَّ القرآن كان يُدَرَّس ويُحفظ جميعه من قِبَل مجموعة من الصحابة
      135
      في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وأنّهم كانوا يعرضونه ويتلونه عليه صلى الله عليه وآله وسلم, ومن هؤلاء الصحابة: عبد الله بن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وغيرهما. وكلّ ذلك يدلّ بأدّنى تأمّل على أنّه كان مجموعاً مرتّباً غير مبتور ولا مبثوث3.

      ويناقش هذا الدليل: بأنّ حِفظ القرآن, بمعنى حِفظ جميع سوَره التي اكتملت آياتها, سواء أكان بين السوَر ترتيب أمْ لا، وختمُ القرآن, بمعنى قراءة جميع سوَره من غير لحاظ ترتيب خاصّ بينها، أو أنّ الحِفظ, بمعنى الاحتفاظ على جميع القرآن النازل لحدّ ذلك الزمن، والتحفّظ عليه دون الضياع والتفرقة, الأمر الذي لا يدلّ على وجود ترتيب خاصّ كان بين سوَره, كما هو عليه المصحف اليوم.

      ب- الدليل الثاني:
      تناقض أحاديث جمْع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ هذه الأحاديث متناقضة ومتضاربة في ما بينها، ففي بعضها تحديد زمن الجمع بعهد أبي بكر، وفي آخر بعهد عمَر، وفي ثالث بعهد عثمان، كما أنَّ بعضها ينصّ على أنَّ أوّل مَن جمَع القرآن هو زيد بن ثابت، وآخر ينصّ على أنَّه أبو بكر، وفي ثالث أنَّه عمَر، إلى أمثال ذلك من تناقضات ظاهرة.

      ويناقش هذا الدليل: بعدم وجود مناقضة بين روايات جمْع القرآن, إذ لا شكَّ أنَّ عمَر هو الذي أشار على أبي بكر بجمْع القرآن، وهذا الأخير أمَر زيداً أن يتصدّى القضية من قِبَلِه، فيصحّ إسناد الجمْع الأوَّل إلى كلٍّ من الثَلاثة بهذا الاعتبار. نعم، نسبة الجمْع إلى عثمان كانت باعتبار توحيده للمصاحف ونَسْخها في صورة موحَّدة، وأمّا نسبة توحيد المصاحف إلى عُمَر فهو من اشتباه الراوي قطعاً, لأنَّ الذي فعَل ذلك هو عثمان بإجماع المؤرِّخين.

      ج. الدليل الثالث:
      معارضة أحاديث جمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأحاديث دلَّت على أنَّ القرآن كان قد جُمِعَ على عهده صلى الله عليه وآله وسلم, منها: حديث الشعبي، قال: جَمَع

      136
      القرآن على عهده ستَّة: أُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وسعد بن عبيد، وأبو زيد. وفي حديث أنَس أنَّهم أربعة: أُبَي، ومعاذ، وزيد، وأبو زيد، وأمثال ذلك4.

      ويناقش هذا الدليل: بأنّ مفاد هذه الأحاديث: الحِفظ عن ظَهْر القلب، حيث إنّهم حفظوا جميع الآيات النازلة لحدّ ذلك الوقت، أمّا دلالة على وجود نَظْم بين سوَره فلا.

      د- الدليل الرابع:
      منافاة الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع آيات التحدّي، الدالَّة على اكتمال سوَر القرآن وتمايز بعضها عن بعضها الآخر، ومنافاته - أيضاً - مع إطلاق لفظ الكتاب على القرآن في لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم, الظاهر في كونه مؤلَّفاً كتاباً مجموعاً بين دفَّتين.

      ويناقش هذا الدليل: بأنّ التحدّي كان بالآيات والسوَر أنفسهما، وبكلُّ آية أو سورة في القرآن، ولم يكن التحدّي بالترتيب القائم بين السوَر, كي يتوجَّه الاستدلال المذكور! على أنَّ التحدّي وقَع في سوَر مكّية5 أيضاً، ولم يُجمَع القرآن قبل الهجرة قطعاً.

      هـ- الدليل الخامس:
      مخالفة الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع حُكم العقل الحاكم بوجوب اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجمْعه وضبطه عن الضياع والإهمال.
      ويناقش هذا الدليل: بأنّ اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشأن القرآن، شيء لا ينكَر، ومن ثمَّ كان حريصاً على ثبْت الآيات ضمن سوَرها فور نزولها، وقد حصل النَظْم بين آيات كلِّ سورة في حياته صلى الله عليه وآله وسلم.

      و- الدليل السادس:
      مخالفة الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع إجماع المسلمين، حيث

      137
      يَعتبرون النصَّ القرآني متواتراً عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم نفسه، في حين أنَّ بعض هذه الروايات تشير إلى اكتفاء الجامِعين بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة رجُلين أو رجُل واحد!

      ويناقش هذا الدليل: بأنّ الجمْع بين السوَر وترتيبها ضمن مصحف موحَّد فم يحصل حينذاك, نظراً لترقّب نزول قرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم, فما لم ينقطع الوحي لا يصحّ جمع القرآن بين دفَّتين، ومن ثمَّ لمّا أيقن بانقطاع الوحي بوفاته صلى الله عليه وآله وسلم أوصى إلى الإمام عليّ عليه السلام بجمْعه.

      ومعنى تواتر النصّ القرآني هو: القطع بكونه وحْياً، الأمر الذي يحصل من كلّ مستند وثيق، وليس التواتر ـ هنا ـ بمعناه المصطلح عند الأصوليين.

      ز- الدليل السابع:
      استلزام الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحريفاً في نصوص الكتاب العزيز، حيث إنّ طبيعة الجمْع المتأخّر تستدعي وقوع نقص أو زيادة في القرآن، وهذا مخالف لضرورة الدِين.

      ويناقش هذا الدليل: بأنّ استلزام تأخّر الجمْع تحريفاً في كتاب الله، هو احتمال مجرَّد لا سنَد له، بعد معرفتنا بضبط الجامِعين، وقُرب عهدهم بنزول الآيات، وشدَّة احتياطهم على الوحي, بما لا يدَع مجالاً لتسرّب احتمال زيادة أو نقصان.

      2- أدلّة جمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
      كان القرآن مؤلّفاً ضمن سور متفرّقة في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وغير مجموع في موضع واحد ولا مرتَّب السوَر، حيث رحل النبي صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن منثور على العُسُب، واللِخاف، والرقاع، والأديم6، وعِظام الأكتاف والأضلاع، والحرير والقراطيس، وفي صدور الرجال. ومع أنّ السوَر كانت مكتملة على عهده صلى الله عليه وآله وسلم مرتَّبة آياتها وأسماؤها،

      138
      غير أنَّ جمعها بين دفَّتين لم يكن حاصلاً بعد, نظراً لترقّب نزول قرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولهذا، لم يُقدِم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على جمع القرآن ضمن دفّتين7، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام: يا عليّ، القرآن خلف فِراشي في الصحُف والحرير والقراطيس، فخُذوه واجمَعوه ولا تضيِّعوه"8. ويمكن إيجاز أدلّة أصحاب هذا الاتّجاه بالتالي:

      أ- الدليل الأوّل: الشواهد التاريخية: إنّ قضية جمع القرآن قضيّة تاريخية، فلا بدّ من البحث عن حقيقتها بين طيّات التاريخ، والشواهد التاريخية تثبت أنّ القرآن جُمِعَ على شكل مصحف بعد رحيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومن هذه الشواهد:
      - ما قاله زيد بن ثابت: قُبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن القرآن جُمِعَ في شيء9.
      - ما نقله ابن قتيبة الدينوري عن ابن عيينة عن الزهري: قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن في العسب والقضم10.
      - ما نقله الزركشي عن أبي الحسين بن فارس في "المسائل الخمس": جمع القرآن على ضربين: أحدهما: تأليف السور، كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين, فهذا الضرب هو الذي تولته الصحابة، وأمّا الجمع الآخر - وهو جمع الآيات في السور - فهو توقيفي تولاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم 11.
      - ما نقله الزركشي عن أبو عبد الله الحارث بن أسيد المحاسبي في كتاب "فهم

      139
      السنن": كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بكتابته، ولكنّه كان مفرّقاً في الرقاع والأكتاف والعسب. وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فأمر أبو بكر بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعاً، فجمعها جامع وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء12.

      ب- الدليل الثاني:
      تدرّج نزول القرآن واستمرار حالة ترقّب نزول الوحي في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وهو ما حال دون أن يجمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه13.





      يتبع

      تعليق


      • #18
        ج- الدليل الثالث: لو كان القرآن مجموعاً ضمن مصحف في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشكله الحالي، فما معنى أن يبادر الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إلى جمعه مرّة أخرى؟ ولماذا أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإمام علي عليه السلام بجمعه بعد رحيله؟ فعن الإمام الصادق عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام: يا عليّ، القرآن خلف فِراشي في الصحُف والحرير والقراطيس، فخُذوه واجمَعوه ولا تضيِّعوه، كما ضيعت اليهود التوراة، فانطلق علي عليه السلام, فجمعه في ثوب أصفر، ثمّ ختم عليه في بيته، وقال: لا أرتدي حتى أجمعه، فإنّه كان الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداء, حتى جمعه"14.

        د- الدليل الرابع:
        ما هو الوجه في تبرير جمع الإمام علي عليه السلام على أساس ترتيب النزول بخلاف الجمع الذي كان عليه مصحف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على فرض أنّ المصحف الموجود بين أيدينا هو وفق ما جمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته؟! فعن الإمام الباقر عليه السلام: "ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أنزل إلا كذّاب، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام
        140
        والأئمّة من بعده عليهم السلام "15.

        قال ابن جزي: كان القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مفرَّقاً في الصحُف وفي صدور الرجال، فلمّا توفّي جَمَعه عليّ بن أبي طالب على ترتيب نزوله، ولو وجِد مصحفه لكان فيه عِلم كبير، ولكنَّه لم يوجد16.

        أضف إلى ذلك، أنّ الصحابة الآخرين عمل كلّ واحد منهم على تأليف مصحف خاصّ به، وهذه المصاحف تختلف في ما بينها لجهة ترتيب السور17.

        مصادر الدرس ومراجعه 1- القرآن الكريم.
        2- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج1، ص237-239، 241-243، 259-260.
        3- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص160، 170-17
        4- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص92، 240-258.
        5- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص287-292.
        6- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج1، ص43.
        7- البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص103.
        8- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج1، ص202-204.
        9- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج12، ص120.
        10- القمي، تفسير القمي، ج2، تفسير سورة الناس، ص451.
        11- الدينوري، غريب الحديث، ج2، حديث الزهري...، ح1، ص304.
        12- الكليني، الكافي، ج1، كتاب الحجّة، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلا الأئمّة عليهم السلام...، ح1، ص228.
        13- ابن جزي، التسهيل لعلوم التنزيل، ج1، ص12.

        هوامش 1- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص259-260, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص171-172, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص92.
        2- ذكر السيد الخوئي قدس سره هذه الأدلّة في كتابه "البيان في تفسير القرآن"، وعلّق عليها الشيخ محمد هادي معرفة قدس سره في كتابه "التمهيد في علوم القرآن". انظر: السيد السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص240-258, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص287-292.
        3- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص43.
        4- انظر: البخاري، صحيح البخاري، م.س، ج6، ص103.
        5- انظر: سورة يونس، الآية: 38, وسورة هود، الآية: 13، وهما مكّيَّتان.
        6- العُسُب: جمع عسيب, وهو جريد النخل، حيث كانوا يكشفون الخوص ويكتبون في الطرف العريض. واللخاف: جمع لخف, وهي الحجارة الرقيقة (صفائح الحجارة). والرقاع: جمع رقعة, وهي من الجلد أو الورق أو غيرهما. والأديم: الجلد المدبوغ. انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص202.
        7- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص170-172, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص203-204, السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج12، ص120, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص285.
        8- القمي، تفسير القمي، م.س، ج2، تفسير سورة الناس، ص451.
        9- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص160.
        10- انظر: الدينوري، ابن قتيبة: غريب الحديث، تحقيق عبد الله الجبوري، ط1، قم المقدّسة، دار الكتب العلمية، 1408هـ.ق، ج2، حديث الزهري...، ح1، ص304.
        11- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص237.
        12- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص238.
        13- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص204, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص285.
        14- القمي، تفسير القمي، م.س، ج2، تفسير سورة الناس، ص451.
        15- الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج1، كتاب الحجّة، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلا الأئمّة عليهم السلام...، ح1، ص228.
        16- انظر: ابن جزي، محمد بن أحمد: التسهيل لعلوم التنزيل، تحقيق عبد الله الخالدي، لاط، بيروت، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، لات، ج1، ص12.
        17- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص238-239، 241-243.
        18- انظر: البلاغي، محمد جواد: آلاء الرحمن في تفسير القرآن، لاط، صيدا، مطبعة العرفان، 1352هـ.ق/ 1933م، ج1، ص17-18.
        19- سورة الحجر، الآية: 9.
        20- سورة القيامة، الآية: 17.

        تعليق


        • #19
          دروس في علوم القران 9

          1- جمعُ الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام:
          أ- واقع الجمع: كان الإمام علي عليه السلام أوَّل مَن تصدّى لجمْع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة وبوصيّةٍ منه، حيث جلس في بيته مشتغلاً بجمْع القرآن وترتيبه وفق نزوله، مع إضافة شروحات وتفاسير لمواضع مبهمة من الآيات، وبيان أسباب النزول ومواقع النزول والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ...

          عن الإمام الصادق عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام: يا عليّ، القرآن خلف فِراشي في الصحُف والحرير والقراطيس، فخُذوه واجمَعوه ولا تضيِّعوه، كما ضيعت اليهود التوراة، فانطلق علي عليه السلام, فجمعه في ثوب أصفر، ثمّ ختم عليه في بيته، وقال: لا أرتدي حتى أجمعه، فإنّه كان الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداء, حتى جمعه. قال: وقال رسول الله: لو أنّ الناس قرأوا القرآن كما أنزل الله ما اختلف اثنان"1.

          وعن الإمام الباقر عليه السلام: "ما من أحد من الناس يقول إنَّه جَمع القرآن كلَّه كما أنزلَ الله إلاّ كذّاب، وما جمَعه وما حَفظه كما أنزل الله إلاّ عليّ بن أبي طالب"2.
          149
          وروى محمَّد بن سيرين عن عكرمة، قال: لمّا كان بدْء خلافة أبي بكر، قعَد عليّ بن أبي طالب في بيته يجمع القرآن، قال: قلت لعكرمة: هل كان تأليف غيره كما أُنزل الأوَّل فالأوَّل؟ قال: لو اجتمعت الإنس والجنُّ على أن يؤلِّفوه هذا التأليف ما استطاعوا. قال ابن سيرين: تطلَّبت ذلك الكتاب وكتبت فيه إلى المدينة، فلم أقدر عليه3.

          وقال ابن جزي: كان القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مفرَّقاً في الصحُف وفي صدور الرجال، فلمّا توفّي جَمَعه عليّ بن أبي طالب على ترتيب نزوله، ولو وجِد مصحفه لكان فيه عِلم كبير، ولكنَّه لم يوجد4.

          ب- خصائص الجمع:
          يمتاز المصحف الذي جمعه الإمام علي عليه السلام عن سائر المصاحف التي جمعها الصحابة بمميّزات عدّة، أبرزها:
          - ترتيب سوره على أساس ترتيب نزول القرآن.
          - إثبات النصّ القرآني من دون نقص أو زيادة.
          - إثبات قراءته وفق قراءة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
          - اشتماله على شروحات وتوضيحات جانبية على هامش النصّ القرآني، تعرّض فيها لبيان مناسَبات النزول، ومكان النزول، ومصاديق مَنْ نزلت فيهم، وفي مَنْ تجري، وعلى مَنْ تنطبق، وبيان المحكم والمتشابه من الآيات، وناسخها ومنسوخها، وظاهرها وباطنها، وتنزيلها وتأويلها...

          عن الأصبغ بن نباتة، قال: قَدِم أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة، صلَّى بهم أربعين صباحاً يقرأ بهم
          ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾5، فقال المنافقون: لا والله ما يُحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن، ولو أحسن أن يقرأ القرآن لقرأ بنا غير هذه السورة! قال:
          150
          فبلَغ ذلك عليّاً عليه السلام فقال: "ويلٌ لهم، إنّي لأعرِفُ ناسِخه من منسوخه، ومحكَمه من متشابهه، وفصْله من فِصاله، وحروفه من معانيه، والله ما من حرفٍ نزل على محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ أنّي أعرف في مَنْ أُنزل، وفي أيِّ يوم وفي أيِّ موضع، ويلٌ لهم أما يقرأون: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾6؟ والله عندي، ورثتهما من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وقد أنهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من إبراهيم وموسى عليهما السلام. ويلٌ لهم، والله أنا الذي أنزلَ الله فيَّ: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾7، فإنَّما كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فيُخبرنا بالوحي، فأعيَه أنا ومَن يعيَه، فإذا خرجنا قالوا: ماذا قال آنفاً؟"8.

          وعن سليم بن قيس الهلالي: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: "ما نزلت آية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ أقرأَنيها وأمْلاها عليَّ، فأكتبها بخطّي، وعلَّمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومُحكَمها ومتشابهها، ودعا الله لي أن يعلِّمني فهْمها وحِفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، ولا عِلماً أملاه عليّ فكتبته منذ دعا لي ما دعا، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علم أملاه علي فكتبته منذ دعا لي بما دعا، وما ترك شيئاً علمه الله من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهى كان أو لا يكون من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس منه حرفاً واحداً، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكمة ونوراً لم أنس شيئاً، ولم يفتني شيء لم أكتبه"9.

          ج- مصير الجمع:

          روى سُليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي رضوان الله عليه، قال: لمّا رأى أمير المؤمنين صلوات الله عليه غَدْر الناس به لزِم بيته، وأقبل على القرآن يؤلِّفه ويجمعه،

          151
          فلم يخرج من بيته حتّى جمَعَه، وكان في الصحُف، والشظاظ10، والأسيار11، والرقاع وبعثَ القوم إليه ليبايع، فاعتذر باشتغاله بجمْع القرآن، فسكتوا عنه أيّاماً حتّى جمعه في ثوب واحد وختَمه، ثمَّ خرج إلى الناس - وروى بعضهم أنّه أتى به يحمله على جمل12 - وهم مجتمعون حول في المسجد، وخاطبهم قائلاً: "إنّي لم أزل منذ قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشغولاً بغُسله وتجهيزه، ثمَّ بالقرآن حتّى جمَعته كلَّه في هذا الثوب الواحد، ولم يُنزِل الله على نبيِّه آية من القرآن إلاّ وقد جمعتها، وليس منه آية إلاّ وقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلَّمني تأويلها, لئلاّ تقولوا غداً: ﴿إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ!" فقام إليه رجُل من كِبار القوم، فقال: يا عليّ، اردُده فلا حاجة لنا فيه، ما أغنانا بما معَنا من القرآن عمّا تدعونا إليه، فدخل عليّ عليه السلام بيته13.

          وعن الإمام الصادق عليه السلام: "أخرجه علي عليه السلام (أي القرآن) إلى الناس حين فرغ منه وكتبه، فقال لهم: هذا كتاب الله عزّ وجلّ كما أنزله (الله) على محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وقد جمعته من اللوحين، فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه، فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً، إنّما كان علي أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه"14.

          وما زال هذا المصحف يتوارثه الأئمّة من ولده عليهم السلام15, وسوف يُخرِجه الإمام القائم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف بعد ظهوره ويُظهِره للناس, فعن الإمام الصادق عليه السلام: "فإذا قام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف قرأ كتاب الله عزّ وجلّ على حدّه، وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام"16.

          152
          2- جمْعُ زيد بن ثابت:
          أ- واقع الجمع: إنّ رفض القوم لمصحف الإمام علي عليه السلام استدعى التفكير في القيام بمهمَّة جمْع القرآن مهما كلّف الأمر. وبدأت فكرة الجمع مع عمَر بن الخطّاب، الذي اقترح على أبي بكر أن ينتدب لذلك مَن تتوافر فيه شرائط القيام بهذه المهمَّة الخطيرة، فوقع اختيارهم على زيد بن ثابت الأنصاري.

          قال زيد: أرسلَ إليّ أبو بكر بعد مقتل أهل اليمامة ـ وعُمَر جالس عنده ـ قال: إنَّ هذا ـ وأشار إلى عُمَر ـ أتاني وقال: إنّ القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقُرّاء القرآن، وأخاف أن يستحرّ بهم القتْل في سائر المَواطِن فيذهب كثير من القرآن، وأشار عليَّ بجمْع القرآن، فقلت لعُمَر: كيف نفعل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: هو والله خير، فلم يزل يراجعني عُمَر حتّى شرح الله صدري لذلك، ورأيت الذي رأى عُمَر! وقال لي أبو بكر: إنَّك شابٌّ عاقل لا نتَّهمُك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فَتتبَّع القرآن واجمعهُ. فوالله لو كلَّفوني نقل جبَل من مكانه لم يكن أثقل عليَّ ممّا كلَّفوني به، قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فلم يزل أبو بكر وعُمَر يلحّان علَيَّ حتّى شرح الله صدري للَّذي شرح له صدر أبي بكر وعُمَر. فقمت أتتبّع القرآن أجمعه من العُسُب، واللِخاف، وصدور الرجال17.

          ب- خصائص الجمع:

          - اعتمد زيد في الجمع على ما هو موجود من القرآن عند الصحابة, بحيث كان مكتوباً على العسُب، واللِخاف، والأديم، والقراطيس، أو محفوظاً في صدورهم18.
          - عاون زيد في الجمع لجنة مؤلّفة من خمسة وعشرين رجلاً من قريش وخمسين رجلاً من الأنصار، وكان عُمَر يُشرف عليهم بنفسه ويأمرهم بعرضه على سعيد

          153
          بن العاص, لأنّه رجل فصيح19.

          - كان زيد وعمر يقعدان على باب المسجد، والناس يأتونهم بآيِ القرآن وسوَره, كلٌّ حسَب ما عنده من القرآن. وكانوا يكتبونها على الصحف والألواح والعسب، ولا يقبلون من أحد شيئاً
          حتّى يأتي بشاهد عدل يشهد بصحَّة ما عنده من قرآن20.

          - آخر آيتين من سورة براءة أُخِذتا من خزيمة بن ثابت وحده فقط, لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اعتبر شهادته وحدَه بشهادتين21.
          - لم ينظّم زيد سوَر القرآن أو يرتّبها ضمن مصحف جامع، وإنَّما جمَع القرآن في صُحف, أي أودعَ الآيات والسوَر المتفرّقة في صحُف، وجعلها في إضبارة وجمعها بجامع وربطها
          بخيط، خوفاً من التفرقة والضياع22.

          - صحُف زيد كانت مرتَّبة الآيات دون السوَر23.

          ج- مصير الجمع
          : أُودِعت هذه الصحُف المجموعة من قِبَل زيد بن ثابت عند أبي بكر، فبقيت معه حتى وفاته، ثمَّ صارت إلى عمَر، وبعده كانت عند ابنته حفصة، وفي أيّام توحيد المصاحف استعارها عثمان منها ليقابل بها النُسَخ، ثمَّ ردَّها إليها، وقد طلبها منها مروان ـ يوم كان والياً على المدينة من قِبل معاوية ـ فابت أن تدفعها إليه، فلمّا توفّيت أخذَها من عبدالله بن عمر، وأمرَ بها, فشُقَّت24.



          يتبع

          تعليق


          • #20
            مصادر الدرس ومراجعه 1- القرآن الكريم.
            2- القمي، تفسير القمي، ج2، تفسير سورة الناس، ص451.
            3- الكليني، الكافي، ج1، كتاب الحجّة، باب أنّه لم يجمع القرآن...، ح1، ص228, ج2، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح23، ص633.
            4- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص161-163.
            5- ابن جزي، التسهيل لعلوم التنزيل، ج1، ص12.
            6- العياشي، تفسير العياشي، ج1، باب في علم الأئمّة عليهم السلام بالتأويل، ح2، ص14.
            7- اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص135.
            8- الهلالي، كتاب سليم بن قيس، ص146-147, ص210-212.
            9- البخاري، صحيح البخاري، ج5، ص210, ج6، ص98, ج8، ص119.
            10- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج1، ص207، 213-214.
            11- الطبراني، مسند الشاميين، ج4، ص23
            12- العسقلاني، فتح الباري، ج9، ص1
            13- المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، ج2، ص573-574.

            هوامش 1- القمي، تفسير القمي، م.س، ج2، تفسير سورة الناس، ص451.
            2- الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج1، كتاب الحجّة، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلا الأئمّة عليهم السلام ...، ح1، ص228.
            3- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص161-162.
            4- انظر: ابن جزي، التسهيل لعلوم التنزيل، م.س، ج1، ص12.
            5- سورة الأعلى، الآية: 1.
            6- سورة الأعلى، الآيتان: 18-19.
            7- سورة الحاقّة، الآية: 12.
            8- انظر: العياشي، تفسير العياشي، م.س، ج1، باب في علم الأئمّة عليهم السلام بالتأويل، ح2، ص14.
            9- انظر: م. ن.
            10- بمعنى العيدان المتفرّقة.
            11- الأسيار جمع السير, وهو قدّة من الجلد مستطيلة.
            12- انظر، اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج2، ص135.
            13- انظر: الهلالي، كتاب سليم بن قيس، م.س، ص146-147.
            14- الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح23، ص633.
            15- انظر: الهلالي، كتاب سُليم بن قيس، م.س، ص210-212.
            16- الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب فضل العلم، باب النوادر، ح23، ص633.
            17- انظر: البخاري، صحيح البخاري، م.س، ج5، ص210, ج6، ص98, ج8، ص119.
            18- انظر: م. ن.
            19- انظر: اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج2، ص135.
            20- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص162-163, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص207.
            21- انظر: البخاري، صحيح البخاري، م.س، ج5، ص210, ج6، ص98, ج8، ص119, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص163.
            22- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص163.
            23- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص213-214.
            24- انظر: الطبراني، سليمان بن أحمد: مسند الشاميين، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط2، بيروت، مؤسّسة الرسالة، 1417هـ.ق/ 1996م، ج4، ص235, ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج9، ص17, المتّقي الهندي، علي: كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، ضبط وتفسير بكري حياني، تصحيح وفهرسة صفوة السقا، لاط، بيروت، مؤسّسة الرسالة، 1409هـ.ق/ 1989م، ج2، ص573-574.
            25- انظر: الهلالي، كتاب سُليم بن قيس، م.س، ص210-212.

            تعليق


            • #21
              دروس في علوم القران 10

              - جمع أُبَي بن كعب:
              أ- واقع الجمع: إنّ قيام أُبَي بن كعب بجمع القرآن ضمن مصحف خاصّ به من الأحداث التاريخية التي نقلها أصحاب السير والتاريخ والأثر، حيث جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشتهرت قراءته - آنذاك - بين أهل الشام1.

              ب- خصائص الجمع:

              - ترتيب سوره قريباً من ترتيب المصحف الموجود اليوم بين أيدينا2.

              - عدد السور: قيل: مائة وستّ عشرة سورة، وقيل: مائة وخمس عشرة سورة, بجعل سورتَي الفيل وقريش سورة واحدة، وزيادة سورتَي الخَلْع والحفد3.

              - افتتاح المصحف بسورة الحمد واختتامه بالمعوَّذتين4.

              - زيادة سورَتين، هما: سورة الخلْع (بسم الله الرحمن الرحيم * اللّهمّ إنّا نستعين ونستغفرك ونُثني عليك الخير * ولا نكفرك * ونخلَع ونترك مَن يفجرك)، وسورة الحفْد (بسم الله الرحمن الرحيم * اللّهمّ إيّاك نعبد ولك نصلّي ونسجد * وإليك

              161
              نسعى ونحفد * نخشى عذابك ونرجورحمتك * إنّ عذابك بالكفّار ملحَق)، حيث كان أبي بن كعب يدعو بهما في قنوته5.

              - إسقاط البسملة بين سورتَي الفيل وقريش, باعتبارهما سورة واحدة بلا فصل بينهما6.

              - افتتاح الحواميم بسورة الزمَر، فيكون عدد الحواميم عنده ثمانية7.

              - اشتماله على بعض القراءات الشاذّة، من قبيل: قرأ: "هبنا" بدل
              ﴿بَعَثَنَا في قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا8(يس: 52). وقرأ: "مرّوا فيه" أو "سعوا فيه" بدل ﴿مَّشَوْاْ فِيهِ في قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ9 (البقرة: 20)...

              ج- مصير الجمع:
              روي عن محمد بن أُبَي بن كعب: أنّ أناساً من أهل العراق قدموا عليه، فقالوا: إنّا تحمّلنا إليك من العراق، فاخرج لنا مصحف أُبَي، فقال محمد: قد قبضه عثمان، قالوا: سبحان الله، أخرجه! قال: قد قبضه عثمان10. فلعلّ في كثرة إلحاحهم عليه ما يُحتمل معه علمهم بوجود مصحف أُبَي مع ابنه.

              ونقل الطبري عن أبو كريب، عن يحيى بن عيسى، عن نصير بن أبي الأشعث، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، قال: أعطاني ابن عبّاس مصحفاً، فقال: هذا على قراءة أُبَي. قال أبو كريب: قال يحيى: فرأيت المصحف عند نصير فيه:
              ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ﴾﴿أَجَلٌ مُّسَمًّى﴾11. الأمر الذي يدلّ على أنَّ هذا المصحف كان موجوداً
              162
              على أقلّ تقدير إلى القرن الثاني, لأنَّ يحيى بن عيسى الكوفي الفاخوري توفّي عام 201هـ12.

              قال الفضل بن شاذان: أخبرنا الثقة من أصحابنا: كان تأليف السور في قراءة أبي بن كعب بالبصرة في قرية يقال لها قرية الأنصار، على رأس فرسخين عند محمد بن عبد الملك الأنصاري13، أخرج إلينا مصحفاً، وقال: هو مصحف أُبَي رويناه عن آبائنا، فنظرت فيه، فاستخرجت أوائل السور، وخواتيم الرسل. وعدد الآي: فأوله فاتحة الكتاب...14.

              2- جمع عبدالله بن مسعود:

              أ- واقع الجمع: إنّ قيام عبدالله بن مسعود بجمع القرآن ضمن مصحف خاصّ به من الأحداث التاريخية التي نقلها أصحاب السير والتاريخ والأثر، حيث جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشتهرت قراءته - آنذاك - بين أهل الكوفة15.

              ب- خصائص الجمع:

              - الجمع وفْق الترتيب التالي: السبع الطوال، المِئين، المثاني، الحواميم، المُمتحنات، المفصَّلات16.
              - إسقاط سورة الفاتحة من الجمع, ليس اعتقاداً بعدم قرآنيّتها، بل لأنّ الجمع سبب الحفظ عن الضياع، وسورة الفاتحة مأمونة عن الضياع, لكثرة قراءتها من

              163
              قِبَل المسلمين في صلواتهم اليومية17.

              - إسقاط سورَتي المعوَّذتين "الفلَق" و"الناس", اعتقاداً منه أنَّهما ليستا من القرآن، بل هما للتعوّذ من العين والسحر18.
              - عدد السور: مائة واثنتا عشرة سورة19.

              - إثبات البسملة لسورة براءة20.
              - التوسعة في قراءة ألفاظ القرآن، فكان ابن مسعود يجوِّز أن تُبدَّل كلمة إلى أُخرى مرادفتها، إذا كانت لتسهيل القراءة، ولا تضرّ بالمعنى القرآني، مثال: أقرأ ابن مسعود رجلاً:
              ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ، فقال الرجل: طعام اليتيم، فردّها فلم يستقم بها لسانه، فقال: أتسطيع أن تقول طعام الفاجر، قال: نعم. قال: فافعل21.

              - اشتماله على زيادات تفسيرية أُدرجت على النصّ القرآني, لغرض الإيضاح22.

              ج- مصير الجمع:
              روي أنّه لمّا أُمِرَ بالمصاحف أن تغيّر - بعد توحيد المصاحف -، قال ابن مسعود: مَن استطاع أن يغلّ مصحفاً فليغلُل, فإنَّه مَن غلَّ يأت يوم القيامة23.
              ونقل ابن النديم عن محمد بن إسحاق: رأيت عدّة مصاحف ذكر نسّاخها أنّها مصحف ابن مسعود، ليس فيها مصحفين متّفقين وأكثرها في رقّ كثير النسخ، وقد رأيت مصحفاً قد كتب منذ مائتي سنة فيه فاتحة الكتاب24.

              164
              3- مصاحف أُخرى:
              أ- واقع هذه المصاحف:
              بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, قامت جماعة من كبّار الصحابة بتأليف القرآن وجمع سوَره بين دفَّتين, بنَظمٍ وترتيب خاصّ، خوفاً على القرآن من الضياع، وأبرز هؤلاء الصحابة الذين اشتهروا بجمعهم مصاحف خاصّة بهم - غير ما سبق ذِكرهم -: أبو موسى الأشعري، حيث جمع مصحفاً سُمّي "لُباب القلوب"، واشتهرت قراءته بين أهل البصرة، والمقداد بن الأسود الذي اشتهرت قراءته بين أهل حمص ودمشق25.

              ب- خصائص هذه المصاحف:
              الطابع العامّ لهذه المصاحف ترتيبها سورها وفق ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, بتقديم السبع الطوال على المئين، ثمَّ المثاني، ثمَّ الحواميم، ثمَّ الممتحنات، ثمّ المفصَّلات، مع وجود بعض الاختلافات في ما بينها في تقديم بعض السور أو تأخيرها داخل المجموعة نفسها، أو نسبتها إلى مجموعة أخرى, وذلك باجتهاد من الصحابة أنفسهم26.

              ج- مصير هذه المصاحف:
              تُلِفَت هذه المصاحف على عهد عثمان بعد قيامه بتوحيد المصاحف، حيث أرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخت لجنة توحيد المصاحف، وأمَر بما سواه من القرآن كان مجموعاً ضمن صحف أو ضمن مصحف جامع أن يُحرَق27.



              يتبع

              تعليق


              • #22
                مصادر الدرس ومراجعه
                1- القرآن الكريم.
                2- ابن النديم، الفهرست، ص29-30.
                3- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج1، ص236، 239, ج4، ص340.
                4- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص133، 172-179، 214، 497.
                5- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج8، ص280.
                6- المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، ج2، ص585.
                7- الطبري: جامع البيان عن تأويل أي القرآن، ج5، ص18.
                8- العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج11، ص230-231.
                9- الطوسي، رجال الطوسي، ص289.
                10- تاريخ اليعقوبي، ج2، ص170-171.
                11- ابن حنبل، مسند أحمد، ج1، ص414, ج5، ص129-130.
                12- العسقلاني، فتح الباري، ج9، ص39.
                13- ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب عليهم السلام, ج1، ص301-302.
                14- ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج3، ص11
                15- ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج39، ص241-242.
                16- البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص99.

                هوامش
                1- انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص29-30, الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص239.
                2- م. ن.
                3- م. ن.
                4- م. ن.
                5- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص178-179.
                6- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج4، ص340, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص497.
                7- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص175-176.
                8- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج8، ص280.
                9- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص133.
                10- انظر: المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، م.س، ج2، ص585.
                11- انظر: الطبري، محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل أي القرآن، تقديم خليل الميس، ضبط وتوثيق وتخريج صدقي جميل العطّار، لاط، بيروت، دار الفكر، 1415هـ.ق/ 1995م، ج5، ص18.
                12- انظر: العسقلاني، أحمد بن علي(ابن حجر): تهذيب التهذيب، ط1، بيروت، دار الفكر، 1404هـ.ق/ 1984م، ج11، ص230-231.
                13- عدّه الشيخ الطوسي قدس سره من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . انظر: الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن: رجال الشيخ الطوسي، تحقيق جواد القيومي الإصفهاني، ط1، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، 1415هـ.ق، ص289.
                14- انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص29.
                15- انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص29, اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج2، ص170-171, الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص239.
                16- انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص29, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص176.
                17- انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص29, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص176، 214.
                18- انظر: ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج5، ص129-130, ابن النديم، الفهرست، م.س، ص29, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص176.
                19- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص178.
                20- انظر: العسقلاني، أحمد بن علي (ابن حجر): فتح الباري، ط2، بيروت، دار المعرفة، لات، ج9، ص39, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص177.
                21- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص133.
                22- انظر، ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب عليهم السلام, م.س، ج1، ص301-302.
                23- انظر: ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج1، ص414,
                24- انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص29.
                25- انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص30, الشيباني، علي بن أبي الكرم(ابن الأثير): الكامل في التاريخ، لاط، بيروت، دار صادر، 1386هـ.ق/ 1966م، ج3، ص111, الشافعي، علي بن الحسن (ابن عساكر): تاريخ مدينة دمشق، تحقيق علي شيري، لاط، بيروت، دار الفكر، 1415هـ.ق، ج39، ص241-242.
                26- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص172-174.
                27- انظر: البخاري، صحيح البخاري، م.س، ج6، ص99, الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص236.
                28- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص175-176.
                29- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص176.

                تعليق


                • #23
                  دروس في علوم القران 11

                  1- اختلافُ المصاحف:
                  بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم انبرى عدد من الصحابة لجمع القرآن خوفاً عليه من الضياع، فقام كلّ واحد منهم بجمعه وفق ترتيب خاصّ ضمن مصحف جامع. وبفعل اختلاف قابليات كلّ واحد منهم واستعداداته وقدراته, اقتضت طبيعة الحال وقوع الاختلاف بين هذه المصاحف. وقد أدّى هذا الاختلاف بين المصاحف إلى اختلاف الناس في ما بينهم، نظراً لأنّ كلّ قطر من أقطار الدولة الإسلاميّة آنذاك أضحى يقرأ بقراءة تختلف عن قراءة الأقطار الأخرى, تبعاً لقراءتهم على مصحف دون آخر.

                  وروي في غزْو مرج أرمينية: أنّه بعد ما رجع حذيفة من غزو الباب (مرج أرمينية ـ آذربيجان) قال لسعيد بن العاص, وكان بصحبته: لقد رأيت في سفري هذا أمراً لئن تُرِك ليختلفنَّ في القرآن، ثمَّ لا يقومون عليه أبداً! قال سعيد: وما ذاك؟ قال: رأيت أُناساً من أهل حمْص يزعمون أنَّ قراءتهم خير من قراءة غيرهم، وأنَّهم أخذوا القرآن عن المقداد، ورأيت أهل دمشق يقولون: إنَّ قراءتهم خير من قراءة غيرهم، ورأيت أهل الكوفة يقولون مثل ذلك, وأنَّهم قرأوا على ابن مسعود، وأهل البصرة يقولون مثل ذلك, وأنَّهم قرأوا على أبي موسى الأشعري ويسمّون مصحفه "لُباب القلوب". فلمّا وصل ركْب حذيفة وسعيد إلى الكوفة أخبر حذيفة الناس بذلك

                  173
                  وحذَّرهم ما يخاف، فوافقه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكثير من التابعين. وقال له أصحاب ابن مسعود: ما تُنكر، ألسنا نقرأه على قراءة ابن مسعود؟! فغضب حذيفة ومَن وافَقه، وقالوا: إنَّما أنتم أعراب فاسكتوا، فإنَّكم على خطأ، وقال حذيفة: والله لئن عشتُ لآتيَنّ أمير المؤمنين ـ يعني عثمان ـ ولأُشيرنَّ عليه أن يحُول بين الناس وبين ذلك. فأغلظ له ابن مسعود، فغضب سعيد وقام، وتفرّق الناس، وغضب حذيفة وسار إلى عثمان، فأخبره بالذي رأى، وقال أنا النذير العريان فأدركوا الأمّة. فجمع عثمان الصحابة وأخبرهم الخبر، فأعظموه ورأوا جميعاً ما رأى حذيفة....1. وقد ذكر أصحاب السير والتاريخ حوادث أخرى مشابهة لهذه الحادثة2, استدعت التفكير مليّاً بالقيام بتوحيد المصاحف.

                  2- واقع توحيد المصاحف:

                  أمام هذا الواقع من الاختلاف بين الناس في أمر القرآن، عزم عثمان عام 25 للهجرة3 على تنفيذ مهمّة توحيد المصاحف، فأرسل إلى كلِّ أُفُق مَنْ يجمع المصاحف أو الصحف التي فيها قرآن، حتّى جُمِعَت، ثمَّ سلَقها بالماء الحار والخلّ، وقيل: أحرَقها، فلم يبقَ مصحف إلاّ فعل به ذلك، خَلا مصحف ابن مسعود، فامتنع أن يدفع مصحفَه إلى عبد الله بن عامر، فكتب إليه عثمان أن أشخِصه4.

                  وتجدر الإشارة إلى أنّ إجراء حرق المصاحف من قِبَل عثمان أدّى إلى ضياع كثير من الإشارات والتوضيحات المتعلّقة بنزول الآيات، ومكان نزولها، ومن نزلت فيهم،

                  174
                  وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها..., كما كان يبيّنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم للصحابة، والتي كانوا يكتبونها على هامش مصاحفهم.

                  ومن ثمّ أرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصُحُف ننسخها في المصاحف، ثمّ نردّها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، ثمّ ندب لمهمّة توحيد المصاحف نفراً يخصّونه، ليشكّلوا نواة لجنة توحيد المصاحف، وهم أربعة: زيد بن ثابت (وهو من الأنصار)، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمان بن الحارث بن هشام (وهم قرشيّون)5.

                  وكان ابتداء الأمر في عمل اللجنة لزيد وسعيد، حيث سأل عثمان: مَن أكتَبُ الناس؟ قالوا: زيد، ثمَّ قال: فأيُّ الناس أفصح؟ قالوا: سعيد، فقال: فليُملِ سعيد، وليكتُب زيد6.

                  وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن, فاكتبوه بلسان قريش, فإنّه إنّما نزل بلسانهم, ففعلوا7.

                  ولكنّ هؤلاء الأربعة لم يستطيعوا القيام بالأمر لوحدهم، ومن ثمَّ استعانوا: بأُبيّ بن كعب، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عبّاس، إلى تمام الاثني عشر رجلاً، فكان أُبَي بن كعب يُملي عليهم ويكتب الآخرون8.

                  وكان التساهل في مهمّة توحيد المصاحف واضحاً وجليّاً، حيث وردت في المصحف العثماني أخطاء ومناقضات إملائية لا يستهان بها، حيث إنَّهم عندما فرغوا من نَسْخ المصاحف أتَوا به إلى عثمان، فنظر فيه فقال: قد أحسنتم وأجملتم، أرى فيه شيئاً من لَحْن! لكن ستُقيمه العرب بألسنتها، ثمَّ قال: لو كان المُملي من

                  175
                  هُذَيل، والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا!9.

                  هذا مع وجود بعض الاختلافات بين النسخ المُرسلة إلى الآفاق الإسلامية, من قبيل: قرأ ابن عامر, وهو مقرىء الشام:
                  ﴿جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾10 بالباء (بالزبر), لأنّ مصحف الشام فقط كانت فيه زيادة الباء، وقرأ الباقون بغير باء, لخلو مصاحفهم عن زيادة الباء11. وقرأ ابن عامر ونافع: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ12 بدون واو(وسارعوا), لعدم اشتمال مصحفي الشام والمدينة عليها، بينما قرأ الباقون من القرّاء بالواو, لاشتمال مصاحفهم عليها13.

                  واختلف المؤرِّخون في عدد المصاحف الموحّدة التي أُرسلت إلى الآفاق، فذهب البعض إلى أنّها كانت ستَّة حسب الأمصار المهمَّة: المكي، والشامي، والبصري، والكوفي، والمدني العامّ، والمدني الخاصّ الذي حبسه عثمان لنفسه وكان النسخة الأمّ أو الإمام التي يرجع إليها عند الاختلاف في مصاحف الأمصار، وقيل ثمانية: الكوفي، والبصري، والشامي، والمدني العام، والمدني الخاصّ، وثلاثة مختلف فيها هي: المكي، ومصحف البحرين، ومصحف اليمن. وقيل: إنّ عثمان أنفذ إلى مصر مصحفاً14. وأوفد عثمان قارئاً مع كلّ نسخة كان يرسلها إلى كلّ إقليم, يوافق قراءتهم، واختار زيد بن ثابت مُقرءاً للمدينة15.

                  وقد أبدى الصحابة رضاهم بفكرة توحيد المصاحف، إلا ابن مسعود لم يكن راضياً عن هذا الإجراء16. ولعلّ عدم رضاه راجع إلى استبعاده من لجنة توحيد

                  176
                  المصاحف, وهو الذي كان يتلقّى القرآن من فم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأجدر بهذا الأمر من زيد بن ثابت17.

                  ونُقِلَ عن الإمام علي عليه السلام تأييده لفكرة توحيد المصاحف، بقوله: "فوالله ما فعَل عثمان الذي فعَل في المصاحف إلاّ عن مَلأ منّا، استشارنا في أمر القراءات، وقال: بلَغني أنَّ بعضهم يقول: قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كُفراً، قلنا: فماذا رأيت؟ قال: أرى أن يُجمَع الناس على مصحفٍ واحد، فلا تكون فُرْقة ولا اختلاف. قلنا: فنِعمَ ما رأيت"18.

                  وكان الإمام علي عليه السلام حريصاً على الالتزام بما نتج عن لجنة توحيد المصاحف, حِفاظاً على كتاب الله من أن تمسَّه يد التحريف في ما بعد تحت ذريعة الإصلاح، حيث سأله بعض الناس عن إمكانية تغيير كلمة فيه، فأجابهم عليه السلام بحزم: "إنَّ القرآن لا يهاج اليوم ولا يحوَّل"19.

                  3- خصائص المصاحف العثمانية:

                  أ- الترتيب: موافقتها لترتيب المصحف الموجود الذي بين أيدينا20، وهي قريبة من ترتيب بعض مصاحف الصحابة، ولا سيما مصحف أُبَي بن كعب مع وجود بعض الاختلافات اليسيرة، منها: أنَّ الصحابة كانوا يعدّون سورة يونس من السبع الطوال، فكانت هي السورة السابعة ترتيباً في مصحف ابن مسعود، والثامنة في مصحف أُبَيّ بن كعب، لكنّ عثمان عمَد إلى سورة الأنفال فجعلَها هي وسورة براءة سابعة السبع الطوال، ظنّاً منه أنّها سورة واحدة، وأخَّر سورة يونس إلى سور المئين21.

                  177
                  ب. الإعجام(النقط) والشكل(التشكيل): خلو المصاحف العثمانية عن العلامات التي تمتاز بها الحروف المعجمة عن الحروف المهملة22, بسبب طبيعة الخطّ العربي آنذاك، فلا تمييز بين الباء والتاء، ولا بين الجيم والحاء والخاء...، مثال: ﴿تَبْلُو و(تتلو) في قوله تعالى: ﴿هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ...23 24، و﴿نُنَجِّيكَ و(ننحّيك) في قوله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً...25 26.

                  وكذلك تجرّد المصحف عن الحركة والإعراب27, ما استدعى أن يقوم القارئ بنفسه بالتمييز بينهما عند القراءة, حسب ما يبدو له من قرائن, كما كان عليه أن يعرِف بنفسه وزن الكلمة وكيفية إعرابها أيضاً، مثال: في قوله تعالى:
                  ﴿...وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾28، قرأ حمزة وحده: (إن تضل) بكسر الهمزة. والباقون بفتحها. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وقتيبة: (فتذكر) بالتخفيف والنصب. وقرأ حمزة: (فتذكر) بالتشديد والرفع. وقرأ. الباقون: (فتذكر) بالتشديد والنصب. وقرأ عاصم وحده: (تجارة حاضرة) بالنصب. وقرأ الباقون بالرفع. وقرأ أبو جعفر: (ولا يضار) بتشديد الراء وتسكينها. والباقون: (لا يضار) بالنصب والتشديد29.

                  ومن هنا، فإنّ خلو المصاحف الأوَّليَّة عن علائم فارقة شكّل سبباً بارزاً في حدوث الاختلاف في القراءات في ما بعد, إذ كان الاعتماد على الحفْظ والسماع،

                  178
                  وبطول الزمان ربَّما كان يحصل اشتباه في النقل أو خلْط في السماع. أضف إلى ذلك دخول ألسنة غير عربية إلى الإسلام بعد توسّع الفتوحات الإسلامية, فكان يتعذّر عليهم قراءة مصحف خالٍ من العلائم الإيضاحية المائزة، حتى لو تعلّموا اللغة العربية30.

                  4- مصير المصاحف العثمانية:

                  ليس بين أيدينا دليل قاطع على وجود المصاحف العثمانية الآن، فضلاً عن تعيين أمكنتها، وقد أفاد ابن الجزري أنّه رأى في زمانه مصحف أهل الشام، ورأى - أيضاً - مصحفاً في مصر. أمّا المصاحف الأثرية التي تحتويها خزائن الكتب والآثار في مصر، ويقال عنها: إنّها مصاحف عثمانية, فإنّنا نشكّ كثيراً في صحّة هذه النسبة, لأنّ بها زركشة ونقوشاً موضوعة كعلامات للفصل بين السور، ولبيان أعشار القرآن، ومعلوم أنّ المصاحف العثمانية كانت خالية من كلّ هذا، ومن النقط والشكل أيضاً. نعم، إنّ المصحف المحفوظ في خزانة الآثار بالمسجد الحسيني والمنسوب إلى عثمان مكتوب بالخطّ الكوفي القديم، مع تجويف حروفه وسعة حجمه جداً، ورسمه يوافق رسم المصحف المدني أو الشامي، حيث رسم فيه كلمة "من يردْد" من سورة المائدة، بدالين اثنين مع فكّ الإدغام, وهي فيها بهذا الرسم، فأكبر الظنّ أنّ هذا المصحف منقول من المصاحف العثمانية على رسم بعضها. وكذلك المصحف المحفوظ بتلك الخزانة، ويقال: إنّ علي ابن أبي طالب كتبه بخطّه، يلاحظ فيه أنّه مكتوب بذلك الخط الكوفي القديم، بيد أنّه أصغر حجماً، وخطّه أقل تجويفاً من سابقهن ورسمه يوافق غير المدني والشامي من المصاحف العثمانية، حيث رُسِمَت فيه الكلمة السابقة "يردّ" بدال واحدة مع الإداغام، وهي في غيرهما كذلك، فمن الجائز أن يكون كاتبه علياً أو أن يكون قد أمر بكتابته في الكوفة31.

                  179
                  5- الصحيح في مسألة جمع القرآن:
                  إذا أردنا أن نقوِّم عملية جمع القرآن بحسب ما ورد من روايات ووثائق تاريخية في هذا الصدد، فيمكن القول: إنّ الجمع مرّ بمراحل ثلاث هي:
                  أ- المرحلة الأولى: جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم: وهو عبارة عن تأليف السور وترتيب الآيات داخلها بأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وذلك ضمن صُحُف غير مرتّبة السور ولا مجموعة بين دفّتين.

                  ب- المرحلة الثانية:
                  جمع الإمام علي عليه السلام: وهو عبارة عن جمع القرآن بين دفّتين ضمن مصحف جامع, وفق ترتيب النزول, بإيصاء من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل رحيله صلى الله عليه وآله وسلم, وتقسم هذه المرحلة إلى مرحلتين: الأولى: جمع القرآن بين دفتين ممّا تركه النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلف فراشه وعهد به إلى الإمام علي عليه السلام ليباشر بجمعه بعد رحيله صلى الله عليه وآله وسلم. الثانية: نسخ القرآن المجموع على نسخة من القرطاس، بعد أن كانت النسخة الأولى مكتوبة على العسب واللخاف والقرطاس والخشب...

                  وتجدر الإشارة إلى أنّ جمع زيد بن ثابت، والذي حصل بعد جمع الإمام علي عليه السلام لم يكن جمعاً لمصحف، بل لصحائف غير مرتّبة السور، فلم يأتِ بشيء جديد، فضلاً عن أنّ هذه الصحائف كانت نسخة خاصّة بالخليفة الأوّل، ثمّ أصبحت عند الخليفة الثاني، ثمّ ورثتها ابنته حفصة، ولم تكن هذه الصحائف متداولة بين المسلمين.

                  كما أنّ ما جمعه الصحابة ضمن مصاحف, كأُبَي بن كعب، وعبدالله بن مسعود، وغيرهما، جاء بعد جمع الإمام علي عليه السلام, ولم يقدّم شيئاً جديداً على ما جمعه الإمام علي عليه السلام, بل كان بعض هذه المصاحف يشتمل على اجتهادات من قِبَل الصحابة أدّت في ما بعد إلى وقوع الاختلاف بين الناس في قراءة القرآن.

                  ج- المرحلة الثالثة:
                  محاولة توحيد القراءات المختلفة والرسم في عهد عثمان بن عفان: والواقع أنّ هذه المحاولة لم يُكتَب لها تحقيق هدفها, لأنّها وقعت في المشكلة نفسها من الاختلاف، حيث كانت المصاحف العثمانية المُرسَلة إلى

                  180
                  الأمصار في ما بينها, قراءة ورسماً، ولم تفلح في توحيد القراءة والرسم. وعلى رغم ذلك فقد أمضى الإمام علي عليه السلام محاولة توحيد المصاحف تلك وأيّدها، ومنع في ما بعد أيّ محاولة لتصحيح المصحف, حتى ولو كانت تصحيحاً لأخطاء إملائية واضحة.


                  يتبع

                  تعليق


                  • #24
                    مصادر الدرس ومراجعه 1- القرآن الكريم.
                    2- ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج3، ص111-112.
                    3- ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج39، ص241-242.
                    4- العسقلاني، فتح الباري، ج9، ص15-17.
                    5- المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، ج2، ح4870، ص585, ح4784، ص586, ح4787، ص587.
                    6- اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص160، 170.
                    7- البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص99.
                    8- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص164-166، 216.
                    9- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج1، ص211، 213، 329-332.
                    10- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج2، ص389، 462.
                    11- الترمذي، سنن الترمذي(الجامع الصحيح)، ج4، ص348-349.
                    12- الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج9، ص495.
                    13- ابن حنبل، مسند أحمد، ج1، ص5
                    14- النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج2، ص221.
                    15- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج1، ص330-333, ج2، ص216, ج5، ص180، 221.

                    هوامش 1- انظر، ابن الأثير، الكامل في التاريخ، م.س، ج3، ص111-112, ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، م.س، ج39، ص241-242.
                    2- لمزيد من التفصيل، انظر: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، م.س، ج39، ص240, ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج9، ص15-16.
                    3-روى مصعب بن سعد بن أبي وقاص: سمع عثمان قراءة أُبَي، وعبد الله، ومعاذ، فخطب الناس، ثمّ قال: إنّما قبض نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم منذ خمس عشرة سنة، وقد اختلفتم في القرآن، عزمت على من عنده شيء من القرآن سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, لمّا أتاني به. انظر: المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، م.س، ج2، ح4870، ص585, ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج9، ص15.
                    4- انظر: اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج2، ص170.
                    5- انظر: البخاري، صحيح البخاري، م.س، ج6، ص99, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص164-165, ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج9، ص15-16.
                    6- انظر: ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج9، ص16.
                    7- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص165.
                    8- انظر: ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج9، ص16-17, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص211.
                    9- انظر: المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، م.س، ج2، ح4784، ص586, ح4787، ص587.
                    10- سورة آل عمران، الآية: 184.
                    11- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج2، ص462.
                    12- سورة آل عمران، الآية: 133.
                    13- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج2، ص389.
                    14- انظر: اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج2، ص160, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص216, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص329-330.
                    15- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص330.
                    16- انظر، ابن الأثير، الكامل في التاريخ، م.س، ج3، ص111-112, ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، م.س، ج39، ص241-242.
                    17- انظر: الترمذي، محمد بن عيسى: سنن الترمذي(الجامع الصحيح)، تحقيق وتصحيح عبد الرحمن محمد عثمان، ط2، بيروت، دار الفكر، 1403هـ.ق/ 1983م، ج4، ص348-349.
                    18- انظر: السيوطي، الإتقان، م.س، ج1، ص166.
                    19- انظر: الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، م.س، ج9، ص495.
                    20- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص213.
                    21- انظر: ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج1، ص57, النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، م.س، ج2، ص221.
                    22- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص331-332.
                    23- سورة يونس، الآية: 30.
                    24- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج5، ص180.
                    25- سورة يونس، الآية: 92.
                    26- انظر: م. ن، ص221.
                    27- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص332-333.
                    28- سورة البقرة، الآية: 282.
                    29- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج2، ص216.
                    30- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص333.
                    31- انظر: م. ن، ص330-331.
                    32- انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص226-228.

                    تعليق


                    • #25
                      دروس في علوم القران 12

                      المحتوى التفصيلي:
                      1- نشأة القراءات ومراحل تطوّرها:
                      القراءات القرآنية هي: علم بكيفيّة أداء كلمات القرآن واختلافها بعَزْو النّاقلة1. وقد مرّت هذه القراءات بمراحل مختلفة يمكن إيجازها بالتالية:
                      أ- المرحلة الأولى: القراءة مباشرة من فم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: وهي المرحلة التأسيسية في القراءة، حيث كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهتمّون بتعلّم القرآن الكريم وحفظه وتلاوته وسماعه مباشرة من فم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن دون واسطة. ومن هؤلاء: الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام, وعبد الله بن مسعود، وأُبَي بن كعب، وزيد بن ثابت، وغيرهم2.

                      ب- المرحلة الثانية:
                      قراءة الصحابة: وتمتاز هذه المرحلة ببداية قراءة الصحابة على الناس وظهور مصاحف خاصّة بهم، بحيث اشتهرت قراءاتهم ومصاحفهم بين المسلمين في المناطق التي كانوا يتواجدون فيها، واصطبغت بأسمائهم في ما بين الناس، مثل: مصحف أُبَي بن كعب، ومصحف عبد الله بن مسعود،

                      189
                      ومصحف المقداد بن الأسود3...

                      ج- المرحلة الثالثة:
                      قراءة الأمصار: بعد أن قام عثمان بن عفان بتوحيد المصاحف، أمر بنسخ عدّة مصاحف من النسخة الأمّ الموجودة في المدينة عاصمة الخلافة، وعيّن زيد بن ثابت قارئاً للمدينة، وأرسل النسخ الأخرى إلى الأمصار المختلفة، فبعث نسخة مع عبد الله السائب المخزومي (ت: تقريباً عام 70هـ) إلى مكة، ونسخة مع أبي عبد الرحمن السلمي (ت: 47هـ) إلى الكوفة، ونسخة مع عامر بن عبد القيس (ت: 55هـ) إلى البصرة، ونسخة مع المغيرة بن شهاب المخزومي (ت: 91هـ) إلى الشام, وكان هؤلاء القرّاء يقومون بتعليم الناس كيفية تلاوة القرآن4.

                      د- المرحلة الرابعة:
                      قراءة التابعين: وهم خصوص القرّاء الذين لم يأخذوا القرآن مباشرة من فم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم, بينما أخذوه من الصحابة، وأبرزهم: سعيد بن المسيب (ت: 92هـ)، وعبيد بن عميرات (ت: 74هـ)، ومجاهد بن جبر(ت: 103هـ)، وعلقمة بن قيس(ت:62هـ)، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي (ت: 72هـ)، وزر بن حبيش (ت: 82هـ)، وسعيد بن جبير(ت: 95هـ)، وعامر بن عبد القيس (ت: 55هـ)، ويحيى بن يعمر العدواني (ت: 90هـ)، ونصر بن عاصم (ت: قبل 100هـ)، والمغيرة بن أبي شهاب المخزومي (ت: بعد 70هـ)، وغيرهم5.

                      هـ- المرحلة الخامسة:
                      تأسيس علم القراءات: بدأت هذه المرحلة أوائل القرن الثاني للهجرة, فكانت مرحلة ازدهار علم القراءات وذروته، حيث ظهرت المدارس والمذاهب المختلفة في القراءات، ومن قرّاء هذه المرحلة: القرّاء السبع:

                      190
                      ابن كثير(ت: 120هـ)، وعاصم بن أبي النجود (ت128هـ)، ونافع المدني (ت: 159هـ)، ...6.

                      و- المرحلة السادسة: تدوين القراءات: بدأت هذه المرحلة أوائل القرن الثالث الهجري، حيث نشطت فيها حركة تدوين القراءات, بفعل ظهور الاختلافات الكثيرة بين القرّاء, ما استدّعى القيام بوضع ضوابط وقواعد لهذا العلم، فكان أوّل من كتب في قراءات القرآن: أبو عبيد القاسم بن سلام (ت: 224هـ)، ثمّ أبو حاتم السجستاني (ت: 255هـ)، ثمّ أبو جعفر الطبري (ت: 310هـ)، ثمّ إسماعيل القاضي (ت: 282هـ)7.

                      ز- المرحلة السابعة:
                      حصر القراءات رسمياً: بدأت هذه المرحلة أواخر القرن الثالث الهجري، حيث بدأت عملية حصر القراءات رسمياً على يد ابن مجاهد أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس(245 - 324هـ), الذي كان أوّل من أضفى صبغة رسمية على ما يسمّى بالقراءات السبع8.

                      2- أسباب اختلاف القراءات:
                      يوجد أسباب عدّة ساهمت بوقوع الاختلاف في القراءات، أبرزها:
                      أ- اختلاف المصاحف العثمانية المُرسَلَة إلى الأمصار في ما بينها9.
                      ب- خلو المصاحف العثمانية من الإعجام والشكل10.
                      ج- اختلاف اللهجات: كان قرّاء القرآن يقرؤنه بلهجاتهم الخاصّة, ما استدعى وقوع

                      191
                      الاختلاف في القراءات وانتشاره بين الناس تدريجياً. مثال: إنّ اختلاف اللهجة يؤدّي أحياناً إلى حصول تقديم وتأخير في تلفظ حروف الكلمة الواحدة, فبني تميم وبعض ربيعة كانوا يقولون بدلاً من صاعقة وصواعق، صاقعة وصواقع11. وكانت قبيلة هذيل تُبدل الواو المكسورة بهمزة، فكانوا يلفظون كلمة وعاء: إعاء، وعلى ذلك كانت قراءة سعيد بن جبير لقوله تعالى: ﴿قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ12 بالهمزة (إعاء)13. هذا بالإضافة إلى الاختلافات التي كانت تحصل نتيجة للإظهار، والإدغام، والإشمام، والمدّ، والقصر، والإمالة، وما شابه ذلك.

                      ج- ظهور آراء واجتهادات من قِبَل القرّاء:
                      ابتعدت قراءة القرآن - أحياناً - بعد توحيد المصاحف عن السماع والنقل المطلوبين في الحكم بصحّة القراءة، وبفعل خلو المصاحف المُرسَلة إلى الأمصار من الإعجام والشكل, فلربّما كان بعض القرّاء يختار ما يراه مناسباً في المواضع الملتبسة عليه في القراءة, بما يؤدّي إلى إعمال الحدس والظنّ14.

                      1- أنواع اختلاف القراءات:
                      إنّ أنواع اختلاف القراءات ربَّما تفوق الحصْر15، أبرزها التالي:
                      أ- الاختلاف في إعراب الكلمة أو في حركات بقائها, بما لا يزيلها عن صورتها في الكتاب، ولا يغيّر معناه, من قبيل:
                      ﴿وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ، و(وهل يُجازَى إلا الكفور).
                      192
                      ب- الثاني الاختلاف في إعراب الكلمة, بما يغيّر معناها، ولا يزيلها عن صورتها في الخط, من قبيل: ﴿رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا و(ربنا باعَدَ بين أسفارنا).

                      ج- الاختلاف في تبديل حروف الكلمة من دون إعرابها, بما يغيّر معناها، ولا يغيّر صورة الخطّ بها, من قبيل:
                      ﴿نُنشِزُهَا و(ننشرها).

                      د- الاختلاف في الكلمة, بما يغيّر صورتها في الكتابة، ولا يغيّر معناه, من قبيل:
                      ﴿إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً و(إلا زقية واحدة).

                      هـ- الاختلاف في الكلمة, بما يزيل صورتها في الخطّ ويزيل معناها, من قبيل:
                      ﴿وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ و(طلع منضود).

                      و- الاختلاف بالتقديم والتأخير, من قبيل:
                      ﴿وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ و(وجاءت سكرة الحق بالموت).

                      ز- الاختلاف بالزيادة والنقص في الحروف والكلم, من قبيل:
                      ﴿وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ، و(وما عملت).

                      2- حصر القراءات:
                      أ- واقع حصر ابن مجاهد:
                      هو أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس (245-324هـ)، مقرىء بغداد، وأوّل من أضفى صبغة رسمية على القراءات السبع، حيث اختار أربعة قرّاء من المدينة ومكّة والبصرة والشام، وثلاثة من الكوفة، وجميعهم من قرّاء القرن الثاني، آخرهم الكسائي (ت: 189هـ). وكان ما شاع من قراءاتهم برواية تلاميذهم (مباشرة أو بالواسطة).

                      وقد أورد ابن مجاهد راويين فقط من بين تلاميذ مَنْ اختارهم من القرّاء ورواتهم، وذكر في كتابه روايتهما عن أستاذهما. وأدّى هذا العمل إلى أن تُنسى رواية التلاميذ الآخرين تدريجياً. والذين جاءوا بعد ابن مجاهد أضافوا إلى القراء السبعة ثلاثة قُرّاء، فصار عددهم

                      193
                      عشرة، وقد ساروا على طريقة ابن مجاهد, بالاكتفاء براويين لكلّ قارىء. ولحقَ هؤلاء أربعة، قرأوا بالشواذّ، وقد اعتُبِرَت قراءاتهم، وقَبِلَها أهل العامّة.

                      والقرّاء السبعة، هم: عبد الله بن عامر اليحصبي (ت118هـ), قارئ الشام، وعبد الله بن كثير الداري (ت120هـ), قارئ مكّة، وعاصم بن أبي النجود الأسدي (ت128هـ), قارئ الكوفة، وأبو عمرو زبان بن العلاء المازني (ت154هـ), قارئ البصرة، وحمزة بن حبيب الزيّات (ت156هـ), قارئ الكوفة - أيضاً -، ونافع بن عبد الرحمان الليثي (ت169هـ), قارئ المدينة، علي بن حمزة الكسائي (ت189هـ), قارئ الكوفة - أيضاً -.

                      والقرّاء المتمّمون للعشرة، هم: خلف بن هشام(229هـ) - راوي حمزة الزيّات -, قارئ بغداد، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي (ت205هـ), قارئ البصرة، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع المخزومي(ت130هـ), قارئ المدينة.

                      والقرّاء المتمّمون للأربعة عشر: وهم الذين قرأوا بالشواذ: ابن يسار(الحسن البصري)(ت110هـ), قارئ البصرة/ ومحمّد بن عبد الرحمان (ابن محيصن) (ت123هـ), قارئ مكَّة مع ابن كثير، سليمان بن مهران الأسدي(الأعمش) (ت148هـ), قارئ الكوفة16.

                      ب- تقويم حصر ابن مجاهد:
                      - تقويم القرّاء السبعة:
                      - القراء السبعة ليسوا من العرب، إلا ابن عامر وأبو عمرو17.

                      194
                      - جميع القرّاء السبعة عاشوا في القرن الثاني18.

                      - كان الناس على رأس المائتين بالبصرة على قراءة أبي عمرو ويعقوب، وبالكوفة على قراءة حمزة وعاصم، وبالشام على قراءة ابن عامر، وبمكة على قراءة ابن كثير، وبالمدينة على قراءة نافع، واستمرّوا على ذلك، فلمّا كان على رأس الثلاثمائة أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب19.

                      - كان للكوفة نصيبها الأوفر من غيرها من الأمصار في القراءات السبع، حيث كان لها ثلاثة قرّاء: عاصم وحمزة والكسائي, وهم من الموالين لأهل البيت عليهم السلام20.

                      - تقويم القراءات السبع
                      21:
                      - استقراء حال الرواة يورث القطع بأنّ القراءات نُقِلَت إلينا بأخبار الآحاد، فكيف تصحّ دعوى القطع بتواترها عن القراء؟! على أنّ بعض هؤلاء الرواة لم تثبت وثاقته!

                      - التأمّل في الطرق التي أخذ عنها القرّاء، يُقطَع معه بأنّ هذه القراءات إنّما نُقِلَت إليهم بطريق الآحاد.

                      - اتّصال أسانيد القراءات بالقرّاء أنفسهم يقطع تواتر الأسانيد, حتى لو كان رواتها في جميع الطبقات ممّن يمتنع تواطؤهم على الكذب، فإنّ كلّ قارئ إنّما ينقل قراءته بنفسه.

                      - احتجاج كلّ قارئ من هؤلاء على صحّة قراءته، واحتجاج تابعيه على ذلك أيضاً، وإعراضه عن قراءة غيره, دليل قطعي على أنّ القراءات تستند إلى اجتهاد

                      195
                      القرّاء وآرائهم, لأنّها لو كانت متواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يحتج في إثبات صحّتها إلى الاستدلال والاحتجاج.

                      - إنّ في إنكار جملة من الأعلام المحقّقين على جملة من القراءات دلالة واضحة على عدم تواترها, إذ لو كانت متواترة لما صحّ هذا الإنكار.

                      3- مقياس قبول القراءات:
                      أ- مقياس المشهور من علماء القراءات:
                      وهو يقوم على تحقيق أربعة أركان22، هي:
                      - صحة الإسناد.

                      - موافقة اللغة العربية، ولو بوجه, بأن تكون موافقة لأي وجه من وجوه النحو, سواء أكان فصيحاً أم أفصح، مجمعاً عليه أم مختلفاً فيه اختلافاً لا يضرّ مثله إذا كانت القراءة ممّا شاع وتلقّاه الأئمّة بالإسناد الصحيح.

                      - موافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً, بأن يكون ثابتاً فيها، ولو في بعضها دون بعضها الآخر.

                      - موافقتها للرسم العثماني ولو تقديراً, بحيث يكفي في الرواية أن توافق رسم المصحف, ولو موافقة غير صريحة.

                      ويلاحظ على هذا المقياس ما يلي23:
                      - أنّه يتّسم بالشمولية والسعة بالمقارنة مع ما ذكره مَنْ قَبله.

                      - يشمل كلّ القراءات الشاذّة والضعيفة, وذلك لأنّ خصائص رسم المصحف العثماني والأقوال المتعدّدة في الأدب العربي، يمكن أن تجعل الكثير من القراءات الضعيفة مطابقة لرسم المصحف ولقاعدة من قواعد النحو العربي، بشكل أو

                      196
                      بآخر. وفي هذه الحالة يفقد هذا المقياس أثره، ويصبح عملياً غير صالح لتمييز القراءات الصحيحة من الخاطئة.

                      ب- المقياس الصحيح:
                      وهو ما ذكره آية الله الشيخ محمد هادي معرفة قدس سره في كتابه التمهيد في علوم القرآن24، ويقوم على تحقيق الأركان التالية:
                      - موافقة القراءة مع الثبت المعروف بين عامّة المسلمين في مادّة الكلمة، وصورتها، وموضعها من النظم القائم, حسب تعاهد المسلمين، خلفاً عن سلف.
                      - موافقة القراءة مع الأفصح والأفشى في العربية.
                      - أن لا يعارضها دليل قطعي، سواء أكان برهاناً عقلياً، أم سنّة متواترة، أم رواية صحيحة الإسناد مقبولة عند الأئمّة25.

                      والصحيح هو:
                      أنّ أهمّ مقياس لقبول القراءة يكمن في انسجامها مع قراءات عامّة الناس التي توارثوها من جيل إلى جيل، وتكتسب الشروط الثلاثة المذكورة أصالتها, لأنّها تصبّ في اتّجاه تحقيق هذا المقياس.

                      4- الفرق بين القراءات والقرآن:

                      أجمع المسلمون بجميع نحلهم ومذاهبهم على أنّ ثبوت القرآن ينحصر طريقه بالتواتر، واستدلّ كثير من العلماء على تواتره, بتوافر الدواعي لنقله, لأنّه أساس الدين الإسلامي ومعجزة رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم, وكلّ شيء تتوافر الدواعي لنقله, لا بدّ وأن يكون متواتراً. وعليه، فما كان نقله بطريق الآحاد لا يكون من القرآن قطعاً26. وقد وقع الاشتباه بوجود تلازم بين تواتر القرآن وتواتر القراءات27، ويمكن إرجاع هذا الاشتباه إلى عاملين أساسيين، هما:

                      197
                      - العامل الأوّل: الخلط بين القرآن والقراءات، فرغم وضوح عدم تواتر القراءات، إلا أنّ البعض توهّم تواترها تبعاً لتواتر القرآن.
                      والواقع: أنّ القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان, فنصّ القرآن شيء، وكيفية قراءته شيء آخر تماماً، فالقرآن: هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم للبيان والإعجاز، والقراءات: هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في كتبة الحروف أو كيفيتها, من تخفيف وتثقيل وغيرهما28.

                      - العامل الثاني:
                      الخلط بين القراءات والأحرف السبعة، حيث ظنّ البعض أنّ قراءات القرّاء السبعة هي الأحرف السبعة نفسها التي أشارت إليها بعض الروايات من أنّ القرآن نزل على سبعة أحرف29.

                      والواقع: أنّ القرآن نزل على حرف واحد ولا أساس لهذه الروايات التي هي بمجموعها ضعيفة السند أو مرسلة.
                      عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "إنّ القرآن واحد نزل من عند واحد، ولكنّ الاختلاف يجيء من قبل الرواة"30. وعن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: "إنّ الناس يقولون: إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف، فقال: كذبوا أعداء الله، ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد"31.

                      أضف إلى ذلك أنّه لا توجد أيّ علاقة بين القراءات والأحرف السبعة, إذ أنّ شهرة القرّاء السبعة وقراءاتهم إنّما ظهرت من بعد ما قام به ابن مجاهد من حصر للقراءات بالسبع، بينما كان هناك مَنْ هم أفضل منهم، وتوجد أيضاً في قراءة القراء السبعة قراءات شاذّة صرّح بها الأئمّة المختصّون في هذا المجال32.



                      يتبع

                      تعليق


                      • #26
                        مصادر الدرس ومراجعه 1- القرآن الكريم.
                        2- ابن الجزري: منجد المقرئين ومرشد الطالبين، ص30.
                        3- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص139، 197-198، 203-207، 215-217.
                        4- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج1، ص330، 338-348، 368-375.
                        5- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج1، ص318، 327-331، 334-336.
                        6- الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج1، ص93.
                        7- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج5، ص431.
                        8- ابن السكّيت: الكنز اللغوي، ص57.
                        9- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص13-132، 136-138، 141-142، 151-152.
                        10- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج2، ص119-155.
                        11- ابن حنبل، مسند أحمد، ج1، ص264, ج5، ص127, ص41.
                        12- البخاري، صحيح البخاري، ج4، ص80.
                        13- النيسابوري، صحيح مسلم، ج2، ص203, ص20
                        14- المتّقي الهندي، كنزل العمّال في سنن الأقوال والأفعال، ج2، ص49-57.
                        15- الكليني، الكافي، ج2، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح12-13، ص630.

                        هوامش 1- انظر: ابن الجزري، محمد: منجد المقرئين ومرشد الطالبين، مراجعة محمد حبيب الشنقيطي, أحمد محمد شاكر، لاط، مصر، مكتبة القدسي, المطبعة الوطنية الإسلامية بالأزهر الشريف، 1350هـ.ق، ص30.
                        2- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص197.
                        3- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص197, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص338.
                        4- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص330.
                        5- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص197, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص338.
                        6- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص197-198, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص338-339.
                        7- م. ن.
                        8- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص327, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص339-340.
                        9- انظر: الدرس الحادي عشر، واقع توحيد المصاحف.
                        10- انظر: الدرس الحادي عشر، خصائص المصاحف العثمانية.
                        11- انظر: الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص93.
                        12- سورة يوسف، الآية: 76.
                        13- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج5، ص431, الأهوازي، ابن السكّيت: الكنز اللغوي، لاط، بيروت، المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين، لات، ص57.
                        14-انظر: السيد الخوئي، أبو القاسم: البيان في تفسير القرآن، ط4، بيروت، دار الزهراء، 1395هـ.ق/ 1975م، ص152.
                        15- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص334-336.
                        16- لمزيد من التفصيل، انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص327-330, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص198, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص338-340، 368-375.
                        17- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص329.
                        18- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص327-329.
                        19- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص215-216.
                        20- انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص13-132، 136-138، 141-142.
                        21- انظر: م. ن، ص151-152.
                        22- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص330-331, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص203-207, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص340-348.
                        23- انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج2، ص119-133.
                        24- انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج2، ص134-155.
                        25- م. ن، ص122 - 154.
                        26- انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص123-124.
                        27- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص139.
                        28- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص318.
                        29- انظر: ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج1، ص264, ج5، ص127, ص41, البخاري، صحيح البخاري، م.س، ج4، ص80, النيسابوري، صحيح مسلم، م.س، ج2، ص203, ص204، المتّقي الهندي، كنزل العمّال في سنن الأقوال والأفعال، م.س، ج2، ص49-57.
                        30- الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح12، ص630.
                        31- الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح13، ص630.
                        32- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص215-217.
                        33- انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج2، ص221-226.

                        تعليق


                        • #27
                          دروس في علوم القران 13

                          1- تطوّر اللغة العربيّة ورسمها:
                          ترتبط نشأة اللغات الإنسانيّة بتطوّرات الحياة الاجتماعية وتفاعلاتها، وتعدّ اللغة العربية من اللغات التي خضعت على طول مسيرتها لهذه القاعدة، حيث تعرّضت لكثير من التطوّرات, بفعل سعة بقعة انتشارها, فتعدّدت لهجاتها واختلفت، ولا سيما بعد الفتوحات الإسلامية1.

                          وتجدر الإشارة إلى أنّ اللهجة عبارة عن سلوك لغويّ له مميّزات لغويّة ذاتُ نظامٍ صوتيّ خاصّ تخصّ بيئةً معيّنة، يشترك فيها جميع أفراد تلك البيئة2. ومجال الاختلاف الأهمّ بين اللهجات هو الأصوات واختلاف معاني الوحدات الدلاليّة3.

                          وقد اشتهرت لهجة قريش أكثر من غيرها من اللهجات العربية الأخرى السائدة قبل الإسلام, كتميم وهذيل وغيرهما, للموقع الاقتصاديّ والدينيّ الذي كانت تتمتّع به مكّة آنذاك, ما أدّى إلى مزيد من الأثر في تهذّب لهجة قريش وتطوّرها, نتيجة الاختلاط بلهجات الشعوب والقبائل الأخرى، ثمّ كان لنزول القرآن الكريم بلهجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القرشية بالغ الأثر في سيادة هذه اللهجة القرشية وصيرورتها اللغة الفصحى.

                          207 والمشهور أنّ العرب أخذوا لغتهم من الحيرة، التي أخذت من الأنبار، وأخذت الأنبار من الأنباط، وأخذ الأنباط لغتهم من الكتابة الساميّة الشماليّة المأخوذة من الكتابة الفينيقيّة، التي بدورها أخذت كتابتها من الكتابة السينائيّة الأمّ في سيناء.

                          وادّعي أنّ رسم العربيّة الشمالي أشتُقّ من الكتابة السريانيّة. والواقع أنّه لا دليل على ذلك، وغاية ما يمكن استفادته تأثير السريانية في الكتابة النبطية التي تأثر بها رسم العربيّة الشمالي.
                          وقد تفرّع الخطّ النبطي إلى نوعين من الخطوط: خطّ يشبه الخطّ الكوفي في خطوطه المستقيمة وزواياه، وخطّ نسخي حرفه أكثر استدارة وأسهل كتابة.

                          وبقي الخطّان - النسخي والكوفي - متداولان بين المسلمين، يعملون على تحسينهما وتطويرهما، حتى جاء ابن مقلة في بداية القرن الرابع للهجرة، وأدخل تحسينات هامّة جدّاً على الخطّ النسخي, ليصبح على ما عليه اليوم من جمال فائق، بخلاف الخطّ الكوفي الذي لم يلقَ أيّ تطوّر أو ازدهار حتى هُجِرَ تماماً4.

                          2- رسم العربية في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

                          لم يتمّ العثور على كتابات قرآنية تعود إلى الفترة النبوية، ولكنّ مكّة والمدينة كتبتا في تلك الفترة برسم العربيّة الشماليّ المعروف المتطوّر عن الرسم النبطي، وبخطّ مطاوع مستدير يمثّل أحد الخطّين المأثورَين عن الأنباط. ومن خصائص الخطّ المكيّ والمدنيّ أنّ في ألفاته تعويج إلى يمنة اليد وأعلى الأصابع، وفي شكله انضجاع يسير5.

                          وما يؤيّد هذه الآثار خرابيشُ منقوشة على الصخر في جبل سلع قرب المدينة المنوّرة، يرجع تاريخها إلى غزوة الخندق(الأحزاب) في السنة الخامسة للهجرة، وقد انتظمت هذه الخرابيش في كتابة كبيرة، في قسمها اليميني ذكر أبي بكر وعمر، وفي قسمها اليساري ذكر لأسماء منها: "أنا محمد بن عبد الله"، ومنها بخطّ كبير:

                          208 "أنا علي بن أبي طالب". أمّا ما كُتب على الرقّ، وهو محتمل النسبة، فهو رسائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم التي أرسلها إلى الملوك بعد عودته من الحديبية, ومنها رسائله إلى النجاشي، وهرقل، وكسرى، وغيرهم. وتُبرز هذه الخرابيش الحجرية والرقوق رسماً فيه ملامح الكتابة النبطية في ثوبها المتأخّر، فتغيب فيها الألفات الداخلية، والشكل، والإعجام، والشدّات، والهمزات، والمدّات، وقد كتبت بخطّ مستدير فيه تشبه ملامحه ملامح الخطّ النسخي الذي تطورّ في ما بعد6.

                          3- رسم المصحف العثماني:

                          يُراد بـ "رسم المصحف": صورة ما كُتِبَ في المصاحف العثمانية7. ويُراد بـ "فنّ رسم المصحف": "أوضاعُ حروف القرآن في المصحف ورسومه الخطيّة"8.
                          والرسم الذي دوّنت به المصاحف العثمانية هو رسم العربية الذي كان سائداً في المدينة المنوّرة زمن الجمع العثماني سنة خمس وعشرين من هجرة النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم9.

                          وقد قال كثيرون بتوقيفيّة الرسم العثماني, وأنّه من عند الله تعالى، في حين ذهب آخرون إلى أنّه اجتهادٌ من الصحابة10.

                          وقد بيّن البحث المعاصر أنّ هذا الرسم - على المظنون - امتداد للرسم النبطي في ثوبه المتأخّر، حيث ورث كثيراً من سمات ذلك الرسم, فجاء غير معجم ولا مشكول, تغيب عنه الألفات الداخلية إجمالاً, ويعوزه كثيرٌ من المحدِّدات والرموز, كالشدّة، والهمزة، والمدّة, إلى غير ذلك من نواحي النقص والإبهام11.

                          209 4- مخالفات ومناقضات في رسم المصحف:
                          وردت في المصحف مخالفات ومناقضات في الرسم لا يستهان بها, وهي ترجع إلى قلّة خبرة أعضاء لجنة توحيد المصاحف أيّام عثمان في هذا المجال، حيث إنَّهم عندما فرغوا من نَسْخ المصاحف أتَوا بمصحف إلى عثمان، فنظر فيه فقال: قد أحسنتم وأجملتم، أرى فيه شيئاً من لَحْن! لكن ستُقيمه العرب بألسنتها، ثمَّ قال: لو كان المُملي من هُذَيل، والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا!12.

                          وتجدر الإشارة إلى أنّ القرآن وصل إلينا متواتراً في نقل كلماته وترتيبها, بالحفظ والنقل الشفوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، جيلاً بعد جيل، حيث توافرت الدواعي لنقله، وإن لم يكن متواتراً في كيفية أداء هذه الكلمات.

                          وعليه، فإنّ هذه المخالفات والمناقضات في الرسم لا تضرّ بالمعنى ولا بثبت النصّ القرآني المتواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
                          وقد كان الإمام علي عليه السلام حريصاً على الالتزام بما نتج عن لجنة توحيد المصاحف، على الرغم من وجود مخالفات في الرسم والإملاء, حِفاظاً على كتاب الله من أن تمسَّه يد التحريف في ما بعد تحت ذريعة الإصلاح، حيث سأله بعض الناس عن إمكانية تغيير كلمة فيه، فأجابهم عليه السلام بحزم: "إنَّ القرآن لا يهاج اليوم ولا يحوَّل"13.

                          أ- نماذج من مخالفات الرسم
                          14:
                          -
                          ﴿وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾15، والصَحيح: واختلاف اللَّيل...
                          - ﴿عَلاَّمُ الْغُيُوبِ﴾16، والصحيح: علّام.
                          210 - ﴿بِالْغَدَاةِ﴾17، والصحيح: بالغداة.
                          -
                          ﴿إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ﴾18، والصحيح: لا ييأس.
                          -
                          ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ﴾19، والصحيح: نبأ.

                          ب- نماذج من مناقضات الرسم
                          20:
                          -
                          ﴿فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً﴾21، ﴿لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً﴾22.
                          -
                          ﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ﴾23، ﴿يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء﴾24.
                          -
                          ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ﴾25، ﴿قَالَ ابْنَ أُمَّ﴾26.
                          -
                          ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ﴾27، ﴿إِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ﴾28.
                          -
                          ﴿عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ﴾29، ﴿عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ﴾30.

                          5- أوَّل مَن نقَّط المصحف:

                          كان الخطُّ عندما اقتبسه العرب من السريان والأنباط خالياً من الإعجام، ولا تزال الخطوط السريانية بلا إعجام إلى اليوم، وهكذا كان عليه الخطّ العربي حتّى منتصف القرن الأوَّل، ثمّ دخل عليه الإعجام في أواخر القرن الأوّل الهجري،

                          211 حيث تعرَّف الناس على نُقَط الحروف المعجمة وامتيازها عن الحروف المهملة, وذلك على يد يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم، تلميذَي أبي الأسود الدؤلي، بعد أن اتّسعت الدولة الإسلامية، واختلط العرب بالعجم، فبدأ اللبس والإشكال في قراءة المصاحف بين الناس، حتى ليشقّ على كثير منهم أن يهتدي لقراءة القرآن قراءة صحيحة من دون وجود إعجام31.

                          6- أوَّل مَن شكّل المصحف:

                          كان الخطّ العربي في أوّل عهده مجرَّداً عن التشكيل وعن كلِّ علامة تشير إلى حركة الكلمة أو إعرابها. وبعد توسّع الفتوحات الإسلامية، شعر المسلمون بوجود حاجة ماسّة إلى وضع علامات تشكيلية للمصحف تُؤمنهم من الوقوع في الخطأ واللحن عند قراءة القرآن، ولا سيما بعد دخول ألسنة عجموية على اللسان العربي32.

                          ونُقِلَ أنَّ أبا الأسود الدؤلي سمع قارئاً يقرأ:
                          ﴿أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾33 ـ بكسر اللام (في رسوله) ـ فقال: ما ظننت أنَّ أمر الناس آلَ إلى هذا، فرجع إلى زياد بن أبيه ـ وكان والياً على الكوفة (50 - 53هـ)، وكان قد طلب إليه أن يصنع شيئاً يكون للناس إماماً، ويُعرَف به كتاب الله، فاستعفاه أبو الأسود، حتّى سمع بنفسه هذا اللحن في كلام الله، فعند ذلك عزم على إنجاز ما طلبه زيادـ وكان أبو الأسود يقول للكاتب: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف, فأنقط نقطة فوقه من أعلاه، وإن ضممت فمي, فأنقط نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت, فاجعل النقطة من تحت الحرف34.


                          يتبع

                          تعليق


                          • #28
                            مصادر الدرس ومراجعه 1- القرآن الكريم.
                            2- وافي، علم اللغة، ص96، 176-177.
                            3- السامرائي، التطوّر اللغويّ التاريخي، ص3
                            4- ابن خلدون، المقدّمة، ص417-421، 438.
                            5- ابن النديم، الفهرست، ص9، 45-46.
                            6- حميد الله، مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، ص32، 99 - 142.
                            7- ابن الجزري، النشر في القراءات، ج1، ص446.
                            8- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج1، ص300، 310-316، 332-333.
                            9- السجستاني، كتاب المصاحف، ص22-24.
                            10- المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، ج2، ح4784، ص586, ح4787، ص587.
                            11- الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج9، ص495.
                            12- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص369-372.
                            13- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص454، 456.

                            هوامش 1- انظر: وافي، علي عبد الواحد: علم اللغة، ط9، القاهرة، دار نهضة مصر للطباعة والنشر ومطبعتها، لات، ص96.
                            2- انظر: السامرائي، إبراهيم: التطوّر اللغويّ التاريخي، ط3، بيروت، دار الأندلس، 1983م، ص34.
                            3- انظر: وافي، علم اللغة، م.س، ص176-177, السامرائي، التطوّر اللغوي التاريخي، م.س، ص34.
                            4- انظر: المغربيّ، عبد الرحمن(ابن خلدون): المقدّمة، لاط، بيروت، دار إحياء التراث العربي، لات، ص417-421.
                            5- انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص9.
                            6- انظر: حميد الله، محمد: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، ط5، بيروت، دار النفائس، 1405هـ.ق/ 1985م، ص32، 99-142.
                            7- انظر: ابن الجزري، محمد: النشر في القراءات، تصحيح ومراجعة محمد علي الضباع، لاط، مصر، المكتبة التجارية الكبرى, مطبعة مصطفى محمد، لات، ج1، ص446, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص300.
                            8- انظر: ابن خلدون، المقدّمة، م.س، ص438.
                            9- انظر: السجستاني، سليمان بن الأشعث: كتاب المصاحف، تصحيح آرثر جفري، ط1، بغداد، مكتبة المثنى, مصر، مكتبة الخانجي, المطبعة الرحمانية، 1355هـ.ق/ 1936م، ص22-24.
                            10- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص310-316.
                            11- انظر: السجستاني، كتاب المصاحف، م.س، ص22-24.
                            12- انظر: المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، م.س، ج2، ح4784، ص586, ح4787، ص587.
                            13- انظر: الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، م.س، ج9، ص495.
                            14- لمزيد من التفصيل، انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص369-371.
                            15- سورة البقرة، الآية: 164.
                            16- سورة المائدة، الآية: 109.
                            17- سورة الأنعام، الآية: 52.
                            18- سورة يوسف، الآية: 87.
                            19- سورة إبراهيم، الآية: 9.
                            20- لمزيد من التفصيل، انظر: م. ن، ص372.
                            21- سورة يونس، الآية: 49.
                            22- سورة الأعراف، الآية: 34.
                            23- سورة الشورى، الآية: 24.
                            24- سورة الرعد، الآية: 39.
                            25- سورة طه، الآية: 94.
                            26- سورة الأعراف، الآية: 150.
                            27- سورة إبراهيم، الآية: 34.
                            28- سورة النحل، الآية: 18.
                            29- سورة فاطر، الآية: 40.
                            30- سورة محمد، الآية: 14.
                            31- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص454, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص332.
                            32- م. ن..
                            33- سورة التوبة، الآية: 3.
                            34- انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص45-46.
                            35- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص456.
                            36- انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص9.

                            تعليق


                            • #29
                              دروس في علوم القران 14

                              1- معنى الإعجاز:
                              أ- المعنى اللغوي:
                              العين والجيم والزاء أصلان صحيحان يدلّ أحدهما على الضعف، والآخر على مؤخّر الشيء، فالأول: عجز عن الشيء يعجز عجزاً, فهو عاجز, أي ضعيف... ويقال: أعجزني فلان: إذا عجزت عن طلبه وإدراكه1. والعَجْزُ: أصلُه التَّأَخُّرُ عن الشيء، وحصوله عند عَجُزِ الأمرِ, أي: مؤخّره... وصار في التّعارف اسما للقصور عن فعل الشيء, وهو ضدّ القدرة2.

                              ب. المعنى الاصطلاحي:
                              المُعْجِز هو: الأمر الخارق للعادة، المطابق للدعوى، المقرون بالتحدّي3. والإعجاز هو: أن يأتي المدّعي لمنصب من المناصب الإلهية بما يخرق نواميس الطبيعة ويعجز عنه غيره شاهداً على صدق دعواه، مع إمكان صدق هذه الدعوى بحكم العقل، أو النقل الثابت عن نبي أو إمام معصوم4.
                              219
                              2- فلسفة تنوّع المعجزات:
                              روي أنّه سأل ابن السكّيت5 الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ، فقال: لماذا بعث الله موسى بن عمران عليه السلام بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر؟ وبعث عيسى بآلة الطب؟ وبعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بالكلام والخطب؟ فقال عليه السلام: "إنّ الله لمّا بعث موسى عليه السلام كان الغالب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجّة عليهم. وإنّ الله بعث عيسى عليه السلام في وقت قد ظهرت فيه الزمانات6، واحتاج الناس إلى الطب، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيى لهم الموتى، وأبرء الأكمه والأبرص بإذن الله، وأثبت به الحجّة عليهم. وإنّ الله بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام، فأتاهم من عند الله من واعظه وحكمه, ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجّة عليهم"7.

                              ويُفهَم من هذه الرواية أنّ فلسفة تنوّع المعجزات تدور مدار الخاصّيّة الغالبة على أهل عصر مَن يُجري الله تعالى على يديه المعجزة, لتكون أبلغ في التأثير، وأظهر في التحدّي، وآكد في تصديق الدعوة.

                              3- التحدّي في القرآن:
                              أ- معنى التحدّي في القرآن:
                              التحدّي هو: المنع8. وقد جاء التحدّي في القرآن على نحوين:
                              - التحدّي الخاصّ: وهو التحدّي بالإتيان بمثل القرآن بلحاظ وجه خاصّ من

                              220
                              وجوهه الإعجازية9، من قبيل: شخصية مَنْ نزل عليه القرآن، حقائق القرآن ومعارفه، عدم الاختلاف في القرآن...

                              - التحدّي العام: وهو التحدّي بالإتيان بمثل القرآن كلّه أو جزء منه على وجه عامّ. وقد ورد هذا التحدّي في القرآن ضمن خمس آيات10 هي حسب ترتيب نزولها:
                              -
                              ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾11.
                              -
                              ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾12.
                              -
                              ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾13.
                              -
                              ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ﴾14.
                              -
                              ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾15.

                              ب- خصائص آيات التحدّي:

                              - الآيات الأربعة الأولى آيات مكيّة، والآية الأخيرة آية مدنية16.

                              221
                              - تدلّ آيات التحدّي جميعها على أنّ القرآن آية معجزة خارقة من عند الله تعالى17.

                              - التحدي في الآيات عامّ لكلّ ما يتضمّنه القرآن الكريم من معارف حقيقية، وحجج وبراهين ساطعة، ومواعظ حسنة، وأخلاق كريمة، وشرائع إلهية، وإخبارات غيبية، وفصاحة وبلاغة...18

                              - آيات التحدّي مختلفة في العموم والخصوص، ومن أعمّها تحدّياً الآية الأولى19.
                              - إنّ كلّ واحدة من الآيات تؤمّ غرضاً خاصّاً من التحدّي يرجع إلى معانيه السامية ومقاصده العالية، حيث إنّ الآية الأولى واردة مورد التحدّي بجميع القرآن, لما جمع فيه من الأغراض الإلهية، ويختصّ بأنّه جامع لعامّة ما يحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة. والآية الثانية واردة مورد التحدّي بسورة من القرآن, لما فيها من بيان غرض تامّ جامع من أغراض الهدى الإلهي, بياناً فصلاً من غير هزل. والآية الثالثة هي تحدٍّ بعشر من السور القرآنية, لما في ذلك من التفنّن في البيان والتنوّع في الأغراض من جهة الكثرة، ليظهر به أنّ تنوّع الأغراض القرآنية في بيانه المعجز ليس إلا من قبل الله.

                              والآية الرابعة هي تحدٍّ بما يعمّ التحدّيات الثلاثة السابقة, فإنّ الحديث يعمّ السورة والعشر سور والقرآن كلّه, فهو تحدٍّ بمطلق الخاصّة القرآنية. والآية الخامسة وردت مورد تأبيد التحدّي والتسليم لحقيقة أنّ القرآن كتاب منزل من عند الله لا ريب فيه، إعجازاً باقياً بمرّ الدهور وتوالي القرون20.

                              - إنّ نوع العناية بالتحدّي في الآية الثالثة غير نوع العناية بالتحدّي في الآيات الأخرى, ففي هذه الآيات تتعلّق العناية بالتحدّي بعدم قدرتهم على الإتيان بمثل القرآن أو بمثل سورة منه,
                              لما أنّه قرآن مشتمل على جهات لا تتعلّق بها قدرة

                              222
                              الإنسان ولا يظهر عليها غيره تعالى وقد أطلق القول فيها إطلاقاً. بينما في الآية الثالثة وبملاحظة تعقيبها بقوله تعالى: ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ..., فإنّ نوع العناية بالتحدّي، إنّما هو بكون القرآن متضمّناً لما يختصّ علمه بالله تعالى ولا سبيل لغيره إليه. وهذا أمر لا يقبل الافتراء بذاته, فكأنّه قيل: إنّ هذا القرآن لا يقبل بذاته افتراء, فإنّه متضمّن لأمور من العلم الإلهي الذي لا سبيل لغيره تعالى إليه، وإن ارتبتم في ذلك فأتوا بعشر سور مثله مفتريات تدعون أنّها افتراء، واستعينوا بمن استطعتم من دون الله، فإن لم تقدروا عليه, فاعلموا أنّه من العلم المخصوص به تعالى21.

                              - جاء التحدّي في هذه الآيات بالإتيان بمثل القرآن أو بمثل سورة أو عشر سور أو حديث منه، ومعنى التحدّي بالمثل أنّ الكلام لمّا كان آية معجزة، فلو أتى إنسان بما يماثله, لكفى في إبطال كونه آية معجزة، ولم يحتج إلى الإتيان بما يترجّح عليه في صفاته، ويفضّل عليه في خواصّه22.

                              4- من أبعاد إعجاز القرآن (التحدّي الخاصّ):

                              إنّ القرآن الكريم معجز كلّه باختلاف اللحاظات والجهات، وأبعاد إعجازه أعلى من أن تحصيها العقول، أو أن تدرك كنهها الأفهام. ومن الأبعاد الإعجازية التي اشتهر بحثها من قِبَل علماء القرآن والمفسّرين، ما يلي:
                              أ- شخصيّة مَنْ نزل عليه القرآن (شخصيّة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم):
                              يُعدّ إيتاء الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم القرآن وجهاً من وجوه الإعجاز، حيث يشهد التاريخ أنّه لم يتعلّم عند أيّ معلّم، ولم يتربّ عند أي مربّ، وطيلة مكوثه بين الناس إلى الأربعين من عمره لم يكن ينطق بعلم أو شعر أو نثر، ثمّ أتى بما أتى به دفعة واحدة, فأتى بما عجزت عنه فحولهم، وكلّت دونه ألسنة بلغائهم, فلم يقدر على معارضته

                              223
                              أنس ولا جانّ على طول التاريخ. وقد أشار القرآن الكريم نفسه إلى هذا الوجه الإعجازي23، مفنّداً افتراءات نسبة القرآن إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تارة، وتلقيه إياه من بشر غيره تارة أخرى:
                              - قال تعالى:
                              ﴿قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾24.
                              - قال تعالى:
                              ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ﴾25.

                              ب- حقائق القرآن ومعارفه:
                              يشتمل القرآن الكريم على حقائق ومعارف عالية وسامية يحتاجها النوع الإنساني في تحقيق تكامله في ما يتعلّق بنشأته الدنيوية والأخروية, من إلهيّات، وأخلاقيّات، وعبادات، ومعاملات، وسياسات، واجتماعيّات...:
                              ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾26.

                              وقد أتى القرآن في جميع ذلك بالحقائق الراهنة، التي لا يتطرّق إليها الفساد والنقد في أيّ جهة من جهاتها، ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، ولا يحكم عليها حاكم النسخ، ولا يقضي عليها قانون التحوّل والتكامل. وهذا شيء يمتنع وقوعه عادة من البشر، ولا سيّما ممّن نشأ بين أمّة جاهلة لا نصيب لها من المعارف والعلوم27.

                              ج- عدم الاختلاف في القرآن:
                              يُعدّ عدم وجود اختلاف في القرآن أحد الوجوه الإعجازية فيه، فإنّ من طبيعة الكلام البشري بحكم نشأة المادّة وقانون التحوّل

                              224
                              والتكامل الحاكم فيها، أن يتطرّأ إليه بعض الاختلاف, تبعاً لتعرّض الإنسان لظروف مختلفة, من شدّة ورخاء، وحرب وسلم، وأمن وخوف...

                              وواقع الحال: أنّ القرآن الكريم الذي نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقرأه على الناس قطعاً قطعاً في مدّة ثلاث وعشرين سنة، في أحوال مختلفة، وشرائط متفاوتة، في مكّة والمدينة، في الليل والنهار، والحضر والسفر، والحرب والسلم، في يوم العسرة ويوم الغلبة، ويوم الأمن ويوم الخوف، مع ما فيه من معارف إلهية دقيقة وأخلاق فاضلة وأحكام فرعيّة مفصّلة، في جميع ما يحتاج إليه الإنسان في حياته الدنيوية والأخروية، بحيث لا يعتريه أدنى اختلاف في النظم المتشابه، أو تناقض في المعارف التي يلقيها. فلو كان من عند غير الله لاختلف النظم وتناقض المعنى28.

                              وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الوجه الإعجازي بقوله تعالى:
                              ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾29.


                              يتبع

                              تعليق


                              • #30
                                مصادر الدرس ومراجعه
                                1- القرآن الكريم.
                                2- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج2، ص3, ج4، ص232.
                                3- الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص547.
                                4- الطريحي، مجمع البحرين، ج4، ص25.
                                5- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص33-34، 45-67، 94، 97-98.
                                6- الكليني، الكافي، ج1، كتاب العقل والجهل، ح20، ص24.
                                7- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج1، ص59، 62-64، 66-67، 68, ج10، ص162، 167-170.

                                هوامش
                                1- انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج4، مادّة"عجز"، ص232.
                                2- انظر: الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادّة"عجز"، ص547.
                                3- انظر: الطريحي، فخر الدين: مجمع البحرين، ط2، طهران، نشر مرتضوي, مطبعة چاپخانهء طراوت، 1362هـ.ش، مادّة "عجز"، ج4، ص25.
                                4- انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص33-34.
                                5- هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقي الأهوازي الشيعي, أحد أئمّة اللغة والأدب، ذكره كثير من المؤرّخين وأثنوا عليه، وكان ثقةً جليلاً من عظماء الشيعة، ويُعدّ من خواصّ الإمامين التقيّين عليهما السلام، وكان حامل لواء علم العربية والأدب والشعر واللغة والنحو، له تصانيف كثيرة مفيدة، منها: كتاب تهذيب الألفاظ، وكتاب إصلاح المنطق.
                                6- الآفات الواردة على بعض الأعضاء، فيمنعها عن الحركة, كالفالج، واللقوة. ويطلق المزمن على مرض طال زمانه.
                                7- الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج1، كتاب العقل والجهل، ح20، ص24.
                                8- انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج2، مادّة"حد"، ص3.
                                9- سيأتي الحديث عنها مفصّلاً في عنوان "أبعاد إعجاز القرآن(التحدّي الخاصّ)".
                                10- تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الآيات تدخل تحت عنوان التحدّي الخاصّ -أيضاً-, كالتحدي ببلاغتها.
                                11- سورة الإسراء، الآية: 88.
                                12- سورة يونس، الآية: 38.
                                13- سورة هود، الآية: 13.
                                14- سورة الطور، الآيتان: 33-34.
                                15- سورة البقرة، الآيتان: 23-24.
                                16- انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص59، 68.
                                17- انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص59.
                                18- انظر: م. ن، ج1، ص59, ج10، ص162.
                                19- انظر: م. ن، ج1، ص59.
                                20- انظر: م. ن، ج1، ص59, ج10، ص167-169.
                                21- انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج10، ص169.
                                22- انظر: م. ن، ص169-170.
                                23- لمزيد من التفصيل في هذا الوجه الإعجازي، انظر: الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص63-64, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص45-55.
                                24- سورة يونس، الآية: 16.
                                25- سورة النحل، الآية: 103.
                                26- سورة النحل، الآية: 89.
                                27- لمزيد من التفصيل في هذا البعد الإعجازي ومصاديقه، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص62-63, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص58-67.
                                28- انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص66-67, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص55-58.
                                29- سورة النساء، الآية: 82.
                                30- انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص68.
                                31- انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص94, السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص68.
                                32- انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص97-98.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X