مصادر البحث:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين باعث الانبياء والمرسلين هدى ورحمة للعالمين والصلاة والسلام والتحية والإكرام على خير البشر الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم تسليما كثيرا كثيرا.
من خلال قرأتي لبعض مقالات أهل السنة والوهابية في شبكات الانترنيت عن موضوع الإمامة الكبرى (الخلافة) تبين أنهم يؤمنون بأن موضوع الامامة لايعد من أصول الدين وإنما المسألة متروكة للناس او أن الموضوع هو شورى وأن الله عز وجل والعياذ بالله فوض للناس إختيار من يصلح لهم ديناهم ودنياهم.
فقررنا أن نبحث في بطون كتب العامة عن رأي بعض علمائهم في مسألة الإمامة, ومن يسحتقها وما هي شروطها وكيف تتم. وسنتطرق إلى تفسيرهم لبعض الايات الدالة على صفة هذا الإمام.
فإجماع المسلمين على أن الأئمة (الخلفاء) من قريش. وبعضهم قال بوجوب عصمة الأئمة ووجودهم في كل زمان ومكان, ومنهم من قال انها تنعقد بالوصية, وبأهل الحل والعقد.
وسنتطرق إلى هذه كلامهم هذا بالتفصيل ونذكر ما نقوله. ومن ثم نعلق على ما ذكروه.
والبحث لم ينته بعد ولك احببنا أن ننشره تزامنا مع نقاش الاخ السيد سليل الرسالة الموسوي مع المدعو حيدرة السلفي.
1- الأحكام السلطانية والولايات الدينية: للماوردي
2- كتاب الإقتصاد في الإعتقاد للإمام الغزالي
3- الأجماع: لإبن حزم
4- أضواء البيان في إيضاح القران بالقران :للشنقيطي
5- دراسات في عهد النبوة والخلافة الراشدة – للدكتور عبد الرحمن الشجاع
1- الاحكام السلطانية والولايات الدينية ل: أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الماوردي (380-450 هجرية) علق عليه وخرج أحاديثه خالد عبد اللطيف السبع العليمى. دار الكتاب العربي الطبعة الأولى 1990 – بيروت لبنان.
الاحكام السلطانية صفحة 29-30
الباب الاول في عقد الأمامة
الامامة
" الامامة موضوعة لخلافة النبوة وحراسة الدين وسياسة الدنيا (1), وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع وإن شذ عنهم الأصم .
واختلف في وجوبها هل وجبت بالعقل أو بالشرع؟
فقالت طائفة: وجبت بالعقل لما في طباع العقلاء من التسليم لزعيم يمنعهم من التظالم,ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم, ولولا الولاة لكانوا فوضى مهملين, وهمجا مضاعين, وقد قال الأفوه الأودي وهو شاعر جاهلي (من البسيط)
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم - - - - - - ولا سراة إذا جهالهم سادوا.
وقالت طائفة أخرى: بل وجبت بالشرع دون العقل, لأن الامام يقوم بأمور شرعية قد كان مجوزا في العقل أن لا يرد التعبد بها , فلم يك العقل موجبا لها, وإنما أوجب العقل أن يمنع كل واحد نفسه من العقلاء عن التظالم والتقاطع. ويأخذ بمقتضى العدل في التناصف والتواصل, فيتدبر بعقله لا بعقل غيره, ولكن جاء الشرع بتفويض الأمور إلى وليه في الدين, قال الله عز وجل:
(يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم)
ففرض علينا طاعة أولي الأمر فينا وهم الأئمة المتأمرون علينا."
- - - - - - - - - - - - - - - - -
(هامش):
1- لقد عرف الفقهاء الخلافة بما لا يخرج عن هذا المعنى فعرفت بأنها رياسة عامة في أمور الدين والدنيا نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعرفت بأنها خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملة بحيث يجب إتباعه على كافة الأمة.
وعرفها إبن خلدون بأنها حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الاخروية والدنيوية الراجعة إليها, إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى إعتبارها بمصالح الأخرة, فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به. أنظر المواقف ص 603, والمسامرة 2/141 , وحاشية الشهاب للرملي 4/108, ومقدمة إبن خلدون ص 180.
- - - - - - - - - - - - - - - - -
الاحكام السلطانية صفحة 31-32
فصل [شروط أهل الامامة]
"وأما أهل الامامة فالشروط المعتبرة فيهم سبعة
أحدها: العدالة على شروطها الجامعة
والثاني: العلم المؤدي إلى الإجتهاد في النوازل والأحكام.
والثالث: سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان ليصح معها مباشرة ما يدرك بها.
والرابع: سلامة الاعضاء من نقص يمنع عن إستيفاء الحركة وسرعة النهوض.
والخامس: الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح.
والسادس: الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو.
والسابع: النسب وهو أن يكون من قريش, لورود النص فيه وإنعقاد الإجماع عليه. ولأعتبار بضرار حين شذ فجورها في جميع الناس لان أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – أحتج يوم السقيفة على الأنصار في دفعهم عن الخلافة لما بايعوا سعد بن عبادة عليها بقول النبي –صلى الله عليه وسلم- "الأئمة من قريش", فأقلعوا عن التفرد بها, ورجعوا عن المشاركة فيها, حين قالوا: منا أمير ومنكم أمير, تسلميا لروايته وتصديقا لخبره, ورضوا بقوله: نحن الأمراء وأنتم الوزراء.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قدموا قريشا ولا تقدموها". وليس مع هذا النص المسلم شبهة لمنازع فيه ولا قول لمخالف له."
الاحكام السلطانية صفحة 33
فصل [إنعقاد الإمامة]
" والإمامة تنعقد من وجهين: أحدهما: بإختيار أهل العقد والحل. والثاني بعهد الإمام من قبل."
((((((((( إنتهى نقلنا عن الاحكام السلطانية : للماوردي ))))))))))
2- الإقتصاد في الإعتقاد للإمام الغزالي: هو: أبو حامد الملقب بحجة الإسلام وزين الدين وعالم العلماء ووارث الانبياء فيلسوف ومتصوف خرساني. ولد سنة 450 هجرية كان أبوه غزالا للصوف ومن هنا جاءت التسمية.
قال الإمام الغزالي في كتاب الإقتصاد في الإعتقاد صفحة 147-149 :
" الباب الثالث: في الإمامة
"الطرف الأول:
في بيان وجوب نصب الإمام.
" ولا ينبغي أن نظن أن وجوب ذلك مأخوذ من العقل. فإنا بينا أن الوجوب يأخذ من الشرع إلا أن يفسر الواجب بالفعل الذي فيه فائدة وفي تركه أدنى مضرة. وعند ذلك لا يُنكر وجوب نصب الإمام لما فيه من الفوائد ودفع المضار في الدنيا. ولكنا نقيم البرهان القطعي الشرعي على وجوبه ولسنا نكتفي بما فيه من إجماع الأمة.
بل ننبه على مستند الإجماع ونقول: نظام أمر الدين مقصود لصاحب الشرع عليه السلام قطعا. وهذه مقدمة قطعية لا يتصور النزاع فيها, ونضيف إليها مقدمة أخرى وهو أنه لايحصل نظام الدين إلا بإمام مطاع فيحصل من المقدمتين صحة الدعوى وهو وجوب نصب الإمام.
فإن قيل أن المقدمة الأخيرة غير مسلمة وهو أن نظام الدين لا يحصل إلا بإمام مطاع, فدُلوا عليها.
فنقول: البرهان عليه أن نظام الدين لا يحصل إلا بنظام الدنيا, ونظام الدنيا لا يحصل إلا بإمام مطاع, فهاتان مقدمتان ففي أيهما النزاع؟ فإن قيل لما قلتم إن نظام الدين لا يحصل إلا بنظام الدنيا, بل لا يحصل إلا بخراب الدنيا, فإن الدين والدنيا ضرتان والإشتغال بعمارة احدهما خراب الآخر.
قلنا: هذا كلام من لا يفهم ما نريده بالدنيا الآن, فإنه لفظ مشترك قد يطلق على فضل والتنعم والتلذذ والزيادة على الحاجة والضرورة, وقد يطلق على جميع ما هو محتاج إليه قبل الموت. وأحدهما ضد الدين والآخر شرطه.
وهكذا يغلط من لا يميز بين معاني الألفاظ المشتركة. فنقول: نظام الدين بالمعرفة والعبادة لا يتوصل إليهما إلا بصحة البدن وبقاء الحياة وسلامة قدر الحاجات من الكسوة والمسكن والأقوات, والأمن هو آخر الأفات. ولعمري من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وله قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها, وليس يأمن الإنسان على روحه وبدنه وماله ومسكنه وقوته في جميع الآحوال بل في بعضها, فلا يتنظم الدين إلا بتحقيق الأمن على هذه المهمات الضرورية, وإلا فمن كان جميع أوقاته مستغرقا بحراسة نفسه من سيوف الظلمة وطلب قوته من وجوه الغلبة, متى يتفرغ للعلم والعمل وهما وسيلتاه إلى سعادة الآخرة, فإذن بأن نظام الدنيا, أعني مقادير الحاجة شرط لنظام الدين.
وأما المقدمة الثانية:
وهو أن الدنيا والأمن على الأنفس والأموال لا ينتظم إلا بسلطان مطاع فتشهد له مشاهدة أوقات الفتن بموت السلاطين والأئمة, وإن ذلك لو دام ولم يتدارك بنصب سلطان آخر مطاع دام الهرج وعم السيف وشمل القحط وهلكت المواشي وبطلت الصناعات, وكان كل علب سلب ولم يتفرغ للعبادة والعلم إن بقي حيا, والأكثرون يهلكون تحت ضلال السيوف, ولهذا قيل : الدين والسلطان توأمان, ولهذا قيل: الدين أس والسلطان حارس وما لا أس له فمهدوم وما لا حارس له فضائع.
وعلى الجملة لا يتمارى العاقل في أن الخلق على اختلاف طبقاتهم وما هم عليه من تشتت الأهواء وتباين الآراء لو خلّوا وراءهم ولم يكن رأي مطاع يجمع شتاتهم لهلكوا من عند آخرهم. فبان أن السلطان ضروري في نظام الدنيا. ونظام الدنيا ضروري في نظام الدين و ونظام الدين ضروري في الفوز بسعادة الاخرة وهو مقصود الأنبياء قطعا, فكان وجوب نصب الإمام من ضروريات الشرع الذي لا سبيل إلى تركه فإعلم ذلك."
الطرف الثاني:
في بيان من يتعين من سائر الخلق لان ينصب إماما (( صفحة 149-151))
" فنقول: ليس يخفى أن التنصيص على واحد نجعله إماما بالتشهي غير ممكن, فلا بد له من تميز بخاصية يفارق سائر الخلق بهذا, فتلك خاصية في نفسه وخاصية من جهة غيره.
اما من نفسه فأن يكون مؤهلا لتدبير الخلق وحملهم على مراشدهم. وذلك بالكفاية والعلم والورع, وبالجملة خصائص القضاة يشترط فيه مع زيادة نسب قريش, , وعلم هذا الشرط الرابع بالسمع حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم
الأئمة من قريش) فهذا تميزه عن أكثر الخلق ولكن ربما يجتمع في قريش جماعة موصوفون بهذه الصفة فلا بد من خاصية أخرى تميزه, وليس ذلك إلا التولية أو التفويض من غيره, فإنما يتعين للإمامة مهما وجدت التولية في حقه على الخصوص من دون غيره, فيبقى الآن النظر في صفة المولى فإن ذلك لا يسلم لكل أحد بل لا بد فيه من خاصية وذلك لا يصدر إلا من أحد ثلاثة:
إما التنصيص من جهة النبي صلى الله عليه وسلم,
وإما التنصيص من جهة إمام العصر بأن يعين لولاية العهد شخصا معينا من أولاده أو سائر قريش,
وإما التفويض من رجل ذي شوكة يقتضي إنقياده متابعة الأخرين ومبادرتهم إلى المبايعة......
.......
فإن قيل: فهلا قلتم إن التنصيص واجب من النبي والخليفة كي يقطع ذلك دابر الإختلاف كما قالت بعض الإماميه إذ ادعوا أنه واجب؟.
قلنا : لانه لو كان واجبا لنص عليه الرسول عليه السلام. ولم ينص هو ولم ينص عمر أيضا بل ثبتت إمامة أبو بكر وإمامة عثمان وإمامة علي رضي الله عنهم بالتفويض, فلا تلتفت إلى تجاهل من يدعي أنه صلى الله عليه وسلم نصى على علي لقطع النزاع ولكن الصحابة كابروا النص وكتموه, فأمثال ذلك يعارض بمثله ويقال: بم تنكرون على من قال إنه نص على أبي بكر فأجمع الصحابة على موافقته النص ومتابعته. وهو أقرب من تقدير مكابرتهم النص وكتمانه. ثم إنما يتخيل وجوب ذلك لتعذر قطع الإختلاف وليس ذلك بمعتذر. فإن البيعة تقطع مادة الإختلاف والدليل عليه عدم إختلافهم في زمان أبي بكر وعثمان رضي الله عنهم, وقد توليا البيعة. وكثرته في زمان علي رضي الله عنه ومعتقد الإماميه أنه تولى بالنص.")انتهى نقلنا عن الغزالي)
((( تعليق:
أقول الظاهر ان هذا الكتاب هو من أوائل ما كتب الغزالي لان الغزالي له كتاب وسيلة الدارين وسر العالمين, أو سر العالمين ووسيلة الدارين, ينتقد فيه فعل أبو بكر وعمر بن الخطاب بعد أن سلما على علي سلام الله عليه بأمرة المؤمنين.
ولكن حيث أننا نريد الرد على هذا النص فنقول,
1- رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو احكم وأعلم وأخبر إنسان على وجه البسيطة. وهذا مفروغ منه.
2- إذا كان هناك نص على أبو بكر في الخلافة فنظرية الغزالي باطلة من أساسها, وهذا يعني أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نص على خليفة بعده. )))
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين باعث الانبياء والمرسلين هدى ورحمة للعالمين والصلاة والسلام والتحية والإكرام على خير البشر الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم تسليما كثيرا كثيرا.
من خلال قرأتي لبعض مقالات أهل السنة والوهابية في شبكات الانترنيت عن موضوع الإمامة الكبرى (الخلافة) تبين أنهم يؤمنون بأن موضوع الامامة لايعد من أصول الدين وإنما المسألة متروكة للناس او أن الموضوع هو شورى وأن الله عز وجل والعياذ بالله فوض للناس إختيار من يصلح لهم ديناهم ودنياهم.
فقررنا أن نبحث في بطون كتب العامة عن رأي بعض علمائهم في مسألة الإمامة, ومن يسحتقها وما هي شروطها وكيف تتم. وسنتطرق إلى تفسيرهم لبعض الايات الدالة على صفة هذا الإمام.
فإجماع المسلمين على أن الأئمة (الخلفاء) من قريش. وبعضهم قال بوجوب عصمة الأئمة ووجودهم في كل زمان ومكان, ومنهم من قال انها تنعقد بالوصية, وبأهل الحل والعقد.
وسنتطرق إلى هذه كلامهم هذا بالتفصيل ونذكر ما نقوله. ومن ثم نعلق على ما ذكروه.
والبحث لم ينته بعد ولك احببنا أن ننشره تزامنا مع نقاش الاخ السيد سليل الرسالة الموسوي مع المدعو حيدرة السلفي.
1- الأحكام السلطانية والولايات الدينية: للماوردي
2- كتاب الإقتصاد في الإعتقاد للإمام الغزالي
3- الأجماع: لإبن حزم
4- أضواء البيان في إيضاح القران بالقران :للشنقيطي
5- دراسات في عهد النبوة والخلافة الراشدة – للدكتور عبد الرحمن الشجاع
1- الاحكام السلطانية والولايات الدينية ل: أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الماوردي (380-450 هجرية) علق عليه وخرج أحاديثه خالد عبد اللطيف السبع العليمى. دار الكتاب العربي الطبعة الأولى 1990 – بيروت لبنان.
الاحكام السلطانية صفحة 29-30
الباب الاول في عقد الأمامة
الامامة
" الامامة موضوعة لخلافة النبوة وحراسة الدين وسياسة الدنيا (1), وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع وإن شذ عنهم الأصم .
واختلف في وجوبها هل وجبت بالعقل أو بالشرع؟
فقالت طائفة: وجبت بالعقل لما في طباع العقلاء من التسليم لزعيم يمنعهم من التظالم,ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم, ولولا الولاة لكانوا فوضى مهملين, وهمجا مضاعين, وقد قال الأفوه الأودي وهو شاعر جاهلي (من البسيط)
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم - - - - - - ولا سراة إذا جهالهم سادوا.
وقالت طائفة أخرى: بل وجبت بالشرع دون العقل, لأن الامام يقوم بأمور شرعية قد كان مجوزا في العقل أن لا يرد التعبد بها , فلم يك العقل موجبا لها, وإنما أوجب العقل أن يمنع كل واحد نفسه من العقلاء عن التظالم والتقاطع. ويأخذ بمقتضى العدل في التناصف والتواصل, فيتدبر بعقله لا بعقل غيره, ولكن جاء الشرع بتفويض الأمور إلى وليه في الدين, قال الله عز وجل:
(يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم)
ففرض علينا طاعة أولي الأمر فينا وهم الأئمة المتأمرون علينا."
- - - - - - - - - - - - - - - - -
(هامش):
1- لقد عرف الفقهاء الخلافة بما لا يخرج عن هذا المعنى فعرفت بأنها رياسة عامة في أمور الدين والدنيا نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعرفت بأنها خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملة بحيث يجب إتباعه على كافة الأمة.
وعرفها إبن خلدون بأنها حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الاخروية والدنيوية الراجعة إليها, إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى إعتبارها بمصالح الأخرة, فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به. أنظر المواقف ص 603, والمسامرة 2/141 , وحاشية الشهاب للرملي 4/108, ومقدمة إبن خلدون ص 180.
- - - - - - - - - - - - - - - - -
الاحكام السلطانية صفحة 31-32
فصل [شروط أهل الامامة]
"وأما أهل الامامة فالشروط المعتبرة فيهم سبعة
أحدها: العدالة على شروطها الجامعة
والثاني: العلم المؤدي إلى الإجتهاد في النوازل والأحكام.
والثالث: سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان ليصح معها مباشرة ما يدرك بها.
والرابع: سلامة الاعضاء من نقص يمنع عن إستيفاء الحركة وسرعة النهوض.
والخامس: الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح.
والسادس: الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو.
والسابع: النسب وهو أن يكون من قريش, لورود النص فيه وإنعقاد الإجماع عليه. ولأعتبار بضرار حين شذ فجورها في جميع الناس لان أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – أحتج يوم السقيفة على الأنصار في دفعهم عن الخلافة لما بايعوا سعد بن عبادة عليها بقول النبي –صلى الله عليه وسلم- "الأئمة من قريش", فأقلعوا عن التفرد بها, ورجعوا عن المشاركة فيها, حين قالوا: منا أمير ومنكم أمير, تسلميا لروايته وتصديقا لخبره, ورضوا بقوله: نحن الأمراء وأنتم الوزراء.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قدموا قريشا ولا تقدموها". وليس مع هذا النص المسلم شبهة لمنازع فيه ولا قول لمخالف له."
الاحكام السلطانية صفحة 33
فصل [إنعقاد الإمامة]
" والإمامة تنعقد من وجهين: أحدهما: بإختيار أهل العقد والحل. والثاني بعهد الإمام من قبل."
((((((((( إنتهى نقلنا عن الاحكام السلطانية : للماوردي ))))))))))
2- الإقتصاد في الإعتقاد للإمام الغزالي: هو: أبو حامد الملقب بحجة الإسلام وزين الدين وعالم العلماء ووارث الانبياء فيلسوف ومتصوف خرساني. ولد سنة 450 هجرية كان أبوه غزالا للصوف ومن هنا جاءت التسمية.
قال الإمام الغزالي في كتاب الإقتصاد في الإعتقاد صفحة 147-149 :
" الباب الثالث: في الإمامة
"الطرف الأول:
في بيان وجوب نصب الإمام.
" ولا ينبغي أن نظن أن وجوب ذلك مأخوذ من العقل. فإنا بينا أن الوجوب يأخذ من الشرع إلا أن يفسر الواجب بالفعل الذي فيه فائدة وفي تركه أدنى مضرة. وعند ذلك لا يُنكر وجوب نصب الإمام لما فيه من الفوائد ودفع المضار في الدنيا. ولكنا نقيم البرهان القطعي الشرعي على وجوبه ولسنا نكتفي بما فيه من إجماع الأمة.
بل ننبه على مستند الإجماع ونقول: نظام أمر الدين مقصود لصاحب الشرع عليه السلام قطعا. وهذه مقدمة قطعية لا يتصور النزاع فيها, ونضيف إليها مقدمة أخرى وهو أنه لايحصل نظام الدين إلا بإمام مطاع فيحصل من المقدمتين صحة الدعوى وهو وجوب نصب الإمام.
فإن قيل أن المقدمة الأخيرة غير مسلمة وهو أن نظام الدين لا يحصل إلا بإمام مطاع, فدُلوا عليها.
فنقول: البرهان عليه أن نظام الدين لا يحصل إلا بنظام الدنيا, ونظام الدنيا لا يحصل إلا بإمام مطاع, فهاتان مقدمتان ففي أيهما النزاع؟ فإن قيل لما قلتم إن نظام الدين لا يحصل إلا بنظام الدنيا, بل لا يحصل إلا بخراب الدنيا, فإن الدين والدنيا ضرتان والإشتغال بعمارة احدهما خراب الآخر.
قلنا: هذا كلام من لا يفهم ما نريده بالدنيا الآن, فإنه لفظ مشترك قد يطلق على فضل والتنعم والتلذذ والزيادة على الحاجة والضرورة, وقد يطلق على جميع ما هو محتاج إليه قبل الموت. وأحدهما ضد الدين والآخر شرطه.
وهكذا يغلط من لا يميز بين معاني الألفاظ المشتركة. فنقول: نظام الدين بالمعرفة والعبادة لا يتوصل إليهما إلا بصحة البدن وبقاء الحياة وسلامة قدر الحاجات من الكسوة والمسكن والأقوات, والأمن هو آخر الأفات. ولعمري من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وله قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها, وليس يأمن الإنسان على روحه وبدنه وماله ومسكنه وقوته في جميع الآحوال بل في بعضها, فلا يتنظم الدين إلا بتحقيق الأمن على هذه المهمات الضرورية, وإلا فمن كان جميع أوقاته مستغرقا بحراسة نفسه من سيوف الظلمة وطلب قوته من وجوه الغلبة, متى يتفرغ للعلم والعمل وهما وسيلتاه إلى سعادة الآخرة, فإذن بأن نظام الدنيا, أعني مقادير الحاجة شرط لنظام الدين.
وأما المقدمة الثانية:
وهو أن الدنيا والأمن على الأنفس والأموال لا ينتظم إلا بسلطان مطاع فتشهد له مشاهدة أوقات الفتن بموت السلاطين والأئمة, وإن ذلك لو دام ولم يتدارك بنصب سلطان آخر مطاع دام الهرج وعم السيف وشمل القحط وهلكت المواشي وبطلت الصناعات, وكان كل علب سلب ولم يتفرغ للعبادة والعلم إن بقي حيا, والأكثرون يهلكون تحت ضلال السيوف, ولهذا قيل : الدين والسلطان توأمان, ولهذا قيل: الدين أس والسلطان حارس وما لا أس له فمهدوم وما لا حارس له فضائع.
وعلى الجملة لا يتمارى العاقل في أن الخلق على اختلاف طبقاتهم وما هم عليه من تشتت الأهواء وتباين الآراء لو خلّوا وراءهم ولم يكن رأي مطاع يجمع شتاتهم لهلكوا من عند آخرهم. فبان أن السلطان ضروري في نظام الدنيا. ونظام الدنيا ضروري في نظام الدين و ونظام الدين ضروري في الفوز بسعادة الاخرة وهو مقصود الأنبياء قطعا, فكان وجوب نصب الإمام من ضروريات الشرع الذي لا سبيل إلى تركه فإعلم ذلك."
الطرف الثاني:
في بيان من يتعين من سائر الخلق لان ينصب إماما (( صفحة 149-151))
" فنقول: ليس يخفى أن التنصيص على واحد نجعله إماما بالتشهي غير ممكن, فلا بد له من تميز بخاصية يفارق سائر الخلق بهذا, فتلك خاصية في نفسه وخاصية من جهة غيره.
اما من نفسه فأن يكون مؤهلا لتدبير الخلق وحملهم على مراشدهم. وذلك بالكفاية والعلم والورع, وبالجملة خصائص القضاة يشترط فيه مع زيادة نسب قريش, , وعلم هذا الشرط الرابع بالسمع حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم

إما التنصيص من جهة النبي صلى الله عليه وسلم,
وإما التنصيص من جهة إمام العصر بأن يعين لولاية العهد شخصا معينا من أولاده أو سائر قريش,
وإما التفويض من رجل ذي شوكة يقتضي إنقياده متابعة الأخرين ومبادرتهم إلى المبايعة......
.......
فإن قيل: فهلا قلتم إن التنصيص واجب من النبي والخليفة كي يقطع ذلك دابر الإختلاف كما قالت بعض الإماميه إذ ادعوا أنه واجب؟.
قلنا : لانه لو كان واجبا لنص عليه الرسول عليه السلام. ولم ينص هو ولم ينص عمر أيضا بل ثبتت إمامة أبو بكر وإمامة عثمان وإمامة علي رضي الله عنهم بالتفويض, فلا تلتفت إلى تجاهل من يدعي أنه صلى الله عليه وسلم نصى على علي لقطع النزاع ولكن الصحابة كابروا النص وكتموه, فأمثال ذلك يعارض بمثله ويقال: بم تنكرون على من قال إنه نص على أبي بكر فأجمع الصحابة على موافقته النص ومتابعته. وهو أقرب من تقدير مكابرتهم النص وكتمانه. ثم إنما يتخيل وجوب ذلك لتعذر قطع الإختلاف وليس ذلك بمعتذر. فإن البيعة تقطع مادة الإختلاف والدليل عليه عدم إختلافهم في زمان أبي بكر وعثمان رضي الله عنهم, وقد توليا البيعة. وكثرته في زمان علي رضي الله عنه ومعتقد الإماميه أنه تولى بالنص.")انتهى نقلنا عن الغزالي)
((( تعليق:
أقول الظاهر ان هذا الكتاب هو من أوائل ما كتب الغزالي لان الغزالي له كتاب وسيلة الدارين وسر العالمين, أو سر العالمين ووسيلة الدارين, ينتقد فيه فعل أبو بكر وعمر بن الخطاب بعد أن سلما على علي سلام الله عليه بأمرة المؤمنين.
ولكن حيث أننا نريد الرد على هذا النص فنقول,
1- رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو احكم وأعلم وأخبر إنسان على وجه البسيطة. وهذا مفروغ منه.
2- إذا كان هناك نص على أبو بكر في الخلافة فنظرية الغزالي باطلة من أساسها, وهذا يعني أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نص على خليفة بعده. )))
تعليق