إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

لماذا هناك ما ظاهره جبر و تشبيه في القرآن الكريم ؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا هناك ما ظاهره جبر و تشبيه في القرآن الكريم ؟

    لماذا هناك ما ظاهره جبر و تشبيه في القرآن والأخبار؟
    ---
    يقول الصدوق رحمه الله حول كتابه التوحيد في المقدمة : إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أني وجدت قوما من المخالفين لنا ينسبون عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر لما وجدوا في كتبهم من الاخبار التي جهلوا تفسيرها ولم يعرفوا معانيها ووضعوها في غير موضعها ولم يقابلوا بألفاظها ألفاظ القرآن .

    ===
    يُعَلّق السيد الجزائري رحمه الله في نور البراهين ج1 :

    إشارة إلى ما روي من قوله عليه السلام: حديثنا كالقرآن فيه عام وخاص ومجمل ومبين ومحكم ومتشابه وأمر ونهي. فلو قابلوا ألفاظ الاخبار بألفاظ القرآن لما طعنوا على مذهبنا، ولظهر لهم أن في القرآن من المتشابه الذي ظاهره التشبيه والجبر كثيرا، كقوله عز وجل ﴿يد الله فوق أيديهم﴾ وقوله ﴿الرحمن على العرش استوى﴾ ونحو ذلك، وقوله ﴿قل كل من عند الله﴾ وقوله ﴿يضل من يشاء ويهدي من يشاء﴾ . وغير ذلك مما ظاهره الجبر، مع أن اشتمال القرآن عليه لا يقدح في حقيته ، للاجماع من الكل على أن المراد منها غير الظاهر، فترد إلى المحكم منه، كما قال: {منه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات} فالمحكم أصل وأم للمتشابه يحكم عليه بها.
    -
    فإن قلت : اشتمال القرآن على ما ظاهره الجبر والتشبيه وما لا يُفهم الوجه فيه ظاهر , حيث إن المخاطب به النبي و أهل بيته المعصومين عليهم السلام , وقد أوحى إليهم تفاصيل علمه من طرق شتى .
    أما الأخبار فالمخاطب بها عامّة الخلق , فما الوجه في اشتمالها على الأمور المذكورة مع ما يترتب عليه من المفاسد المذكورة في كلام المصنّق رحمه الله ؟
    *قُلت : الجواب على هذا من وجوه :
    الأوّل :أن خطاب الشرع ليس منحصرا في الأحكام التكليفيّة العمليّة , بل هي شاملة بها ولأحكام الاعتقاد و التسليم و الإذعان , فإذا جاء الخبر متشابه المعنى لم يجز ردّه وإنكاره , بل ينبغي التسليم و الإنقياد , وإرجاع تفاصيل حقائقه غلى تراجمة الوحي عليهم السلام ; لأنهم أعلم بما قالوا , ويكون الراد علمه إليهم على طريق التسليم مأجورا عليه , كما يكون مثابا على الاحكام العمليّة , بل هذا أوفر حظا و ثوابا , حيث إن مدارج العقول لا تصل إليه , ومن ثم نصّ جماعة من أرباب التحقيق على ان مناسك الحج , كالطواف و السعي و رمي الجمرات إلى غير ذلك مما لا تحيط العقول بكنه حقائقها يكون الثواب على أدائها أكثر مما تصل إليه الأفهام والعقول ; لأنه تعبد محض خال من معاونة العقول و العادات , وغرض الشارع من تكليف العباد جزاؤهم بالثواب .
    الثاني : أن الأخبار التي وصلت إلينا متشابهة ربما لم تكن كذلك عند المخاطبين بها ; لأن قرائن الحال و المقال مما يكشف الإجمال و يزيل الإعضال , ومن راجع الأخبار يجد أكثر متشابهاتها من هذا المثال .
    الثالث : أنهم عليهم السلام أوضحوا الأصول و بيّنوا الفروع , ووضعوا قوانين الشريعة، فإذا ألقوا إلى الناس ما لعله لا يوافق تلك القولين ظاهرا ربما كان الغرض منه تكليف المجتهدين برد هذا إلى ذاك، ليفوزوا بأجر هذا الاجتهاد، كما قال عليه السلام: علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم أن تفرعوا عليها (1) وما ذكرناه ضرب من التفريع.
    الرابع: ان طوائف أهل الخلاف لما قال بعضهم بالجبر وبعضهم بالتشبيه وتفرقت آراؤهم، ربما كان الوجه فيما كان ظاهره الموافقة لهم من الاخبار رعاية أطراف التقية: إما تقية من الأئمة الطاهرين عليهم السلام، وإما اتقاء على شيعتهم لئلا يعرفوا بكونهم على طرف الخلاف من العامة، كما قال الصادق عليه السلا م:
    أنا الذي خالفت بينهم في بيان أوقات الصلوات لئلا يعرفوا بالاتفاق على الوقت الواحد فيؤخذ برقابهم (2).
    الخامس: أن أفصح الكلام ما اشتمل على المجازات والاستعارات وأنواع الكنايات، ومن تصفح الاخبار المتشابهة وحملها على ضروب المجاز أمكنه التوافق بينها وبين المحكمات .
    -وقد ذكر مثل هذا الشيخ طاب ثراه في التبيان في الجواب عن متشابه القرآن، وهذا لفظه:
    فإن قيل: هلا كان القرآن كله محكما يستغني بظاهره عن تكليف ما يدل على المراد منه، حتى دخل على كثير من المخالفين للحق شبهة فيه، وتمسكوا بظاهره على ما يعتقدونه من الباطل؟
    *قيل: الجواب عن ذلك من وجهين:
    1-أحدهما: أن خطاب الله تعالى مع ما فيه من الفوائد لمصلحة معتبرة في ألفاظه لا يمتنع أن تكون المصلحة الدينية تعلقت بأن يستعمل له ألفاظه محتملة ويجعل الطريق إلى معرفة المراد به ضربا من الاستدلال، ولهذه العلة أطال في موضع واختصر في آخر، وذكر قصة في موضع وأعادها في موضع آخر، واختلفت أيضا مقادير الفصاحة فيه.
    والجواب الثاني: أن الله تعالى إنما خلق عباده تعريضا لثوابه، وكلفهم لينالوا أعلى المراتب وأشرفها، ولو كان القرآن كله محكما لا يحتمل التأويل ولا يمكن فيه الاختلاف لسقطت المحنة وبطل التفاضل وتساوت المنازل، ولم تبن منزلة العلماء من غيرهم، فأنزل الله القرآن بعضه متشابها ليعمل أهل العقل أفكارهم، ويتوصلوا بتكليف المشاق وبالنظر والاستدلال إلى فهم المراد، فيستحقوا به عظيم المنزلة وعالي الرتبة انتهى (3).
    والجواب الأول جار هنا أيضا، ومن ثم حكي عن السيد المرتضى وطائفة من القدماء أنهم حكموا على الأخبار الواردة في باب طينة المؤمن والكافر، من أن أحدهما من عليين والأخرى من سجين، ونحو ذلك مما ظاهره الجبر ونفي الاختيار، بأنها محمولة على طريق المجاز والاستعارة، كما سيأتي تحقيقه في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
    السادس: أن أكثر تلك الأخبار من باب إخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا ظنا. وهذا الجواب قاله ابن إدريس رحمه الله في رد تلك الأخبار التي ظاهرها الجبر والتشبيه. وبالجملة فالأجوبة عن مثل هذا متكثرة جدا كما لا يخفى.

    ==============================================
    ==============================================
    1- بحار الأنوار: 2 / 245 ح 54.
    2- بحار الأنوار: 2 / 252 ح 69.
    3- التبيان للطوسي ج1 ص10 .

  • #2
    تفسير الهدى والضلالة والتوفيق والخذلان من الله تعالى

    مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا
    ===
    قال الجزائري رحمه الله في نور البراهين ج2 : واعلم أن هذه الآية وكثيرا من الآيات والاخبار تضمنت نسبة الاضلال والهداية إليه سبحانه حتى تمسك بها الأشاعرة في الاستدلال على مذهبهم وقولهم (كل من عند الله) قالوا: من حيث إن الممكنات بأسرها مستندة إلى الله واقعة بقدرته استندت إليه، يعني الاضلال والختم والخذلان وما أشبهها، ومن حيث أنها مسببة مما اقترفوه بدليل قوله بل طبع الله عليها بكفرهم وقوله تعالى ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم وردت الآيات ناعية عليهم شناعة صفتهم ووخامة عاقبتهم.
    وحيث أن الأدلة العقلية والنقلية واجماع أصحابنا والمعتزلة دالة على أنه لا يحسن وقوع تلك الأمور منه سبحانه، لأنه يقبح من الحكيم أن يكلف أحدا ثم يمنعه عن الاتيان بما كلفه به ثم يعذبه عليه، فلا بد من تحقيق المقام، وهو يتم ببيان أمور:
    الأول: فيما ذكره أصحابنا والمعتزلة من التأويلات والأجوبة عن معنى الاضلال والطبع والختم وما في معناها وهو وجوه:
    منها: أن القوم لما أعرضوا عن الحق، وتمكن ذلك في قلوبهم حتى صار كالطبيعة لهم، شبه بالوصف الخلقي المجبول عليه، فقال: ختم الله على قلوبهم وكذا في نسبة الاضلال، فإنهم لما لا يمكن الضلال في قلوبهم حتى صاروا بسببه لا يأتون معروفا ولا يصغون لدعاة الدين، فصاروا كأنهم مجبولون على ذلك الضلال.
    ومنها: أن المراد تمثيل حال قلوبهم بقلوب البهائم التي خلقها الله تعالى خالية عن الفطن والهداية إلى طرق التكليف وأنواع الصلاح.
    ومنها: أن ذلك في الحقيقة فعل الشيطان والكافر، لكن لما كان صدوره عنه باقداره تعالى إياه أسنده إليه اسناد الفعل إلى السبب.
    ومنها: أن اعراقهم لما رسخت في الكفر واستحكمت بحيث لم يبق طريق إلى تحصيل ايمانهم سوى الالجاء والقسر، ثم لم يقسرهم ابقاء على غرض التكليف عبر عن تركه بالاضلال، فإنه سد لايمانهم.
    ومنها: أن ذلك في الآخرة وإنما أخبر عنه بالماضي لتحققه وتيقن وقوعه، وهذا الحديث نص فيه، ويشهد له قوله تعالى ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما.
    ومنها: أن المراد بالختم والاضلال، وسم قلوبهم بسمة تعرفها الملائكة فيبغضونهم وينتفرون عنهم، وهي نكتة سوداء تشاهدها الملائكة، فيعلمون بها أنه لا يؤمن، وكذلك يكتب في قلب المؤمن الايمان، ويعلم عليه علامة تعلم الملائكة بها أنه مؤمن، فيمدحونه ويستغفرون له.
    ومنها: أن المراد بالاضلال تخلية العبد من الألطاف الربانية بما كسبت يداه، وهو أحد معاني الضلال كما سيأتي. وبالجملة الأجوبة عن هذا كثيرة، وفي الاستقصاء عليها افضاء إلى التطويل.

    الأمر الثاني: في معاني الضلال، ومنه يظهر صحة اطلاقه في كل مورد على معنى يناسبه:
    الأول: أن معنى الضلال تشديد الامتحان الذي يكون عنده الضلال، فالمعنى أن الله تعالى يمتحن بالتكاليف، فيضل بها قوم كثير ويهتدي بها قوم كثير، ومثله قوله رب انهن أضللن كثيرا من الناس أي: ضلوا عندها.
    الثاني: أن الاضلال بمعنى التخلية على وجه العقوبة وترك المنع بالقهر ومنع الألطاف التي تفعل بالمؤمنين جزاء على ايمانهم.
    الثالث: أنه بمعنى التسمية بالضلال والحكم به، كما يقال: أضله إذا نسبه إلى الضلال وأكفره إذا نسبه إلى الكفر.
    الرابع: أنه بمعنى الاهلاك والعذاب والتدمير، ومنه قوله تعالى ان المجرمين في ضلال وسعر ومنه قوله تعالى إذ أضللنا في الأرض أي: هلكنا.
    الخامس: أنه بمعنى التلبيس والتشكيك والايقاع بالفساد والضلال، وهذا هو الذي يضاف إلى الشيطان والسامري ونحوه، كقوله تعالى ولقد أضل منكم جبلا كثيرا وقوله تعالى وأضل فرعون قومه وقوله تعالى وأضلهم السامري

    .
    الأمر الثالث: في بيان معاني الهداية:
    أحدها: أن يكون بمعنى الأدلة والارشاد، يقال هداه إلى الطريق إذا دله عليه، وهذا الوجه عام لجميع المكلفين، فإن الله تعالى هدى كل مكلف إلى الحق، بأن دله عليه وأرشده إليه، لأنه كلفه الوصول إليه، ومنه قوله تعالى إنا هديناه السبيل وقوله وأما ثمود فهديناهم ونحو ذلك.
    وثانيها: أن يكون بمعنى زيادة الألطاف التي بها يثبت على الهدى، كقوله والذين اهتدوا زادهم هدى.
    وثالثها: أن يكون بمعنى الإثابة، ومنه قوله تعالى يهديهم ربهم بايمانهم تجري من تحتهم الأنهار.
    ورابعها: الحكم بالهداية كقوله تعالى من يهد الله فهو المهتد وهذه الوجوه الثلاثة مخصوصة بالمؤمنين دون غيرهم، لأنه تعالى إنما يثيب من يستحق الإثابة وهم المؤمنون، ويزيدهم ألطافا بايمانهم وطاعتهم، ويحكم لهم بالهداية لذلك أيضا.
    وخامسها: أن تكون الهداية بمعنى جعل الانسان مهتديا بأن يخلق الهداية فيه، كما يجعل الشئ متحركا بخلق الحركة فيه، والله تعالى يفعل العلوم الضرورية في القلوب، فذلك هداية منه تعالى، وهذا الوجه أيضا عام لجميع العقلاء، كالوجه الأول.

    فأما الهداية التي كلف الله تعالى فعلها كالايمان به وبأنبيائه وغير ذلك، فإنها من أفعال العباد، ولذلك يستحقون عليها المدح والثواب، وإن كان سبحانه قد أنعم عليهم بدلالتهم على ذلك وارشادهم إليه، ودعاهم إلى فعله وأمرهم به، فهو من هذا الوجه نعمة منه سبحانه عليهم، ومنة منه واصلة إليهم، وتفضل منه واحسان لديهم، فهو مشكور على ذلك محمود، إذ فعل بتمكينه وألطافه وضروب تسهيلاته ومعوناته

    تعليق


    • #3
      اتهام الهشامَيْن (أحدهما هشام بن الحكم المعروف ) رضي الله عنهما بالتجسيم


      يروي الصدوق رحمه الله هذا الخبر في توحيده :بسنده عن محمد بن الفرج الرخجي، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام: أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم، وهشام بن سالم في الصورة، فكتب عليه السلام: دع عنك حيرة الحيران، واستعذ بالله من الشيطان، ليس القول ما قال الهشامان .
      ===
      يعلّق السيد الجزائري رحمه الله قائلا :
      لا ريب في جلالة هذين الرجلين، وأنهما من أعلم العلماء وأهل الكلام، وأنهما من أوثق أصحاب أبي عبد الله عليه السلام، وقد بالغ السيد طاب ثراه في كتاب الشافي في رد هذا القول، وأنهما بريئان منه، وأكثر عليه من الدلائل الوافية.


      واعتذر الأصحاب رضوان الله عليهم عن نسبة هذا القول اليهما: تارة بأنه من جهة المخالفين، كما نسبوا الأقاويل الباطلة إلى زرارة تشنيعا على أجلاء هذه الطائفة وطعنا فيهم، وهو يرجع إلى الطعن في المذهب، وأخرى بأنهم لم يقفوا على معنى كلامهما، فلعلهما قصدا قصدا صحيحا، كما قيل: إنهما قالا بجسم لا كالأجسام وبصورة لا كالصور، كأن يكون مرادهم من الجسم الحقيقة القائمة بالذات وبالصورة المهية، وإن أخطئا في إطلاق هذين اللفظين عليه تعالى، والأظهر كما سيأتي أن هذا القول منهما قبل الاستبصار وملازمة [خدمة] الصادق عليه السلام.

      قال الفاضل الدواني: والمشبهة، منهم: من قال: إنه جسم حقيقة، ثم افترقوا، فقال بعضهم: إنه مركب من لحم ودم، وقال بعضهم: هو نور متلألأ كالسبيكة البيضاء طوله سبعة أشبار بشبر نفسه، ومنهم من قال: إنه على صورة إنسان، فمنهم: من يقول: إنه شاب أمرد جعد قطط، ومنهم من قال: إنه شيخ أشمط الرأس واللحية، ومنهم من قال: هو في جهة الفوق مماس للصفحة العليا من العرش، ويجوز عليه الحركة والانتقال وتبدل الجهات، وتأط العرش تحته أطيط الرحل الجديد تحت الراكب الثقيل، وهو يفضل عن العرش بقدر أربع أصابع.
      ومنهم: من قال: هو محاذ للعرش غير مماس به، وبعده عنه بمسافة متناهية، وقيل: بمسافة غير متناهية، ولم يستنكف هذا القائل من جعل غير المتناهي محصورا بين حاصرين، ومنهم من تستر بالبلكفة، فقال: هو جسم لا كالأجسام، وله حيز لا كالأحياز، ونسبته إلى حيزه ليس كنسبة الأجسام إلى أحيازها، وهكذا ينفي جميع خواص الجسم عنه حتى لا يبقى إلا اسم الجسم، وهؤلاء لا يكفرون بخلاف المصرحين بالجسمية .

      قال بعضهم - على ما حكاه ابن أبي الحديد -: سألت معاد العنبري، فقلت:
      أله وجه؟ فقال: نعم حتى عددت جميع الأعضاء من أنف وفم وصدر وبطن، واستحييت أن أذكر الفرج، فأومأت بيدي إلى فرجي، فقال: نعم، فقلت: أذكر أم أنثى؟ فقال: ذكر.
      ويقال: إن ابن خزيمة أشكل عليه القول في أنه ذكر أم أنثى، فقال له بعض أصحابه: إن هذا مذكور في القرآن، وهو قوله تعالى ﴿وليس الذكر كالأنثى﴾ فقال: أفدت وأجدت وأودعه كتابه.
      وقال بعضهم خرجنا يوم عيد إلى المصلى، فإذا جماعة بين يدي أمير، والطبول تضرب والاعلام تخفق، فقال واحد من خلفنا: اللهم لا طبل إلا طبلك، فقيل له: لا تقل هكذا، فليس لله تعالى طبل، فبكى وقال: أرأيتم هو يجئ وحده ولا يضرب بين يديه طبل ولا ينصب على رأسه علم، إذن هو
      سوداء هو نور أسود، لكنه ليس بلحم ولا دم.
      ثم قال: وغلا هشام بن الحكم في حق علي عليه السلام حتى قال: إنه إله واجب الطاعة، وهذا هشام بن الحكم صاحب غور في الأصول لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة، فإن الرجل وراء ما يلزمه على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه، وذلك أنه ألزم العلاف، فقال: إنك تقول: إن الباري تعالى عالم بعلم وعلمه ذاته، فيشارك المحدثات في أنه عالم بعلم ويباينها في أن علمه ذاته، فيكون عالما لا كالعالمين، فلم لا تقول: هو جسم لا كالأجسام وصورة لا كالصور وله قدر لا كالأقدار إلى غير ذلك، انتهى.

      ويظهر من هذا الكلام أن نسبة هذين القولين إليهما: إما للتشنيع على علمائنا كما تقدم، أو أنهما لما ألزموهما في الاحتجاج بأشياء إسكاتا لهم نسبوها إليهم، والأئمة عليهم السلام لم ينفوها عنهم اتقاء عليهم لئلا يعرفوا بالتشيع، كما كانوا عليهم السلام يبرؤون من زرارة ويطعنون عليه ويلعنونه فوق المنابر حتى لا يعرفه المخالفون بالمذهب.
      وأما ما قدمناه من أنه كان منهما قبل الاستبصار، فيدل عليه ما قيل: إن هشام بن الحكم كان قبل أن يلقي الصادق عليه السلام على رأي جهم بن صفوان، فلما تبعه عليه السلام تاب ورجع إلى الحق.
      ويؤيده ما ذكره الكراجكي في كنز الفوائد في الرد على القائلين بالجسم بمعنييه، حيث قال: وأما موالاتنا هشاما رحمه الله، فهي لما شاع منه وما استفاض من تركه القول بالجسم الذي كان ينصره، ورجوعه عنه، وإقراره بخطائه فيه وتوبته منه، وذلك حين قصد الإمام جعفر بن محمد عليهما السلام إلى المدينة، فحجبه، وقيل له: إنه أمرنا أن لا نوصلك إليه ما دمت قائلا بالجسم، فقال: وإن ما قلت به إلا أني ظننت أنه وفاق لقول إمامي، فأما إذا أنكره علي فإني تائب إلى الله منه، فأوصله الإمام عليه السلام إليه ودعا له بخير وحفظ عن الصادق عليه السلام، أنه قال لهشام:
      إن الله تعالى لا يشبه شيئا ولا يشبهه شئ، وكل ما وقع في الوهم فهو بخلافه .

      تعليق


      • #4
        كلام الشريف المرتضى رحمه الله دفاعاً عن هشام بن الحكم رضي الله عنه


        الشافي في الإمامة ج1 ص83
        فأما ما رمي به هشام بن الحكم رحمه الله بالتجسيم فالظاهر من الحكاية عنه القول بجسم لا كالأجسام. ولا خلاف في أن هذا القول ليس تشبيه ولا ناقض لأصل، ولا معترض على فرع، وأنه غلط في عبارة يرجع في إثباتها ونفيها إلى اللغة.
        وأكثر أصحابنا يقولون: إنه أورد ذلك على سبيل المعارضة للمعتزلة. فقال لهم: إذا قلتم إن القديم تعالى شئ لا كالأشياء، فقولوا: إنه جسم لا كالأجسام - وليس كل من عارض بشئ وسأل عنه يكون معتقدا له، ومتدينا به، وقد يجوز أن يكون قصد به إلى استخراج جوابهم عن هذه المسألة.
        ومعرفة ما عندهم فيها، أو إلى أن يبين قصورهم عن إيراد المرتضى في جوابها. إلى غير ذلك مما يتسع ذكره.
        فأما الحكاية عنه أنه ذهب في الله تعالى أنه جسم له حقيقة الأجسام الحاضرة. وحديث الأشبار المدعى عليه فليس نعرفه إلا من حكاية الجاحظ عن النظام وما [هو] فيها إلا متهم عليه، غير موثوق بقوله في مثله، وجملة الأمر إن المذاهب يجب أن تؤخذ من أفواه قائليها.
        وأصحابهم المختصين بهم ومن هو مأمون في الحكاية عنهم، ولا يرجع فيها إلى دعاوى الخصوم فإنه إن يرجع إلى ذلك في المذهب اتسع الخرق، وجل الخطب، ولم نثق بحكاية في مذهب ولا استناد مقالة.
        ولو كان يذهب هشام إلى ما يدعونه من التجسم يوجب أن يعلم ذلك ويزول اللبس فيه كما يعلم قول الخوارزمي وأصحابه بذلك، ولا نجد له دافعا كما ولا نجد لمقالة الخوارزمي دافعا.
        ومما يدل على براءة هشام من هذا القرف (1) ورميه على هذا المعنى الذي يدعونه ما روي عن الصادق عليه السلام في قوله: " لا تزال يا هشام مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك " وقوله عليه السلام حين دخل عليه وعنده مشائخ الشيعة فرفعه على جماعتهم، وأجلسه إلى جانبه في المجلس وهو إذ ذاك حديث السن: " هذا ناصرنا بقلبه ويده ولسانه ".
        وقوله عليه السلام: " هشام بن الحكم رائد حقنا، وسايق قولنا، المؤيد لصدقنا، والدافع لباطل أعدائنا، من تبعه وتبع أمره تبعنا. ومن خالفه وألحد فيه فقد عادانا وألحد فينا ".
        وأنه عليه السلام كان يرشد في باب النظر والحجاج، ويحث الناس على لقائه ومناظرته فكيف يتوهم عاقل - مع ما ذكرناه - على هشام هذا القول بأن ربه سبعة أشبار بشبره؟ وهل ادعاء ذلك عليه - رضوان الله عليه - مع اختصاصه المعلوم بالصادق عليه السلام وقربه منه، وأخذه عنه إلا قدح في أمر الصادق عليه السلام ونسبة له إلى المشاركة في الاعتقاد الذي نحلوه هشاما وإلا كيف لم يظهر عنه من التنكير عنه، والتبعيد له ما يستحقه المقدم على هذا الاعتقاد المنكر، والمذهب الشنيع فأما حدوث العلم فهو أيضا من حكاياتهم المختلقة وما نعرف للرجل فيه كتابا، ولا حكاه عنه ثقة.
        فأما الجبر وتكليف ما لا يطاق مما لا نعرفه مذهبا له، ولعله لم يتقدم صاحب الكتاب في نسبة ذلك إليه غيره. اللهم إلا أن يكون شيخه أبو علي الجبائي فإنه يملي بكل تحامل وعصبية، وقليل هذه الحكايات ككثيرها في أنها إذا لم تنقل من جهة الثقة وكان المرجع فيها إلى قول الخصوم المتهمين لم يحفل بها، ولم يلتفت إليها. وما قدمناه من الأخبار المروية عن الصادق عليه السلام، وما كان يظهر من اختصاصه به وتقريبه له، واجتبائه إياه من بين صحابته يبطل كل ذلك. ويزيف حكاية روايته.
        وأما البداء، فقول هشام وأكثر الشيعة فيه هو قول المعتزلة بعينه في النسخ في المعنى، ومرادهم به مراد المعتزلة بالنسخ. وإنما خالفوهم في تلقبه بالبداء لأخبار رووها ولا معتبر في الألفاظ والخلاف فيها .

        ================================================== =======

        ================================================== =======
        1- القرف: التهمة ويقال قرف فلان فلانا وقع فيه.

        تعليق


        • #5
          اللهم صل على محمد وآل محمد
          موضوع مهم

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          x

          رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

          صورة التسجيل تحديث الصورة

          اقرأ في منتديات يا حسين

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          أنشئ بواسطة مروان1400, اليوم, 05:42 AM
          ردود 0
          9 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة مروان1400
          بواسطة مروان1400
           
          أنشئ بواسطة وهج الإيمان, يوم أمس, 09:28 PM
          ردود 0
          5 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة وهج الإيمان
          بواسطة وهج الإيمان
           
          أنشئ بواسطة وهج الإيمان, يوم أمس, 09:20 PM
          ردود 0
          6 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة وهج الإيمان
          بواسطة وهج الإيمان
           
          يعمل...
          X