يقول السيد منير الخباز : ومن أقطاب هذا المجال العرفان العبادي كثير من علمائنا منهم المرحوم السيد –عبد الأعلى- السبزواري "قدس سره"
أقول : إنّ المرحوم المرجع السيد عبد الأعلى السبزواري "قدس سره" لم يكن من العرفاء بالمعنى المشهور اليوم أبداً ولم يكن واحد منهم, بل هو ضد مسلكهم كما سيتّضح من خلال ترجمته, فتسميةُ السيد السبزواري بالعارف وخلطه مع العرفاء المتصوّفة هو أسلوب تمويه وخداع للناس الغرض منه كما أسلفنا إضفاء شرعيةٍ بأي وسيلة على المسلك العرفاني المزيّف المنحرف!
ترجمة السيد عبد الأعلى السبزواري "قدس سره":
هو السيد عبد الأعلى بن السيد علي رضا بن السيد عبد العلي الموسوي السبزواري, وينتهي نسبه إلى محمد العابد ابن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام).
المصدر: ورثة الأنبياء , محمد أمين نجف, ص524.
عالم مجتهد جليل مفسّر رياضي أخلاقي, من أساتذة الفقة والأصول, جامع للمعقول والمنقول ومن أئمة الجماعة والفتيا, ولم يزل يواصل التدريس والبحث والتحقيق, وهاجر إلى النجف الأشرف, وتتلّمذ على الشيخ محمد حسين النائيني والشيخ ضياء الدين العراقي, والسيد أبو الحسن الاصفهاني, ثم تصدّى للتدريس, وكان متواضعاً ورعاً صالحاً تقياً عُرف بالورع والخير والهدوء والجد والاجتهاد.
ومن مؤلفاته : إفاضة الباري في نقد ما ألفه الحكيم السبزواري (صاحب المنظومة) , أحكام العدد في الوطي المحرّم , التقية , حاشية بحار الأنوار . حاشية تفسير الصافي , حاشية جواهر الكلام , حاشية العروة الوثقى , حاشية الوسيلة , لباب المعارف , مناسك الحج , مواهب الرحمان في تفسير القرآن ط , مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام 1-30 ط, جامع الأحكام ط, تعليقة على العروة ط, منهاج الصالحين 1-2 ط.
المصدر : معجم رجال الفكر والأدب في النجف, ج2 ص665.
وقد ذكر السيد ضياء الخبّاز من مؤلفات السيد السبزواري على صعيد الحكمة والكلام كتاب إفاضة الباري في نقض ما كتبه الحكيم السبزواري، فقال تعليقاً عليه :
وقد كتب السيّد السبزواري "قدس سره" هذا الكتاب لنقض بعض المباني الفلسفيّة التي أسّسها وبنى عليها الفيلسوف الملا هادي السبزواري.
المصدر: العارف ذو الثفنات، ضياء الخباز، ص139.
كما يعد تفسيره المسمّى (مواهب الرحمن في تفسير القرآن) من أشهر مؤلفات السيد السبزواري "قدس سره", وقد استخدم في شرحه بعض المصطلحات الفلسفية والعرفانية لذلك استغل العرفاء والمتزلفون لهم هذا الأمر فادعوا كذباً وزوراً بأن السيد السبزواري من العرفاء المتصوّفة!
ويرد ذلك ما ذكرناه في المقدمة من أنّ العرفاء يعتقدون بوحدة الوجود والموجود فلا يوجد عارف إلا ويعتقد بها بينما كان السيد عبد الأعلى السبزواري "قدس سره" يرفض كل أشكال وحدة الوجود جملةً وتفصيلاً .
يقول (أعلى الله مقامه) : ومنها: الوحدة في عين الكثرة، أو وحدة الوجود وكثرة الموجود، ولا ريب في أنّ اللّه تبارك و تعالى منزّه عن هذه التصورات ولكن الظاهر عدم رجوعهما إلى إنكار الضروري. ومنها: الوحدة الواقعية الشخصية، بأن يكون اللّه تبارك وتعالى عين الكلّ، و الكلّ عينه تعالى, ولا ريب في أنّه إنكار للضروري.
المصدر : مهذب الأحكام للسيد السبزواري ج1 ص388.
فتلاحظ أخي القارئ أن السيد عبد الأعلى السبزواري رافض لاعتقاد العرفاء مُــنَــزّه لله سبحانه وتعالى عن معتقد العرفاء الباطل, وقد أكد في نص آخر أنّ القرآن الكريم ينفي جميع أنحاء الوحدة مع الله سبحانه وتعالى.
قال "قدس سره" : والقرآن الكريم ينفي جميع أنحاء الوحدة عنه عزّ وجلّ، سواء كانت وحدة عدديّة أو وحدة نوعيّة أو جنسية أو أية وحدة كلّية مضافة إلى كثرة، فإنّ جميعها مقهورة بالحدّ والنسب والإضافات، والله تعالى هو المنزّه عنها، ولا يقهره شيءٌ، فليس بمحدود في شيء يرجع إليه، فهو موجودٌ لا يشوبه عدم، وحقّ لا يعرضه بطلان، وهو الحيّ الذي لا يخالطه موت، والقادر الذي لا يعجزه شيء، والعليم الذي لا يدب إليه جهل، والعزيز الذي لا ذلّ له.
المصدر: مواهب الرحمن ، السيد السبزواري، ج12ص96.
وقد ردّ السيد السبزواري في تفسيره استدلال العرفاء على وحدة الوجود بقوله تعالى {وَكانَ اَللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً}!
فقال "قدس سره" : مفهوم الإحاطة و المحاط متقوّم بالاثنينية لغةً وعقلاً . فتوهم وحدة الوجود من مثل هذه التعبيرات في الآيات المباركة-كما زعم جمع من الفلاسفة والعرفاء-باطل، فضلاً عن وحدة الوجود و الموجود كما زعم جمع من خواص العرفاء و الفلاسفة، وسيأتي تفصيل هذه المذاهب و فسادها في محالها إن شاء اللّه تعالى.
المصدر : مواهب الرحمن, السيد عبد الأعلى السبزواري, ج1 ص143-144.
فتلاحظ أخي القارئ أنّ السيد السبزواري يرى ضلال الفلاسفة والعرفاء وفساد مذاهبهم وبطلان استدلالهم! بل صرّح بضلال شيخ العرفاء الأكبر ابن عربي وابن الفارض والحلاّج وغيرهم.
فبعد أن عرض مقطعاً من دعاء أمير المؤمنين عليه السلام ((إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء النظر اليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور ، فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك)) يقول "قدس سره" : وهذا غاية كمال العارفين التي دعا إليها الأنبياء والمرسلون, وما سوى ذلك مما دعا إليه بعض العرفاء كابن الفارض ومحيي الدين -ابن عربي- والحلاج ونحوهم وما نسب إلى بعض الشيخية على ما صرح به في شرح الزيارة الجامعة ، فإنّ ذلك خروج عن الحق القويم وابتعاد عن الصراط المستقيم.
المصدر : مواهب الرحمن, السيد عبد الأعلى السبزواري, ج8 ص224-225.
وقد اعترف السيد منير الخبّاز في تسجيل مرئي بأنّ السيد عبد الأعلى السبزواري من الذامين المحذرين من ابن عربي وأفكاره المنحرفة فقال : العظيم السيد عبد الأعلى السبزواري كان يذمه ويحذّر منه, من محيي الدين بن العربي!
المصدر : محاضرة بعنوان : ظمأ القلب ومعين العرفان, الدقيقة (46:35).
https://www.youtube.com/watch?v=b-Ax1xSoeRY
وذكرنا في المقدّمة أن أهل العرفان المزّيف يعظّمون رموز التصوّف كالحلاّج وابن عربي وجلال الدين الرومي وغيرهم وهذا كاشف عن أن السيد السبزواري ليس منهم.
وقد شرح السيد السبزواري "قدس سره" في تفسيره كيف نشأت فكرة وحدة الوجود نتيجة ابتعاد الناس عن أئمة أهل البيت عليهم السلام فيقول "أعلى الله مقامه" : أخذ كلّ فرد من آحاد الناس في حدود فهمه الذي آتاه الله عزّ وجلّ يفسر التوحيد بحدود فهمه وحسب ما يراه ويدركه من المعاني, فظهرت مذاهب فيه, والقرآن الكريم بيّن الحقيقة الناصعة في هذا الأمر المهمّ بأحسن أسلوب وأتم بيان, وكان للأئمّة الهداة صلوات الله عليهم, ولا سيّما سيّد الموحّدين منهم أمير المؤمنين عليهم السلام, الدور الكبير في شرح معناها وبيان خصوصياته, ... ولكن ظهور الشبهات وادّعاءات بعض العلماء ولا سيّما المتصوّفة من المكاشفات, وتنازع الفرق فيما بينهم, أوجب الغموض والبعد عن الحقيقة والابتعاد عن منبع النور, وما ورد في كلمات حَمَلة الوحي وخزّان العلم, فأثبتوا للتوحيد معانٍ جديدة, وأوّلوه بتأويلات عديدة, حتى ظهرت وحدة الوجود بل وحدة الوجود والموجود , الذي اعتبروه من أقصى درجات التوحيد وأكملها ,حيث له مراتب ودرجات, منها توحيد العوام , وتوحيد الخواص, وتوحيد الصفات, وتوحيد الذات وبعض كلماتهم واعتقاداتهم يرجع إلى الكفر الصريح .
ونحن لا ننكر بأنّ للتوحيد مراتب حسب القرب والبعد عن الله تعالى , إلا أنّ ما ذكروه يحتاج إلى شرح وتفسير, لا سيّما وأنّ بعض القائلين بوحدة الوجود من أعاظم الحكماء والمتألهين والعرفاء الشامخين, فإن أمكن تأويلها بما يوافق الشرع فنعم الوفاق, وإلا فيرد العلم به إلى أهله إن لم تكن مخالفة لصريح الشرع المبين.
المصدر : مواهب الرحمن, السيد السبزواري,ج12ص128.
فكما تلاحظ أخي القارئ الكريم أن السيد السبزواري يرفض عقيدة العرفاء ويرى فسادها وضلال المعتقد بها مشيراً إلى أنّ تكوّن هذه العقيدة الفاسدة كان نتيجة لابتعادهم عن أهل البيت عليهم السلام.
وقد يقول قائل أن السيد السبزواري يرى إعذار كبار العرفاء بقوله (إلا أنّ ما ذكروه يحتاج إلى شرح وتفسير, لا سيّما وأنّ بعض القائلين بوحدة الوجود من أعاظم الحكماء والمتألهين والعرفاء الشامخين, فإن أمكن تأويلها بما يوافق الشرع فنعم الوفاق)
أقول : أولاً : نحن هنا بصدد إثبات أنّ السيد السبزواري "قدس سره" ليس من العرفاء بالمعنى المشهور وهذا الأمر قد تجلى كالشمس في واضحة النهار من خلال النصوص التي عرضناها.
ثانياً : السيد السبزواري "قدس سره" اشترط في الإعذار أن تكون تصريحات العرفاء مُحتملة التأويل فقال : (فإن أمكن تأويلها بما يوافق الشرع) فإذا لم يحتمل النص التأويل وكان ظاهراً في الانحراف فلا تأويل, وقد عرضنا فيما سبق نصوصاً عديدة للعرفاء لا يمكن تأويلها بأي حال من الأحوال كقولهم (أنا الحق) وقولهم (ليس في جبتي سوى الله) التي كفّر العلماء قائلها والمتفوّه بها.
ثالثاً : قد وضع السيد السبزواري شرطا آخر وهو قوله (إن لم تكن مخالفةً لصريح الشرع المبين) ومن الواضح أن تصريحات العرفاء التي ذكرناها كقولهم (أنا الحق) وقولهم (ليس في جبتي سوى الله) و قولهم (سبحاني ما أعظم شأني) هي مخالفة لضروريات الدين كما نص على ذلك العلماء الأبرار.
أما عن استخدام السيد السبزواري "قدس سره" لمصطلحات الفلسفة والعرفان, فإن استخدام علمائنا الأبرار لهذه المصطلحات لا يعني اعتقادهم بمبانيها الفاسدة, وقد كان هدفهم إبطالها والرد عليها في الصميم وقد تعدى بعض علمائنا ذلك حتى تسمّى بالصوفي لكي يتغلغل في أوساط المتصوّفة ويجرّهم إلى الهدى كما فعل ذلك المجلسي الأول.
يقول العلامة محمد باقر المجلسي رحمه الله : إياك أن تظن بالوالد العلامة نوّر الله ضريحه أنه كان من المتصوّفة, ويعتقد مسالكهم ومذاهبهم, حاشاه عن ذلك وكيف يكون ذلك وهو كان آنس أهل زمانه بأخبار أهل البيت عليهم السلام وأعلمهم وأعملهم بها, بل كان سالك مسالك الزهد والورع, وكان في بدو أمره يتسمّى باسم التصوّف ليرغّب إليه هذه الطائفة- الصوفية- ولا يستوحشوا منه, فيردعهم عن تلك الأقاويل الفاسدة والأعمال المبتدعة, وقد هدى كثيراً منهم إلى الحق بهذه المجادلة الحسنة, ولما رأى في آخر عمره أن تلك المصلحة قد ضاعت, ورفعت أعلام الضلال والطغيان, وغلبت أحزاب الشيطان, وعلم أنهم أعداء الله صريحاً تبرأ منهم, وكان يكفرهم في عقائدهم الباطلة وأنا أعرف بطريقته, وعندي خطوطه في ذلك.
المصدر : عقائد الاسلام , العلامة المجلسي, 94-95.
الخلاصة :
تبيّن من خلال ما تقدّم أنّ السيد عبد الأعلى السبزواري "قدس سره" ليس من العرفاء المتصوّفة كما يحاول بعض المفتونين بالعرفان المزيف تصويره ليضفوا شرعيةً على ذلك المنهج المنحرف بإقحام الأسماء الشريفة فيه. بل كان السيد السبزواري طاب ثراه محارباً لهم مخالفاً لمنهجهم, وقد عرضنا موقفه من عقيدة وحدة الوجود وكثرة الموجود حيث اعتبرها مخالفةً لتنزيه الله سبحانه وتعالى , كما عبّر عن الوحدة الشخصية بأنها إنكار للضروري أي كفّر القائل بها, بينما تجد العرفاء المتصوفة يبررون تصريحات الحلاّج والبسطامي وابن عربي ليخرجوهم من الكفر والزندقة إلى كمال الإيمان! ومن جهة أخرى لم يُعطِ السيد السبزواري أيّ قيمة لأرباب التصوّف كابن عربي وأمثاله بل كان يُحذّر منهم ومن مناهجهم الفاسدة المنحرفة.
فلم يكن السيد السبزواري ينتمي لأي قسم من الأقسام القديمة أو الحديثة من العرفان المزّيف الذي يُحاول السيد منير ترقيع وجهه القبيح بعمليات جراحية تجميلية ترقيعية فاشلة.
http://taleb-elm313.blogspot.com/201...g-post_17.html
أقول : إنّ المرحوم المرجع السيد عبد الأعلى السبزواري "قدس سره" لم يكن من العرفاء بالمعنى المشهور اليوم أبداً ولم يكن واحد منهم, بل هو ضد مسلكهم كما سيتّضح من خلال ترجمته, فتسميةُ السيد السبزواري بالعارف وخلطه مع العرفاء المتصوّفة هو أسلوب تمويه وخداع للناس الغرض منه كما أسلفنا إضفاء شرعيةٍ بأي وسيلة على المسلك العرفاني المزيّف المنحرف!
ترجمة السيد عبد الأعلى السبزواري "قدس سره":
هو السيد عبد الأعلى بن السيد علي رضا بن السيد عبد العلي الموسوي السبزواري, وينتهي نسبه إلى محمد العابد ابن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام).
المصدر: ورثة الأنبياء , محمد أمين نجف, ص524.
عالم مجتهد جليل مفسّر رياضي أخلاقي, من أساتذة الفقة والأصول, جامع للمعقول والمنقول ومن أئمة الجماعة والفتيا, ولم يزل يواصل التدريس والبحث والتحقيق, وهاجر إلى النجف الأشرف, وتتلّمذ على الشيخ محمد حسين النائيني والشيخ ضياء الدين العراقي, والسيد أبو الحسن الاصفهاني, ثم تصدّى للتدريس, وكان متواضعاً ورعاً صالحاً تقياً عُرف بالورع والخير والهدوء والجد والاجتهاد.
ومن مؤلفاته : إفاضة الباري في نقد ما ألفه الحكيم السبزواري (صاحب المنظومة) , أحكام العدد في الوطي المحرّم , التقية , حاشية بحار الأنوار . حاشية تفسير الصافي , حاشية جواهر الكلام , حاشية العروة الوثقى , حاشية الوسيلة , لباب المعارف , مناسك الحج , مواهب الرحمان في تفسير القرآن ط , مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام 1-30 ط, جامع الأحكام ط, تعليقة على العروة ط, منهاج الصالحين 1-2 ط.
المصدر : معجم رجال الفكر والأدب في النجف, ج2 ص665.
وقد ذكر السيد ضياء الخبّاز من مؤلفات السيد السبزواري على صعيد الحكمة والكلام كتاب إفاضة الباري في نقض ما كتبه الحكيم السبزواري، فقال تعليقاً عليه :
وقد كتب السيّد السبزواري "قدس سره" هذا الكتاب لنقض بعض المباني الفلسفيّة التي أسّسها وبنى عليها الفيلسوف الملا هادي السبزواري.
المصدر: العارف ذو الثفنات، ضياء الخباز، ص139.
كما يعد تفسيره المسمّى (مواهب الرحمن في تفسير القرآن) من أشهر مؤلفات السيد السبزواري "قدس سره", وقد استخدم في شرحه بعض المصطلحات الفلسفية والعرفانية لذلك استغل العرفاء والمتزلفون لهم هذا الأمر فادعوا كذباً وزوراً بأن السيد السبزواري من العرفاء المتصوّفة!
ويرد ذلك ما ذكرناه في المقدمة من أنّ العرفاء يعتقدون بوحدة الوجود والموجود فلا يوجد عارف إلا ويعتقد بها بينما كان السيد عبد الأعلى السبزواري "قدس سره" يرفض كل أشكال وحدة الوجود جملةً وتفصيلاً .
يقول (أعلى الله مقامه) : ومنها: الوحدة في عين الكثرة، أو وحدة الوجود وكثرة الموجود، ولا ريب في أنّ اللّه تبارك و تعالى منزّه عن هذه التصورات ولكن الظاهر عدم رجوعهما إلى إنكار الضروري. ومنها: الوحدة الواقعية الشخصية، بأن يكون اللّه تبارك وتعالى عين الكلّ، و الكلّ عينه تعالى, ولا ريب في أنّه إنكار للضروري.
المصدر : مهذب الأحكام للسيد السبزواري ج1 ص388.
فتلاحظ أخي القارئ أن السيد عبد الأعلى السبزواري رافض لاعتقاد العرفاء مُــنَــزّه لله سبحانه وتعالى عن معتقد العرفاء الباطل, وقد أكد في نص آخر أنّ القرآن الكريم ينفي جميع أنحاء الوحدة مع الله سبحانه وتعالى.
قال "قدس سره" : والقرآن الكريم ينفي جميع أنحاء الوحدة عنه عزّ وجلّ، سواء كانت وحدة عدديّة أو وحدة نوعيّة أو جنسية أو أية وحدة كلّية مضافة إلى كثرة، فإنّ جميعها مقهورة بالحدّ والنسب والإضافات، والله تعالى هو المنزّه عنها، ولا يقهره شيءٌ، فليس بمحدود في شيء يرجع إليه، فهو موجودٌ لا يشوبه عدم، وحقّ لا يعرضه بطلان، وهو الحيّ الذي لا يخالطه موت، والقادر الذي لا يعجزه شيء، والعليم الذي لا يدب إليه جهل، والعزيز الذي لا ذلّ له.
المصدر: مواهب الرحمن ، السيد السبزواري، ج12ص96.
وقد ردّ السيد السبزواري في تفسيره استدلال العرفاء على وحدة الوجود بقوله تعالى {وَكانَ اَللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً}!
فقال "قدس سره" : مفهوم الإحاطة و المحاط متقوّم بالاثنينية لغةً وعقلاً . فتوهم وحدة الوجود من مثل هذه التعبيرات في الآيات المباركة-كما زعم جمع من الفلاسفة والعرفاء-باطل، فضلاً عن وحدة الوجود و الموجود كما زعم جمع من خواص العرفاء و الفلاسفة، وسيأتي تفصيل هذه المذاهب و فسادها في محالها إن شاء اللّه تعالى.
المصدر : مواهب الرحمن, السيد عبد الأعلى السبزواري, ج1 ص143-144.
فتلاحظ أخي القارئ أنّ السيد السبزواري يرى ضلال الفلاسفة والعرفاء وفساد مذاهبهم وبطلان استدلالهم! بل صرّح بضلال شيخ العرفاء الأكبر ابن عربي وابن الفارض والحلاّج وغيرهم.
فبعد أن عرض مقطعاً من دعاء أمير المؤمنين عليه السلام ((إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء النظر اليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور ، فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك)) يقول "قدس سره" : وهذا غاية كمال العارفين التي دعا إليها الأنبياء والمرسلون, وما سوى ذلك مما دعا إليه بعض العرفاء كابن الفارض ومحيي الدين -ابن عربي- والحلاج ونحوهم وما نسب إلى بعض الشيخية على ما صرح به في شرح الزيارة الجامعة ، فإنّ ذلك خروج عن الحق القويم وابتعاد عن الصراط المستقيم.
المصدر : مواهب الرحمن, السيد عبد الأعلى السبزواري, ج8 ص224-225.
وقد اعترف السيد منير الخبّاز في تسجيل مرئي بأنّ السيد عبد الأعلى السبزواري من الذامين المحذرين من ابن عربي وأفكاره المنحرفة فقال : العظيم السيد عبد الأعلى السبزواري كان يذمه ويحذّر منه, من محيي الدين بن العربي!
المصدر : محاضرة بعنوان : ظمأ القلب ومعين العرفان, الدقيقة (46:35).
https://www.youtube.com/watch?v=b-Ax1xSoeRY
وذكرنا في المقدّمة أن أهل العرفان المزّيف يعظّمون رموز التصوّف كالحلاّج وابن عربي وجلال الدين الرومي وغيرهم وهذا كاشف عن أن السيد السبزواري ليس منهم.
وقد شرح السيد السبزواري "قدس سره" في تفسيره كيف نشأت فكرة وحدة الوجود نتيجة ابتعاد الناس عن أئمة أهل البيت عليهم السلام فيقول "أعلى الله مقامه" : أخذ كلّ فرد من آحاد الناس في حدود فهمه الذي آتاه الله عزّ وجلّ يفسر التوحيد بحدود فهمه وحسب ما يراه ويدركه من المعاني, فظهرت مذاهب فيه, والقرآن الكريم بيّن الحقيقة الناصعة في هذا الأمر المهمّ بأحسن أسلوب وأتم بيان, وكان للأئمّة الهداة صلوات الله عليهم, ولا سيّما سيّد الموحّدين منهم أمير المؤمنين عليهم السلام, الدور الكبير في شرح معناها وبيان خصوصياته, ... ولكن ظهور الشبهات وادّعاءات بعض العلماء ولا سيّما المتصوّفة من المكاشفات, وتنازع الفرق فيما بينهم, أوجب الغموض والبعد عن الحقيقة والابتعاد عن منبع النور, وما ورد في كلمات حَمَلة الوحي وخزّان العلم, فأثبتوا للتوحيد معانٍ جديدة, وأوّلوه بتأويلات عديدة, حتى ظهرت وحدة الوجود بل وحدة الوجود والموجود , الذي اعتبروه من أقصى درجات التوحيد وأكملها ,حيث له مراتب ودرجات, منها توحيد العوام , وتوحيد الخواص, وتوحيد الصفات, وتوحيد الذات وبعض كلماتهم واعتقاداتهم يرجع إلى الكفر الصريح .
ونحن لا ننكر بأنّ للتوحيد مراتب حسب القرب والبعد عن الله تعالى , إلا أنّ ما ذكروه يحتاج إلى شرح وتفسير, لا سيّما وأنّ بعض القائلين بوحدة الوجود من أعاظم الحكماء والمتألهين والعرفاء الشامخين, فإن أمكن تأويلها بما يوافق الشرع فنعم الوفاق, وإلا فيرد العلم به إلى أهله إن لم تكن مخالفة لصريح الشرع المبين.
المصدر : مواهب الرحمن, السيد السبزواري,ج12ص128.
فكما تلاحظ أخي القارئ الكريم أن السيد السبزواري يرفض عقيدة العرفاء ويرى فسادها وضلال المعتقد بها مشيراً إلى أنّ تكوّن هذه العقيدة الفاسدة كان نتيجة لابتعادهم عن أهل البيت عليهم السلام.
وقد يقول قائل أن السيد السبزواري يرى إعذار كبار العرفاء بقوله (إلا أنّ ما ذكروه يحتاج إلى شرح وتفسير, لا سيّما وأنّ بعض القائلين بوحدة الوجود من أعاظم الحكماء والمتألهين والعرفاء الشامخين, فإن أمكن تأويلها بما يوافق الشرع فنعم الوفاق)
أقول : أولاً : نحن هنا بصدد إثبات أنّ السيد السبزواري "قدس سره" ليس من العرفاء بالمعنى المشهور وهذا الأمر قد تجلى كالشمس في واضحة النهار من خلال النصوص التي عرضناها.
ثانياً : السيد السبزواري "قدس سره" اشترط في الإعذار أن تكون تصريحات العرفاء مُحتملة التأويل فقال : (فإن أمكن تأويلها بما يوافق الشرع) فإذا لم يحتمل النص التأويل وكان ظاهراً في الانحراف فلا تأويل, وقد عرضنا فيما سبق نصوصاً عديدة للعرفاء لا يمكن تأويلها بأي حال من الأحوال كقولهم (أنا الحق) وقولهم (ليس في جبتي سوى الله) التي كفّر العلماء قائلها والمتفوّه بها.
ثالثاً : قد وضع السيد السبزواري شرطا آخر وهو قوله (إن لم تكن مخالفةً لصريح الشرع المبين) ومن الواضح أن تصريحات العرفاء التي ذكرناها كقولهم (أنا الحق) وقولهم (ليس في جبتي سوى الله) و قولهم (سبحاني ما أعظم شأني) هي مخالفة لضروريات الدين كما نص على ذلك العلماء الأبرار.
أما عن استخدام السيد السبزواري "قدس سره" لمصطلحات الفلسفة والعرفان, فإن استخدام علمائنا الأبرار لهذه المصطلحات لا يعني اعتقادهم بمبانيها الفاسدة, وقد كان هدفهم إبطالها والرد عليها في الصميم وقد تعدى بعض علمائنا ذلك حتى تسمّى بالصوفي لكي يتغلغل في أوساط المتصوّفة ويجرّهم إلى الهدى كما فعل ذلك المجلسي الأول.
يقول العلامة محمد باقر المجلسي رحمه الله : إياك أن تظن بالوالد العلامة نوّر الله ضريحه أنه كان من المتصوّفة, ويعتقد مسالكهم ومذاهبهم, حاشاه عن ذلك وكيف يكون ذلك وهو كان آنس أهل زمانه بأخبار أهل البيت عليهم السلام وأعلمهم وأعملهم بها, بل كان سالك مسالك الزهد والورع, وكان في بدو أمره يتسمّى باسم التصوّف ليرغّب إليه هذه الطائفة- الصوفية- ولا يستوحشوا منه, فيردعهم عن تلك الأقاويل الفاسدة والأعمال المبتدعة, وقد هدى كثيراً منهم إلى الحق بهذه المجادلة الحسنة, ولما رأى في آخر عمره أن تلك المصلحة قد ضاعت, ورفعت أعلام الضلال والطغيان, وغلبت أحزاب الشيطان, وعلم أنهم أعداء الله صريحاً تبرأ منهم, وكان يكفرهم في عقائدهم الباطلة وأنا أعرف بطريقته, وعندي خطوطه في ذلك.
المصدر : عقائد الاسلام , العلامة المجلسي, 94-95.
الخلاصة :
تبيّن من خلال ما تقدّم أنّ السيد عبد الأعلى السبزواري "قدس سره" ليس من العرفاء المتصوّفة كما يحاول بعض المفتونين بالعرفان المزيف تصويره ليضفوا شرعيةً على ذلك المنهج المنحرف بإقحام الأسماء الشريفة فيه. بل كان السيد السبزواري طاب ثراه محارباً لهم مخالفاً لمنهجهم, وقد عرضنا موقفه من عقيدة وحدة الوجود وكثرة الموجود حيث اعتبرها مخالفةً لتنزيه الله سبحانه وتعالى , كما عبّر عن الوحدة الشخصية بأنها إنكار للضروري أي كفّر القائل بها, بينما تجد العرفاء المتصوفة يبررون تصريحات الحلاّج والبسطامي وابن عربي ليخرجوهم من الكفر والزندقة إلى كمال الإيمان! ومن جهة أخرى لم يُعطِ السيد السبزواري أيّ قيمة لأرباب التصوّف كابن عربي وأمثاله بل كان يُحذّر منهم ومن مناهجهم الفاسدة المنحرفة.
فلم يكن السيد السبزواري ينتمي لأي قسم من الأقسام القديمة أو الحديثة من العرفان المزّيف الذي يُحاول السيد منير ترقيع وجهه القبيح بعمليات جراحية تجميلية ترقيعية فاشلة.
http://taleb-elm313.blogspot.com/201...g-post_17.html
تعليق