العوامل النفسية والاجتماعية التي تحول دون استبصار الطائفة السنية والسلفية الوهابية
(ملاحظة: الاستبصار هو الاهتداء الى الاسلام كما جاء به النبي الكريم ص, وليس كما جاء به المحرفون الذين خانوا أمانة النبي ص)
هناك عوامل عديدة متداخلة في الشخصية الانسانية تحول دون اهتداء الانسان الى الحق , منها ما هو نفسي ومنها ماهو تربوي وأجتماعي وهناك ايضا عوامل سياسية واقتصادية وغيبية مانعة من ذلك , وقد تجتمع هذه العوامل بتشابك وتداخل يصعب التفريق بينها واحيانا قد تأتي منفردة . التحول المذهبي يتشابه نوعا ما مع التحول الكامل في العقيدة ,ولكن هذا الموضوع هو بخصوص العوامل المانعة للاستبصار عند الطائفة السنية وبالاخص الجماعة الوهابية والفرق السلفية, فما هي العوامل المانعة للاستبصار عند القوم ؟
1-العامل النفسي والمرضي
المرض النفسي قد يأتي من وساوس الشيطان وهواجسه وهو أمر لا تأخذ به مدارس علم النفس على الرغم من واقعيته , لذلك التشخيص للمرض النفسي الذي يهمل وساوس الشيطان قد لايحقق نتائج ناجحة دائما وبحث ذلك يطول . المهم, هناك شخصية في علم النفس تجدها غالبة ومتجسدة عند كثير من اتباع الفرق السلفية والوهابية ,وكذلك عند المتزمتين في الديانات الاخرى كالمسيحية واليهودية. هذه الشخصية هي الشخصية (الحصرية-القهرية), ويطلق عليها بالانكليزية - -The obsessive –compulsive personality disorder ويمكن للقارئ الكريم تقصي صفات هذه الشخصية بالتفصيل في كتب علم النفس, وفيما يلي تعريف عام بالشخصية بما يخص هذا الموضوع.
هذه الشخصية تشكل نسبة تصل الى 9 بالمائة من مجموع المراجعين لعيادات الطب النفسي وهذا يعني ان النسبة الحقيقية أعلى من ذلك, لأن الاحصاء يحصي المراجعين فقط أما الذين لايراجعون العيادات فغير مشمولين بالاحصاء! تكون نسبة المصابين من الرجال بهذا المرض ضعف نسبة المصابين من النساء.
سمات شخصية ( الحصر-القهري):
- التقيد بالطقوس : تتميز الشخصية الحصرية القهرية بالتقيد بالطقوس وبعشق النمط المرتب في الحياة وبعدم قدرتها على كسر نمط الحياة التي هي عليه كمواعيد الاكل وترتيب الاثاث في البيت وطريقة اللبس حيث يكون نمط الحياة نمط طقسي متزمت لايخرج عن دورته ولايتغير , وإن كانت هذه الشخصية تقوم في بعض الاحيان بكسر هذا الطوق ولفترة قصيرة لاقناع عقلها الباطني بقدرتها على التغيير فتقوم بعمل مخالف لنمط حياتها ,ولكن لفترة قصيرة جدا حيث سرعان ما تعود الى ما تعودت عليه .
لذلك مثلا تجد الوهابي او السلفي يقصر ثوبه ( دشداشته) وفقا لأمر الشرع كما يقول وبقياسات دقيقة, ولكن فعله ذلك في الحقيقة ليس امتثالا لاوامر الشرع بقدر ماهو تنفيذ للحاجات الملحة في داخل شخصية المحصور قهريا ( الحصر- القهري) التي تسير حياته, وكذلك يفعل في طقوس العبادة التي ينفذها بحذافيرها (وفقا لمنهجه السلفي) بينما في واقع الحياة يفعل كل ما يخالف شرع الله ويظن أنه على جادة الصواب!
- الحلول الجاهزة : تبين الدراسات النفسية أن هذه الشخصية المقيدة بطقوس الحصر القهري تتبنى ( الحلول الجاهزة) للمشاكل التي تتعرض لها وتواجهها , وتطبق تلك الحلول الجاهزة على كافة انماط الحياة حتى ولو كانت تلك الحلول لاتقدم حلا للمشكلة المعوقة, فالحلول الجاهزة توفر على الشخصية القهرية الخوض في الملابسات والتعقيدات لأي مشكلة او عقدة تواجهها . فمثلا الوهابي أو السلفي يتحمس لتطبيق حكم قطع يد السارق, او ذبح المخالف لمذهبه فالحل جاهز وسريع يوفر على الشخصية القهرية المحصورة الخوض في التعقيدات الشرعية . إن قطع يد السارق كما هو معلوم وفق الشرع لايتم إذا كان السارق جائعا أو كانت البضاعة المسروقة معروضة وغير محرزة كما بين الشرع, والمخالف للمذهب لايجوز قتله , لكن السلفي المتزمت لايريد هذه التعقيدات فهو يطبق ( الحل الجاهز) البسيط والمسطح وهو مايتماشى مع طبيعة الشخصية الحصرية-القهرية فيقطع اليد ويقتل منفذا ماتمليه عليه شخصيته المريضة دون الدخول في التفصيلات ! وكذلك يفعل السلفي في (تكفير) الاخرين , فالحل التكفيري السريع والمبسط جاهز ويلاحظ ذلك في استعمال السلفي للكلمة السحرية ( شرك) , فكل شئ مخالف لمذهبه يعتبر شرك, زيارة القبور شرك, التوسل بالنبي وآله يعتبره شرك, الاجتهاد في الدين يعتبره شرك وهكذا الحل جاهز ومختصر وبسيط , ومثل ذلك يفعل في قراءته لتاريخ الصحابة فالنظرية الجاهزة عند السلفية أن الصحابة كلهم عدول ولكن عندما يقرأ السلفي والسني المتزمت عن صحابة قتلوا بعضهم بعضهم وخالفوا بعضهم بعضا يتجاهل ما يقرأ أو يسمع ويتشبث بالحل الجاهز وهو أن الصحابة كلهم عدول .
يتبع ....
يتبع ....
تعليق