الشخص ليس مختاراً في العقيدة التي يختارها في حالة كونه مستضعف قاصر كالصغير الذي يولد في مجتمع ما ولا يعرف غيره فيتأثر به و يتبناه وهذه في بداية حياة الإنسان العادي .
إلى أن يكبر فوقتها لا يعود مجبوراً بل يصبح عالماً بوجود اختلاف بين الناس ويصبح قادراً أن يُناقش هذه الافكار ، وهذه الفترة حجمها تغيَّر بسبب مواقع التواصل اليوم فأصبحت أصغر وأيضاً تتغير من الذكر والأنثى فالأنثى في الأزمنة السابقة كانت منعزلة ولا تعرف إلا ما يخبرها من حولها .
فجواب السؤال : هل لو ولدت في كذا دولة ستكون مسلماً أم على دينها ؟
أقول سأولد بلا فكرة عن أي شيء أولاً ; واتأثر لاحقاً بالمحيط حولي قبل ان اعرف بوجود أفكار أخرى ، ثم سأبحث عن الحق إلى أن أصل له إن شاء الله فلا معنى من تقليد الآباء و الأجداد .
أنا لست مُسلِماً لأنني " ولدت من أبوين مسلِمَيْن" بل لأنني بعد مرحلة الاستضعاف بحثت بنفسي عن أدلة أصول ديني (توحيد ، عدل ، نبوة ، إمامة ) وآمنتُ بها اعتقاداً لا شك به ، ونفس الأمر بالنسبة للمرحلة بعد الإسلام وهي التَّشيُّع لأهل البيت عليهم السلام ومُعاداة عدُوِّهِم .
نعم الغالب على الناس عدم البحث عن الحق وتقليد الآباء والمجتمعات وعدم الاكتراث وهذا ملاحظ ، لكن لا يغيِّر كون الشخص مُختاراً بعد المرحلة التي ذكرناها ومحاسب على ما اختار ، وهذا الاحتجاج قديم جدا تعرض له القرآن الكريم ، كمثال ;
1-بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ .
2-وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ - قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ۖ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ - فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ .
واعلم ان الله أكرم و أرأف وأعدل وأرحم من أن يحاسبك على هذه المرحلة في حياتك التي لا تعرف فيها اختلاف الناس (مستضعف) ولا تقدر ان تعرف اختلاف الناس ( قاصر) ، حاشى للعادل الحكيم ان يحاسبك على ما لا تقدر عليه لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ، الله سبحانه لا يمكن أن يُحاسب المستضعفين القاصرين أبداً وإلا كان ظالماً حاشاه والحكيم الذي خلق هذا الكون بهذا الترابط لا يمكن أن يصدر منه هذا السُّفه .
فيعرف مما سبق أن اعتقادك هو اختيارك وأنت لست مجبوراً عليه إلا أن يكون شخص يهذي وفي عقله عِلَّة ما تمنعه من ملاحظة هذا الأمر البديهي .
ويمكن أن يُجاوب بجواب نقضي على الملحد أو العلماني الذي يحتج بهذا الاحتجاج بالقول : هل أنت مجبور أن تكون مُلحِداً أو علمانياً بسبب بيئتك ؟! فما يقوله من جواب هو جوابنا .
تعليق