ذو الست سنوات ...
يجري فزعا ...
وعيناه تلتفتان حوله ...
ووراءه...
خوفا وهـلعا ...
يتعثر ...
ويسقط على وجهه...
وإذا بصوت حوافر الخيل ...
فينهض مرة أخرى ...
وأخرى ...
ولعله الخوف يرائي له ...
فيهيم على وجهه ...
إختفى أثر الدخان من السماء ...
ويأخذه التعب كل مأخذ ...لايتحمله جسده النحيل ...
فيسقط ...
وتمر لحظات ...بل ساعات ...
فيفتح عينيه على صوت إمرأة : إنه صبيا هنا ...!
مخاطبتا زوجها ...
وتحملانه يدا الرجل بكل رفق...الى خيامهم ...
إشرب يابني ...
إنها شربة ماء ...
إشرب ...
فتتساقط دموعه ...وتختلط بالماء ...
ولايشرب ...
ماهذا ...؟
مابه الصبي ...؟
تسائل من حوله ...
وعيون الفتى يملؤها الخوف والفزع ...
بكسرة خبز وقليل من الماء ...
يتناولها ...ليسد جوعه ...وعطشه ...
حين يستيقظ في الصباح ...
وتجتمع العيون من حوله ...
لتعرف خبره ...
ما إسمك يابني ...؟
ـ غريب ...
ماإسم أبيك ...؟
ـ غريب ...
من أي بلد ...؟
ـ غريب ...
غريب ...غريب ...غريب ...
كان جوابه لكل سؤال ...
فتركوه لعل الايام تكشف حقيقته ...
وتمر ست سنوات ...ويظل الغريب محتفظا بسره ...
وكأنه لاوجود له ...
وينتبه الغريب لحديث دار بين إثنين ...
خرج المختار ...
ثائرا للحسين عليه السلام ...
فيحصد سيفه ...
عمر بن سعد بن أبي وقاص ...عبيد الله بن زياد ...شمر بن ذي الجوشن ...خولي بن يزيد الأصبحي ...وغيرهم ...
ياعم لو تأخذني للكوفة ...
مخاطبا رئيس القبيلة ...
وما تفعل بالكوفة يابني ...؟
رؤية المختار ...
وما أنت والمختار ...؟
فيتقدم خطوات وعينيه على غروب الشمس ...
في الافق ...
وتدمع عينه ...
إن لهذا الغريب سرا ...
يتمتم الشيخ بينه وبين نفسه ...
فذهب الغريب مع رجلين الى الكوفة ...
وكان يوم الجمعة ...يوم لقاء المختار بعامة الناس ...
فينزوي الى زاوية كل من يدخل ...
عدا الغريب الذي ظل واقفا ...
المختار : يابني أما تجد لك مكانا لتجلس فيه ...؟
الغريب : حيث أنا أم حيث أنت ...؟
فصمت الناس ...
المختار : حيث تشاء ...
فتخطى القوم وجلس بحذاء المختار ...
فأراد الحرس إخراجه ...
فأشار المختار : لا ...إن له شأنا ...؟؟؟؟؟!!!
المختار : من أنت ...؟
فوقف الغريب مخاطبا للناس بدموع ونحيب : أنا أحمد ...
المختار : أحمد إبن من ...؟
الغريب : أحمد بن مسلم بن عقيل ...
وقد هربت من الخيام ...التي اشعلوا فيها النيران ...وقد أمرتنا عمتي زينب بالفرار ...
ففررت ...
أخبروني هل بقى من أهلي أحد ...؟
فماج القوم ببكائهم ...
وأخذ الغريب يروي لهم ماعاشه في كربلاء ...
إنه وديعة رسول الله (ص) عندكم ...
المختار لعامة الناس ...فأحسنوا من هيئته ...
فأراد الذهاب الى قبر أبيه في الكوفة ...
يبكي... ويبكي ... ويبكي ...
لما جرى له ...
خمسون رجلا ...
أرسل المختار ليرافقوه الى المدينة ...
ليجتمع بأهله ...
وعشيرته ...
وأمه