
بينت الرسالة التي كتبها الأستاذ الخواجة صباح اليوم أثناء جلسة المحاكمة و سلمها إلى زوجته، بينت مدى صلابة و ثبات الموقف الذي عليه. فلم تلهيه الترغيبات أو التهديدات في تغيير موقفه بل زادته ثباتا و قوة.
نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد وجهت لي النيابة العامة تهمتين:
الأولى التحريض على كراهية النظام بنعته بالفساد!
والثانية: إذاعة أخبار كاذبة ودعايات "بنعت الحكومة ورئيسها بالفساد واهدار أموال الدولة والاستيلاء عليها".
وأعود هنا وأقول بأن الفساد قد ظهر في هدر الأموال العامة وفي الاستئثار بالأراضي, وفي الامتيازات والتمييز في الوظائف, وإفساد حركة المال والتجارة, وإغراق البلاد بالعمالة الأجنبية, وفشل مشاريع التنمية وتوطين الوظائف. (وقد رأيناه في الملفات مثل التقاعد والتأمينات ولذلك فالنتيجة هي تزايد البطالة, وازدياد الفقر, حتى أصبح نصف شعب البحرين يعاني من الأوضاع المعيشية المتدهورة. وتكمن الخطورة في أن الأوضاع ستزداد سوءاً في السنوات القادمة, مما ينذر بانفجار الأوضاع إن لم يتم وضع حلول عاجلة, وكذلك وضع استراتيجيات لمعالجة الأوضاع بشكل جذري.
ونحن تقييمنا للأمور بأن استمرار نفس الحكومة ونفس الأشخاص لن يؤدي إلى أي إصلاح حقيقي, فليس من المعقول أن المسئولين عن ما آلت إليه الأمور طوال العقود الماضية هم من سيطبق الإصلاحات وسيحارب الفساد.
أما عن قضية التوقيف التي تعرضت لها وتقديمي إلى المحاكمة اليوم فهو ليس سوى إعلان عن الخطوط الحمراء التي وضعتها الحكومة.
وما حدث هو دليل على أن الحكومة لا زالت تهيمن على السلطة القضائية والإعلام, وتُرهب مؤسسات المجتمع المدني ورموز المجتمع. مما يجعل حرية التعبير وشروط العدالة غير متوفرة لأي شخص يحدث نفسه بتخطي الخطوط الحمراء التي وضعتها الحكومة.
وقد رأينا في هذه القضية وقضايا أخرى كيف أن النيابة العامة قد أصبحت ذراع الحكومة في ملاحقة خصومها, وحبسهم احتياطياً لفترات طويلة, وذلك بالاستفادة من قانون الإجراءات القضائية الذي أصدرته الحكومة عام 2002م, والذي يعطي النيابة صلاحيات واسعة ومزدوجة.
ورغم ما يقال عن أن النيابة هي جزء من القضاء إلا أن الإجراءات والشواهد العملية تدار جميعها على أن النيابة تابعة لوزارة العدل وللسلطة التنفيذية.
ويكمن الخلل الأساسي في مثل هذه المحاكمات هو استنادها إى مواد أمن الدولة من قانون العقوبات, وهو الخطر الذي كان وما يزال يقيد الحريات العامة. وتحتوي هذه المواد على صيغ فضفاضة مطاطة وعقوبات مشددة, طالما انتقدتها هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان.
بناء على جميع ذلك فليس هناك فرق كبير أن أظل في السجن أو أن يتم إطلاق سراحي. ولا أمل في العدالة والإنصاف, ما دامت الحكومة هي الخصم والحكم, وهي قد انتهت من التشهير بي وإدانتي عبر وسائل الإعلام. وتقوم الآن باسم تطبيق القانون بتفعيل واستخدام مواد أمن الدولة من قانون العقوبات, والتي ستبقى سلاحها الذي تلاحق به كل من تراوده نفسه بتجاوز الخطوط الحمراء.
عبدالهادي الخواجة
16/10/2004م
تعليق