المرض النفسي والضعف العقلي
كثيرة هي القصص والروايات التي نسجت حول الأمراض النفسية ، مما جعل الكثير من الناس لا يصدق أن الأمراض النفسية أمراض يمكن علاجها
بل أصبحت الأسطورة لديهم حقيقة والخيال واقعاً ، والحق يقال بأن عامة الناس غير ملومين فيها يعتقدون ، بل الملوم هم المختصرون الذين لم يبذلوا الجهد من أجل إيصال الحقيقة إلي الناس .
والمشكلة أن الذين يدفعون الثمن هم المرضي الذي قدر لهم أن يشتكوا مرضاً من الأمراض النفسية ، وكم أتألم عندما أري تهدم أسرة نتيجة إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض نفسي ، والسبب أن الطرف الآخر يعتقد بأن صاحبه مصاب بالجنون أو اعتراه مس من الشيطان ، وفي كلا الحالتين يستحيل التعايش مع هذا الشخص .
ولذا كان لزاما علي ومن خلال مجلة ( الفرحة ) وهي تدخل عامها الرابع أن أوصل المعلومة النفسية للجميع علناً ومعاً ، علنا نستطيع بإذن الله أن نحمي أسرة هددها التفكك بسبب مرض نفسي ألم بأحد أفرادها ، أسأل الله سبحانه وتعالي أن يحمي الجميع من كافة الأمراض .
ومن يدري لعلك تحتاج هذه المعلومة لتفيد بها أسرة صديق أو قريب ، فيكتب لك الأجر بإذن الله .
فعلي مدي الاثنتي عشر عدداً القادمة سنقوم ـ بإذن الله ـ بتناول كافة جوانب الأمراض النفسية وأنواعها وعلاجها ، وذلك بتفصيل لا يدخل الملل علي قلب القارئ غير المختص ، ولا ينقص المعلومة حقها ، ونبدأ مشوارنا بالحلقة الأولي التي نعرض من خلالها تمهيداً عاماً من الأمراض النفسية .
المريض النفسي والتخيلات
لا شك بأن الأعراض التي تصاحب الأمراض النفسية كانت سبباً في إثارة وتحفيز مخيلة الناس لنسج كل تلك القصص والروايات حول الأمراض النفسية ، فإن عدد من المرضي النفسيين تحدث لهم مجموعة من التخيلات والأوهام ، فقد ينتاب المريض النفسي وهو بأنه مطارد وأنه مكروه وأن جميع الناس يضطهدونه ويتآمرون عليه . وأن حياته في خطر ، فينعزل عن الناس ويكون سريع الانفعال ، وعلي النقيض قد ينتابه شعوراً بالألفة والانشراح والإحساس بأن ذو قدرات وإمكانات لا حدود لها ، قد تصل أحياناً لدرجة الشعور بالعظمة والتعالي علي الناس ، والأمر ليس متوقفاً علي الأوهام الشعورية ، بل هذه الأوهام قد تدخل دائرة الإدراك والإحساس ، فقد يسمع أحياناً أصواتاً تحادثه ، وقد يدخل معها في نقاش وحوار ، وقد يتراءى له أنه يري أشياء لا يراها سواه ، بل قد يشعر بأن حشرات قد غزت جسده وأنها تدب علي جسده ، وهكذا فإنه لا حدود للتخيلات والأوهام التي يمكن أن تصاحب المرض النفسي ، وبالنسبة للشخص المريض فإن ما يشعر به ويدركه فإنه حقيقة لا تقبل الجدل والنقاش ، فهو غير مستعد لأن يقبل من أحد أن يشكك في حقيقة مشاعره أو ما يعتقد ، بل في أحيان كثيرة تكون مواجهته بالحقيقة سبباً في ثورته وغضبه ، والسبب في ذلك أن المراكز الحسية في المخ تكون متهيجة نتيجة خلل في الموصلات للإشارة العصبية ، وبالتالي فإن ما يعتبره الشخص السليم أنه هذيان وتخريف ، فإنه بالنسبة للشخص المريض لا ينقصه من مقومات الحقيقة شئ علي الإطلاق ، وبالتالي فإنه يصعب علي الشخص المريض تقبل أي رأي يعاكس حقيقة ما يشعر به ويدركه .
المريض النفسي وفقد الأهلية
وقد يتساءل شخص أليس هذا هو الجنون بعينه ؟ لا شك بأن الشخص المصاب بالمرض النفسي وفي وقت المرض هو شخص فاقد للأهلية ( قطعاً هذا الأمر لا يمكن تعميمه علي كافة الأمراض النفسية ، فهناك أمراض نفسية عديدة وحتى في وقت حدوثها لا تفقد الشخص أهليته) ، ولكن الفرق شاسع بين المرض النفسي والجنون ، حيث أن الشخص المصاب بالمرض النفسي هو شخص فاقد لأهليته حين حدوث المرض لكنه ـ بإذن الله ـ قابل
للعلاج ويستعيد أهليته متى شفى من المرض ،ولكن الشخص المصاب بضعف عقلي هو شخص لا يرجي شفاؤه وبالتالي هو فاقد لأهليته علي الدوام .
أسباب الضعف العقلي
ويحدث الضعف العقلي نتيجة خلل في أنسجة المخ لأسباب عديدة في حين أن الأمراض النفسية تحدث نتيجة لعدم انتظام في معدلات موصلات الإشارات العصبية في المخ سواء أكان ذلك نتيجة لزيادة معدلاتها أم انخفاضها ، وعدم الاتزان هذا قابل للعلاج ـ بإذن الله تعالي ـ من خلال العلاجات النفسية المختلفة
منقوول
تعليق