إعلام الخَلف
بمن قال بتحريف القرآن من
أعلام السّلف
بحث مقارن في تحريف القرآن بين مذهب أهل البيت عليهم السلام
ومذهب العامة من وجوهه المختلفة
مع ذكر لبعض افتراءات الوهابية
أبو العبّاس
الفخر الرازي
أيْ نفس أخيك الرسول ،
أي عين الله في أرضه وسيفه المسلول ،
أيْ صابرا عدد أمواج البحر وتعاريج السيول ،
أيْ عـرس مكسـورة الـضـلـع فـاطمة البـتـول ،
أيْ أبا الحسنيـن وأبا الـمحسن سِقطـها الـمقتول ،
هديتـي تمشي على استحياء زيتها ووقودها عطفك الـمأمول ،
أي أمير المؤمنين ، أنت أنت ، ونحن نحن ، ومن مواليك نرجو القبول ،
بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين ، رفيع الدرجات ، رافع السماوات ، لا إله إلا هو رب العرش العظيم ، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير .
وصل يا رب على أشرف أنبيائك المرسلين وسيد خلقك أجمعين ، نورك الذي لا يخبو ، وحبيبك الذي لا يجفو ، نزيه الشرك أبًا وأما وأخًا وابنا ، من هو بالمؤمنين رؤوف رحيم ، سيدنا ومولانا أبي القاسم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، وعلى أهل بيته فخر خليقتك وأفضل بريتك ، السادة المنتجبين والهداة الميامين ، مصابيح الظلام وهداة كل الأنام والقادة إلى دار السلام ، حججك على خلقك من اقتدى بـهم اهتدى ومن أبى زُخّ إلى لظى .
اللهم وفق ويسر واعن واستر ، ولا تجعل أمرنا علينا غمة يوم نلقاك بحق محمد وآل محمد صلواتك عليهم كل صباح ومساء ، آمين رب العالمين .
المقدمة
S التشويه العقائدي مستمر !
الركل والخيزران كان الخطاب الذي يتعامل به مع الشيعة قبل بضع سنين ، ومن قبله لـهيب السياط وحز السيف وطعن السنان الذي كان يتعرض له الشيعة من قبل أمراء سلفهم الصالح حتى قضي ألوف من الشيعة صلبا وتقطيعا للأطراف وسجنا حتى الموت في المطبق وغيره ، وقد انزوت هذه الأفاعيل اليوم وصار محلها الدهاليز العطنة والسراديب المظلمة مراعاةً لمشاعر العالم الغربي ولـجان حقوق الإنسان ، وأما على مستوى عقائد الشيعة فكان الأسلوب القهري الجبروتي الخطاب المعتاد ، كالتكفير والإخراج من الدين والتبديع والتفسيق ، ومازالت رحى أسلوبـهم المنطقي هذا دائرة على رؤوس أتباع أهل البيت عليهم السلام ، وصواعق الافتراء والكذب عليهم كالمطر الهاطل ، ومازال الشيعة ينتظرون الخطاب العقلائي منذ أكثر من ألف سنة !
ولو أراد أحدنا أن يدون التهم التي أنيطت بالشيعة الإمامية والخزعبلات التي نبزوا بـها من أول التاريخ إلى يومنا هذا لكتب من جنسه أنواعا ، كراريس ودفاتر بل موسوعات ، وقد كتبت بالفعل ! ولكن بأقلام مأجورة فرحين بـها ترضي أحلامهم وآمالهم ! ، فبدلا من مقارعة الحجة بالحجة أخذا وردا قاموا بكل قوة وحماس بقذف الحمم البركانية وتلبيد سماء التشيع لأهل البيت عليهم السلام بسحائب التنكيل والتشنيع والتبديع والتهديد والإخراج من الملة وأن الشيعة هم وقود النار ، كفار مشركون ، عبدة طين وأوثان ، هدفهم الأول والأخير إحياء أصل مذهبهم المزدكي المجوسي الزرادشتي القرمطي الهندوكي الساساني الكنفوشي وكل عجيب وغريب ، وأن الشيعة فعلوا ، وما فعلوا ، وما أدراك ما فعلوا ؟! إلى غير ما هنالك من الافتراء والكذب !
وكله يحقق لـهؤلاء المهرجين غايتين في طول بعضهما أرى ألا ثالث لهما ، أولهما أن هذه المكدسات من الكذب والأراجيف ترتفع وتتراكم لتكون ساترا كثيفا يقف دون علم الناس بحقيقة ما يقوله أهل البيت عليهم السلام ويمنع من فهمه على النحو الصحيح ، ولا ريب لهؤلاء المهرجين العذر في إثارة الأتربة ونفضها في وجوه من يحاول فهم مذهب أهل البيت عليهم السلام ، لأن أثر كلمات أهل البيت عليهم السلام في النفوس الطيبة قوي جدا ، وأقل النور يخرق الظلام وإن كان دامسا ، فما بالك بنور أناس أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهم أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
وغايتهم الأخرى من هذا الكذب المتواصل والافتراء على مدى أكثر من ألف سنة ، هي المنع من نتيجة الفهم الصحيح لمذهب أهل البيت عليهم السلام ، فهذا المنع والحرمان ينتج عنه يقف دون أي مقايسة حقة ومقارنة صحيحة يقوم بـها الناس الطيبون بين ما يدين به أولئك وما يدين به أهل البيت عليهم السلام ، لئلا يظهر فساد المعتقد وفراغ المذهب وعوار الفكر ، ولكي لا يتضح الأصيل من اللصيق والنور المبين من الضلال القديم ، وإلا بماذا نفسر غشهم وقولهم لعوامهم : لا تناقش شيعيا فإنه يسحرك بالكلام ! ، {قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(البقرة/118) ، {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}(الذاريات/52) ، {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ}(الطور/15).
S الكتابة في تحريف القرآن ، لماذا ؟
ما كان تعرضنا لموضوع كهذا نتاجَ وقتٍ فرغ أو استهواء مترف أو ميل لاكتشاف غريبة ، إذ لا يشك الغيور أن خوضا في غمار موضوع كهذا وانتزاع نتيجة منه يعتبر مرصدا لكل من حاد الله ورسوله وملاذا لمن أعُجز في طلب حيلة يخاصم بـها أتباع الدين الحنيف .
إن فرية تحريف القرآن على الشيعة التي تطبل لها الوهابية بين الفينة والأخرى ما هي إلا نشاب وأسنة طعنوا بـها القرآن ، وأي طعنة ! ، وفتنة للناس حتى شك بعض المسلمين من السنة والشيعة في سلامة القرآن من التحريف ، وقد رأينا على شاشات الإنترنت بعضا من احتجاجات أهل الكتاب الذين ارتدوا عن الإسلام زاعمين أن الحلم الذي أدخلهم الإسلام قد تبدد وهو وجود كتاب لله عز وجل لم تناله يد التحريف ، فاتضح الآن أن القرآن والإنجيل سواء بسواء ! وقد احتجوا لذلك ببعض افتراءات الوهابية على الشيعة ! فمن الذي أضل هؤلاء ؟! ومن الذي يطبل لهذه الفرية ؟!
وقد كثرت الأراجيف واشتد سَعر الافتراء من الوهابيين مجدين مصرين بكل جهدهم على تشويه القرآن من حيث لا يعلمون ، بزعم أنـهم يشوهون مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وخفي عليهم أن المصيبة تحل على القرآن فقط ، فكم من شيعي وسني شك في سلامة القرآن من التحريف دون رجوع عن مذهبه ! وسنبين الوجه فيه .
وهذا حال الوهابية منذ زمن طويل في توزيع التهم والكيل بالأوفى ، وقد صكت فرية اعتقاد الشيعة تحريف القرآن مسامع الكثيرين وصدقوا بـها لـجهلهم ، إضافة لعدم اكتراث الوهابية بالنصح والإرشاد ، بل اعتبروا أن هذا النصح تـهربا وتسترا وانـهزاما ! ، لذا أصبحنا بين نارين القرآن من جانب ، والرضا بالظلم والكذب من جانب آخر ، فرجحنا غير لغة النصح والتوعية لأن لغة احترام القرآن وتقديسه لا يفهمها الوهابية ولا يلقون لها بالا ، فكان كشف المعتدي وتعريته على حقيقته وإلزامه بما في مذهبه هو العلاج لإسكاته ، وآخر العلاج الكي !
وأرى أن من المحتم على الغيور من كل فرق المسلمين سنة وشيعة اجتثاث هذا الطرح الخطر ، بأي وسيلة ، ولا ريب أن من اطلع على كلمات الوهابية لن يجد دواءً ناجعا إلا ما رأيناه نحن ، حتى أخذ به من قبل بعض علماء أهل السنة فقالوا إن إلزام الشيعة بـهذا الرأي يوجب إلزام أهل السنة به أيضا ، وصاروا يسردون كلمات سلفهم في تحريف القرآن ثم أردفوا ناصحين بوجوب غلق هذا الباب ورفع القرآن عن مرمى السهام ، ولكن يا لها من آذان لا تسمع ، ومن قلوب لا تفقه ، ومن أعين لا تبصر عند الوهابية ؟! ، وكما ترى فما انـجلت الغبرة إلا عن قرآن تتلاطم به أمواج التشكيك ، وانقلب مرتعا ومحلا لافتراء السفيه وخبال المتهتك ، فكانوا مصداقا آخر للمستعاذ منه في هذه الآية الكريمة {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}(النحل/98).
S تحريف القرآن تشويه واستغفال للعوام ، كغيره !
وإلى يومنا هذا منابرهم تصيح وكتيباتـهم المضحكة وأشرطتهم السمجة تنسخ وتوزع ، وجُزي خيرا من أعان على نشر هذا الشريط ، وأفضل هدية لأخيك المؤمن ، وحوار من رافضي ، وحوار مع ناصبي ، وغير هذه التفاهات ، لماذا ؟! لأن الشيعة تقول بالمتعة ، والشيعة تقول بالتقية ، والشيعة تقول بتحريف القرآن ، والشيعة تقول بالجمع بين الصلاتين ، وهكذا !
ولكن لنسأل ، هل إن طرح هذه المواضيع -بغض النظر عما فيها من الأكاذيب والأراجيف- يعطي النتيجة المطلوبة ؟! ، إن المطلوب المنطقي المتصور لكل هذا الطرح هو إخراج الشيعة من مذهب أهل البيت عليهم السلام وإدخالهم في مذهب العامة ، وهذا الطرح لا تعطي المراد ، إلا إذا كان التهريج هو القصد !
يمكن توضيح المراد بالقول إن مذهب التشيع قائم على ركيزة افترق بـها عن مذهب العامة ، فالشيعة يجعلون أهل البيت عليهم السلام الحجة بينهم وبين الله عز وجل ومصدر لتلقي السنة النبوية والأحكام الشرعية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله سلم ، بدلالة حديث الثقلين المتواتر الذي أوصى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمة بأن تتمسك من بعده بالكتاب والعترة ، وهذا ذكره الألباني في سلسلته الصحيحة :
" قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : أيها الناس ! إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا ، كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي "[1].
فمشايعة أهل البيت عليهم السلام ومتابعتهم هو الخط الفاصل بين مذهبين ، فإن ثبت بطلانـها بطل مذهب الشيعة من رأس ويخر بنيانـهم من الأساس ، لذا ليسأل العاقل نفسه ، هل إن طرح تلك المواضيع يمس التشيع لأهل البيت عليهم السلام ؟! بالطبع لا ، لأن مشايعة أهل البيت عليهم السلام لا تتوقف على القول بالتقية فإن ثبت عنده أن التقية غير جائزة –لا عنادا لأقوال أهل البيت عليهم السلام- فهذا لا يخرجه من التشيع ولا يدخله في مذهب العامة ، وكذا من قال بعدم تحريف القرآن فإن ذلك لا يخرجه من التشيع ولا يدخله في التسنن ، وكذا بقية الموارد السابقة ، إلا أن يقال أن تحريف القرآن يوجب الكفر وهذا الكلام على إطلاقه خطأ كبير سوف نثبت خلافه من كلامات علماء أهل السنة إن شاء الله تعالى ، ثم لنفرض أنه يوجب الكفر فهل هذا يصحح مذهب العامة ؟! ، فلماذا تطرح الوهابية هذه المواضيع التي لا تمس محل النـزاع وهو التشيع والمتابعة لأهل البيت عليهم السلام ؟! أم حسبوا أن المبطل والضال من يقول قولا يثير غضب الهمج وترتفع في وجهه صرخات الأوباش ؟! أما كان لميزانـهم الخاسر بين العقلاء موضع غير القرآن وسلامته من التحريف ؟!
بمن قال بتحريف القرآن من
أعلام السّلف
بحث مقارن في تحريف القرآن بين مذهب أهل البيت عليهم السلام
ومذهب العامة من وجوهه المختلفة
مع ذكر لبعض افتراءات الوهابية
أبو العبّاس
الفخر الرازي
أيْ نفس أخيك الرسول ،
أي عين الله في أرضه وسيفه المسلول ،
أيْ صابرا عدد أمواج البحر وتعاريج السيول ،
أيْ عـرس مكسـورة الـضـلـع فـاطمة البـتـول ،
أيْ أبا الحسنيـن وأبا الـمحسن سِقطـها الـمقتول ،
هديتـي تمشي على استحياء زيتها ووقودها عطفك الـمأمول ،
أي أمير المؤمنين ، أنت أنت ، ونحن نحن ، ومن مواليك نرجو القبول ،
بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين ، رفيع الدرجات ، رافع السماوات ، لا إله إلا هو رب العرش العظيم ، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير .
وصل يا رب على أشرف أنبيائك المرسلين وسيد خلقك أجمعين ، نورك الذي لا يخبو ، وحبيبك الذي لا يجفو ، نزيه الشرك أبًا وأما وأخًا وابنا ، من هو بالمؤمنين رؤوف رحيم ، سيدنا ومولانا أبي القاسم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، وعلى أهل بيته فخر خليقتك وأفضل بريتك ، السادة المنتجبين والهداة الميامين ، مصابيح الظلام وهداة كل الأنام والقادة إلى دار السلام ، حججك على خلقك من اقتدى بـهم اهتدى ومن أبى زُخّ إلى لظى .
اللهم وفق ويسر واعن واستر ، ولا تجعل أمرنا علينا غمة يوم نلقاك بحق محمد وآل محمد صلواتك عليهم كل صباح ومساء ، آمين رب العالمين .
المقدمة
S التشويه العقائدي مستمر !
الركل والخيزران كان الخطاب الذي يتعامل به مع الشيعة قبل بضع سنين ، ومن قبله لـهيب السياط وحز السيف وطعن السنان الذي كان يتعرض له الشيعة من قبل أمراء سلفهم الصالح حتى قضي ألوف من الشيعة صلبا وتقطيعا للأطراف وسجنا حتى الموت في المطبق وغيره ، وقد انزوت هذه الأفاعيل اليوم وصار محلها الدهاليز العطنة والسراديب المظلمة مراعاةً لمشاعر العالم الغربي ولـجان حقوق الإنسان ، وأما على مستوى عقائد الشيعة فكان الأسلوب القهري الجبروتي الخطاب المعتاد ، كالتكفير والإخراج من الدين والتبديع والتفسيق ، ومازالت رحى أسلوبـهم المنطقي هذا دائرة على رؤوس أتباع أهل البيت عليهم السلام ، وصواعق الافتراء والكذب عليهم كالمطر الهاطل ، ومازال الشيعة ينتظرون الخطاب العقلائي منذ أكثر من ألف سنة !
ولو أراد أحدنا أن يدون التهم التي أنيطت بالشيعة الإمامية والخزعبلات التي نبزوا بـها من أول التاريخ إلى يومنا هذا لكتب من جنسه أنواعا ، كراريس ودفاتر بل موسوعات ، وقد كتبت بالفعل ! ولكن بأقلام مأجورة فرحين بـها ترضي أحلامهم وآمالهم ! ، فبدلا من مقارعة الحجة بالحجة أخذا وردا قاموا بكل قوة وحماس بقذف الحمم البركانية وتلبيد سماء التشيع لأهل البيت عليهم السلام بسحائب التنكيل والتشنيع والتبديع والتهديد والإخراج من الملة وأن الشيعة هم وقود النار ، كفار مشركون ، عبدة طين وأوثان ، هدفهم الأول والأخير إحياء أصل مذهبهم المزدكي المجوسي الزرادشتي القرمطي الهندوكي الساساني الكنفوشي وكل عجيب وغريب ، وأن الشيعة فعلوا ، وما فعلوا ، وما أدراك ما فعلوا ؟! إلى غير ما هنالك من الافتراء والكذب !
وكله يحقق لـهؤلاء المهرجين غايتين في طول بعضهما أرى ألا ثالث لهما ، أولهما أن هذه المكدسات من الكذب والأراجيف ترتفع وتتراكم لتكون ساترا كثيفا يقف دون علم الناس بحقيقة ما يقوله أهل البيت عليهم السلام ويمنع من فهمه على النحو الصحيح ، ولا ريب لهؤلاء المهرجين العذر في إثارة الأتربة ونفضها في وجوه من يحاول فهم مذهب أهل البيت عليهم السلام ، لأن أثر كلمات أهل البيت عليهم السلام في النفوس الطيبة قوي جدا ، وأقل النور يخرق الظلام وإن كان دامسا ، فما بالك بنور أناس أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهم أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
وغايتهم الأخرى من هذا الكذب المتواصل والافتراء على مدى أكثر من ألف سنة ، هي المنع من نتيجة الفهم الصحيح لمذهب أهل البيت عليهم السلام ، فهذا المنع والحرمان ينتج عنه يقف دون أي مقايسة حقة ومقارنة صحيحة يقوم بـها الناس الطيبون بين ما يدين به أولئك وما يدين به أهل البيت عليهم السلام ، لئلا يظهر فساد المعتقد وفراغ المذهب وعوار الفكر ، ولكي لا يتضح الأصيل من اللصيق والنور المبين من الضلال القديم ، وإلا بماذا نفسر غشهم وقولهم لعوامهم : لا تناقش شيعيا فإنه يسحرك بالكلام ! ، {قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(البقرة/118) ، {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}(الذاريات/52) ، {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ}(الطور/15).
S الكتابة في تحريف القرآن ، لماذا ؟
ما كان تعرضنا لموضوع كهذا نتاجَ وقتٍ فرغ أو استهواء مترف أو ميل لاكتشاف غريبة ، إذ لا يشك الغيور أن خوضا في غمار موضوع كهذا وانتزاع نتيجة منه يعتبر مرصدا لكل من حاد الله ورسوله وملاذا لمن أعُجز في طلب حيلة يخاصم بـها أتباع الدين الحنيف .
إن فرية تحريف القرآن على الشيعة التي تطبل لها الوهابية بين الفينة والأخرى ما هي إلا نشاب وأسنة طعنوا بـها القرآن ، وأي طعنة ! ، وفتنة للناس حتى شك بعض المسلمين من السنة والشيعة في سلامة القرآن من التحريف ، وقد رأينا على شاشات الإنترنت بعضا من احتجاجات أهل الكتاب الذين ارتدوا عن الإسلام زاعمين أن الحلم الذي أدخلهم الإسلام قد تبدد وهو وجود كتاب لله عز وجل لم تناله يد التحريف ، فاتضح الآن أن القرآن والإنجيل سواء بسواء ! وقد احتجوا لذلك ببعض افتراءات الوهابية على الشيعة ! فمن الذي أضل هؤلاء ؟! ومن الذي يطبل لهذه الفرية ؟!
وقد كثرت الأراجيف واشتد سَعر الافتراء من الوهابيين مجدين مصرين بكل جهدهم على تشويه القرآن من حيث لا يعلمون ، بزعم أنـهم يشوهون مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وخفي عليهم أن المصيبة تحل على القرآن فقط ، فكم من شيعي وسني شك في سلامة القرآن من التحريف دون رجوع عن مذهبه ! وسنبين الوجه فيه .
وهذا حال الوهابية منذ زمن طويل في توزيع التهم والكيل بالأوفى ، وقد صكت فرية اعتقاد الشيعة تحريف القرآن مسامع الكثيرين وصدقوا بـها لـجهلهم ، إضافة لعدم اكتراث الوهابية بالنصح والإرشاد ، بل اعتبروا أن هذا النصح تـهربا وتسترا وانـهزاما ! ، لذا أصبحنا بين نارين القرآن من جانب ، والرضا بالظلم والكذب من جانب آخر ، فرجحنا غير لغة النصح والتوعية لأن لغة احترام القرآن وتقديسه لا يفهمها الوهابية ولا يلقون لها بالا ، فكان كشف المعتدي وتعريته على حقيقته وإلزامه بما في مذهبه هو العلاج لإسكاته ، وآخر العلاج الكي !
وأرى أن من المحتم على الغيور من كل فرق المسلمين سنة وشيعة اجتثاث هذا الطرح الخطر ، بأي وسيلة ، ولا ريب أن من اطلع على كلمات الوهابية لن يجد دواءً ناجعا إلا ما رأيناه نحن ، حتى أخذ به من قبل بعض علماء أهل السنة فقالوا إن إلزام الشيعة بـهذا الرأي يوجب إلزام أهل السنة به أيضا ، وصاروا يسردون كلمات سلفهم في تحريف القرآن ثم أردفوا ناصحين بوجوب غلق هذا الباب ورفع القرآن عن مرمى السهام ، ولكن يا لها من آذان لا تسمع ، ومن قلوب لا تفقه ، ومن أعين لا تبصر عند الوهابية ؟! ، وكما ترى فما انـجلت الغبرة إلا عن قرآن تتلاطم به أمواج التشكيك ، وانقلب مرتعا ومحلا لافتراء السفيه وخبال المتهتك ، فكانوا مصداقا آخر للمستعاذ منه في هذه الآية الكريمة {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}(النحل/98).
S تحريف القرآن تشويه واستغفال للعوام ، كغيره !
وإلى يومنا هذا منابرهم تصيح وكتيباتـهم المضحكة وأشرطتهم السمجة تنسخ وتوزع ، وجُزي خيرا من أعان على نشر هذا الشريط ، وأفضل هدية لأخيك المؤمن ، وحوار من رافضي ، وحوار مع ناصبي ، وغير هذه التفاهات ، لماذا ؟! لأن الشيعة تقول بالمتعة ، والشيعة تقول بالتقية ، والشيعة تقول بتحريف القرآن ، والشيعة تقول بالجمع بين الصلاتين ، وهكذا !
ولكن لنسأل ، هل إن طرح هذه المواضيع -بغض النظر عما فيها من الأكاذيب والأراجيف- يعطي النتيجة المطلوبة ؟! ، إن المطلوب المنطقي المتصور لكل هذا الطرح هو إخراج الشيعة من مذهب أهل البيت عليهم السلام وإدخالهم في مذهب العامة ، وهذا الطرح لا تعطي المراد ، إلا إذا كان التهريج هو القصد !
يمكن توضيح المراد بالقول إن مذهب التشيع قائم على ركيزة افترق بـها عن مذهب العامة ، فالشيعة يجعلون أهل البيت عليهم السلام الحجة بينهم وبين الله عز وجل ومصدر لتلقي السنة النبوية والأحكام الشرعية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله سلم ، بدلالة حديث الثقلين المتواتر الذي أوصى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمة بأن تتمسك من بعده بالكتاب والعترة ، وهذا ذكره الألباني في سلسلته الصحيحة :
" قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : أيها الناس ! إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا ، كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي "[1].
فمشايعة أهل البيت عليهم السلام ومتابعتهم هو الخط الفاصل بين مذهبين ، فإن ثبت بطلانـها بطل مذهب الشيعة من رأس ويخر بنيانـهم من الأساس ، لذا ليسأل العاقل نفسه ، هل إن طرح تلك المواضيع يمس التشيع لأهل البيت عليهم السلام ؟! بالطبع لا ، لأن مشايعة أهل البيت عليهم السلام لا تتوقف على القول بالتقية فإن ثبت عنده أن التقية غير جائزة –لا عنادا لأقوال أهل البيت عليهم السلام- فهذا لا يخرجه من التشيع ولا يدخله في مذهب العامة ، وكذا من قال بعدم تحريف القرآن فإن ذلك لا يخرجه من التشيع ولا يدخله في التسنن ، وكذا بقية الموارد السابقة ، إلا أن يقال أن تحريف القرآن يوجب الكفر وهذا الكلام على إطلاقه خطأ كبير سوف نثبت خلافه من كلامات علماء أهل السنة إن شاء الله تعالى ، ثم لنفرض أنه يوجب الكفر فهل هذا يصحح مذهب العامة ؟! ، فلماذا تطرح الوهابية هذه المواضيع التي لا تمس محل النـزاع وهو التشيع والمتابعة لأهل البيت عليهم السلام ؟! أم حسبوا أن المبطل والضال من يقول قولا يثير غضب الهمج وترتفع في وجهه صرخات الأوباش ؟! أما كان لميزانـهم الخاسر بين العقلاء موضع غير القرآن وسلامته من التحريف ؟!





تعليق