مواعظ
إن المسيرة الشائكة و المعقدة للسير و السلوك و الطريق العويص للحركة اِلى الله المليئى بالمطبات و ان اِنطوى على تجليات لكل منزل و أمد السالك بالمناظر الخلابة و الشهود الذي يأخذ بمجامع القلب من خلال الحضور و المعرفة و اليقين المؤنس في عالم الشهور و اليقظة أو على الاقل في عالم الرؤيا الصادقة.
الا أن تلك التجليات و هذه المناظر انما تبلغ ذروتها حين يشسيب السالك في هذه المنازل البعيدة و يطوي مراحل و سني نضجه النهائية و ذلك لأنه:
أولا: يكون قد تحمل في هذه المنازل أقسى المعاناة في مسيرة السلوك اِلى الله المضنية على ضوء «يا ايها الإنسان اِنك كادح اِلى ربك كدحا فملاقيه».(1). و في الذب عن حريم الرب و صون دينه، و من الطبيعي أن يتضاعف حظه بلقاء الرب كما يزداد رؤية لجمال المحبوب.
ثانياً: اِزدياد سعته الوجودية في هذه السنين باضعاف عما كانت عليه في مراحله السابقة. و طالما كان الفيض يتناسب و السعة و الاستعداد فان بركات السماء ستنال أكثر أرض كيانه الخصبة.
ثالثاً: اِزدياد سعته الوجودية في هذه السنين باضعاف عما كانت عليه في مراحله السابقة. و طالما كان الفيض يتناسب و السعة و الاستعداد فان بركات السماء ستنال أكثر أرض كيانه الخصبة.
ثالثاً: إنه سيصبح في نضجه هذا ينبوعا من التجارب; تجارب الغدر و الخيانة لطلاب الدنيا، تجارب الفشل اليناءة و الموقظة، تجارب السراب الفارغ «سراب يحسبه الظمان ماءً»(1) و تجارب الغرور «ما الحياة الدنيا اِلامتاع الغرور».(2) و المظاهر الزائفة للدنيا الدنية «كل شيىء من الدنيا سماعه أعظم من عيانه...»(3) و هي التجارب التي اِنفتح عليها بكل كيانه و لمسها بنفسه و حياته أو في حياة الاخرين. و مما لاشك فيه أن مثل هذه التجارب تسوقه اِلى الانقطاع عن كافة ألوان السراب و مظاهر الفناء و تنأى به بعيدا عن التبعة و التعلق الدنيوي و تشده نحو الجيب الباقي الذي يأبى القتاء «كل شيىء هالك الا وجهه».
و من البديهي أن العناصر الثلاث المذكورة (و بعض العناصر الاخرى) اِنما تضفي صبغة أخرى على صدق الرؤيا و حقانية الحضور و الشهود و بهجة يقين السالك و معارفه و تمنحه شدة و قوة في هذا التكامل و النفج و النقاء، و يكن أحدهما في النصائح و المواعظ.
تعليق