www.banihashem.org
جمعية بني هاشم العالمية
جمعية بني هاشم العالمية
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
بحث لسماحة السيد محمد علي الحسيني
اللبناني
{الاستعداد للموت}
قال تعالي في كتابه العزيز: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُالْمَوْتِ).
فالموت حقيقة لا وهم ولا خيال، وسوف نذوقه حتماً،وكثير من الا´يات والروايات تحدثت عنه، ولكن بعض الناس تجدهم عند ذكر الموت يتنفرون وعن سماع حديثه يدبرون. ولصورته عن المخيلة يطردون ـ إلى أن يأتهم الموت بغتاً، فيقولون: ليتنا كنا مستعدين. يوم لا ينفعهم الندم. بل ينادون اخسأوا فيها ولا تكلمون.
(قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِي اَعْمَلُ صَالِحاً فِي مَا
تَرَكْتُ كَلاَّ اءِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَ مِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى
يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
أما نحن المؤمنون فيجب علينا الاستعداد للموت، كما ورد عن أمير المؤمنين (ع) :
«من تذكَّر بُعدَ السفر استعدَّ».
أي من تذكر سفر الموت استعدّ له بالزاد.
ويقول (ع) :
«آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر،وعظيم المورد».
يا لها من كلمات تفلسف الحياة إلى الممات، وتدعو الإنسان إلى التفكير والاستعداد للسفر الأكيد .
فمن هنا علينا الاستعداد والتزوّد لسفر الموت الا´تي لا محالة عبر الخطوات النظرية التالية:
أوّلاً: أن يعرف الإنسان أنّ حقيقة وجوده في هذه الدنيا هي امتحان واختبار، هي من أجل معرفة الله وعبادته ولامتثال لامره وعدم مخالفته، والعمل ليرتقي إلى الدرجات العليا في الجنان. وأمّا إذا خالف أوامر الله وعمل بما يُسخطه فاءنّ له جهنّم ولبئس المصير، و ايضاً فيها كما في الجنان درجات ومراتب، كطوبى للصائمين، فإنها شجرة في الجنة،كذلك للعاصين والمخالفين في جهنم درجات، وسقر لمن لم يكن من المصلّين، فعلى الإنسان أن يستعدّ من الا´ن لنيل درجات المؤمنين والفوز مع الصالحين، وان لا يكون مع العاصين ؛ لكي لا يدخل نار الجحيم، أعاذنا الله منها وشيعة علي أمير المؤمنين (ع) .
ثانياً: على الإنسان أن يفهم ويعمل علي في الدنيا على أساس أنها دار ممر و الا´خرة دار مقرّ، فلا يعمر في الدنيا الفانية ويهدم الا´خرة الباقية، بل عليه أن يعمل في الدنيا،فاءنّ الدنيا ساعة فاجعلوها طاعة. فيعمل بها عمل إنسان راحل عنها، فيتخذها ممراً لخير مستقر، فيخرج بروحه قبل بدنه، كما جاء عن أمير المؤمنين علي(ع): «أيها الناس اءن ّالدنيا دار فناء و الا´خرة دار بقاء، فخذوا من ممركم لمقركم،وأخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل ان تخرج منها أبدانكم،ففي الدنيا مبيتم وللا´خرة خلقتم» .
ثالثاً: قال تعالي: (اعْلَمُوا اَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَزِينَةٌ وَ تَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكَاثُرٌ فِي الاَمْوَالِ وَ الاَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍاَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَ رِضْوَانٌ وَ مَاالْحَيَاةُ الدُّنْيَا اءِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ).
فلا تجعلكم أزواجكم وأولادكم ممّن يقع ويعمل في الحرام، ولا تلهكم أموالكم عن ذكر الله، فاءنّ الإنسان نادراً ما يتمكّن أن يجمع بين الدنيا و الا´خرة، بالحلال وطاعة الله،فكما جاء في الحديث عن الإمام علي (ع):
«مثل الدنيا والا´خرة كالمشرق والمغرب، إذا اقتربت من أحدهما بعدت عن الا´خر».
فاءنّ الإنسان لا يستطيع أن يُقبل على الا´خرة و هومتعلق بالدنيا؛ لانّهما لا يجتمعان، كما الكفر والإيمان، فقد جاء عن النبي عيسي (ع): «مثل الدنيا والا´خرة كمثل رجل له ضرّتان اءن أرضي' أحداهما سخطت الاُخرى» .
لذا علينا أن نختار ونعمل ونقترب من الأخرى، لنكون مع النبيّ (ص) وآله(ع) في المكان الّذي اختاره الله لحبيبه (ص):
(وَ لَلا´خِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الاُولَي).
هذه المراحل الثلاث للاستعداد للموت نظرية، ونشرع الا´ن في المراحل العملية:
بالنسبة للاُمور العملية الّتي يجب العمل بها، وهي الناتجة عن مخالفة الإنسان تكليفه الشرعي ، فيترك الصلاة والصيام والخمس والحج وباقي العبادات، بل منهم من ارتكب المحرمات من قتل وزنا وسرقة وإفساد وما شابه ذلك، كلّ هذا يستدعي الخطوات التالية:
أوّلاً: التوبة بشروطها وعدم العودة.
والتوبة أول ما يجب فعله، وهي طلب المغفرة من الله تعالى على ما اقترفه من الذنب والإثم، أو قصّر فيه من عمل. ونحن مأمورون بالاستغفار؛ لانه واجب في التوبة من الذنب، كما قال تعالي:
(وَ لَوْ اَنَّهُمْ اءِذْ ظَلَمُوا اَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَوَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيماً).
وقال: ( وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءً اَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَيَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً).
وقال: ( وَ اسْتَغْفِرِ اللهَ اءِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً).
وقال: (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا اءِلَيْهِ اءِنَّ رَبِّي قَرِيبٌمُجِيبٌ).
وللاستغفار تأثير مهم في الدنيا والا´خرة، كما قال تعالى:
( وَ مَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ اَنْتَ فِيهِمْ وَ مَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْوَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
وقال: ( وَ اَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا اءِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْمَتَاعاً حَسَناً إلى اَجَلٍ مُسَمًّي وَ يُوْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَاءِنْتَوَلَّوْا فَاءِنِّي اَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ).
وقال: ( وَ يَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا اءِلَيْهِ يُرْسِلِالسَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَ يَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ وَ لاَ تَتَوَلَّوْامُجْرِمِينَ).
فيا أيها الإنسان اءنّ الله اكرم الاكرمين، فتح لك باب التوبة والندم والرجوع عن ما ارتكبته وخالفته، ومع هذا انظر إلى العناية الإلهية والعفو الكريم الرحيم في قوله تعالى :
(كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَي نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ اَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ
سُوءً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ اَصْلَحَ فَاَنَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ ).
وقال: ( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ اَسْرَفُوا عَلَي اَنْفُسِهِمْ لاَتَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ اءِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا اءِنَّهُ هُوَالْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
ومع هذا يقول لك: إني اُحبّك: (اءِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَوَ يُحِبُّ الْمُتَطَِهّرِينَ).
فتب إلى ربّك وارجع كما ولدتك أُمُّك.
قال الإمام الرضا (ع) عن رسول الله (ص) قال:
«التأئب من الذنب كمن لا ذنب له».
وقال الإمام الصادق (ع):
«إذا تاب العبدُ توبة نصوحاً، أحبّه الله تعالي،فستر عليه في الدنيا والا´خرة، قال الرّاوي: وكيف يستر الله عليه؟ قال: يُنسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب، ثمّ يوحي الله إلى جوارحه اكتمي عليه ذنوبه، ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقي' الله تعالى حين يلقاه، وليس شيء يشهد عليه بشيء منالذنوب».
كذلك قال الإمام الصادق (ع):
«قال رسول الله (ص): من تاب قبل موته بسنة
قبل الله توبته، ثم قال: اءنّ السنة لكثير، من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته. ثم قال: اءنّ الشهر لكثير، من تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته. ثمقال: اءنّ الجمعة لكثير، من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته. ثم قال: اءنّ يوماً لكثير، من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته».
أقول من يضمن لنفسه الحياة ولو للحظة؟ حتّى يضمن التوبة؟ لذا ينبغي الإسراع إلى التوبة وعدم التسويف والتأخير والتهاون.
فلا تقل: غداً أتوب، لعلّ غداً يأتي وأنت تحت التراب .
بقيت شروط التوبة الّتي يجب علي' من تاب مراعاتها، وهي كما وردت عن مولانا أمير المؤمنين علي (ع) :
1. الندم علي ما مضي.
2. العزم علي ترك العود إلى الذنب أبدا.
3. أن تؤدّي إلى المخلوقين حقوقهم حتّى تلقي الله أملس، ليس عليك تبعة.
4. أن تعمد علي كلّ فريضة عليك ضيّعتها تؤدّي حقّها.
5. أن تعمد إلى اللحم الّذي نبت علي السحت فتذيبه بالأحزان حتّى يلصق الجلد بالعظم وينشأ لحم جديد.
6. أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول:
«استغفر الله» .
فمن خلال الا´يات والروايات المتقدّمة يعرف من يريد الاستعداد للموت أنّ للتوبة أهمّيّة كبيرة، وهي الخطوة الاساسية للاستعداد السليم والمنجي والمسهل للموت .
أعاننا الله عليه ووفّقنا للتوبة، وعصمنا من الذنوب إلى آخر عمرنا.
ثانياً: إعطاء المخلوقين حقوقهم، أي ما يسمي بردّ المظالم بأنواعها، كالأموال الّتي جمعت بالباطل والخيانة والتلبيس، وكذلك ردّ الديون فاءنها فيها رواية مخصوصة حتّى الشهيد فاءنّ الله يغفر له اءلاّ الدين، كما جاء عن أبي جعفر الباقر (ع) قال:
«كلّ ذنب يكفّره القتل في سبيل الله اءلاّ الدين، فاءنّهلا كفّارة له اءلاّ أداؤه أيقصي صاحبه، أو يغفر الّذيله الحق».
علي أي حال فالإنسان لم يخلق معصوماً، لكنه مخيّر وله عقل وشهوة وإرادة، فنري أكثر الناس قبل التزامهم الديني و حتّى بعده قد يظلمون الا´خرين، كرجل يظلم زوجتهمثلاً، والابن يعقّ والديه، والأخ قد يأخذ حصة أخيه، والجار يغصب حقّ جاره إلى ما هناك من أنواع الابتلاءات والمظالم الّتي يرتكبها الإنسان، وهو يظن أنه زكي أو لا يراه أحد و عنده من القوة الّتي تعصمه عن الحساب في الدنيا، ولديه من الفتوة الّتي يخوّف بها الا´خرين، أو المال يتسلط به على الفقراء، وقد يحتال علي المساكين يقرض باختلاس وماشابهه، كلّ هذه المظالم يعملها الاءنسان في الدنيا ؛ لانها دار عمل لا دار حساب، ولكنه سوف يراها عند الموت، وحقوق الا´خرين سوف تكون عائقاً له أمام المحاسبين، ولو كانمثقال ذرة، فكل هذا يا مسكين عليك أن تعي أنّ الله لاينسى ظلمك للا´خرين.
فمن هنا عليك بعد التوبة ردّ المظالم وإعطاء كلّالناس حقوقهم، وتحاسب نفسك قبل أن يحاسبك ملائكة ربّ العالمين.
فيا أخي ما أهون المحاسبة في الدنيا، وما أسهلها وما أصعب المحاسبة في القبر وما أعظمها، فعجّل بذلك لتنتهي من الخطوة الثانية واستغفر للا´خرين.
ثالثاً: حقوق الله عليك، كقضاء الصلاة الواجبة اليومية والا´يات، وقضاء الصوم وحج بيت الله الحرام مع الاستطاعة بالإضافة إلى الخمس وغيره من الواجبات الّتي أوجبها الله عليك بالشرع.
فكما أنّ الدَّين يجب قضاؤه كذلك الصلاة الواجبة عليك، إنما الدين حقّ الناس والصلاة حقّ الله، وكلاهم ايجب عليك قضاؤهما؛ لكي تستعد لسفر الا´خرة، وتكون بأمن وأمان من السؤال والعذاب.
الوصية:
وهي من المستحبات الاكيدة، وقد ورد أنّها حقّ على كلّ مسلم، وأنّه لا ينبغي أن يبيت اءلاّ ووصيته عند رأسه.
وعلى الإنسان أن يوصي بماله عند الناس، وما عليه من دين وصلاة وصوم وغيره وتركة وباقي الاُمور المذكورة في الوصية.
النفس المطمئنّة:
بعد أن تاب الإنسان إلى ربه وردّ حقوق العباد وادّي'عليه ممّا أوجبه الرحمان وادّي' الفرض والواجب فله كما جاء عن الإمام علي(ع) :
«طوبي ـ أي شجرة في الجنة ـ لنفس ادّت إلى ربّها فرضها وواجبها» .
وبهذا تصبح نفسه مطمئنّة، وتكون مصداقاً لهذه الا´يةالكريمة:
(يَا اَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةًمَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي).
سوء وحسن العاقبة:
لسوء عاقبة الإنسان أسباب أذكر منها:
أ. كما نعلم أنّ الحج واجب علي كلّ مسلم مكلّف مستطيع، كما قال تعالي :
(وَ للهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ اءِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَاءِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ).
ولكن نرى بعض الناس لتسلّط حبّ الدنيا علي قلوبهم والحرص علي مالهم يتذرّعون ويعتذرون من عدم ذهابهم للحج بأعذار شيطانية، وهم يمتلكون ذخيرة مالية تحقق بشأنهم الاستطاعة الشرعية.
فعدم ذهابهم للحج بسبب سوء عاقبتهم كما ورد عن الإمام الصادق (ع):
«من مات ولم يحج حجّة الإسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحج،أو سلطان يمنعه، فليمت يهودياً أو نصرانياً».
والإنسان يبعث علي ما مات عليه، أي بعدما حجه فاءنه يموت يهوديّاً أو نصرانيا خارجاً عن الإسلام المحمدي، يا لها من سوء عاقبة.
ب. عدم أداء الحقوق الشرعية من أسباب سوء العاقبة:
الحقوق الشرعية من خمس وزكاة من فروع الدين، قد اوجبها الله سبحانه وتعالي علينا، كالصلاة والصيام.
ولكن من الناس يتحجج بحجج لكي لا يدفع شيئا مع وجوبه عليه والله يقول :
(اَفَتُوْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ
مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ اءِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ يَوْمَ الْقِيَامَةِيُرَدُّونَ إلى اَشَدِّ الْعَذَابِ وَ مَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ).
وقد جاء حول الاءنفاق ودفع الزكاة:
( اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ).
(الَّذِينَ يُوْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَ مِمَّارَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ).
(وَ قَالَ اللهُ اءِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ اَقَمْتُمُ الصَّلَوةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكَاةَوَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ اَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَناًلاُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَ لاُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَاالاَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ).
وعن رسول الله (ص):
«اءنّ الله تبارك وتعالي قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة».
فلا يبخل أحد ولا يخاف على ماله إذا دفع منه حقَّالله.
(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَاْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَ اللهُيَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلاً وَ اللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ).
وأما سوء العاقبة لمن منع الزكاة فهو ما روي' أبو بصير عن الاءمام الصادق (ع) :
«من منع قيراطاً من الزكاة فليمت اءن شاء يهوديّاًأو نصرانيّاً» .
أي لا يموت على الإسلام، وهو ارتداد عن الحقّ،والموت علي الباطل.
إذا فاعلموا أنّ الرزق من عند الله فأنفقوا منه حقه منقبل أن يأتي إليكم الموت، كما قال :
(يَا اَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ اَمْوَالُكُمْ وَلاَ اَوْلاَدُكُمْ
عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَاُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ *
وَاَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ اَنْ يَاْتِيَ اَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَرَبِّ لَوْلاَ اَخَّرْتَني إلى اَجَلٍ قَرِيبٍ فَاَصَّدَّقَ وَ اَكُنْ مِنَالصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً اءِذَا جَاءَ اَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَاتَعْمَلُونَ).
ج. صحبة الأشرار تسبب سوء العاقبة:
فالمثل يقول: قل لي من تعاشر أقل لك من أنت».
فالإنسان يتأثر بخليله وقرينه، فإذا كان من أهل الشرّ والفساد والفسق والفجور، فتكون عاقبتك كما جاء في كتابالله :
(لَقَدْ اَضَلَّني عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ اءِذْ جَاءَني وَ كَانَ الشَّيْطَانُلِلاءِنْسَانِ خَذُولاً ) .
لحسن العاقبة أيضاً أسباب أذكر منها:
أ. المحافظة علي أوقات الصّلاة فقد قال رسولالله (ص) :
«إنما يصنّفهم في ـ أي ملك الموت ـ مواقيت الصلاة،
فاءن كان ممّن يواظب عليها عند مواقيتها، لقّنه شهادة أن
لا اءله اءلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، ونحّي عنه
إبليس» .
ب. المداومة علي تسبيح الزهراء (ع) :
عن الإمام الصادق (ع): قال: «يا أبا هارون، اءنّا نأمر صبياننا بتسبيح الزهراء (ع) كما نأمرهم بالصلاة، فالزمه، فاءنّه لم يلزمه عبد فشقي».
فمفهومه انّ المداومة علي تسبيح الزهراء (س)
يؤمن العبد من الشقاء، ويدخله في السعداء ذوي العواقبالحسنة.
ج. التختم بالعقيق:
فعن أبي عبد الله الصادق (ع): قال رسول الله (ص):
«تختموا بالعقيق فاءنّه مبارك، ومن تختمبالعقيق يوشك ان يُقضي له بالحسني'».
وعن الإمام زين العابدين (ع) :
«من صاغ خاتماً من عقيق، فنقش فيه محمد نبيّالله، وعلي وليّ الله، وقاه الله ميتة السوء، ولم يمت اءلاّ على الفطرة».
المداومة علي دعاء الحزين الوارد في مفاتيح الجنان والتسبيحات الاربعة كثيراً بعد كلّ صلاة، وصلاة يوم الاحد من ذي القعدة كلها من شأنها أن تسبب حسن العاقبة.
أختم بقول لامير المؤمنين (ع) عندما سئل: ما الاستعداد للموت؟
قال (ع):
«أداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتغال على المكارم، ثمّ لا يبالي أوقع علي الموت أم وقع الموت عليه، ثم قال (ع): والله ما يبالي ابن أبيطالب أوقع علي الموت أم وقع الموت عليه».
فلمثل هذا فليعمل العاملون ويتنافس المتنافسون.
والحمد الله رب العالمين
مركز بني هاشم العالمي
للأبحاث والترجمة الإسلامية
www.banihashem.org
www.alhusseiny.org
للتواصل معنا
على الماسنجر:
J_b_hashem@hotmail.com
J_b_hashem@yahoo.com
لبنان:009613961846
إيران:00982512952511
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
بحث لسماحة السيد محمد علي الحسيني
اللبناني
{الاستعداد للموت}
قال تعالي في كتابه العزيز: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُالْمَوْتِ).
فالموت حقيقة لا وهم ولا خيال، وسوف نذوقه حتماً،وكثير من الا´يات والروايات تحدثت عنه، ولكن بعض الناس تجدهم عند ذكر الموت يتنفرون وعن سماع حديثه يدبرون. ولصورته عن المخيلة يطردون ـ إلى أن يأتهم الموت بغتاً، فيقولون: ليتنا كنا مستعدين. يوم لا ينفعهم الندم. بل ينادون اخسأوا فيها ولا تكلمون.
(قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِي اَعْمَلُ صَالِحاً فِي مَا
تَرَكْتُ كَلاَّ اءِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَ مِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى
يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
أما نحن المؤمنون فيجب علينا الاستعداد للموت، كما ورد عن أمير المؤمنين (ع) :
«من تذكَّر بُعدَ السفر استعدَّ».
أي من تذكر سفر الموت استعدّ له بالزاد.
ويقول (ع) :
«آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر،وعظيم المورد».
يا لها من كلمات تفلسف الحياة إلى الممات، وتدعو الإنسان إلى التفكير والاستعداد للسفر الأكيد .
فمن هنا علينا الاستعداد والتزوّد لسفر الموت الا´تي لا محالة عبر الخطوات النظرية التالية:
أوّلاً: أن يعرف الإنسان أنّ حقيقة وجوده في هذه الدنيا هي امتحان واختبار، هي من أجل معرفة الله وعبادته ولامتثال لامره وعدم مخالفته، والعمل ليرتقي إلى الدرجات العليا في الجنان. وأمّا إذا خالف أوامر الله وعمل بما يُسخطه فاءنّ له جهنّم ولبئس المصير، و ايضاً فيها كما في الجنان درجات ومراتب، كطوبى للصائمين، فإنها شجرة في الجنة،كذلك للعاصين والمخالفين في جهنم درجات، وسقر لمن لم يكن من المصلّين، فعلى الإنسان أن يستعدّ من الا´ن لنيل درجات المؤمنين والفوز مع الصالحين، وان لا يكون مع العاصين ؛ لكي لا يدخل نار الجحيم، أعاذنا الله منها وشيعة علي أمير المؤمنين (ع) .
ثانياً: على الإنسان أن يفهم ويعمل علي في الدنيا على أساس أنها دار ممر و الا´خرة دار مقرّ، فلا يعمر في الدنيا الفانية ويهدم الا´خرة الباقية، بل عليه أن يعمل في الدنيا،فاءنّ الدنيا ساعة فاجعلوها طاعة. فيعمل بها عمل إنسان راحل عنها، فيتخذها ممراً لخير مستقر، فيخرج بروحه قبل بدنه، كما جاء عن أمير المؤمنين علي(ع): «أيها الناس اءن ّالدنيا دار فناء و الا´خرة دار بقاء، فخذوا من ممركم لمقركم،وأخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل ان تخرج منها أبدانكم،ففي الدنيا مبيتم وللا´خرة خلقتم» .
ثالثاً: قال تعالي: (اعْلَمُوا اَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَزِينَةٌ وَ تَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكَاثُرٌ فِي الاَمْوَالِ وَ الاَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍاَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَ رِضْوَانٌ وَ مَاالْحَيَاةُ الدُّنْيَا اءِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ).
فلا تجعلكم أزواجكم وأولادكم ممّن يقع ويعمل في الحرام، ولا تلهكم أموالكم عن ذكر الله، فاءنّ الإنسان نادراً ما يتمكّن أن يجمع بين الدنيا و الا´خرة، بالحلال وطاعة الله،فكما جاء في الحديث عن الإمام علي (ع):
«مثل الدنيا والا´خرة كالمشرق والمغرب، إذا اقتربت من أحدهما بعدت عن الا´خر».
فاءنّ الإنسان لا يستطيع أن يُقبل على الا´خرة و هومتعلق بالدنيا؛ لانّهما لا يجتمعان، كما الكفر والإيمان، فقد جاء عن النبي عيسي (ع): «مثل الدنيا والا´خرة كمثل رجل له ضرّتان اءن أرضي' أحداهما سخطت الاُخرى» .
لذا علينا أن نختار ونعمل ونقترب من الأخرى، لنكون مع النبيّ (ص) وآله(ع) في المكان الّذي اختاره الله لحبيبه (ص):
(وَ لَلا´خِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الاُولَي).
هذه المراحل الثلاث للاستعداد للموت نظرية، ونشرع الا´ن في المراحل العملية:
بالنسبة للاُمور العملية الّتي يجب العمل بها، وهي الناتجة عن مخالفة الإنسان تكليفه الشرعي ، فيترك الصلاة والصيام والخمس والحج وباقي العبادات، بل منهم من ارتكب المحرمات من قتل وزنا وسرقة وإفساد وما شابه ذلك، كلّ هذا يستدعي الخطوات التالية:
أوّلاً: التوبة بشروطها وعدم العودة.
والتوبة أول ما يجب فعله، وهي طلب المغفرة من الله تعالى على ما اقترفه من الذنب والإثم، أو قصّر فيه من عمل. ونحن مأمورون بالاستغفار؛ لانه واجب في التوبة من الذنب، كما قال تعالي:
(وَ لَوْ اَنَّهُمْ اءِذْ ظَلَمُوا اَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَوَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيماً).
وقال: ( وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءً اَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَيَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً).
وقال: ( وَ اسْتَغْفِرِ اللهَ اءِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً).
وقال: (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا اءِلَيْهِ اءِنَّ رَبِّي قَرِيبٌمُجِيبٌ).
وللاستغفار تأثير مهم في الدنيا والا´خرة، كما قال تعالى:
( وَ مَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ اَنْتَ فِيهِمْ وَ مَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْوَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
وقال: ( وَ اَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا اءِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْمَتَاعاً حَسَناً إلى اَجَلٍ مُسَمًّي وَ يُوْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَاءِنْتَوَلَّوْا فَاءِنِّي اَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ).
وقال: ( وَ يَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا اءِلَيْهِ يُرْسِلِالسَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَ يَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ وَ لاَ تَتَوَلَّوْامُجْرِمِينَ).
فيا أيها الإنسان اءنّ الله اكرم الاكرمين، فتح لك باب التوبة والندم والرجوع عن ما ارتكبته وخالفته، ومع هذا انظر إلى العناية الإلهية والعفو الكريم الرحيم في قوله تعالى :
(كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَي نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ اَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ
سُوءً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ اَصْلَحَ فَاَنَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ ).
وقال: ( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ اَسْرَفُوا عَلَي اَنْفُسِهِمْ لاَتَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ اءِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا اءِنَّهُ هُوَالْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
ومع هذا يقول لك: إني اُحبّك: (اءِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَوَ يُحِبُّ الْمُتَطَِهّرِينَ).
فتب إلى ربّك وارجع كما ولدتك أُمُّك.
قال الإمام الرضا (ع) عن رسول الله (ص) قال:
«التأئب من الذنب كمن لا ذنب له».
وقال الإمام الصادق (ع):
«إذا تاب العبدُ توبة نصوحاً، أحبّه الله تعالي،فستر عليه في الدنيا والا´خرة، قال الرّاوي: وكيف يستر الله عليه؟ قال: يُنسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب، ثمّ يوحي الله إلى جوارحه اكتمي عليه ذنوبه، ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقي' الله تعالى حين يلقاه، وليس شيء يشهد عليه بشيء منالذنوب».
كذلك قال الإمام الصادق (ع):
«قال رسول الله (ص): من تاب قبل موته بسنة
قبل الله توبته، ثم قال: اءنّ السنة لكثير، من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته. ثم قال: اءنّ الشهر لكثير، من تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته. ثمقال: اءنّ الجمعة لكثير، من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته. ثم قال: اءنّ يوماً لكثير، من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته».
أقول من يضمن لنفسه الحياة ولو للحظة؟ حتّى يضمن التوبة؟ لذا ينبغي الإسراع إلى التوبة وعدم التسويف والتأخير والتهاون.
فلا تقل: غداً أتوب، لعلّ غداً يأتي وأنت تحت التراب .
بقيت شروط التوبة الّتي يجب علي' من تاب مراعاتها، وهي كما وردت عن مولانا أمير المؤمنين علي (ع) :
1. الندم علي ما مضي.
2. العزم علي ترك العود إلى الذنب أبدا.
3. أن تؤدّي إلى المخلوقين حقوقهم حتّى تلقي الله أملس، ليس عليك تبعة.
4. أن تعمد علي كلّ فريضة عليك ضيّعتها تؤدّي حقّها.
5. أن تعمد إلى اللحم الّذي نبت علي السحت فتذيبه بالأحزان حتّى يلصق الجلد بالعظم وينشأ لحم جديد.
6. أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول:
«استغفر الله» .
فمن خلال الا´يات والروايات المتقدّمة يعرف من يريد الاستعداد للموت أنّ للتوبة أهمّيّة كبيرة، وهي الخطوة الاساسية للاستعداد السليم والمنجي والمسهل للموت .
أعاننا الله عليه ووفّقنا للتوبة، وعصمنا من الذنوب إلى آخر عمرنا.
ثانياً: إعطاء المخلوقين حقوقهم، أي ما يسمي بردّ المظالم بأنواعها، كالأموال الّتي جمعت بالباطل والخيانة والتلبيس، وكذلك ردّ الديون فاءنها فيها رواية مخصوصة حتّى الشهيد فاءنّ الله يغفر له اءلاّ الدين، كما جاء عن أبي جعفر الباقر (ع) قال:
«كلّ ذنب يكفّره القتل في سبيل الله اءلاّ الدين، فاءنّهلا كفّارة له اءلاّ أداؤه أيقصي صاحبه، أو يغفر الّذيله الحق».
علي أي حال فالإنسان لم يخلق معصوماً، لكنه مخيّر وله عقل وشهوة وإرادة، فنري أكثر الناس قبل التزامهم الديني و حتّى بعده قد يظلمون الا´خرين، كرجل يظلم زوجتهمثلاً، والابن يعقّ والديه، والأخ قد يأخذ حصة أخيه، والجار يغصب حقّ جاره إلى ما هناك من أنواع الابتلاءات والمظالم الّتي يرتكبها الإنسان، وهو يظن أنه زكي أو لا يراه أحد و عنده من القوة الّتي تعصمه عن الحساب في الدنيا، ولديه من الفتوة الّتي يخوّف بها الا´خرين، أو المال يتسلط به على الفقراء، وقد يحتال علي المساكين يقرض باختلاس وماشابهه، كلّ هذه المظالم يعملها الاءنسان في الدنيا ؛ لانها دار عمل لا دار حساب، ولكنه سوف يراها عند الموت، وحقوق الا´خرين سوف تكون عائقاً له أمام المحاسبين، ولو كانمثقال ذرة، فكل هذا يا مسكين عليك أن تعي أنّ الله لاينسى ظلمك للا´خرين.
فمن هنا عليك بعد التوبة ردّ المظالم وإعطاء كلّالناس حقوقهم، وتحاسب نفسك قبل أن يحاسبك ملائكة ربّ العالمين.
فيا أخي ما أهون المحاسبة في الدنيا، وما أسهلها وما أصعب المحاسبة في القبر وما أعظمها، فعجّل بذلك لتنتهي من الخطوة الثانية واستغفر للا´خرين.
ثالثاً: حقوق الله عليك، كقضاء الصلاة الواجبة اليومية والا´يات، وقضاء الصوم وحج بيت الله الحرام مع الاستطاعة بالإضافة إلى الخمس وغيره من الواجبات الّتي أوجبها الله عليك بالشرع.
فكما أنّ الدَّين يجب قضاؤه كذلك الصلاة الواجبة عليك، إنما الدين حقّ الناس والصلاة حقّ الله، وكلاهم ايجب عليك قضاؤهما؛ لكي تستعد لسفر الا´خرة، وتكون بأمن وأمان من السؤال والعذاب.
الوصية:
وهي من المستحبات الاكيدة، وقد ورد أنّها حقّ على كلّ مسلم، وأنّه لا ينبغي أن يبيت اءلاّ ووصيته عند رأسه.
وعلى الإنسان أن يوصي بماله عند الناس، وما عليه من دين وصلاة وصوم وغيره وتركة وباقي الاُمور المذكورة في الوصية.
النفس المطمئنّة:
بعد أن تاب الإنسان إلى ربه وردّ حقوق العباد وادّي'عليه ممّا أوجبه الرحمان وادّي' الفرض والواجب فله كما جاء عن الإمام علي(ع) :
«طوبي ـ أي شجرة في الجنة ـ لنفس ادّت إلى ربّها فرضها وواجبها» .
وبهذا تصبح نفسه مطمئنّة، وتكون مصداقاً لهذه الا´يةالكريمة:
(يَا اَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةًمَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي).
سوء وحسن العاقبة:
لسوء عاقبة الإنسان أسباب أذكر منها:
أ. كما نعلم أنّ الحج واجب علي كلّ مسلم مكلّف مستطيع، كما قال تعالي :
(وَ للهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ اءِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَاءِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ).
ولكن نرى بعض الناس لتسلّط حبّ الدنيا علي قلوبهم والحرص علي مالهم يتذرّعون ويعتذرون من عدم ذهابهم للحج بأعذار شيطانية، وهم يمتلكون ذخيرة مالية تحقق بشأنهم الاستطاعة الشرعية.
فعدم ذهابهم للحج بسبب سوء عاقبتهم كما ورد عن الإمام الصادق (ع):
«من مات ولم يحج حجّة الإسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحج،أو سلطان يمنعه، فليمت يهودياً أو نصرانياً».
والإنسان يبعث علي ما مات عليه، أي بعدما حجه فاءنه يموت يهوديّاً أو نصرانيا خارجاً عن الإسلام المحمدي، يا لها من سوء عاقبة.
ب. عدم أداء الحقوق الشرعية من أسباب سوء العاقبة:
الحقوق الشرعية من خمس وزكاة من فروع الدين، قد اوجبها الله سبحانه وتعالي علينا، كالصلاة والصيام.
ولكن من الناس يتحجج بحجج لكي لا يدفع شيئا مع وجوبه عليه والله يقول :
(اَفَتُوْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ
مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ اءِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ يَوْمَ الْقِيَامَةِيُرَدُّونَ إلى اَشَدِّ الْعَذَابِ وَ مَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ).
وقد جاء حول الاءنفاق ودفع الزكاة:
( اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ).
(الَّذِينَ يُوْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَ مِمَّارَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ).
(وَ قَالَ اللهُ اءِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ اَقَمْتُمُ الصَّلَوةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكَاةَوَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ اَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَناًلاُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَ لاُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَاالاَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ).
وعن رسول الله (ص):
«اءنّ الله تبارك وتعالي قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة».
فلا يبخل أحد ولا يخاف على ماله إذا دفع منه حقَّالله.
(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَاْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَ اللهُيَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلاً وَ اللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ).
وأما سوء العاقبة لمن منع الزكاة فهو ما روي' أبو بصير عن الاءمام الصادق (ع) :
«من منع قيراطاً من الزكاة فليمت اءن شاء يهوديّاًأو نصرانيّاً» .
أي لا يموت على الإسلام، وهو ارتداد عن الحقّ،والموت علي الباطل.
إذا فاعلموا أنّ الرزق من عند الله فأنفقوا منه حقه منقبل أن يأتي إليكم الموت، كما قال :
(يَا اَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ اَمْوَالُكُمْ وَلاَ اَوْلاَدُكُمْ
عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَاُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ *
وَاَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ اَنْ يَاْتِيَ اَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَرَبِّ لَوْلاَ اَخَّرْتَني إلى اَجَلٍ قَرِيبٍ فَاَصَّدَّقَ وَ اَكُنْ مِنَالصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً اءِذَا جَاءَ اَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَاتَعْمَلُونَ).
ج. صحبة الأشرار تسبب سوء العاقبة:
فالمثل يقول: قل لي من تعاشر أقل لك من أنت».
فالإنسان يتأثر بخليله وقرينه، فإذا كان من أهل الشرّ والفساد والفسق والفجور، فتكون عاقبتك كما جاء في كتابالله :
(لَقَدْ اَضَلَّني عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ اءِذْ جَاءَني وَ كَانَ الشَّيْطَانُلِلاءِنْسَانِ خَذُولاً ) .
لحسن العاقبة أيضاً أسباب أذكر منها:
أ. المحافظة علي أوقات الصّلاة فقد قال رسولالله (ص) :
«إنما يصنّفهم في ـ أي ملك الموت ـ مواقيت الصلاة،
فاءن كان ممّن يواظب عليها عند مواقيتها، لقّنه شهادة أن
لا اءله اءلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، ونحّي عنه
إبليس» .
ب. المداومة علي تسبيح الزهراء (ع) :
عن الإمام الصادق (ع): قال: «يا أبا هارون، اءنّا نأمر صبياننا بتسبيح الزهراء (ع) كما نأمرهم بالصلاة، فالزمه، فاءنّه لم يلزمه عبد فشقي».
فمفهومه انّ المداومة علي تسبيح الزهراء (س)
يؤمن العبد من الشقاء، ويدخله في السعداء ذوي العواقبالحسنة.
ج. التختم بالعقيق:
فعن أبي عبد الله الصادق (ع): قال رسول الله (ص):
«تختموا بالعقيق فاءنّه مبارك، ومن تختمبالعقيق يوشك ان يُقضي له بالحسني'».
وعن الإمام زين العابدين (ع) :
«من صاغ خاتماً من عقيق، فنقش فيه محمد نبيّالله، وعلي وليّ الله، وقاه الله ميتة السوء، ولم يمت اءلاّ على الفطرة».
المداومة علي دعاء الحزين الوارد في مفاتيح الجنان والتسبيحات الاربعة كثيراً بعد كلّ صلاة، وصلاة يوم الاحد من ذي القعدة كلها من شأنها أن تسبب حسن العاقبة.
أختم بقول لامير المؤمنين (ع) عندما سئل: ما الاستعداد للموت؟
قال (ع):
«أداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتغال على المكارم، ثمّ لا يبالي أوقع علي الموت أم وقع الموت عليه، ثم قال (ع): والله ما يبالي ابن أبيطالب أوقع علي الموت أم وقع الموت عليه».
فلمثل هذا فليعمل العاملون ويتنافس المتنافسون.
والحمد الله رب العالمين
مركز بني هاشم العالمي
للأبحاث والترجمة الإسلامية
www.banihashem.org
www.alhusseiny.org
للتواصل معنا
على الماسنجر:
J_b_hashem@hotmail.com
J_b_hashem@yahoo.com
لبنان:009613961846
إيران:00982512952511